هل الحقيقة مطلقة ام نسبية
يقول الدكتور محمد جابر الانصارى
يجب أن يكون واضحاً في غاية الوضوح: أن المطلق مطلق، ولكن الفهم البشري والتفسير البشري لأي جانب من جوانب المطلق هو فهم نسبي" ) .(تجديد النهضة باكتشاف الذات ونقدها، د. محمد جابر الأنصاري، ص83). وهذا كلام خطير وعليه سوف يحدث اختلاف وتفاوت فى الاراء ووجهات النظر تؤدى بنا وتحتم علينا الاحتكام الى المطلق والثابت كقاضى محايد بينى وبين الطرف الاخر من قبل إن تحوم حوله الكثير من التأويلات و التفسيرات ووجهات النظر الشخصية (تحت الفهم النسبى) التى يمكن إن تجعل الحقيقة المطلقة نسبية أو تفقدها هويتها أو مذاقها ولا يمكن إن تكون الحقيقة كذلك الا بالنسبة للشخص نفسه لانه لو كان الفهم البشرى سوف يغير من وصف الحقيقة من الطلاقة الى النسبية فلن تكون هناك حقيقة انما اراء ووجهات نظر تحتمل الخطا حتى ولو سلمنا بانها صواب فالمهم ما تقوله الحقيقة لا ما يقوله الإنسان الا اذا توافق ما يقوله الإنسان مع ما تقوله الحقيقة وعلى ذلك لابد إن تكون هناك حقيقة مطلقة بجانب وجهة النظر التى تختلف من انسان الى اخر فتكون هناك الحقيقة وهناك وجهة النظر مع الفارق بينهما الذى يجب و يمكن إن يكتشف بسهولة عن طريق الثوابت والبديهيات والا فلن تقوم للحقيقة قائمة , يقول طيب تيزيني فى كتابه افاق فلسفية عربية معاصرة ( النسبية: هي الرأي الذي يقول بأن الحقيقة نسبية وتختلف من فرد إلى آخر، ومن جماعة إلى أخرى، ومن وقت إلى آخر)
ومن ذلك لا يمكن ان اصف الحقيقة بالنسبية ولا اصفها بالطلاقة الا اذا كانت متوافقة مع القيم والثوابت والبديهيات العقلية غير الخاضعة لوجهات النظر او النزوات والشطحات و الاهواء تحت عنوان الحجج والبراهين لا التفسيرات او التبريرات وبذلك نخرج الحقيقة من دائرة الفهم النسبى فتكون فى منأى عن الانقسام على الذات او الخلط بينها وبين وجهات النظر المريضة و اذا كانت الحقيقة مصدرها هو فم الانسان فقط فلن تخرج عن كونها هراء او سفسطة وجدال عقيم بدون اى شبهة للحقيقة بغض النظر عن الوصف او على احسن الاحوال وجهة نظر تحتمل الخطأ والصواب الا اذا استقبلتها ارضية العقل بل اضطراب واقبلت عليها الفطرة بلا نفور ويمكن ان نتيقن من ذلك اذا اعتبرنا قابلية الفطرة للتشوه وما يترتب على هذا التشوه من الحيود والضلال و رؤية الحق باطل والباطل حق وما يساعد ذلك من تكيف وعصبية وتقليد عن ثقة فى غير محلها الذى يمكن ان يترجم الى وجهات نظر تخدم الشر والشيطان تحت عنوان نسبية الحقيقة .
"فيجب ان نفصل بين الرأى والحقيقة فاذا قلنا مثلا الشمس تشرق كل يوم من الشرق وتغرب من الغرب: هذه حقيقة مؤكدة لا مجال للجدال فيها، أو على الأقل في ضوء معطياتنا العلمية الراهنة
بينما اذا قلنا الشمس أقل جمالاً من القمر: فهذه ليست بحقيقة مؤكدة وإنما هي مجرد رأي شخصي أو تأويل ذاتي يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ وبالتالي فليس من حقي إجبار الآخرين على اعتناقه أو التصديق عليه وليس من حقي الادعاء بأنه حقيقة منزلة غير منازعة