المقدمة
يقصد بالسياسةالإقتصادية،الإستراتيجية التي تقررها الحكومة لتحقيق أهدافها الإقتصادية والمتمثلةفي : تحقيق النمو الإقتصادي، تخفيض معدلات البطالة،السيطرة على نسب التضخم
تحقيقالتوازن في ميزان المدفوعات.
وفي سعيها لتحقيق هذه الأهداف الذهبية للسياسةالإقتصادية تستخدم السلطات أدوات هذه السياسة الإقتصادية متمثلة في كل من السياسةالنقدية والسياسة المالية.
وتعتبر السياسة النقدية بمثابة حجر الزاوية في بناءالسياسة الإقتصادية الكلية شأنها في ذلك شأن السياسة المالية،فهي أحد العناصرالأساسية المكونة لها إذ أن لها تأثير على حالة الإقتصاد الوطني على المستوىالكلي.ولقد إختلفت نظرة الفكر الإقتصادي إلى السياسة النقدية عبر مراحل تطورهالمختلفة،حيث نجد أن السياسة النقدية مرت بأربعة مراحل من حيث درجة تأثيرها علىالنشاط الإقتصادي وفعالية هذا التأثير.حيث نجدها ماقبل كينز في القرن التاسع عشرتنظر إلى أن النقود هي عنصر محايد،وبالتالي لا يؤثر على حركة النشاط الإقتصادي،وإذازادت كمية النقود المتداولة مع ثبات الإنتاج فإن ذلك يئدي إلى إرتفاع المستوى العامللأسعار.ثم جاءت المرحلة الثانية بظهور الفكر الكينزي إثر أزمة 1929 ومع ظهورالأفكار الكينزية بدأ الإهتمام أكبر بالسياسة المالية ليؤكد أن السياسة المالية هيالأكثر فعالية من خلال التمويل بعجز الميزانية وفي المرحلة الثالثة خلال مطلعالخمسينيات ( 1951 ) أخذت السياسة النقدية مكانها في الطليعة بين السياساتالإقتصادية الكلية على يد " ميلتون فريدمان " الإقتصادي الأمريكي زعيم المدرسةالنقدية الحديثة أي صعد من الخلاف بين أنصار السياسة النقدية وأنصار السياسةالمالية،هذا الخلاف أدى إلى ظهور مذهب ثالث بزعامة الإقتصادي الأمريكي " والترهيللر " الذي نادى بعدم التعصب لسياسة معينة، بل طالب بضرورة عمل مزج لكل من أدواتالسياسة النقدية وأدوات السياسة المالية حتى يتسنى التأثير على النشاطالإقتصادي.إلا أن سياسات التثبيت الهيكلي تجعل من السياسة النقدية أكثر إيقاعا فيخدمة السياسات التي يضمها برنامج الإصلاح الإقتصادي الذي يطرحه صندوق النقد الدوليوخاصة تلك السياسات الهادفة إلى علاج التضخم وتحقيق الإستقرار الإقتصادي.والجزائربدورها مرت فيها السياسة النقدية بعدة مراحل إنطلاقا من سياسة نقدية في ظل إقتصادمخطط إلى إقتصاد السوق.
أهمية البحث:
تكمن أهمية هذا البحث في كون أن السياسةالنقدية من الأدوات الضرورية في رسم السياسات الإقتصادية الكلية.
هدفالبحث:
نهدف من خلال هذا البحث إلى:
تعميق المفاهيم المتعلقة بالسياسة>النقدية
إبراز دور السياسة النقدية في التأثير على الكتلة النقدية في>المجتمع
التعريف بمراحل السياسة النقدية في الجزائر>
وفي هذا الإيطار يمكنطرح الإشكالية التالية:
الإشكالية :
كيف تؤثر السياسة النقدية في الإقتصادالوطني ككل؟..
وللإجابة عن هذا السؤال إرتأينا إلى طرح الأسئلة الفرعيةالتالية:
الأسئلة الفرعية:
ما مفهوم السياسة النقدية وما أهدافها وفيماÃتتمثل أدواتها ؟..
ما هي مختلف مراحل السياسة النقدية في الجزائرÃ؟..
وللإجابة عن هذه الأسئلة تم طرح الفرضيات التالية:
الفرضيات:
السياسةÃالنقدية تعبر عن تلك الإجراءات الهادفة إلى ضبط الكتلة النقدية بواسطة عدةأدوات.
مرت السياسة النقدية في الجزائر بعدة مراحل إبتداءا من إقتصاد مخطط إلىÃإقتصاد السوق
حدود الدراسة:
تقتصر دراستنا هذه على مفهوم السياسة النقديةومختلف أدواتها وكذا أهميتها،مع الإشارة إلى مراحل السياسة النقدية في الجزائر.
منهج الدراسة:
إعتمدنا في هذا البحث المنهج الإستنباطي وأداتهالتحليل وهذا لتحليل مختلف الجوانب المتعلقة بالسياسة النقدية.
أقسامالبحث:
تم تقسيم هذا البحث إلى فصلين،إذ تم التطرق في الفصل الأول إلى مفاهيمعامة عن السياسة النقدية،أما في الفصل الثاني فتم التعرض إلى مراحل السياسة النقديةفي الجزائر وكانت أقسام البحث بالتفصيل على النحو التالي:
الفصل الأول : مفاهيمعامة عن السياسة النقدية
المبحث الأول : السياسة النقدية وأهدافهاوأنواعها
المبحث الثاني : أدوات السياسة النقدية
المبحث الثالث : فعاليةالسياسة النقدية
الفصل الثاني : مراحل السياسة النقدية في الجزائر
المبحثالأول : السياسة النقدية خلال المرحلة [ 1962- 1970]
المبحث الثاني : السياسةالنقدية في ظل إصلاحات [ 1970-1982]
المبحث الثالث : السياسة النقدية خلالالمرحلة [1986-1988]
المبحث الرابع : السياسة النقدية خلال المرحلة [ 1990- 2003
تمهيد:
إن السياسة النقدية هيتلك الإجراءات التي تستهدف التأثير على حجم الكتلة النقدية من أجل تحقيق أهدافالسياسة الإقتصادية وذلك بإستخدام أدوات السياسة النقدية سواء كانت كمية أوكيفية،لكن ما نلاحظه أن السياسة النقدية نجدها أكثر فعالية في الدول المتقدمة منهافي الدول النامية وهذا لعدة إعتبارات منها غياب قنوات إبلاغ السياسة النقدية،ومنهنا كان على تلك الدول العمل على تفعيل السياسة النقدية في إقتصادياتها.
المبحثالأول : السياسة النقدية وأهدافها وأنواعها
المطلب الأول : تعريف السياسةالنقدية
تعددت التعاريف للسياسة النقدية فقد عرفها الإقتصادي G.LBach على أنها " ما تقوم به الحكومة من عمل يؤثر بصورة فعالة في حجم وتركيب الموجودات السائلة التييحتفظ بها القطاع غير المصرفي سواء كانت عملة أو ودائع أو سندات حكومية"
أماالإقتصادي George Priente فيعرفها على أنها " مجموع التدابير المتخذة من قبلالسلطات النقدية قصد إحداث أثر على الإقتصاد ، ومن أجل ضمان إستقرار أسعارالصرف"
وحسب فوزي القيسي هي " التدخل المباشر المعتمد من طرف السلطة النقديةبهدف التأثير على الفعالية الإقتصادية ،عن طريق تغيير عرض النقود وتوجيه الإئتمانبإستخدام وسائل الرقابة على النشاط الإئتماني للبنوك" (1).
إذا تعبر السياسةالنقدية عن الإجراءات اللازمة التي تمكن السلطات النقدية من ضبط عرض النقود أوالتوسع النقدي ليتماشى وحاجة المتعاملين الإقتصاديين وهي هدف البنك المركزي فيممارسته للرقابة على النقود
المطلب الثاني : أنواع السياسة النقدية
في هذاالصدد يمكن التمييز بين نوعين من السياسات النقدية هما:
أ. السياسة النقديةالتوسعية
ب. السياسة النقدية الانكماشية
أ.السياسة النقديةالإنكماشية
يهدف أساسا هذا النوع من السياسات النقدية إلى علاج الحالة التضخميةالتي يعاني منها إقتصاد بلد ما وبالتالي فإن هدف السياسة النقدية إتجاه التضخم هوالحد من خلق أدوات نقدية أي الحد من خلق النقود وتخفيض المعروض النقدي وبالتالي يتمالحد من إنفاق الأفراد والمؤسسات على شراء السع والخدمات .
ويرى البعض أن أيسياسة نقدية ناجحة هي التي لا تندفع نحو إحداث التضخم في مرحلة ثم علاجه ، بلالسياسة النقدية المتوازنة هي التي تعمل على الحفاظ على معدل تزايد ثابت لنموالمعروض النقدي لأن ذلك هو الذي يحقق إستقرار مستوى الأسعار ، بإعتبار أن المعروضالنقدي هو المحدد الرئيسي لكل من المستوى العام للأسعار ومستوى الناتج القومي وكذاالتوظيف أو العمالة(1).
ب.السياسة النقدية التوسعية
تهدف في مجملها إلى علاجحالة الركود أو الإنكماش التي يمر بها الإقتصاد أي أن التدفق الحقيقي أكبر منالتدفق التقدي وهنا تسعى السلطة النقدية ممثلة في البنك المركزي إلى زيادة المعروضالنقدي وبالتالي زيادة الطلب على السلع والخدمات ، ذلك لأن زيادة كمية النقود منشأنه زيادة دخول الأفراد والمؤسسات وبالتالي تحفيز الطلب على السلع الإستهلاكيةوالسلع الإستثمارية على حد سواء
المطلب الثالث : أهداف السياسةالنقدية
تتمثل أهم أهداف السياسة النقدية في :
1.تحقيق الإستقرار فيالأسعار
وتعتبر من أهم أهداف السياسة النقدية حيث تسعى كل دولة إلى تفادي التضخمومكافحته وفي نفس الوقت علاج حالة الكساد والركود الإقتصادي
2.تحقيق الإستقرارالنقدي والإقتصادي
إذ من الضروري أنى تسعى السياسة النقدية إلى تكييف عرضالنقود مع مستوى النشاط الإقتصادي ؟،أي التحكم في كمية النقود بما يتلاءم مع مستوىالنشاط الإقتصادي وبالتالي تفادي حدوث الأزمات النقدية والإقتصادية مما يؤدي إلىالإستقرار الإقتصادي حيث أن تحقيق الإستقرار النقدي من شأنه أن يحقق الإستقرارالإقتصادي
3.المساهمة في تحقيق توازن في ميزان المدفوعات وتحسين قيمةالعملة
يمكن أن تساهم السياسة النقدية في إصلاح وتخفيض العجز في ميزان المدفوعاتعن طريق قيام البنك المركزي برفع سعر إعادة الخصم فيؤدي بدوره إلى قيام البنوكالتجارية برفع أسعار الفائدة على القروض مما يؤدي إلى تقليل الإئتمان والطلب المحليعلى السلع والخدمات مما يخفض من حدة إرتفاع الأسعار المحلية وبالتالي تشجيعالصادرات وتخفيض الواردات .
ومن ناحية أخرى يؤدي إرتفاع أسعار الفائدة داخلياإلى إقبال المتعاملين الأجانب على إيداع أموالهم بالبنوك الوطنية وبالتالي دخولالمزيد من رؤوس الأموال إلى الدولة مما يساعد على تقليل العجز في ميزان المدفوعات .
وهكذا نجد أن تقليل حجم النقود الإئتمانية داخل الإقتصاد الوطني من خلال رفعأسعار الفائدة يلعب دورا كبيرا في خفض العجز في ميزان المدفوعات .
4.المساهمة فيتحقيق هدف التوظيف الكامل
وتشترك في ذلك مع السياسة المالية وتقوم على زيادةعرض النقود في حالة البطالة والكساد لتزيد من الطلب الفعال فيزداد الإستثماروالتشغيل في الإقتصاد القومي.
5.مكافحة التقلبات الدورية
من بين الأهدافالرئيسية هدف علاج التقلبات الدورية التي يتعرض لها الإقتصاد القومي من تضخم وانكماش والتخفيف من حدتها حتى لا يتأثر الإقتصاد الوطني لهزات عنيفة تنعكس سلبا علىمستوى التوازن الاقتصادي العام ( الإنتاج والتوظيف والدخل ) وبعبارة أخرى الحفاظعلى الإستقرار النقدي وذلك من خلال التعادل بين الإدخار والإستثمار
المبحث الثاني : أدوات السياسةالنقدية
تتدخل الدولة في النشاط الإقتصادي بطريقة غير مباشرة من خلال السياسةالنقدية التي تتبعها ، ويعتبر التأثير على حجم وسائل الدفع في المجتمع من أهم جوانبالسياسة النقدية وذلك بإمتصاص الفائض من الكتلة النقدية وتوفير أرصدة نقدية جديدةوذلك من خلال إستعمال أدوات السياسة النقدية والتي تتمثل أساسا في:
المطلب الأول : الأدوات الكمية
ويشمل هذا النوع من الأدوات ما يلي :
1.سياسة سعرالخصم
1.1 تعريف سعر الخصم
سعر الخصم هو عبارة عن سعر الفائدة الذي يتقاضاهالبنك المركزي تقديم القروض وخصم الأوراق التجارية إذ أن البنوك التجارية غير علىإعطاء القروض بصورة مستقلة دون توافر السيولة اللازمة ، ولذا فهي مضطرة إلى اللجوءإلى البنك المركزي لإعادة خصم ما لديها من أوراق تجارية وكمبيالات ، بمعنى أن يحلمحلها البنك المركزي في الدائنية مقابل ما يقدمه من السيولة اللازمة لتأدية نشاطها. ومن الطبيعي أن يتقاضى منها ثمن هذا الإقتراض في صورة سعر فائدة. وتعتبر هذه الأداةمن أقدم الأدوات التي لجأ إليها البنك المركزي في التأثير على السيولة والإئتمان ،حيث إستعملت في سنة 1839 (1)
2.1.أثر سياسة سعر إعادة الخصم
في حالة التضخميرفع البنك المركزي معدل إعادة الخصم ليحد من قدرة البنوك على التوسع في الإئتمانبغية مجابهة الأوضاع التضخمية ، ومن ثم يلجأ البنك المركزي إلى سياسة الحد منالإئتمان لدى البنوك التجارية فيقوم برفع تكلفة الإئتمان المتمثلة في معدل الفائدةفترتفع تكلفة التمويل مما يدفع المستثمرين بالإمتناع عن الإقتراض، فيتقلص حجمالكتلة النقدية وينكمش.
أما في حالة إتباع البنك المركزي لسياسة توسعية، فإنهيقوم بخفض معدل إعادة الخصم حتى تسنى للبنوك خصم ما لديها من أوراق تجارية أوالإقتراض منه للتوسع في عملية منح الإئتمان وبالتالي سيقبل المستثمرون على البنوكالتجارية للحصول على المزيد من الإئتمان بتكلفة منخفضة.مما يؤدي إلى زيادة حجمالكتلة النقدية المتداولة في المجتمع.
والملاحظ أن العلاقة بين معدل إعادة الخصموأسعار الفائدة هي علاقة طردية بمعنى أنهما في إتجاه واحد ، إذ أن زيادة معدلاتإعادة الخصم تؤدي إلى زيادة معدلات الفائدة في لأسواق المالية والعكسصحيح.
3.1.فعالية سعر إعادةالخصم
تتوقف فعالية هذه السياسة على تحقيق عدة شروط أهمها:
أولا: أن تقومالبنوك التجارية بتغيير أسعار فائدتها مع تغير سعر الخصم وفي نفس الإتجاه
وهذاالشرط لا يتحقق في كل الأحوال والواقع أن فعالية هذه السياسة تستدعي ألا تكون هناكمصادر أخرى للسيولة أو الإئتمان سواء في السوق النقدية ذاتها أو في الأسواقالجانبية بخلاف البنك المركزي من شأنها أنم تقلل من أهمية قروض الأخير وتكلفة هذاالأخير. فإذا فرض وكان لدى المشروعات المختلفة الإحتياطات النقدية السائلة المخصصةللتمويل الذاتي ، أو وردت للإقتصاد القومي رؤوس أموال أجنبية بغرض التوظيف، فغن رفعسعر الخصم لا يؤثر في مقدرة السوق النقدية على تقديم الأصول النقدية السائلة وعلىزيادة حجم الإئتمان. وحتى بالنسبة للبنوك التجارية كوحدات مستقلة فالإتجاه إلىالبنك المركزي إعادة خصم ما لديها من أوراق تجارية وسندات يفترض الحاجة إلى التمويلمن جانب هذه البنوك ونقص السيولة اللازمة لها. وهو ما لا يكون متوافرا بالضرورة فقدتتمتع البنوك التجارية بسيولة مرتفعة، وتستطيع مواردها الذاتية أن تغطي القروضالممنوحة.ومن مظاهر التناقض في هذا المجال ، أن رفع سعر الفائدة يزيد من إيداعاتالأفراد والمؤسسات للحصول على عائد مرتفع ،مما يزيد من سيولة البنوك التجارية ويرفعمن قدرتها على إعطاء القروض دون الإعتماد على البنك المركزي.
ثانيا : أن يكونالطلب على القروض حساس للتغير في سعر الفائدة
بمعنى أنه يزيد إذا إنخفض وينقصإذا إرتفع لكن هذه الحساسية ليست كبيرة في جميع الأوقات. فمجرد رفع سعر الخصم منطرف البنك المركزي ليس كافيا لأن يجعل البنوك التجارية تحجم عن تقديم الإئتمانوالتوسع في القروض بحجة نفقات القروض .حتى ولو كانت هذه البنوك تنقصها السيولة، فهيتلجأ بالرغم من ذلك إلى البنك المركزي لخصم ما لديها من أوراق تجارية وسندات حتىولو تحملت نفقة أكبر مادام يمكنها أن تمتص الزيادة في سعر الخصم من النفقة الكليةللدين، بحيث تظل أرباحها ثابتة ويتحمل الزيادة في الواقع العميل الراغب في الحصولعلى القرض. ويؤكد ذلك أن الطلب على القروض من طرف المتعاملين الإقتصاديين لا يتأثربزيادة نفقة الدين بإعتبار أن هذه النفقة لا تمثل سوى جزءا ضئيلا من نفقة الإنتاجككل، ما دام يستطيع تعويض هذه الزيادة عن طريق رفع الإنتاجية ، أو رفع أسعار السلعالتي ينتجها.
ومع لذلك فإن لسياسة سعر إعادة الخصم تأثيرا نفسيا،إذ ترى البنوكفي تغييره إيعازا لها من البنك المركزي بإتخاذ سياسة معينة، وتهديدا بإتخاذ إجراءاتفعالة أخرى إذا لم تفلح هذه السياسة.
الوحدة %
الدول الولايات المتحدة كندااليابان ألمانيا فرنسا إسبانيا بلجيكا
1994 4.75 7.00 1.75 4.50 1.50 7.38 4.50
1995 5.25 8.00 1.00 4.00 9.50 8.50 4.00
المصدر:FMI.IFS.Juin.1995
جدول يوضح معدلات إعادة الخصم في بعض الدول الصناعية لـ 1994/1995
2.سياسة السوق المفتوحة ( Open Market )
1.2. تعريفسياسة السوق المفتوحة
تعني عمليات السوق المفتوحة إمكانية لجوء البنك المركزيإلى السوق النقدية بائعا أو مشتريا للأوراق المالية من جميع للأنواع وعلى الأخصالسندات الحكومية وقد ظهرت هذه الأداة بعد 1930 بعد إكتشاف محدودية أداة معدل إعادةالخصم (1).
وتتميز سياسة السوق المفتوحة عن سياسة سعر إعادة الخصم من ناحية مجالالتطبيق وطبيعة العلاقة بين البنوك التجارية والبنك المركزي. ففي سياسة سعر إعادةالخصم يحاول البنك المركزي التأثير في سيولة البنوك التجارية وبالتالي التأثير فيسيولة السوق النقدية، لمحاولة تقييد أو توسيع الإئتمان بحسب الأهداف الإقتصادية. أما في حالة سياسية السوق المفتوحة فيحاول البنك المركزي التأثير في سيولة السوقالنقدية في هيكل هذه السوق،بهدف التأثير في سيولة وقدرة البنوك التجارية على خلقالإئتمان. وعلى خلاف سياسة سعر الخصم التي يتم إجراءها داخل البنك المركزي فإن فيسياسة السوق المفتوحة يتم التعامل خارج البنك المركزي أي في السوق ومن هنا أطلق علىهذا التعامل سياسة السوق المفتوحة(2).
2.2. أثر سياسة السوق المفتوحة
تؤثر سياسة السوق المفتوحة على حجم الإئتمان عن طريق التغيير في كمية وسائلالدفع ( السيولة) وفي سعر الفائدة،فإذا ما قام البنك المركزي بشراء الأوراق الماليةمن السوق النقدية فإنه سيزيد من سيولة القطاع المصرفي وغير المصرفي،أما القطاعالمصرفي فعندما تزيد سيولته فإنه يرفع من قدرته على الإقراض.وهذا ما يظهر جليا فيحالة مرور الإقتصاد الوطني بحالة ركود أو إنكماش إقتصادي
أما في حالة التضخميتدخل البنك المركزي بصفته بائعا للأوراق المالية التي بحوزته الأمر الذي من شأنهأن يمتص الفائض من الكتلة النقدية نتيجة قيام البنوك بشراء تلك الأوراق الماليةكبدائل للنقود فيتقلص حجم السيولة وتنخفض قدرة البنوك التجارية على التوسع في منحالإئتمان.
أما فيما يتعلق بسعر الفائدة فلا شك أن قيام البنك المركزي بشراءالأوراق المالية من السوق النقدية سيزيد من الطلب عليها مما يؤدي إلى إرتفاع قيمتهاالسوقية وبما أن العلاقة بين سعر الأوراق المالية وأسعار الفوائد علاقة عكسية فهذامن شأنه أن يؤدي إلى إنخفاض معدلات الفائدة،ومن ثم تحفيز المستثمرين على المزيد منطلب الإئتمان.
3.2.فعالية سياسة السوق المفتوحة
تتحدد فعالية سياسة السوقالمفتوحة بقدر نجاحها في تحقيق سيولة أو عدم سيولة السوق النقدية ككل. فيجب توافركميات كافية من الصكوك تتمثل في أذونات الخزينة والأوراق المالية والتجارية التييمكن تداولها في السوق. ففعالية هذه السياسة تتحقق بتلاقي إرادتين : البنك المركزيمن جانب،والبنوك التجارية والمشروعات الأخرى من جانب آخر.كما أن فعالية هذه الوسيلةتتوقف على وجود أسواق مالية متقدمة،فإذا لم توجد هذه السوق أصلا أو كانت سوقابدائية وغير مندمجة تماما في الإقتصاد القومي بحيث لا تؤثر في سلوك الأفراد،فمنالواضح أن عمليات السوق المفتوحة ستكون عديمة الأثر أو على الأقل محدودة جدا وهذاهو الغالب في كثير من البلدان خاصة النامية منها.ما يمكن أن نقوله هو أن سياسةالسوق المفتوحة تستطيع تحقيق هدفها في حالة توفر الشرطين التاليين:
أ.توفر الأوراق المالية لدى البنك المركزي لطرحها في السوق
لامن توافر عدد معتبر من الأوراق المالية لدى البنك المركزي للبيع إذا ما أراد الحدمن الإئتمان،أو توفر هذه الأوراق المالية في السوق النقدية ليشتريها البنك المركزيفي حالة رغبته في زيادة قدرة البنوك التجارية على خلق الإئتمان أي الرفع من الطلبعلى النقود.
ب.عدم عرقلة البنوك التجارية لهدف البنك المركزي من هذهالسياسة
عند قيام البنك المركزي ببيع أصوله المالية في السوق النقدية فإنه بذلكيريد أن يقلل من حجم الإئتمان،فلا ينبغي للبنوك التجارية أن تعرقل هدف البنكالمركزي،وذلك بإقدامها على خصم أوراقها التجارية لدى البنك المركزي.
3.سياسةالإحتياطي القانوني
1.3.تعريف سياسة الإحتياطي القانوني
إن نسبة الإحتياطيالقانوني عي تلك النسبة التي من النقود التي يجب على البنوك التجارية أن تحتفظ بهالدى البنك المركزي من حجم الودائع تصب في تلك البنوك،إذ يلتزم كل بنك تجاريبالإحتفاظ بجزء أو نسبة من أصوله النقدية وودائعه في شكل رصيد دائم لدى البنكالمركزي.
وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أول دولة في العالم تطبق هذه الأداةمنذ 1933،لينتشر بعد ذلك إستعمالها في باقي دول العالم،ففي فرنسا لم تعتمد هذهالأداة إلا في سنة 1967،وفي الجزائر لم يكن ذلك ممكنا إلا بعد ظهور القانون 90/10المتعلق بالنقد والقرض الصادر بتاريخ 14 أفريل 1990 إذ نص على ما يلي : »يحق للبنكالمركزي أن يفرض على البنوك أن تودعه لديه حساب مجمد ينتج فوائد أو لا ينتجهاإحتياطا يحسب على مجموع ودائعاها أو على بعض أنواع الودائع أو على بعض التوظيفات،وذلك بالعملة الوطنية أو بالعملات الأجنبية. يدعى هذا الإحتياط بـ الإحتياطيالقانوني.لا يمكن أن يتعدى الإحتياطي الإلزامي ثمانية وعشرين بالمائة 28% منالمبالغ المعتمدة كأساس لإحتسابه.إلا أنه يجوز للبنك المركزي أن يحدد نسبة أعلى فيحالة الضرورة المثبتة قانونا.كل نقص في الإحتياطي الإلزامي يخضع البنوك والمؤسساتالمالية حكما لغرامة تساوي1% من المبلغ المنقوص ويستوفي البنك المركزي هذه الغرامة «.
وتقدر هذه النسبة بـ 6.5% وذلك حسب التعليمة رقم 01-04 بتاريخ 13 ماي 2004المتعلقة بنسبة الإحتياطي الإجباري.(1)
2.3.أثر سياسة الإحتياطي القانوني
فيالبداية كان الهدف من هذه السياسة هو حماية المودعين أخطاء تصرفات البنوكالتجارية،ثم أصبحت وسيلة فنية من شأنها التأثير في قدرة البنوك التجارية على خلقالإئتمان.ففي أوقات التضخم،وعن طريق رفع نسبة الإحتياطي القانوني من طرف البنكالمركزي تقل سيولة البنوك التجاري،فتنخفض قدرتها على الإقراض بحيث أنه إذا لم يستطعالبنك التجاري مواجهة الزيادة في الإحتياطي الإجباري فإنه يضطر إلى تقييد عمليةالإقراض (2).
والعكس من ذلك في حالة الركود الإقتصادي يقوم البنك المركزيبتخفيض هذه النسبة أي الإفراج عن جزء كبير من سيولة البنك التجاري وبالتالي تزيدقدرة هذا الأخير على خلق الإئتمان،أي زيادة الطلب على النقود من أجل الإستهلاك أوالإستثمار.
3.3.فعالية سياسة الإحتياطي القانوني
تتوقف فعالية هذه السياسةإذا كان
وعاء الإحتياطي الإجباري شاملا لجميع أنواع الودائعÃ
عدم وجود تسربÃنقدي
عدم وجود طرق أخرى أمام البنوك التجارية للحصول على موارد نقدية خارج إطارÃالبنك المركزي
المطلب الثاني : الأدوات الكيفية
تستخدم هذه الأدوات في التحكم في أنواع معينة من القروض وتنظيم الإنفاق فيمجالات معينة كتشجيع القروض القروض الإستثمارية دون القروض الإستهلاكية ...إلخ.ويرجع اللجوء إلى هذه الأدوات لتلافي العيوب التي تتولد من الإعتماد علىالأدوات الكمية وحدها للتأثير على عرض النقود.والهدف من إستخدام هذه الأدوات هوإحداث تغيرات هيكلية في الإئتمان وبالتالي المعروض النقدي ويمكن إبراز أهم هذهالأدوات من خلال النقاط التالية:
1.تأطير الإئتمان
وهو إجراء تنظيمي تقومبموجبه السلطات النقدية بتحديد سقوف القروض الممنوحة من قبل البنوك التجارية بكيفيةإدارية مباشرة وفق نسب محددة خلال العام،كأن لا يتجاوز إرتفاع مجموع القروض الموزعةنسبة معينة.وفي حال الإخلال بهذه الإجراءات تتعرض البنوك إلى عقوبات،تتباين من دولةإلى أخرى.
2.تخصيص التمويل
يعني إتجاه السلطات النقدية إلى التأثير علىتوزيع القروض في إتجاه القطاعات الأكثر حيوية بالنسبة العملية التنمية،أو التيتتطلب موارد مالية كبيرة.كتمويل القطاعات الصغيرة الزراعية أو التجارية أوالصناعية.
فبالنسبة للجزائر تنص المادة 71 من قانون النقد والقرض على أنه » يجبأن تهدف القروض المتوسطة الأجل إلى إحداث الغايات التالية :
تطوير وسائل>الإنتاج
تمويل الصادرات>
إنجاز السكن>
يجب أن تتوفر في هذه القروض الشروطالتي يفرضها المجلس لتقبل لدى البنك المركزي «.
3.قيام البنك المركزي ببعضالعمليات المصرفية
تستعمل البنوك المركزي هذا الأسلوب في البلدان التي تكون فيهاأدوات السياسة النقدية محدودة الأثر.حيث تقوم البنوك المركزية بمنافسة البنوكالتجارية بأدائها لبعض الأعمال المصرفية بصورة دائمة أو إستثنائية كتقديمها القروضلبعض القطاعات الأساسية لما تمتنع أو تعجز البنوك التجارية عن ذلك.
4.الإقناعالأدبي
هو عبارة عن مجرد قبول البنوك التجارية بتعليمات البنك المركزي أدبيابخصوص تقديم القروض وتوجيهها حسب الإستعمالات المختلفة.حيث يستطيع البنك المركزيالتأثير على البنوك التجارية بالإقناع الأدبي لكي تتصرف حسب السياسة النقدية المرادتطبيقها،فإذا كان هدف البنك المركزي هو أن تتوسع البنوك التجارية في منح الإئتمانفإنه يمكنه أن يطلب ذلك منها بإستعمال الإقناع الأدبي وبطرق ودية.ويعتمد نجاح هذهالسياسة على طبيعة العلاقة القائمة بين البنوك التجارية والبنك المركزي.
فتلتزمالبنوك التجارية بهذا الأسلوب نظرا للعلاقة الوطيدة التي تربطها بالبنك المركزي،فهوبنك البنوك والملجأ الأخير الذي تلجأ إليه البنوك التجاريةللإقراض.
المبحث الثالث : فعالية السياسةالنقدية
المطلب الأول : ماهية فعالية السياسة النقدية
في هذا الصدد يمكندراسة فعالية السياسة النقدية في كل من الإقتصاديات الرأسمالية المتقدمةوالإقتصاديات النامية.
1.فعالية السياسة النقدية في الإقتصاديات الرأسماليةالمتقدمة
تتبلور السياسة النقدية في الإقتصاديات الرأسمالية في إستخدام الأدواتالكمية والكيفية للتأثير على عرض النقود،وبالتالي على الإئتمان،ويعتمد نجاحها علىالتعاون التام والثقة المتبادلة بين البنوك التجارية والبنوك المركزية من ناحية،ومنناحية أخرى يعتمد على موجود أسواق نقدية ومالية منتظمة ومتقدمة.وبالتالي يؤديالتجاوب بين البنوك التجارية والبنوك المركزية إلى تحقيق الأهداف المرسومة للسياسةالنقدية.مما يؤدي إلى زيادة فعالية السياسة النقدية في التأثير على النشاطالإقتصادي.حيث يؤدي وجود سوق نقدية كاملة ومنتظمة تتعامل في قبول وخصم الأوراقالتجارية إلى زيادة فعالية سعر إعادة الخصم في التأثير على الإئتمان عن طريق مايحدثه من أثر على تكلفة خصم الوراق التجارية.كذلك يؤدي وجود سوق مالية كبيرة مرنةتتعامل بالأوراق المالية إلى زيادة فعالية عمليات السوق المفتوحة في التأثير علىالإئتمان وفق الطريقة التي سبق ذكرها.
وهذا ما نلاحظه في الإقتصاديات الرأسماليةالتي بها أسواق مالية ونقدية متطورة وكبيرة التي تزيد من فعالية الأدوات الكميةللسياسة النقدية،التي إذا ما دعمت بالأدوات الكيفية يتبين لنا الدور الفعال الذييمكن أن تقوم به السياسة النقدية في التأثير على عرض النقود ومن ثم التأثير علىالنشاط الإقتصادي في الإقتصاديات الرأسمالية.
2 .فعالية السياسة النقدية فيالإقتصاديات النامية
يمكن إعتبار السياسة النقدية في الإقتصاديات النامية عموماأقل فعالية منها في الإقتصاديات الرأسمالية بسبب الإختلالات الهيكلية التي يعانيمنها الإقتصاد القومي.لذلك نجد أن بعض الأدوات الكمية للسياسة النقدية،مثل سعرالخصم وعمليات السوق المفتوحة لا يكون لها تأثير كبير بل يكاد يكون ضعيفا بل لايذكر في بعض الحالات.وأن الإعتماد كله ينصب كله على نسبة الإحتياطي القانوني من جهةوعلى الأدوات الكيفية من جهة أخرى وهناك العديد من العوامل التي تحد من سلطة البنكالمركزي في القيام بدوره المطلوب.
المطلب الثاني : عوامل ضعف السياسة النقدية فيالدول النامية
يمكن تلخيص أسباب ضعف السياسة النقدية في الدول النامية في النقاطالتالية:
عدم وجود أسواق نقدية ومالية منظمة،وفي حالة وجودها فهي تتميز بضيقÃنطاقها وهذا ما يؤدي إلى ضعف فعالية سياسة معدل إعادة الخصم وإستحالة تطبيق سياسةالسوق المفتوحة
ضعف الدور الذي يقوم به البنك المركزي في التأثير على البنوكÃالتجارية من شأنه أن يحول دون قيام البنوك التجارية بأي دور فعال في التأثير علىالنشاط الإقتصادي
تتجه البنوك التجارية في الدول النامية إلى تقديم القروضÃلتمويل قطاع التجارة ( تمويل قصير الأجل )،مقارنة بالتمويل المقدم لتمويل القطاعالإنتاجي ( تمويل طويل لأجل ) الذي يعتبر أحد دعامات التنمية الإقتصادية
ضعفÃالوعي النقدي والمصرفي،حيث يتجه لأفراد في الدول النامية إلى الإحتفاظ بأموالهم فيشكل سيولة وليست ودائع أو أوراق مالية،الأمر الذي يقلل من دور البنوك التجارية لهذهالدول مقارنة بالدول المتقدمة
ضآلة مرونة الإستثمارات لتغير أسعار الفائدةÃبسبب إرتفاع درجة المخاطر وإنخفاض الكفاية الحدية لرأس المال،ولذلك فإن أي محاولةلزيادة الإستثمار يستلزم تخفيض كبير لسعر الفائدة وهو ما تحول دونه عدة إعتبارات (1)
عدم وجود إستقرار في المناخ السياسي،وتقلب في موازين مدفوعات تلكÃالدول،وتخلف الأنظمة الضريبية مم لا يشجع على الإستثمار الأجنبي وبالتالي عدم تحقيقأهداف التنمية الإقتصادية
يتم التداول النقدي في الدول النامية على أساسÃالنقود المادية خاصة الورقي،أما النقود المصرفية فما زال دورها محدودا كأداة لتسويةالمدفوعات بإستثناء تلك المعاملات التي تتم بين المؤسسات
تنامي دور الإقتصادÃغير الرسمي الذي من شأنه أن يستقطب أموال معتبرة لا يتم التصريح بها و بالتالي حدوثتسرب نقدي كبير وفي هذا الصدد نشير إلى أن حجم هذه السوق يمثل مابين
20 % إلى 30 % من الناتج المحلي الخام في الجزائر أي ما يمثل 14 مليار دولار(2)
إنخفاضÃمستوى الدخل وإنتشار عادة الإكتناز،وعدم إنتشار البنوك والمؤسسات المالية في مختلفأرجاء الوطن
المطلب الثالث : شروط نجاحالسياسة النقدية
إن نجاح السياسة النقدية في أي دولة يتوقف على مجموعة منالعوامل والشروط أهمها:
تحديد أهداف السياسة النقدية بدقة وهذا نظرا لتعارضÃالكثير من الأهداف المسطرة
لابد من ضرورة تنمية الوعي الإدخاري لدى مختلفÃالأعوان الإقتصاديين
لابد من توافر أسواق مالية ونقدية منظمةÃومتطورة
العمل على محاربة ظاهرة الإقتصاد الغير الرسميÃ
العمل علىÃإستقلالية البنك المركزي عن الحكومة
لابد من إعادة تأهيل البنوك التجارية منÃخلال التفتح على الشراكة بمختلف أساليبها
تكثيف البيئة المصرفية، بمضاعفة عددÃالمصارف الخاصة والعمومية المحلية والأجنبية لتشجيع اقتصاد السوق القائم علىالمنافسة والتنافسية
يجب إعادة الاعتبار لدور البنوك، بإعادة النظر في العلاقةÃالتي تربط هذه المؤسسات بالدولة، وذلك في حدود ما للدولة من حقوق وما عليها منواجبات كباقي المساهمين (احترام الدولة لقواعد السوق كأساس لهذه العلاقة)
Ãتحسين وتنويع الخدمات المقدمة للمدخرين وإتباع سياسة أكثر ديناميكية فيما يتعلقبجمع الموارد، مع تكوير وسائل الدفع وتعميماستعمالها
الفصل الثاني:السياسة النقديةبالجزائر
تمهيد
ورثت الجزائر نظاما مصرفيا قائما على أساس ليبرالي(1) كونفرنسا المستعمرة من دعاة الرأسمالية،ولكن بعد الإستقلال إنتهجت السلطات الحاكمةأنذاك سياسة التخطيط المركزي،فلم تكن السياسة النقدية منفردة عن بقية البرامجالتنموية الوطنية.فقد كان إصدار النقود خاضع لإحتياجات مختلف القطاعات دون دراسةدقيقة للنتائج المترتبة عن ذلك.كان أهمها حدوث إختلال هيكلي على مستوى الجهازالمصرفي وعلى هذا الأساس كان على السلطات الجزائرية وضع سياسة إقتصادية تتماشىومتطلبات العصر،وتجديد سياسة نقدية قوية ومستقلة ومكملة للسياسة المالية.
المبحث الأول : السياسة النقدية خلال المرحلة [1962-1970]
المطلب الأول : بناء المنظومة المصرفية
تم في هذا الصدد إنشاء البنوك التالية:
1.البنكالمركزي الجزائري BCA :
يعتبر إنشاء بنك الجزائر حدثا تاريخيا ومكسبا عظيماللجزائر بعد إستقلالها،وبالنسبة للمهام التي أسندت له فهي لا تختلف عن المهامالتقليدية للبنوك المركزية (1).وهو مؤسسة عمومية تقع في قمة الجهازالمصرفي.
2.الصندوق الجزائري للتنمية CAD :
إن الفراغ الذي أحدثه تحفظ ورفضالبنوك الأجنبية تمويل الإقتصاد الوطني،أدى إلى التعجيل بإنشاء " الصندوق الجزائريللتنمية " بغرض تمويل المؤسسات الوطنية.وقد أوكلت له مهام منها على وجه الخصوصإنجاز وتنفيذ برامج الإستثمارات المخططة من فبل إدارة التخطيط،تسيير ميزانيةالتجهيز المخصصة من قبل الخزينة العامة،منح القروض القصيرة والطويلة وكذا متوسطةالأجل.
3.البنك الوطني الجزائري BNA (2) :
هو مؤسسة مصرفية تجاريةتضمن الخدمة المالية لمجموعة من الشركات،ويساهم في مراقبة تسييرها،فهو وسيلة أداءللخطة المالية ومكلف كمصرف تجاري بتنفيذ سياسة الحكومة في ميدان القروض القصيرةالأجل بالتنسيق مع المؤسسات العمومية الأخرى للقرض فيما يتعلق بالقروض المتوسطةوالطويلة لأجل.ويمكن إعتبار الهدف من إنشاء هذا البنك هو خدمة الإقتصاد الإشتراكيبصفة عامة وتمويل القطاع الفلاحي بصفة خاصة،فهو يعتبر البنك الأساسي للدولة ولهمهام وصلاحيات واسعة.
4.القرض الشعبي الجزائري CPA(1):
لقد تعزز إنشاء الجهازالمصرفي بإنشاء مؤسسة القرض الشعبي الجزائري الذي أوكلت له مهمة تطوير نشاطالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للصناعات التقليدية،التجارية والسياحية بالإضافة إلىتمويل العمليات المتعلقة بالتجهيزات وتقديم القروض الشخصية بالتقسيط.
5.البنكالخارجي الجزائري BEA(2):
إن التعامل مع العالم الخارجي جعل السلطات الجزائريةتنشئ البنك الخارجي الجزائري بموجب المرسوم رقم 67/204 الصادر بتاريخ 01/10/1967،وورث خمسة بنوك أجنبية هي :قرض ليون،الشركة العامة،البنك الصناعيللجزائر،بنك البحر الأبيض.وهذا لدعم وترقية المبادلات التجارية والمالية التي تربطالجزائر بالعالم الخارجي.إذ تخصص منذ إنشائه في ضمان الإتفاقيات المتعلقةبالإستيراد والتصدير وكذا المساهمة في تمويل و تشجيع العمليات التجارية معالخارج.
6.الصندوق الوطني للتوفير والإحتياط CNEP(3) :
جاء هذا الصندوق ليحلمحل صندوق التضامن للبلديات والولايات الجزائرية،وكلف بمهام صناديق الإدخارالفرنسي،إذ يعتبر هذا الصندوق مؤسسة إدخارية وليس مؤسسة نقدية.
إن هذا الصندوقيدير ثلاثة أنوع من الموارد هي : أموال الإدخار،أموال الهيئات المحلية،وأموالالمستشفيات،فهو يتحصل على هذه الموارد من مختلف القطاعات منها العام والخاص
المطلب الثاني : دور الخزينة وعلاقتها بالبنك المركزي
بقيت الخزينة العموميةتتبع الخزينة الفرنسية إلى حدود 29/08/1962(4) أين تم الفصل بينهما، وقد لعبت دوراكبيرا في إقراض المؤسسات العمومية،كما أنه يمكن القول بأنها حلت في كثير من الأحيانمحل البنك المركزي في لعب دور الضابط للسياسة النقدية.
ووفقا لقانون الماليةلسنة 1965،فغن البنك المركزي قد وضع كليا لخدمة الخزينة العمومية،يمنحها منالتسبيقات والإئتمان غير المنتهية وبدون شروط وعلى ذلك كان البنك المركزي لا يخرجعن كونه محاسبا بسيطا للخزينة العمومية،الشيء الذي قلل من دوره في الإقتصادالجزائري،ونجم عن ذلك الكثير من اللامبالات في الإصدار النقدي وبدون مقابل من السلعوالخدمات مما أدى إلى ظهور الإختلالاتالنقدية
تقييم السياسة النقدية خلال هذهالمرحلة
النتيجة أن هذه المرحلة كانت من أصعب مراحل إنشاء الجهاز المصرفي الكفيلبالنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتخلفة التي ورثتها الجزائر عنالاستعمار، فما كان على الحكومة آن ذاك إلا أن تقيم جهاز مصرفي قوي وبسرعة –خاصة- أمام التقاعس والرفض المتعمد للبنوك الأجنبية في تمويل النشاطات الاقتصادية. أضفإلى ذلك عدم وجود تنسيق بين هذه المؤسسات المصرفية الأجنبية، والأهداف التي رسمتهاالحكومة الجزائرية خلال المرحلة الانتقالية للاقتصاد الوطني، أي عدم وجود تجاوب بينمتطلبات الاقتصاد الاشتراكي، ونظام تسيير وأهداف هذه المصارف، مما اضطر بالحكومةإلى وضع هياكل وطنية لضمان الاستقلال المالي والنقدي ووقف النزيف المالي الذي أصابالبلاد، عن طريق إقامة مؤسسات مالية جديدة أو تأميم المؤسسات المالية والمصرفيةالأجنبية التي تعمل داخل التراب الجزائري.
المبحث الثاني : السياسةالنقدية في ظل إصلاحات [ 1970-1982]
المطلب الأول :مرحلة الإصلاح الماليوالمصرفي لسنة 1971
عرفت هذه المرحلة ابتداء من سنة1971 إدخال بعض التعديلاتوالإصلاحات على السياسة النقدية والمصرفية، تماشيا والسياسة العامة للـدولةوالظـروف التي اقتضتها مصلحـة الاقتصاد الوطني – خاصة-المصارف الوطنية التي كانعليها تمويل الاستثمارات المخططة ،بالإضافة إلى إنشاء الهيئة الفنية للمؤسساتالمصرفية والهيئة العامة للنقد والقرض وإعادة هيكلة بعض المصارف الوطنية.فقد جاءتهذه الإصلاحات في إطار المخطط الرباعي الأول[1970-1973] بهدف إزالة الاختلال وتخفيفالضغط على الخزينة في تمويلها للاستثمارات، كما أجبر قانون المالية المؤسساتالعمومية العامة على مركزة حساباتها الجارية وكل عملياتها الاستغلالية على مستوىبنك واحد تحدده الدولة حسب اختصاص البنك في القطاع.
فالإجراء يوطد فكرة تخصصالبنوك، حيث يستطيع البنك مراقبة كل الحركات والتدفقات المالية لنشاط المؤسسة بفتحكل مؤسسة حساب لدى بنك واحد فقط، فيقوم هذا الأخير بتسيير حساباتها ومراقبة حركةنشاطها، وتمويلها في حالة احتياجها لقروض بغرض تمويل رأس المال العامل.هذا الوضعطرح إشكالا جديدا مفاده، هل للمصرف الأدوات اللازمة للقيام بعملية المراقبة؟ وهللهذه المؤسسات القدرة على تسديد القروض التي تحصلت عليها؟.
إن الإصلاح الذيأدخلته الدولة على النظام المصرفي سواء تعلق الأمر بتمويل الاستثمارات المخططة أوإنشاء الهيئة الفنية للمؤسسات المصرفية والهيئة العامة النقد والقرض أو إلغاءالصندوق الجزائري للتنمية وتعويضه بالبنك الجزائري للتنمية، كل هذه الإجراءات كانتتهدف إلى ضرورة ضمان المساهمة الفعلية لكل موارد الدولة لتمويل الاستثماراتالمبرمجة سواء في المخطط الرباعي الأول[70-1973] أو المخطط الرباعيالثاني[74-1977].
المطلب الثاني : إعادة هيكلة المؤسسات المصرفية لسنة 1982
انطلقت الإصلاحات الهيكليـة للقطاع الاقتصادي مع بداية الثمانينات،وتزامنتمع المخطط الخماسي الأول [80-1984] ،حيث تم في سنة1983 إعادة هيكلة 102مؤسسةعموميـة، ليصبح عددها 400 مؤسسة، مع تغييـر نظام اتخاذ القرار الذي كان مركزيا إلىنظام لا مركزي.ولم يقتصر الإصلاح على القطاع الحقيقي فحسب، كما عرفت هذه المرحلةإعادة هيكلة كل من البنك الوطني الجزائري والقرض الشعبي الجزائري حيث انبثق عنهمامصرفان هما :البنك الفلاحي للتنمية الريفية BADR،وبنك التنمية المحليBDL، فأصبحالنظام المصرفي يضم خمسة بنوك تجارية، ولكن هذا لم يحدث أي تغيير فيما يتعلق بالدورالحقيقي لوظائف المصارف.
تقييم التجربة
المرحلة الثانية[71- 1979]: أدخلتخلال هذه المرحلة بعض الإصلاحات والتعديلات على النظام المصرفي وظهور الهيئة الفنيةللمؤسسات المصرفية والهيئة العامة للقرض والنقد، والبنك الجزائري للتنمية لتعويضالصندوق الجزائري للتنمية، فأسندت له مهمة تمويل الاستثمارات الإنتاجية المبرمجة فيالمخططات الوطنية –خاصة – المخطط الرباعي الأول والمخطط الرباعي الثاني.
المرحلةالثالثة[82-1985]: عرفت هذه المرحلة إعادة هيكلة العديد من المؤسسات الوطنيةالإنتاجية والمالية ،منها البنك الوطني الجزائري الذي انبثق عنه البنك الفلاحيللتنمية الريفية اختص في تمويل القطاع الزراعي العام و القطاع الخاص ، وإعادة هيكلةالقرض الشعبي الجزائري بإنشاء بنك التنمية المحلي المختص بالدرجة الأولى في تمويلالمشاريع العمومية للجماعات المحلية الولائية والبلدية.كما عرف الاقتصاد الوطني فينهاية هذه المرحلة1985 صعوبات مالية نتيجة انخفاض إيرادات الدولة من العملة الصعبةبسبب تدهور أسعار المحروقات وانخفاض قيمة الدولار، الأمر الذي أدى إلى توقف معظمالمخططات التنموية، والدخول في مرحلة التفكير في إعادة النظر في مبادئ تسييرالاقتصاد . في النهاية يمكن القـول أن الجهاز المصرفي الجزائري،خلال هذه المرحلةكان بمثابة جهاز محاسب ومسير إداري بحت أكثر مـن أنـه جهاز مصـرفي حقيقي، أو بتعبيرآخر الجهاز المصرفي الجزائري كان جهاز وسيط –حيادي- بين السلطات النقدية (البنكالمركزي والخـزينة العامة) وبين الـمؤسسات الاقتصادية، دون أن يكون له رأي أوقرار،رغم اجتهاد المشـرع الجزائري في إدخال بعـض التعـديلات والإصلاحات –خاصة- فيالمرحلة الثانية والثالثة.فالنظام المصرفي و المالي الجزائري المتكون نظريا منقناتين، الخزينة العامة والبنوك الأولية ، إلا أنه من الناحية العملية فلا يعرف إلاقناة واحدة هي الخزينة العامة، فالفيض النقدي راجع أساسا إلى نشاط الخزينة. بالإضافة إلى هذا هناك قناة غير رسمية تمثل جهازا حقيقيا ومؤثرا على الاقتصادالوطني، هو الجهاز المصرفي الغير الرسمي(السوقالسوداء)
المبحث الثالث: السياسة النقديةخلال المرحلة [1986-1988]
المطلب الأول : قانون القرض والبنك لسنة 1986
تحتضغط أزمة النفط الخانقة ،فإن أول إجراء قامت به الحكومة الجزائرية ضمن سلسلة منالإجراءات التي كانت تهدف الى التحول بالنظام الاقتصادي مبادئه و مؤسساته نحواقتصاد يقوم على أسس وقواعد السوق ، هو إصدارها لقانون بنكي جديد، هدفه الأساسيإصلاح جذري للمنظومة المصرفية ، محـددا بوضـوح مهام ودور البنك المركزي والبنوكالتجارية كما تقتضيه قواعد و مبادئ النظام المصرفي ذو المستويين ،مع إعادة الاعتبارلدور و أهمية السياسة النقدية في تنظيمها لحجم الكتلة النقدية المتداولة ،ومراقبتهاتماشيا و تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية الكلية.
وهكذا أصبحت سياسة الائتمانالمصرفي تخضع لمتطلبات و حاجات الاقتصاد الكلي وليس لاحتياجات المؤسسات ، الأمرالذي نتج عنه نوع من الاستقلالية و المرونة في تعديل هيكل أسعار الفائدة الأسمىالمطبقة من طرف المصارف، مع ضبط و تعديل إجراءات التعامل مع المؤسسات فيما تعلقبشروط منح الائتمان.
وبموجب قانون86/12 المتعلق بنظام البنك والقرض، تم إدخالتعديلات جذرية على الوظيفة المصرفية، حيث تقوم فلسفة هذا القانون في اتجاه إرساءالمبادئ العامة والقواعد التقليدية للنشاط المصرفي. أما من الناحية التطبيقية فينصالتشريع صراحة على توحيد الإطار القانوني الذي يسّير النشاط الخاص بكل المؤسساتالمصرفية والمالية مهما كانت طبيعتها القانونية .
ودون الخوض في تفاصيل بنودومواد هذا القانون، يمكن إيجاز أهم المبادئ و القواعد الأساسية التي تضمنها القانونفي النقاط التالية :
تقليص دور الخزينة المتعاظم في تمويل الاستثمارات واشراك>الجهاز المصرفي في توفير الموارد المالية الضرورية للتنمية الاقتصادية ، إلا أنالقانون لم يضع آليات تنفيذ ذلك .
أعاد القانون للبنك المركزي وظائفه التقليدية>و دوره كبنك البنوك، وإن كانت هذه المهام تعوزها الآليات و الأدوات التنفيذية ،ومنثم تبدو في أحيان كثيرة مقيدة .
بموجب هذا القانون تم الفصل بين البنك المركزي>كمقرض أخير وبين نشاطات البنوك التجارية ، الأمر الذي سمح بإقامة نظام مصرفي علىمستويين.
أعاد القانون للمصارف ومؤسسات التمويل دورها في تعبئة الادخار>وتوزيع القروض في إطار المخطط الوطني للقرض، كما سمح للبنوك إمكانية تسلم الودائعمهما كان شكلها ومدتها، وأصبح أيضا بإمكانها القيام بإحداث الائتمان دون تحديدلمدته أو للأشكال التي يأخذها، كما استعادت المصارف حق متابعة استخدام القرض وكيفيةاسترجاعه ، و الحد من مخاطره ،خاصة عدم السداد
تنص مراسيم القانون على إنشاء>هيئات رقابة وهيئات استشارية على النظام المصرفي .
و في النهاية فالخروج منمرحلة كان فيها الاقتصاد الوطني تحت احتكار مبادئ نظام يتميز بالتخطيط المركزيالشديد ،جاء قانون المصارف والقرض بتأسيس المخطط الوطني للقرض، باعتبار هذا الأخيريحدد الأهداف الواجب بلوغها فيما يخص تعبئة الموارد والأولويات التي يجب مراعاتهافي توزيع القروض،و تحديد مستوى تدخل البنك في تمويلالاستثمارات
المطلب الثاني : قانون إستقلاليةالبنوك لسنة 1988
لم يخل قانون 1986 من النقائص و العيوب،فلم يستطيع التكيف معالإصلاحات التي قامت بها السلطات العمومية،خاصة بعد صدور القانون التوجيهي للمؤسساتالعمومية سنـة1988.
وعليه، فإن بعض الأحكام التي جاء بها لم تعد تتماش وهذهالقوانين، كما أنه لم يأخذ بالاعتبار المستجدات التي طرأت على مستوى التنظيم الجديدللاقتصاد. وكان من اللازم أن يكيف القانون النقدي مع هذه القوانين بالشكل الذي يسمحبانسجام البنوك كمؤسسات مع القانون ،وفي هذا الإطار بالذات جاء القانون 88/06المعدل والمتمم للقانون 86/12.و على هذا الأساس يمكن تحديد المبادئ و القواعد التيقام عليها قانون 1988في النقاط التالية :
إعطاء الاستقلالية للبنوك في إطار>التنظيم الجديد للاقتصاد والمؤسسات.
دعم دور البنك المركزي في ضبط و تسيير>السياسة النقدية لإحداث التوازن في الاقتصادي الكلي.
يعتبر البنك شخصية>معنوية تجارية تخضع لمبدأ الاستقلالية المالية والتوازن المحاسبي. وهذا يعني أننشاط البنك يخضع ابتداء من هذا التاريخ إلى قواعد التجارة ويجب أن يأخذ أثناء نشاطهبمبدأ الربحية والمردودية، ولكي يحقق ذلك، يجب أن يكيف نشاطاته في هذاالاتجاه.
يمكن للمؤسسات المالية غير المصرفية أن تقوم بتوظيف نسبة من أصولها>المالية في اقتناء أسهم أو سندات صادرة عن مؤسسات تعمل داخل التراب الوطني أوخارجه.
يمكن لمؤسسات القرض أن تلجأ إلى الجمهور من أجل الاقتراض على المدى>الطويل، كما يمكنها أن تلجأ إلى طلب ديون خارجية.
والنتيجة أن الإصلاحاتالاقتصادية و المالية عرفت مرحلة نوعية هامة سنة1988 ،فبعد إصدار النصوص القانونيةالمتعلقة باستقلالية المؤسسات العمومية، بما فيها البنوك، التي أصبحت تسير وفقاللمبادئ التجارية والمردودية، على أساس أن هذا قانون يعتبر مؤسسات القرض هي مؤسساتعمومية اقتصادية ، وهذا ما يدرج البنوك ضمن دائرة المتاجرة لتحفيزها قصد النظر فيعلاقتها مع المؤسسات العمومية الاقتصادية التي تحددها القواعد التقليدية ،كما يسمحهذا القانون لمؤسسات القرض والمؤسسات المالية باللجوء إلى القروض متوسطة الأجل فيالسوق الداخلية و السوق الخارجية، وفي ذات الوقت ألغي التوطين الإجباري الوحيد، كماتخلت الخزينة العامة عن تمويل استثمارات المؤسسات العمومية الاقتصادية،ليوكل ذلكللنظام المصرفي، فكان هذا انطلاقا لظهور قواعد جديدة في التسيير الاقتصادي تفصل بيندور الأعوان الاقتصادية ودور الدولة في تعبئة وتمويل وتراكم راس المال.و من هنايمكن القول أن استقلالية البنوك بصفتها مؤسسات اقتصادية عمومية قد تمت فعلا في سنة 1988.
المبحث الرابع : السياسة النقديةخلال المرحلة [ 1990- 2003 ]
المطلب الأول: قانون القرض والنقد 10/90
وضعقانون 90/10المتعلق بالقرض والنقد النظام المصرفي الجزائري على مسار تطور جديد،تميز بإعادة تنشيط وظيفة الوساطة المالية وإبراز دور النقد والسياسة النقدية، ونتجعنه تأسيس نظام مصرفي ذو مستويين،و أُعيد للبنك المركزي كل صلاحياته في تسيير النقدوالائتمان في ظل استقلالية واسعة،وللبنوك التجارية وظائفها التقليدية بوصفها أعوانااقتصادية مستقلة. كما تم فصل دائرة ميزانية الدولة عن الدائرة النقدية من خلال وضعسقف لتسليف البنك المركزي لتمويل عجز الميزانية، مع تحـديد مدتها، واسترجاعهاإجباريا في كل سنة، وكذا إرجاع ديون الخزينة العمومية تجاه البنك المركزي المتراكمةلغاية 14/ 04/ 1990 وفق جدول يمتد على 15سنة. وإلغاء الاكتتاب الإجباري من طرفالبنوك التجارية لسندات الخزينة العامة، ومنع كل شخص معنوي أو طبيعي غير البنوكوالمؤسسات المالية من أداء هذه العمليات .
-مبادئ قانون القـرض و النقد :
سمح قانون 90/10 بتحول السلطة النقدية إلى مجلس القرض والنقد،الذي يعتبربمثابة مجلس إدارة بنك الجزائر، يتمتع بصلاحيات واسعة في مجال القرض والنقد، ويرأسهمحافظ البنك الجزائري،قام بإصدار عدد من القوانين المتعلقة بالنقد وشروط إنشاءالبنوك والمؤسسات المالية، وذلك تدعيما للنظام النقدي والمالي لمسايرة اقتصادالسوق.
ويعتبر القانون 90/10 المتعلق بالنقـد والقرض، نصا تشريعيا يعكس حقالاعتـراف بأهمية المكانة التي يجب أن يكـون عليها النظام البنكي، فيعتبر مـنالقـوانين التشريعية الأساسية للإصـلاحات، بالإضافـة إلى أنـه أخذ بأهـم الأحكامالتي جاء بها قانـون الإصلاح النقدي لسنة1986 والقانون المعدل و المتمم لسنة 1988.
حمل هذا القانون في طياتـه أفكارا جـديدة فيما يتعلق بتنظيم النظامالمصرفي وأدائه، كما أن المبادئ التي يقـوم عليها وآليات العمل التي يعتمـدها، تعكسإلى حد كبـير الصـورة التي سيكون عليها هـذا النظام في المستقبل .
و من أهممبادئ قانون القرض و النقد هو الفصل بين دائـرة الميزانية ودائـرة الائتمان فقدكانت الخزينة في النظام الموجه تلعب الـدور الأساسي في تمـويل استثمارات المـؤسساتالعمومية،حيث هُمّش النظام المصرفي وكان دوره يقتصـر على تسجيل عبـور الأموال مندائرة الخزينة إلى المؤسسات،وخلق مثل هـذا الأمر غموضا كبيرا على مستوى نظامالتمويل، فجاء قانـون النقـد والقـرض ليضع حدا لذلك ،فأبعـدت الخزينة عن منحالقـروض للاقتصاد، ليبقى دورها يقتصر على تمـويل الاستثمارات العمومية المخططة منطـرف الدولة.
و عليه أصبح النظام المصرفي هو المسؤول عن منح القروض في إطارمهامه التقليدية، ويسمح الفصل بين هاتين الدائرتين ببلوغ الأهـداف التالية:
>استعـادة البنـوك والمؤسسات المالية، لوظائفها التقليـدية و المتمثلة في منـحالقروض.
تراجع التزامات الخزينة في تمويل الاقتصاد.>
أصبح تـوزيع القـروض>لا يخضع إلى قـواعد إدارية، وإنما يـرتكز أساسا على مفهوم الجدوى الاقتصاديةللمشروع.
كما وضع قانون 90/10 النظام المصرفي على مستـويين ، فميز بين نشاطالبنـك المركزي كسلطة نقـدية ، ونشاط البنـوك التجارية كمـوزع للقـرض ، و بموجب هذاالفصل اصبـح البنك المركزي يمثل فعـلا بنك البنـوك يـراقب نشاطاتها و يتابععملياتها ، كما أصبح بإمكانه أن يـوظف مركزه كملجأ أخير للإقراض في التأثير علىالسياسـة الائتمانية للبنـوك وفقـا لما يقتضيـه الـوضع النقـدي. فبإمكانه أن يحددالقواعد العامة للنشاط المصرفي و تحديد معايير تقييم هذا النشاط في اتجاه خـدمةأهدافه النقدية وتحكمه في السياسة النقدية.و في الأخير فقد نص القانون صراحة بمنحرخص إنشاء البنوك و المؤسسات المالية الجزائرية و الأجنبية ، أو الاكتتاب في رأسمالالبنوك الوطنية القائمة ، بغية إحداث منافسة حقيقية بين البنوك لتحسين خدمات القطاعالمصرفي.
و منه يمكن القول أن قانون القرض و النقد وضع و بشكل تام المنظومةالمصرفية والنظام النقـدي في مسار الانتقال من اقتصاد مسير مركزيا إلى اقتصاد موجهبآليات السوق .
المطلب الثاني الأمرية 11/03 الصادرة بتاريخ 26 أوت 2003
5- واقع استقلالية بنك الجزائر حسب الأمر 03-11:
جاء هذا القانون بعد أن لاحظتالسلطات الضعف الذي لا زال يتخبط فيه أداء الجهاز البنكي، وخاصة بعد الفضائحالمتعلقة ببنك الخليفة وبنك الصناعة والتجارة الجزائري، والذي كشف على ضعف آلياتالرقابة والتحكم من طرف البنك المركزي باعتباره المسئول كسلطة نقدية وربما تقريرالمجلس الاقتصادي والاجتماعي كان واضحا في ذلك حينما حدد طبيعة الإصلاح بإتباعالخطوات التالية :
وضع نصوص تشريعية و تنظيمية لتأطير هذه الوظيفة:Ã
وهذا منخلال تطهير محافظ البنوك العمومية؛
إعادة تنظيم الجهاز البنكي بعد تطهيرهÃمباشرة:
وهذا حتى يتكيف مع كل النشاطات والوظائف التي نجدها في البنوك عالميا،من خلال إستراتيجية طموحة تعتمد على تكوين الموارد البشرية وإدخال وسائلالمعلوماتية وسياسة تسويق مصرفي اتجاه العملاء تسمح بتعبئة ادخار العائلات وتوفيرالقروض اللازمة لتمويل الاستثمارات المنتجة.كما يتحتم على الجهاز البنكي التوجه إلىالتخصص وإضفاء التنافسية، من خلال مختلف المنتجات المالية التي يطرحها في السوقلتلبية كل الاحتياجات التمويلية للاقتصاد، وهذا ما يعني فتح المجال للمشاركة الخاصةسواء الوطنية أو الأجنبية.
إعادة تنظيم النظام البنكي بالاستناد على نواة صلبةÃمن البنوك العمومية المطهرة ماليا والعصرية :
ذلك أنها ستتحمل عبء إعادةالهيكلة الاقتصادية والصناعية للمشاركة في إعادة انطلاق الاقتصاد الوطني .
Ãأهمية إيجاد بورصة للقيم باعتبارها مرحلة مالية مهمة في مواكبة إعادة البناءالاقتصادي: إذ أن البلد الذي هو في حاجة كبيرة إلى أموال للتنمية الاقتصادية يصبحلوجود مؤسسات فيه، مثل البورصة والسوق المالية أهمية بالغة في استيعاب الأموالالمدخرة الضرورية للاستثمارات والهياكل القاعدية الحيوية.
العمل على وضعÃمنتجات مالية جذابة: وهذا يسمح باحتواء الأموال المكتنزة، خاصة عند القطاع الخاصوتكثيف المجهودات اتجاه أسواق البورصات الأجنبية.
أهداف الأمر رقم 03/11 :
1. السماح للبنك المركزي باستخدام أفضل لصلاحياته:
و يتم ذلك منخلال:
الفصل بين الإدارة ومجلس النقد والقرض داخل بنك الجزائر؛>
توسيع>صلاحيات مجلس النقد والقرض؛
تقوية استقلالية اللجنة البنكية وهذا بإضافة أمانة>عامة.
2 .تكثيف التشاور بين بنك الجزائر و الحكومة في المسائل المالية:
و هذابعد أن طرح القانون الجديد:
إثراء محتوى وشروط المناقصات للعلاقات الاقتصادية>والمالية وتسيير بنك الجزائر؛
إنشاء لجنة مختلطة بين البنك ووزارة المالية>لتسيير الإيرادات الخارجية والمديونية؛
تمويل إعادة الاعمار المرتبطة بالأحداث>المأساوية داخل البلد؛
سيولة المعلومات المالية وتأمين مالي أحسن للبلد.>
3. السماح بحماية أحسن للبنوك فيما يخص توظيف وادخار الجمهور:
وهذا من خلال النقاطالتالية:
تقوية شروط ومعايير اعتماد البنوك ومسيري البنوك والجزاءات اللازمة>للمخالفين؛
مضاعفة الجزاءات بالنسبة للانحرافات المتعلقة بالنشاطات>البنكية؛
منع تمويل نشاطات المؤسسات العائدة لمؤسسي ومسيري البنك؛>
تقوية>صلاحيات جمعية البنوك والمؤسسات الماليةABEF واعتماد قوانينها الأساسية من طرف بنكالجزائر؛
تقوية وتوضيح شروط عمل إدارة الخطر.>
كما حدد القانون الجديدالشروط اللازمة لنجاح ما جاء به وهي:
الاعتماد على التكوين والسماح للقدرات>والكفاءات التي يحوزها بنك الجزائر على البروز؛
ضرورة توافر نظام معلومات فعال>يستند إلى عملية تحويل كفؤة سريعة ومؤمنة للمعلومات؛
العمل على تمويل الاقتصاد>بواسطة موارد السوق والتي تتطلب نظاما بنكيا قويا وبعيدا عن كلالضغوط
لأمرية 03-11 الصادرة بتاريخ 26أوت 2003
ما جاءت به هذه الامرية بخصوص البنك المركزي نذكر :
* السماح للبنكالمركزي بممارسة افضل لمهامه و ذلك :
- الفصل على مستوى البنك الجزائر ما بينمجلس الإدارة و مجلس النقد و القرض
- توسيع مهام مجلس النقد و القرض .
- تدعيم استقلالية لجنة البنوك
* تدعيم التشاور و التنسيق ما بين البنك الجزائريو الحكومة ببما يتعلق بالجانب المالي و ذلك :
- إثراء مضمون و شروط التقاريرالاقتصادية ، المالية ، و تسيير بنك الجزائر ,
- إنشاء لجنة مشتركة بين بنكالجزائر / ووزارة المالية لتسيير الحقوق و الدين الخارجي .
- تمويل إعادة البناءالناجمة عن الكوارث التي تقع للبلد .
- انسياب أحسن للمعلومات المالية و ضمانمالي أفضل للبلد .
السلطة النقدية في الجزائر التي تدير النظام البنكي بموجب هذهالتشريعات و بالاخص قانون النقد و القرض و الامرية الصادرة في 2003 تحصر هذه السلطةفي هيئتين هما :
- وزارة المالية
- بنك الجزائر ) البنك المركزي (
مهاموزارة المالية تتمثل في وضع سياسة نقدية على مستوى الحكومة و بالتحديد الوزارةالمكلفة بالمالية الوصية على النظام البنكي و المالي. و على مستوى وزارة توجدمديرية الخزينة التي تعد الادرة المكلفة بشؤون البنوك و الشؤون المالية .
-بنكالجزائر ) البنك المركزي ( يعمل تحت وصاية وزارة المالية ، محافظ البنك ، و ثلاثمساعديه يعينون من طرف رئيس الجمهورية . يتلقى من طرف الدولة الإشراف على العملة والقرض و على هذا الاساس فهو مسئول على السير الحسن للعملة القرض . و يشارك في هذاالأساس في تحضير ووضع سياسة تخص المالية و النقد المقررة من الحكومة .بوظيفته هذهفان البنك الجزائر يمثل :
* هيئة الإصدار و هو بهذا الأساس الهيئة الوحيدةالمكلفة باصدار النقود التي تعتمد كنقود قانونية ، وهو يراقب و ينظم الكتلة النقديةو يدير احتياطي الصرف للبلاد و يسوي العلاقات ما بين الدينار والعملات الأجنبية .
* هو بعد ذلك بنك الدولة فهو يقوم بنفس الدور الذي تقوم به البنوك اتجاهزبائنها .
- فهو يعطيها القروض و يمسك الحساب الجاري للخزينة و يقوم لحسابها بكلعمليات الصندوق .
* وهو أخيرا بنك البنوك لأنه يمول البنوك في حدود السياسةالنقدية و القرض و عمليات المقاصة و الصكوك الغير مسددة ...