بلا عنوان...
لأني ابن فلاح فقد كانت لي فرصة في الصبا خبرت خلالها أنواعا عدة من الحمير، كنا نستخدمها كوسيلة نقل و في أشغال الحقل...نستبدل الواحد منها حين نجده غير مناسب أو سيئ الطباع...فكان منها الحمار النشيط، الذي يجر العربة مسرعا دون ضرب بعصا...ومنها المتثاقل بطيء الحركة كالسلحفاة مهما أطعمته وزدت في حصته من الشعير... والماكر العنيد الذي لا يستجيب إلا إذا حفرت بالمنجل جلده، وأسلت بالضرب دمه.
وحين كبرت خبرت في عالم الشغل نفس النماذج السلوكية عند المدراء والمشرفين، فيهم المثابر، صاحب قوة في اتخاذ القرار، والمتصف بالحزم وحسن التدبير..وآخر يعمل فقط إذا وُبخ من الوزير، ولا يستجيب للحق إلا إذا احتشد في ثورة غضب أمام مكتبه الجماهير...
فإلى متى نظل نراهن على مطلب التغيير واستبدال مدير بمدير، ووزير بوزير دون أن يحدث في واقعنا أي تغيير؟...أم أنه يجب إعادة التفكير لعل العيب كان في الفلاح وليس في الحمير، وفي العامل لا في المدير. وأن الشعب هو الكسول لا الوزير؟