الطبقة الكادحة و صبرها على الجور و الظلم.

[صالح القسنطيني]

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

و بعد:

استسمح أخواني الشعراء، بأن أرمي مقالي هذا بين كتاباتهم، فقد أعدم لنا قسمنا (قسم الخواطر)، و أجهضت معه جميع مقالاتنا هناك، فلم يبق لنا إلا مزاحمتكم في قسمكم.



قد يظن ظان - و ما أكثرهم - أنّ مقالي هذا منقول من بطن كتاب أو مسحوب من مواقع السحاب، و أشهد الله ربي و رب السموات و الأرض أنّ المقال مقالي، و من عقد لساني، و مما جاد به خاطري، و نسجته أناملي. كتبته ردا على أحدهم همه التنقيب عن النيات، و اتهام الإرادات، لقّب بالعمدة في قسمه، و اللبيب بالإشارة يفهم.


المقال

كان و يا مَا كان، في قديم الزمان، و سالف العصر و الأوان، يحكى أنه كان أمير بنى قصرا و شيد له البنيان، و أحكمه و ثبته بالدعائم و الأركان، و أوصده و أغلقه بالأسوار و الحيطان، و رفع بنيانه حتى بلغ العنان، و رصعه بالجواهر و المرجان، فكان القصر شديد اللمعان، و فجّر فيه المياه و الوديان، سقيا لكل ضمآن، و مورد عذب زلال لكل عطشان، و ضمن قصره الأشجار ذوات الأفنان، كثيفة الزهور و الأغصان، المنبثة للفاكهة و العنب و الرمان، قريب المنال ثمرها دان، و زرع فيه من كل حب زوجين، و من جميع الزرع نوعين، فما اشتكى في مملكته جوعان، فكان قصره في جماله و بهائه كدار الجنان، و في ضيائه قد فاق القمرين، و كثير الخيرات بلا حسبان، فلاح في الأفق كالنجمين، فصار القصر عظيم الشان، ليس به عيب و لا نقصان، لا يقدر بأثمان.

و اشتهر ذاك الملك بعدله و إنصافه و الإحسان، و رفقه برعيته و الحنان، نصب بالقسطاس الميزان، فكان الضعيف و القوي عنده سِيَّان، لا يفرق في عدله يبن الشيب و الشبّان، و نصره للمظلوم قد بان، و أخذه بيد الظالم بقوّة السّّنان، فما اشتكى في مملكته لسان، و ما نقم عليه إنسان، بل رفقه وسع و شمل حتى الحيوان، فعاش الجميع في مملكتك تلك عيش الإخوان، لا يفرق فيه بين كادح و ذي سلطان، و راية العدل فوقهم منشورة لها خفقان، يراها الناظر و العميان، يغبطهم في سعادتهم و تراحمهم و ودهم و تعاونهم كل إنس و جان.

و كان لذاك الملك العادل ديوان، جمع فيه الأفاضل و الخيرة أهل العرفان، ليكونوا له أعوان، ثم جعلهم عيونا له على الطبقة الكادحة مغبرة القدمين، و هذه سنة جميع المماليك التي مرت و تعاقبت عقب الزمان، فلا بد لكل مملكة من مشرفين و مراقبين شجعان، يخوضون المعارك الضارية خوض الفرسان، و يدافعون عن المملكة و يردون عنها العدوان، بعلم و عدل و إنصاف و بيان، مبتعدين عن كل خلق التكبر خلق أهل الطغيان، فما نامت لهم أجفان، ساهرين على الخير من غير توان.

ثم كان ما لم يكن في الحسبان، بعد أن خرج الملك لسفر بمكان، فابتليت تلك المملكة بصنفين، بعض الرعية و زمرة من أهل الديوان، فلبسوا لباس النكران، و جحدوا نِعم أميرهم جحد الكفران، و نشروا الشر و الفساد كالطوفان، و رضوا بعيش الذل و الهوان، و ساروا في البساتين سير الثعبان، ناشرين لسمهم نشر الفتّان، فأذاعوا المنكر بعد أن ألبسوه ثوبين، ثوب حسد و عصيان، و ثوب كره و نكران، و هموا بإحراق القصر و إشعال النيران، و تنادوا فيما بينهم و تناصروا بإعلان، و حشروا لفعلهم العدّة و الأبدان، و ما ردهم عن عملهم وازع دين و لا إيمان، فتطاير شرهم و كثر له الدخان، و أهلكوا الحرث و قلعوا الأمان، و شردوا النساء و الصبيان، و نشروا في أرجاء القصر جميع الأحزان، و أشبعوا الطبقة الكادحة العدوان.

فلما عاد الأمير من سفره بأمان، و رأى المنكر رأي العيان، سأل عن ذلك الفاعل الجبان، ليسلط عليه أقصى العقوبات التي يستحقها الخوان، ليكون لمن خلفه برهان، تزلف (أصحاب قصور العاج) و ألصقوا التهمة بالطبقة الكادحة طبقة الضعفان، و ألبسوا الحق بالباطل الفان، فاستجاب الأمير لهم و شرد (بالطبقة الكادحة) في الأوطان، بعد أن قطع لهم الأرجل و اليدين، و مزقوا لهم اللسان، حتى لا يظهرون مقالا و لا بيانا، فخرجت الطبقة الكادحة مظلومة قارعة سن الندمان.

هل حقا هذا ما يفعله بهم الإخوان؟؟؟؟؟؟؟

و الله ربنا المستعان، و عليه التكلان.

[الماوردي 12]

أما فهذه حكايتي عن *** الاسد و الميزان ***

كان يا مكان
في قديم الزمان
و سالف العصر و الأوان
حكاية ترويها العجائز للصبيان
عن عابر سبيل كان مــارّا بمكان
فيه الخيرات و المظاهر الحسان
بلاد خضراء زاهية الألوان
واسعة الأطراف كثيرة الجنان
بها الزيتون و النخل و الرمان
يتخللها نهر جار منذ أزمان
لاح نظره شجرة طويلة الأفنان
كثيرة الأوراق غضة الأغصان
فجلس ليستظل تحتها و هو نعسان
حتى لمح جمعا من الشبان
يتبعهم شيوخ و نساء ولدان
يجرون في خوف و أشجان
فخاطبهم : يا ناس ما بكم ؟ أجيبوا الحيران !!!
قال أحدهم : إنه الأسد الضيغمان
هذه عادتنا معه منذ أزمان
كل يوم نقدم له القربان
و يفترس فردا من هؤلاء السكان
فقال : عجبي ! لما لا تهجروا هذا المكان ؟؟؟
لتنعموا بالسلم والأمان
و العزة و الكرامة و الاطمئنان
و تهنئوا كما يفعل السعدان
و أيضا الغزلان
و الضبيان
و كل ذوات هوان
قال : إن فيها حاكم عادل مبان
مقسط بالحق و هو أبان
يتقن الوزن بالميزان
لا يملك لا سوارا و ليس عنده صولجان
و لا الجواري و لا الغلمان
و لا حتى الخصيان
و فيه خلق الإنسان
لذا فقد رضينا بالدم و النعمان
لكن لن نرضى بالظلم و الهوان
و العيش تحت الباطل و الحرمان
و حكم العميل و المرزبان

[سليم_الجزائر]

يعجز اللسان امام هذا البيان

[ابوانس 22]

وعليك السلام ورحمة الله
لم اعلم انه يوجد حكاية اخرى بعد الالف ...من حكايات الف ليلة وليلة ..هههههههههها
فما كان ينقص الا قمر الزمان ...ههها
طبعا امزح معك ولكن مقالتك حقا اسرتني بهذا الزخرف و البيان ..وتزدجى شكور حميم على هذه التحفة .

[AMARAGROPA]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

جيد ... بارك الله فيك ونستعرف بيك !!!

سلام...

[صوت خافت]

مبدع أخي صالح كالعادة . قلمك سيّال أخي صالح جعلك الله ممن يستعملونه في الخير.
بارك الله فيك ...

[سلاف26]

روعة أخي صالح سلمت يمناك على ما كتبت و كما قلت و الله ربنا المستعان، و عليه التكلان . و يستحق موضوعك تقييما
آسفة قيمت موضوع بـ 5 نجوم لكنها لم تظهر لا أدري لما

[صالح القسنطيني]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الماوردي 12

أما فهذه حكايتي عن *** الاسد و الميزان ***

كان يا مكان
في قديم الزمان
و سالف العصر و الأوان
حكاية ترويها العجائز للصبيان
عن عابر سبيل كان مــارّا بمكان
فيه الخيرات و المظاهر الحسان
بلاد خضراء زاهية الألوان
واسعة الأطراف كثيرة الجنان
بها الزيتون و النخل و الرمان
يتخللها نهر جار منذ أزمان
لاح نظره شجرة طويلة الأفنان
كثيرة الأوراق غضة الأغصان
فجلس ليستظل تحتها و هو نعسان
حتى لمح جمعا من الشبان
يتبعهم شيوخ و نساء ولدان
يجرون في خوف و أشجان
فخاطبهم : يا ناس ما بكم ؟ أجيبوا الحيران !!!
قال أحدهم : إنه الأسد الضيغمان
هذه عادتنا معه منذ أزمان
كل يوم نقدم له القربان
و يفترس فردا من هؤلاء السكان
فقال : عجبي ! لما لا تهجروا هذا المكان ؟؟؟
لتنعموا بالسلم والأمان
و العزة و الكرامة و الاطمئنان
و تهنئوا كما يفعل السعدان
و أيضا الغزلان
و الضبيان
و كل ذوات هوان
قال : إن فيها حاكم عادل مبان
مقسط بالحق و هو أبان
يتقن الوزن بالميزان
لا يملك لا سوارا و ليس عنده صولجان
و لا الجواري و لا الغلمان
و لا حتى الخصيان
و فيه خلق الإنسان
لذا فقد رضينا بالدم و النعمان
لكن لن نرضى بالظلم و الهوان
و العيش تحت الباطل و الحرمان
و حكم العميل و المرزبان

روعة كلماتك اخي، بارك الله فيك و في قلمك، و جهدك و عملك، و شكر لك.


ردك أفادني، و اسعدني، و مرورك شرف لي.

[صالح القسنطيني]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة slim_alg

يعجز اللسان امام هذا البيان

بارك الله فيك اخي سليم الوهراني، و جزاك عنـي خيرا، و شكـــــــــــــــــــ لك ـــــر.

[صالح القسنطيني]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة jiro

وعليك السلام ورحمة الله
لم اعلم انه يوجد حكاية اخرى بعد الالف ...من حكايات الف ليلة وليلة ..هههههههههها
فما كان ينقص الا قمر الزمان ...ههها
طبعا امزح معك ولكن مقالتك حقا اسرتني بهذا الزخرف و البيان ..وتزدجى شكور حميم على هذه التحفة .

بارك الله فيك أخي جيرو، و جزاك عنا كل خير، و شكر لك.

[صالح القسنطيني]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amaragropa

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

جيد ... بارك الله فيك ونستعرف بيك !!!

سلام...

و عليك السلام و رحمة الله و بركاته



جيد، و لك وسام الشرف و أنت احد ((اصحاب قصور العاج)) بردك على هذه الموضوع.


بارك الله فيك و جزاك عنا خيرا و شكر لك.

[صالح القسنطيني]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صوت خافت

مبدع أخي صالح كالعادة . قلمك سيّال أخي صالح جعلك الله ممن يستعملونه في الخير.
بارك الله فيك ...

بارك الله فيك اخي بدر، و جزاك عني خيرا، و شكرلك.

ردك وسام لي أضعه فوق جبيني، و مرورك على موضوعي شرف لي أفتخر به.

[صالح القسنطيني]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة soulef26

روعة أخي صالح سلمت يمناك على ما كتبت و كما قلت و الله ربنا المستعان، و عليه التكلان . و يستحق موضوعك تقييما
آسفة قيمت موضوع بـ 5 نجوم لكنها لم تظهر لا أدري لما

بارك الله فيك (بنت الأصول)

و جزاك خيرا


و شكر لك

و الشكر مني بك موصول لتقييمك هذه الكلمات

[ابوانس 22]

وفيك بارك الله

بصح و الله لمشكلة كما نكتب جيرو بالعربي تشبه لجرو

اعلم انك لا تقصد ...ولكنها الامتني صراحة .....
اخوك رضوان

[صالح القسنطيني]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة jiro

وفيك بارك الله

اعلم انك لا تقصد ...ولكنها الامتني صراحة .....
اخوك رضوان

و الله كلامك هذا آلمني، أشد مما آلمتك كلماتي، و إن كنت أقصد الاسم من جهة كتابته باللغة العربية


و سحقا ليدي لأنها كتبت عبارة آلمت أخا عزيزا

و تبا لأناملي الحقيرة لأنها سودت كلمة جرحت بها رجلا كبير القدر



و الله لا اعلم كيف اكفر عن خطئي، و اعلم أن كلمة آسف في مثل هذه المواقف لا تنفع، و إلا و لو نفعت لكتبتها حتى الصباح، و لكن أناشدك بالله أن تغفر لي زلتي معك، و الله لا طاقة لي و انا العبد الفقير الضعيف على ظلم الإخوان، و استحلك و المؤمن يقبل عذر أخيه.

و الله خجلت من نفسي كثيرا، و احتقرت كلماتي حتى تمنيت أني ما كتبت الموضوع.

و الله لا أدري كيف اكفر عن جرمي، و الله لا ادري، سحقا لنفسي الحقيرة، تبا لنفسي التي تطاولت على أخ.


اللهم عوضه عن ألمه و جرحه بسعادة تقر بها عينه.

و اطلب ما شئت مما بدى لك، و و الله سأمتثل له................


أخوك و محبك المقصر في حقك صالح.........







و الله غضبك علي لن أحتمله، و الله لا أحتمله و الله لا أحتمله، فالمحب لن ينام و أنى له أن ينام و قلب حبيبه ساخط عليه