لَا تَدْخُلْ رَمَضَانَ مُتَكَبِّرًا !
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَبِيرِ المُتَعَالِ ، الْعَلِيمِ بِكُلِّ حالٍ ، جَعَلَ جَزَاءَ الْمُتَكَبِّرِينَ اُلْهَوَانَ وَالْإِذْلاَلَ ، وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ السَّلاَسِلُ وَالْأَغْلاَلُ ، تَطَؤُهُمْ الْأَقْدَامُ وَيُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ؟ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَفَرَّدَ بِالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظْمَةِ ، مَنْ نَازَعَهُ فَيهِمَا قَصَمَهُ ، أَحَبَّ وَأَوْجَبَ الْعَدْلَ وَالتَّوَاضُعَ وَحَرَّمَ الْكِبْرَ وَالْغُرُورَ ، اللَّهُمَّ اِحْرُسْنَا بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ وَ اَحْفَظْنَا بِعِزِّكَ الَّذِي لَا يُضَامُ وَاِكْلَأْنَا بِعِنَايَتِكَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الصَّحَارِى وَالْآكَامِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إمَامُ الْمُتَوَاضِعِينَ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ ، وَمِنْ شَرِّ الْمُتَكَبِّرِينَ عَصَمَهُ. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْبَدْرِ الطَّالِعِ ، وَالسَّيِّدِ الْمُطّاعِ الْمُتَوَاضِعِ ، وَعَلَى آله وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ بِإحْسَانٍ يُتَابِعُ ، وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ وَسَامِعٍ وَطَائِعٍ ، وَعَلَينَا مَعَهُمْ وَفِيهِمْ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ .
أَمَّا بَعْدُ :
فَيَا عِبَادَ اللهِ : (اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) - الأحزاب70 - ، وَاِعْلَمُوا أَنَّنَا مُقْبِلُونَ عَلَى شَهْرٍ نَرْجُو فِيهِ رَحْمَةَ اللهِ وَمَغْفِرَتَهُ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ» -الطَّبَرَانِي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
فَنَحْنُ نَسْعَى لِكَيْ يَنْظُرَ اللهُ إِلَيْنَا بِعَيْنِ الرِّضَا ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» - الشيخان - إِذًا مَا أَحْوَجَنَا إِلَى إِصْلَاحِ قُلُوبِنَا وَأَعْمَالِنَا لِكَيْ نَسْتَلِمَ الجَائِزَةَ مِنْ رَبِّنَا.
وَأَيُّ شَيْءٍ يَحْرِمُنَا مِنْ هَذِهِ الْجَائِزَةِ فَهُوَ خَطِيرٌ عَلَينَا ، وَإِنَّ أَخْطَرَ الْكَلِمَاتِ عَلَى الْإِنْسانِ ، كَلِمَةٌ تَطْرُدُهُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ وَتُورِثُهُ الْحِرْمَانَ ؛ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ أَخِي الْمُسْلِمَ مِنْ كَلِمَةِ (أَنَا خَيْرٌ مِنْه) - الأعراف12 -، أَنَا خَيْرٌ مِنْ فُلاَنٍ أَوْ فُلاَنٍ ، فَهِي كَلِمَةٌ قَالَهَا إبْلِيسٌ فَأَبْلَسَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ .
إِيَّاكَ أَخِي الْمُسْلِمَ أَنْ تَظُنَّ نَفْسَكَ خَيْرًا مَنْ أَحَدٍ ، فَلَا يَعْلَمُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ إِلَّا اللهُ فَلَا تُزَكِّي نَفْسَكَ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) – النساء49 – وَقَالَ: (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) – النجم32 - ، ثُمَّ لِمَ تَحْسَبُ نَفْسَكَ خَيْرًا مِنَ النَّاسِ ؟، أَعَدَدْتَ عُيُوبَكَ وَأَحْصَيْتَ نَقَائِصَكَ ؟ فَكُلُّكَ عُيُوبٌ وَنَقَائِصٌ. لَا تَزْدَرِي النَّاسَ وَلَا تَحُطَّ قَدْرَهُمْ وَلَا تَحْتَقِرْهُمْ ، فإنْ فَعَلْتَ فَهَذَا دَليلٌ عَلَى أَنَّكَ أَحَقَرُهُمْ وَأُحَطُّهُمْ قَدْرًا وَشَرُّهُمْ ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ يَقُولُ : (بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ) - رواه مسلم - ...
فَاعلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ أَنَّ التَّوَاضُعَ وَخَفْضَ الجَنَاحِ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَخْلاقِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ وَمِنْ صِفَاتِ عِبَادِ اللهِ المُتَّـقِينَ، والتَّوَاضُعُ يَزِيدُ الشَّرِيفَ شَرَفًا، وَيَرفَعُ لِلْوَضِيعِ ذِكْرًا وَقَدْرًا، ثُمَّ بِمَاذَا أَدْرَكَ النَّاسُ المَنَازِلَ العَالِيَةَ الرَّفِيعَةَ وَالأَخْلاقَ الفَضِيلَةَ الجَمِيلَةَ؟ أَلَيْسَ بِالتَّوَاضُعِ الذِّي قَادَهُمْ إِلَى الِانْقِيَادِ لِلْحَقِّ وَالاِهْتِمَامِ بِحُقُوقِ الخَلْقِ! فَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ إِلاَّ رَفَعَهُ ، أَلَسْتُمْ تَرَوْنَ المُتَوَاضِعَ هُوَ الذِّي يَحْضَى بِالمَوَدَّةِ وَالصَفَاءِ فِي مُجْتَمَعِهِ وَالمَنْزِلَةَ الرَّفِيعَةَ ؟ وَهُوَ أَهْلُ مَحَبَّةِ اللهِ وَالنَّاسِ وَثَنَائِهِمْ؟، وَلِذَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَالخِطَابُ عَامٌّ لَهُ وَلأُمَّـتِهِ- فَقَالَ : (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) – الحجر88 -، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا؛ حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ) - رواه مسلم - ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ) - رواه مسلم -. وَامتَدَحَ اللهُ تَعَالَى عِبَادَ الرَّحْمَنِ، وَأَثْنَى عَلَى صِفَاتِهِمْ وَجَعَلَ أُولَى هَذِهِ الصِّفَاتِ التَّوَاضُعَ فَقَالَ: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا) – الفرقان63 -.
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ: مَاذَا نُرِيدُ فِي رَمَضانَ بِكَثْرَةِ قِيَامِنَا وَصِيَامِنَا وَإحْسَانِنَا ؟ أَلَسْنَا نُرِيدُ أَنْ يَرْفَعَنَا اللهُ ؟، فَعَلَينَا بِالتَّوَاضُعِ إِذَنْ ! .عَلِّمْ نَفْسَكَ التَّوَاضُعَ أَيُّهَا الْحَبيبُ وَعَرِّضْهَا لِأَسْبَابِهِ ذَكِّرْهَا أَصْلَهَا وَكَيْفَ خُلِقَتْ ، وَذَكِّرْهَا عَظَمَةَ اللهِ تَعَالَى – لِأَنَّهُ لَا يَتَكَبَّرُ إلّا مَنْ كَانَ بِاللهِ جَاهِلًا – فَعِنْدَمَا تُدْرِكَ عَجْـزَكَ وضُعفَكَ وَفَقْرَكَ، وَأَنَّكَ لاَ تَمْـلِكُ لِنَفْسِكَ حَوْلاً وَلاَ قُوَّةً وَلاَ نَفْعًا وَلا ضَرًّا، وَلا مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا، (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)- الأنعام17 -، فَإِنَّكَ سَتَتَوَاضَعُ حَتْمًا ، وَانْظُرْ فِي سِيَرِ الأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَأَعْـظَمِهِمْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي وَصَفَهُ اللهُ بِقَوْلِهِ : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) – القلم4 - ، فَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ شَدِيدَ التَّوَاضُعِ مَعَ عُلُوِّ قَدْرِهِ وَرِفْعَةِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللهِ، يرْفَعُهُ رَبُّهُ فَوْقَ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ فَيَرْجِعُ أَشَدَّ تَوَاضُعًا وَحَيَاءً، وَتَرَى الْوَاحِدَ مِنَّا لَوْ سَافَرَ إِلَى بِلادِ أُرُوبَّا لَرَجَعَ مَزْهُوًّا بِنَفْسِهِ رَافِعًا مَنْخَرَهُ وَكَأَنَّه حَازَ مُلْكًا ، فَلَوْ حَدَثَ وَسَافَرَ إِلَى أَمْرِيكا فَحَدِّثْ وَلَا حَرَجَ!!. أَمَّا سَيِّدُ الْمُتَوَاضِعِينَ فَلَا! ، لِذَلِكَ أَمَرَنَا اللهُ بِالاقتِدَاءِ بِهِ وَالتَّأَسِّي بِهَدْيِهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي مِنْكَ - أَيُّهَا المُسْلِمُ - أَنْ تَقْرَأَ سِيرَتَهُ وَتَتَعَلَّمَ مِنْ سُنَّتِهِ، عِنْدَ ذَلِكَ سَتَعْرِفُ كَيْفَ كَانَ مُتَوَاضِعًا - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - كَانَ يَمُرُّ عَلَى الصِّبْيَانِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، وَيَمْـشِي مَعَ المِسْكِينِ وَاليَتِيمِ وَالأَرْمَلَةِ فِي حَاجَتِهِمْ، وَكَانَ يَخْدِمُ أَهْـلَهُ فِي البَيْتِ وَيَحْمِلُ إِلَيْهِمُ الحَاجَةَ، وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْدَأُ مَنْ لَقِـيَهُ بِالسَّلامِ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ مَنْ دَعَاهُ وَلَوْ إِلَى الشَيْءٍ اليَسِيرِ، وَكَانَ لَيِّنَ الخُلُقِ، كَرِيمَ الطَّبْعِ، جَمِيلَ المُعَاشَرَةِ، طَلْقَ الوَجْهِ، مُتَوَاضِعًا مِنْ غَيْرِ ذِلَّةٍ، جَوَادًا مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ، رَقِيقَ القَلْبِ، رَحِيمًا بِكُلِّ مُسْـلِمٍ، خَافِضًا جَنَاحَهُ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ، هُوَ رَئِيسُ دَوْلَةٍ وَلَكِنَّهُ يَعُودُ المَرِيضَ، وَيَشْهَدُ الجَنَازَةَ، وَيَجْمَعُ الحَطَبَ لأَصْحَابِهِ ، وَيّدْخُلُ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَهُوَ يَرتَعِدُ خَوْفًا مِنْ هَيْبَتِهِ فَيَقُولُ لَهُ: (هَوِّنْ عَلَيْـكَ؛ فَإِنَّمَا أَنَا ابنُ امرَأَةٍ كَانَتْ تَأْكُلُ القَدِيدَ بِمَكَّةَ). وَهَكَذَا كَانَ صَحَابَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرضَاهُمْ - مُتَوَاضِعِينَ رُحَمَاءَ فِيمَا بَيْـنَهُمْ.
فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ -، وَلْيَكُنْ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، بِحُسْنِ التَّوَاضُعِ وَلِينِ الجَانِبِ، تَوَاضَعُوا لِرَبِّـكُمْ تَوَاضُعًا يَرْحَمُكُمْ بِه، وَتَوَاضَعُوا لآبَائِكُمْ بِبِرِّهِمْ وَتَوقِيرِهِمْ، وَتَوَاضَعُوا لِلضُّعَفَاءِ والْمَرْضَى بِعِيَادَتِهِمْ وَالوُقُوفِ بِجَانِبِهِمْ، وَتَوَاضَعُوا لِجَمِيعِ النَّاسِ خَاصَّةً بِمُرَاعَاةِ مَشَاعِرِهِمْ، وَحِفْظِ حُقُوقِهِمْ، وَالبُعْدِ عَنِ احتِقَارِهِمْ وَازْدِرَائِهِمْ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ ، إِنْ كُنْتَ مُؤْمِنًا حَقًّا ، يَكْفِيكَ لِلْتَّوَاضُعِ وَالْبُعْدِ عَنِ التَّكَبُّرِ طُولَ حَيَاتِكَ وَفِي جَمِيعِ مَوَاقِفِكَ وَتَصَرُّفَاتِكَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا) – الاسراء 37 – وَقَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الحَدِيثِ القُدُسِي «الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، مَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا، أَلْقَيْتُهُ فِي جَهَنَّمَ» - أخرجه ابن ماجه - ، وَيَكْفِيكَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ) - رواه مسلم - ، فَإِنْ لَمْ يَكْفِكَ هَذَا لِتَتَوَاضَعَ دَائِمًا وَأَبَدًا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيكَ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) – العنكبوت51 - .
مَا أَعْظَمَ خُسْرَانَ المُتَكَبِّرِينَ! وَمَا أَقَلَّ حَظَّهُمْ ! حُرِمُوا الثَّوَابَ وَنَالُوا العِقَابَ ، وَخَسِرُوا مَحَبَّةَ النَّاسِ.
فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ -، وَالزَمُوا التَّوَاضُعَ، وَاحذَرُوا جَمِيعَ مَظَاهِرِ الكِبْرِ، فَالتَّوَاضُعُ سَعَادَةٌ لَكُمْ فِي دُنْيَاكُمْ وَآخِرَتِكُمْ، وَسَبَبٌ لِرِضْوَانِ اللهِ وَمَوَدَّةِ النَّاسِ لَكُمْ.
اللَّهُمَّ اهدِنَا لأَحْسَنِ الأَخْلاقِ وَالأَفْعَالِ، إِنَّهُ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّـئَهَا وَمَكْرُوهَهَا، فَإِنَّهُ لا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّـئَهَا وَمَكْرُوهَهَا إِلاَّ أَنْتَ.
و كتب الفقير إلى الله أحمد بوجلة في يوم الجمعة الثاني عشر من شهر شعبان 1434
منقول