السلام عليكم
تــــــــــــــــابع : مجرد تســــــــــائلات
دوما هناك ، و دوما هناك ، هناك تساؤلات ، نطرحها أحيانا على أنفسنا ، فصرنا لا نظن أنه قد تكون هناك حياة دونما تناقضات ، نحن نعيش في عالم يجعلنا دوما نتسائل عندما نستيقظ صباحا مباشرة : من أنا ؟ و من أكون ، و لماذا أنا أعيش في هذا العالم ؟ ، أحيانا عندما نستيقظ صباحا نجد عدة علامات استفهام تراودنا ، و بعد مرور النهار بأكمله ، نرى أنفسنا أننا أناس عاديين ، الفرق هو أنه صباحا ، كانت أدمغتنا بكامل طاقتها و كانت عقولنا في بداية نشاطها و لهذا استطاعت التفريق بين ما يفيد و ما لا يفيد ، لكن بعد مرور النهار كاملا ، اندمجنا و احتككنا بمجتمع متخلف متناقض من ما جعل عقولنا ترى الغريب أمر معقول و المستحيل ممكن و الأمر المعقول ، متخلف
و كأننا نرى أن جميع قراراتنا كانت خاطئة ، لهذا من المستحسن و المفضل أنه عندما يكون شخص أمام خيار صعب ، أن يبتعد عن محيطه و المتجمع المتخلف الذي يعيش فيه حتى لا تدخل شائبة أفكار لدماغه ، و أن يرتاح و ينام ليلة هادئة ، ثم يقرر صباحا بعد صلاته ، و يترك الأمر بين يدي الله مع أنه كان قبلا ، بين يدي الله .
لكن أحيانا أخرى ، حتى ذلك الظن قد يكون خاطئ ، لأننا في وسط ليس له شكل و لا لون أفكار .
قال أحد الأساتذة : كنت في إحدى المرات أحرس في إحدى الامتحانات الجامعية ، رأيت بعض الطلبة يحاولون الغش ، و بسبب طبيعتي الحسنة و محاولة دوما تقديم النصيحة ، قلت لهم جميعا : هل تعلمون أن الغش حرام ،
قال الأستاذ : بعدما قلتها لهم ، رأيتهم جميعا ينظرون لي باستغراب و كأنني قلت شيء غريب ، لقد حاولت استذكار ما قلته لربما أنني تحدثت بكلمات أخرى ، أو أنني قلت معنى آخر ، فلم أستطيع تذكر ما قلت بسبب ما رأيته من أولائك الطلبة من شدة استغراب من ما قلت ، اقتربت من أحد الطلبة محاولا أن يساعدني في تذكر ما قلت ، لربما أنني ارتكبت خطأ جعل الطلبة جميعا يندهشون مني .
أتتم الأستاذ حديثه قائلا : حاولت أن أستذكر ما قلته فلم أستطيع ، لقد نسيت أنا نفسي ما قلت بسبب ما رأيته من شدة اندهاش الطلبة في ما قلت ، رأيت أحد الطلبة ، أقل اندهاشا و منهمك في الإجابة على أسئلة الامتحان ،
اقتربت منه ببطء و قلت له : صحيح ، أليس كذلك ؟
فأجابني : نعم : الغش حرام ،
قال الأستاذ حينها : الحمد لله ، لقد قلت فقط أن الغش حرام ، و لم أقول جملة أخرى غريبة ،
لكن بقيت عدة علامات استفهام تراودني ، و هي : لماذا استغرب الطلبة من نصيحة ،
حاولت أن أتمم كلامي بحذر شديد : فقلت للطلبة مضيفا : قال عليه الصلاة و السلام : " من غشنا فليس منا " و الغش حرام و سيحاسب الله كل غشاش أخذ شيء ليس من حقه .
بدأ الطلبة ، يضحكون ، نعم ، لقد كانوا يضحكون من تلك الكلمات التي قلتها ، بدؤوا يضحكون و أيضا ينظرون إلى بعضهم البعض مستغربين من ما قلته لهم
أتمم الأستاذ حديثه و هو في كامل حالات الأسى : لقد علمت بعدها مباشرة ، أنني إنسان قديم .
بعدها مباشرة فهمت كل شيء ، لقد أصبح مفهوم النصيحة بعدم الغش ، يندرج ضمن رأي قديم لا يصلح ، و الإنسان الذي يحمل مفهوم أن الغش حرام ، هو إنسان قديم ، يعني من المفروض أن يعيش ذلك الإنسان في العشرينيات و الثلاثينيات ، و ليس في بداية الألفية الثالثة .
قال الأستاذ : لقد تذكرت بأن السنين الأكثر تطورا و تقدما من ناحية الاكتشافات و عدد العلماء و المستوى الدراسي ، هي سنين العشرينيات و الثلاثينيات ، و من المفروض أن أكون أنا قد عشت في تلك السنوات القديمة و ليس اليوم
تلك السنوات القديمة ، و المتخلفة بالنسبة لطلبة اليوم .
و تلك السنوات القديمة و المثمرة بالنسبة لي .
أتمم الأستاذ حديثه : لقد علمت الآن لماذا نحن متقدمين جدا ، عفوا ، متخلفين جدا
من إنتاج : بــ قلم رصاص
تحياااتي