
هذه قصص واقعية من جريدة النهار الجديد....

لن نكتب اليوم عن هموم الكرة و مشاكل افنتقالات و الصراعات بين اللاعبين و الأندية لأننا قررنا التوقف حول جانب أخر من جنون الكرة التي بقدر ما أدخلت الفرحة و السرور في قلوب الملايين فإنها بالمقابل تركت ذكريات مؤلمة في قلوب الكثير أيضا ذكريات للأسف
إرتبطت بإنتصارات المنتخب الوطني و التي تسببت في ماساة أخرى تعود بالدرجة الأولى إلى السنوات العجاف التي مرت على الرياضة الكثر شعبية في بلادنا و حاجة الكثير من الجزائريين إلى الأفراح الرياضية ، لكنها كانت أفراح قاتلة أخذت من بعض العائلات أعز الأشخاص لديها .
في جو مليء بالحزن والأسى
"النهار" تزور عائلة بلعيد الطفل الذي توفي وهو يحتفل بهدف الخضر في مرمى زامبيا
مدربه: "توفي محمد ولم يحقق حلم تقمص الألوان الوطنية"
والده: "كان يحب زيدان، كاكا، ومتأثر جدا بزياني"
طلبته عدة فرق منها بارادو، الفريق الوطني للمشاركة في دورة "دانون"
عمه:"آخر كلمة قالها "سأعود بعد دقيقة" لكنه خرج ولم يعد"
كانت الجلسة صعبة جدا علينا وعلى أفراد عائلة الطفل محمد بلعيد صاحب 12 ربيعا الذي خرج يحتفل بالهدف الذي سجله بوڤرة في مرمى زامبيا، عاد إلى البيت في نعش بعدما صدمته دراجة نارية أودت بحياته. ساد الحزن والأسى والبكاء طول الوقت الذي جلسناه مع الأب، الأم، الجدة، الأعمام، الإخوة والأخوات وحتى المدرب. لأول مرة وجدت صعوبة في بداية الحوار الذي كان صعبا جدا على الجميع. بالمناسبة أشكر عائلة بلعيد بحي الجبل ببروبة التي رغم الحزن، تعاونت معنا وبدورنا نقدم لها تعازينا القلبية بفقدانها لابنها محمد بلعيد.
محمد بلعيد الطفل، الابن، التلميذ، اللاعب
اسمه محمد بلعيد، من مواليد 02 جانفي 1997 بحسين داي أخر العنقود في عائلة بلعيد التي تسكن في حي الجبل ببلدية بوروبة بالحراش، تتكون العائلة من الأب رشيد والأم فاطمة الزهراء، وأخوين يوسف وتوفيق والأخت خديجة، كان محمد محبوب العائلة ومدللها، لم يكن يحب شيئا أكثر من كرة القدم حسب جدته التي عاشت معه آخر اللحظات، كان -رحمه الله- حسب أفراد عائلته لا يمل من الكرة، تقول الجدة "لا أنسى ذلك اليوم، تلك اللحظة، كان يشاهد المقابلة مع أعمامه، لكونه يعيشون في بيت كبير معهم، ثم فجأة نهض وخرج دون أي سبب، طلب منه عمه توفيق أن يبقى في البيت ليشاهد "الماتش" لكنه أصر على الخروج وقال "سأعود في دقيقة" لكنه، تواصل الجدة، خرج ولم يعد، كنا جالسين نحتفل بالهدف الذي سجله الفريق الوطني حتى جاء الجيران يصرخون" محمد قاستو موطو وراه يلقف"، خرجنا كلنا بسرعة فوجدناه ملقا على الأرض، غارقا في دمه، يلفظ أنفاسه الأخيرة، في لحظة، حضرت الإسعاف وقبل وصولهم إلى مستشفى الزميرلي كان محمد قد توفي، وهنا يتدخل عمه توفيق الذي كان معه في سيارة الإسعاف "خرج الدم من فمه وأذنه وأنفه فتوفي على الفور".
صدمته دراجة نارية كانت تسير بسرعة 140 كلم في الساعة مباشرة بعد تسجيل الهدف الأول
الحادث كان على الواحدة و 26 دقيقة مباشرة بعد تسجيل الفريق الوطني للهدف الأول، كان صاحب الدراجة نارية يتأهب للذهاب إلى العرس، فبعدما زود دراجته بالوقود انطلق كالسهم، حسب شهود عيان، ومباشرة عندما كان محمد يستعد لقطع الطريق، صدمته الدراجة التي كان يقودها شاب لا يتعدى عمره الـ26 سنة لا يملك حتى وثائق الدراجة، فقد وعيه فورا وغرق في دمه ونقل على إثرها مستشفى الزميرلي بالحراش لكنه كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة في سيارة الإسعاف متأثرا بالجروح الخطيرة جدا التي كانت على مستوى الرأس.
والدته لم تنطق بكلمة وكانت تبكي طول الوقت
والدته التي كانت جالسة معنا لم تنطق بكلمة واحدة، كانت تبكي طول الوقت الذي قضيناه مع عائلة بلعيد بحي الجبل بالحراش، عائلة متواضعة مثل كل العائلات الجزائرية التي تحب الرياضة وخاصة كرة القدم، كل أفراد عائلتها يمارسون هذه اللعبة الشعبية، يشجعون الفريق الوطني حتى النخاع. حاولنا إخراج الأم فاطمة الزهراء من حالة الحزن التي كانت فيها، لكن ألم فقدان فلذة كبدها منعها من الكلام معنا، فكانت طول الوقت تقلب ملابسه الرياضية التي كان المرحوم يحافظ عليها مثل عينيه. كنا نحتفل بنجاحه في شهادة التعليم الابتدائي أين تحصل على معدل 6.42 وكان يطمح في مواصلة دراسته حتى الجامعة...
رشيد بلعيد والد محمد مازال تحت الصدمة
رغم استقباله الكبير لنا وحديثه المطول معنا، إلا أن علامات الحزن كانت بادية عليه وقال "كنت في العمل في ذلك اليوم، وعند عودتي إلى البيت، لاحظت حركة غير عادية أمام المنزل، تقربت من البيت فقال لي أحد الجيران أن محمد صدمته دراجة نارية وهو في المستشفى، لكن بعد دخولي البيت عرفت أنه قد مات فسلمت أمري لله سبحانه وتعالى".
"كان حلمه تقمص الألوان الوطنية وكان يحب زيدان، كاكا ومتأثر جدا بزياني"
حسب مدرباه السيد مسلم محمد والسيد لخضر، كان محمد يحب كل اللاعبين العالمين خاصة زيدان وكاكا ويحب تقليد رونالدينيو في مراوغاته حتى أنه حلق شعره مثل باجيو. لقد اتصلت به عدة فرق لكونه كان لاعبا موهوبا ويسجل الكثير من الأهداف في كل المقابلات التي كان يخوضها مع فريقه "الجيل الصاعد لبلدية بوروبة"، كان محبوبا من جميع أصدقاءه، كان خجولا جدا، ومتخلقا لدرجة أنه يسمح في حقه من أجل الآخرين. كان محمد مطلوبا من طرف العديد من الفرق الكثيرة خاصة فريق بارادو المعروف، كما كان مطلوبا في الفريق الوطني للمشاركة في دورة دانون التي يرعاها اللاعب الدولي الكبير زين الدين زيدان، كان تواجده في الميدان يعطي ثقة كبيرة لزملائه لأن موهبته كانت تفوق سنه كثيرا والجميع تنبأ له بمستقبل كبير في كرة القدم. وقال لنا المدرب مسلم محمد الذي يشرف على فريق أصاغر الجيل الصاعد لبلدية بوروبة، أنه سوف يتوقف نهائيا عن تدريب الأطفال من شدة تأثره بوفاة محمد التي زلزلت كيان الفريق الذي كان يخوض دورة في كرة القدم مع عدة فرق عاصمية، لكنه توقف بسبب فقدان لاعبهم المدلل، كما أضافه لنا المدرب مسلم أن الرابطة الولائية سوف تنظم عدة دورات في كرة القدم تهديها لروح الفقيد الذي كان معروفا ومحبوبا عند كل الأوساط الرياضية. ثم تدخل السيد الأخضر، "كان محمد يسجل الكثير من الأهداف في كل مقابلة، وإذا لم يسجل يتحصل على ضربة جزاء أو يهدي هدفا لزميل له، لم يكن أبدا أنانيا فوق الميدان، وفاته كانت بمثابة الضربة القاضية للفريق الذي كان يلعب الأدوار الأولى في البطولة الوطنية، وآخر مقابلة لعبها كان ضد فريق رائد القبة الذي تحصل فيها على ضربة جزاء لم يسجلها زميله وانتهت المقابلة بالتعادل صفر مقابل صفر".
"غنى، رقص،"ديفيلا" حتى الصباح يوم فزنا على مصر، لكن بعد وفاته، حي الجبل لم يحتفل بفوز الخضر على زمبيا"
يوم 20 جوان كان حزينا جدا في حي الجبل ببوروبة رغم فوز الخضر على زامبيا وفتح الطريق أمامهم للمونديال، "كل الجزائر احتفلت بالفوز إلا حينا كان حزين جدا والجميع وقف مع العائلة في مصيبتها" يقول العم توفيق. "يوم فزنا على مصر رقص، غنى، كان يحمل العلم معه في كل مكان لكي "يديفيلي" وكان قائد الجوق في الحي لأن الجميع يحبه، لكن الجميع حزن يوم فزنا على زمبيا وعم صمت رهيب في الحي وهناك حتى من ألغى حفل زفافه تضامنا مع العائلة، وبهذه المناسبة أشكر كل اللذين ساندونا ووقفوا معنا في هذا المصاب الجلل. ولا مرد لقضاء الله وقدره ونحن راضون بما أعطاه الله لنا
المصدر: جريدة النهار الجديد
نقلت لكم البعض منها فقط .....أرجو أن تأخذوا العبرة منها وكفانا مناقشات قد تؤدي إلى مالم يحمد عقباه...