48 سؤالاً في الصيام للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

48 سؤالاً في الصيام للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-04-11, 16:43   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محمد عليلي
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










B9 48 سؤالاً في الصيام للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله


بِسْمِاللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
مقدمة :
الحمد لله رب العالمين، والصلاةوالسلام على أشرف خلقه، محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وعلى آله وصحبهومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
أيها الإخوة الصائمون.. والأخواتالصائمات، في كل عام يأتي شهر كريم، شهر رمضان، شهر الغفران، شهر الرحمة، يجيء هذاالشهر ليوقظنا من غفلتنا، ويجعل كلَّ واحد منا يسترجع أعماله خلال سنة مرَّت عليه،فيتأملها بعين الناقد المصلح، فيعتدل ويقوِّم نفسه، ويُصْلِح من شأنه، ليُقْبِل علىالله سبحانه وتعالى، فيغتنم هذه الفرصة بالتوبة، والإكثار من الأعمال الصالحة،فاليوم عمل بلا حساب، وغداً حساب بلا عمل.
إخواني في الله: بهذه المناسبةالمباركة أحببت أن أضع رسالة في الصِّيام فسمَّيتها: «ثمانية وأربعون سؤالاً فيالصيام»، حيث قام بالإجابة عليها فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، ثمعرضتها عليه فراجعها، وأذن لي بطباعتها. فجزاه الله خيراً ونَفَعَ بعلمه المسلمين. وما قصدت هذا العمل إلا من أجل الفائدة لإخواني المسلمين. وليكون المسلم على علمبأحكام دينه، فيعبد الله وفقاً لِمَا شرعه. إذ كل عمل يعمله المرء لا يقبله اللهتعالى إلا إذا كان خالصاً لله صواباً على وفق ما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلّم.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يجعل هذاالعمل وغيره خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي. كما أسأله أنيجعل لهذا الجهد قبولاً عند عباده، إنه سميع مجيب. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربالعالمين.



ماذا يجب أن نفعله في رمضان؟
محمد بن صالح العثيمين


شهر رمضان عظيم مبارك، أنزل الله فيهالقرآن هدى للناس وبيِّنات من الهدى والفرقان، وجعل صومه ركناً من أركان الإسلام،وقيامه نافلة تزداد بها الحسنات، وتكون سبباً في النجاة من النيران. ففي الصحيحينعن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن «مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ لهما تقدَّم من ذنبه، ومَن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم منذنبه». مَن صام رمضان إيماناً، أي إيماناً بالله عز وجل، وإيماناً بشريعة اللهوقبولاً لها، وإذعاناً واحتساباً لثواب الله الذي رتَّبه على هذا الصيام وكذلكالقيام، فمن قام رمضان أو ليلة القدر متصفاً بهذين الوصفين ـ الإيمان والاحتساب ـغفر الله له ما تقدم من ذنبه، وإننا إذا نظرنا إلى الماضي وجدنا أن هذا الشهرالمبارك صارت فيه مناسبات عظيمة، يفرح المؤمن بذكراها ونتائجها الحسنة.

المناسبة الأولى: أن الله تعالى أنزل فيه القرآن، أي ابتدأ إنزاله في هذاالشهر وجعله مباركاً، فتح المسلمون به أقطار الأرض شرقاً وغرباً، واعتزَّ المسلمونبه وظهرت راية الإسلام على كل مكان.

ولا يخفى علينا جميعاً أن الخليفةالراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي إليه بتاج كسرى من المدائن إلى المدينةمحمولاً على جملين، كما ذُكِرَ ذلك في التاريخ، وضع بين يديه رضي الله عنه، لم ينقصمنه خرزة واحدة، كل هذا من عزَّة المسلمين وذلة المشركين ولله الحمد، وإننا لواثقونأن الأمة الإسلامية سترجع إلى القرآن الكريم، وستحكم به، وستكون لها العزة بعد ذلكإن شاء الله.

ولكن لابدَّ لجاني العسل من قرص النحل، ولجاني الورد منالشوك، لابد أن يتقدم النصر امتحان لمن قاموا بالإسلام والدعوة إليه، لأن اللهتعالى قال في كتابه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَـهِدِينَ مِنكُمْوَالصَّـبِرِينَ} [محمد: 31]، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْالْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُممَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُوَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِقَرِيبٌ } [البقرة: 214].

المناسبة الثانية في هذا الشهر المبارك: غزوةبدر، وكانت غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة، وكان سببها أن رسول الله صلى اللهعليه وسلّم سمع أن عيراً لقريش يقودها أبوسفيان قادمة من الشام إلى مكة، فلما علمبذلك ندب أصحابه السريع منهم أن يخرجوا إلى هذه العير من أجل أن يأخذوها؛ لأنقريشاً استباحت إخراج النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه من ديارهم وأموالهم، ولميكن بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلّم عهد ولا ذمة، فخرج صلى الله عليه وسلّمإلى عيرهم من أجل أن يأخذها، وخرج بعدد قليل، ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، لأنهم لايريدون الحرب، ولكنهم يريدون أخذ العير فقط، فلم يخرجوا إلا بهذا العدد القليلومعهم سبعون بعيراً يعتقبونها وفَرَسَانِ فقط.

أما أبوسفيان الذي كانت معهالعير، فأرسل إلى أهل مكة يستحثهم، ليحموا عيرهم ويمنعوها من رسول الله صلى اللهعليه وسلّم، فخرج أهل مكة بحدِّهم وحديدهم وكبريائهم وبطرهم، خرجوا كما وصفهم اللهبقوله: {خَرَجُواْ مِن دِيَـرِهِم بَطَراً وَرِئَآءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنسَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } [الأنفال: 47].

وفيأثناء الطريق بلغهم أن أباسفيان نجا بعيره من النبي صلى الله عليه وسلّم، فاستشاربعضهم بعضاً، هل يرجعون أو لا يرجعون، فقال أبوجهل ـ وكان زعيمهم ـ والله لا نرجعحتى نقدم بدراً فنقيم عليها ثلاثاً، ننحر فيها الجزور، ونسقى فيها الخمور، وتعزفعلينا القِيان، وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبداً.

فهذه الكلماتتدل على الكبرياء والغطرسة، والثقة بالباطل ليدحض به الحق.. والتقوا بالنبي صلىالله عليه وسلّم بحدِّهم وحديدهم وكبريائهم وبطرهم وقوتهم، وكانوا ما بين تسعمائةوألف، أما النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه فكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً،والتقت الطائفتان، جنود الله عز وجل وجنود الشيطان، وكانت العاقبة لجنود الله عزوجل، قتل من قريش سبعون رجلاً من عظمائهم وشرفائهم ووجهائهم، وأُسر منهم سبعونرجلاً، وأقام النبي صلى الله عليه وسلّم ثلاثة أيام في عرصة القتال كعادته، بعدالغلبة والظهور، وفي اليوم الثالث ركب حتى وقف على قليب بدر التي ألقي فيها منصناديد قريش أربعة وعشرون رجلاً، وقف على القليب يدعوهم بأسمائهم وأسماء آبائهم،يقول: «يا فلان ابن فلان، هل وجدت ما وعد ربكم حقاً، إني وجدت ما وعدني ربي حقاً». فقالوا: يا رسول الله، كيف تكلم أناساً قد جَيَّفُوْا؟ ـ أي صاروا جيفاً ـ قال: «ماأنتم بأسمع لِمَا أقول منهم، ولكنهم لا يستجيبون»، أو قال: «لا يرجعون قولاً».

ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة النبوية منتصراً ولله الحمد.
المناسبة الثالثة: فتح مكة، كانت مكة قد استولى عليها المشركون وخرَّبوهابالكفر والشرك والعصيان، فأذن الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم أنيُقاتل أهلها وأحلها له ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها بعد الفتح كحرمتها قبل الفتح،ودخلها النبي صلى الله عليه وسلّم في يوم الجمعة في العشرين من شهر رمضان عامثمانية من الهجرة، مظفراً منصوراً حتى وقف على باب الكعبة وقريش تحته ينتظرون ماذايفعل بهم، فقال لهم: «يا قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟» قالوا: خيراً، أخٌ كريمٍوابن أخٍ كريم. فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». فمَنَّعليهم بعد القدرة عليهم، وهذا غاية ما يكون من الخُلُق والعفو.
وبعد عرضالمناسبات في هذا الشهر لنا أن نقول: ما الذي ينبغي أن نفعله في شهر رمضان؟.. الذينفعله في هذا الشهر المبارك إما واجب وإما مندوب، فالواجب هو الصيام، والمندوب هوالقيام.

والصيام كلنا يعرف هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروبالشمس تعبداً لله، دليله قوله تعالى: {فَالـنَ بَـشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَاكَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُالأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَإِلَى الَّيْلِ} [البقرة: 187].
والغرض من الصيام ليس ترويض البدن على تحملالعطش وتحمل الجوع والمشقة، ولكن هو ترويض النفس على ترك المحبوب لرضا المحبوب. والمحبوب المتروك هو الأكل والشرب والجِماع، هذه هي شهوات النفس.

أماالمحبوب المطلوب رضاه فهو الله عز وجل، فلابد أن نستحضر هذه النيَّة أننا نترك هذهالمفطرات طلباً لرضا الله عز وجل.

والحكمة من فرض الصيام على هذه الأمة قدبيَّنها الله سبحانه وتعالى في قوله: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَعَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْتَتَّقُونَ } [البقرة: 183]، ولعلَّ هنا للتعليل، أي لأجل أن تتقوا الله، فتتركواما حرَّم الله، وتقوموا بما أوجب الله. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلّمأنه قال: «مَن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامهوشرابه».

أي أن الله لا يريد أن ندع الطعام والشراب، إنما يريد منا أن ندعقول الزور والعمل به والجهل، ولهذا يندب للصائم إذا سبَّه أحدٌ وهو صائم أو قاتلهفليقل: إني صائم، ولا يرد عليه؛ لأنه لو ردَّ عليه لردَّ عليه الأول ثم ردَّ عليهثانياً، فيرد الأول، ثم هكذا يكون الصيام كله سباً ومقاتلة، وإذا قال : إني صائم،أعلم الذي سبَّه أو قاتله بأنه ليس عاجزاً عن مقابلته ولكن الذي منعه من ذلك الصوم،وحينئذٍ يكفُّ الأول ويخجل، ولا يستمر في السبِّ والمقاتلة.

هذه هي الحكمةمن إيجاب الصيام، وإذا كان كذلك فينبغي لنا في الصوم أن نحرص على فعل الطاعات منالذكر، وقراءة القرآن، والصلاة، والصدقة، والإحسان إلى الخلق، وبسط الوجه، وشرحالصدر، وحسن الخلق، كل ما نستطيع أن نهذِّب أنفسنا به فإننا نعمله.
فإذا ظلَّالمسلم على هذه الحالة طوال الشهر، فلابد أن يتأثر ولن يخرج الشهر إلا وهو قدتغيَّر حاله، ولهذا شُرع في آخر الشهر أن يُخْرِج الإنسان زكاة الفطر تكميلاًلتزكية النفس؛ لأن النفس تزكو بفعل الطاعات وترك المحرمات، وتزكوا أيضاً ببذلالمال، ولهذا سُمِّي بذل المال زكاة.

س1: ما هي المفطراتالتي تفطر الصائم؟

ج1: المفطرات في القرآن ثلاثة: الأكل، الشرب،الجماع، ودليل ذلك قوله تعالى: {فَالـنَ بَـشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَاللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُالأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَإِلَى الَّيْلِ} [البقرة: 187].

فبالنسبة للأكل والشرب سواء كان حلالاً أمحراماً، وسواء كان نافعاً أم ضاراً أو لا نافعاً ولا ضاراً، وسواء كان قليلاً أمكثيراً، وعلى هذا فشُرب الدخان مفطر، ولو كان ضاراً حراماً.
حتى إن العلماءقالوا: لو أن رجلاً بلع خرزة لأفطر. والخرزة لا تنفع البدن ومع ذلك تعتبر منالمفطرات. ولو أكل عجيناً عجن بنجس لأفطر مع أنه ضار.

الثالث: الجماع.. وهوأغلظ أنواع المفطرات. لوجوب الكفارة فيه، والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيامشهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.

الرابع: إنزال المنيبلذة، فإذا أخرجه الإنسان بلذة فسد صومه، ولكن ليس فيه كفارة، لأن الكفارة تكون فيالجماع خاصة.

الخامس: الإبر التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب، وهيالمغذية، أما الإبر غير المغذية فلا تفسد الصيام سواء أخذها الإنسان بالوريد، أوبالعضلات، لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب.

السادس: القيء عمداً، فإذا تقيأ الإنسان عمداً فسد صومه، وإن غلبه القيء فليس عليه شيء.

السابع: خروج دم الحيض أو النفاس، فإذا خرج من المرأة دم الحيض أو النفاسولو قبل الغروب بلحظة فسد الصوم.

وإن خرج دم النفاس أو الحيض بعد الغروببلحظة واحدة صحَّ صومها.

الثامن: إخراج الدم بالحجامة، لقول الرسول صلىالله عليه وسلّم: «أفطر الحاجم والمحجوم»، فإذا احتجم الرجل وظهر منه دم فسد صومه،وفسد صوم من حجمه إذا كانت بالطريقة المعروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم،وهي أن الحاجم يمص قارورة الدم، أما إذا حجم بواسطة الآلات المنفصلة عن الحاجم، فإنالمحجوم يفطر، والحاجم لا يفطر، وإذا وقعت هذه المفطرات في نهار رمضان من صائم يجبعليه الصوم، ترتب على ذلك أربعة أمور: 1ـ الإثم. 2ـ فساد الصوم. 3ـ وجوب الإمساكبقية ذلك اليوم. 4ـ وجوب القضاء.
وإن كان الفطر بالجماع ترتب على ذلك أمر خامسوهو الكفارة.
ولكن يجب أن نعلم أن هذه المفطرات لا تفسد الصوم إلا بشروط ثلاثة:
1
ـ العلم. 2ـ الذِّكر. 3ـ الإرادة.

فإذا تناول الصائم شيئاً من هذهالمفطرات جاهلاً، فصيامه صحيح، سواء كان جاهلاً بالوقت، أو كان جاهلاً بالحكم، مثالالجاهل بالوقت: أن يقوم الرجل في آخر الليل، ويظن أن الفجر لم يطلع، فيأكل ويشربويتبيَّن أن الفجر قد طلع، فهذا صومه صحيح؛ لأنه جاهل بالوقت.
ومثال الجاهلبالحكم: أن يحتجم الصائم وهو لا يعلم أن الحجامة مفطرة، فيُقال له صومك صحيح. والدليل على ذلك قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْأَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] هذا من القرآن.

ومن السنة: حديث أسماء بنت أبيبكر رضي الله عنهما الذي رواه البخاري في صحيحه، قالت: أفطرنا يوم غيم على عهدالنبي صلى الله عليه وسلّم، ثم طلعت الشمس فصار إفطارهم في النهار، ولكنهم لايعلمون بل ظنوا أن الشمس قد غربت ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلّم بالقضاء،ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنُقل إلينا. ولكن لو أفطر ظانًّاغروب الشمس وظهر أنها لم تغرب وجب عليه الإمساك حتى تغرب وصومه صحيح.
الشرطالثاني: أن يكون ذاكراً، وضد الذكر النسيان، فلو نسي الصائم فأكل أو شرب فصومهصحيح؛ لقوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]، وقول النبي صلى الله عليه وسلّم فيما رواه أبوهريرة رضي الله عنه: «مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه».

الشرطالثالث: الإرادة، فلو فعل الصائم شيئاً من هذه المفطرات بغير إرادة منه واختيار،فصومه صحيح، ولو أنه تمضمض ونزل الماء إلى بطنه بدون إرادة فصومه صحيح.
ولوأَكْرَه الرجلُ امرأته على الجماع ولم تتمكن من دفعه، فصومها صحيح؛ لأنها غيرمريدة، ودليل ذلك قوله تعالى فيمن كفر مكرهاً: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِإيمَـنِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَـنِ} الآية [النحل: 106].

فإذا أُكْرِه الصائم على الفطر أو فعل مفطراً بدون إرادة،فلا شيء عليه وصومه صحيح.


س2: هل لقيام رمضان عدد معينأم لا؟

ج2: ليس لقيام رمضان عدد معين على سبيل الوجوب، فلو أنالإنسان قام الليل كله فلا حرج، ولو قام بعشرين ركعة أو خمسين ركعة فلا حرج، ولكنالعدد الأفضل ما كان النبي صلى الله عليه وسلّم يفعله، وهو إحدى عشرة ركعة أو ثلاثعشرة ركعة، فإن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها سُئِلت: كيف كان النبي يصلي فيرمضان؟ فقالت: لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، ولكن يجب أن تكونهذه الركعات على الوجه المشروع، وينبغي أن يطيل فيها القراءة والركوع والسجودوالقيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين، خلاف ما يفعله بعض الناس اليوم، يصليهابسرعة تمنع المأمومين أن يفعلوا ما ينبغي أن يفعلوه، والإمامة ولاية، والوالي يجبعليه أن يفعل ما هو أنفع وأصلح. وكون الإمام لا يهتم إلا أن يخرج مبكراً هذا خطأ،بل الذي ينبغي أن يفعل ما كان النبي صلى الله عليه وسلّم يفعله من إطالة القياموالركوع والسجود والقعود حسب الوارد، ونكثر من الدعاء والقراءة والتسبيح وغير ذلك.


س3: إذا صلى الإنسان خلف إمام يزيد على إحدى عشرةركعة، فهل يوافق الإمام أم ينصرف إذا أتم إحدى عشرة؟ج3: السُّنَّة أن يوافقالإمام؛ لأنه إذا انصرف قبل تمام الإمام لم يحصل له أجر قيام الليل. والرسول صلىالله عليه وسلّم قال: «مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كُتِبَ له قيام ليلة». من أجلأن يحثنا على المحافظة على البقاء مع الإمام حتى ينصرف.
فإن الصحابة رضي اللهعنهم وافقوا إمامهم في أمر زائد عن المشروع في صلاة واحدة، وذلك مع أمير المؤمنينعثمان بن عفان رضي الله عنه حين أتم الصلاة في مِنى في الحج، أي صلاَّها أربعركعات، مع أن النبي صلى الله عليه وسلّم وأبابكر وعمر وعثمان في أول خلافته، حتىمضى ثماني سنوات، كانوا يصلون ركعتين، ثم صلى أربعاً، وأنكر الصحابة عليه ذلك، ومعهذا كانوا يتبعونه يصلون معه أربعاً، فإذا كان هذا هدي الصحابة وهو الحرص علىمتابعة الإمام، فما بال بعض الناس إذا رأى الإمام زائداً عن العدد الذي كان النبيصلى الله عليه وسلّم لا يزيد عليه وهو إحدى عشرة ركعة، انصرفوا في أثناء الصلاة،كما نشاهد بعض الناس في المسجد الحرام ينصرفون قبل الإمام بحجة أن المشروع إحدىعشرة ركعة.

س4: بعض الأشخاص يأكلون والأذان الثاني يؤذن فيالفجر لشهر رمضان، فما هي صحة صومهم؟


ج4: إذا كان المؤذن يؤذنعلى طلوع الفجر يقيناً فإنه يجب الإمساك من حين أن يسمع المؤذن فلا يأكل أو يشرب.
أما إذا كان يؤذن عند طلوع الفجر ظنًّا لا يقيناً كما هو الواقع في هذه الأزمانفإن له أن يأكل ويشرب إلى أن ينتهي المؤذن من الأذان.

س5: كثير من الناس في رمضان أصبح همّهم الوحيد هو جلب الطعام والنوم، فأصبحرمضان
شهر كسل وخمول، كما أن بعضهم يلعب في الليل وينام في النهار، فما توجيهكملهؤلاء؟

ج5: أرى أن هذا في الحقيقة يتضمن إضاعة الوقت وإضاعة المال،إذا كان الناس ليس لهم هَمٌّ إلا تنويع الطعام، والنوم في النهار والسهر على أمورلا تنفعهم في الليل، فإن هذا لا شك إضاعة فرصة ثمينة ربما لا تعود إلى الإنسان فيحياته، فالرجل الحازم هو الذي يتمشى في رمضان على ما ينبغي من النوم في أول الليل،والقيام في التراويح، والقيام آخر الليل إذا تيسر، وكذلك لا يسرف في المآكلوالمشارب، وينبغي لمَن عنده القدرة أن يحرص على تفطير الصوام إما في المساجد، أو فيأماكن أخرى؛ لأن مَن فطَّر صائماً له مثل أجره، فإذا فطَّر الإنسان إخوانهالصائمين، فإن له مثل أجورهم، فينبغي أن ينتهز الفرصة مَن أغناه الله تعالى حتىينال أجراً كثيراً.


س6: بعض أئمة المساجد في رمضانيطيلون في الدعاء، وبعضهم يقصر، فما هو الصحيح؟

ج6: الصحيح ألا يكونغلواً ولا تقصيراً، فالإطالة التي تشق على الناس منهي عنها، فإن النبي صلى اللهعليه وسلّم لمَّا بَلَغَه أن معاذ بن جبل أطال الصلاة في قومه غضب صلى الله عليهوسلّم غضباً لم يغضب في موعظة مثله قط، وقال لمعاذ بن جبل: «أفتَّان أنت يا معاذ». فالذي ينبغي أن يقتصر على الكلمات الواردة، أو يزيد قليلاً لا يشق. ولا شك في أنالإطالة شاقة على الناس، وترهقهم ولاسيما الضعفاء منهم، ومن الناس من يكون وراءهأعمال ولا يحب أن ينصرف قبل الإمام ويشق عليه أن يبقى مع الإمام، فنصيحتي لإخوانيالأئمة أن يكونوا بين بين، كذلك ينبغي أن يترك الدعاء أحياناً حتى لا يظن العامة أنالقنوت واجب في الوتر.


س7: ما صحة حديث «أفطر الحاجموالمحجوم»؟

ج7: هذا الحديث صحَّحه الإمام أحمد رحمه الله، وكذلك شيخالإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وغيرهم من المحققين، وهو صحيح، وهو أيضاً مناسب منالناحية النظرية؛ لأن المحجوم يخرج منه دم كثير يضعف البدن، وإذا ضعف البدن احتاجإلى الغذاء، فإذا كان الصائم محتاجاً إلى الحجامة وحجم، قلنا: أفطرت فَكُل واشرب منأجل أن تعود قوة البدن، أما إذا كان غير محتاج، نقول له: لا تحتجم إذا كان الصيامفرضاً، وحينئذٍ نحفظ عليه قوَّته حتى يفطر.


س8: ما حكمذهاب أهل جدة إلى مكة لصلاة التراويح؟

ج8: لا حرج في أن يذهبالإنسان إلى المسجد الحرام كي يصلي فيه التراويح؛ لأن المسجد الحرام مما يُشدُّإليه الرِّحال، ولكن إذا كان الإنسان موظفاً أو كان إماماً في مسجد فإنه لا يدعالوظيفة أو يدع الإمامة ويذهب إلى الصلاة في المسجد الحرام، لأن الصلاة في المسجدالحرام سُنَّة. وأما القيام بالواجب الوظيفي فإنه واجب، ولا يمكن أن يُترك الواجبمن أجل فعل السُّنَّة. وقد بلغني أن بعض الأئمة يتركون مساجدهم، ويذهبون إلى مكة منأجل الاعتكاف في المسجد الحرام أو من أجل صلاة التراويح، وهذا خطأ؛ لأن القيامبالواجب واجب. والذهاب إلى مكة لإقامة التراويح أو الاعتكاف ليس بواجب.

س9: ما حكم تتبُّع الأئمة الذين في أصواتهم جمال؟

ج9: أرى أنه لا بأس في ذلك، لكن الأفضل أن يصلي الإنسان في مسجدهلأجل أن يجتمع الناس حول إمامهم وفي مساجدهم، ولأجل ألا تخلو المساجد من الناس،ولأجل ألا يكثر الزحام عند المسجد الذي تكون قراءة إمامه جيدة فيحدث من هذا ارتباك،وربما يحدث أمر مكروه، ربما يأتي إنسان يتلقف امرأة خرجت من هذا المسجد الذي فيهالناس بكثرة، ومع كثرة الناس والزحام ربما يخطفها وهي لا تشعر إلا بعد مسافة، ولهذانحن نرى أن الإنسان يبقى في مسجده لِمَا في ذلك من عمارة المسجد وإقامة الجماعةفيه. واجتماع الجماعة على إمامهم والسلامة من الزحام والمشقَّة.


س10: هل سحب الدم بكثرة يؤدي إلى إفطار الصائم؟

ج10: سحبالدم بكثرة إذا كان يؤدي إلى ما تؤدي إليه الحجامة من ضعف البدن واحتياجه للغذاء،حكمه كحكم الحجامة، وأما ما يخرج بغير اختيار الإنسان مثل أن تجرح الرجل فتنزف دماًكثيراً فإن هذا لا يضر؛ لأنه بغير إرادة الإنسان.


س11: بالنسبة لصلاة التراويح في ليلة العيد، هل تكمل أم لا؟

ج11: إذا ثبتالهلال ليلة الثلاثين من رمضان، فإنها لا تقام صلاة التراويح، ولا صلاة القيام،وذلك لأن صلاة التراويح والقيام إنما هي في رمضان، فإذا ثبت خروج الشهر فإنها لاتقام، فينصرف الناس من مساجدهم إلى بيوتهم.


س12: هلللمعتكف في الحرم أن يخرج للأكل أو الشرب، وهل يجوز له الصعود إلى سطح المسجد لسماعالدروس؟

ج12: نعم.. يجوز للمعتكف في المسجد الحرام أو غيره أن يخرجللأكل والشرب إن لم يكن في إمكانه أن يحضرهما إلى المسجد، لأن هذا أمر لابدَّ منه،كما أنه سوف يخرج لقضاء الحاجة، وسوف يخرج للاغتسال من جنابة إذا كانت عليهالجنابة. وأما الصعود إلى سطح المسجد فهو أيضاً لا يضر؛ لأن الخروج من باب المسجدالأسفل إلى السطح ما هو إلا خطوات قليلة ويقصد به الرجوع إلى المسجد أيضاً، فليس فيهذا بأس.


س13: شاب استمنى في رمضان جاهلاً بأنه يفطروفي حالة غلبت عليه شهوته، فما الحكم؟

ج13: الحكم أنه لا شيء عليه،لأننا قررنا فيما سبق أنه لا يفطر الصائم إلا بثلاثة شروط: العلم ـ الذِّكْر ـالإرادة. ولكني أقول: إنه يجب على الإنسان أن يصبر عن الاستمناء لأنه حرام؛ لقولالله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـفِظُونَ * إِلاَّ عَلَىأَزْوَجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ ذلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } [المؤمنون: 5 ـ 7]. ولأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءةفليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم».
ولو كانالاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلّم؛ لأنه أيسر على المكلف،ولأن الإنسان يجد فيه متعة، بخلاف الصوم ففيه مشقة، فلما عدل النبي صلى الله عليهوسلّم إلى الصوم، دلَّ هذا على أن الاستمناء ليس بجائز.


س14: ما حكم الصوم مع ترك الصلاة في رمضان؟

ج14: إن الذييصوم ولا يصلي لا ينفعه صيامه ولا يُقْبَل منه ولا تبرَأ به ذمَّته. بل إنه ليسمطالباً به مادام لا يصلي؛ لأن الذي لا يصلي مثل اليهودي والنصراني، فما رأيكم أنيهوديًّا أو نصرانيًّا صام وهو على دينه، فهل يقبل منه؟ لا. إذن نقول لهذا الشخص: تب إلى الله بالصلاة وصم، ومَن تاب تاب الله عليه.


س15: يقول بعض الناس: إن الأشهُر جميعاً لا يُعْرَف دخولها كلها وخروجهابالرؤية، وبالتالي فإن المفروض إكمال عدة شعبان ثلاثين وكذا عدة رمضان.. فما حكمالشرع في مثل هذا القول؟

ج15: هذا القول ـ من جهة ـ أن الأشهرجميعاً لا يُعرف دخولها كلها وخروجها بالرؤية ليس بصحيح. بل إن رؤية جميع أهلةالشهور ممكنة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذارأيتموه فأفطروا».
ولا يعلِّق النبي صلى الله عليه وسلّم شيئاً على أمر مستحيل،وإذا أمكن رؤية هلال شهر رمضان فإنه يمكن رؤية هلال غيره من الشهور.
وأماالفقرة الثانية في السؤال وهي أن المفروض إكمال عدة شعبان ثلاثين وكذلك عدة رمضان.. فصحيح أنه إذا غُمَّ علينا ولم نرَ الهلال، بل كان محتجباً بغيم أو قتر أو نحوهمافإننا نكمل عدة شعبان ثلاثين ثم نصوم، ونكمل عدة رمضان ثلاثين ثم نفطر. هكذا جاءالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته،فإن غُمَّ عليكم فعدوا ثلاثين يوماً». وفي حديث آخر: «فأكملوا العدة ثلاثين».
وعلى هذا فإذا كانت ليلة الثلاثين من شعبان وتراءى الناس الهلال ولم يروه فإنهميكملون شعبان ثلاثين يوماً. وإذا كانت ليلة الثلاثين من رمضان فتراءى الناس الهلالولم يروه، فإنهم يكملون عدة رمضان ثلاثين يوماً.


س16: ما هي الطريقة الشرعية التي يثبت بها دخول الشهر؟ وهل يجوز اعتماد حساب المراصدالفلكية في ثبوت الشهر وخروجه؟ وهل يجوز للمسلم أن يستعمل ما يسمى بـ(الدربيل) فيرؤية الهلال؟

ج16: الطريقة الشرعية لثبوت دخول الشهر أن يتراءىالناس الهلال، وينبغي أن يكون ذلك ممن يوثق به في دينه وفي قوة نظره.
فإذا رأوهوجب العمل بمقتضى هذه الرؤية صوماً إن كان الهلال هلال رمضان، وإفطاراً إن كانالهلال هلال شوال، ولا يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية إذا لم يكن رؤية. فإن كانهناك رؤية ولو عن طريق المراصد الفلكية فإنها معتبرة لعموم قول النبي صلى الله عليهوسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا». أما مجرد الحساب فإنه لا يجوزالعمل به ولا الاعتماد عليه.
وأما استعمال ما يسمى بـ(الدربيل) وهو المنظارالمقرِّب في رؤية الهلال فلا بأس به، ولكن ليس بواجب؛ لأن الظاهر من السنة أنالاعتماد على الرؤية المعتادة لا على غيرها، ولكن لو استعمل فرآه من يوثق به فإنهيعمل بهذه الرؤية، وقد كان الناس قديماً يستعملون ذلك لمَّا كانوا يصعدون (المنائر) في ليلة الثلاثين من شعبان أو ليلة الثلاثين من رمضان فيتراءونه بواسطة هذاالمنظار. على كل حال متى ثبتت رؤيته بأي وسيلة فإنه يجب العمل بمقتضى هذه الرؤيةلعموم قوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا».


س17: هل يلزم المسلمين جميعاً في كل الدول الصيامبرؤية واحدة؟ وكيف يصوم المسلمون في بعض بلاد الكفار التي ليس فيها رؤية شرعية؟


ج17: هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم أي إذا رئي الهلال فيبلد من بلاد المسلمين وثبتت رؤيته شرعاً، فهل يلزم بقية المسلمين أن يعملوا بمقتضىهذه الرؤية؟ فمن أهل العلم مَن قال إنه يلزمهم أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية،واستدلوا بعموم قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنكَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]. ويقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا». قالوا: والخطاب عام لجميعالمسلمين. ومن المعلوم أنه لا يُراد به رؤية كل إنسان بنفسه؛ لأن هذا متعذر، وإنماالمراد بذلك إذا رآه مَن يثبت برؤيته دخول الشهر. وهذا عام في كل مكان. وذهب آخرونمن أهل العلم إلى أنه إذا اختلفت المطالع فلكل مكان رؤيته، وإذا لم تختلف المطالعفإنه يجب على مَن لم يروه إذا ثبتت رؤيته بمكان يوافقهم في المطالع أن يعملوابمقتضى هذه الرؤية. واستدلَّ هؤلاء بنفس ما استدلَّ به الأولون فقالوا: إن اللهتعالى يقول: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}. ومن المعلوم أنه لايُراد بذلك رؤية كل إنسان بمفرده. فيعمل به في المكان الذي رئي فيه وفي كل مكانيوافقهم في مطالع الهلال. أما مَن لا يوافقهم في مطالع الهلال فإنه لم يره لا حقيقةولا حكماً.. قالوا: وكذلك نقول في قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموهفصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا». فإن مَن كان في مكان لا يوافق مكان الرائي في مطالعالهلال لم يكن رآه لا حقيقة ولا حكماً، قالوا: والتوقيت الشهري كالتوقيت اليومي. فكما أن البلاد تختلف في الإمساك والإفطار اليومي، فكذلك يجب أن تختلف في الإمساكوالإفطار الشهري، ومن المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين، فمنكانوا في الشرق فإنهم يمسكون قبل مَن كانوا في الغرب، ويفطرون قبلهم أيضاً.
فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي؛ فإن مثله تماماً في التوقيتالشهري.
ولا يمكن أن يقول قائل: إن قوله تعالى: {فَالـنَ بَـشِرُوهُنَّوَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَلَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّأَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ} [البقرة: 187].
وقوله صلى الله عليهوسلّم: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطرالصائم». لا يمكن لأحد أن يقول إن هذا عام لجميع المسلمين في كل الأقطار.
وكذلكنقول في عموم قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، وقولهصلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا».
وهذا القولكما ترى له قوَّته بمقتضى اللفظ والنظر الصحيح والقياس الصحيح أيضاً، قياس التوقيتالشهري على التوقيت اليومي.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الأمر معلَّق بولي الأمرفي هذه المسألة، فمتى رأى وجوب الصوم أو الفطر مستنداً بذلك إلى مستند شرعي فإنهيعمل بمقتضاه؛ لئلا يختلف الناس ويتفرقوا تحت ولاية واحدة. واستدلَّ هؤلاء بعمومالحديث. «الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس».
وهناك أقوال أخرىذكرها أهل العلم الذين ينقلون الخلاف في هذه المسألة.
وأما الشق الثاني منالسؤال وهو: كيف يصوم المسلمون في بلاد الكفار التي ليس بها رؤية شرعية؟ فإن هؤلاءيمكنهم أن يثبتوا الهلال عن طريق شرعي، وذلك بأن يتراءوا الهلال إذا أمكنهم ذلك،فإن لم يمكنهم هذا فإن قلنا بالقول الأول في هذه المسألة فإنه متى ثبتت رؤية الهلالفي بلد إسلامي، فإنهم يعملون بمقتضى هذه الرؤية، سواء رأوه أو لم يروه.
وإذاقلنا بالقول الثاني، وهو اعتبار كل بلد بنفسه إذا كان يخالف البلد الآخر في مطالعالهلال، ولم يتمكنوا من تحقيق الرؤية في البلد الذي هم فيه، فإنهم يعتبرون أقربالبلاد الإسلامية إليهم، لأن هذا أعلى ما يمكنهم العمل به.


س18: إذا تيقن شخص من دخول الشهر برؤية الهلال ولم يستطع إبلاغ المحكمةفهل يجب عليه الصيام؟


ج18: اختلف العلماء في هذا، فمنهم من يقولإنه يلزمه الصيام، ومنهم من يقول إنه لا يلزمه وذلك بناءً على أن الهلال هو مااستهلَّ واشتهر بين الناس، أو أن الهلال هو ما رئي بعد غروب الشمس، سواء اشتهر بينالناس أم لم يشتهر.
والذي يظهر لي أن مَن رآه وتيقَّن من رؤيته وهو في مكانناءٍ لم يشاركه أحد في الرؤية أو لم يشاركه أحد في الترائي، فإنه يلزمه الصوم؛لعموم قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]. وقوله صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا» ولكن إن كان في البلد وشهد به عندالمحكمة، وردت شهادته فإنه في هذه الحال يصوم سرًّا لئلا يعلن مخالفة الناس.



س19: هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلّم دعاءخاص يقوله مَن رأى الهلال؟ وهل يجوز لمن سمع خبر الهلال أن يدعو به ولو لم يرالهلال؟

ج19: نعم يقول: «الله أكبر.. اللهم أهلَّه علينا بالأمنوالإيمان.. والسلامة والإسلام.. والتوفيق لما تحبه وترضاه. ربي وربك الله.. هلالخير ورشد».
فقد جاء في ذلك حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيهما مقالقليل. وظاهر الحديث أنه لا يدعى بهذا الدعاء إلا حين رؤية الهلال. أما من سمع بهولم يره فإنه لا يشرع له أن يقول ذلك.


س20: إذا لميعلم الناس دخول الشهر إلا بعد مضي وقت من النهار فهل يجب عليهم إمساك بقية اليوم؟أم قضاؤه؟

ج20: إذا علم الناس بدخول شهر رمضان في أثناء اليوم فإنهيجب عليهم الإمساك؛ لأنه ثبت أن هذا اليوم من شهر رمضان فوجب إمساكه. ولكن هليلزمهم القضاء؟ أي قضاء هذا اليوم؟ في هذا خلاف بين أهل العلم فجمهور العلماء يرونأنه يلزمهم القضاء؛ لأنهم لم ينووا الصيام من أول اليوم بل مضى عليهم جزء من اليومبلا نية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكلامرأ ما نوى».
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يلزمهم القضاء لأنهم كانوا مفطرينعن جهل والجاهل معذور بجهله، ولكن القضاء أحوط وأبرأ للذمة. وقد قال النبي صلى اللهعليه وسلّم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» فما هو إلا يوم واحد وهو يسير لا مشقةفيه، وفيه راحة للنفس وطمأنينة للقلب.


س21: هل يأثمالمسلمون جميعاً إذا لم يتراء أحدٌ منهم هلال رمضان دخولاً أو خروجاً؟


ج21: ترائي الهلال ـ هلال رمضان أو هلال شوال ـ أمر معهود فيعهد الصحابة رضي الله عنهم؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: «تراءى الناس الهلالفأخبرت النبي صلى الله عليه وسلّم أني رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه».
ولا شكأن هدي الصحابة رضي الله عنهم أكمل الهدي وأتمه.


س22: إذا أسلم رجل بعد مضي أيام من شهر رمضان فهل يطالب بصيام الأيام السابقة؟


ج22: هذا لا يطالب بصيام الأيام السابقة؛ لأنه كان كافراً فيها. والكافر لا يطالب بقضاء ما فاته من الأعمال الصالحة؛ لقول الله تعالى: {قُللِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]. ولأن الناس كانوا يسلمون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم ولم يكن يأمرهمبقضاء ما فاتهم من صوم، ولا صلاة ولا زكاة. ولكن لو أسلم في أثناء النهار فهل يلزمهالإمساك والقضاء؟ أو الإمساك دون القضاء؟ أو لا يلزمه إمساك ولا قضاء؟
في هذهالمسألة خلاف بين أهل العلم، والقول الراجح إنه يلزمه الإمساك دون القضاء، فيلزمهالإمساك لأنه صار من أهل الوجوب ولا يلزمه القضاء،لأنه قبل ذلك ليس من أهل الوجوب. فهو كالصبي إذا بلغ في أثناء النهار فإنه يلزمه الإمساك ولا يلزمه القضاء على القولالراجح في هذه المسألة أيضاً.


س23: هل يؤمر الصبياندون الخامسة عشر بالصيام كما في الصلاة؟


ج23: نعم يؤمر الصبيانالذين لم يبلغوا بالصيام إذا أطاقوه كما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلون ذلكبصبيانهم.
وقد نصَّ أهل العلم على أن الولي يأمر مَن له ولاية عليهم من الصغاربالصوم من أجل أن يتمرَّنوا عليه ويألفوه وتتطبع أصول الإسلام في نفوسهم حتى تكونكالغريزة لهم.
ولكن إذا كان يشق عليهم أو يضرهم فإنهم لا يلزمون بذلك. وإننيأنبه هنا على مسألة يفعلها بعض الآباء أو الأمهات وهي منع صبيانهم من الصيام علىخلاف ما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلونه. يدَّعون أنهم يمنعون هؤلاء الصبيانرحمة بهم، وإشفاقاً عليهم، والحقيقة أن رحمة الصبيان بأمرهم بشرائع الإسلاموتعويدهم عليها وتأليفهم لها. فإن هذا بلا شك من حُسن التربية وتمام الرعاية. وقدثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم قوله: «إن الرجل راع في أهل بيته ومسئول عنرعيته» والذي ينبغي على أولياء الأمور بالنسبة لمن ولاهم الله عليهم من الأهلوالصغار أن يتقوا الله تعالى فيهم، وأن يأمروهم بما أُمروا أن يأمروهم به من شرائعالإسلام.


س24: إذا برأ شخص من مرض سبق أن قرَّرالأطباء استحالة شفائه منه وكان ذلك بعد مضي أيام من رمضان فهل يطالَب بقضاء الأيامالسابقة؟


ج24: إذا أفطر شخص رمضان أو من رمضان لمرض لا يرجىزواله إما بحسب العادة وإما بتقرير الأطباء الموثوق بهم، فإن الواجب عليه أن يطعمعن كل يوم مسكيناً، فإذا فعل ذلك وقدر الله له الشفاء فيما بعد فإنه لا يلزمه أنيصوم عما أطعم عنه؛ لأن ذمته برئت بما أتى به من الإطعام بدلاً عن الصوم.
وإذاكانت ذمته قد برئت فلا واجب يلحقه بعد براءة ذمته. ونظير هذا ما ذكره الفقهاء رحمهمالله في الرجل الذي يعجز عن أداء فريضة الحج عجزاً لا يرجى زواله فيقيم من يحج عنهثم يبرأ بعد ذلك فإنه لا تلزمه الفريضة مرة ثانية.


س25: بعض أئمة المساجد في صلاة التراويح يقلدون قراءة غيرهم وذلك لتحسينأصواتهم بالقرآن.. فهل هذا عمل مشروع وجائز؟


ج25: تحسين الصوتبالقرآن أمر مشروع أمر به النبي صلى الله عليه وسلّم، واستمع النبي صلى الله عليهوسلّم ذات ليلة إلى قراءة أبي موسى الأشعري وأعجبته قراءته حتى قال له: «لقد أوتيتمزماراً من مزامير آل داود» وعلى هذا فإذا قلَّد إمام المسجد شخصاً حسن الصوتوالقراءة من أجل أن يحسن صوته وقراءته لكتاب الله ـ عز وجل ـ فإن هذا أمر مشروعلذاته ومشروع لغيره أيضاً؛ لأن فيه تنشيطاً للمصلين خلفه وسبباً لحضور قلوبهمواستماعهم وإنصاتهم للقراءة، وفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.


س26: بعض أئمة المساجد يحاول ترقيق قلوب الناسوالتأثير فيهم بتغيير نبرة صوته أحياناً أثناء صلاة التراويح وفي دعاء القنوت، وقدسمعت بعض الناس ينكر ذلك فما قولكم حفظكم الله في هذا؟


ج26: الذي أرى أنه إذا كان هذا العمل في الحدود الشرعية بدون غلو فإنه لا بأس به ولا حرجفيه. ولها قال أبوموسى الأشعري للنبي صلى الله عليه وسلّم: «لو كنت أعلم أنك تستمعإلى قراءتي لحبرته لك تحبيراً» أي حسنتها وزيَّنتها، فإذا حسَّن بعض الناس صوته أوأتى به على صفة ترقق القلوب فلا أرى في ذلك بأساً، لكن الغلو في هذا ككونه لا يتعدىكلمة في القرآن إلا فعل مثل هذا الفعل الذي ذُكر في السؤال، أرى أن هذا من بابالغلو ولا ينبغي فعله، والعلم عند الله.


س27: ما القولفي قوم ينامون طول نهار رمضان وبعضهم يصلي مع الجماعة وبعضهم لا يصلي. فهل صيامهؤلاء صحيح؟


ج27: صيام هؤلاء مجزأ تبرأ به الذمة ولكنه ناقصجدًّا، ومخالف لمقصود الشارع في الصيام؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {يأَيُّهَاالَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَمِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 183].
وقال النبي صلى اللهعليه وسلّم: «مَن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل؛ فليس لله حاجة في أن يدعطعامه وشرابه».
ومن المعلوم أن إضاعة الصلاة وعدم المبالاة بها ليس من تقوىالله عز وجل، ولا من ترك العمل بالزور، وهو مخالف لمراد الله ورسوله في فريضةالصوم، ومن العجب أن هؤلاء ينامون طول النهار، ويسهرون طول الليل، وربما يسهرونالليل على لغو لا فائدة لهم منه، أو على أمر محرم يكسبون به إثماً، ونصيحتي لهؤلاءوأمثالهم أن يتقوا الله عز وجل، وأن يستعينوه على أداء الصوم على الوجه الذي يرضاه،وأن يستغلوه بالذِكر وقراءة القرآن والصلاة والإحسان إلى الخلق وغير ذلك مما تقتضيهالشريعة الإسلامية. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم أجود الناس وكان أجود مايكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فرسول الله صلى الله عليه وسلّمأجود بالخير من الريح المرسلة.


س28: نلاحظ بعضالمسلمين يتهاونون في أداء الصلاة خلال أشهر العام، فإذا جاء شهر رمضان بادروابالصلاة والصيام وقراءة القرآن.. فكيف يكون صيام هؤلاء؟ وما نصيحتكم لهم؟


ج28: صيام هؤلاء صحيح؛ لأنه صيام صادر من أهله، ولم يقترن بمفسدفكان صحيحاً، ولكن نصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله تعالى في أنفسهم، وأن يعبدوا اللهسبحانه وتعالى بما أوجب عليهم في جميع الأزمنة وفي جميع الأمكنة، والإنسان لا يدريمتى يفجؤه الموت، فربما ينتظرون شهر رمضان ولا يدركونه، والله سبحانه وتعالى لميجعل لعبادته أمداً إلا الموت، كما قال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىيَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [الحجر: 99] أي حتى يأتيك الموت الذي هو اليقين.


س29: هل نية صيام رمضان كافية عن نية صوم كل يوم علىحدة؟


ج29: من المعلوم أن كل شخص يقوم في آخر الليل ويتسحر فإنهقد أراد الصوم ولا شك في هذا، لأن كل عاقل يفعل الشيء باختياره لا يمكن أن يفعلهإلا بإرادة. والإرادة هي النية، فالإنسان لا يأكل في آخر الليل إلا من أجل الصوم،ولو كان مراده مجرد الأكل لم يكن من عادته أن يأكل في هذا الوقت. فهذه هي النيةولكن يحتاج إلى مثل هذا السؤال فيما لو قدر أن شخصاً نام قبل غروب الشمس في رمضانوبقي نائماً لم يوقظه أحد حتى طلع الفجر من اليوم التالي؛ فإنه لم ينو من الليللصوم اليوم التالي؛ فهل نقول: إن صومه اليوم التالي صوم صحيح بناءً على النيةالسابقة؟
أو نقول: إن صومه غير صحيح؛ لأنه لم ينوه من ليلته؟ فنقول: إن صومهصحيح. فإن القول الراجح أن نية صيام رمضان في أوله كافية، ولا يحتاج إلى تجديدالنية لكل يوم. اللهم إلا أن يوجد سبب يبيح الفطر فيفطر في أثناء الشهر، فحينئذٍلابد من نية جديدة لاستئناف الصوم.


س30: ما حكم الأكلوالشرب والمؤذن يؤذن أو بعد الأذان بوقت يسير ولاسيما إذا لم يعلم طلوع الفجرتحديداً؟


ج30: الحد الفاصل الذي يمنع الصائم من الأكل والشرب هوطلوع الفجر؛ لقول الله تعالى: {فَالـنَ بَـشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَاللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُالأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ...} [البقرة: 187].
ولقولالنبي صلى الله عليه وسلّم: «كلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذنحتى يطلع الفجر».
فالعبرة بطلوع الفجر.. فإذا كان المؤذن ثقة، ويقول إنه لايؤذن حتى يطلع الفجر؛ فإنه إذا أذن وجب الإمساك بمجرد سماع أذانه، وأما إذا كانالمؤذن يؤذن على التحري فإن الأحوط للإنسان أن يمسك عند سماع أذان المؤذن، إلا أنيكون في برية ويشاهد الفجر فإنه لا يلزمه الإمساك ولو سمع الأذان حتى يرى الفجرطالعاً إذا لم يكن هناك مانع من رؤيته؛ لأن الله تعالى علَّق الحكم على تبين الخيطالأبيض من الخيط الأسود من الفجر، والنبي صلى الله عليه وسلّم قال في أذان ابن أممكتوم: «فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر..».
وإنني أُنبه هنا على مسألة يفعلها بعضالمؤذنين وهي أنهم يؤذنون قبل الفجر بخمس دقائق أو أربع دقائق زعماً منهم أن هذا منباب الاحتياط للصوم. وهذا احتياط نَصِفه بأنه «تنطع» وليس احتياطاً شرعياً.. وقدقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «هلك المتنطعون» وهو احتياط غير صحيح؛ لأنهم إناحتاطوا للصوم أساءوا للصلاة. فإن كثيراً من الناس إذا سمع المؤذن قام فصلى الفجر،وحينئذٍ يكون هذا الذي قام على سماع أذان المؤذن الذي أذَّن قبل صلاة الفجر يكون قدصلَّى الصلاة قبل وقتها، والصلاة قبل وقتها لا تصح. وفي هذا إساءة للمصلين، ثم إنفيه أيضاً إساءة إلى الصائمين؛ لأنه يمنع من أراد الصيام من تناول الأكل والشرب معإباحة الله له ذلك. فيكون جانياً على الصائمين حيث منعهم ما أحل الله لهم، وعلىالمصلين حيث صلوا قبل دخول الوقت وذلك مبطل لصلاتهم.
فعلى المؤذن أن يتقي اللهعز وجل، وأن يمشي في تحريه للصواب على ما دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة.


س31: يطول النهار في بعض البلاد طولاً غير معتاد يصلإلى عشرين ساعة أحياناً، هل يطالب المسلمون في تلك البلاد بصيام جميع النهار؟


ج31: نعم يطالبون بصيام جميع النهار؛ لقول الله تعالى: {فَالـنَبَـشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْحَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَالْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ} [البقرة: 187] ولقول النبيصلى الله عليه وسلّم: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربتالشمس فقد أفطر الصائم».


س32: صاحب شركة لديه عمال غيرمسلمين، فهل يجوز له أن يمنعهم من الأكل والشرب أمام غيرهم من العمال المسلمين فينفس الشركة خلال نهار رمضان؟


ج32: أولاً نقول إنه لا ينبغيللإنسان أن يستخدم عمالاً غير مسلمين مع تمكينه من استخدام المسلمين؛ لأن المسلمينخير من غير المسلمين.. قال الله تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّنمُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة: 221]، ولكن إذا دعت الحاجة إلى استخدامعمال غير مسلمين فإنه لا بأس به بقدر الحاجة فقط.
وأما أكلهم وشربهم في نهاررمضان أمام الصائمين من المسلمين فإن هذا لا بأس به، لأن الصائم المسلم يحمد اللهعز وجل أن هداه للإسلام الذي به سعادة الدنيا والآخرة، ويحمد الله تعالى أن عافاهالله مما ابتلى به هؤلاء الذين لم يهتدوا بهدى الله عز وجل. فهو وإن حرم عليه الأكلوالشرب في هذه الدنيا شرعاً في أيام رمضان فإنه سينال الجزاء يوم القيامة حين يُقالله: {كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِى الاَْيَّامِالْخَالِيَةِ } [الحاقة: 24].. لكن يمنع غير المسلمين من إظهار الأكل والشرب فيالأماكن العامة لمنافاته للمظهر الإسلامي في البلد.



س33: هل الغيبة والنميمة تفطران الصائم في نهار رمضان؟


ج33: الغيبة والنميمة لا تفطران، ولكنهما تنقصان الصوم.. قالالله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَاكُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 183].. وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «مَن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل؛ فليس للهحاجة في أن يدع طعامه وشرابه».


س34: إذا رئي صائم يأكلأو يشرب في نهار رمضان ناسياً فهل يذكَّر أم لا؟


ج34: من رأىصائماً يأكل أو يشرب في نهار رمضان فإنه يجب عليه أن يذكِّره لقول النبي صلى اللهعليه وسلّم حين سها في صلاته: «فإذا نسيت فذكروني».
والإنسان الناسي معذورلنسيانه. لكن الإنسان الذاكر الذي يعلم أن هذا الفعل مبطل لصومه ولم يدل عليه يكونمقصراً؛ لأن هذا هو أخوه فيجب أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
والحاصل أن من رأىصائماً يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسياً فإنه يذكِّره، وعلى الصائم أن يمتنع منالأكل فوراً، ولا يجوز له أن يتمادى في أكله أو شربه. بل لو كان في فمه ماء أو شيءمن طعام فإنه يجب عليه أن يلفظه، ولا يجوز له ابتلاعه بعد أن ذُكِّر أو ذَكَر أنهصائم.
وإنني بهذه المناسبة أود أن أُبيِّن أن المفطرات التي تفطر الصائم، لاتفطره في ثلاث حالات:
ـ إذا كان ناسياً.
ـ وإذا كان جاهلاً.
ـ وإذا كانغير قاصد.
فإذا نسي فأكل أو شرب فصومه تام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه». وإذا أكل أوشرب يظن أن الفجر لم يطلع، أو يظن أن الشمس قد غربت، ثم تبين أن الأمر خلاف ظنه،فإن صومه صحيح لحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: «أفطرنا في عهد النبيصلى الله عليه وسلّم في يوم غيم، ثم طلعت الشمس، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليهوسلّم بالقضاء». ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنقل إلينا؛ لأنهإذا أمرهم به صار من شريعة الله، وشريعة الله لابد أن تكون محفوظة بالغة إلى يومالقيامة.
وكذلك إذا لم يقصد فعل ما يفطر فإنه لا يفطر، كما لو تمضمض فنزل الماءإلى جوفه، فإنه لا يفطر بذلك؛ لأنه غير قاصد.
وكما لو احتلم وهو صائم فأنزلفإنه لا يفسد صومه؛ لأنه نائم غير قاصد، وقد قال الله عز وجل: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْجُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5].



س35: هل يعتبر ختم القرآن في رمضانللصائم أمراً واجباً؟


ج35: ختم القرآن في رمضان للصائم ليس بأمرواجب، ولكن ينبغي للإنسان في رمضان أن يُكثر من قراءة القرآن كما كان ذلك سُنَّةرسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقد كان عليه الصلاة والسلام يدارسه جبريل القرآنكل رمضان.


س36: ما حكم صلاة التراويح، وما هي السنة فيعدد ركعاتها؟


ج36: صلاة التراويح سنة سنَّها رسول الله صلى اللهعليه وسلّم لأمته، فقد قام بأصحابه ثلاث ليالٍ، ولكنه صلى الله عليه وسلّم ترك ذلكخوفاً من أن تُفرض عليهم، ثم بقي المسلمون بعد ذلك في عهد أبي بكر وصدر من خلافةعمر، ثم جمعهم أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه على تميم الداري وأُبيّ بن كعب،فصاروا يصلون جماعة إلى يومنا هذا ولله الحمد. وهي سُنَّة في رمضان.
وأما عددركعاتها فهي إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة، هذه هي السنة في ذلك. ولكن لو زاد علىهذا فلا حرج ولا بأس به؛ لأنه روي في ذلك عن السلف أنواع متعددة في الزيادة والنقص،ولم ينكر بعضهم على بعض، فمن زاد فإنه لا ينكر عليه، ومن اقتصر على العدد الواردفهو أفضل، وقد دلَّت السنة على أنه لا بأس في الزيادة حيث ورد في البخاري وغيره منحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلّم عن صلاةالليل، فقال: «مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما قد صلى». ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلّم عدداً معيناً يقتصر عليه، ولكن المهم في صلاةالتراويح الخشوع والطمأنينة في الركوع والسجود والرفع منهما، وألا يفعل ما يفعلهبعض الناس من العجلة السريعة التي تمنع المصلين فعل ما يسن، بل ربما تمنعهم من فعلما يجب حرصاً منه على أن يكون أول مَن يخرج من المساجد من أجل أن ينتابه الناسبكثرة، فإن هذا خلاف المشروع. والواجب على الإمام أن يتقي الله تعالى فيمن وراءه،وألا يطيل إطالة تشق عليهم خارجة عن السنة، ولا يخفف تخفيفاً يخل بما يجب أو بمايسن على من وراءه.. ولهذا قال العلماء: إنه يكره للإمام أن يسرع سرعة تمنع المأمومفعل ما يسن، فكيف بمن يسرع سرعة تمنع المأمومين فعل ما يجب؟! فإن هذه السرعة حرامفي حق هذا الإمام.
فنسأل الله لنا ولإخواننا الاستقامة والسلامة.


س37: ما حكم جمع صلاة التراويح كلها أو بعضها مع الوترفي سلام واحد؟


ج37: هذا عمل مفسد للصلاة؛ لأن النبي صلى اللهعليه وسلّم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى».. فإذا جمعها في سلام واحد لم تكن مثنىمثنى، وحينئذٍ تكون على خلاف ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلّم.. وقد قال النبيصلى الله عليه وسلّم: «مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». ونص الإمام أحمد رحمهالله: «على أن من قام إلى ثالثة في صلاة الليل فكأنما قام إلى ثالثة في صلاةالفجر». أي أنه إن استمر بعد أن تذكَّر فإن صلاته تبطل كما لو كان ذلك في صلاةالفجر، ولهذا يلزمه إذا قام إلى الثالثة في صلاة التراويح ناسياً ثم ذكر أن يرجعويتشهد، ويسجد للسهو بعد السلام.. فإن لم يفعل بطلت صلاته.. وهاهنا مسألة وهي أنبعض الناس فهم من حديث عائشة رضي الله عنها حيث سئلت: كيف كانت صلاة النبي صلى اللهعليه وسلّم في رمضان؟ فقالت: «ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة،يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن،ثم يصلي ثلاثاً»، حيث ظُنَّ أن الأربع الأولى بسلام واحد والأربع الثانية بسلامواحد، والثلاث الباقية في سلام واحد. ولكن هذا الحديث يحتمل ما ذكر ويحتمل أنمرادها أنه يصلي أربعاً بتسليمتين، ثم يجلس للاستراحة واستعادة النشاط، ثم يصليأربعاً كذلك، وهذا الاحتمال أقرب، أي أنه يصلي ركعتين ركعتين.. لكن الأربع الأولىيجلس بعدها ليستريح ويستعيد نشاطه، وكذلك الأربع الثانية يصلي ركعتين ركعتين ثميجلس.
ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلّم: «صلاة الليل مثنى مثنى»، فيكون فيهذا جمع بين فعله وقوله صلى الله عليه وسلّم، واحتمال أن تكون أربعاً بسلام واحدوارد لكنه مرجوح لما ذكرنا من أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «صلاة الليل مثنىمثنى».
وأما الوتر فإذا أوتر بثلاث فلها صفتان: الصفة الأولى أن يسلم بركعتينثم يأتي بالثالثة، والصفة الثانية أن يسرد الثلاث جميعاً بتشهد واحد وسلام واحد.
س38: ما قولكم فيما يذهب إليه بعض الناس من أن دعاء ختم القرآن من البدعالمحدثة؟
ج38: لا أعلم لدعاء ختم القرآن في الصلاة أصلاً صحيحاً يعتمد عليه منسنة الرسول صلى الله عليه وسلّم، ولا من عمل الصحابة رضي الله عنهم. وغاية ما فيذلك ما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعله إذا أراد إنهاء القرآن من أنه كان يجمعأهله ويدعو، لكنه لا يفعل هذا في صلاته.
والصلاة كما هو معلوم لا يشرع فيهاإحداث دعاء في محل لم ترد السُّنَّة به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «صلوا كمارأيتموني أُصلي».
وأما إطلاق البدعة على هذه الختمة في الصلاة فإني لا أحبإطلاق ذلك عليها؛ لأن العلماء ـ علماء السنة ـ مختلفون فيها. فلا ينبغي أن نعنف هذاالتعنيف على ما قال بعض أهل السنة إنه من الأمور المستحبة، لكن الأولى للإنسان أنيكون حريصاً على اتباع السنة.
ثم إن هاهنا مسألة يفعلها بعض الأخوة الحريصينعلى تطبيق السنة. وهي أنهم يصلون خلف أحد الأئمة الذين يدعون عند ختم القرآن، فإذاجاءت الركعة الأخيرة انصرفوا وفارقوا الناس بحجة أن الختمة بدعة، وهذا أمر لا ينبغيلما يحصل من ذلك من اختلاف القلوب والتنافر، ولأن ذلك خلاف ما ذهبت إليه الأئمة. فإن الإمام أحمد رحمه الله كان لا يرى استحباب القنوت في صلاة الفجر ومع ذلك يقول: «إذا ائتم الإنسان بقانت في صلاة الفجر فليتابعه، وليؤمن على دعائه».
ونظير هذهالمسألة أن بعض الأخوة الحريصين على اتباع السنة في عدد الركعات في صلاة التراويحإذا صلوا خلف إمام يصلي أكثر من إحدى عشر ركعة أو ثلاث عشرة ركعة انصرفوا إذا تجاوزالإمام هذا العدد، وهذا أيضاً أمر لا ينبغي، وهو خلاف عمل الصحابة رضي الله عنهم؛فإن الصحابة رضي الله عنهم لما اتمَّ عثمان بن عفان رضي الله عنه في منى متأولاًأنكروا عليه الإتمام ومع ذلك كانوا يصلون خلفه ويتمون. ومن المعلوم أن إتمام الصلاةفي حال يشرع فيها القصر أشد مخالفة للسُنَّة من الزيادة على ثلاث عشرة ركعة، ومعهذا لم يكن الصحابة رضي الله عنهم يفارقون عثمان، أو يَدَعون الصلاة معه. وهم بلاشك أحرص منا على اتباع السنة، وأسد منا رأياً، وأشد منا تمسكاً فيما تقتضيه الشريعةالإسلامية.
فنسأل الله أن يجعلنا جميعاً ممن يرى الحق فيتبعه، ويرى الباطلباطلاً فيجتنبه.


س39: اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبعوعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر. فهل لهذا التحديد أصل؟ وهل عليه دليل؟


ج39: نعم لهذا التحديد أصل، وهو أن ليلة سبع وعشرين أرجى ماتكون ليلة للقدر كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه. ولكنالقول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق أربعين قولاً أن ليلة القدر فيالعشر الأواخر ولاسيما في السبع الأواخر منها، فقد تكون ليلة سبع وعشرين، وقد تكونليلة خمس وعشرين، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون ليلة تسع وعشرين، وقد تكونليلة الثامن والعشرين، وقد تكون ليلة السادس والعشرين، وقد تكون ليلة الرابعوالعشرين.
ولذلك ينبغي للإنسان أن يجتهد في كل الليالي حتى لا يحرم من فضلهاوأجرها؛ فقد قال الله تعالى: {إِنَّآ أَنزَلْنَـهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـرَكَةٍإِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } [الدخان: 3].. وقال عز وجل: {إِنَّا أَنزَلْنَـهُ فِىلَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِخَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَـئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِرَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَـمٌ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } [سورةالقدر].


س40: إذا شق الصيام على المرأة المرضع فهليجوز لها الفطر؟


ج40: نعم يجوز لها أن تفطر إذا شق الصيامعليها، أو إذا خافت على ولدها من نقص إرضاعه، فإنه في هذه الحال يجوز لها أن تفطر،وأن تقضي عدد الأيام التي أفطرتها.


س41: في بعضالصيدليات بخاخ يستعمله بعض مرضى الربو، فهل يجوز للصائم استعماله في نهار رمضان؟


ج41: استعمال البخاخ جائز للصائم سواء كان صيامه في رمضان أم فيغير رمضان.. وذلك لأن هذا البخاخ لا يصل إلى المعدة، وإنما يصل إلى القصباتالهوائية فتنفتح لِما فيه من خاصية ويتنفس الإنسان تنفساً عادياً بعد ذلك، فليس هوبمعنى الأكل ولا الشرب، ولا أكلاً ولا شرباً يصل إلى المعدة.
ومعلوم أن الأصلصحة الصوم حتى يوجد دليل يدل على الفساد من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس صحيح.



س42: ما حكم استعمال معجون الأسنان للصائم في نهاررمضان؟


ج42: استعمال المعجون للصائم في رمضان وغيره لا بأس بهإذا لم ينزل إلى معدته، ولكن الأولى عدم استعماله؛ لأن له نفوذاً قوياً قد ينفذ إلىالمعدة والإنسان لا يشعر به. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم للقيط بن صبرة: «بالِغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً»، فالأولى ألا يستعمل الصائم المعجون،والأمر واسع فإذا أخَّره حتى أفطر فيكون قد توقى ما يخشى أن يكون به فساد الصوم.


س43: هل صحيح أن المضمضة في الوضوء تسقط عن الصائم فينهار رمضان؟


ج43: ليس هذا بصحيح، فالمضمضة في الوضوء فرض منفروض الوضوء سواء في نهار رمضان أو في غيره للصائم ولغيره، لعموم قوله تعالى: {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6]، لكن لا ينبغي أن يبالغ في المضمضة أوالاستنشاق وهو صائم، لحديث لقيط بن صبرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال له: «أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً».


س44: هل يفطر الصائم بأخذ الإبر في الوريد؟



ج44: لا يفطر الصائم بأخذ الإبر في الوريد ولا في غيره. إلاأن تكون هذه الإبرة قائمة مقام الطعام بحيث يستغني بها الإنسان عن الأكل والشرب. فأما ما ليس كذلك فإنها لا تفطر مطلقاً سواء أخذت من الوريد أو من غيره.. وذلك لأنهذه الإبر ليست أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب.. وعلى هذا فينتفي عنها أنتكون في حكم الأكل والشرب.



س45: هل أخذ شيء منالدم بغرض التحليل أو التبرع في نهار رمضان يفطر الصائم أملا؟


ج45: إذا أخذ الإنسان شيئاً من الدم قليلاً لا يؤثر في بدنهضعفاً فإنه لا يفطر بذلك سواء أخذه للتحليل أو لتشخيص المرض، أو أخذه للتبرع بهلشخص يحتاج إليه.
أما إذا أخذ من الدم كمية كبيرة يلحق البدن بها ضعف فإنه يفطربذلك قياساً على الحجامة التي ثبت بالسنة بأنها مفطرة للصائم.
وبناءً على ذلكفإنه لا يجوز للإنسان أن يتبرع بهذه الكمية من الدم وهو صائم صوماً واجباً كصومرمضان إلا أن يكون هناك ضرورة، فإنه في هذه الحال يتبرع به لدفع الضرورة، ويكونمفطراً يأكل ويشرب بقية يومه ويقضي بدل هذا اليوم.


س46: ما حكم استعمال السواك للصائم بعد الزوال؟



ج46: استعمال السواك للصائم قبل الزوال وبعد الزوال سنة كماهو سنة لغيره؛ لأن الأحاديث عامة في استعمال السواك، ولم يستثن منها صائماً قبلالزوال ولا بعده.
قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «السواك مطهرة للفم مرضاةللرب...». وقال عليه الصلاة والسلام: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كلصلاة».
س47: ما توجيهكم ـ حفظكم الله ـ لبعض أئمة المساجد الذين يتركون مساجدهمفي رمضان


ويذهبون إلى مكة للعمرة والصلاة في الحرم خلالهذا الشهر؟


ج47: توجيهنا لهؤلاء أن يعلموا أن بقاءهم في مساجدهملاجتماع الناس فيها، وأداء واجبهم الذي التزموه أمام حكومتهم أفضل من أن يذهبوا إلىمكة ليقيموا فيها ويصلوا هناك. والنبي عليه الصلاة والسلام لم يذكر في رمضان فيالذهاب إلى مكة إلا العمرة، فقال: «عمرة في رمضان تعدل حجة» ولم يذكر النبي صلىالله عليه وسلّم الإقامة هناك.. ولكن لا شك أن الإقامة في مكة أفضل من الإقامة فيغيرها، لكن لغير الإنسان الذي له عمل مرتبط به أمام حكومته، وواجب عليه أن يقوم به،فنصيحتي لهؤلاء إذا شاءوا أن يؤدوا العمرة أن يذهبوا إليها وأن يرجعوا منها بدونتأخُّر؛ ليقوموا بما يجب عليهم نحو إخوانهم وولاة أمورهم.




س48: يعتقد بعض الناس أن العمرة في رمضان أمرواجب على كل مسلم لابد أن يؤديه ولو مرة في العمر، فهل هذا صحيح؟


ج48: هذا غير صحيح. والعمرة واجبة مرة واحدة في العمر، ولا تجبأكثر من ذلك، والعمرة في رمضان مندوب إليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة».
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإخواننا المسلمين لمايحب ويرضى، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمدوعلى آله وصحبه أجمعين.









 


قديم 2009-04-13, 00:01   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابن جبل
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية ابن جبل
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخي الكريم
رحم الله الشيخ ابن العثيمين واسكنه فسيح جنته









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:40

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc