المقدمة
بالرغم من الدور الجوهري الذي تلعبه المؤسسة في الاقتصاد ، إلا أن ذلك لم يشكل فرقا في نظر المدرسة النيو كلاسيكية التي لم توفها حقها من البحث و الدراسة ، إذ اعتبرتها جزءا من نظرية التوازن ، وقد اتسم المفهوم المرجعي للمؤسسة بالبساطة * المؤسسة نقطة - المؤسسة آلة – المؤسسة علبة سوداء * .
بالإضافة الى ذلك فان الفرضيات التي بني عليها هذا النموذج فرضيات غير واقعية ، و بالتالي فإن نظرة التحليل الاقتصادي النيو كلاسيكي للمؤسسة كانت نظرة ضيقة ، خاصة مع التطور الكبير و السريع الذي شهده الاقتصاد و ظهور الشركات الكبيرة الحجم ، مما أدى الى ظهور نقائص عدة في ذلك النموذج .
هذه النقائص التي ظهرت في النموذج النيو كلاسيكي دفعت بالاقتصاديين الى إعادة النظر في هذا النموذج خاصة فيما يتعلق بالمؤسسة و القيادة ( التسيير ) ، حيث ظهرت عدة أعمال أعطت الأولوية لدراسة مفهومها و كذا علاقاتها الداخلية و الأهداف و محاولة بناء نظرية خاصة بهم .
و على رأس كل هؤلاء نجد النظرة التسييرية للمؤسسة التي قدمها كل من Berle et Means (1932) اللذان لاحظا آن ذاك أن أكبر المؤسسات الأمريكية تسير من طرف أشخاص ( مسيرين ) ليسوا بمالكين لها .
و في سنة 1976 أشار كل من Meckling and Jensen الى حتمية حدوث صراع بالشركة عندما يكون هناك فصل بين الملكية و التسيير وهو ما يطلق عليه " مشاكل الوكالة " ،حيث قدمت نتائجهما في واحدة من أهم دوريات الاقتصاد المالي في نفس السنة ( 1976)
الاشكالية :
ما هو المنظور الذي تبنته المدرسة التسييرية في دراستها للمنشأة ؟
و كمحالة للتعمق و التفصيل أكثر في الموضوع تم صياغة الاشكاليات الفرعية اللتالية :
ما هو رد فعل المدرسة التسييرية اتجاه مبادئ المنظور النيو كلاسيكي للمنشأة ؟
ما هي أهم الفرضيات البديلة التي ارتكز عليها منظور المدرسة التسييرية للمنشأة؟
ما هو مدلول المنشأة في نماذج و أفكار رواد المدرسة التسييرية ؟
بناء نموذج المدرسة التسييرية :
الانتقادات الموجهة للنموذج النيو كلاسيكي :
النظرية القائلة أن المقاولة ( المنشأة ) كيان ( منظمة ) مشترك و عقدة واحدة بمختلف وظائفها و مختلف أصناف الأفراد فيها ( مساهمين ، مسيرين ، عمال ، و مستخدمين ) ، كلها تمثل شخص واحد وهو المقاول .
هذا الاعتبار ينشأ عنه نزاعات محتملة بين الادارات و أعضاء المنظمة .
النظرية القائلة : هدف المنشأة هو تعظيم الربح (MAX ) باعتبار أن المقاول معظم آلي.
بناء النظرية على فرضيات غير منطقية أو غير واقعية فيمكن للمسير اقتراح أهداف أخرى غير هدف تعظيم الربح مثلا : الحصول على حصة معتبرة في السوق .
إهمال المقاول كعنصر فعال في التنظيم و التنسيق الذي يتميز بالإبداع و تسيير المعلومات
اعتبار العامل آلة لا هدف له ومنه هو ليس بمستهلك يسعى لتعظيم منفعته و بمعنى آخر إهمال عنصر المستهلك من التحليل ( اهتمام بالعرض و إهمال الطلب ) .
اعتبار المؤسسة علبة سوداء تقوم بتحويل فعال للمصادر الى منتجات دون أن تدرك كيف تدور هذه العملية أو كيف تنظم .
كيف لهم إذن أن يتحدثوا عن رشادة المنتج و عقلا نيته و التي تستوجب على هذا الأخير :
التمتع باليقين و المعرفة بكل البدائل و الخيارات المعروضة لديه ، الموارد و التكنلوجيا الموجودة ، الوسائل و الاستخدامات ، الأسعار ، الطلب ، ردود فعل المنافسة ...
حصوله على كل المعلومات التي تسمح له بتقديم نتائج الخيارات لكل البدائل .
امكانية اختياره البديل الأحسن لمستوى التفضيلات ، و لتحقيق هذا الخيار ليس محدود لا بإمكانية الحساب و لا بالأدوات المستعملة و ذلك لوجود حالة التأكد التام ( احتمال الوقوع في الخطأ = 0 ) أي عدم وجود مخاطرة من جانب أن السوق هو سوق منافسة تامة .
فرضية اعتبار أن المؤسسة نقطة في فظاء السوق ، و الذي همش تماما محيط المؤسسة.
على ضوء الانتقادات السابقة الذكر فقد تبنت المدرسة التسييرية أفكار جديدة محاولتا إعطاء نظرة أكثر عمقا و شمولية لمفهوم المنشأة ، بنائا على فرضيات أكثر قربا إلى الواقع .
المنشأة في نظر المدرسة التسييرية : عرفتها على أنها :
مجموعة من الأعوان الاقتصاديين المتمثلين في" المساهمين" و "المسيرين" الذين يسعون إلى تحقيق أهداف مختلفة .
فرضيات المدرسة التسييرية : بنت المدرسة دراستها على الفرضيات التالية :
الاعتماد على مبدأ الرشادة .
تعدد أهداف المؤسسة من خلال انفصال ملكية المساهمين عن المسيرين.
ظهور المؤسسات الكبرى و بالتالي هناك أنواع مختلفة من الأسواق : سوق منافسة تامة و سوق الاحتكار.
سعي المسيرين على عكس المساهمين إلى تعظيم دالة هدفهم و المتمثلة في تعظيم رقم الأعمال.
أهم رواد المدرسة التسييرية :
Berle et Means (1932) : في 1932 أشار كل من " Berle" و "Means" إلى أن من بين أهم مميزات المنظمات الكبرى ، أنها تتطلب خبرات و كفاءات في مجال التسيير و بعبارة أخرى انفصال الملكية عن التسيير.
Baumol (1959) : في عام 1959 جاء " Baumol " ليؤكد توقعات كل من " Berle" و "Means" معتمدا على خبراته بعد عمله في المؤسسات الكبرى مضيفا إلى ذلك أن المسيرين لا يعظمون أرباح المنشأة بل يعظمون رقم أعمالها و الذي يعتبر مؤشر مهم في المؤسسة و هذا لكون رقم الأعمال المرتفع يحسن سمعة و سلطة المسير و بالتالي قدرة المؤسسة على الحصول على التمويل من طرف البنوك .
و يرتكز هذا النموذج على تغيير هدف تعظيم الربح الذي كان يسعى إليه المقاول إلى أهداف أخرى خاصة بالمسير كتعظيم دالة المنفعة التي تضم عدة متغيرات نذكر منها: السلطة، السمعة، العلاقات الاجتماعية، مصاريف إضافية، حماية الوظيفة .
يرى " Baumol " أن المتغيرات السابقة الذكر لا يمكن قياسها، لذلك وحّدها في هدف واحد و هو تعظيم رقم الأعمال الذي يعد مؤشرا لقياس حجم المؤسسة و ذلك أن :
رقم الأعمال الكبير يعطي رفاهية للمسيرين ( و هذا لأن أجر المسير هو نسبة من رقم الأعمال ) و الربح يعود للمساهمين .
رقم أعمال كبير يعبر غالبا عن السيطرة على جزء من السوق و بالتالي يمنحهم سلطة التفاوض و لا يشجع دخول مؤسسات أخرى و يثبت وضعية المسيرين .
الحجم الكبير لرقم الأعمال يسهل عملية أخد تمويل من البنوك .
على أساس هذه الفرضية يرى " Baumol " أن المسيرين يعظمون ما يسميه الاقتصاديون بـ "دالة المنفعة " و لكن ذلك تحت قيد ربح أدنى و ذلك لسببين :
ضمان البقاء
الحفاظ على ثقة المساهمين .
نموذج "Baumol" لدالة المنفعة :
من خلال النموذج السابق يمكن استخلاص ثلاثة حالات :
الحالة 1 : حالة تعظيم الربح و هو هدف المساهمين : الكمية المنتجة هي QA التي يقابلها ربح πA
و ايراد يقدر بـ RA
الحالة 2 : حالة تعظيم المبيعات و هو هدف المسير : سوف تكون الكمية المنتجة هي QBالتي تعطي ايراد RB و ربح πB الغير محبب من طرف المساهمين
في الحالتين السابقتين نلاحظ أن هناك تفضيل لمصلحة أحد الطرفين ، فإنتاج الكمية QB يعطينا ربح أقل من الربح الناتج عن انتاج QA (ليس من صالح المساهم ) و ايراد أكبر من الايراد الناتج عن انتاج الكمية QA ( من مصلحة المسير ) ، لهذا تطرق بومول الى حالة ثالثة و هي :
الحالة 3 :حالة تعظيم المبيعات تحت قيد حد أدنى من الأرباح و عليه سوف تكون الكمية المنتجة بين Qc و Qc’ و الاختيار هنا يقع على Qc لأنها تعطي ايراد أكبر مع قيمة ثابتة من الربح ما يمثل هدف المسيرين .
WILLIAMSON (1963) : قدم " WILLIAMSON " تحليل واسع لـ"BAUMOL"لكنه لم يهتم فقط بتعظيم رقم الأعمال بل اهتم كذلك بالتحفيز النفسي للمسيرين و استغلال الوسائل الموجودة لتحقيق أهداف أخرى .
ان هذا النموذج مبني على فرضية أن المسيرين لهم هامش حرية معين يسمح لهم بتحقيق هدفهم المتمثل في تعظيم منفعتهم الخاصة " تعظيم المبيعات تحت قيد أدنى ربح مضمون يوزع على المساهمين "
ان فعالية المسير ترتبط بعدة متغيرات : الأجور ، السلطة و المكانة ، السمعة ، الأمن الوظيفي ، وهي غير قابلة للقياس ما عدا الأجور .
بناء النموذج الرياضي "WILLIAMSON" :
دالة فعالية المسير و التي صاغها في : (1) ......... U=f(S,I_D)
S : تمثل التكاليف الادارية / ID : الاستثمار التصرفي
دالة ربح المؤسسة : و التي تعبر عن الفرق بين الايرادات الكلية , تكاليف الانتاج و المصاريف الادارية π=R-C-S
هذا الربح يخضع للضريبة بمقدار (t) و بعد اقتطاع مقدار الضريبة ( T=t π) فان الباقي يوزع جزء منه ( الربح الأدنى π0 ) على المساهمين ، مما يستوجب العلاقة
π≥π_0+T
ملاحظة : مقدار π_0 هو الربح الأدنى الذي يهدف المسيرون الى تحقيقه في ظل تعظيمهم للمبيعات و هذا ما تقوم عليه فرضية نموذج "WILLIAMSON" حيث π_0 يحقق حتى يتفاد المسيرون استياء المساهمين الذي همهم الوحيد من الاستثمار هو تحقيق أرباح عن مساهماتهم و الا قاموا ببيع أسهمهم أو تغيير الادارة و هذا ليس في مصلحة المسيرين .
الربح التصرفي : و هو الباقي من الربح بعد توزيع حقوق المساهمين و دفع الضريبة و هو أيضا استثمار تصرفي= ID = π - π0 -T ……… (2) Dπ
من المعادلتين (1) و (2) يمكن صياغة دالة المنفعة على الشكل التالي :
µ = f ( S ,π - π0 – T) = f ( S ,(1-t)π – π0)
أولا : بطاقة توفيقات المسير (منحنى السواء للمسير ) : و هو منحنى يعبر عن العلاقة بين التكاليف الادارية ( (Sو الربح التصرفي و يمثل مختلف التوليفات التي تعطي للمسير نفس المنفعة .
خصائص منحنى السواء :
محدبة نحو نقطة الأصل.
معدل الإحلال بين التوليفتين سالب وهذا ما يبين العلاقة العكسية بينهما.
ثانيا : دالة الربح :
قام بصياغة دالة الربح على الشكل : = f(Q) π
فإذا كنا ندرك بأن الربح عبارة عن دالة للكمية فيمكن صياغته كدالة لـ : الأسعار و النفقات الإدارية و المحيط . f(p,s,e) = π
حيث : Q الكمية المباعة / P السعر / ٍS التكاليف الادارية / e متغير المحيط
إن زيادة الكميات سوف تؤدي إلى زيادة في الأرباح وصولا الى المستوى الأعظم لها ، و بالتالي ملاحظة علاقة طردية للكمية مع كل من النفقات الإدارية و الأرباح .
و في حالة زيادة الكميات عن المستوى الأعظم فان ذلك سوف يؤدي إلى انخفاض الأرباح عن المستوى الأعظم و في هذه الحالة تكون العلاقة طردية بين الكميات و النفقات الإدارية و عكسية مع دالة الربح.
إن زيادة نفقات الإدارة يؤدي إلى تنشيط المبيعات هذا ما يسمح بتطبيق أسعار أعلى و من هنا نقول أنه توجد علاقة طردية بين نفقات الإدارة و الأسعار.
ثالثا : تحقيق التوازن :
و من خصائص هذا التوازن نجد:
عند التوازن يكون الربح المحقق أقل من الربح الأعظم .
نفقات الإدارة التي تعظم المنفعة أكبر من التي تعظم أرباح المؤسسة .
بما أن ميل منحنى السواء سالب فهذا يفسر تفضيل المسير لنفقات الإدارة.
تحديد الحل الأمثل : التكاليف الادارية المثلى التي تعطي الربح الأعظم أي هي نقطة تقاطع منحنى توفيقات المسير الأبعد و منحنى الربح (AMB) حيث S*>SMAXالتي تحقق أعظم ربح .
نقطة التوازن تقع دائما في الجزء MB حيث العلاقة عكسية بين الربح و التكاليف الادارية و الذي يصب في صالح المسيرين ( تكاليف ادارية أكبر يعني أجور أكثر ) و هو ما لا يخدم مصلحة المساهمين اذ أن *<πMAXπ .
Meckling and Jensen ( 1976) : تطرق كل من "Meckling" و " Jensen" سنة 1976 إلى مشكلة الوكالة، حيث أشارا إلى حتمية حدوث صراع بالشركة عندما يكون هناك فصل بين الملكية و التسيير وهو ما يطلق عليه " مشكل الوكالة "
تعريف الوكالة : عرف كل من Meckling and Jensen الوكالة بأنها : " عقد يعين بموجبه شخص أو عدة أشخاص (الرئيسي) شخصا آخر هو العون للقيام بأعمال معينة لفائدة الأول، مما يستوجب تفويض السلطة للعون"، و تعرف نظرية الوكالة المؤسسة على أنها مجموعة من التعاقدات .
فالوكالة هي بمثابة عقد يقوم فيه المالك ( الملاك ) بتفويض ( توكيل ) شخص أو للقيام بإدارة المنظمة نيابة عنه . حيث يقوم الوكيل ( المدير/ المسير ) بأداء مسئولياته بما يحقق ويعظم مصــــلحة المالك ( الموكل ) ، وذلك مقابل حصول الوكيل على الأجر المناسب مقابل تأدية مسئولياته .( )
علاقة الوكالة : تظهر علاقات الوكالة ( Agency Relationship ) عندما يقوم شخص (الأصيل) باستخدام شخص آخر ( الوكيل ) للقيام بأعمال معينة نيابة عنه حيث يقوم الأول بتفويض " عملية اتخاذ القرار " إلى الثاني .
فرضيات نظرية الوكالة :
المسيرون يسعون لتعظيم منافعهم على حساب الملاك.( اختلاف المصالح).
المسير يعرف عمله أكثر من المالك .
يتميز كل من المالك و المسير بالرشادة الاقتصادية.
اختلاف أهداف و أفضليات كل من الرئيس و المسير، فبينما يسعى الأول إلى الحصول على أكبر قدر من جهد و عمل المسير مقابل أجر معقول، فإن المسير يسعى إلى تعظيم منفعته من خلال الحصول على أكبر قدر ممكن من المكافآت، الحوافز، و المزايا مع بذل مجهودات أقل .
اختلاف نسبة المخاطرة التي يتحملها كل من الرئيس و المسير، ويرجع ذلك إلى:
عدم قدرة الرئيس على متابعة و ملاحظة أداء و تصرفات العون بصورة
مباشرة نتيجة لمعايشة العون لظروف العمل و مشاكله.
اختلاف الخلفية التدريبية و الخصائص الشخصية لكل منهما.
اختلاف إمكانية التوصل إلى المعلومات و فهمها لكل من الرئيس و العون.( )
مشاكل الوكالة ومصادرها :
أولا : مشاكل الوكالة : تعمل نظرية الوكالة على معالجة مشكلات العلاقة بين الرئيس و العون من ناحية انفصال الملكية عن التسيير، و اختلاف مصادر تمويل المشروع برأس المال، و كذلك مشكلة تحمل المخاطر، ووظائف صنع القرار، و مراقبة أداء الأعوان، فإذا تصرف أطراف علاقة الوكالة حسب مصالحهم الذاتية فإن ذلك سيتسبب في وجود صراعات ينتج عنها تحمل تكاليف يطلق عليها " تكاليف الوكالة " وهي:
تكاليف الرقابة : ويتحملها الرئيس .
تكاليف الالتزام : ويتحملها العون.
الخسارة الباقية: و هي الفرق بين السلوك التنظيمي للرئيس و العون.
تنشأ مشكلة الوكالة من تعرض الرئيس لخسارة نتيجة لتصرفات العون، وعدم بذله المجهودات الكافية لتعظيم عائد الرئيس، و ما يزيد من فرص حدوث هذا الأمر هو أن الرئيس ليس لديه وسائل الرقابة المباشرة لقياس مجهودات العون، كما أن العون هو الذي يملك المعلومات و بالتالي سيستغل الفرصة للبقاء في منصبه أطول مدة ممكنة و هو ما يطلق عليه " تجذر المسيرين " .
ثانيا : مصادر مشاكل الوكالة :
عدم قدرة الرئيس على رقابة أداء العون.
عدم تناظر المعلومات، حيث أن العون لديه معلومات أكثر من الرئيس، وحتى
لو توفرت نفس المعلومات للرئيس فإنه قد لا يستطيع تفسيرها بنفس قدرة العون .
الانتقادات الموجهة للمدرسة التسييرية: على رغم النتائج التي توصلت إليها المدرسة التسييرية من تحليل أهداف المؤسسة و فصل الملكية عن التسيير ... و غيرها إلاّ أنها كانت عرضة الى انتقادات المدراس التي تلتها :
مبدأ الرشادة : مبدأ نسبي لأن المعلومات غير أكيدة في ظل سوق احتكاري ، عكس ما ذهبت إليه النظرية .
ارتفاع التكاليف الإدارية أدى إلى ضعف المردودية الاقتصادية .
صعوبة إعطاء دالة المنفعة صيغة رياضية .
مشكل الرقابة حيث أنه يصعب على المساهمين ممارسة الرقابة المستمرة على المسيرين .
انفصال الملكية عن التسيير أدى إلى ظهور مشكل الوكالة .
مقارنة بين المدرسة النيو كلاسيكية و المدرسة التسييرية :
المنشأة عند النيو كلاسيك عبارة عن نقطة أو علبة سوداء، تقوم أساسا بتحويل المدخلات إلى مخرجات دون أي تحليل لشروط الإنتاج و ذلك خلافا لما عرفتها المدرسة التسييرية على أنها عبارة عن تحالف لمجموعة من الأفراد المشكلة لأهداف مختلفة .
يرى النيو كلاسيك ان المنشاة عبارة عن فرد واحد ألا و هو المالك ، و تنظر المدرسة التسييرية للمنشاة على أنها مجموعة من الأعوان الاقتصاديين ( مساهمين و مسيرين ).
عند النيو كلاسيك المالك = المسير على خلاف ماتنادي به المدرسة التسييرية بفصل الملكية عن التسيير .
هدف المنشأة الرئيسي هو تعظيم الربح عند النيو كلاسيك : MAX / =RT- CT و قد ذهبت المدرسة التسييرية الى أهداف اخرى ، كتعظيم منفعة المسيرين تعظيم ، رقم الأعمال : MAX U ≈ MAX (CA) تحت قيد MIN
يفترض النيو كلاسيكيون أن المعلومات متوفرة و أن السوق في حالة منافسة تامة ، الأمر الذي فندته المدرسة التسييرية مؤكدتا أن المعلومات غير متوفرة بشكل كامل مما يستدعي البحث عنها و أن الأسواق قد تكون في حالة منافسة تامة أو في حالة احتكار .
كما أشرنا سابقا فانه عند النيو كلاسيك المالك هو المسير الذي يأخذ على عاتقه اتخاذ القرار بناءا على هدف تعظيم الربح بطريقة سهلة و بسيطة نظرا لتوفر المعلومات ، و هو الأمر الذي لا يطرح لنا مشكل الوكالة ، على خلاف المدرسة التسييرية التي تعطي حرية اتخاذ القرار للمسير الأمر الذي يطرح مشكل الوكالة و تضارب المصالح بين المالك و المسير ، نظرا لهامش الحرية الكبير الذي يتمتع به المسير .
محدودية النموذج النيو كلاسيكي تتمثل في فرضياته الغير واقعية التي لا تأخذ بعين الاعتبار محيط المنشأة، و كذا لاعتمادها على فرضية الرشادة المطلقة الغير واقعية و عدم اهتمامها بالتنظيم الداخلي للمنشأة أما محدودية التحليل التسييري فتكمن في مشكل الوكالة و الرقابة التسييرية .
آفاق البحث : المدرسة السلوكية
مهدت الانتقادات السابقة الذكر لظهور منظور جديد للمنشأة ، الذي ركز على الجانب الانساني في المؤسسة ، و كون المؤسسة ليست فردا واحدا و اعتبارها مجموعة متكاملة من الأفراد يسعون الى تحقيق أهداف المؤسسة في ظل تنظيم معين ، فان التحليل السلوكي اهتم بدراسة السلوكيات الانسانية في منظمات الأعمال بهدف التنبؤ الدقيق لهذه السلوكيات و وضعها في المسار الصحيح الذي يعود بالإيجاب على المنظمات من حيث تحقيق أهدافها المسطرة.
أهم رواد المدرسة السلوكية :
Simon : اهتم بمشكل اتخاذ القرار في المنشأة و التنظيم الداخلي فيها .
Cyert et Martch : بينا أن المنشأة لا يمكن أن تكون مجرد نقطة و إنما هي عبارة عن تنظيم مكون من أفواج أو مجموعات مختلفة تعمل من أجل الحصول على فائدة مضاعفة و ذلك من خلال تحقيق الهدف المشترك لهذه المجموعات المتمثل في هدف المنشأة و كذا تحقيق الهدف الخاص بكل مجموعة .
Liebenstein : جاء Liebenstein بفكرة ذات أهمية كبيرة تدور حول إظهار مدى أهمية المتغير " تنظيم" في فعالية المنشأة، و قد عالج هذه الفكرة في نظريته المتمثلة في " نظرية الفعالية".
يمكن اثراء البحث أكثر عن طريق البحث أكثر و محاول الاجابة على التساؤلات التالية :
. كيف عبرت المدرسة السلوكية عن فرضياتها ؟
. ماهي أهم نتائج النموذج السلوكي ؟
. ماهي أهم الانتقادات التي يمكن توجيهها الى النموذج السلوكي ؟
. ماهي أوجه التشابه و أوجه الاختلاف بين النظرية السلوكية و غيرها من النظريات الاقتصادية للمنشأة ؟
الخاتمة
يتمثل الفرق بين النموذج المرجعي و التسييري في دالة الهدف حيث بالاضافة الى هدف تعظيم الربح بالنسبة للمالكين ، ظهر هدف آخر يتمثل في تعظيم دالة المنفعة بالنسبة للمسيرين و ذلك تحت قيد الحد الأدنى للربح .
في هذه النظرية نجد أن المالك تخلى عن وظيفة التسيير للخبراء مما أدى الى ظهور مشكل الرقابة التسييرية و مشكل الوكالة .
ان المردودية الاقتصادية في النموذج ضعيفة نظرا لارتفاع التكاليف الادارية و هذا هو شأن المؤسسات العمومية حيث نجد مشكل انعدام الرقابة التسييرية .
تعتبر المؤسسة في النموذج التسييري عبارة عن منظمة أو تحالف فهي مجموعة متكاملة من الافراد تجمعهم أهداف مشتركة .