![]() |
|
خيمة الأدب والأُدباء مجالس أدبيّة خاصّة بجواهر اللّغة العربيّة قديما وحديثا / مساحة للاستمتاع الأدبيّ. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() حياة الطفولة و لم أر فيما رأيت من عجائب الأشياء و غرائبها اغرب من تلك الصلة التي كانت بين هذين الطفلين الساذجين الطاهرين ، و لا أعجب من ذلك الامتزاج الذي بين روحيهما ، فإذا شكا بول شكت فرجيني لشكاته ، و إذا بكى لا يخفض عبرته ، و لا يسري حزنه إلا رأيتها باسمة بين يديه ، و كثيرا ما كانت تتألم بينها و بين نفسها لبعض الشؤون فلا يدل على ألمها و حزنها إلا بكاؤه و نشيجه ، فكانت إذا الم بها الم طوت عليه ضلوعها ، و كاتمته نفسها ، ضنا به أن تراه باكيا أو متألما. و ما جئت هنا مرة في شان من الشئون إلا رايتهما معا يحبوان ، أو يدرجان أو يتداعبان ، أو يتماسكان ، أو يستبقان إلى غاية ، أو يتخاطفان لعبة ، فلم يكن شيء من الأشياء بقادر على أن يفرق بينهما حتى ظلام الليل و وحشته ، فقد كان لهما مهد واحد ينامان فيه معا عاريين كعادة الأطفال في هذه الجزيرة ، و قد تلازما و تآخذا و توسد كل منهما ذراع صاحبه كأنما يخشيان أن يفرق بينهما حادث من حوادث الدهر. و كان أول ما نطقا به من الكلمات كلمتا الأخ و الأخت ، و هي كلمة جليلة جدا ما خلق الله في الكلم أجمل ، و لا أحلى ، و لا اشرف معنى ، و لا اطرب نغمة منها ، و يزيدها جمالا و حسنا صدورها من أفواه الأطفال الصغار كأنها عهد يأخذونه على أنفسهم منذ اليوم أن يكون كل منهما لصاحبه غدا ، أو كأنها راية السلام البيضاء يرفعونها على رؤوسهم ، و يلوحون بها في الآفاق. ثم أخذت تلك العلاقة الطفلية البسيطة تستحيل مع الأيام إلى صداقة جدية يشعر فيها كل منهما بحاجته إلى الآخر ، و إلى معونته و مساعدته ، فبدا يشتركان في خدمة المنزل و مناظرة شؤونه ، و معاونة أميهما فيما هما بسبيله من طلب العيش و معالجة القوت كل فيما هيأته طبيعته له. فلحقت فرجيني بالزنجية ((ماري)) تتعلم منها الطبخ و الغسل و النسيج و إعداد المائدة و تهيئة الفراش و خياطة الملابس و صنع السلال ، إلا أنها كانت تعنى بما يتعلق بأخيها بول قبل كل شيء ، و لحق بول بدومينج يعينه بفأسه الصغيرة التي كانت لا تفارق عاتقه على فلح الأرض و حرثها ، و تخطيطها و تقسيمها و تحويل مياهها ، و قلع حشائشها ، و تسلق رباها ، و تقليم أشجارها ، فإذا عثر في طريقه بزهرة جميلة ، أو فاكهة طيبة ، أو طائر في عشه ، أو حشرة في حفرتها ، أو سمكة ملونة ، أو محارة ظريفة ، احتفظ بها في جيبه ليقدمها هدية لفرجيني حين يعود إليها. و كانا على اختلاف شانهما و استقلال كل منهما بعمله عن عمل صاحبه على اتصال دائم ببعضهما ، فحيث وجدت فرجيني فقد وجدت بول معها ، أو على مقربة منها ، أو منحدرا إليها ، أو مشرفا عليها ، أو هاتفا بها ، ما من ذلك بد. و اذكر أني كنت منحدرا ذات يوم من قمة الجبل ، و كان الجو ماطرا مكفهرا ، فرأيت فرجيني مقبلة نحو المنزل من أقصى الحديقة ، و قد رفعت إزارها من خلفها و أسبلته على رأسها لتتقي به المطر المتساقط ، فهرعت إليها لأساعدها على المسير ، فلما دنوت منها رأيت أن ذلك الإزار الذي يضمها لا يضمها وحدها ، بل يضم معها أخاها بول ، فنظرا إلي ضاحكين متهللين كأنهما مغتبطان باهتدائهما إلى تلك الفكرة الجميلة التي استطاعا بها أن يلجآ من ذلك الغيث المنهمل إلى ظلة واحدة فذكرني منظرهما هذا و منظر رأسيهما الصغيرين المتلاصقان في ذلك الإزار بمنظر طفلي ((ليدا)) و قد حفرا معا في محارة واحدة. و كانت حياتهما بسيطة ساذجة لان ذهنهما كان بسيطا ساذجا خاليا من مشاغل الحياة المركبة و همومها ، فلا يفكران في شان غير شانهما و لا يسبحان في محيط غير محيطهما ، و لا ينتقلان بذهنهما من الحاضر إلى الماضي أو المستقبل و لا تترامى أبصارهما إلى ما وراء الأفق المحيط بهما ، كأنما يظنان أن العالم ينتهي حيث تنتهي جزيرتهما. و لقد أراحهما من عناء البحث و التفكير جهلهما و أميتهما و بعدهما عن هموم العالم و مشاغله ، فلم يقدر لهما أن يسهرا ليلهما فبكين على المذاكرة و المدارسة حتى يغلبهما النوم فيناما في مكانهما ، و لم يذرفا الدموع الغزار يوما من أيامهما أمام معضلة من معضلات العلم ، أو مشكلة من مشكلاته ، حتى تتقرح أجفانهما ، و لم يثر غيظهما و حنقهما عجزهما عن التغلب على خصومهما في ميدان المجادلة و المناظرة حتى تنشق مرارتهما غيظا و حنقا ، و ما شعرا في ساعة من ساعات حياتهما بحاجتهما أن يعرفا غير ما يعرفان ، لأنهما يعلمان أنهما ما خلقا إلا ليعيشا سعيدين هانئين ، و ها هي السعادة تظللهما بأجنحتها البيضاء ، و تتدفق بحرا زاخرا تحت أقدامهما ، و إلا ليؤديا واجب الحب و الإخلاص لذينك الشخصين الكريمين عليهما ، و ها هما يقومان بهذا الواجب بأفضل ما يقوم به عبد لسيده ، بل عابد لمعبوده. فما بهما من حاجة إلى من يعلمهما أن الكذب الحرام ، لأنهما يكذبان ، و لا أن السرقة جريمة ، لان جميع ما يقع تحت متناول يدهما ملك مشترك للجميع ليس احد أولى به من الآخر ، و لا أن الجشع رذيلة ، لان ما يشتمل عليه كوخهما بسيط محدود لا يحتمل جشعا و لا نهما ، و لا أن البر بالوالدين واجب ، لأنهما كانا يعبدان أميهما عبادة هي فوق البر و الإحسان ، و لا أن الصلاة فريضة ، لأنهما و إن لم يذهبا إلى الكنيسة إلا قليلا ، فقد كانا يصليان في كل ارض و في كل جو : في البيت و المزرعة ، و القمة و الرابية ، و السهل و الجبل ، و في بكور الأيام و أصائلها ، و أوائل الليالي و أواخرها. و كذلك أشرقت حياتهما الأولى إشراق الفجر المنير في صفحة الأفق مبشرا بيوم صحو جميلة و أخذت تمر بهما الأيام عذبة صافية جريان الغدير المترقرق على بياض الحصباء سواء ليلها و نهارها ، صباحها و مساؤها. و كان من شان فرجيني أن تستيقظ صباح كل يوم مبكرة و الطير لم يفارق وكره فتحمل جرتها و تذهب إلى نبع صاف كان على بعد مرحلة من المزرعة فتستقي منه ثم تعود فتجلس لتهيئة طعام الإفطار ، حتى إذا برزت الشمس من خدرها و أخذت تنفض بيدها غبار الظلام عن وجه الأرض ، و تمسح جبين الطبيعة المكتئب بريشة أشعتها الذهبية ، أقبلت مرغريت من كوخها هي و ولدها فتبادلوا جميعا تحية الصباح ثم اصطفوا لأداء الصلاة و بسطوا أيديهم إلى السماء ضارعين إلى الله تعالى أن يكلأهم بعين رعايته و يبسط عليهم جناح رحمته ، و أن يهيئ لهم من أمرهم رشدا ، فإذا انتهوا من صلاتهم خرجوا خارج الكوخ لتناول الطعام على مائدة من العشب الأخضر تحت ظلة دانية من الأغصان المتشابكة تتساقط عليهم قطع النور من فجواتها كأنها النثار الفضي اللامع. فكان اثر ذلك الغذاء الطبيعي البسيط تحت هذه السماء الصافية و فوق تلك الأرض الندية المخضلة عظيما في نمو الولدين و ترعرعهما ، و نظرة وجوههما ، و حلاوة ملامحهما ، فلم تبلغ فرجيني الثانية عشر من عمرها حتى استقام عودها ، و اعتدل قوامها و تهدل شعرها الأصفر اللامع على كتفيها كأنما قد نسج من خيوط الشمس ، و أضاءت عيناها الزرقوان بنور سماوي غريب كأنه قبس من النور الإلهي فان ابتسمتا كانتا كأنهما ثغران ضاحكان ، و إن قطبت سبحتا و حدهما في جو السماء ، حتى تتلقى زرقتهما بزرقتها. أما بول فقد كانت قامته أطول قليلا من قامة فرجيني ، و نظره احد من نظرها ، و انفه أكثر شمما من انفها ، و لونه اقرب إلى السمرة من لونها أي أن ملامحه كانت تذهب مذهب الرجولة في تكوينها و استدارتها و كانت تنبعث من عينيه نار من القوة و النشاط تكاد تلتهب التهابا لولا تلك الأهداب الندية الحافة بهما. و كان لا يزال ثائرا مهتاجا ما يهدا و لا يسكن حتى تقبل عليه فرجيني و تجلس بجانبه فإذا هو الطفل الصغير بساطة و سذاجة و وداعة و لطفا. و كثيرا ما كانا يجلسان معا صامتين هادئين ساعات طوال على ضفة نهر ، أو حافة ينبوع ، أو ربوة عالية أو قمة مشرقة و قد اضطجع كل منهما بجانب الآخر و مد قدميه العاريين فكأنهما تمثال رخامي عتيق من تماثيل أولاد ((بينلوب)) و كان حياتهما حياة الملائكة الأبرار في عالمها العلوي لا تشعر بحاجتها إلى الحروف و الكلمات في التعبير عن شعورها و إحساسها. و لم يتكلمان و قد قامت لهما نظراتهما المتمازجة و ابتساماتهما المتماوجة مقام الألسنة في نطقها و إفصاحها ، و لم يكن حبهما حبا صناعيا و لا متكلفا فيحتاجا إلى استدامته و استبقائه و تأريث ناره في قلبيهما بالملق و الدهان و التدليل و الترفيه و خلابة الألفاظ و سحر البيان ، لا بل لو سئل احدهما عن الحب و تعريفه و صفاته لما استطاع أن يجيب بشيء ، لأنه لا يفهم من الحب سوى انه حاجة إلى بقاء صاحبه بجانبه لا يفارقه ، و لا يغيب عن وجهه ، و لا يزيد على ذلك و لا ينقص شيئا ، و لقد استقر هذا الشعور في نفسيهما و ملك عليهما حواسهما و خوالجهما فلم يفكرا في تشخيصه و تحديده و استعراض صوره و ألوانه ، فكان أشبه شيء بالإيمان في قلوب العجائز ، و الإلهام في أنفس الحيوان ، و العبقرية في أذهان الخاملين المغمورين ، فهما ينعمان بحب هادئ لطيف لا جلبة فيه و لا ضوضاء ، و لا تجاذب و لا تآخذ ، و لا شكوى و لا عتاب ، و لا سهر و لا قلق و لا خوف من الطوارق ، و لا خشية من الفواجئ. إلا أن هيلين و قد رأت فتاتها تنمو و تترعرع و يتلألأ وجهها بتلك المحاسن الباهرة بدأت تفكر في أمرها و أمر مستقبلها ، و تقول في نفسها : ماذا يكون مصير هذه الفتاة المسكينة غدا إن عدت علي عوادي الدهر ، و فرقت المنية بيني و بينها ، و خلفتها هنا وحدها في هذه القفرة المجدبة بين هذه الخلائق الغريبة و حيدة منقطعة لا سند لها و لا معين ؟ و كانت لها في فرنسا عمة ثرية ثراء واسعا إلا أنها كانت امرأة متكبرة تياهة شديدة الذهاب بنفسها ، مدلة بجاهها و نفوذها مشردة في آرائها و أفكارها فنقمت عليها اشد النقمة لاتصالها بذلك الفتى الفقير الذي اختارته زوجا لها ، و اعتبرت حادثتها هذه نكبة من أعظم النكبات ، التي حلت بها و بأسرتها ، فأبت أن تغفر لها زلتها ، و أن تمد لها يد المعونة عندما عزمت إلى السفر إلى هذه الجزيرة ، و استهانت بدموعها و آلامها ، و ضراعتها و مناشدتها ، فسافرت و قد آلت على نفسها أن لا تلجأ إليها في شان من شؤون حياتها ما تردد لها نفس على وجه الأرض ، أما الآن و قد أصبحت أما يعنيها من أمر فتاتها ما يعني الأمهات من أمر فتياتهن ، فلم تر بدا من أن تحمل نفسها على ذلك المكروه الذي عافته برهة من الزمن ، فكتبت إلى تلك العمة القاسية كتابا طويلا أفضت إليها فيه بخواطر نفسها ، و وساوس قلبها ، و قصت عليها قصة حضورها إلى هذه الجزيرة ، و ما كان من وفاة زوجتها على اثر حضورها ، و حياتها الشقية التي كانت تحياها الآن من بعده وحيدة منقطعة لا ناصر لها و لا معين ، و ضلت تحدثها حديثا طويلا عن ابنتها و ما تخشاه عليها في مستقبل حياتها إن نشب بها ظفر جارح من أظفار الدهر ، و فرقت المنية بينها و بينها ، ثم قالت في ختام كتابها : ((إن كنت ترين أني لا أزال مذنبة بعد ذلك ، و أن تلك الدموع السخية التي رويت بها ثرى الأرض اثني عشر عاما لا تكفي لمحو زلتي من صحيفة أعمالي ، فارحمي هذه الفتاة المسكينة من اجلها لا من اجلي فهي حفيدة أخيك و غصن دوحتك ، و البقية من أسرتك )). لبثت تنتظر ردا على كتابها ، فلم يأتها ، فاتبعته بآخر ، ثم بآخر ، و ضرعت في ذلك ذراعة لم يكن مثلها ممن يهون على مثلها لولا عاطفة الأمومة و رحمتها ، حتى كانت سنة 1738 أي بعد قدومها هنا باثني عشر عاما و بعد مرور ثلاثة سنوات على قدوم مسيو ((دي لابور دنيه)) حاكما على الجزيرة إذ علمت أن ذلك الرجل يسال عنها ليسلمها كتابا و رد عليها من عمتها ، فاستطيرت فرحا و سرورا ، و علمت أن أيام شقائها قد انتهت ، و أن الله قد رحمها ، و رثي لبؤسها و شقائها ، و هرعت إلى ((بور لويس)) لمقابلته فدخلت عليه في ذلك الثوب البنغالي الخشن الذي اعتادت أن تلبسه في بيتها غير حافلة بشيء إلا تلك السعادة التي ستقدمها عما قليل لابنتها فاستقبلها الرجل استقبالا جافا خشنا ، و هي المرأة الشريفة الطاهرة التي تغضى العيون بين يديها إجلالا و إكبارا ، و البائسة المسكينة التي تهابها النفوس مرثاة لها و مرحمة لبؤسها و شقائها و لم يزد على أن أومأ إليها برأسه إيماءة خفيفة ، ثم تقدم نحوها بعظمة و كبرياء و أعطاها كتابها ، فاختطفته من يده و أنشأت تقرؤه بلهفة و سرور إلا أنها لم تقرا منه بضعة سطور حتى امتقع لونها ، و ارتعشت يدها ، و ترنحت في مكانها ترنح الشارب الثمل ، فقد كتبت إليها عمتها تؤنبها و تقرها تقريعا مؤلما مهينا ، و تشمت بها و بمصيرها ، و تقول لها : هذا جزاء تمردك و عصيانك و خروجك عن اهلك و قومك و انقيادك إلى شهوتك البهيمية و استرسالك فيها استرسالا دفع بك إلى أحضان ذلك الفتى الوضيع المهين الذي لا يليق به أن يحل سيور حذائك ، حتى جلبت على نفسك و على اهلك العار الذي لا يمحى ، و لقد أحسنت كل الإحسان بمغادرتك هذه البلاد و فرارك إلى تلك الجزيرة النائية المنقطعة لتدفني فيها نفسك و عارك إلى الأبد ، و ما موت زوجك ، و ولادة ابنتك و شقاء عيشك و الوساوس التي تعتلج في صدرك خوفا على فتاتك ، و على مستقبلها ، إلا عقوبة انزلها الله بك ليمحص عنك ذنوبك و يمهد لك سبيل غفران سيئاتك ، فاصبري ، و لا تجزعي ، حتى يقضي الله قضاءه فيك. ثم أنشأت تدل عليها بنفسها ، و تفاخرها بعفتها و طهارتها و ترفعها و إباؤها ، و أنها قضت أيام حياتها عانسا متبتلة ما تزلق بها شهوتها في هوة من تلك الهوى التي تزلق فيها أقدام النساء الجاهلات ، و لا تسلم قيادها إلى رجل من الرجال كائنا من كان ضنا بحريتها أن تعبث بها أيدي المطامع و الأهواء. و كانت كاذبة فيما تقول فهي امرأة ذميمة شوهاء غريبة الأطوار ، ليس لها من المزايا إلا ثروتها الطائلة ، و جاهها الواسع ، و مكانتها في البلاط الملكي ، و كان كبرياؤها الكاذب يأبى عليها إلا أن تتزوج من رجل من ذوي البيوتات العظيمة و الألقاب الضخمة ، و ليس بين هؤلاء جميعا من يرضى أن يبيعها نفسه بيعا مهما بلغ من رقة الحال ، و شظف العيش ، و لم يزل هذا شانها حتى تجاوزت سن الزواج و ضاعت بين سخافتها و كبريائها. ثم ختمت كتابها بقولها ((لا بد لك أن تعملي لنفسك ، فقد علمت انك في جزيرة صالحة للعمل و الاستثمار ، و أن جميع المهاجرين الذين يؤمونها يعودون منها بالثروة الطائلة و الربح الكثير ، على أنني قد كتبت إلى مسيو دي لابور دنيه حاكم الجزيرة أوصيه بك خيرا فاعتمدي عليه ، و على معونته ، و لا تكتبي إلي بعد اليوم)). و كانت صادقة في كلمتها هذه ، فإنها كتبت إلى ذلك الرجل كتابا توصيه بها فيه ، إلا أنها ملأته بذمها و ثلبها ، و الاستطالة عليها في عرضها و شرفها ، كأنها تلتمس لنفسها عذرا عنده في قسوتها عليها ، و عنفها بها و ضنها عليها بالمعونة و المساندة. فكان من أثر ذلك في نفسه أن ازدراها و احتقرها ، و تجهم لها حين رآها ثم ودعها بمثل ما استقبلها به ، لم يسألها عن شأن من شؤونها و لم يمنحها غير وعود كاذبة كان ينطق بها بلهجة جافة خشنة مملوءة ضجرا و مللا ، فكأنما أوصته بقتلها و القضاء عليها.
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() شكـــــرا علـــــى القصــــــــــة |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() شكرا على القصة الجميلة |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() بول و فرجيني (الفضيلة) من أروع ما قرأت... من اروع ما أسال دمعي.. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() شكـــــرا علـــــى القصــــــــــة
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() بارك الله فيك على الموضوع
|
|||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الطفولة, حياة |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc