مقال فلسفي:حول مصدر المعرفة .الدرس : المذاهب الفلسفية1
بناء المقال- المقدمة:
يحتاج الإنسان ليتفاعل معالعالم الخارجي إلى إدراكه وفهمه أي معرفته وهذه المعرفة تحتاج أدوات أو ما نسميهبمصدر المعرفة وفي تحديد المصدر اختلفت الآراء والمتجادلة بين المذاهب المختلفةفهناك من اعتبر التجربة الحسية أساس تنبع منه المعرفة، فهل يمكن الوثوق بهاواعتبارها مصدرا وحيدا؟
محاولة حل الإشكال:
عرض المواقف المتجادلة في مصدرالمعرفة.
القضية:
التجربة الحسية هي أساس كل معرفة فلا وجود لمعارف عقليةبالفطرة، هذا ما ذهب إليه التجريبيون أمثال "جون لوك، مل ، بيكون، دافيدهيوم"
المبرر: يولد العقل صفحة بيضاء لا ترد معارف الطفل إلى بعد احتكاكهبالعالم الخارجي.
النقيض: ولكن الحواس معرضة للخطأ فهي أحيانا مصدر لمعارفخاطئة.
نقيض القضية:
العقل وحده أساس لكل معرفة هذا ما ذهب إليه أغلبية أصحابالمذهب العقلي "ديكارت، مال برونش، سبينوزا"
الحجة: العقل يملك معارف قبليةمثل مبدأ البديهيات كما هو الشيء في البديهيات الرياضية.
النقيض: ولكن من أينللعقل هذه المعارف إدا لم تكن التجربة مصدرها.
التركيب:
تعتمد المعرفة فيتحصيلها على كل من التجربة والعقل فهي تركيبية وهذا ما يمثله الموقف النقدي "إمانويلكانت".
الخاتمة:
ما يهم الإنسان في علاقاته بالعالم الخارجي هو فهمهوإدراكه سواء كان هذا الفهم بالحواس أو بالتجربة أو بينهما معا، المهم أن تكون قائمةعلى أسس منطقية سواء توافقت مع الواقع أو مع مبادئ العقل.
إلى أي حد يمكن اعتبار الحقيقة مطلقة في الفلسفة ؟الدرس : الحقيقة الفلسفية والحقيقة العلمية طرح المشكلة: "احتمال وجود رأيين جدليين متناقضين"إن موضوع الحقيقة اتخذ وجها ت نظر متعددة من طرف الفلاسفة ، والمفكرين ، والعلماء. فهنالك من يرى أن الحقيقة مطلقة دون إدخال الذات ، وهنالك من يرى أن الحقيقة نسبية متغيرة حسب معرفة الذوات لها ، دون وجود طابع موضوعي أو خارجي ، ففي ظل هذا التعدد والتباين في فهم الحقيقة وإدراكها على حقيقتها الحقه ، يمكننا طرح تساؤلات عدة حول مشكلة الحقيقة في الفلسفة: إلى أي مدى يمكن إعتبار الحقيقة مطلقة دون وجود ما يسمى بالنسبية في الفلسفة ؟محاولة حل المشكلة:1- الأطروحة:إن مقياس الوضوح والبداهة والصدق واليقين هو أساس الحقيقة المطلقة للفلسفة ، ومن هؤلاء الفلاسفة والمفكرين نجد أمثال الفيلسوف الفرنسي "رينيه ديكارت" الذي يعتبر قطب رئيسي للفلسفة الحديثة ، ولقد فجر العصر الحديث بمقولته المشهورة: >>أنا أفكر إذن أنا موجود <<هذا الكوجيتو الذي يحمل حقيقة مطلقة في البديهيات الرياضية التي تعتبر ضرورية وواضحة بذاتها كقولنا مثلا في البديهيات ، أن الواحد أكبر من الجزء أو أن اثنان ضعف الواحد وأن 1+1=2 ، وفكرة البداهة والوضوح لدى ديكارت لم تظهر لهذا الوجود إلا إذا تبين أن ذلك الشيء البديهي حق وعدم التقيد بالأفكار السابقة ، وفكرة الوضوح لن تتأتى إلا بالشك المنهجي المنظم الذي يحقق نتائج صحيحة وواضحة دون شك هدام بمعنى دون الشك من أجل الشك ، بل الشك الذي هو في حد ذاته تفكير ، وفي هذا المقام يتحصل ديكارت على الحقيقة المطلقة عن طريق ما يسمى البداهة والوضوح وذلك وفق وضوح التفكير ، وهنالك إلى جانب هذا الرأي وهو رأي الفيلسوف الهولندي: "باروخإسبنوزا" الذي يرى بأنه ليس هناك معيار للحقيقة خارج عن الحقيقة ، بل مجمل الحقيقة كلها تتجلى في فكرة الصدق حيث أن النور يكشف عن نفسه وعن الجهل ، وكذا العدل يكشف عن نفسه ومعيار الكذب ، وكذا الخير يكشف عن نفسه وعن الشر ، هذا ما نفهمه من خلال الفيلسوف اليوناني سقراط حينما أراد تجسيد العدالة في المجتمع ، حينما حارب السفسطائيين في قضية مطلقة الأخلاق حيث اعتقدوا أنها ذاتية وخاصة ، وخاصة فكرة العدالة والتي من أجلها مات عن طريق الإعدام. في هذا المقام تكمن الحقيقة المطلقة دون منازع.2- نقيض الأطروحة:حقيقة إن الحقيقة المطلقة تتجلى في الوضوح ، والبداهة ، والصدق ، واليقين ، والثبات وما هو دائم سرمدي ، ولكن هناك من عارض معارضة شديدة هذا الطرح للحقيقة ، وأعطى بديلا فلسفيا يتجلى في الحقيقة النسبية. وفي هذا الموقف النقيض هناك فلاسفة أمثال "بيرس شارل" الذي يرى أن الحقيقة نسبية وذلك من خلال فكرة النفع أي المصلحة من خلال أي فعل أو سلوك من أي إنسان وجب أن يترجمه العمل والتطبيق وفي هذا الصدد يقول "بيرس": "إن تصورنا لموضوع ما هو تصورنا لما قد ينتج من هذا الموضوع من آثار عملية لا أكثر" ، ومعنى هذا القول أن المعارف الصحيحة إنما تقاس بالنتائج التي تترتب على طبيعتها في الواقع وإن حققت لنا نتائج إيجابية ملموسة كانت صحيحة ، وإذا لم تحقق ذلك كانت خاطئة ، وهناك أيضا "وليام جيمس" الذي يقول: "إن كل ما يؤدي إلى النجاح فهو حقيقي" وأيضا يقول: 'الحق ليس التفكير الملائم لغاية" ، ومعنى هذا القول عند جيمس هو أن الحق عندما يكون حقا إلا إذا كانت مصلحة ما دون وجود غايات ، لأن لو كانت هناك غاية لأصبحت الحقيقة مطلقة ، وهذا غير موجود في البرغماتية ويضيف "جيمس" مبينا بأن العدد (27) بإمكان إحتمال وجود هذا العدد بهذه الصورة باحتمالات عدة ، فبإمكان أن يكون مكعب العدد (3) ، أو حاصل ضرب (9×3) ، أو حاصل جمع (26+1) ، أو باقي طرح(73) من (100) أو بطرق لا نهاية لها ، وهذا بإمكاننا القول بأنها احتمالات صادقة وذلك حسب ما نضيفه نحن إلى العالم لأنه من صنعنا نحن ، أي من ذواتنا دون وجود حقيقة مطلقة ، بل هناك حقيقة نسبية وكما نجد "جون ديوي" الذي يرى أن التفكير يعتبر أداة أو وسيلة نلجأ إليها كلما صادفتنا مشكلة تعترض سبيلنا ، وذلك عن طريق حل هذه المشكلة عن طريق إبتكار الوسائل الضرورية وتجاوز المواقف المعقدة ، وهنا بالضبط الحقيقة النسبية ، لأنه لا تحصل دفعة واحدة ، بل تنمو وتتطور وتتراكم بالعمل والتجارب. 3- التركيب: إن الحقيقة ليست واحدة بل هناك حقائق تتجلى في الحقيقة المطلقة حسب ما هي موجودة في فكرة الوضوح والبداهة عند العقلانيين ، والحقيقة النسبية التي تؤسسها المنفعة و المصلحة عند البرغماتيين ، ولكن كلا من الوضوح والنفع يحكمها معيار نسبي أي أنه متغير غير ثابت ، لأن معيار الحقيقة في منطق الوضوح والنفع كلاهما نسبي غير مطلق. حل المشكلة: "الفصل في المشكلة المتجادل فيه"إن معيار الحقيقة في الفلسفة من جهة الوضوح والنفع ليس بالإطلاق ، بل بنوع من النسبية والتغير ، لأن الحقيقة المطلقة تتواجد في الحقائق الرياضية والعلمية والفيزيائية نتيجة معيارها التجريبي ، غير شأن الحقيقة في الفلسفة.
الطريقة :جدلية الدرس : الرياضيات والمطلقية1الإشكال:هل ترى أن المفاهيم الرياضية في تطورها نابعة من التجربة أم من العقل ؟ لقد انقسم المفكرون في تفسير نشأة المفاهيم الرياضية إلى نزعتين ،نزعة عقلية أو مثالية يرى أصحابها أن المفاهيم الرياضية من ابتكار العقل دون التجربة ،ونزعة تجريبية أو حسية يذهب أنصارها إلى أن المفاهيم الرياضية مهما بلغت من التجريد العقلي فإنها ليست من العقل في شي وليست فطرية ؛بل يكتسبها الإنسان عن طريق تجاربه الحسية فما حقيقة الأمر ؟فهل المفاهيم الرياضية في نموها انبثقت من التجربة أم من العقل ؟ يرى أصحاب الاتجاه المثالي أو العقلي أن المفاهيم الرياضية نابعة من العقل وموجودة فيه قبليا فهي توجد في العقل قبل الحس أي أن العقل لم يفتقر في البداية إلى مشاهدة العالم الخارجي حتى يتمكن من تصور مفاهيمه وإبداعها وقد كان على رأس هذه النزعة أفلاطون الذي يرى أن المعطيات الأولية الرياضية توجد في عالم المثل فالخطوط والأشكال والأعداد توجد في العقل وتكون واحدة بالذات ثابتة وأزلية يقول أفلاطون(إن العلم قائم في النفس بالفطرة والتعلم مجرد تذكرله ولا يمكن القول أنه اكتساب من الواقع المحسوس)؛فهو يرى أن المفاهيم الرياضية لا ندركها إلا بالذهن وحده ،فالتعريفات الرياضية مجالها ذهني ولا تتحقق إلا بواسطة العقل دون حاجة إلى المحسوسات فالتعريفات للحقائق الرياضية واحد لا يتغير واضح متميز وعلى شاكلة هذا الطرح ذهب ديكارت إلى أن الأعداد والأشكال الرياضية أفكار لا يجوز فيها الخطأ وفي هذا يقول (إنها ما ألقاه الله في الإنسان من مفاهيم)أي بمعنى المفاهيم الرياضية ويؤكد مالبرانش من جهته ذلك حيث يقول(إن العقل لا يفهم شيئا ما إلا برؤيته في فكره اللانهائي التي لديه وأنه لخطأ خالص أن تظن ما ذهب إليه فلاسفة كثيرون من أن فكره اللانهائي قد تكونت من مجموعة الأفكار التي تكونها عن الأشياء الجزئية بل العكس هو الصحيح ،فالأفكار الجزئية تكتشف وجودها من فكره اللانهائي كما أن المخلوقات كلها تكتسب وجودها من الكائن الإلهي الذي لا يمكن أن يتفرع وجوده عن وجودها )إننا فيم يقول لم نخلق فكرة الله ولا فكرة الامتداد بكل ما يتفرع عنها من حقائق رياضية وفيزيائية فقد جاءت إلى عقولنا من الله و يمكن أن نضم كانط إلى هذه النزعة رغم أنه كان يقصد التركيب بين التفكير العقلي والتفكير الحسي فهو يرى أن الزمان والمكان مفهومان عقليان قبليان سابقان لكل معرفة تجريبية ويؤطرانها وهم يرون أن هذه الحقائق تدعم نظرتهم وهي كالتالي :إن الملاحظة لا تكشف لنا على الأعداد بل على المعدودات كذلك أن المكان الهندسي الذي نتصوره على شكل معين يشبه المكان الحسي الذي نلاحظ بالإضافة إلى أن الخط المستقيم التام الاستقامة لا وجود له كذلك بعض القوانين كالعلاقات بين الأشكال كما أن الكثير من المعاني الرياضية مثل 0.7 لا ترجع إلى الواقع المحسوس . إن القول بهذا الرأي لم يصمد للنقد ذلك أنه مهما تبدو المعاني الرياضية مجردة فإنه لا يمكن القول بأنها مستقلة عن الواقع الحسي وإلا فكيف نفسر الاتجاه التطبيقي للهندسة لدى الشعوب القديمة خاصة عند الحضارات الشرقية في استخدامها الطرق الرياضية في الزراعة والحساب وهذا ما يدل على ارتباط الرياضيات أو التفكير الرياضي بالواقع . وعلى عكس الرأي السابق نجد أصحاب المذهب الحسي أو التجريبي مثال جون لوك *دافيد هيوم* جون ستورات مل يرون أن المفاهيم الرياضية في رأيهم مأخوذة-مثل جميع معارفنا- من صميم التجربة الحسية ومن الملاحظة العينية ،فمن يولد فاقدا لحاسة فيما يقول هيوم لا يمكن بالتالي أن يعرف ما كان يترتب على انطباعات تلك الحاسة المفقودة من أفكار فالمكفوف لا يعرف ما اللون والأصم لا يعرف ما الصوت ،إن الانطباعات المباشرة التي تأتينا من العالم الخارجي هي بمثابة توافد للأفكار ومعطيات للعقل ،ونجد جون ستوارت ميل يرى (أن المعاني الرياضية فيما يقول والخطوط والدوائر التي يحملها كل واحد في ذهنه هي مجرد نسخ من النقط والخطوط والدوائر التي عرفها في التجربة ) ،وهناك من الأدلة والشواهد من الواقع النفسي ومن التاريخ ما يؤيد هذا الموقف ،فعلم النفس يبين لنا أن الأعداد التي يدركها الطفل في بادئ الأمر كصفة للأشياء ولكنه لا يقوى في سنواته الأولى على تجريدها من معدوداتها ثم أنه لا يتصور إلا بعض الأعداد البسيطة فإذا ما زاد على ذلك قال عنه (كثير ) فمثلا لو أعطينا طفل ثلاث حبات زيتون وأعطينا بالمقابل أخاه الأكبر خمس حبات فنلاحظ أن الطفل الصغير يشعر بضيق كبير لأنه يرى أن حصته أقل من حصة أخيه لكن حكمه لا يستند إلى أن حصة أخيه الأكبر تفوقه بـ (2) لأن هذه العملية تتطلب منه النظر إلى كمية الزيتون باعتبارها وحدات مجردة من منافعها ثم طرح مجموع الوحدات التي لديه من مجموع الوحدات التي كانت من نصيب أخيه وهذه العملية ليس بوسع الطفل القيام بها في مرحلته الأولى ،كذلك أن الرجل البدائي لا يفصل هو الآخر العدد عن المعدود فقد كان يستخدم لكل شيءكلمة خاصة به فمثلا العدد(2) يعبر عن جناحي الطير والعدد (4) يعبر عن قدمي الطير وقد كان لليد تأثير كبير في الحساب حتى قال أسبيناس أنها أداة الحساب ،إذن فالمفاهيم الرياضية بالنسبة لعقلية البدائي والطفل لا تفارق مجال الإدراك الحسي وكأنها صفة ملامسة للشيءالمدرك كالطول والصلابة .أما من التاريخ فتاريخ العلوم يدلنا على أن الرياضيات قبل أن تصبح علما عقليا قطعت مرحلة كلها تجريبية ودليل ذلك أن العلوم الرياضية المادية هي التي تطورت قبل غيرها فالهندسة كفن قائم بذاته سبقت الحساب والجبر لأنها أقرب للتجربة ويظهر أيضا أن المفاهيم الرياضية الأكثر تجريدا أخذت نشأتها بمناسبة مشاكل محسوسة مثل تكعيب البراميل وألعاب الصدفة التي عملت على ظهور حساب الاحتمالات . إنه لمن الواضح أن العلم لا يجد أية صعوبة في تطبيق هذه المعاني ولكن هذا لا يعني أن ننكر دور العقل في تحصيل هذه المعاني ولهذا ظهر الاتجاه التوفيقي بين الطرفين . إن الخطأ الذي وقع فيه المثاليون والتجريبيون هو أنهم فصلوا العقل عن التجربة والحق أنه لا وجود لعالم مثالي أو عقلي ولأعداد وأشكال هندسية تتمتع بوجود لذاتها مثل الأفكار الأفلاطونية والقوالب الكانطية القبلية ونجد جون بياجي الذي يرى أن للعقل دورا إيجابيا ذلك أن عملية التجريد واكتساب المعاني عمل عقلي ويرى في المقابل أن العقل لا يحمل أي معاني فطرية قبلية بل كل ما فيه قدرة على معرفة الأشياء وتنظيمها ويرى كذلك جون سارتون أن العقل لم يدرك المفاهيم الرياضية إلا من جهة ارتباطها بلواحقها المادية ولكنه انتزعها بالتجربة من لواحقها حتى أصبحت مفاهيم عقلية بحتة ،وأيضا نجد بوانكاري يقول (لو لم يكن في الطبيعة أجسام صلبة لما وجد علم الهندسة فالطبيعة في نظره بدون عقل مسلط عليها لا معنى لها يقول أحد العلماء الرياضيين (إن دراسة معمقة للطبيعة تعد أكثر المنابع إثمارا للاكتشافات الرياضية) لا شك أن التجربة كانت في البداية منطلق التفكير الرياضي ومنهله ولكن منذ ذلك العهد أصبح من الصبياني طرح مشكلة أسبقية العقل أو التجربة في نشوء هذا التفكير لأن هذا التفكير الرياضي تطور بصفة مستقلة نحو النطاق أو المملكة العقلية الخالصة ،رغم الفارق الذي يظهر بين التجربة من جهة والمجرد العقلي من جهة أخرى فإن اللغة الرياضية تبقى نافعة جدا في معرفة العالم المحسوس معرفة علمية .
السؤال : هل ترى أن المفاهيم الرياضية نابعة من التجربة أم العقل ؟الدرس : الرياضيات والمطلقية3طرح المشكلة:باعتبار أن الرياضيات علم من العلوم التجريدية التي تتعلق بالمقادير الكمية ، والتي تبحث في الرموز المجردة ومجالها التصور العقلي البحت ، أثيرت تساؤلات عدة في شأن أصل الرياضيات ومصدرها ، فهناك من ردها إلى التجربة وهناك من أرجعها إلى العقل ، في ظل هذا النزاع يمكننا طرح التساؤلات التالية: هل أصل الرياضيات التجربة أم العقل؟أو بعبارة أخرى: هل أصل الرياضيات عقلي خالص لا صلة لها بالواقع الحسي؟محاولة حل المشكلة:1- الأطروحة:إن أصل الرياضيات عقلي خالص حسب ما يراه الفلاسفة العقليين المثاليون أمثال الفيلسوف اليوناني "أفلاطون" الذي يقول: "إن المعرفة تذكر" ، وما نفهمه من هذا التعريف حسب أفلاطون هو أن كل المعارف بمختلف أشكالها تذكر ، حيث أن الإنسان عندما كان في عالم المثل عرف هذه المعرف ومنها الرياضيات ، ولكن عندما جاء إلى عالم الواقع المادي نسي تلك المعرفة ولكن سرعان ما يدركها بالذهن وحده دون أي واسطة من وسائط المعرفة ، وما أكده أفلاطون كذلك على أن التعريفات الرياضية مجالها ذهني ولن تتحقق إلا بواسطة العقل دون المعرف الأخرى ، وكما أوضح لنا أفلاطون على أن التعريفات الرياضية طبيعتها أنها أزلية وثابتة لن تتغير لأن لها سبق مثالي على ملامسة هذه التعريفات للواقع الخارجي. وإلى جانب أفلاطون هناك الفيلسوف الفرنسي قطب الفلسفة الحديثة ومفجر ثورة العقلانية إنه " روني ديكارت " الذي حاول أن يوضح لنا أن الرياضيات نابعة من أفكار فطرية شأنها شأن فكرة الله ، ومعنى هذا أن الرياضيات تأسست بفعل العقل وذلك أنها بعيدة عن مجال الملموس الخارجي ، وفي هذا المقام يقول ديكارت : إن العقل أعدل قسمة بين الناس وما نفهمه من هذا القول هو أن الناس جميعا يشتركون في هذه الملكة المعرفية والتي بها يصلون إلى مبتغاهم ، وبالإضافة إلى هذا الفيلسوف نجد الفيلسوف الفرنسي أيضا "مالبرانش" الذي يرى بأن الأفكار الرياضية وكل المعارف جاءت من عند الله ، وذلك بفعل العقل دون وسائل معرفية أخرى ، وكما يؤكد قطب الفلسفة النقدية " إيمانويل كانط " على أن أساس الرياضيات يتجلى في القضايا العقلية التي تفرض نفسها على العقل ، وهي معرفة كلية ، ولقد أسماها "كانط" بالمعارف الأولية التي لا تعني الأفكار الفطرية كما عند "ديكارت " بل أن هذه المعارف الأولية بمثابة شروط ضرورية قائمة في الذهن ، ولقد ركز "كانط" على فكرتي الزمان والمكان على أنهما مفهومان مجردان عن العالم الخارجي . 2- نقيض الأطروحة : على عكس ما طرحه الفلاسفة العقلانيين على أن أصل الرياضيات هو العقل ، هناك رأي مضاد يرى أن أصل الرياضيات هو التجربة ومن هؤلاء الفلاسفة الحسيين التجريبيين نجد الانجليزي " جون لوك " الذي رد على ديكارت بأنه لا وجود للمعاني الفطرية في النفس لأن الأطفال والبله والمتوحشين لا يعرفونها وهذا قوله : " إن الطفل يولد صفحة بيضاء تكتب فيه التجربة ما تشاء ؛ ومعنى هذا ومعنى هذا القول أن المعرفة الرياضية أو أي معرفة أخرى إنما تكتسب من الواقع الحسي ، وهناك أيضا الفيلسوف الفرنسي " كوندياك " الذي يرى بأن الإحساس هو المنبع الذي تنبجس منه جميع قوى النفس ، وأيضا يؤكد "دافيد هيوم" على أن جميع معارفنا مستمدة من التجربة ، لأن العقل بدون تجربة لا يساوي شيء ، فتكمن المعرفة الرياضية هي المعرفة الخارجية ، وكما يؤكد الفيلسوف الإنجليزي "جون ستيوارت ميل" الذي يرى أن الرياضيات هي علم الملاحظة كما يرى جل الوضعين المعاصرين ، وكما يوضح أن النقط والخطوط والدوائر قبل أن تكون عقلية كانت تجريبية أي أنها "مجرد نسخ" ، وكما أن تاريخ العلوم يشهد على أن الرياضيات قبل أن تكون عقلية كانت تجريبية ، وذلك من خلال الحضارات الشرقية القديمة التي مارست الرياضيات ممارسة عملية قبل أن تكون نظرية ، وذلك في تنظيم الملاحة والفلاحة والري. 3- التجاوز:إن هذا الرأي التجاوزي يرى أصحابه على أنه لا وجود للعقل دون الأشياء المحسوسة دون العقل. بل هناك تلازم وترابط وظيفي بينهما والذي يتزعم هذا الإتجاه التجاوزي العالم النفساني السويسري "جان بياجي" الذي يرى أن الرياضيات عبارة عن نشاط إنشائي وبنائي يقوم به العقل ويعطي التجربة صورتها ، وخلال ذلك يتهيل هذا النشاط في حد ذاته ، بمعنى أن العقل لا يحتوي على أطر مسبقة بل فيه القدرة على الإنشاء وفي هذا المقام يقول جورج سارطون: "إن الرياضيات المشخصة هي أولى العلوم الرياضية نشوءا فقد كانت في الماضي تجريبية... ثم تجردت من هذه التأثيرات فأصبحت علما عقليا". ومعنى هذا القولعند سارطونهوأن معاني الرياضيات قبل أن تكون عقلية محضة كانت حسية واقعية وذلك وفق منطق التدرج و التمرحل من مرحلة الملموس إلى مرحلة التعقل المجرد.وفي هذا الطرح التجاوزي هناك أيضا قول الفيلسوف الفرنسي "بوانكريه" الذي يقول: "لو لم يكن في الطبيعة أجسام صلبة لما وجد علم الهندسة ، ولكن الطبيعة بدون عقل مسلط عليها لا معنى لها". ومعنى هذا القول هو أن علم الهندسة ولد من خلال الأجسام الموجودة في الطبيعة ، و وجود طبيعة بكل أشكالها المتعددة بدون وجود عقل دارس ومعمق لها لن تساوي شيء في هذا الكون. حل المشكلة:حقيقة إن التجربة كانت المنطلق إلى التفكير الرياضي ، ولكن من هذا المنطلق تجردت الرياضيات تجريدا بعيدا عن الواقع الحسي ، ولهذا فاللغة الرياضية تبقى هي الأساس في معرفة العالم المحسوس. السؤال: قارن بين المعرفة الرياضية والمعرفة التجريبية.الدرس : الرياضيات والمطلقية4طرح المشكلة: إن التطور الذي عرفته العلوم التجريبية في العصر الحديث بفضل تطبيقها المنهج التجريبي مكنها من الوقوف على النتائج المتصفة بالرمزية والدقة على غرار ما في الرياضيات. والإشكال الذي يتحدد حول ذلك هو : فما العلاقة بين الدقة في الرياضيات والدقة في العلوم؟ أو بعبارة أخرى :ما هي أوجه المقارنة بين الرياضيات والعلوم التجريبية؟محاولة حل المشكلة :1- أوجه الاتفاق : كل من والرياضيات العلوم التجريبية تشترك في : · التعبير الرمزي عن القضايا. · الدقة من حيث النتيجة (استخدام الكم). · الابتعاد عن التفسيرات الميتافيزيقية والذاتية. 2- أوجه الإختلاف: ومن خلال الخصوصيات لكل واحدة من المعرفتين السابقتين الذكر ، فإننا نجد فارقا بينهما تتمثل عناصره في : ü موضوع الرياضيات مجرد ؛ فيما أن العلوم التجريبية موضوعها حسي . ü المنهج استنتاجي في الرياضيات. وتجريبي في العلوم التجريبية. ü نتائج الرياضيات دقيقة يقينية وهذا بخلاف العلوم التجريبية التي تتصف نتائجها بالدقة النسبية. 3- بيان التداخل: العلوم التجريبية استمدت نجاحها من : 1. استعمال اللغة الرياضية الكمية وإبعاد الكيف. 2. اعتماد الفيزياء المعاصرة على منهج الرياضيات الذي هو منهج أكسيومي. 3. الفيزياء المعاصرة رجحت مفهوم ريمان للمكان على باقي التصورات الأخرى. حل الإشكالية :الخاصية الوظيفية للمعرف تفرض ترابطا بين الرياضيات والعلوم التجريبية ، فالتطور الحاصل في مجالات العلوم والسعي إلى الدقة في نتائجها جاء بعد توظيف الرياضيات. السؤال:الدرس : العلوم التجريبية والعلوم البيولوجية1بماذا تتميز الملاحظة العلمية عن الملاحظة العادية؟المقدمة: الإشكال: يبدو أن العلم أو على الأصح العالم يستخدم حواسه في البحث مثله مثل الرجل العادي خاصة حاسة البصر ووظيفة الحواس هي الملاحظة ، لكن ما هي الفروق التي تميز بين ملاحظة الرجل العادي وملاحظة العالم؟ الاتفاق:كلاهما الملاحظة العلمية والملاحظة العادية قائمة على استخدام الحواس وكلاهما منصبة على موضوع ما خارجي. فالرجل العادي والعالم كلاهما تستوقفهما بعض القضايا التي تلفت الانتباه يوميا مثلا حوادث السيارات ، مشاكل السوق كلا الملاحظتين تصدران عن شخص معين. الإختلاف:الإختلاف بين ملاحظة العالم وملاحظة الرجل العادي كبير فالملاحظة العلمية هي أولا ملاحظة منهجية ونعني بالملاحظة المنهجية هي ملاحظة مقصودة لها هدف محدد ووسائل. هي ملاحظة إشكالية أي قائمة حول إشكال ما ، وكونها ملاحظة إشكالية هذا ما يعطيها الطابع الإرادي القصدي الواعي ويتمثل في الانتباه الطويل مثل ملاحظة علماء الفلك يقضون الليل على طوله مشدودين وراء المنظار ، والإشكالية هنا في عالم الكواكب والمجرات والنجوم. هي ملاحظة مسلحة تستخدم فيها مختلف الأدوات التقنية و التكنولوجية والإلكترونية الممكنة حسب نوع الظاهرة ، يستخدم المنظار الفلكي في الملاحظة الفلكية ، والمجهر الإلكتروني في مجال الذرة والخلية إلخ .... هي ملاحظة يساهم فيها العقل والحواس معا ويتدخل العقل عن طريق الذكاء وعن طريق المعرفة المكتبية حول الظاهرة من أجل تفسيرها مؤقتا. الترابط:لا تداخل بين الملاحظتين العلمية والعادية فالملاحظة العلمية هي ملاحظة مخبرية قائمة على أساس المنهج لها غاية وهدف بينما الملاحظة العادية ملاحظة عابرة خاضعة للصدفة ولا يمكن للرجل العادي أن يرى في الظاهرة ما يراه العالم من خلال معرفته بتاريخها وبقوانينها. تختلف الملاحظة العلمية عن الملاحظة العادية كما وكيفا.
السؤال : دور الفرضية في المنهجالتجريبي؟ الدرس : العلوم التجريبية والعلوم البيولوجية2
الأسئلة: -هل يمكن الاستغناء عنالفرضية؟-هل للفكرة المسبقة دور في الملاحظة والتجربة؟-هل أساس العلم العقل أمالتجربة؟-هل للاستنتاج دور في بناء العلم؟
i- المقدمة: تنطلق الدراسات العلمية علىاختلاف مضمونها ومنهجها من مرحلة البحث حيث تحرّك العلماء أسئلة وإشكالات محيّرةتقودهم إلى مرحلة الكشف من خلال بناء ملاحظات واستنتاجات مختلفة غير أن مكانةالفرضية في المنهج التجريبي عرفت جدالا كبيرا بين الفلاسفة والعلماء فالمشكلةالمطروحة:هل يمكن الاستغناء عن الفرضية؟1 ii- / الرأي الأول(الأطروحة): ترى هذه الأطروحةالموقف العقلي أن الفرضية نقطة انطلاق ضرورية لكل بحث تجريبي وهي من حيث المفهوممجهود عقلي يستهدف الخروج من الإشكالية التي تطرحها الملاحظة وحجتهم أن الاكتشافاتالعلمية أساسها العقل في ليست مجرد تجميع للملاحظات والتجارب, عبّر عن هذه الأطروحة"كلود برنارد" قائلا {ينبغي أن نطلق العنان للخيال فالفرضية هي مبدأ كل برهنة وكلاختراع إنها تنشأ عن نوع من الشعور السابق للعقل}, ومن الأمثلة التي تبين دورالفرضية في بناء العلم أن "باستور" ربط ظاهرة التعفن بالجراثيم رغم عدم رؤيته لهاو"فرانسوا أوبير" كان عالما كبيرا لم تمنعه إعاقته البصرية من تخيل التجارب الصحيحةلأنه عوض فقدان البصر بقوة الحدس العقلي وبقدره على وضع فرضيات صحيحة, كل ذلك دفع"بوانكريه" إلى القول {إن التجريب دون فكرة سابقة غير ممكن لأنه سيجعل كل تجربةعميقة} والفرضية لها أهمية بعيدة المدى من حيث قدرتنا على إثارة الملاحظات والتجاربوكذا رسم الأهداف وتجاوز العوائق قال "ميدوار" في كتابه [نصيحة إلى كل عالم شاب] {على الباحث أن يستمع دوما إلى صوت يأتيه من بعيد-صوت الفرضية- يذكره بسهولة كيفيمكن أن يكون}. Iii- نقد:إن هذه الأطروحة تتجاهل أن الفرضية من خلال اعتمادها على الخيالقد تبعدنا عن الواقع وتدخلنا في متاهات يصعب الخروج منها.2 iv- /الرأي الثاني(نقيضالأطروحة): ترى هذه الأطروحة الموقف التجريبي أن المنهج التجريبي هو المنهجالاستقرائي القائم على الملاحظة والتجريب ولا مكان فيه للفرضية, وحجتهم أن الفرضيةتقوم على عنصر الخيال والخيال يبعدنا عن الواقع, تجلت هذه الأطروحة في نصيحة"ماجندي" إلى أحد تلاميذه {أترك عباءتك وخيالك عند باب المخبر} وتعمقت أكثر فكرةاستبعاد الفرضية على يد الإنجليزي "جون ستيوارت مل" الذي وضع قواعد الاستقراء[قاعدة الاستقراء- قاعدة الاختلاف- قاعدة البواقي- قاعدة التلازم في التغير] ومنالأمثلة التي توضح قاعدة الاتفاق البحث الذي قام به العالم "ويلز" حول أسباب تكوّنالندى حيث لاحظ أن الندى يتكون على المرآة عند تقريبها من الفم, وعلى زجاج النوافذفي الشتاء ..... وأرجع ذلك إلى انخفاض حرارة الأجسام مقارنة مع درجة حرارة الوسطالخارجي, قال "ستيوارت مل" {إن الطبيعة كتاب مفتوح لإدراك القوانين التي تتحكم فيهاما عليك إلا أن تطلق العنان لحواسك} ورأى "أوجست كونت" أن الطريقة العلمية تختلف عنالطريقة الفلسفية فهي ليست بحاجة إلى التأويل العقلي بل إلى الوصف من خلال إجراءالتجارب وهذا ما أكد عليه "أرنست ماخ" قائلا {المعرفة العلمية تقوم على إنجاز تجربةمباشرة}. V- نقد:هذه الأطروحة تتجاهل أن طرق الاستقراء لا يمكن أن تعوّض الفرضية نظرالطابعها الحسي, بينما القانون العلمي إبداع. Vi- /التركيب: العلم ضرب من المعرفةالممنهجة فهو يدرس الظواهر المختلفة من أجل الكشف عن قوانينها وتاريخ العلم يؤكد أنأهم النظريات العلمية وضعها أصحابها بالاعتماد على الفرضية [نيوتن مثلا يضع بحثهنصب عينيه وكان كثير التأمل] من هذا المنطلق الفرضية لازمة ومشروعة قال "كانط" {ينبغي أن يتقدم العقل إلى الطبيعة ماسكا بيد المبادئ وباليد الأخرى التجريب الذيتخيله وفق تلك المبادئ} فالطرق الاستقرائية التي وضعها "ستيوارت مل" غير كافية نظرالطابعها الحسّي فهي بحاجة إلى قوة الحدس العقلي قال "غاستونباشلار" {إن التجربةوالعقل مرتبطان في التفكير العلمي فالتجربة في حاجة إلى أن تفهم والعقلانية في حاجةإلى أن تطبق} فالفرضية ضرورية لا يمكن استبعادها من المنهج التجريبي.vii- الخاتمة: ومجمل القول أن المعرفة العلمية يتكامل فيها الموضوع والمنهج وعلى حد تعبير "جونالمو" {العلم بناء} غير أن خطوات المنهج العلمي لم تكن مسألة واضحة المعالم بل غلبعليها الطابع الجدلي فالموقف العقلي مثلا تمسّك بالفرضية فالعلم عندهم إبداعوالإبداع في حاجة إلى الخيال, على النقيض من ذلك الموقف التجريبي رفض الفرضيةواقترح قواعد الاستقراء غير أن منطق التحليل كشف لنا عن عدم كفاية هذه القواعدوتأسيسا على ذلك نستنتج:لا يمكن الاستغناء عن الفرضية.
مقالة حول حدود التجريب فيالبيولوجياالدرس : العلوم التجريبية والعلوم البيولوجية2
الأسئلة:- ما هي العوائق الابستمولوجيةالتي تحدّ من تطبيق المنهج التجريبي في البيولوجيا؟- هل تطبيق المنهج التجريبي فيعلوم المادة الحية مثل تطبيقه في علوم المادة الجامدة؟- هل التجريب ممكن فيالبيولوجيا؟- هل يمكن دراسة ظواهر المادة الحية وفق خطوات المنهج التجريبي؟- هلالمنهجية التجريبية في البيولوجيا محكوم عليه بالنجاح أم الفشل؟
-المقدمة: تنطلقالدراسات العلمية على اختلاف مضمونها ومنهجها من مرحلة البحث حيث تحرّك العلماءأسئلة وإشكالات محيّرة تقودهم إلى مرحلة الكشف من خلال بناء ملاحظات واستنتاجاتمختلفة فإذا علمنا أن المنهج التجريبي أساسه التجريب وأن البيولوجيا تدرس المادةالحية فالمشكلة المطروحة:هل المنهجية التجريبية في البيولوجيا محكوم عليها بالنجاحأم بالفشل؟
1/الرأي الأول(الأطروحة): ترى هذه الأطروحة أن خصائص المادة الحية تختلفعن خصائص المادة الجامدة, فالمادة الحية أساسها التكاثر والتغير وعلى حد تعبيرالطبيب الفرنسي"بيشا"{الحياة هي جملة الخصائص التي تقاوم الموت}وربطوا فشل المنهجفي البيولوجية بوجود عوائق موضوعية ترتبط بطبيعة الكائن الحيّ وذاتية (ثقافةالمجتمع بكل ظواهرها) ومن هذه العوائق صعوبة الفصل والعزل لأن فصل عضو من الكائنالحيّ يؤدي إلى إتلافه(موته) أو يغير في وظائفه, هذا ما عبّر عنه "كوفيي"{سائرأجزاء الكائن الحيّ مترابطة فهي لا تستطيع الحركة إلا بمقدار ما تتحرك كلها وفصلجزء من الكتلة معناه نقله إلى نظام الذرات الميتة تبديل ماهيته تبديلا تاما} ومنالأمثلة التي توضح هذه الصعوبة أن أفضل عضو من المعدة أو الكلية يؤدي إلى تغيروظائف الكائن الحيّ كما ذهب إلى ذلك "كنغلهايم", وتظهر صعوبة التعميم بعدم وجودتطابق بين الكائنات الحية لقد جمع "أغاسيس" 27000 صدفة من البحر ولم يجدد أي تطابقبينها, هذه الحقيقة عبّر عنها "لايبندز" {لا يوجد شيئان متشابهان}والأمثلة التيتؤكد ظاهر التميز البيولوجي أن الخلايا التي تنقل لفرد آخر لا يتقبلها ذلك الفرد, أو من العوائق الابستمولوجية التي تحد من تطبيق المنهج التجريبي غياب الحتميةوالسببية لأن السلوك الإنساني يجري في مجرى الحرية.
نقد: هذه الأطروحة تتجاهل أنالعلم الحديث قد وجد حلولا لأكثر هذه العوائق.
2/الرأي الثاني(نقيض الأطروحة):ترىهذه الأطروحة أن خصائص المادة الحية مماثلة لخصائص المادة الجامدة لوجود نفسالعناصر الطبيعية(هيدروجين, أوكسجين, آزوت, كربون.....) وأن أفضل طريقة لدراسةالمادة الحية هي الطريقة التجريبية أي تفسير الظواهر الحيوية تفسيرا وضعيا من خلالربطها بشروط فيزيائية وكيميائية عبّر عن هذه الأطروحة أصدق تعبير "كلود برنار" قائلا{المظاهر التي تتجلى لدى الكائنات الحية مثل المظاهر التي تتجلى فيه الأجسامالجامدة تخضع لحتمية ضرورية تربطها بشروط كيميائية خالصة} وأمام التقدم المذهل فيالتكنولوجيا لم تعد مطروحة صعوبة الفصل والعزل وعلى حدّ تعبير "توماس كسكي" {أمكنفحص الجسم البشري من الخلايا المفردة إلى الحمض النووي} واستنسخ بعض العلماء النعجة[دولي] بل وأمكن القيام بعمليات جراحية دون الحاجة إلى فصل الأعضاء (جراحة القلبالمفتوح مثلا), والتعميم ممكن لوجود تشابه في الوظائف حيث أثبتت بحوث علماء الوراثة, كماأن التماثل الوراثي بين الإنسان والقرد من فصيلة الشمبانزي يصل إلى حدود 99أن النشاط الآلي عند الكائنات ومثال ذلك عملية الهضم التي تبدأ بالأسنان وتنتهي فيصورة أحماض أمينيه وتؤكد فكرة السببية, وملخص الأطروحة في عبارة"كلود برنار" {بفضلالتجريب يمكننا فهم ظواهر الأجسام الحية والسيطرة عليها}.
نقد: هذه الأطروحة تتجاهلأنه لابد أن يرتبط التجريب بضوابط أخلاقية وكذا مراعاة خصوصية الكائنالحيّ.3
3/التركيب: لا شك أن إشكالية حدود التجريب في البيولوجيا ترجع إلى عوائقابستمولوجية نابعة من صميم موضوعها [العوائق الموضوعية] هذه العوائق تم تجاوزهاتدريجيا أولا من خلال مراعاة خصوصيات الكائن الحيّ [التغيّر والتكاثر] قال "كلودبرنار" {يجب على البيولوجيا أن تستعير من العلوم الفيزيائية والكيميائية المنهجالتجريبي ولكن مع الاحتفاظ بخصوصياتها} وثانيا من خلال فكرة طرح فكرة التجريب فيالبيولوجيا في ضوء علاقة العلم بالأخلاق والدين, وكما قال "بوانكريه"{لا يمكن أنيكون العلم لا أخلاقيا لأن الذي يحب الحقيقة العلمية لا يمكنه أن يمتنع عن محبةالحقيقة الخلقية}.
-الخاتمة: وفي الأخير يمكن القول أن البيولوجيا هي علم دراسةالكائنات الحية وهي بحث علمي يغلب عليه التنوع إذ يمكن دراسة الظواهر الحيوية منزاوية وظائف الأعضاء وهذا ما يعرف بالفيزيولوجيا أو دراسة حدود التجريب وبناء علىما تأسس نستنتج:التجريب في البيولوجيا ممكن بشرط احترام خصوصيات الكائن الحيّ وكذاالمبادئ الأخلاقية.
السؤال : قيل : بقدر ما تنجح العلوم الإنسانية في إنجاز عمل علمي حقيقيالدرس: العلوم الإنسانية والعلوم المعيارية يتقلص لديها التمييز بين ما هو إنساني وما هو طبيعي
أبد رأيك في هذا الحكم مبينا دواعي التقلص وحدوده.
المقدمة :
المشكلة: إن نجاح علوم الطبيعة على المستوى النظري والعملي قد أوحى بفكرة تكوين علوم إنسانية على منوالها .
ما هي شروط علمية العلوم الإنسانية ؟ وهل يمكن اختزالها في مدى تقليصها للفوارق بين دراسة الإنسان ودراسة الطبيعة ؟
التحليل :
محاولة الحل : شروط تحقق علمية حقيقية في مجال علوم الإنسان ( علوم الطبيعة نموذجا لعلوم الإنسان ) .
1 –على مستوى الموضوع
ضرورة تجاوز الرؤى التي تقر بتعالي الذات على الطبيعة وباستحالة دراستها علميا : التأكيد على ضرورة تجاوز مركزية الوعي وفكرة الإرادة والحرية وهو ما يؤدي إلى مماثلة الظاهرة الإنسانية بالظاهرة الطبيعية.
استقلالية الموضوع عن الذات تحقيقا لشرط الموضوعية.
قابلية الموضوع للتحديد وإعادة بنائه مخبريا مثل دراسة السلوك في علم النفس واعتبار الظاهر الإجتماعية ـ أشياء ـ في المجال الاجتماعي وإعادة بناء الحدث التاريخي في علم التاريخ .
2 –على مستوى المنهج
إبراز قابلية الظاهرة الإنسانية للملاحظة الخارجية والتجريب .
إخضاع الظواهر الإنسانية إلى مبدأ الحتمية .
إمكانية التكميم والصياغة الرياضية للقوانين .
النقاش : - إبراز المفارقة التي تواجه الدراسة العلمية للإنسان فما اعتبر شرطا لنجاح علوم الإنسان يفضي إلى موت الإنسان بصفته ذاتا واعية .
- إبراز خطأ الاعتقاد في اعتبار علمية علوم الطبيعة نموذجا لعلوم الإنسان.
إبراز أن مطلب المماثلة بين الإنسان والطبيعة قد يستجيب إلى غايات معرفية بقدر ما يخفي توجها غايته السيطرة على الإنسان .
الخاتمة :
الحل:إن العلوم الإنسانية علوم قائمة بظواهرها الخاصة بطبيعتها تطبق المنهج العلمي في دراسة ظواهرها وفقا للخصوصية التي تميزها .
السؤال (1) : بماذا تفسر تعدد المناهج في علم النفس؟ الدرس : العلوم الإنسانية والعلوم المعيارية الموضوع يعالج وفق الطريقة الاستقصائية. المقدمة
4ن)
محاولة فهم الإنسان لنفسه وما يصدر عنها من ظواهر نفسية (رغبات ،ميول ،عواطف...إلخ) قادته إلى إيجاد علم النفس لدراستها ومحاولة فهمها وضبطها وإمكانية حتى التنبؤ بحدوثها .غير أن واقع هذا العلم يبرز وجود عدة مناهج لدراسة وفهم هذه الظاهرة النفسية الواحدة ومنه نطرح الإشكال التالي :ما الذي يبرر كثرة وتعدد المناهج في دراسة الظاهرة النفسية الواحدة ؟وما قيمة هذا التعدد؟
التوسيع
12ن)
1-بيان طبيعة القضية :علم النفس باعتباره يهتم بدراسة الظواهر النفسية محاولا فهمها وضبطها وتوجيهها لم يعرف منهجا واحدا في تفسير ظواهر النفس ،بل أوجد عدة مناهجلفهم الظاهرة الواحدة حيث أن كل منهج يفهم الظاهرة من وجهة نظره ،فنجد المنهج الاستبطاني ،كما نجد المنهج السلوكي ،كذلكنجد منهج التحليل النفسي ،إضافة إلىالمنهج التجريبي ......إلخ وهذا راجع إلى تعدد تجليات الظاهرة النفسية الواحدة وظهورهافي عدة أشكالتفرض تعدد المناهج .
2- إثبات وجود القضية :إن استقراء تاريخ وواقع علم النفس يؤكد وجود عدة مناهج تحاول فهم الظاهرة النفسية الواحدة فمثلا في تفسير ظاهرة الهيجان منهم من فسرها تفسيراً ذهنيا ،ومن ردها إلى الجسم (السلوكيون) ومنهم من ردها إلى اللاشعور (التحليل النفسي)....إلخ .
3-بيان قيمة القضية : تعدد المناهج في علم النفس يحقق الفهم الشامل للظاهرة النفسية الواحدة ويحيط بدراستها من جميع جوانبها ،رغم أن هذا التعدد ينقص من الدقة والموضوعية واليقين كشروط للمعرفة العلمية إذا ما قورنت بنتائج العلوم التجريبية والرياضية (الدقيقة) .وهذا نظرا لاختلاف التفاسير باختلاف المناهج.
الخاتمة
4ن) 4- بيان حقيقة الموضوع : تعدد المناهج في علم النفس يبرره تعدد تجليات الظاهرة النفسية (الموضوع) الواحدة وتمظهرها بأشكال مختلفة ،أي فرضه طبيعة الموضوع المدروس.