بسم الله الرحمن الرحيم
{ ممـا يخافون !!؟
الحياة عامرة بالناس الأقوياء
ولكنها في ذات الوقت مملوءة بالجبناء
أولئك الذين استوطن الخوف والوجل والجزع قلوبهم
وأحال راحتهم شظفا ووبالا على أنفسهم وأمتهم
من هم يا ترى
فهم كثر
وقد تتعدد أديانهم ومذاهبهم
وأجناسهم ومناطقهم
ولكننا سنعدد منهم الأشهر والأقرب لأنظارنا
أولئك الذين...
يخافون من التعايش
لضعف في شخصياتهم
وخيفة أن يذوبوا وسط المتميزين والمتفوقين
فإنهم يزرعون حولهم الأشواك وينثرون بقربهم المسامير
كي لا يقترب من حياضهم أحد
ثم يزعمون أنهم على حق
ومن كان خارج دائرتهم فهو الباطل
يخافون من الحب
لأنهم ما ذاقوا يوما ما
حنان أم ولا دفء أب
وما استنشقوا عطر ود ولا عبق صفاء
فإختصروا تلك العاطفة في جسد ونزوة
وألغوا منها النقاء والبراءة
وحرموا البوح بها
وقدسوا الكراهية
وجعلوها عقيدة لمعاملة الآخر
ووسيلة المبادءة في أي تواصل مع الغريب والمجهول
يخافون من التفكير
ويصفونه بالفلسفة ويرمون أصحابه
بالزندقة والضلال
ويعطلونه ظنا منهم أن في ذلك النجاة
ويجعلون الإسلام تسليم العميان
لمن يقودهم
وما عرفوا أن الوحي نور وبصيرة
وأن الجنان والرضوان مثوبة العقلاء
لا المجانين والجاهلين
يخافون من الحوار
ويعتبرون مناقشة الثوابت كفرا وردة
وما علموا أن الخالق حاور المخلوق
فكيف بالعابد أن يمنع ما كرسه المعبود
ثم تجدهم يمنعون الحوار إذا كان فيه هزيمة لترهاتهم
ويعتبرون تراثياتهم مسلمات لا يجوز الإقتراب منها
وأن تدك حصون المساجد
وتنسف بيوت الناس
أرحم عندهم من المساس بعقائدهم بنقاش بسيط
يخافون من المقاومة
التي رفعت لواء النصر
وخططت للتحرير على مدى طويل
ويرسمون طريق الهزيمة بقدرياتهم وجبرياتهم
ويصممون للجهاد فسيفساء مشوهة
تساند الظالم وتسكت عن انتهاك الحرمات
وتحافظ على متاع الدنيا وتخرب مكاسب الآخرة
وما صنيعهم إلا في يباب
يخافون من التاريخ
لأنه يكشف الحقيقة
ويظهر الظالم على وجهه السافر المنافق
ويبرز مكامن القوة والضعف
ويساند أصحاب الحق ويبطل أراجيف الأدعياء
ويقلب موازين الحاضر
ويرسم مستقبلا أجمل
قد يحرمهم مطامعهم ويفضح قبحهم
يخافون من الحقيقة
لأنها تزيل أقنعتهم
وتردهم إلى خلقتهم الأولى
تلك التي شوهوا رونقها بسوء ما فعلوا وشنيع ما قالوا
فيبرز البر من الفاجر
ولذلك فهم يحاربونها ويجعلون حماتها دعاة فساد
ونسوا أنهم بذلك قضاة باطل وزراع فتنة
يخافون من الصراحة
لأنهم ألفوا التلون والتزلف والتنقب
والتمسح على أعتاب الكبراء
وما خالفوا الصراحة إلا لأنها تقض مضاجعهم
وتسلبهم قبول الناس لهم
وزهدوا في قبول الله لهم
يخافون من المواجهة
ويكتفون بالمكوث من وراء جدر
وينكثون العهد حين الوعد بها
وينهزمون قبلها
ويغدرون برجالها
ويعتبرونها انتحارا ومهانة ويلتزمون بالتستر
ويتركون صباحهم إلى ليلهم
ويلتقون على زوالها وأفولها
يخافون من الخطأ
فلا يريدون لأنفسهم الدنيئة أن تظهر بمظهر الآدمي
ويحاولون التظاهر بأنهم ملائكة فوق الثرى
وينفون عن ذواتهم كل نقص ومظنة
وينسبون لمسلكهم صفة القدسية
وأن من خالفهم فهو الضال المضل
يخافون ويخافون ويخافون
وما متاع دنياهم إلا الغرور
والله المستعان على ما يصفون
مما قرأته و أعجبني و إن شاء الله يعجبكم
تقبلوا إحترامي و تقديري