مهاراتٌ عمليّة للاستيقَاظ لصلاة الفجر
مُريد الكُلاَّب.
الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين, و الصلاةُ و السلامُ على أَشرفِ الأنبياءِ و المُرسلين , ثُمّ أَمّا بعد :
أخي الكريم , أختي الكريمة :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
فِي هذه المحاضرة , فِي هذا الموضُوع , سأنطلقُ معكم , سنُحلّقُ سوياً فـي قضيّة تهُمُّني و تهُمُّ كلُّ واحدٍ ممن يستمع إليّ الآن .
قبل ما أَدخل في مَوضوعِي , اسمحوا لي أَسأَلكم سُؤال : لَو طلبتُ من أحدكم أَن يتَنَازل عن أَحد أَعضائه , تَنازل لي عن يَدك اليَمين أو عن رَأسكَ مَثلاً , أَو عن نعمة البَصر , أو نعمَة السمع , أو عضو من أَعضَاء جَسدك , تُرى هل ستقبل بسُهولة ؟ تُرى هل سَتَقبَل أصلاً ؟ بالتأكيدْ , سَيَكون الأَمر صَعب , بَل مستَحيل , وَ بالرّغم من ذَلك لَو قُدِّر أن يُبتلى أحدُنا بأَنْ يفقد يده أَو رجلَه أَو البَصر أَو السمع مثلاً , بالرُّغم من ذلك , سيجد أَنَّ بإِمكَانِه أَنْ يُعوِّض شيئاً منه , بل الله سبحانه و تعالى يَرزقنا القدرة على التَّعويض و القدرة على التَّكيُّف مَع فَقدنا لِذلك العضو الهام من جَسِدنا , الموضوع اللي سأتحدَّث عنه , عَن شَيء لو فَقدناه لا يمكن لنَا أَنْ نُعوِّضه إطلاقاً هو من تكامُل حَيَاتنا أَصلاً لا يمكن لحياتنا أَنْ تسير بدونه , ذلك الشيء نحن جميعاً حريصين كُلَّ الحرص عليه , بَل أنا أَعتذر عَن تسميته شَيء فهو أَعظم و أَروع من ذلك و لكن اعذروني على هذا التَّعبير ابتداءً , سأتحدَّث عَن صلاة الفجر , حديثي عن صلاةِ الفجر لن يكون حديثاً مُعتاداً أيضاً إِنْ صحّ تسمِيَتي للفظ مُعتاداً أو استخدامي للفظ مُعتاد , الحدِيث الذي سأتَكلَّم عنه حول صلاة الفجر , سيتناول برنامج عملي , مهارات عملية تُمكننا من الاستيقاظ لصلاة الفجر , أنا أَعرف أنّ هُناك الكثير ممن تحدَّثوا عَن فَضلِ صلاة الفَجر , و أنا أعرف أَنَّ الآيات و الأَحاديث فِي فضل صلاةِ الفَجر الجميعُ يُحيط بِها علماً و تَحدَّث عَنها أهلُ الفضل و أهل العِلم كثيراً كثيراً , و كُلّي يقين أنّه أيّ مسلم يَحترق من داخل أَعماقه عِندمَا تفوتُه صلاةُ الفجر , أَيُّ مسلمٍ يُصلّي الظهر يصلي العصر يصلّي العشاء يصلّي المغرب , أَيُّ مسلم يُصلي , يحرص على تأْدِية تلك الفَريضة , إِذا فاتتهُ صَلاة الفَجر يشعر بِنَقص , بِنَقص في نَفسه , بِنَقص في بَركةِ يومه , باستِحيَاء مِنْ ربّه سبحانَهُ و تَعالى , أَنَا و الله أَتَحدَّث عن نفسي , و عن كل من يُشاطرني الشُّعور , عِندما يَنامُ أَحدُنا عن صلاة الفَجر , ثُمَّ يستيقِظ فـي السّابعة أَو السّابعة و النصف للذّهاب إِلى عمله , و يَقول اللهُمّ ارزُقني , يَا رب بَارك لي فِي يَومي , يَعني و الله الوَاحد يَستحي من الله سُبحانه و تَعالى , يَعني عيب عليه أن نقول : يا رزّاق , يا كَريم , و احنا طلبَ اللهُ منّا أَنْ نَتنازل عن شيءٍ مِن نَومنا , و نَسير إلى صلاة الفَجر , و مع ذلك آثرنَا أَنْ نَنام وَ آثرْنا الشّخير , و آثرنا النُّعاس , و آثرنا الكَسل , آثرنا الخُمول و الرَّاحة عن تلبية الصَّلاة , عَن صَلاة الفَجر ,عَن الوُقوف بين يَدي الله ربِّ العالمين , أَنا أستَشعر هَذِه المَسأَلة في نَفسي , فوا الله أنّ الإنسان يَبقى على استِحياء طوالَ اليوم , استِحياء من ربِّه سُبحانهُ و تعالى , طوال اليوم أَعطانا الله طعاماً و شراباً و صِحةً و عافـية و رزقاً و قُبولاً من الناس , و صحَّة في أجسادِنا و فـي عُقولنا , و نَحن قَصَّرنا في صلاة الفجر فَلَم نستيقظ لها .
فِعلاً ... إذا تأمّل الواحدُ مِنّا ذلك الموقف يجدُ أَنّهُ بِحاجة لأن يُراجع نَفسه , أنا لن أُكرِّر الآيات و الأحاديث الكثيرة التي تُؤكِّد أهميَّة صلاة الفجر , يكفي لكلِّ واحد منّا أَنْ يعرف أَنّ صلاة الفجر أحد الصلوات الخمس التي لا يسوغُ لهُ بحالٍ من الأحــوال , ولا يَجوز له بحالٍ من الأحوَال أَنْ يتركها , أَو يتخلف عنها , ما فرق الفجر عن الظهر و العصر و المغرب و العشاء , هل الفرق أنّنا نستطيع أَنْ نُصلّي تلك الصلوات و نَنام و نتكاسل ؟ وكأنّنا نَقول : يا الله نحنُ نُطيعك فـي رَاحتِنا! نَحنُ نُطيعك إِذا كان الوَقت يَسمَح ! يا رب نحن نُطيعك إذا الفُرصة سانِحة ومتاحة ! و أمّا إذا كانت المسألة تَستدعي أَنْ أستيقظ للصلاة وأني أترُك النّوم فلا أستطيع ! طبعاً هذا الكلام أنا على يقين أنّ كُل واحد مِنّا يرفُضه من داخل أعماقه , و يرفُضه بشدّة أيضاً و ليس رفْضاً عادياً , حَديثي عن صلاة الفجر هو عن مَهارات عَملية , إذا استخدمناها , إذا استعنّا بها بعد الله سبحانه و تعالى , من شأنِها أن تُعيننا حتى نستيقظ للصلاة , أنا لا أَدّعي المثاليّة لأحد و ابتداءً بنفسي , أنا أعرفُ يقيناً أَنّ كُلَّ واحد منّا رُبّما يَنام عن صلاة الفَجر , و رُبَما يُعاني في فَترة من الفترات , و تَتجسّد مُعاناتُه فـي عدم القُدرة للاستيقاظ لصلاةِ الفجر .
منقول وعذرا على الإطالة وذلك لأهمية الموضوع