))***مُتنفّــــــــس **((
عندما كنتُ صغيرا - طفلا- كنتُ أعتقد أنّ الصّيام هو الامتناع عن الأكل والشّرب حتّى لا يراني أحــد ، بمن في ذلك بنُو جلدتِي.. فكنتُ أخفي بعض الرّغيف تحت جناح قميصي وأنصرف إلى حيثُ لا أحــد ، و ألتهم رغيف الخبز وأنا أنظر إلى يميني وشمالي ، وخلفي وأحيانا قُدّامي..!
وعندما أعطش ، كنتُ أهـرع إلى صهريج الماء المكشوف ، وأتظاهر بأنّني أغطس رأسي فيه للتّقليل من وطأة العـطش ، وفي الحقيقة كانت غايتي غير ذلك تماما ، كنتُ أفعل هذا لأتجـرّع بعـض المــاء..
وأحيانا كنّا - أنا وأقراني- نلعب لُعبة التّنافس في الغطس ، حول منْ يُبقى رأسه أكبر فترة ممكنة تحت المــاء ، وكم كُنّا نتلذّذ بهذه اللّعبة ، لا لشيْء سوى لأنّها تمكّننا من ابتلاع أكبر قدر منه..
وعندما تحين لحظــة الإفطار ، كُنّا نتعرّض إلى الإقصاء المباشر -البطاقة الحمــراء- من مائدة الإفطار ، بحجّـة إخلاء المكان للكبار فقط ، ولكنّني سرعـان ما اكتشفتُ الحقيقة ، ذلك أنّه لا أحــد من كبراء العائلة يُصدّق بأنّنا صائمــون ، وحتّى لوْ فعلنا ذلك ، فنحنُ في نظرهم غير مُلزمين بالصّيام ..! والنّتيجة هي أنّه لا جـدوى منْ تظاهرنا بالصّيام ..!
لذلك كُنّا نقضي وقت الإفطار في مُحيط المنزل الكبير ، نتسابق ونُطارد الخفافيش..
وعندما ينتهي الكبار منْ وجــبة الإفطار ، تُوجّه إليْنا الدّعــوة ، ليلتفّ كلّنا حول مائدة قـد خلتْ في مُعظمها منْ أفضل وأطيب المشتهيات.. إلاّ أنّ فرحتنا كانتْ تكبر يوما بعـد يوم..
الجــزء 01/ يُتبع..
بقــلم غــروب في 03 رمضان 1434ه