بسم الله الرحمن الرحيم
بينما نحن جلوساً نرتشف الشاي الأخضر ونتبادل أطراف الحديث حول الأخوان رايت وكيف منحهما المؤرخون الغربيون لقب أول من قاما بمحاولة الطيران في التاريخ متجاهلين تماماً محاولة العالم المسلم الأمازيغي صاحب الفنون أبا القاسم عباس بن فرناس وهي عادةً لهم فقد جرت سنتهم التجاهليه على ابن خلدون بل تجاوز الأمر لتجاهل تأثير الحضارة الإسلامية على النهضة الأوروبية , عصبيه صليبيه مقيته !!
لن أخذ المقال إلى الفكر الإسلامي وسلطته على العقل الأوروبي ..
انضم إلينا صديق مشترك فما كاد يستوي جالساً حتى التقط عنصر المخابرات لديه – وعنصر المخابرات لدى الإنسان العين والأذن فهما الجهازان اللذان يُجمع بهما المعلومات - كلمة الأخوان وظن الحديث عن الإخوان " ركزوا على الهمزه أين موقعها في كلمة الاخوان " فنطلق مجنحاً
يكيل السباب والشتائم على جماعة الإخوان الفاعله التاركة المتاجره بالدين مستعيناً بقاموس إبراهيم عيسى و فريد غانم ومرتضى منصور باب المناهي اللفظية وقد أفرغ على مسمعنا ما أن وزع على جماهير البرشا لوسعهم , وقبل أن ينهي خطبة الشتائم عز عليه أن لا تكون الخطبة مُطعمة بجرعة من أقوال نواره نجم و مصطفى بكري ويا لها من جرعة كانت مختارة بعناية !
تعجبت من موقفه العدائي لعلمي المسبق أن الشأن السياسي والحركات الإسلامية خارج اهتماماته فهو مؤمن بالاختصاصات لذلك ركز جهوده على بطنه فهو بارع في معرفة الطرق المؤدية إلى مطاعم المثلوثة والوجبات السريعة وهو آية في حفظ أسماء المطاعم أما الذائقة فذائقته لا يشق لها غبار في الطعام لذلك استحق بجداره لقب ( أبو مطاعم ) !
فالتفت إليه وأقبلت عليه ماذا تعرف عن الإخوان .. متى أنشئت .. من مؤسسها .. ظروف نشأتها .. ما هي الأصول العشرون .. من مفكريها .. من منظريها .. من قاداتها ....
فصمت ولم يحري جواباً ..
فوجّهة له سؤالاً خطافياً فكيف تمطرهم بهذه التهم وأنت لا تعرفهم ؟
وقبل أن يجيب تناولت مشروب ساخن كان بجواري ففاجأته برشفة من النوع المحترف الذي لا صوت معه
أسند ظهره إلى الكرسي قائلاً إنه الإعلام !
إذن تعرضتَ لعملية غسيل دماغ بإتقان !!
فمثلك كمثل الأحمق الذي ذكره الحاحظ في كتابه " الحيوان "
حيث قال كان جار لنا شيعي كلما غدا أو راح قام أو قعد يسب ويشتم طلحة
فقلت له يوماً : أنت تشتم وتسب طلحة فهل تعرف طلحة ؟
قال : نعم طلحة امرأة الزبير !!
قلتُ يا صديقي لو أن مر بك خمسة أشخاص كل منهم على حدا وقد اتفقوا مسبقاً أن يوهموك بأن مرض ما قد اعتراك
فقال الأول : ما بال لونك مصفراً , ثم فاجأك الثاني بقوله يبدو وجهك اليوم شاحباً , فتلقفك الثالث بكلمة : لماذا عيناك حمراوان وزاد الرابع الطين بله حين قال : حرارة جسمك عالية .. ثم ختمها الخامس بالمسك : عليك أن تذهب لتموت بين أهلك !
ففي هذه الحالة ستفاجئ الجميع بردة فعل فوريه ستمرض دون رغبة منك وتنقل إلى البيت مريضاً وقد خرجت بلا عله !!
هكذا يصنع الإعلام في الغالب يرسل فكرة متسممه تتسلل هذه الفكرة إلى حماك دون أن تُرصد متجاوزه حرس الحدود " العقل " فتأخذ مكانها الطبيعي ثم تمد الفكرة بالتعزيزات حتى تبسط نفوذها في الذهن فيقع تفكيرك فريسة سهلة في قبضة الإعلام وتدمغ " جمجمتك " بعبارة " تم الدعس " !
أكذب ثم أكذب ثم أكذب حتى يصدقك الناس !
لم تنفرد المؤسسات الإعلامية بهذا النوع من السيطرة الذهنية والتوجيه الفكري بل المؤسسات العسكرية تقوم بذات الدور
فهي تهدم شخصية أتباعها ثم تعيد بناءها وصياغتها بما يتفق مع أهدافها وغاياتها ..
فحتى القرن السابع لم يكن ثمة من سمع بكلمة " جهاد " أو كان بوسعه أن يفرق بين حرب تقع لأسباب شرعية وبين حرب تقع فقط .. حتى شهد التاريخ فجأة ظهور مقاتل جديد مقابل الجندي المأجور , مقاتل يدافع عن الشريعة وحقوق الناس مقابل جندي يدافع عن الإقطاع والإقطاعيون , ومع تقادم الزمان بدأ يعود الجندي المأجور ويسخر سلاحه في خدمة الإقطاعيون ..
أسأل نفسك كيف لمجند أن يقتل أخيه أو قريبه من أجل شخص الرئيس كما يحدث في سوريا ومصر وحدث في ليبيا والقائمة تستمر ..؟
ما الذي فعلوه في سيكلوجية هذا الجندي المأجور بحيث يوجّه فوهة البندقية إلى صدره ؟
حتى شخصيات تاريخية فذة من طراز قراقوش تم تشويه صورته تماماً وهو عقلية استراتيجيه عسكرية في المؤسسة العسكرية بقيادة صلاح الدين !
قاطعني قائلاً : مالذي تريد أن تقول ...
ما أقصده أن شيطنة الإخوان والحملة المسعورة القائمة على قدم وساق ضدهم لا تعتقد ولو عقلة أصبع أنها بسبب أنهم إرهابيون يُخشى على السلام العالمي منهم أو تجار الدين يُتخوف على الدين أن يفسدوه ..
فالإخوان منذ سنوات عدة في عمق الشارع المصري في الواحات والنجوع والقرى والمدن وفي كل مكان رغم هذا لم يطلق عليهم إرهابيون فجأة أصبحوا إرهابيون !
أما كون الهجمة على الإخوان من أجل الدين والخشية عليه من التشويه والانحراف فهذه كذبة صلعاء لأن أصحاب هذه الجملة لم نرى لهم حملة مشابهه ضد الفكر الصوفي رغم خطرها على العقيدة أو ضد أمذاهب منحرفة أخرى !
إذن الأمر برمته لا يعدو كونه صراع سياسي إنه الخوف من الإسلام السياسي هذه هي الحقيقة التي لا يستطيع الإعلام أن يشوهها ...
وفي التاريخ شواهد .. بداية حكم البشير ( السودان ) , جبهة الإنقاذ ( الجزائر ) , المحاكم الإسلامية (الصومال) , طالبان (أفغانستان) , حماس ( فلسطين المحتلة) , الإخوان (مصر) والقائمة مفتوحة
جميعها لم يسمح لها بالاستمرار
فتش عن الإسلام السياسي ..