العواطفُ في المعاطفِ
ماذا يُمكنُ أن يوجدَ تحت مِعْطَفِ امرأة تمشي فوق أمطارِ الشتاء وسط شارعٍ رئيسٍ مليءٍ بالعيون الآدمية الجائعة كذئابٍ قُطبيّةٍ شماليّةٍ؟ لا أدري "وبهذا أكون قد أَفْتَيْتُ على مذهب اللاأدريّةِ".
سأحاول السؤالَ ثانية: ماذا يوجد في جيوبِ مِعْطفِ أنثى تجلسُ، هروبًا من البردِ، في رُكنِ فكرةٍ دافئةٍ هاربةٍ من رأسِ رجلٍ باردٍ؟ الله أعلمُ بما فيها دون فتوى.
سأُعيد السؤال بشكلٍ آخر: هل يوجد شيءٌ تحت معطفِ امرأةٍ تتخفّى من شَرِّ الناسِ بغزوِ عيونِهم الشَّرِهة؟ هنا أظن أنّ الله سيحلّ عقدةً من لساني وستفقهون قولي بإذنه.
فالسؤال بسيطٌ بساطةَ الموتِ في هذه الأيّامِ وسهلٌ كانخفاضِ أسعار الترفاس في صحرائنا.
الحقيقة أقول إنّني، أستطيعُ أنْ أعرِفَ ما يوجد تحتَ أيِّ مِعْطَفٍ نسائيٍّ يتحرّكُ أمامي. ذلك أنّ حُبّي المرأةَ وانهزاماتِي فيها فإنّ كلُّ قضايا الأرضِ تنبُتُ في معاطِفِ النساءِ وتَخْرُجُ بألسنتِها من الجيوبِ تلسعُ كالثعابينِ، أجملُ ثعابينِ الأرضِ نساؤُها.
الأكيدُ أنّ تحتَ معاطِفِ النساءِ أجسادٌ تأكُلُها نيرانٌ جيّاشةٌ كنيران النّمرودِ، ولكنّها ليست بردًا وسلامًا، بل هي جحيمٌ وإيلامٌ من تصنيعِ فلسفاتِ الاستهلاكِ العامِّ. ذلك أنّ العولمةَ أفرغتِ النساءَ من الأنوثةِ عبر الرٍّغبةِ في التجميلِ، وقتلتْ فيهنَّ نَبْتَ الحُبِّ فصرنَ قاحلاتٍ، بعد إجراءِ العملياتِ التجميلية، لا خصبَ فيهنَّ ولا نَماءَ. كاذبٌ مَنْ يُغْرِيه الجِناسُ فيذهبُ إلى القولِ بأنّ تحتَ المعاطِفِ تنمو العواطِفُ. أبدًا. إلى الآن، ورغم تنوّع تجاربي العواطِفُ لا توجدُ إلاّ في الكلامِ، وخير الكلامِ ما كانَ بديعًا، وأفضلُ البديعِ الشعرُ، وأعذَبُ الشعرِ أكذَبُه. ماذا يوجد تحت معطَفِ امرأةٍ تنامُ الآنَ في دِماغي؟ لن أبوح بما انكشفَ لي الآن من معنى... فتخيَّلوه.