حديث : ( وإن ضرب ظهرك ، وأخذ مالك ؛ فاسمع وأطع ) صحيح وليس بشاذ
فؤاد أبو الغيث
قال مسلم في الصحيح : ( حدثني محمد بن سهل بن عسكر التميمي قال : حدثنا يحيى بن حسان، ح ، وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال : أخبرنا يحيى وهو ابن حسان قال : حدثنا معاوية – يعني ابن سلام – قال : حدثنا زيد بن سلام عن أبي سلام قال : قال حذيفة بن اليمان : قلت : يا رسول الله ، إنا كنا بشر ، فجاء الله بخير، فنحن فيه ، فهل من وراء هذا الخير شر ؟
قال : نعم .
قلت : هل وراء ذلك الشر خير ؟
قال : نعم .
قلت : فهل وراء ذلك الخير شر ؟
قال : نعم .
قلت : كيف ؟
قال : يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ، ولا يستنون بسنتي ، وسيقوم فيهم رجال ؛ قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس .
قال : قلت : كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟
قال : تسمع وتطيع للأمير ، وإن ضرب ظهرك ، وأخذ مالك ؛ فاسمع وأطع ) .
قال الدارقطني في الإلزامات والتتبع (ص 181) : ( وأخرج مسلم حديث معاوية بن سلام ، عن زيد ، عن أبي سلام ، قال : قال حذيفة : كنا بشر ، فجاءنا الله بخير. وهذا عندي مرسل ، أبو سلام لم يسمع من حذيفة ، ولا من نظرائه الذين نزلوا العراق ، لأن حذيفة توفي بعد قتل عثمان ، رضي الله عنه ، بليال ، وقد قال فيه : قال حذيفة ، فهذا يدل على إرساله ) .
وقال المزي في ترجمة أبي سلام واسمه ممطور : ( روى عن حذيفة م يقال مرسل ) .
وقال ابن حجر: ( أرسل عن حذيفة وأبي ذر وغيرهما ) .
وقال النووي في شرح مسلم : ( قوله ( عن أبي سلام قال : قال حذيفة بن اليمان ) قال الدارقطني : هذا عندي مرسل ؛ لأن أبا سلام لم يسمع حذيفة ، وهو كما قال الدارقطني ، لكن المتن صحيح متصل بالطريق الأول ، وإنما أتى مسلم بهذا متابعة كما ترى ، وقد قدمنا في الفصول وغيرها أن الحديث المرسل إذا روي من طريق آخر متصلاً تبينا به صحة المرسل ، وجاز الاحتجاج به ، ويصير في المسألة حديثان صحيحان ) .
لكن قال مقبل الوادعي في تحقيقه للإلزامات والتتبع (ص182) : ( وفي حديث حذيفة هذا زيادة ليست في حديث حذيفة المتفق عليه ، وهي قوله : ( وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك )! فهذه الزيادة ضعيفة ؛ لأنها من هذه الطريق المنقطعة ) .
ولكن قد تابع أبا سلام على هذه الزيادة سبيع بن خالد اليشكري ، فقد قال أبو داود في السنن في كتاب الفتن : ( حدثنا مسدد قال : حدثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن نصر بن عاصم ، عن سبيع بن خالد قال : أتيت الكوفة في زمن فتحت تستر أجلب منها بغالا، فدخلت المسجد ، فإذا صدع من الرجال ، وإذا رجل جالس تعرف إذا رأيته أنه من رجال أهل الحجاز ، قال : قلت من هذا ؟ فتجهمني القوم ، وقالوا : أما تعرف هذا ؟! هذا حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال حذيفة : إن الناس كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر ، فأحدقه القوم بأبصارهم ، فقال : إني أرى الذي تنكرون ، إني قلت : يا رسول الله أرأيت هذا الخير الذي أعطانا الله أيكون بعده شر كما كان قبله ؟
قال : نعم .
قلت : فما العصمة من ذلك ؟
قال : السيف .
قلت : يا رسول الله ثم ماذا يكون ؟
قال : إن كان لله خليفة في الأرض ، فضرب ظهرك ، وأخذ مالك ؛ فأطعه ، وإلا فمت ، وأنت عاض بجذل شجرة .
قلت : ثم ماذا ؟
قال : ثم يخرج الدجال معه نهر ونار ؛ فمن وقع في ناره ؛ وجب أجره ، وحط وزره ، ومن وقع في نهره ؛ وجب وزره ، وحط أجره .
قال : قلت : ثم ماذا ؟
قال : ثم هي قيام الساعة ) .
وسبيع بن خالد روى عنه صخر بن بدر ونصر بن عاصم الليثى وقتادة وعلي بن زيد ابن جدعان ، وذكره ابن حبان في الثقات والعجلي ، ومثل هذه الترجمة يلخصها الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب بقوله عن صاحبها : مقبول ، كما قال في مقدمة التقريب : من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الاشارة بلفظ ” مقبول ” حيث يتابع، وإلا فلين الحديث . وقد قال عن سبيع بن خالد : مقبول ، وهو قد توبع هنا .
ولهذه الزيادة شاهد من حديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه - رواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة قال : ( حدثنا هشام بن عمار قال : حدثنا مدرك بن سعيد قال : سمعت حيان أبا النضر قال : سمعت جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اسمع وأطع في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثره عليك ، وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك ) .
قال الألباني في تخريجه في ( ظلال الجنة في تخريج السنة ) : ( حديث صحيح ، ورجاله ثقات ، على ضعف في هشام بن عمار ؛ فإنه كان يلقن ؛ فيتلقن ، لكنه قد توبع كما يأتي .
حيان أبو النضر وثقه ابن معين ، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه : صالح .
والحديث أخرجه ابن حبان قال : أخبرنا الحسين بن عبدالله بن يزيد القطان بالرقة قال: حدثنا هشام بن عمار به …
ثم أخرجه من طريق الهيثم بن خارجة قال : حدثنا مدرك بن سعيد الفزاري به …
وتابعه سعيد بن عبد العزيز عن حيان أبي النضر به … أخرجه أحمد قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا سعيد بن عبد العزيز …
وتابعه بسر بن سعيد عن جنادة به نحوه كما سيأتي …
وتابعه جماعة عن عبادة …) .
فالحديث صحيح .
الشيخ ابن الباز رحمه الله
وسئل: ما حكم سن القوانين الوضعية؟ وهل يجوز العمل بها؟
وهل يكفر الحاكم بسنة هذه القوانين؟
الجواب: ( إذا كان القانون يوافق الشرع فلا بأس به مثل أن يسن قانونا للطرق ينفع المسلمين وغير ذلك من الأشياء التي تنفع المسلمين وليس فيها مخالفة للشرع ولكن لتسهيل أمور المسلمين فلا بأس بها.
أما القوانين التي تخالف الشرع فلا يجوز سنها فإذا سن قانونا يتضمن أنه لا حد على الزاني أو لا حد على السارق أو لا حد على شارب الخمر
فهذا قانون باطل
وإذا استحله
الوالي
كفر
لكونه
استحل
ما يخالف النص والإجماع
وهكذا كل من استحل ما حرم الله من المحرمات المجمع عليها فهو يكفر بذلك
.
سؤال: كيف نتعامل مع هذا الوالي؟
الجواب: نطيعه في المعروف وليس في المعصية حتى يأتي الله بالبديل). اهـ. مجموع فتاوى و مقالات متنوعة (7/128)
https://www.imambinbaz.org/mat/8371
وسئل - رحمه الله - أيضاً : سماحة الشيخ – لو سمحت – الحكام الذين لا يطبقون شرع الله في بلاد الله هل هؤلاء كفار على الإطلاق مع أنهم يعلمون بذلك وهل هؤلاء لا يجوز الخروج عليهم وهل موالاتهم للمشركين والكفـار في مشارق الأرض ومغاربها يكفرهم بذلك؟[1]
الجواب : (
هذا فيه تفصيل
عند أهل العلم، وعليهم أن يناصحوهم ويوجهوهم إلى الخير ويعلموهم ما ينفعهم ويدعوهم إلى طاعة الله وطاعة رسوله وإلى تحكيم الشريعة وعليهم المناصحة؛
لأن الخروج يسبب الفتن والبلاء وسفك الدماء بغير حق،
ولكن على العلماء والأخيار أن يناصحوا ولاة الأمور ويوجهوهم إلى الخير ويدعوهم إلى تحكيم شريعة الله لعل الله يهديهم بأسباب ذلك، والحاكم بغير ما أنزل الله
يختلف
، فقد يحكم بغير ما أنزل الله
ويعتقد
أنه
يجوز
له ذلك، أو أنه
أفضل
من حكم الله، أو أنه
مساوٍ
لحكم الله،
هذا كفر،
وقد يحكم وهو
يعرف
أنه عاص ولكنه يحكم
لأجل أسباب كثيرة؛
إما
رشوة،
وإلا لأن الجند الذي عنده يطيعونه
أو لأسباب أخرى
هذا
ما يكفر
بذلك مثل ما
قال ابن عباس: كفر دون كفر وظلم دون ظلم
. أما إذا
استحل
ذلك ورأى أنه
يجوز الحكم بالقوانين
وأنها
أفضل
من حكم الله
أو مثل
حكم الله أو أنها
جائزة
، يكون عمله هذا
ردة عن الإسلام
حتى لو كان ليس بحاكم، حتى لو هو من أحد أفراد الناس.
لو قلت إنه
يجوز
الحكم بغير ما أنزل الله
فقد كفرت
بذلك، ولو أنك ما أنت بحاكم، ولو أنك ما أنت الرئيس.
الخروج على الحكم محل نظر فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((
إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان
))[2] وهذا لا يكون إلا
إذا وجدت أمة قوة
تستطيع إزالة الحكم الباطل. أما
خروج الأفراد
والناس العامة الذين يفسدون ولا يصلحون فلا يجوز خروجهم، هذا يضرون به الناس ولا ينفعونهم
.)اهـ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (28/269-271)