طلب مساعدة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

طلب مساعدة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-05-14, 21:06   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سي مولاي
عضو جديد
 
إحصائية العضو










B8 طلب مساعدة

الرجاء مساعدة لمن عنده مذكرة او كتاب بخصوص الضلح بين الزوجين ان يفيدنا بها وله كل الشكر









 


قديم 2013-05-14, 21:12   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

لمبحث الثالث : إجراءات الصلح بنصوص خاصة

نتعرض في هذا المبحث إلي مجموعة المنازعات المدنية التي نظم المشرع الجزائري الصلح فيها بموجب نصوص قانونية خاصة هي قانون العمل ، القانون التجاري ، و قانون الأسرة.

المطلب الأول : الصلح في قانون العمل .

تختلف أسباب المنازعات الفردية في العمل من حالة إلى أخرى ، إلا أنها ترتبط كلها بالإخلال بالتزام أو التقصير في تطبيق نص قانوني أو تنظيمي أو اتفاقي و هو ما يميز أساس و سبب هذا النوع من المنازعات ( الفردية ) عن المنازعات الجماعية ، و نظرا لطبيعة المنازعات التي قد تنشا بمناسبة تنفيذ علاقة العمل و ما ينشا عنها من مضاعفات و إخلال باستقرار علاقات العمل و ما يترتب عنها من إخلال بالحقوق و الواجبات المقررة قانونا فان تشريعات العمل قد أحاطتها بعناية تنظيمية خاصة قصد تسهيل معالجتها و تسويتها بهدف تسهيل حلها بسرعة من جهة و التخفيف على المحاكم كثرة القضايا.

و سنقسم هذه الدراسة إلى قسمين على النحو التالي :

1/ التسوية الودية للمنازعات الفردية .

2/ الصلح في منازعا العمل الجماعية

الفرع الأول : التسوية الودية للمنازعات الفردية

الخاصية المميزة للمنازعات الفردية في العمل هي وجوب إتباع بعض الإجراءات الأولية والتي تعتبر شرطا جوهريا لقبول الدعوى قضائيا والتي تتمثل في التسوية الودية وذلك من اجل الحفاظ على العلاقة الحسنة بين العامل وصاحب العمل التي كثيرا ما تكون ضرورية لاستمرار علاقة العمل.

أ) التسوية الداخلية للنزاع:

نلاحظ أن التشريع الجزائري لم يهمل هذا الجانب حيث خصص له الباب الثاني من القانون 90/04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل والتي يحمــل عنوان " كيفية معالجة النزاعات الفردية في العمل داخل الهيئات المستخدمة ، وﺑﻬذا جعل من إمكانية تسوية النزاع بين العامل أو ممثلا له وصاحب العمل داخل المؤسسة عن طريق إيجاد حلا مشتركا للنزاع وهذا دون تدخل أي جهة أجنبية في النزاع و ذلك إما أن يسحب صاحب العمل قراره المتخذ ضد العامل ، أو أن يعادله حسب درجة الخطأ المهني الذي ارتكبه العامل وهذا استجابة لطلب العامل وترك المشرع الجزائري الإجراءات الداخلية لمعالجة النزاعات الفردية في العمل ، حيث تنص المادة 03 من قانون تسوية النزاعات الفردية للعمل "يمكن للمعاهدات والاتفاقيات الجماعية للعمل أن تحدد الإجراءات الداخلية لمعاجلة النزاعات الفردية في العمل داخل الهيئة المستخدمة"

ولكن في حالة غياب هذه الإجراءات في الاتفاقية الجماعية فان للعامل حق اللجوء إلى الإجراءات التي ينص عليها القانون وهذا بتقديم العامل أمره إلى رئيسه مباشرة والذي يجب أن يقدم الرد عليه خلال 08 أيام وهذا ما جاءت به المادة 04 من قانون تسوية النزاعات الفردية للنزاعات في العمل بقولها " في حالة غياب الإجراءات المنصوص عليها في المادة الثالثة من هذا القانون، يقدم العامل أمره إلى رئيسه المباشر الذي يتعين عليه تقديم جواب خلال ثمانية أيام من تاريخ الإخطار في حالة عدم الرد، أو عدم رضى العامل بمضمون الرد يرفع الأمر إلى الهيئة المكلفة بتسيير المستخدمين حسب الحالة يلزم الهيئة المسيرة أو المستخدم بالرد كتابيا عن أسباب رفض كل أو جزئ من الموضوع خلال خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ الإخطار " .

ونسجل في هذا اﻟﻤﺠال أن التظلم الذي يقوم به العامل لا يخرج عن نطاق المؤسسة التي يعمل ﺑﻬا وهذا خلافا للتنظيم الإداري الذي يمكن أن يجد قطاع أوسع وهذا لوجود سلطة هرمية أي رئاسية أو وصاية على الإدارة.

وإذا كان هذا الأسلوب يعتبر بسيطا في إجراءاته وسرعته إلا انه لا يمكن أن يكون الحل المناسب لكل النزاعات، خاصة إذا كانت هذه النزاعات معقدة وأثرها جسيما فأنه في هذه الحالة يجب تمسك المستخدم بقراره أو حتى يمكنه التنازل عنه ولكن بشروط يحددها هو، وهذا لا يبقي للعامل إلا الإتجاه إلى الوسيلة الثانية والتي تخرج عن إطار المؤسسة ليتدخل طرف ثالث لحل النزاع بين العامل والمستخدم حيث يعرض النزاع على مفتش العمل أو لجنة المصالحة، وهذا ما جاءت به المادة 05 من قانون تسوية النزاعات الفردية بينهما " بعد استفادة إجراءات المعالجة الداخلية لنزاعات العمل الفردية، داخل الهيئة المستخدمة يمكن للعامل إخطار مفتش العمل للإجراءات التي يحددها هذا القانون".







ب) إخطار مفتش العمل:

في حال فشل المساعي الودية التي تتم داخل المؤسسة المستخدمة أوفي حالة عدم قيام العامل بعرض النزاع عليها، يمكن لهذا الأخير إخطار مفتش العمل إذا شاء مواصلة المطالبة بحقوقه وهذا ما نصت عليه المادة 05 من قانون تسوية النزاعات الفردية بعد استنفاذ إجراءات المعالجة الداخلية لنزاعات العمل الفردية، داخل الهيئة المستخدمة يمكن للعامل إخطار مفتش العمل للإجراءات التي يحددها هذا القانون.

والإخطار يتم بواسطة عريضة مكتوبة من طرف العامل أو بحضوره شخصيًا أمام مفتش العمل الذي يقوم بتحرير محضر بتصريحاته وبعد ذلك يقوم مفتش العمل في ظرف ثلاثة أيام من تلقيه الإخطار سواء كان بواسطة العريضة المقدمة إليه أو المحضر المحرر من طرفه باستدعاء مكتب المصالحة للنظر في النزاع المعروض للمصالحة حيث يجتمع مكتب المصالحة بعد ثلاث أيام على الأقل من تاريخ الاستدعاء إلى جانب حضور الطرفين.

ج) التسوية الخارجية للنزاع ( المصالحة ):

ـ دور مكتب المعالجة واختصاصه:

وهو الإجراء الذي يقوم به طرف ثالث بمحاولة التقريب في وجهات نظر الطرفين المتنازعين ( العامل والمستخدم ) والخروج بحل يرضي الطرفين والحفاظ على العلاقة الودية بينهما.

وتختلف إجراءات المصلحة والهيئات التي تقوم ﺑﻬا في القوانين المقارنة حسب اختلاف الأنظمة السياسية والاقتصادية، والتشريع الجزائري في هذا الإطار عرف تحولا كبيرًا، في التشريع القديم يعطى هذا الاختصاص إلى مفتش العمل وهذا ما كان معمول به في قانون 1975 م.

أما النظام الجديد فقد انتزعت هذه المهمة من مفتش العمل بمقتضى قانون 90/04 حيث أنشأ هذا القانون هيئة مصالحة متساوية الأعضاء نصفها من العمال والنصف الآخر من أصحاب العمل ، وهذا ما تنص عليه المادة 06 من نفس القانون السابق " يتكون مكتب المصالحة من عضوين ممثلين للعمال وعضويين ممثلين ويرأس المكتب بالتداول ولفترة ستة أشهر عضو من العمال ثم عضو من المستخدمين".

وﺑﻬذا تحولت صلاحية مفتش العمل في إطار هذا القانون مجرد وسيلة اتصال بين العمال وهذه اللجنة وبالتالي قد أنتزع من مفتش العمل اختصاص يعتبر معترف به في معظم قوانين المقارنة .

وقد جعل القانون الجديد عملية الصلح من الإجراءات الجوهرية التي لا يمكن الاستغناء عنها ولا يمكن قبول أية دعوى قضائية لم تتم فيها عملية الصلح حيث تؤكد المادة 19 ف 01 من القانون السابق الذكر والتي تنص على مايلي:

" يجب أن يكون كل خلاف فردي خاص بالعمل موضوع محاولة للصلح أمام مكتب المصالحة قبل مباشرة أي دعوى قضائية".

ولكن رغم ذلك هناك بعض الإستثناءات على هذا الإجراء بحيث يمكن أن يصبح جوازي إذا كان المدعى عليه يقيم في الخارج أو في حالة إفلاس أو تسوية قضائية للطرف المستخدم.

د) تشكيل مكتب المصالحة واختصاصه :

مكاتب المصالحة عبارة عن لجان متساوية الأعضاء، خاصة بنزاعات العمل الفردية ، وتتكون هذه اﻟﻤﺠالس من عضوين ممثلين للعمال، وعضوين ممثلين للمستخدمين وتكون رئاسة اﻟﻤﺠلس بالتداول لمدة شهرين، وهذ ما جاءت به المادة 06 المذكورة أعلاه، بحيث يتم اختيار الممثلين بعد عملية الإقتراع السري من بين المرشحين، والتي يجب أن تتوفر فيهم الشروط التي جاءت ﺑﻬا المادة 12 من قانون تسوية النزاعات الفردية 90/04 ، هذا بالإضافة إلى بعض الشروط الخاصة التي جاءت ﺑﻬا المادة 13 من نفس القانون والتي ذكرت بعض الموانع من الترشح للانتخاب ، ويتم تعيين الأعضاء الذين تم انتخاﺑﻬم في المكتب بصفة رسمية بأمر من رئيس اﻟﻤﺠلس القضائي المختص إقليميًا، وهذا بعد الاطلاع على نتائج الانتخابات ووفق الترتيب التنازلي في عدد الأصوات المحصل عليها وذلك لمدة ثلاث سنوات.

أما فيما يتعلق باختصاص مكاتب المصالحة فيمكن التمييز بين الاختصاص النوعي والذي يتمثل في أنواع القضايا أو المنازعات الفردية التي يختص ﺑﻬا هذا المكتب. أما الاختصاص المحلي أو ما يطلق عليه بالنطاق الجغرافي الذي يمتدد إليه اختصاص كل مكتب.

أ- تنظيم 1972م و الذي يحكمه الأمر 72/61 المتعلق بتسيير المحاكم في المسائل الاجتماعية، والتي حددت كيفية تنظيم الجلسات في المسائل الاجتماعية بحيث تكون تشكيلة تتكون من قاضى يساعده، مساعدان من العمال لهما دور استشاري.

ب - تنظيم 1975 م والذي يحكمه أمر 75 المتعلق بالعدالة في العمل بحيث أصبح التنظيم أوسع وأشمل من التنظيم السابق الذكر، بحيث أصبح دور المصالحة عملية إجرائية سابقة اللجوء إلى القضاء بل جعله إجراء جوهري لا تقبل الدعوى القضائية ما لم يتم عرض النزاع على مكتب المصالحة ويحصل المدعي على محضر عدم المصالحة لهذا الإجراء وقد بقي هذا التنظيم على نفس التشكيلة السابقة المذكورة في التنظيم السالف الذكر ولم يأتي بجديد سوى أن وضع إجراءات خاصة و كيفيات استدعاء الخصوم وسير الدعوى.

ج- تنظيم 1990 م الذي يحكمه القانون 90/04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل حيث أدخل تعديلا هيكليًا على تشكيلة المحاكم الفاصلة في المسائل الاجتماعية هذا بالإضافة إلى كافة الإجراءات المتعلقة بتسوية النزاعات الفردية السالفة الذكر ( الداخلية، الودية والمصالحة).حيث أصبحت التشكيلة تتكون من قاضي وممثلين للعمال مساعدان ، وممثلين للمستخدمين مساعدان، وﺑﻬذا نقول أنه أصبح عبارة عن لجنة متساوية الأعضاء، ويكون القاضي فيها رئيسًا، كما تحول الطابع الإستشاري لهؤلاء المثلين إلى طابع تداولي. وهذا ما جاءت به المادة 08 ف 05 بقولها:

" للمساعدين من العمال والمستخدمين صوت تداولي، وفي حالة تساوي الأصوات يرجع صوت رئيس المحكمة ".

و) تنفيذ اتفاقية الصلح :

لقد اعتبر المشرع الجزائري محضر المصالحة حجة إثبات بحيث يكون تنفيذ اتفاق المصالحة وفق الآجال التي يحددوﻧﻬا .

وتنفيذ الاتفاق يكون راجعًا إلى رغبة الأطراف أنفسهم و الالتزام بما تم الإتفاق عليه وصدر فيه محضر من قبل مكتب المصالحة، ولما كان اتفاق الصلح لا يطرح مشاكل أثناء العمل على التواصل إليه بقدر ما يطرحها عند تنفيذه، وﺑﻬذا فقد حاول المشروع الإحاطة ببعض الضمانات التنفيذية، والتي تتمثل في غرامة تهديديه م 34 من قانون تسوية منازعات العمل الفردية والذي يكون بأمر صادر من رئيس المحكمة الفاصلة في المسائل الاجتماعية، والملتمس بعريضة من أجل التنفيذ و تحديد هذه الغرامة التهديدية إلا أن نجاعة وفعالية هذه الغرامة التهديدية لم تظهر بعد في الحياة العملية وهذا ربما لحداثة هذا القانون [1] .

ومن خلال ما تقدم يبقى التساؤل المطروح حول نجاعة التسوية الودية سواء كانت داخل المؤسسة أو خارجية، والتي تتمثل في المصالحة فإننا نستطيع أن نقول بأن هذه التجربة جاءت مفاجئة وسريعة، وهذا بسبب التحول السياسي والاقتصادي المفاجئ الذي عرفته البلاد منذ 1988 م بعد الأزمة الاقتصادية التي ضرت الجزائر منذ الثمانينات ولهذا فإنه لكي تقوم مكاتب المصالحة بدورها الأساسي وعلى أكمل وجه فإنه من الضروري إعادة تنظيم هذه الهيئة بالشكل الذي يحقق لها النجاح في حل النزاعات العمالية ولا يكون دورها الأساسي هو تحرير محاضر عدم المصالحة لتقديم النزاع إلى العدالة.

كما يجب أن تدعم الوسائل والضغوط اللازمة القانونية والعقابية لضمان تنفيذ اتفاقيات الصلح بحيث يصبح تنفيذها يحضى بنفس الحماية والضمانات التي يحضى ﺑﻬا الحكم القضائي .

الفرع الثاني : الصلح في منازعات العمل الجماعية :

-المصالحة من الإجراء العلاجية التي تهدف إلى و إيجاد الحلول المناسبة إلى دراسة و بحث أسباب النزعات الجماعية ضمن أطر و هيئات معينة .

تنص المادة 05 من القانون المتعلق بتسوية المنازعات الجماعية و ممارسة حق الإضراب على انه " إذا اختلف الطرفان في كل المسائل المدروسة أو في بعضها ، يباشر المستخدم و ممثلوا العمال إجراءات المصالحة المنصوص عليها في الاتفاقيات أو العقود التي يكون كل من الجانبين طرفا فيها .

و إذا لم تكن هناك إجراءات اتفاقية للمصالحة أو في حالة فشلها ، يرفع المستخدم أو ممثلو العمال الخلاف الجماعي إلى مفتشية العمل المختصة إقليميا " .

وواضح من نص هذه المادة ، أن هناك نوعين من المصالحة ، يتمثل النوع الأول في :

المصالحة الاتفاقية : و يقصد بها تلك الإجراءات التي تقررها الاتفاقيات الجماعية ، سواء بقصد إيجاد الحلول المناسبة للمنازعات التي قد يحدث بشان تفسير بعض أحكامها اختلاف بين الطرفين ، على أساس التساوي في الأعضاء أي على شكل اللجان متساوية الأعضاء ، كما أن نظام عمل هذه اللجان يحدده الأطراف أنفسهم ، وكذلك الأمر بالنسبة للصلاحيات المخولة لها ، إلى جانب نطاق عملها ، الذي قد يكون محليا أو جهوريا ، أو وطنيا أي وفق نطاق تطبيق الاتفاقية . كما قد يعتمد أسلوب تشكيل عدة لجان متفاوتة الدرجة . إذ قد يكون هناك تدرج في نظام المصالحة ، يبذأ بالمستوى المحلي أو على مستوى المؤسسة ، و عند فشل المصالحة في هذه الدرجة ينتقل النزاع إلى المستوى الأعلى و هكذا ، إما على درجتين أو ثلاثة .

و تطبيق للمادة السابقة و عملا على الاستفادة من هذا الإجراء فقد تضمنت بعض الاتفاقيات الجماعية ، بعض الأحكام المنظمة للمصالحة الاتفاقية بنصها على إنشاء لجان مصالحة متساوية الأعضاء عند فشل المفاوضات المباشرة في تسوية الخلافات الجماعية ، في حين تلجأ بعض الاتفاقيات مباشرة إلى النوع الثاني من المصالحة و الذي يعرف هذا النوع الثاني من المصالحة: .

بالمصالحة القانونية: و يلجأ إلى هذا الأسلوب عند عدم النص على الأسلوب الأول أو في حالة فشله ، كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من المادة 05 من قانون تسوية المنازعات الجماعية ، حيث توكل في هذه الحالة مهمة المصالحة إلى مفتش العمل الذي يقوم وجوبا حسب المادتين 06 و 07 من القانون 90/20 المؤرخ في 06/02/1990 السالف الذكر بمحاولة المصالحة بين المستخدم و ممثلي العمال ، حيث يستدعي مفتش العمل المعين طرفي الخلاف الجماعي في العمل إلى جلسة أولى للمصالحة خلال الأربعة 04 أيام الموالية للإخطار ، قصد تسجيل موقف كل طرف في كل مسالة من المسائل المتنازع فيها . و يجب على طرفي الخلاف الجماعي في العمل أن يحضروا جلسات المصالحة التي ينظمها مفتش العمل .

و يفهم مما سبق أن المشرع الجزائري قد جعل المصالحة القانونية أو الإلزامية عند بروز أي نزاع جماعي في العمل ، من اختصاص مفتش العمل ، على خلاف القانون الفرنسي الذي يوكل هذه المهمة إلى لجنة ثلاثية التشكيل ، يختلف نطاق عملها حسب درجة و أهمية النزاع الذي تكلف بتسويته ، حيث أنها قد تكون لجنة محلية أو جهورية أو وطنية ، كما نظم المشرع الفرنسي مسالة تشكيل لجان المصالحة ، و نطاق تدخلها بصفة قانونية ، إلى جانب تنظيمه للإجراءات المتبعة في عرض النزاع على هذه اللجان ، و التي يلعب فيها مفتش العمل دور التسوية الودية فقط ، و عند فشله فانه يمكن إما للطرف الأكثر استعجالا أو لوزير العمل أو مدير العمل على المستوى المحلي أو مدير اليد العاملة أن يخطر اللجنة المختصة بواسطة عريضة مكتوبة على ورق عادي ، ليعرض عليها كل جوانب النزاع موضوعه ، سببه ، أهدافه ... الخ .

ـ نتائج المصالحة : تتلخص نتائج المصالحة سواء في أسلوبها الأول أو الثاني في الاحتمالات الثالثة التالية :

أ/ إما أن تتوصل لجنة المصالحة إلى حل أو تسوية النزاع بصفة كلية ، و في هذه الحالة ، تشكل هذه التسوية التي تأتي كتتويج لتشاور و تفاوض الأطراف سواء في إطار لجنة المصالحة الاتفاقية ، أو بواسطة مفتش العمل ، أو في إطار اللجنة الثلاثية المعمول بها في القانون الفرنسي .

و في هذا الشأن تنص المادة 08 المعدلة من القانون التعلق بتسوية النزاعات الجماعية بأنه " عند انقضاء مدة إجراء المصالحة التي يمكن أن تتجاوز ثمانية أيام إبتداءا من تاريخ الجلسة الأولى ، يعد مفتش العمل محضرا يوقعه الطرفان ، و يدون فيه المسائل المتفق عليها ، كما يدون المسائل التي يستمر الخلاف الجماعي في العمل قائما في شانها ، إ ن وجدت و تصبح المسائل التي اتفق عليها الطرفان نافذة من اليوم الذي ودعها الطرف المستعجل لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة إقليميا .

ب/ إما أن تتوصل اللجنة إلى تسوية جزئية للنزاع و في هذه الحالة ، كما تشير إليه المادة المشار إليها أعلاه ، فان محضر المصالحة الجزئية ، يجب أن يحدد المسائل التي لم يحصل بشأنها الاتفاق بين الطرفين ، حيث يمكن لهما إما عرضها على الوساطة أو التحكيم .

ج/ حالة فشل إجراء المصالحة ، كذلك الأمر ، يحرر محضر بعدم المصالحة من قبل لجنة المصالحة أو مفتش العمل حسب كل حالة ، و عندها يمكن لأطراف النزاع إما اللجوء إلى الوساطة أو التحكيم حسبما تنص عليه أحكام الاتفاقية الجماعية أو أحكام القانون المتعلق بتسوية النزاعات الجماعية .

المطلب الثاني : الصلح في القانون التجاري

سنتعرض في هذا المطلب إلى الصلح حسب ما جاء به القانون 05/02 المؤرخ في 06/02/2005 المعدل و المتمم للأمر75/59 من القانون التجاري و نقسم إلى قسمين : ماهية الصلح في القانون التجاري و الآثار المترتبة عليه .

الفرع الأول : ماهية الصلح القضائي.

الصلح القضائي هو اتفاق يبرم بين المدين و دائنيه مع التصديق عليه من قبل القضاء بمقتضاه يتعهد المدين بتسديد ديونه كليا أو جزئيا فورا أو بآجال على أن يصبح حرا اتجاههم و أن تغلق الإجراءات ، و ينعقد الصلح برضى أغلبية الدائنين ليفرض عليهم جميعا بما فيهم الغائبين و المعترضين.

و بالنسبة للحالات التي يمكن أن يبرم فيها الصلح فإنه يتبين من المادة 317 ق.ت ، أن الصلح القضائي يبرم في حالة التسوية القضائية و لا يمكن أن يتحقق في الإفلاس ذلك أن المشرع رتب اقتراح الصلح على قبول المدين في التسوية القضائية غير أن الرجوع للمادة 322 ق.ت يجعل الأمر مختلف فاعتبار أن قيام ملاحقات الإفلاس التدليسي توقف إجراءات الصلح يفسر بمفهوم المخالفة على أن الإدانة بالإفلاس البسيط أو بالإفلاس بالتقصير لا يوقف إجراءات الصلح أي إمكانية تحقق الصلح في حالة الإفلاس لاسيما مع اعتبار المادة 338 ق.ت أن الإدانة بالإفلاس بالتقصير توجب تحول التسوية القضائية لإفلاس، و إن كان هذا التفسير لا يتماشى والمادة 349 ق.ت التي تنص على تكوين إتحاد الدائنين بمجرد إشهار الإفلاس أو تحول التسوية القضائية لإفلاس.

و إن كان الغموض يسيطر على المواد السابقة الذكر و لا يمكن معه الفصل حسما في إمكانية إبرام الصلح في حالة الإفلاس فإننا من خلال استقراء نفس المواد نستطيع الحسم في مسألة أن الصلح القضائي ليس هو ذاته التسوية القضائية كما ذهب جانب من الفقه .

1/ إبرام الصلح : طبقا للمادة 314 ق.ت فإنه في حالة قبول المدين في التسوية القضائية يستدعي القاضي المنتدب الدائنين المقبولة ديو نهم م في أجل 03 أيام التالية لقفل كشف الديون أو من تاريخ القرار الذي تتخذه المحكمة إن كان ثمة نزاع و يكون استدعاؤهم بنشر إخطارات في الصحف المختصة بالإعلانات القانونية أو مرسلة إليهم فرديا من طرف الوكيل المتصرف القضائي، لتنعقد الجمعية بحضور الدائنين المقبولة ديونهم شخصيا أو بمندوبين عنهم 315 ق.ت .

و تجدر الإشارة إلى أن الاستدعاء يجب أن يشير إلى أن هدف الجمعية هو إبرام الصلح مع المدين و أن الديون الخاصة بالدائنين الذين لن يشاركوا في التصويت ستخفض لحساب الأغلبية سواء في العدد أو في مقدار المبالغ ، و يكون مرفقا بملخص لتقرير الوكيل المتصرف القضائي بشأن الصلح ،ونص مقترحات المدين و رأي المراقبين إن عينوا ،وذلك لإطلاع الدائنين على حالة المدين ليتمكنوا من التصويت بالقبول أو الرفض على ضوئها كما يستدعى المدين بموجب رسالة موصى عليها و يكون حضوره شخصيا ولا يجوز أن ينوبه أحد إلا لأسباب قاهرة يقبلها القاضي المنتدب. و تنعقد الجمعية برئاسة القاضي المنتدب و حضور الوكيل المتصرف القضائي الذي يعرض في البداية تقرير عن حالة التفليسة و الإجراءات التي نفذت و الأعمال التي تمت المادة 316 ق.ت ليقدم المدين اقتراحاته و يحرر محضر من القاضي المنتدب يثبت فيه ما يحصل في الجمعية وما تقرره و يقوم قرار الجمعية على نتيجة التصويت حيث أن الصلح يتقرر بالتصويت عليه بأغلبية مزدوجة أغلبية الأصوات و تتحدد بأكثر من أو ما يساوي ( 50 + 1 ) وأغلبية 3/2 ثلثي الديون أي أن مجموع ديونهم المقبولة نهائيا أو وقتيا أكبر من أو تساوي ثلثي الديون.

و هذا دون احتساب الدائنين الغائبين ولا الدائنين المتمتعين بتأمينات عينية إلا إذا تنازلوا على تأميناتهم المادة 319 ق ت و يسقط التأمين بقوة القانون بالموافقة و التصديق على الصلح ، و بتوافر الأغلبية المزدوج يتم التوقيع على الصلح في الجلسة أما إذا لم يتم الحصول على الأغلبية فيرفض الصلح نهائيا و يصبح الدائنون في حالة إتحاد و إذا حصلت أغلبية في جانب واحد فالجمعية تؤجل لمدة 8 أيام و لا يلزم هنا حضور الجمعية الثانية من الدائنين الحاضرين للجمعية الأولى و الموقعين على محضرها فقرارات الدائنين بالموافقة نهائية ما لم يعدلها الدائن في الاجتماع الأخير أو أن المدين قد عدل اقتراحاته خلال المهلة.

2/ المعارضة في الصل ح : قرر المشرع حق المعارضة لجميع الدائنين الذين كان لهم حق المشاركة في الصلح أو الذين حصل إقرار بحقوقهم عند إبرامه على أن تكون المعارضة مسببة و تبلغ للمدين و الوكيل المتصرف القضائي في 8 أيام التالية للصلح و إلا كانت باطلة و تتضمن المعارضة إعلانات بالحضور أمام المحكمة في أول جلسة على أنه إذا ثبت للمحكمة أن المعارضة كانت تعسفية جاز لها الحكم بغرامة مدنية لا تتجاوز 500 دج وفقا للمادة 323 ق. ت.

و توقف المحكمة الفصل في المعارضة إذا إعترضتها مسألة تخرج عن اختصاصها لتحدد ميعادا قصيرا يرفع فيه المعترض المسألة الأولية أمام القضاء المختص 324 ق.ت

3/ التصديق على الصلح : يخضع الصلح لتصديق المحكمة بناءا على طلب الطرف الذي يهمه التعجيل و لا تفصل فيه إلا بمرور 08 أيام المحددة في المادة 323 ق.ت فإذا ما حصلت معارضة خلال هذه المدة فتبت المحكمة في المعارضة و التصديق بحكم واحد ، 325 ق.ت .

و تراقب المحكمة انتظام الشكليات المفروضة قانونا على انعقاد الجمعية و التصويت و كذا مدى تحقق المصلحة العامة أو مصلحة الدائنين في الصلح 327 ق.ت.

و تجدر الإشارة إلى أن الحكم بالمصادقة على الصلح لا يجوز استئنافه إلا من المعارضين في الصلح أما الحكم القاضي برفض الصلح فيمكن استئنافه من طرف المدين و الوكيل المتصرف القضائي و كل ذي مصلحة و قد أخضع المشرع الحكم المتعلق بالمصادقة على الصلح لإجراءات الشهر التي تخضع لها أحكام الإفلاس أو التسوية القضائية 329 ق.ت.

4/ مضمون الصلح : الصلح ينهي التسوية القضائية و يبدل العلاقات القانونية القائمة بين الدائنين و مدنيهم طبقا لما أتفق عليه .

إن الحكم بالصلح يحوز قوة الأمر المقضي به فلا يجوز تعديله و بذلك و حماية للدائنين الذين لم ينضموا للتفليسة أو لم يقبلوا فيها أو لم يحضروا جمعية المتصالحين أو المصوتين ضد إبرام الصلح كونهم خاضعين لأثرالصلح فإن هذا الأخير لا يمكن أن يكون فيه إسقاط الدين كله و يجب أن يقوم على مصلحة الدائنين و احترام المساواة بينهم و يتحدد مضمون الصلح بما صوت عليه و يظهر في إحدى الصور التالية:

أ) الصلح مع تخفيض الديون : حيث يستلم الدائنون نسبة معينة من ديونهم، يتم الاتفاق عليها بين المدين و دائنيه على أن تبقى النسبة المتبقية من الديون كالتزام طبيعي على عاتق المدين 334 ق.ت و في هذا يكون للدائنين اشتراط وفاء المدين عند اليسر لما تبقى من دينهم عند عقد الصلح.

ب) الصلح مع تأجيل الوفاء بالديون : و يكون عند اقتراح المدين لدفع جميع ديونه شريطة منحه مهلا للوفاء مع إمكانية الاشتراط في عقد الصلح بتقسيط الوفاء بالديون.

ج) الصلح مع تنازل المدين عن بعض أو كل أصوله : و ذلك مقابل تنازلهم له عن ديونهم و تنازل المدين عن هذه الأموال لا يزيل غل يده و تباع وفق نفس الطريقة التي كانت ستباع بها دون تنازل ، لتنتقل إلى المشتري من المدين لا من الدائنين و إذا ما كان ثمن البيع يفوق مبلغ الديون فإن الفرق يعود للمدين ( 348 ق.ت) على أن الصلح وفق هذه الصورة لا يقبل بطلب المدين ، وقد خصت المادة 387 ق.ت المدين التاجر بالذكر ، الأمر الذي يفهم منه أن صورة الصلح القضائي على ترك الأموال لا تتحقق في الحالة التي يكون فيها المدين شخصا معنويا غير تاجرا.

5/ بطلان الصلح و فسخ ه : ي بطل الصلح إما للتدليس الناتج عن إخفاء الأموال أو المبالغة في الديون إذا اكتشف ذلك بعد التصديق على الصلح ، إلا أن هذا الإبطال لا أثر له على ا لكفلاء بقوة القانون ما عدا الذين كانوا عالمين بالتدليس عند الالتزام . و بصدور الحكم بالإدانة للإفلاس بالتدليس فإن الصلح يبطل بقوة القانون، و يرفع طلب إبطال التدليس على المحكمة التي صادقت عليه.

و يفسخ الصلح لإخلال المدين بالتزامه، ليترتب على ذلك إعادة فتح الإجراءات و قد نصت المادة 340 ق ت على أن لكل دائن الحق في طلب الفسخ بصورة انفرادية دون أن يكون هذا الحق للدائنين أصحاب الامتياز و المرتهنين كونهم لم يكونوا طرفا في الصلح.

و تنظر المحكمة التي صادقت على الصلح في دعوى الفسخ بحضور الكفلاء أو بعد استدعائهم قانون كما للمحكمة أن تتولى القضية من تلقاء نفسها 340 ق.ت وبإبطال الصلح أو فسخه فإن المدين يعود إلى حالة التسوية القضائية فتستأنف الإجراءات بعدما توقفت بسبب الصلح فيقوم الوكيل المتصرف القضائي فورا بجرد الأوراق المالية و الأسهم و الأوراق على أساس القائمة القديمة و بمعونة القاضي الذي وضع الأختام كما يقوم بتحرير قائمة و ميزانية تكميلية إذا اقتضى الأمر ذلك ، و يجري حالا نشرا موجزا للحكم الصادر و يدعوا الدائنين الجدد إن وجدوا حتى يقدموا مستندات ديونهم للتحقيق ، ويحقق مباشرة في المستندات المقدمة على أنه لا تحقيق في الديون السابق قبولها مع الأخذ بعين الاعتبار الديون التي وفيت كليا أو جزئيا و هذا ما قضت به

المادة 344 ق.ت على أن إبطال الصلح أو فسخه لا يترتب عنه إلغاء التصرفات التي أجراها المدين بعد التصديق على الصلح و قبل الإبطال أو الفسخ إلا ما جرى منه تدليسا بحقوق الدائنين و طبقا لنص المادة 103 ق.م التي تقضي بإعادة المتعاقدين للحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد فإن كان ذلك مستحيلا جاز الحكم بتعويض معادل المواد ( 343 و 344 و 345 ق ت). )

الفرع الثاني : آثار الصلح :

أولا: إﻧﻬاء غل اليد : بصدور الحكم بالتصديق ينتهي غل اليد و يتوقف الوكيل المتصرف القضائي عن القيام بمهامه وفقا للمادة 323 ق.ت على أن يقدم حسابا بذلك بحضور القاضي المنتدب إذا اقتضى الأمر ذلك ، و إذا لم يسحب المدين أوراقه و المستندات التي سلمها للوكيل المتصرف القضائي، بقي هذا الأخير مسؤولا عنها لمدة عام و يحرر محضر بذلك بمعرفة القاضي المنتدب لتتوقف مهامه عند هذا الحد و تعود الولاية للمحكمة للفصل في أي نزاع ينشأ.

إلا أنه بالنسبة للصلح على ترك اصول ( أموال ) المدين فإن هذا الأخير لا يزول غل يده عن إدارة أمواله التي لم يشملها التخلي م 348 ق ت ، و تسري أحكام الاتحاد فيما يتعلق بالبيع و توزيع الثمن على الدائنين ( 349 ق.ت).



ثانيا: تعيين مندوبين لتنفيذ الصلح : قد يستمر الوفاء بنسب الديون المتفق عليها في الصلح سنوات عديدة و من أجل انتظام تسديدها يمكن للمحكمة القضاء بتعيين مندوبين للتنفيذ لذلك أجازت المادة 328 ق.ت ، لتعيين من مندوب إلى ثلاث مندوبين في حكم الصلح مع تحديد مهمتهم.

ثالثا: بقاء الرهن الرسمي الممنوح لجماعة الدائنين : رغم غلق الإجراءات فقد نصت المادة 335 ق.ت على بقاء الرهن الرسمي الممنوح قانونا لجماعة الدائنين ضمانا للوفاء بحصص المصالحة.على أن أثر قيد الرهن العقاري ينحصر في مبلغ تقدره المحكمة في حكم التصديق ، و يعود للمندوب المكلف بتنفيذ المصالحة الأهلية في منح رفع اليد عن القيد.







المطلب الثالث : الصلح في القانون الاسرة

يعد قانون الاسرة التشريع العائلي الذي يحكم العلاقات الزوجية ، فقد نصت المادة الاولى منه على " تخضع جميع العلاقات بين الافراد الاسرة لاحكام هذا القانون " ، و يتضح من ذلك ان هذا القانون " قانون خاص مستقل " ، يرجع اليه في المسائل المتعلقة بالزوجين و منها – الصلح بين الزوجين – تطبيقا لقاعدة الخاص يقيد العام و نبحث هذا الموضوع في النقاط التالية:

1/ مفهوم الصلح بين الزويجن 2/ اركانه 3/ و آثاره

الفرع الاول : مفهوم الصلح بين الزوجين :

أ- تعريفه : حسب نص المادة 19 من قانون الاسرة الصلح بين الزوجين هو عقد رسمي يبرمه الزوجان بارادتهما الحرة يشترطان فيه كل الشروط التي يرونها ضرورية ، و لا سيما شرط عدم تعدد الزوجات و عمل المرأة ما لم تتنافى هته الشروط مع احكام قانون الاسرة ، و يتسع الاتفاق بينهما الى كافة العقود التي تنهي النزاع بينهما او تقي اي نزاع محتل مستقبلا ، و يكون مضمونها جميع الحقوق المادية و المعنوية التي تكون سببا للخصومة .

و طبقا للمادة 49 من قانون الاسرة فالصلح بين الزوجين اجراء قضائي يتخذه القاضي قبل الفصل في دعوى الطلاق المرفوعة امامه ، و يتم عبر عدة محاولات يجريها خلال فترة معينة قد يلجأ فيها الى محكمين ، و مما سبق فان الصلح بين الزوجين هو عقد او اجراء يقدم عليه الزوجان اما اتفاق او قضاءا .

و عليه نستنتج ان الصلح بين الزوجين نوعان : صلح اتفاقي حسب نص المادة 19 أعلاه و صلح قضائي يجريه القاضي بين الزوجين قبل الفصل في الدعوى حسب نص المادة 49 أعلاه.

و حسب المادة 459 من القانون المدني فالصلح بين الزوجين عقد مدني ينهي به الزوجان نزاعا قائما او يتوقيان به نزاعا محتملا ، و ذلك بان يتنازل كل منهما على وجه التبادل عن حقه ، و عليه فان الصلح بين الزوجين هو – عقد - و قد عرفته المادة 54 من القانون المدني " العقد اتفاق بين يلتزم بموجبه شخص او عدة اشخاص آخرين بمنح او فعل أو عدم فعل شيئ ما "

و قد عرف الفقه الإسلامي الصلح بين الزوجين على انه " عقد وضع لرفع المنازعة " ، فالصلح هو ما تسكن اليه النفوس و يزول به الخلاف و يعني تنازل الزوجين عن شح النفس بالمال او بالمشاعر رغبة في ابقاء الصلة الزوجية و الرابطة العائلية ، و لا يكون الصلح الا عندما يكون بين الزوجين و الشقاق بمعنى العداوة و الخلاف ، فيكون الصلح بإزالة كل هذا في الابقاء على الرابطة الزوجية .

ب – عناصره : حسب نص المادة 49 من قانون الاسرة ، و حتى يتم نجاح الصلح يجب توافر ثلاثة عناصر و هي :

- نزاع قائم او محتمل بين الزوجين ، اما النزاع القائم فيكون عندما يرفع احد الزوجين دعوى امام القضاء ، و اما النزاع المحتمل فيحدث حينما يريد الزوجان التوقي منه حفاظا على كيان الاسرة و الروابط الازوجية ( م 04 ق الاسرة ) .

- نية حسم النزاع لدى الزوجين بانهائه ان كان قائما او بتوقيه ان كان محتملا ، و ذلك حتى تستمر الحياة الزوجية عن رضا و اطمئنان ( م 08 ق الاسرة ) .

ـ نزول كل من الزوجين المتصالحين عن جزء من ادعائه على وجه التقابل ، فاذا لم ينزل احدهما عن شيئ مما يدعيه ، و نزل آخر عن كل ما يدعيه لم يكن هذا صلحا بل هو محض نزول عن الادعاء ، فاقرار الزوج لزوجه بكل ما يدعيه او نزوله عن ادعائه هو التسليم بحق الآخر و ليس صلحا بل لابد من التضحية من الجانبين ( م 19 من قانون الاسرة ).

و بين فقهاء الاسلام عناصر الصلح بين الزوجين في : وجود النزاع او خوف وقوعه ، فالنشوز يدل على ان النزاع قائم بين الزوجين ، وهنا يستوي الامر فيما اذا كان الزوج ناشزا او الزوجة هي الناشز ، فاذا خافت المرأة نشوز زوجها و اعراضه عنها و هنا نكون امام الخوف من وقوع النزاع ، اما العنصر الثاني فهو نية الزوجين في التصالح و العنصر الثالث يتمثل في تنازل كل من الزوجين المتصالحين عن بعض حقوقه من اجل ترضية الآخر ، فالزوجة تتنازل عن جزء من نفقتها و الزوج يتنازل عن جزء من ماله ، ابقاءا على الصلة الزوجية .





الفرع الثاني : اركان الصلح بين الزوجين

لعقد الصلح بين الزوجين اركان اساسية ، تتمثل في اركان موضوعية ) التراضي ، المحل ، السبب ( و التي سبق تبيانهم ضمن المطلب الثاني من المبحث الاول في هذا البحث و سنحاول هنا اسقاطها فقط فيما يتعلق بالنزاعات بين الزوجين ، و اركان شكلية تتمثل في اجراءات الصلح بين الزوجين و إثباته .

1/ الاركان الموضوعية :

أ / التراضي : فالصلح الذي يكون بين الزوجين هو عقد رضائي يشترط لانعقاده توافق الايجاب و القبول ، و يجب تبين متى تم الاتفاق نهائيا بين الطرفين لانه لا يتم عادة الا بعد مفاوضات طويلة ، و لا يجوز الوقوف عند اي مرحلة من مراحله و تسري عليه القواعد العامة في نظرية العقد حسب نص المواد 59 ، 574 – و كالة خاصة - من القانون المدني . و كما يجب ان تتوفر فيه شروط الصحة و هي : الاهلية ، خلو الارادة من العيوب .

* الاهلية : و قد حددتها المادة 07 من قانون الاسرة ببلوغ سن 19 سنة كما نصت المادة 81 من نفس القانون على حالة فاقد الاهلية .

* عيوب الرضا : بالنسبة للغلط نضمت احكام المواد 81 ، 84 ، 465 من القانون المدني ، التدليس المادة 86 من ق م ، الاكراه و التهديد م 88 ق م ، الاستغلال المادة 90 من ق م .

ب / المحل : ان محل عقد الصلح بين الزوجين يتمثل في الحقوق و الواجبات المخولة لكل واحد منهما المواد 36 ، 38 ، 39 من قانون الاسرة . هذا مع الاخذ بالاعتبار احكام المادة 461 من القانون المدني و المتعلقة بعدم جواز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية او بالنظام العام ، فلا يجوز للزوج ان يصالح زوجته على نفي او اثبات نسب ابنهما او اسقاط حق النفقة الزوجية او العدل حالة تعدد الزوجات ، و محل الصلح ايا كان يجب ان تتوفر فيه الشروط العامة في المحل * موجودا او ممكنا ، معينا او قابلا للتعيين ، مشروعا* م 92/96 من القانون المدني.

ج/ السبب : ان السبب في الصلح هو الباعث الدافع للزوجين الى الصلح ، فقد يكون خشية خسارة الدعوى او العزوف عن التقاضي بما تتطلبه من وقت ، العلانية و التشهير ، الابقاء على صلة الرحم و يمكن استخلاص البواعث من اسباب الزواج نفسها من تكوين اسرة اساها المودة و الرحمة و التعاون و الاحصان ... الخ .

و يشترط في السبب الوجود و المشروعية حسب نص المادة 97 ، 98 من القانون المدني .

2/ الاركان الشكلية :

أ / اجراءاته : نصت المادة 49 من قانون الاسرة على انه " لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد عدة محاولات صلح يجريها القاضي دون ان تتجاوز مدتها 03 اشهر ابتداءا من تاريخ رفع الدعوى و يتعين على القاضي تحرير محضر يبين فيه مساعي و نتائج محاولات الصلح ، يوقعه أمين الضبط و الطرفين " و عليه فانه يجب على القاضي المختص بالفصل في دعوى الطلاق ان يستمع إلى كل من الزوجين المتخاصمين ، و ذلك في جلسة خاصة كون أن الصلح في مادة شؤون الأسرة إجراء وجوبي يتم في جلسة سرية ، فيستمع إلى كل واحد على انفراد ثم معا و يمكن بناءا على طلب الزوجين حضور احد أفراد العائلة و المشاركة في محاولة ، أما حضور الغير جلسة الصلح هو أمر مستحدث بموجب القانون الجديد بناءا على تدخل لجنة الشؤون القانونية و الحريات حيث استبدل حضور محامي الزوجين بأحد أفراد العائلة نظرا لخصوصية النزاع و حساسيته و مراعاة لتقاليد الأسرة الجزائرية .

و يمكن للقاضي منح الزوجين مهلة تفكير لإجراء محاولة صلح جديدة ، كما يجوز له اتخاذ ما يراه لازما من التدابير المؤقتة بموجب أمر غير قابل لأي طعن ، و في جميع الحالات يجب أن لا تتجاوز مدة الصلح ثلاثة أشهر من تاريخ رفع دعوى الطلاق .

إذا استحال على احد الزوجين الحضور في التاريخ المحدد أو حدث له مانع ، جاز للقاضي إما تحديد تاريخ لاحق للجلسة ، أو ندب قاض آخر لسماعه بموجب إنابة قضائية ، غير انه إذا تخلف احد الزوجين عن حضور الجلسة المحدد للصلح بدون عذر رغم تبليغه شخصيا يحرر القاضي محضرا بذلك .

في حالة عدم الصلح أو تخلف احد الزوجين رغم مهلة التفكير الممنوحة له ، يشرع في مناقشة موضوع الدعوى أما إذا تم الصلح بين الزوجين ، يحرر أمين الضبط تحت إشراف القاضي محضرا بذلك في الحال و يوقع عليه من طرف القاضي و أمين الضبط و الزوجين و يودع بأمانة الضبط [2] .

و نصت المادة 459 ق م على ان الصلح عقد ، و العقد قد يكون رضائيا يكفي لانعقاده مجرد التراضي اي مجرد تطابق الارادتين عليه ، ايا كانت وسيلة التطابق كتابة او شفاهة او اشارة و الرضائية هي القاعدة العامة في القانون المدني مالم يقضي بغير هذا نص خاص ، و يتم العقد وفق م 59 ق م بمجرد ان يتبادل الطرفان التعبير عن ارادتهما المتطابقة دون الاخلال بالنصوص القانونية ، و بالعودة اليها نجد ان الصلح بين الزوجين يتطلب إفراغه في وثيقة رسمية ، مما يجعله عقدا شكليا الذي لا يكفي التراضي لانعقاده بل يجب بجانبه اتباع شكل معين يوجبه القانون والهدف من هذه الشكلية هو تنبيه المتعاقدان او احدهما الى خطورة العقد الذي يريدان إبرامه.

ب / إثباتــه : و نميز بين حالتين : حالة نجاح الصلح و حالة فشله

- نجاح الصلح : نصت المادة 49 فقرة 2 من قانون الاسرة " يتعين على القاضي تحرير محضر يبين فيه مساعي و نتائج محاولات الصلح يوقعه مع كاتب الضبط و الطرفين " ، كذلك نص المادة 443 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ، يتضح من ذلك انه يجب على القاضي اذا نجح في تحقيق الصلح بين الزوجين ان يحرر محضر بذلك يوقعه مع كاتب الضبط و الزوجين ، و لهذا المحضر اهمية بالغة في الاثبات و انهاء الخصام بين الزوجين و ينجم عن هذا المحضر صدور حكم بالتصديق على الصلح يعد بمثابة ورقة رسمية اي سند واجب التنفيذ إلا انه ليس حكما قضائيا اذ لا يخرج عن كونه عقد تم بين متخاصمين و هو يختلف عن الحكم القضائي الذي يصدر بناءا على الصلح اثناء نظر الدعوى ، اذ الحكم الاول كان قبل الفصل في الدعوى المرفوعة فكان عملا وقائيا سابقا على الحكم القضائي ، بينما الثاني حكم قضائي صدر خلال اجراءات الفصل في الدعوى .

و طبقا للمادة 459 ق م فالصلح بين الزوجين عقد مدني يجري اثباته وفق القواعد العامة في نظرية العقد بكافة طرق الاثبات المواد 323 ، 324 ، 324 مكرر 3 ، 324 مكرر 5 من القانون المدني .

ـ فشل الصلح : نصت المادة 49 فقرة 2 من ق الاسرة على تحرير الصلح ، فان لم يتمكن القاضي من التوفيق بين الزوجين وجب عليه تحرير محضر لاثبات فشل الصلح بين الزوجين ، يوقعه مع كاتب الضبط و الطرفين ، و هذا المحضر حجة على وقوع الاجراء الذي اوجبه المشرع قبل الفصل في دعوى الطلاق و الا كان الحكم الصادر مشوبا بعيب الاجراءات و الشكل.

و إذا لم يقع الصلح بين الزوجين بالاتفاق بينهما " في حالة الصلح الاتفاقي " فان الحقوق و الالتزامات تظل قائمة طبقا للمادة 462 من ق المدني ، و يثبت ذلك عن طريق الاعذارات و الإنذارات التي توجه الى الطرف الآخر المدين بالوفاء بالالتزاماته حسب المادة 164 من ق المدني ، فان رفض التنفيذ يثبت القائم بالتنفيذ " المحضر القضائي " ذلك في محضر و يحيل صاحب المصلحة الى المحكمة المختصة للمطالبة بالتعويضات او التهديدات المالية ما لم يكن قد قضى بها من قبل حسب المادة 340 ق م .










قديم 2013-05-14, 21:12   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثالث : آثار الصلح بين الزوجين

اثر الصلح بين الزوجين هو حسم النزاع الذي وقع عليه ، و الصلح في الأصل يكشف الحقوق لا ينشئها ، و أثره نسبي بالنسبة للأشخاص و بالنسبة إلى المحل و السبب ، و عليه نتكلم في نقطتين هما : 1/ حسم النزاع 2/ الأثر الكاشف و النسبي للصلح .

1/ حسم النزاع : يتم حسم النزاع بين الزوجين و ذلك بانقضاء الحقوق و الادعاءات التي نزل عنها كل منهما و يستطيع كل واحد منهما أن يلزم الآخر بما تم عليه الصلح أو يطلب فسخه لعدم التنفيذ .

أ‌- انقضاء الحقوق و الادعاءات : نصت المادة 462 ق م على " ينهي الصلح النزاعات التي يتناولها / و يترتب عليه إسقاط الحقوق و الادعاءات التي تنازل عنها احد الطرفين بصفة نهائية " كما نصت المادة 50 من قانون الأسرة على انه " من راجع زوجته اثناء محاولة الصلح لا يحتاج الى عقد جديد و من راجعها بعد صدور الحكم بالطلاق يحتاج الى عقد جديد " من هنا يتبين أن الصلح له اثر انقضاء الحقوق و الادعاءات دون الحاجة إلى عقد زواج جديد ، ما تم التنازل عليه ينقضي و ما تم الصلح عليه يثبت .

على أن تفسير عبارات التنازل التي تضمنها عقد الصلح بين الزوجين يجب أن تكون في نطاق ضيق حيث يتناول الحقوق التي كانت محل نزاع و حسمها الصلح فقط دون غيرها [3] ، و يستند في ذلك قاضي الموضوع إلى أسباب معقولة ، و الواقع أن مثل هذا الصلح القضائي قد لا يثير أي إشكال في تفسيره كون انه تم تحت إشراف القاضي ، غير أن الصلح الإتفاقي الذي يتم بين الزوجين و تصادق عليه المحكمة قد يشكل إشكال فقد يتضمن صياغة غير محكمة و دقيقة مما يعرضه إلى الوقوع في الغموض فعندئذ يلجأ إلى القواعد العامة في تفسير العقود .

ب- طرق الإلزام بالصلح : و يتم بطريقين إما بالدفع به لعدم تجديد النزاع أو بطلب فسخ الصلح إذا اخل احد الطرفين به .

ـ الدفع بالصلح : إذا إنحسم النزاع طبقا للمادة 49 من ق الاسرة و المادة 443 من ق إ م إ ، لم يجز لأي من الزوجين المتصالحين أن يجدد هذا النزاع ، لا بإقامة دعوى جديد و لا بالمضي في الدعوى التي كانت مرفوعة ، و يستطيع المتصالح الآخر الدفع به و تنقضي ولاية المحكمة على الخصومة و لا يصح ان تحكم فيها حتى بالمصروفات ما دام الصلح قد ابرم بمعرفتها طبقا للمواد 106 ، 107/ 1 و 2 ، ، كما يجوز للزوجين المتصالحين وضع شرط جزائي للتأخر في تنفيذه فتتبع في ذلك القواعد العامة المقررة طبقا للمادة 183 من القانون المدني .

ـ فسخ الصلح : بما أن الصلح بين الزوجين عقد ملزم لجانبين فيرد عليه الفسخ وفقا للقواعد العامة المقررة في نظرية العقود ، فيجوز لكل من المتصالحين الطعن فيه بدعوى أصلية لإبطاله لعيب من عيوب الإرادة أو لغيره من أسباب البطلان .

كما يجوز المطالبة بفسخ الصلح كما هو الأمر في سائر العقود الملزمة لجانبين ، فإذا اخل احد الزوجين بالتزامه المحدد في عقد الصلح جاز للطرف الآخر المطالبة بفسخه ، غير أن فريقا من الفقهاء في فرنسا اعترضوا على ذلك كون أن الصلح كاشف للحق فإذا تصالح زوجان وارثان تنازعا على ميراث بيت و ارض و اختص احدهما بالبيت و الثاني بالأرض اعتبر كل منهما مالكا لما اختص به لا بعقد الصلح بل بالميراث ، فلا يتصور إذن فسخ الصلح في هذه الحالة ما دام كل منهما قد اقر للآخر بملكية ما اختص به و الإقرار إخبار لا إنشاء .





2/ الأثر الكاشف و النسبي للصلح : إن الصلح بين الزوجين في الأصل يكشف عن الحقوق لا ينشئها و أثره نسبي للأشخاص و السبب .

أ – الأثر الكاشف للصلح :

ـ بالنسبة للحقوق المتنازع عليها : من نص المادتين 36 ، 37 من قانون الأسرة يتبين أن الصلح بين الزوجين له اثر كاشف في الحقوق المتنازع فيها طبقا لوجود ذمة مالية مستقلة لكل زوج عن الآخر ، فالحقوق تستند في أصلها إلى ما تقرر من واجبات على الزوجين و إلى الأموال المكتسبة لأي منهما . كما نصت المادة 463 من القانون المدني على " للصلح اثر كاشف بالنسبة لما اشتمل عليه من حقوق ، و يقتصر هذا الأثر على الحقوق المتنازع فيها دون غيرها"

و عليه فان الحق الذي يخلص للزوج المتصالح بالصلح يستند إلى مصدره الأول لا إلى الصلح ، فإذا اشترى زوجان أرضا بالشيوع ثم تنازعا على نصيب كل واحد منهما فيها ، و تصالحا على أن يكون لكل منهما نصيب معين اعتبر كل منهما مالكا لهذا النصيب بعقد البيع الذي اشتريا به الأرض لا بعقد الصلح .

ـ بالنسبة للحقوق غير المتنازع فيها : للصلح بين الزوجين اثر منشئ او ناقل للحقوق غير المتنازع فيها ، و التي قد تكون حقوقا غير مالية كما أنها قد تتضمن حقوقا مالية .

وقد اقتصر نص المادة 463 من ق المدني على الأثر الكاشف للحقوق المتنازع فيها دون غيرها ، غير ان الصلح قد يتضمن حقوقا غير متنازع فيها ، و في هاته الحالة ينشئ الصلح التزامات أو ينقل حقوقا فيكون له اثر منشئ او ناقل لا اثر كاشف و مثال ذلك ( أن ينزل زوج صلحا عن ارض متنازع فيها للزوج الآخر في نظير أن يلتزم الآخر للأول بدفع مبلغ من النقود أو يعطيه دارا ، فهنا الصلح يعتبر منشئا بالنسبة إلى الالتزام بدفع المبلغ من النقود و ناقلا بالنسبة إلى الدار و كاشف بالنسبة إلى الأرض لأنها هي الحق المتنازع عليه ) .

ب - الأثر النسبي للصلح :

ـ بالنسبة لأطرافه : نصت المادة 04 من ق الأسرة على أن " الزواج عقد رضائي يتم بين رجل و امرأة على الوجه الشرعي ، من أهدافه تكوين أسرة أساسها المودة و الرحمة و التعاون ، و إحصان الزوجين و المحافظة على الأنساب " و نظرا لطبيعة عقد الزواج الخاصة و المتسمة بالقدسية ، فاذا ابرم زوجان عقد صلح بينهما فان اثره لا ينصرف للغير من الناس و لو كانوا من الاقارب كالورثة ، فاذا تصالحت الزوجة المصابة مع الزوج المسؤول عن الاصابة ، ثم ماتت الزوجة من جرائها ، فان الصلح لا يحتج به من قبل الزوج المتصالح على ورثة الزوجة المصابة فيما يخص بالتعويض المستحق لهم شخصيا بسبب وفاة المصابة و يستثنى من هته القاعدة فيما اذا كان احد الزوجين احد المدينين المتضامنين ، فان الصلح بين الزوجين في هته الحالة ينصرف اثره الى جميع المدينين المتضامنين فيما يتعلق باكتساب الحقوق دون تحمل الالتزامات طبقا للقواعد العامة ، ذلك ان التضامن بين المدينين مفترض ، و اذا قام احدهم بالوفاء للزوج المتصالح الدائن سقط الدين عن الزوج المتصالح المدين .

و نصت المادة 108 من ق المدني على انه لا يترتب على الصلح نفع و لا ضرر لغير عاقدين ، حتى لو وقع على محل لا يقبل التجزئة ، فاذا تصالح زوج وارث مع زوج موصى له على وصية فالورثة الآخرون غير الزوجين لا يحتجون بهذا الصلح ، و لا يحتج به عليهم . [4]

ـ بالنسبة للمحل و السبب : تناولت المادة 36 من ق الأسرة واجبات الزوجين و أكدت المادة 37 من ق الأسرة الذمة المستقلة لكل واحد منهما و أجازت عقد الصلح فيما يطرأ من حقوق مالية متنازع عليها فإذا وقع هذا الصلح فيجب أن يقتصر على الحق المتنازع عليه دون غيره و هذا ما يعرف بالأثر النسبي للصلح في المحل ، كما أن الصلح بين الزوجين له اثر نسبي فيما يتعلق بالسبب فإذا تم على حق أو حق تلقاه احدهما على سبب معين ثم تلقى نفس الحق من شخص آخر أو على سبب آخر فان هذا الحق المكتسب لا يرتبط بالصلح ، و مثال ذلك : تصالح الزوج مع زوجه على ارض اشتراها منه و بعد ذلك اشترى نفس الأرض من شخص آخر ، فالصلح لا يجاوز النزاع القديم إلى السبب الجديد ، و يحتج الزوج المتصالح على زوجه بالبيع الصادر له من الشخص الآخر [5] ، فهنا اثر الصلح بين الزوجين في النزاع بينهما يقتصر على سبب يختلف تماما عن سبب البيع الجديد ، فهنا الصلح بين الزوجين لا يمكن أن يمتد إليه و إن كان المحل واحد و هو نفس الأرض إلا أن هناك سببان مختلفان .

و حسب المادة 462/1 من ق المدني فان الصلح بين الزوجين يجب أن يكون مقصورا على النزاع الذي تناوله مما يدل على أن له اثر نسبي فيما يتعلق بالمحل ، فإذا تصالح زوج موصى له مع زوج وارث على وصية ، لم يتناول الصلح إلا الوصية التي وقع النزاع بشأنها ، فلا يشمل وصية أخرى للموصى له تظهر بعد ذلك ، و طبقا للمادة 97 من ق المدني فان الزوج إذا تصالح مع زوجه على حق له أو على حق تلقاه على سبب معين ، ثم تلقى هذا الحق ذاته من شخص آخر أو بناءا على سبب آخر ، لا يكون هذا الحق الذي كسبه من جديد مرتبطا بالصلح السابق ، و مثاله إذا نازع الزوج الوارث في صحة وصية صادرة لشخصين احدهما زوجه الذي تصالح معه ، فان هذا الصلح لا يحتج به الموصى له الآخر ، و لا يحتج به عليه .













الخاتمة :

جــاء في كلـمة القـاضي الأول في البـلاد , رئـيس الجمـهورية , بمـــناسبة إفـتتاحه للســنة القــضائية 2002/2003 قولــه : ﴿ ... فــعلى القــاضي أن يكون واعيا و مدركا لمسئوليته , ويمكــنكم بترجــيح الصـلح على المقـاضاة أن تخفـفوا من اكتظاظ المـحاكم و تيســـروا حـياة المواطنــين الذين يلجــؤون إليكم ... ﴾ . فما أحوجـنا إلى الصـلح و خاصة في هذا الظرف بالـذات , إنـه الصــلح بأبعاده الأخلاقية والاجتماعية و الإقتصادية , و مـــا يهـــمنا هــنا هـو الصـلح كآلية فــعالة وأســلوب متمــيز لإنهاء النـــزاعات أيــا كــان طابــعها , فــقد رأينا أن المــشرع أجــازه في المواد المدنية بنص المادة 04 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية كأصـل عــام .

و قد رأينا في بحثنا هذا أن للصلح أهمية بالغة في إنهاء الخصومات ، فهو يعد – بحق – من أساليب الحلول البديلة لفض النزاعات المدنية ، و أن المشرع الجزائري اذ استدرك الفراغ الذي كان موجودا و نظم أحكام الصلح في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد ، حيث حدد إجراءاته و بين آثاره ، فانه يكون قد مكن القاضي من القيام بمهمة الصلح على الوجه المطلوب منه ، مساهما بذلك في تقليص حجم القضايا المطروحة على القضاء و التي هي في تزايد مستمر.

غير أن إجراء الصلح يتطلب إرادة قوية و حكمة ووعي لدى الأطراف للوصول إلى الحل الودي.











قائمة المراجع

أولا : الكتب :

1/ عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي ، الاختيار لتعليل المختار ، الجزء الثاني ، دار الخير ، سنة 1998 .

2/ د :أحسن بوسقيعة , المصالحة في المواد الجزائية بوجه عام وفي المادة الجمركية بوجه خاص , الطبعة الأولى, الديوان الوطني للأشغال التربوية ,2001 .

3 / د: إبراهيم أحمد زكي بدوي:القاموس القانوني,فرنسي- عربي, مكتبة لبنان .

4/ د: محمود زناتى : نظم القانون الروماني.

5 / د: عبد الرزاق السنهوري , الوسيط في شرح القانون المدني , المجلد الثاني , دار إحياء التراث العربي بيروت – لبنان ، 1952.

6 / د: عبد الرزاق السنهوري , الوسيط في شرح القانون المدني , الجزء الخامس , دار إحياء التراث العربي بيروت – لبنان ، 1952 .

7 / مجلة المحكمة العليا ، عدد خاص جزء 02 ، الطرق البديلة لحل النزاعات : الوساطة و الصلح و التحكيم ، المحكمة العليا ، الجزائر ، 2009 .

8 / أ/ أحمية سليمان ,آليات تسوية منازعات العمل والضمان الاجتماعي في القانون الجزائري , ديوان المطبوعات الجامعية ، طبعة 04 ، سنة 2005 .



ثانيا المذكرات :

1 / الصلح في المنازعات المدنية والإدارية , مذكرة من إعداد الطالبة القاضي : لشهب نسيمة , الدفعة الحادية عشر - 2000 / 2003 - المعهد الوطني للقضاء ..

2 / الصلح بين الزوجين , مذكرة نهاية التخرج لنيل شهادة ليسانس في العلوم القانونية والإدارية , من إعداد الطالبين : عبد المالك عرفة ، عبد المجيد بوزيد ، جامعة ورقلة ، سنة 2007/2005 .



النصوص التشريعية :

1 / قانون 08/09 المؤرخ في 25/02/2008 المتضمن الإجراءات المدنية و الإدارية .

2 / قانون 05/02 المؤرخ في 06/02/2005 المعدل و المتمم للأمر75/59 من القانون التجاري .

3 / قانون 90/04 المؤرخ في 06/02/1990 المتضمن تسوية النزاعات الفردية في العمل ، ج ر عدد 06 المؤرخ في 07/02/1990 .

4 / قانون 90/02 المؤرخ في المؤرخ في 06/02/1990 المتضمن تسوية النزاعات الجماعية و ممارسة حق الإضراب ، ج ر عدد 06 المؤرخ في 07/02/1990 .

5 / القانون المدني الجزائري .

6 / الأمر 05/02 المؤرخ في 27/02/2005 المعدل و المتمم لقانون الأسرة










[1] احمية سليمان ،آليات تسوية منازعات العمل و الضمان الاجتماعي في القانون الجزائري ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الطبعة الرابعة 2005 ، ص 23-24

[2] انظر المواد من 439 إلى 442 من قانون رقم 08-09 مؤرّخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008، يتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية .



[3] انظر المادة 464 من القانون المدني

[4] الصلح بين الزوجين , مذكرة نهاية التخرج لنيل شهادة ليسانس في العلوم القانونية والإدارية , من إعداد الطالبين : عبد المالك عرفة ، عبد المجيد بوزيد ، جامعة ورقلة ، سنة 2007/2005 ، ص 38 .

[5] د عبدالرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، المجلد الثاني ، دار التراث العربي ، بيروت ، 1952 ، ص 593 .










قديم 2013-05-14, 21:14   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

عنوان هذه المذكرة الصلح في القانون الجزائري










 

الكلمات الدلالية (Tags)
مساعدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:19

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc