«أي عالم هذا الذي تشم فيه رائحة الدماء في كل مكان» بهذه الكلمات المليئة بالأسى والحسرة بدأت صحيفة «جارديان» البريطانية حديثها عن الأوضاع المتردية التي يشهدها العالم، مؤكدة أن القضية السورية وما ارتكبه الأسد في شعبه يعتبر أبشع الجرائم التي يشهدها العالم حاليا؛ مشيرة إلى ما أعلنته مفوضه الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان من أن عدد الضحايا في سوريا قد بلغ 70 ألف ضحية، وكان هذا الرقم بمثابة الصدمة الكبيرة التي هزت الكثيرين.
وأبدت الصحيفة عدة تساؤلات حول هذه الإحصاءات التي تعلن من وقت إلى آخر وهي: هل تفيد هذه الإحصاءات بأي شكل من الأشكال؟ هل تساعد حقا في إنقاذ الأرواح السورية؟ هل تفيد في الحراك السياسي ومحاولة حل القضية بسرعة حتى لا يتفاقم أكثر من ذلك؟ أم أنها تساهم في تصعيد الأزمة وتعمق الانقسامات؟
وقالت الصحيفة: إنه على ما يبدو أن المتاجرة بالدماء أصبحت سمة العصر الذي نعيشه، حيث إن السعي لحل أي قضيه يكون الهدف الحقيقي منه المصلحة في المقام الأول، أما عدد الضحايا والخراب والدمار فكلها أشياء لا تعني شيئا أمام تحقيق المصلحة.
كما نقلت الصحيفة بعض وجهات النظر التي ترى أن عدد القتلى السوريون ينتابه شيء من المبالغة وذلك لإعطاء فرصة التدخل الأجنبي، وهذا ما أيده رامي عبدالرحمن من المرصد السوري لحقوق الإنسان قائلاً: «إن تقديرات الأمم المتحدة يكتنفها المبالغة، وهذا لأسباب سياسية بحتة» وأشارت الصحيفة أنها أجرت مقابلة مع روبرت كولفيل المتحدث باسم الأمم المتحدة لمعرفه صحة هذه الآراء وهنا قال كولفيل: «لا يمكننا إثبات أن كل هؤلاء الناس قد لقوا حتفهم».
وهنا أوضحت الصحيفة أن دقة الأرقام ليست مهمة بهذه الدرجة، كما أنها ليست المشكلة حتى لو كان عدد الضحايا قليلاً، فالمشكلة الحقيقة تكمن في الأسلوب القمعي والرد على المدنيين العزل بهذه الطريقة الوحشية، لافتة إلى أن الغالبية العظمى من الضحايا هم من في سن الشباب، أي أنهم خرجوا أملاً في تحقيق أحلامهم وليس لخسارة هذه الأحلام وخسارة أعمارهم معها، مؤكدة أنه يجب عدم خلط الحابل بالنابل والحكم على جميع الثوار أنهم متمردون يستحقون القتل، بل يجب إدراك الهدف السامي الذي يدعو إليه هؤلاء الثوار، وإدراك أن هناك بالفعل من يريد تشويه ثورتهم السلمية لإثارة الرأي العام عليهم ومحاوله إفقادهم أي نوع من أنواع التعاطف.
وأخيراً اختتمت الصحيفة بالقول: إنه يجب إنهاء هذه المهزلة الإنسانية بشكل سريع، كما أنها أهابت بكل وسائل الإعلام في أن تشكل دفعة إيجابية لحل القضية السورية لا أن تكون عقبة وتزيد من اللبس والخلط لمجرد فقط الدعاية الإعلامية، أي أنه يجب التعامل مع القضية بشكل أكثر حزماً وجدية.
