إن الغش في الإمتحانات الرسمية أمر مرفوض اجتماعيا وأخلاقيا ودينيا وقد بدأ الغش يفرض نفسه كظاهرة وأخذ يتنامى بشكل رهيب وانتقل من مرحلة السرية إلى مرحلة العلن وأصبح تلاميذنا يجدون له المبررات بل وأصبح حقا مكتسبا مع مرور السنين حتى صارت حالات الغش ظاهرة عادية تحدث مع كل امتحان رسمي ولكن إلى ان تتجه الأمور ؟ هل بلغ الفساد والتسييس إلى حد العبث بمصير الأمة وبأجيال المستقبل ؟ وهل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون ؟
الوصاية تحرض على الغش بنصوص وقوانين مبطنة :
يبدو ان وزارة التربية وعلى رأسها الوزير السابق قد كانت اول سبب لتفشي وتنامي ظاهرة الغش وكانت من الداعين إليها من خلال إصدار بعض المناشير في ظاهرها نصوص تنظيمية وفي باطنها دعوة إلى الغش ومن هذه المناشير المنشور التكميلي المتعلق بالحركة التنقلية بحيث أصبحت نتائج الإمتحانات تدخل ضمن معايير الحركة بالنسبة للمديرين والمفتشين والمقتصدين فصارت هذه الفئات تسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى تجنب العقاب وتلقي الثناء وبغية تحصيل نتائج حسنة إلى التسيب وإظهار المرونة المفرطة مع حالات الغش المنفردة حتى صار الجميع يحمل عقيدة الغش بل صار كل من هو معني بالعقوبة والثناء يدعو من قريب او بعيد إلى الغش
هذا من جهة ومن جهة اخرى وحرصا منها على نجاح الإصلاحات وتكميم أفواه المحتجين والمعترضين والمراهنين على فشلها فقد كانت مديريات التربية تهدد مديري المؤسسات الذين لا يحققون نتائج عالية بالخصم من المردودية والحرمان من الحركة النقلية ووضعهم ضمن القائمة السوداء وإجبارهم على الإجابة على الإستفسارات وإعداد تقارير بالفشل مما دفع بالكثير من مديري المؤسسات إلى تجنب تلك المساءلات والتقارير بإظهار مرونة سواء في تضخيم المعدلات السنوية أو التساهل مع ظاهرة الغش على مستوى المراكز بهدف تحقيق نتائج عالية وإثبات ان الإصلاحات قد نجحت فعلا وان مستوى أبنائنا بخير
جمعية أولياء التلاميذ: حين يخرج رئيس جمعية أولياء التلاميذ ويحاول التملص من المسؤولية بخصوص فضيحة احداث الغش الجماعي في الباكالوريا ويحاول إلصاق التهم جزافا بالأساتذة وتحميلهم المسؤولية فلعمري هذا هو الخرف بعينه فمتى كان الإضراب مبررا للغش ومتى كانت العتبة مبررا للغش وبتلك الصورة المفضوحة
وأخشى ما أخشاه وانا أقرأ تعليق الوزارة على ما حدث في باكالوريا 2013 وخاصة امتحان الفلسفة أن يتم عقاب الأساتذة ورؤساء المراكز وينجو الجاني بفعلته ويبرر له الغش بكل التبريرات وإن لم تتحرك النقابات الفاعلة في هذا الشأن بتحذير الوزارة ومن يدور في فلكها من مغبة الإقدام على هكذا أمر فحينها نكون قد قرأنا على صفحات الجرائد بالبند العريض " نتائج التحقيق في الغش الجماعي في باكالوريا 2013 يفرز عن عقاب الأساتذة المكلفين بالحراسة ورؤساء المراكز نتيجة لإهمال الواجب وفي هذا المقام أدعو كل النقابات الفاعلة إلى ضرورة حماية الأساتذة والمعلمين والمديرين من رؤساء المراكز وحراس وأمانة من كل أشكال الضغوط التي تمارس عليهم من قبل الوصاية في هذا الخصوص
ولعل النقابات تعي بشكل واضح خطورة ما حدث من خلال البيانات الصادرة عنها ولكنني اجدها غير كافية وهذا الصمت الرهيب إزاء ما حدث في باكالوريا 2013 كسابقة خطيرة يدل على ان النقابات تكتفي بإصدار البيانات فقط ولابد من عقاب كل من ثبت عليه الغش عقوبات صارمة حتى يكون عبرة لغيره وتسترجع الباكالوريا بعضا من سمعتها التي لطخت بفعل فاعل فإن مرت القضية برمتها مرور الكرام فسنقرأحينئذ على منظومتنا السلام والعبرة بالختام