وأما أهل السنة والجماعة , فإنهم توسطوا بين هؤلاء وهؤلاء فأثبتوا بلا تشبيه , ونزهوا بلا تعطيل , كما قال
( ليسَ كملِهِ شيءٌ وهو السميع البصير ) , فأثبتوا لله السمع والبصر كما أثبت الله ذلك لنفسه , فلم يُعطلوا ومع إثباتهم نزهوا ولم يُشبهوا , فالمشبهة عندهم الإثبات والتشبيه , والمعطلة عندهم التعطيل والتنزيه , وأهل السنة عندهم الإثبات والتنزيه فجمعوا الحسنيين
ونقله عنه الذهبي في العلو ص1326 وعلق عليه قائلاً (صدق والله ! فإن من تأول سائر الصفات وحمل ما ورد منها مجاز الكلام , أداه ذلك السلب إلى تعطيل الربِّ , وأن يشابه المعدوم , كما نُقل عن حماد بن زيد أنه قال : مثل الجهمية كقوم قالوا : في دارنا نخلة , قيل : لها سعف ؟ قالوا : لا , قيل : فلها كَرَب ؟ قالوا : لا , قيل : لها رُطب وقِنو ؟ قالوا : لا , قيل : فلها ساق ؟ قالوا : لا , قيل : فما في داركم نخلة ! ) .
والمعنى أنه من نفى الله الصفات , فإن حقيقة أمره نفيُ المعبود , إذ لا يُتصور وجود ذات مجردة من جميع الصفات .
ولهاذ قال ابن القيم في المقدمة التي بين يدي قصيدته النونية (فالمشبه يعبد صنماً , والمعطل يعبدُ عدماً , والموحِّد يعبدُ إلهاً واحداً صمداً , " ليسَ كملِهِ شيءٌ وهو السميع البصير ")
منقول من قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني