![]() |
|
الجلفة للمواضيع العامّة لجميع المواضيع التي ليس لها قسم مخصص في المنتدى |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() في الثقافة والدين الشروق- الخميس 28 مايو 2009 – الموافق لـ 03 جمادى الثانية 1430 هـ - ص 23 كتب الدكتور الزاوي في أقلام الخميس وفي زاويته "أقواس" – تحت عنوان: في الثقافة والدين وما بينهما من غزل وشجن هذا ما تفضل به الدكتور الزاوي في آخر مقال له, وهو مقال عصي الفهم غامض الأساس والغاية, ويحمل الأمور مالا تطيق¸ حيث إنه يبحث عن إستراتيجية ثقافية دون أن يبحث فيها, ويريد أن يجعل من رجل الدين – إن صحت التسمية- مثقفا من الطراز الأول, ويسعى إلى ترقية وزارة الشؤون الدينية إلى مرتبة وزارة سيادة, بل هي الوزارة الأكثر أهمية, والتي تحتل الدرجة الأعلى من وزارة الدفاع, مما يعني أن رجل الدين يحتل مكانة أسمى من مكانة الجنرال, وهذا كله يأتي من حسم العلاقة المتوترة بين الديني والثقافي وبالتالي بين الديني والسياسي, وهو الدور الذي تقوم به المراكز الثقافية, وخاصة منها الإسلامية التابعة لوزارة الشؤون الدينية. بأي وسائل يمكن إنجاز هذه الأحلام المشوشة؟ لم يرشدنا الدكتور إلى ذلك, وما هذا الدور الضخم الذي يسنده الكاتب للقطاع الديني؟ ثم كيف يمكن لهذا المثقف الموسوعي والملم بعلوم الدين والدنيا وبثقافة العصر وتكنولوجياته, أن يختار وظيفة دينية كالإمامة مثلا؟ بل أن يشغل منصب إمام في مسجد صغير بقرية نائية, ما دام الإمام أي إمام يشترط فيه الدكتور أن يكون مثقفا من الطراز الأرفع؟ إن الغموض يلف الموضوع, ولا نكاد تتبين الحدود بين ما هو ديني وما هو مدني, بل ما بين هو ديني وما هو لائكي, حيث إن المطلوب من القطاع الديني أن يقود الثقافة والحداثة والعصرنة ولا يفرق بين ما هو إنتاج للمسلمين من الأفكار وغيرها وما هو لغيرهم, سواء من أهل الديانات الأخرى داخل الأوطان المسلمة, أو من غيرهم من سائر أوطان العالم ومن مختلف الديانات, ثم إن الدكتور يصرح في مقاله بأنه يقصد بالدين كل الأديان السماوية وغير السماوية, ثم عند تقديم الاقتراحات والرؤى يخصص المؤسسة الإسلامية في الجزائر تحديدا, مما يزيد الأمر إيغالا في الغموض. إن الدكتور يبحث عن فقيه أو أي قائم بوظيفة دينية من طراز ابن رشد أو الإمام الشافعي, وهو أمر مستحيل حتى في أيام الازدهار والحضارة, ففي وظيفة الإمامة مثلا هناك إمام الصلوات الخمس, وهو عادة لا يخاطب المصلين ولا يتولى الوعظ والإرشاد, ولا يمكن إيجاد ابن رشد لكل مصلى في أي ركن من البلد, ولا داعي لذلك أصلا, فضلا عن أن نظير ابن رشد مفقود تماما في العالم الإسلامي الراهن المتخلف من أقصاه إلى أقصاه, وبالتالي نتساءل عن مدى واقعية مثل هذا الكلام, ومدى مصداقيته؟ وبعد هذا هل بالإمكان حل مشكلة الانبعاث الحضاري الإسلامي بإعطاء الأولوية للقطاع الديني ومراكزه الثقافية, أم أن المسألة تعني كل القطاعات وكل المجتمع, وهي إشكالية الحضارة والرقي, ومن حجم لا يمكن حله بعصا سحرية, ثم إذا كان المخرج عن طريق القطاع الديني, فهل المطلوب هو قيام نظام إسلامي على غرار إيران مثلا, حيث لا يمكن تصور مثل هذه الأولوية للقطاع الديني دون أن تكون الدولة دينية, بمعنى أن الذين يتولون الحكم في هذه الحالة هم لا أقول رجال الدين, لأن وضعنا يختلف عن إيران جذريا من هذه الناحية, فليس لنا طبقة من رجال الدين ذات نفوذ وانتشار واسعين مثل إيران, غير أن من يسمح للقطاع الديني بقيادة البلاد لا يكون إلا من أتباع إيديولوجية دينية على الأقل, أي من يقال عنهم إسلاميون. إنه من الصعب جدا إيجاد مرتكز للفهم والاقتناع في مقال الدكتور, فلا تكاد تتبين القصد القابل للاستيعاب بين سطوره, بحيث لا يلتزم خطا واحدا منسجما ومتسقا في شتى مراحل الطرح, ولا ينتهي إلى حلول ومقترحات واقعية ومنطقية قابلة للإنجاز, فهو يريد إستراتيجية ثقافية وطنية موحدة, ثم تجده يفرد القطاع الديني بها, ويسعى من خلال هذا المسار إلى حل معضلة التوتر القائم بين الديني والثقافي مما يؤدي إلى إزالة التوتر بين الديني والسياسي, هكذا ببساطة ومن غير تحليل نظري على الأقل للسبيل المؤدي حتما إلى هذه النتائج الباهرة. إن الأهداف الواضحة والمتواضعة التي يمكن الحديث عنها وفحص شروط إنجازها ميدانيا, إنما تتمثل في تكوين بعض القيادات الدينية, أو النخبة المسيرة للجانب الفكري والثقافي للقطاع والمساهمة – بالطبع – مع غيرها من النخب, في النهضة الثقافية المنشودة, هذا الهدف الممكن لا يمكن بلوغه إلا بشروط أهمها اختيار المرشحين بصرامة, وعلى أساس الشهادات والمسار الدراسي الذي ينبغي أن يكون لامعا, وليكن ذلك من الطلبة الجامعيين الذين أنهوا دراستهم, والحاملين لشهادة الليسانس وما يعادلها, وإذا كان لا بد من التكوين العلمي والتكنولوجي, كما يقول الدكتور, فليكن هؤلاء المرشحين من الطلبة المتفوقين المتخرجين من معاهد وكليات علمية وتكنولوجية, نعم هكذا بوضوح, إذا أردت تكوي مفتيا أو إماما أو مرشدا من الطراز الرفيع, وبطبيعة الحال فمثل هذا الإمام مثلا لا يكون إلا في مساجد محدودة من الوطن, حيث تكون الحاجة ماسة إليه, وحيث يساهم في نشاطات ثقافية وعلمية إلى جانب وظيفته الأساسية, لفائدة القطاع, أو لغيره من الجهات الوطنية والإسلامية والعالمية. وبطبيعة الحال فإن مثل هؤلاء المنتخبين لا يمكن أن يقبلوا على هذا الأمر إلا إذا أعطوا من الامتيازات المستحقة مالا يعلوها في أي ميدان آخر. لكن هل هذا المسعى الواضح والواقعي والممكن جدا, نظرا للعدد المحدود المطلوب, هل بالإمكان الحصول عليه؟ بهذا المنظور يمكن الحديث عن إستراتيجية واضحة لا غبار عليها, وذات مبادئ وأهداف شفافة وبعيدة عن الضبابية, لكن هل هناك إرادة سياسية مناسبة للسير في هذا السبيل السالك؟ مهلا يا دكتور, فلنتواضع في أطروحاتنا, وليكن الوضوح رفيقنا, والواقعية سبيلنا, ولا نرسل الكلام على عواهنه, ولا يليق بنا أن نكتب من أجل ملء الفراغ, فلا شيء يبرر لنا مثل ذلك الصنيع, وها هو مثل هذا المقترح الذي فرغت من ذكره واضحا كالشمس, لكن من أين لنا بالإرادة السياسية التي تحققه على أرض الواقع, وتسعى إلى حل إشكال القيادة الدينية الرائدة وذات الثقافة الرفيعة والفكر المنير المبدع؟ فليست الأفكار والتصورات هي الغائبة, وإنما الغائب الأكبر هو الجهة المستعدة والقادرة على تحويل الأفكار والتصورات إلى وقائع حية فاعلة على الأرض, هذه هي مشكلة المشاكل, التي لا يمكن القفز عليها, ولله الأمر من قبل ومن بعد. لسنا ندري إن كان الدكتور الزاوي يدعو إلى دولة إسلامية أو إلى تحويل المؤسسات الدينية إلى مؤسسات ثقافية لائكية, لشدة غموض مقصده, واستعصائه على الإدراك وبعده الشديد عن الواقعية, وعلى أي حال, فمقترحنا السابق لتكوين رجال دين أكفاء يحلون مشكلة انعدام الإطارات القادرة على حمل الرسالة الثقافية الدينية المعاصرة واضح وعملي وفعال, لكنه في حاجة إلى الإرادة السياسية المنفذة كما أسلفنا, ومن المهم أن نشير هنا إلى أن أهل العقد والحل عجزوا عن إيجاد مفتي للبلاد, بعد رحيل الشيخ أحمد حماني رحمة الله عليه, ورغم ذلك لم يتجهوا إلى الحل الصحيح وهو تكوين كفاءات شابة قادرة على الإفتاء وغير الإفتاء, من نخبة ثقافية عصرية دينية مطلوبة وضرورية جدا دينيا ودنيويا وثقافيا. ولا يفوتنا أن نذكر هنا بالمأساة الوطنية, التي ذهبت بعشرات الآلاف من الضحايا, وبالخسائر المادية والمالية الجسيمة, وبالمخلفات المأساوية من الجرحى والأرامل واليتامى والثكالى والمغتصبات وغيرها كثير من المعاناة الرهيبة, وكانت في الظاهر نتيجة صراع بين دعاة الدولة الإسلامية ودعاة الديمقراطية, والنتيجة كانت هي المأساة المجانية, فلا دولة إسلامية قامت ولا ديمقراطية تأسست وهيمنت, وهذا هو الإشكال الرئيس الذي يقف حجر عثرة في سبيل النهضة الوطنية المعاصرة, وبالمناسبة نذكر بنزيف الكفاءات الفارة إلى الخارج بكرامتها والباحثة عن العيش الكريم وعن الظروف المناسبة للعمل, أولئك الذين يمثلون زبدة المنتوج البشري الوطني, والقادرين على القيام بأعباء النهضة والتنمية, والذين كونهم الشعب الجزائري بتضحيات كبيرة, وإذا بالبلدان المتطورة وغير المتطورة تنتفع من خدماتهم دون أن تساهم بدينار واحد في تكوينهم. وهكذا تتسرب الثروة البشرية أعظم الثروات وأجلها منا في كل مطلع شمس, ولا أحد يتصدى لوقف هذا النزيف القاتل للأمل في النهضة والتطور, هذا هو لب المشكلة يا دكتور, وهي كما ترى مشكلة سياسية في المقام الأول, مصدرها انعدام الديمقراطية أو ضعفها, مما يجعل الشعب عاجزا عن حماية مصالحه والانخراط في مسار البناء والتشييد والعصرنة الواجبة في ظل هويته, التي تساهم حينئذ في ازدهار الإنسانية قاطبة مع الآخرين. وعندها فقط يمكن الحديث عن حوار الأديان والحضارات وتعاونها, أما الآن ونحن سجناء التخلف والضعف والبؤس, فلا أحد يرغب في التحاور معنا, ومن قال بذلك منهم فهو منافق كاذب أو تائه لا تأثير له, ذلك لأننا قاعدين عن المساهمة في حضارة العصر وإنجازاته, وبالتالي عاجزين عن الحوار أي حوار, لأننا جهلة وضعفاء, ففيم يحاورنا سادة العصر يا دكتور؟ هل يفعلون في موضوع جوعنا أو جهلنا؟ وأية فائدة يمكن أن ينتظروها منا, ونحن مصرين على البقاء في حظيرة التخلف؟ أليس القادرين منا على الحوار إن وُجد الموضوع يعيشون لديهم؟ ثم أليس باب الاجتهاد لدينا مغلق منذ عشرة قرون؟ فهل ندعوهم للتحاور معنا فيما أنتجه أسلافنا منذ ما يزيد عن العشرة قرون؟ أفيقوا ياقوم, وانظروا إلى وجوهكم في المرآة. والله يهدي من يشاء إلى سواء السبيل, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
|
||||
![]() |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc