رفقا أهل السنة بأهل السنة موضوع عظيم
كتب حوله علامة المدينة ومحدثها الشيخ عبد المحسن العباد لعلاج فتن التفرق والتشرذم بين اهل السنة فأجاد وأفاد حفظه الله واليكم رسائله في هذا الباب :
تحميل رسالة رفقا اهل السنة باهل السنة
تحميل رسالة ومرة اخرى رفقا اهل السنة باهل السنة
ثناء العلماء على رسالة رفقا اهل السنة باهل السنة
الحث على اتباع السنة
قال الشيخ عبد المحسن العباد :
وبعد، فإن المشتغلين بالعلم الشرعي من أهل السنة والجماعة السائرين على ما كان عليه سلف الأمة هم أحوج في هذا العصر إلى التآلف والتناصح فيما بينهم، لاسيما وهم قلة قليلة بالنسبة للفرق والأحزاب المنحرفة عما كان عليه سلف الأمة، وقبل أكثر من عشر سنوات وفي أواخر زمن الشيخين الجليلين: شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين رحمهما الله اتجهت فئة قليلة جداً من أهل السنة إلى الاشتغال بالتحذير من بعض الأحزاب المخالفة لما كان عليه سلف الأمة، وهو عمل محمود ومشكور، ولكن المؤسف أنه بعد وفاة الشيخين اتجه بعض هذه الفئة إلى النيل من بعض إخوانهم من أهل السنة الداعين إلى التمسك بما كان عليه سلف الأمة من داخل البلاد وخارجها، وكان من حقهم عليهم أن يقبلوا إحسانهم ويشدوا أزرهم عليه ويسددوهم فيما حصل منهم من خطأ إذا ثبت أنه خطأ، ثم لا يشغلون أنفسهم بعمارة مجالسهم بذكرهم والتحذير منهم، بل يشتغلون بالعلم اطلاعاً وتعليماً ودعوة، وهذا هو المنهج القويم للصلاح والإصلاح الذي كان عليه شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز إمام أهل السنة والجماعة في هذا العصر رحمه الله، والمشتغلون بالعلم من أهل السنة في هذا العصر قليلون وهم بحاجة إلى الازدياد لا إلى التناقص وإلى التآلف لا إلى التقاطع، ويقال فيهم مثل ما قال النحويون: ((المصغَّر لا يصغَّر))، قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (28/51): ((وتعلمون أن من القواعد العظيمة التي هي جماع الدين تأليف القلوب واجتماع الكلمة وصلاح ذات البين؛ فإن الله تعالى يقول: ﭽﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭼ، ويقول: ﭽﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭼ، ويقول: ﭽﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﭼ، وأمثال ذلك من النصوص التي تأمر بالجماعة والائتلاف وتنهى عن الفرقة والاختلاف، وأهل هذا الأصل هم أهل الجماعة؛ كما أن الخارجين عنه هم أهل الفرقة)).
وقد كتبت في هذا الموضوع رسالة بعنوان: ((رفقاً أهل السنة بأهل السنة)) طبعت في عام 1424هـ، ثم في عام 1426هـ، ثم طبعت ضمن مجموع كتبي ورسائلي (6/281ـ327) في عام 1428هـ، أوردت فيها كثيراً من نصوص الكتاب والسنة وأقوال العلماء المحققين من أهل السنة، وقد اشتملت الرسالة بعد التقديم على الموضوعات التالية: نعمة النطق والبيان، حفظ اللسان من الكلام إلا في خير، الظنُّ والتجسُّس، الرِّفق واللِّين، موقف أهل السنَّة من العالم إذا أخطأ أنَّه يُعذر فلا يُبدَّع ولا يُهجَر، فتنة التجريح والهجر من بعض أهل السنَّة في هذا العصر وطريق السلامة منها، بدعة امتحان الناس بالأشخاص، التحذير من فتنة التجريح والتبديع من بعض أهل السنة في هذا العصر.
ومما يؤسف له أنه حصل أخيراً زيادة الطين بلة بتوجيه السهام لبعض أهل السنة تجريحاً وتبديعاً وما تبع ذلك من تهاجر، فتتكرر الأسئلة: ما رأيك في فلان بدَّعه فلان؟ وهل أقرأ الكتاب الفلاني لفلان الذي بدَّعة فلان؟ ويقول بعض صغار الطلبة لأمثالهم: ما موقفك من فلان الذي بدَّعه فلان؟ ولابد أن يكون لك موقف منه وإلا تركناك!!! ويزداد الأمر سوءاً أن يحصل شيء من ذلك في بعض البلاد الأوربية ونحوها التي فيها الطلاب من أهل السنة بضاعتهم مزجاة وهم بحاجة شديدة إلى تحصيل العلم النافع والسلامة من فتنة التهاجر بسبب التقليد في التجريح، وهذا المنهج شبيه بطريقة الإخوان المسلمين الذين قال عنها مؤسس حزبهم: ((فدعوتُكم أحقُّ أن يأتيها الناس ولا تأتي أحداً ... إذ هي جِماعُ كلِّ خير، وغيرها لا يسلم من النقص!!)). (مذكرات الدعوة والداعية ص 232، ط. دار الشهاب) للشيخ حسن البنا، وقال: ((وموقفنا من الدعوات المختلفة التي طغت في هذا العصر ففرَّقت القلوبَ وبلبلت الأفكار، أن نزنها بميزان دعوتنا، فما وافقها فمرحباً به، وما خالفها فنحن براء منه!!!)) (مجموعة رسائل حسن البنا ص 240، ط. دار الدعوة سنة 1411هـ)، ومن الخير لهؤلاء الطلاب ـ بدلاً من الاشتغال بهذه الفتنة ـ أن يشتغلوا بقراءة الكتب المفيدة لأهل السنة لاسيما كتب العلماء المعاصرين كفتاوى شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز وفتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء ومؤلفات الشيخ ابن عثيمين وغير ذلك، فإنهم بذلك يحصِّلون علماً نافعاً ويسلمون من القيل والقال وأكل لحوم بعض إخوانهم من أهل السنة، قال ابن القيم في الجواب الكافي (ص203): ((ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنى والسرقة وشرب الخمر ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى يُرى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات ولا يبالي ما يقول)).
وإذا وُجد لأحد من أهل السنة كلام مجمل وكلام مفصَّل فالذي ينبغي إحسان الظن به وحمل مجمله على مفصله؛ لقول عمر رضي الله عنه: ((ولا تظننَّ بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيراً وأنت تجد لها في الخير محملاً)) ذكره ابن كثير في تفسير سورة الحجرات، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على البكري (ص324): ((ومعلوم أن مفسر كلام المتكلم يقضي على مجمله، وصريحه يُقدَّم على كنايته))، وقال في الصارم المسلول (2/512): ((وأَخْذ مذاهب الفقهاء من الإطلاقات من غير مراجعة لما فسروا به كلامهم وما تقتضيه أصولهم يجرُّ إلى مذاهب قبيحة))، وقال في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (4/44): ((فإنه يجب أن يفسر كلام المتكلم بعضه ببعض ويؤخذ كلامه هاهنا وهاهنا، وتُعرف ما عادته يعنيه ويريده بذلك اللفظ إذا تكلم به)).
والناقدون والمنقودون لا عصمة لهم ولا يسلم أحد منهم من نقص أو خطأ، والبحث عن الكمال مطلوب، لكن لا يُزهَد فيما دونه من الخير ويُهدر، فلا يقال: إما كمال وإلا ضياع، أو إما نور تام وإما ظلام، بل يحافظ على النور الناقص ويُسعى لزيادته وإذا لم يحصل سراجان أو أكثر فسراج واحد خير من الظلام، ورحم الله شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز الذي وقف حياته للعلم ....https://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56