الجهمية يكتبون في منتدانا و بسم الأشعرية و الأشعرية منهم براء - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الجهمية يكتبون في منتدانا و بسم الأشعرية و الأشعرية منهم براء

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-06-19, 14:31   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي الجهمية يكتبون في منتدانا و بسم الأشعرية و الأشعرية منهم براء

الجهمية المعطلة نفات الصفات يكتبون في منتدانا و بسم الدفاع عن الأشعرية و الأشعرية منهم براء


الجهمية هي فرقة سميت بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسها الجهم بن صفوان، وهي على رأس الفرق الضالة الهالكة؛ لأنها خالفت أهل الإسلام في أصول معتقدهم، وأصل هذه البدعة يعود إلى اليهود، وهذا شأن أكثر البدع أنها تعود إلى أمم الكفر من اليهود والنصارى والمجوس؛ الذين لم يستطيعوا مواجهة الإسلام بالسيف، فبثوا فيه الأفكار الضالة، والمعتقدات المنحرفة لإفساده.

نسبة الجهم
وكان الجهم من أهل خراسان، ودائماً يأتي البلاء من جهة العراق وخراسان ومرو وترمذ ونسا وإيران وغيرها، فهذه البقاع كلها بقاع شر وفساد، والتاريخ كله يقول: ما قامت بدعة إلا من العراق وإيران مروراً بهذه البلاد الفرعية، والقرى والنجوع كلها، فهي أرض قد امتلأت بالفتن قديماً وحديثاً، فكان الجهم من أهل خراسان، وينسب تارة إلى مدينة سمرقند، وتارة إلى مدينة ترمذ، فيقال له: السمرقندي أو الترمذي، ويقال له: الخراساني نسبة إلى الإقليم الكبير خراسان، وهذا لا يعني أن هذا الإقليم كله إقليم شر؛ فقد أخرج أئمة أفذاذاًَ من أئمة العلم والهدى، كالإمام الترمذي ، والإمام النسائي ، و عبد الله بن المبارك ، و البخاري وغيرهم من أئمة العلم.
وقال خلف بن سليمان البلخي : كان جهم من أهل الكوفة، وكان فصيحاً، ولم يكن له نفاذ في العلم -أي: أنه كان صاحب لسان لكنه ليس عالماً- فلقيه قوم من الزنادقة فقالوا له: صف لنا ربك الذي تعبده؟ فدخل البيت لا يخرج مدة من الزمان ثم خرج، فقال: هو هذا الهواء مع كل شيء! أي: أن الإله الذي يعبده إنما دخل في ذرات الهواء، وبالتالي فإله الجهم ليس هو إلهنا الذي استوى على العرش، وهذا نفس معتقد النصارى، فقد قام طالب وقال القسيس في كنيسة: أين الإله؟ فأتى ببعض السكر وأذابه في كوب من الماء، فقال القسيس للطالب: أين السكر؟ قال: في الماء، قال: وكذلك الرب في كل شيء! فعقيدة الجهم بن صفوان هي نفس عقيدة النصارى، بل ليس كل النصارى يعتقدون ذلك، وإنما وافق جل النصارى في إثبات أن الله تعالى في كل مكان، وهذا نفس قول الأشاعرة الذين قالوا: إن الله في كل مكان، وأما أهل السنة والجماعة فيثبتون العلو والفوقية والاستواء لله عز وجل على عرشه، وهذا هو الحق الذي نطق به الكتاب وجاءت به السنة، وعمل به اعتقاداً وعملاً أئمة الدنيا من سلف الأمة، وما خالف في هذه القضية إلا خلف ليس له في ذلك سلف إلا سلف ضلالة وبدعة، والله تعالى على العرش استوى، بائن من خلقه، وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم جارية صغيرة ترعى غنماً لا حظ لها من العلم فقال: (أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة).
وأعجب من ذلك منذ عدة سنوات أني دخلت الجمعية الشرعية الرئيسية؛ لأنهم كانوا يوزعون كتباً مجاناً، فذهبت لآخذ بعضها لتوزيعها على الطلاب، فلما رأى هيئتي ليست كهيئة الجمعية الشرعية قال: أنا أسألك سؤالاً واحداً: أين الله؟ قلت: على العرش، فتبرم وقال: هو في كل مكان، وفي أثناء نزاعنا دخل حمال كان ينزل بالكتب إلى تحت، فقلت له: ما اسمك؟ قال: محمد، قلت: يا محمد! أين الله؟ قال: في السماء، فقلت: حمال يفهم ما لا يفهمه زعماء في الجمعية الشرعية! فهذه عقيدتهم، فهم يقولون: الله تعالى في كل مكان، وليس الأمر كذلك، ولا دليل معهم قط، بل ناقشني زعيم وكبير من كبرائهم يرحمه الله ويعفو عنه، فقال: أنت الذي تقول: إن الله على العرش استوى؟! فهو جالس على الكرسي! ما رأيكم أن تلبسوا ربنا عمامة؟! فقلت: لا والله، الله تعالى هو الذي أثبت في كتابه أنه على العرش استوى، وجميع الأنبياء والمرسلين وأهل العلم الصادقين المخلصين العاملين بشرائع الله، وبدين الله الواحد يعتقدون ذلك، فلا عقيدتكم في القرآن، ولا في السنة، ولا في عقيدة الأنبياء، ولا في عقيدة سلف الأمة، وكفى بها مخالفة، فهذه عقيدة الجهم بن صفوان! وقال أبو معاذ البلخي : لم يكن للجهم علم ولا مجالسة لأهل العلم، فقيل له: صف لنا ربك؟ فدخل البيت لا يخرج كذا، ثم خرج بعد أيام فقال: هو هذا الهواء مع كل شيء، وفي كل شيء، ولا يخلو منه شيء! إذاً فالذي يقول: إن الله تعالى بذاته في كل مكان؛ يلزمه أن يقول: بأنه في أماكن القاذورات، وأماكن النجاسات والحمامات، وغير ذلك من البرك والمستنقعات المنتنة، وهذا قول يحمل بين طياته الكفر البواح، تعالى الله عما يقوله الملحدون علواً كبيراً.
وقد كان الجهم من أهل الجدل والخصومات كما سيتبين لنا بإذن الله تعالى.
هلاك الجهم بن صفوان
قتل الجهم سنة ثمان وعشرين بعد المائة الهجرية، وكان قتله على يد سلم بن أحوز المازني على المشهور كما تقدم. والإمام القاسمي كان له بعض الدفاع عن الجهم بن صفوان ، فكان مما قال: إنما قتل الجهم لأمر سياسي لا لأمر ديني؛ لأنه كان مع الحارث بن سريج ضد دولة بني أمية، فخرج مع الخارجين على الإمام الحق في ذلك الزمان، فلما أسر قتله سلم بن أحوز المازني ، فكان قتله لأمر سياسي لا لأمر ديني، وليس الأمر كذلك، ولا يمنع أن يكون قد جمع بين الأمرين، لكن أصل فكرة القتل انبنت على مخالفته الدينية، وكذلك لا يمنع أن يكون
قتله لأمر سياسي، وإن كان قد أمر الخليفة هشام بن عبد الملك بقتله قبل ذلك لأمر ديني، وهو ما اشتهر عنه من شكه وتركه الصلاة أربعين يوماً، أي: أنه شك في وجود الإله لما سئل: صف لنا إلهك؟ فشك في إلهه فتوقف عن عبادته أربعين يوماً، ثم نفيه لصفات الرب عز وجل واشتهار ذلك عنه، فكان ذلك سبباً قوياً في أن يأمر الخليفة هشام بن عبد الملك عامله على خراسان نصر بن سيار أن يقتله، ولكنه لم يظفر به، وإنما ظفر به سلم بن أحوز فقتله.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن صالح بن أحمد بن حنبل أنه قال: قرأت في دواوين هشام بن عبد الملك إلى نصر بن سيار عامل خراسان: أما بعد، فقد نجم -أي: ظهر- قبلك رجل يقال له جهم من الدهرية، فإن ظفرت به فاقتله. إذاً كان قتله بسبب أنه يقول بقول الدهرية، وهذا أمر ديني لا أمر سياسي.
ومما يؤكد أن قلته بسبب ما صدر عنه من إنكار صفات الله تعالى: ما ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري، قال: أخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن صالح مولى بني هاشم قال: قال سلم حين أخذه: يا جهم ؟ إني لست أقتلك لأنك قاتلتني -فهذا تصريح بأن القتل لم يكن لأمر سياسي- فأنت عندي أحقر من ذلك، ولكني سمعتك تتكلم بكلام أعطيت الله عهداً ألا أملكك إلا قتلتك،فقتله.
وقد جاء البيان عن سبب قتله له، فقد أخرج عن ابن أبي حاتم من طريق خلاد الطفاوي ، قال: بلغ سلم بن أحوز -وكان على شرطة خراسان- أن جهم بن صفوان ينكر أن الله كلم موسى تكليماً، فقال له: أنت الذي تزعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً؟ فسكت الجهم ، فقام إليه سلم فقتله، إذاً أصل قتله كان لأمر ديني، ولو كان لأمر سياسي فلا بأس بذلك، لكن لابد من تقرير الحقائق.
وقال بكير بن معروف : رأيت سلم بن أحوز حين ضرب عنق جهم ، فاسود وجه جهم.
نعم لابد أن يسود: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمران:106]، قال ابن عباس : تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدع والضلالة. ولهذا من إهانة الله عز وجل لأهل البدع في حياتهم وبعد مماتهم أنهم ليس لهم ترجمة، ولو أردنا أن نقرأ ترجمة أحمد بن حنبل لوجدنا أنها في سير أعلام النبلاء جل المجلد الحادي عشر، حوالي أربعمائة أو خمسمائة صفحة، بل وفي ترجمته صنفت مجلدات وكتب أخرى؛ لأن الله أبى إلا أن يعلي ذكر أحمد في الدنيا والآخرة، وأما هؤلاء فقد أبى الله تعالى إلا أن يجعلهم في أسفل سافلين، فليس لهم ترجمة إلا ترجمة السوء والضلال، ترجمة اللعنة والغضب والسخط من الله عز وجل ومن عباده.
نسبة الجعد ومذهبه وهلاكه
وكان الجعد من أهل حران -وهي بلد ابن تيمية الحراني الشامي السوري- وتصور أن حران تنبت هذا الجعد ، وتنبت شيخ الإسلام ابن تيمية الذي تعيش الأمة في كنفه، وفي بحر علمه في هذه الأيام، وقد سألني أستاذ في كلية اللغة العربية منذ أسبوع تقريباً فقال: أنا أريد أن أعرف لماذا كل الجماعات الإسلامية معتمدة على ابن تيمية في هذه الأيام، وأظهرت علم ابن تيمية في هذه الأيام؟ قلت: هذا رزق ابن تيمية، فمع سنه وعلمه ومكانته وجهاده الطويل إلا أنه كان أقرب للشباب من سائر علماء زمانه، وتكلم بكلام معتمداً على الكتاب والسنة، وحارب الفلاسفة، وحارب التتار، وحارب بسيفه وقلمه، وحارب جميع المعتقدات، ورد على الفرق الضالة، وقال كلاماً لا يمكن لأحد قبله ولا بعده أن يقوله، فكان إماماً فذاً، وهو جدير وخليق أن يكون مجتهداً مطلقاً، وهذا معظم من ترجم لـابن تيمية، قال هذا الكلام: هو جدير أن يكون مجتهداً مطلقاً، وابن تيمية عليه رحمة الله في مسائل الفكر والسياسة الشرعية على جهة الخصوص، والرد على الخصوم والفلاسفة، وجهاده للصوفيين، وجهاد سائر فرق الضلال؛ كانت له ميادين كل ميدان منها تهلك فيه أمة من العلماء، فكان رجلاً بمعنى الكلمة، أي: أن هذا الرجل لم يسبقه في قوته إلا عمر رضي الله عنه، وابن تيمية جدير بالاحترام والتبجيل، ولذلك كتب الله تعالى له في قلوب المؤمنين الذكر الجميل والثناء الحسن. كان الجعد من أهل حران، وكان فيها خلق كثير من الصابئة والفلاسفة، وكانوا يسمون: صابئة الإسلام وصابئة الشرك، والعلماء صنفوا الصابئة على نوعين: صابئة كانت تابعة لإبراهيم عليه السلام، وصابئة كانت مشركة تعبد الأصنام في زمن إبراهيم عليه السلام، وكان في حران خلق كثير من الصابئة والفلاسفة بقايا أهل دين النمرود والكنعانيين، وكانت الصابئة -إلا قليل منهم- إذ ذاك على الشرك، وعلماؤهم هم الفلاسفة، وإن كان الصابئ قد لا يكون مشركاً بل مؤمناً بالله واليوم الآخر، لكن كثيراً منهم كانوا كفاراً أو مشركين، وكانوا يعبدون الكواكب ويبنون لها الهياكل، ومذهب النفاة من هؤلاء في الرب أنه ليس له إلا صفات سلبية أو إضافية أو مركبة منهما، أي: مركبة من السلبية والإيجابية. ولما أظهر الجعد مقالة التعطيل حبسه أمير العراق خالد بن عبد الله القسري ، ثم خرج به في يوم عيد الأضحى وخطب خالد في الناس، فقال في خطبته: أيها الناس! ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضح بـالجعد بن درهم ، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، تعالى الله عما يقول الجعد علواً كبيراً، ثم نزل فذبحه في أصل المنبر، وكان ذلك بفتوى أهل زمانه من التابعين، وقصة قتله مشهورة ذكرها أهل التراجم ودونها السلف في كتبهم، ولم ينكر على خالد القسري أحد من أهل العلم، بل أثنوا عليه خيراً، لكن في هذا الوقت دع واحداً يقوم على ضال من هؤلاء، أو مبتدع من هؤلاء ربما تكون بدعته أخطر من بدعة الجعد بن درهم؛ فيقتله على الملأ، والنساء تنظر في التلفاز، لقالوا: حرام، لماذا هذه القسوة؟! هل الدين هكذا؟! وهل الإسلام هكذا؟! هل النبي قال هكذا؟! بينما العلماء أثنوا على ما قام به خالد القسري.
قال الدارمي : ذبحه خالد بواسط -أي: بمدينة واسط في العراق- يوم عيد الأضحى، على رءوس من حضر من المسلمين، لم يعبه به عائب، ولم يطعن عليه طاعن، بل استحسنوا ذلك من فعله وصوبوه. قال: ابن القيم عليه رحمة الله في كتاب النونية في العقيدة: ولأجل ذا ضحى بجعد خالد القسري يوم ذبائح القربان إذ قال إبراهيم ليس خليله كلا ولا موسى الكليم الداني شكر الضحية كل صاحب سنة لله درك من أخي قربان أي: يثني على خالد القسري أنه ذبح الجعد بن درهم ؛ لأنه زعم أن الله لم يكلم موسى تكليماً، ولم يتخذ إبراهيم خليلاً، وقد شكره كل صاحب سنة.
كلام العلماء في بيان ضلال الجهمية وكفرهم
قال: ابن تيمية : اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن الجهمية من شر طوائف أهل البدع، حتى أخرجهم كثير عن الثنتين والسبعين فرقةن وذكروا أن قوله أشر من قول اليهود والنصارى.
أي: قول الجعد بن درهم أشر من قول اليهود والنصارى، فرجل قوله شر من قول اليهود والنصارى الذين حكم الله تعالى بكفرهم في كتابه، إذاً يكون كفره أعظم من كفر اليهود والنصارى، فلماذا إذاً نصفه بأنه كان داعية للكتاب والسنة؟ لأن الإمام القاسمي للأسف الشديد قال: كان الجعد داعية إلى الكتاب والسنة! وهذه زلة عظيمة جداً من القاسمي. قال الإمام القاسمي: وكان الجعد داعية إلى الكتاب والسنة، مجتهداً في الصفات خاصة، هكذا قال القاسمي ، لكن ليس للجاهل أن يجتهد، وإنما الاجتهاد وقف على أهل العلم، وليس كل أهل العلم لهم هذا الحق وهذا الحظ، بل الاجتهاد له أهله، بأركان وشروط.
قال القاسمي: له أجر المجتهدين المخطئين! والخطأ في العقيدة أمر مردود، ولهذا نهى السلف عن مذهب الجهمية، وحذروا من سلوك سبيلهم، وشددوا في ذلك. قال الإمام البخاري : ما أبالي أصليت خلف الجهمي والرافضي الشيعي، أو صليت خلف اليهودي والنصراني! فلا يسلم عليهم، ولا يعادون إذا مرضوا، ولا يناكحون، ولا يشهدون، ولا تؤكل ذبائحهم.
أي: أنهم كفار؛ لأن هذه أحكام الكفار. وقال البخاري أيضاً -وانتبه فقد كان البخاري متلطفاً جداً في العبارة- فقال: إذا قلت عن أحد: ضعيف، فلا تحل الرواية عنه.
أي: أن الذي يقول عنه غيره: كذاب وضاع يقول عنه الإمام البخاري : ضعيف، وتصور أن الإمام البخاري يقول هذا كله-: نظرت في كلام اليهود والنصارى والمجوس، فما رأيت أضل في كفرهم منهم -أي: من الجهمية- وإني لأستجهل من لا يكفرهم إلا من لا يعرف كفرهم.
أي: أنه يقول: إن كلام الجهمية أشر من كلام اليهود والنصارى والمجوس، وليس ذلك بعجب، وإنما العجب ممن عرف كلامهم ولا يكفرهم، إلا أن يكون إنساناً لا يعرف ماذا يعني الكفر؟ وماذا يعني الإيمان؟ ولا شك فالجاهل ليس مطلوباً منه أن يظهر أحكام الكفر، أو التفسيق أو التبديع، بل هذا تعد منه، وإنما له أن يقلد أهل العلم والمجتهدين. وقال ابن المبارك : إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية.
وللدارمي كلام عظيم جداً، بل له كتاب اسمه: الرد على الجهمية، قال: وصدق ابن المبارك، فإن من كلامهم في تعطيل صفات الله تعالى ما هو أوحش من كلام اليهود والنصارى.
أي: إذا قرأه إنسان يشعر بوحشة في صدره ربما لا يشعرها إذا نظر في التوراة أو الإنجيل.
وذكر سعيد بن عامر الضبعي الجهمية فقال: هم أشر قولاً من اليهود والنصارى، قد اجتمع اليهود والنصارى وأهل الأديان مع المسلمين على أن الله عز وجل على العرش.
أي: أن عقيدة اليهود والنصارى والمسلمين أصلاً أن الله تعالى مستو على العرش، لكن الجهمية هم أول من أحدث أن الله تعالى ليس على العرش، وقالوا: ليس على شيء. وقد كفر السلف جهماً ومن قال بقوله في الله، وفي صفاته، وفي القرآن، وكتبهم مملوءة بذلك.
سلسلة التجهم المظلمة
قال ابن تيمية عليه رحمة الله: إن الجعد أخذ بدعته وتلقاها عن أبان بن سمعان -انظر إلى هذه السلسلة السوداء- وأخذها أبان عن طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم.
إذاً الجهم عن الجعد عن أبان عن طالوت عن لبيد بن الأعصم ، خمسة في سلسلة واحدة، لكنها ليست كسلسلة مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه سلسلة الذهب، سلسلة اللؤلؤ والمرجان، أما تلك فسلسلة الضلال والبدع، وتصور أن يأتيك إسناد كهذا: حدثني الجهم ، قال: حدثني الجعد ، قال: حدثني أبان بن سمعان ، قال: حدثني طالوت ، قال: خالي لبيد بن الأعصم اليهودي!! ويغلب على ظني أنه ما أحدثت محدثة، ولا ابتدعت بدعة في الإسلام إلا وكان أصلها إما من اليهود، وإما من النصارى، وإما من المجوس، أي: لابد أن يكون لها جذور يهودية، أو نصرانية، أو مجوسية، وأتحدى أي رجل يأتيني ببدعة في الإسلام ليس له أصل من هذه الأصول الثلاثة.
من شيوخ الجهم بن صفوان: الجعد بن درهم
أما شيخ الجهم بن صفوان فاسمه: الجعد بن درهم ، وبئس الدرهم هو، وكان مولى من موالي بني مروان، وأصله من خراسان، لكنه سكن دمشق، وانتقل ببدعته من خراسان إلى دمشق، فبذر البذرة هناك، ثم رجع إلى الكوفة، فالتقى بـالجهم في الكوفة، وكان الجعد بن درهم مؤدباً لآخر ملوك بني أمية وهو مروان بن محمد بن مروان ، وكان يقال له: مروان الجعدي ؛ لتقريبه للجعد بن درهم ، فنسب إليه وبئس النسبة هي، كما كان له لقب آخر وهو: مروان الحمار . قال الذهبي في الجعد : عداده في التابعين، مبتدع ضال.
وفي هذا دليل على أنه ليس كل التابعين أهل صلاح، بل منهم المبتدع، ومنهم الثقة، ومنهم الإمام في الهدى، ومنهم الإمام في الضلالة، وكل ما هنالك أنه رأى بعض الصحابة، والمعلوم أن التابعي: هو من لقي الصحابة أو بعضهم. وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق: أن الجعد كان يتردد إلى وهب بن منبه ، و وهب بن منبه إمام من الأئمة، فهو رجل هدى وتقوى وعلم، لكن كان يعاب عليه أنه كان ينظر في كتب السابقين، أي: في كتب اليهود والنصارى والصحف وغيرها، فوجد الجعد ضالته عند وهب ، فكان يتردد إليه ويحمل عنه، وكان كلما راح الجعد إلى وهب اغتسل وهب وقال وهب : إن هذا الغسل أجمع للعقل، أي: كأن لقاء جعد كان يذهب بعقل وهب بن منبه ، وكان يسأل وهباً عن صفات الله تعالى، فقال له وهب يوماً: ويلك يا جعد ! أقصر المسألة عن ذلك، أي: لا تسأل عن هذا، واسأل عن الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وأركان الدين، لكن هو أراد أن ينطلق ببدعته من هذا الباب، فقال وهب للجعد : إني لأظنك من الهالكين، لو لم يخبرنا الله في كتابه أن له يداً ما قلنا ذلك، وأن له عيناً ما قلنا ذلك، وأن له نفساً ما قلنا ذلك، وأن له سمعاً ما قلنا ذلك، وذكر الصفات من العلم والكلام وغير ذلك.
وكان هذا آخر كلام في الصفات؛ من أجل أن تنتهي الجولة مع الجعد بن درهم.
قال: والله لا نقول إلا بما قاله الله في كتابه، وما قاله الرسول في سنته، فلا تسألني عن شيء بعد ذلك. ولما أقام الجعد بدمشق أظهر القول بخلق القرآن، أي: قال: هذا القرآن مخلوق وحادث، وأن الله لم يكن متكلماً فتلكم، ولم يكن عالماً فخلق لنفسه العلم، فعلم بعد أن كان غير عالم، وغير ذلك من بقية صفات المولى عز وجل التي يمكن أن يتصف بها المخلوق، من العلم والكلام والقدرة وغير ذلك، فطلبه بنو أمية لما أظهر القول بخلق القرآن، فهرب وسكن في الكوفة -مأوى الضلال- وفيها لقيه الجهم بن صفوان وأخذ عنه مذهبه في التعطيل -أي: تعطيل الصفات عن الله عز وجل، وتعطيل الذات أن تتصف بالصفات- وقال بقوله في القرآن.
الناحية العلمية عند الجهم بن صفوان
لم يكن الجهم من أهل الرواية للحديث، مع أن العصر الذي عاش فيه كان العلماء فيه متوافرين على تحمل الحديث وآثار الصحابة ومروياتهم، أي: أن العلم كان في قمة الانتشار والازدهار، لكنه ما طلب العلم يوماً ما، وما جلس العلماء السنة يوماً من حياته، وقد أعرض الجهم عن ذلك، وآثر علم الكلام والفلسفة على علم الحديث والسنة، ودائماً ننصح أبناءنا وتلاميذنا ألا يدخلوا أبداً كلية التجارة والتربية قسم الفلسفة والمنطق، أو علم الكلام أو غير ذلك، كما ننصحهم كذلك ألا يدخلوا قسم العقيدة، سواء في جامعة الأزهر أو في غيرها من الجامعات، أو الكليات المتخصصة كالآداب، بل ودار العلوم كذلك؛ لأنهم يعتقدون أن عقيدة الأشاعرة والماتريدية هي عقيدة أهل السنة والجماعة، مع أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة، ولا الماتريدية، فأهل السنة لهم خصائص وعلامات ومميزات يتميزون بها عن غيرهم، وقد دخلنا الأزهر ودرسنا عقيدة الأشاعرة فيه، ونافحنا عن عقيدة أهل السنة، وبيتنا أن هذه العقيدة الأشعرية ليست عقيدة أهل السنة والجماعة، والتي يدرسونها للطلاب على اعتبار أنها عقيدة أهل السنة والجماعة ما هي إلا خليط من عقيدة الأشاعرة والماتريدية، وهذا خلط للحقائق.
قال الذهبي : الجهم بن صفوان الضال المبتدع رأس الجهمية، هلك في زمان صغار التابعين، وما علمته روى شيئاً، لكنه زرع شراً عظيماً.
أي: زرع في الأمة شراً عظيماً. وقال عبد العزيز بن أبي سلمة : إن كلام جهم صفة بلا معنى، وبناء بلا أساس، ولم يعد قط من أهل العلم.
ومما يدل على جهله بأحكام الشريعة ما روي أن جهماً سئل عن رجل طلق قبل أن يبني بها، فقال: عليها العدة، فخالف كتاب الله تعالى بجهله، قال الله سبحانه: فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49].

نشأة الجهم وخروجه على بني أمية
أصل الجهم كان من مدينة بلخ، ثم انتقل منها إلى سمرقند وترمذ، ثم انتقل إلى الكوفة -ونزول شخص من أهل البدع في الكوفة فإنه يدل على أن الحرب ستبدأ من هناك ثم رجع إلى خراسان، وفي الكوفة التقى بشيخه الجعد بن درهم ، ولا يعرف عن نشأة الجهم شيء في أيام صغره، فلا هو من بيت علم، ولا من بيت صلاح ودين وتقوى وعبادة، وإنما كانت شهرة الجهم بعد ظهوره بآرائه، وقتاله لبني أمية مع الحارث بن سريج ، فقد كان الجهم قاضياً، وكاتباً، وخطيباً للحارث بن سريج الذي خرج على الأمير في دولة بني أمية في خراسان، وذلك في آخر دولة بني أمية، فكان الجهم يقرأ على الناس كتاباً فيه سيرة الحارث في الجامع والطرقات، فاستجاب له خلق كثير، ووقع القتال بين الحارث و نصر بن سيار أمير خراسان لبني أمية، فانهزم الحارث ومن معه، وأسر الجهم بن صفوان ؛ لأنه كان تبعاً للحارث ، وأحضر وأوقف بين يدي سلم بن أحوز والي الشرطة -أي: وزير الداخلية في هذه الأيام لدولة بني أمية- فقال له جهم : إن لي أماناً من أبيك، أي: إياك أن تقتلني أو تؤذيني فأنا صاحب أمان، فقال سلم : ما كان له أن يؤمنك -أي: ما كان لوالدي أن يؤمنك- ولو فعل ما أمنتك، ولو ملأت هذه الملاءة كواكب، وأنزلت عيسى بن مريم ما نجوت من يدي، والله لو كنت في بطني لشققت بطني حتى أقتلك، وأمر بقتله فقتل.
اسم وكنية الجهم بن صفوان
الجهمية تنسب إلى رجل يسمى: الجهم بن صفوان، وهو الذي أظهر هذا المذهب، ودعا إليه، وجادل من أجله، وتوسع في مسائله، حتى قال الإمام أحمد: إنه وضع دين الجهمية، وهذا يدل على أن أحمد عنده أن الجهمية لهم دين يختلف عن دين المسلمين، وإن كان هناك من الآراء التي دعا إليها الجهم قد سبق إليها، لكنه هو الذي أظهرها وتبناها وجمع لها الشبهات وغير ذلك، وقبل الحديث عن آرائهم نتعرف على مؤسس الجهمية. اتفق كل من ترجم للجهم أن اسمه: الجهم بن صفوان ، وكنيته: أبو محرز ، ويقال له: الراسبي ، فقد كان مولاً لبني راسب من الأزد.









 


آخر تعديل فقير إلى الله 2013-06-19 في 14:35.
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
الجهمية،الأشاعرة،البدع،, السلف الصالح


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:49

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc