و هاذا بالاك تستفيدي منو
مفهوم المشكلة(le problème):
المفهوم اللغوي: من الفعل أشكل: أشكل الأمر يُشكل, إشكالاَ أي التبس واشتبه.والمشكلة هي القضية المطروحة التي تحتاج إلى معالجة.
المفهوم الفلسفي: المشكلة هي السؤال الذي بلغ درجة من الصعوبة لا يمكن الوصول فيها إلى حل يقيني إذن فوراء كل مشكلة سؤال .وإن كانت الصعوبات تتعلق بالجزئيات تكون مشكلة علمية أو دينية مثلا. أما إذا كانت الصعوبات تتعلق بالكليات و بالمبادئ والأسس تكون عندها مشكلة فلسفية.
كما تتميز المشكلة بالبحث العميق ويختلف هذا من المشكلة العلمية التي تتميز بالدقة ,و يكون البحث فيها عن طريق التجربة العملية (علوم الطبيعة) أو عن طريق البرهنة والاستدلال كم نجد في الرياضيات, إلى المشكلة الفلسفية التي تتميز بأنها على درجة عالية من التجريد والبحث النظري.
يقول(جون ديوي)” الحاجة إلى حل مشكلة ما,هي العامل المرشد دائما في عملية التفكير “ .
يقودنا هذا إلى أن الغاية من طرح المشكلة هي الوصول إلى الحل وقد تتعدد الحلول وهذا راجع إلى نمط التفكير والمنهجية المتبعة في البحث.
شروط المشكلة:
المشكلة مجرد صعوبة تنتظر حلا في أمر قد التبس وأشكل علينا و تثير فينا الدهشة. ويكون السؤال مشكلة إذا بلغ درجة من الصعوبة يتطلب حينها جهدا في البحث.وإذا كانت المشكلة ليست إلا سؤالا في النهاية فإنه يجب أن تكون بصيغة واضحة ليس فيها تلاعب بالألفاظ.خالية من التناقض .
أن بعض المشكلات التي ظهرت خاصة في الفلسفة زائفة لا أهمية لها بسبب سوء استخدام اللغة وتناولها لمواضيع تجعلنا داخل حلقة مفرغة.
بناء المشكل:
قد يكون المشكل في صيغة استفهامية.وقد يكون في غير ذلك نسميه حينئذ بالأطروحة التي تكون مثار دهشة العقل. ونسمي القضية المطروحة مشكلا إذا كانت ضمن مجال معين فتكون مشكلة دينية على سبيل المثال.
مفهوم الإشكالية (problématique):
الإشكالية غير المشكل. فهذا الأخير مجرد صعوبة تنتظر حلا؛ أما الإشكالية فهي قضية تنطوي على مفارقة أو أكثر، تعبر عن نفسها في مجموعة مترابطة من الأسئلة لا يمكن معالجة أحدها منعزلا عن الآخر. قد نعثر على سؤال منفرد مثال ذلك أن نقول " ما الجمال؟" حيث أن إنفراده أمر ظاهري لأنه يحتوي على أسئلة متعددة يكتسب منها كامل قوته ومعناه مثل: ما الفرق بين الجمال والجميل؟ هل الجمال في الشيء أم في نظرتنا إلى الشيء؟ هل الجمال واحد أم متعدد؟... وكل سؤال يتأسس على زوج تناقض أو مفارقة. ينتج عن ذلك أن الجواب على السؤال العادي أو حل المشكل ينهيه ويفقده مبرر وجوده، في المقابل لا نتحدث عن جواب السؤال الفلسفي أو حل الإشكالية وإنما الأهم هو التحدث عن معالجتها. الأمر الذي يفسر استمرارية الأسئلة الفلسفية عبر الزمان، فعوض أن يمتص الجواب السؤال،وأن ينهي القضية المطروحة بحل نهائي.فإنه يصبح منطلقا لسؤال جديد كما قال) كارل ياسبرز(. وقد عرف )إتيان سوريو( الفلسفة بأنها فن طرح السؤال وتأجيل الجواب باستمرار.
شروطها:
يعد الإشكال مرحلة أساسية في التفكير النقدي لموضوع ما.وهو تساؤل يقودنا إلى بحث عميق لا مجرد سؤال منفرد.فالأمور التي تبدو لنا اعتيادية سرعان ما تتحول إلى إشكال.وكل المشاكل في الفلسفة تعتبر إشكالا حيث أنها ناتجة عن دهشة أمام أمور عامة وشاملة قد تكتسي حلّة البداهة.
يجدر بنا أن نضيف بأن نتائج الإشكالية تثير الشكوك ولا نصل عندها إلى حل نهائي مطلق. يحيل إما على البحث عن نسخة غير معروفة انطلاقا من معطيات معروفة في البداية , و عندئذ يجب التساؤل حول أسباب وجود بحث كهذا أو على البحث عن منهجية تمكن إعادة النظر في حدث أو رأي معلوم باعتباره نتيجة.
باختصار الإشكالية صيغة استفهامية تساؤلية تتضمن طرحا متماسك العناصر والأطراف يحرك النظر، ويدعو إلى التفكير المنظم في التعاطي معه.
بناء الإشكالية:
تكون الإشكالية في صيغة استفهامية تساؤلية ووجيهة.تتسم بالاتساع والشمولية تنطوي تحتها مشكلات جزئية.تتميز كذلك بالتعقيد.
عندما نتناول قضية ما فإننا نقدم سؤالا يحل محل الإشكالية. وإذا كان عدد المشكلات في القضية أكثر من اثنين صارت بالضرورة إشكالا.وقد تنطوي تحت الإشكالية الواحدة مجموعة من الإشكاليات. تبرز الإشكالية بعض الأسئلة وفي نفس الوقت تخفي أخرى أولا تطرحها بكل بساطة.
العلاقة بين الإشكالية والمشكلة:
إذا كانت كلمة إشكالية تعني وجود مشكلة, فنستدل بهذا على وجود علاقة وطيدة بين المفهومين. فإذا قلنا إشكالية نتوصل - كما جاء في مفهوم الإشكالية- إلى وجود مشاكل جزئية تنطوي تحت هذه الإشكالية. إذن فإن العلاقة هي علاقة المجموعة بعناصرها أو نقول علاقة الكل بالجزء.
نقول عندها أن كل إشكالية هي بالضرورة مشكلة ولكن ليست كل مشكلة هي إشكالية.
مثال:
في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كان السؤال الإشكالي الذي هيمن على الوسط الفلسفي هو سؤال جدوى الفلسفة في زمن العلم. فطرح السؤال التالي:" ما العلاقة بين الفلسفة والعلم؟".فهل هذه إشكالية أو مشكلة؟
يتناول هذا السؤال مفهومين هما: الفلسفة والعلم, ولمعالجة هذا الموضوع يجب علينا أولا طرح السؤالين التاليين: ما الفلسفة؟ و ما هو العلم؟. ونجيب عنهما. نعرّف كل سؤال حينها بأنه مشكلة.
إذن فنحن أمام إشكالية من مشكلتين ظاهرتين. مع أن حل المشاكل الجزئية لا يتطلب البحث والجهد الذي نسخره لحل الإشكال.
أهمية كل من الإشكالية والمشكلة:
تعيدنا أهميتهما عموما إلى تاريخ نشأة الفلسفة. يقول( فتجنشتين)” إن تناول الفيلسوف لمشكلة ما ، يشبه علاج أحد الأمراض “.
إن الفلسفة فكر تساؤلي باعتبارها فكرا إشكاليا نقديا. فالتفكير يجعل من كل شيء موضوع تساؤل ومناقشة وسجال. لذا قال (كارل ياسبرس) : "الأسئلة في الفلسفة أهم من الإجابات عليها، وكل جواب يصبح بدوره سؤالا جديدا".
وقد جاءت المشكلات من أجل بناء معرفة تتسم بالشمولية.فلا تقدم ولا تطور من دون معرفة ولا معرفة من دون تساؤل عن ماهية الأمور. وكل سؤال سيستدعي سؤالا آخر حتى أن بعضهم يرى أن الأسئلة في الفلسفة تكون أهم من الأجوبة .
يرى(شوبنهاور) أن الدهشة هي التي دفعت الناس إلى التفلسف ومن أجلها وضعت الأسئلة وتعددت حتى وصل بعضها إلى درجة عالية من الصعوبة لذا تواصل طرح بعض القضايا المعروفة منذ فلاسفة اليونان إلى العصور الحديثة وصارت محط جدال بين الفلاسفة والمفكرين .
فإذا كان الفيلسوف يدعو نفسه محبا للحكمة وينأى بنفسه عن أن يكون حكيما، ففي ذلك دلالة واضحة على التواضع المعرفي الذي يجعل الفلسفة – كما يقول( كارل يسبرز) – بحثا عن المعرفة والحقيقة. إذا فبطرحنا للأسئلة نكون عندها على باب الفلسفة نظرا للمكانة التي تحتلها الأسئلة في الفلسفة كأداة هامة.
تتجاوز الأهمية من طرح الإشكالية والمشكلة الفلسفة. ونصل إلى أنهما أداتين ووسيلتين هامتين في العلم أيضا.إن للأسئلة سواءً كانت إشكالا أو محض مشكل.أهميتها في إرجاع المجهول إلى معلوم. فمثلا المشكل الذي طرحه (طاليس) ( حوالي 630 – 570 ق.م ) حين ” تسائل “ عن أصل الكون .التي قادت محاولة البحث عن الإجابة فتح آفاق واسعة وعديدة أمام تطور العلم وتقدم البشرية. فعلى الرغم من الإجابات المتعددة حيث أن بعضهم يُرجع السبب إلى الماء والبعض الآخر إلى الهواء. لكن المهم هو سؤالهم ذو الطابع الشمولي الجذري بحيث يتجاوز ظاهر الوجود المتسم بالتعدد إلى الوحدة الكامنة في جوهره.
وإذا كان العلم المعاصر ينحو نفس المنحى فيرجع جميع الكائنات إلى الذرة، فذلك يعني أن الحقيقة تكمن غالبا في ماوراء الظاهر، وأن الظاهر لا يكون غالبا إلا مصدرا للوهم، لذلك قال (باشلار) : " لا علم إلا بما هو خفي ".
إن السؤال هو إشعار بحدوث الدهشة لدى المتسائل. وكما قال( أرسطو): " إن الدهشة هي التي دفعت الناس إلى التفلسف". فالإنسان هو أكثر الموجودات دهشة، لأن الدهشة تتطلب درجة عالية من العقل.