خلط مصطفى المأربيّ بين النفي والإثبات، وإنكاره ما ثبت في كتاب الله
* قال المأربي: "رابعاً:ومن ذلك أن الشيخ في سياق رده على الذين يرمون أهل السنة بالعمالة,لأنهم – في نظرهم – لا ينكرون باطل الحكام ,ويطالبونهم بالانضمام إليهم ,في الخروج على الحكام ,أو التهييج عليهم, ولقد أحسن الشيخُ في رده على ذلك ,إلا أنه أتى بعبارات سيئة ,تشمئز منها قلوب الموحدين ,وتقشعر منها الجلود ,فقد قال في شريط:"مرحباً يا طالب العلم "(1/أ)
الآن الذي لا يناطح الحكام عميل!! ليه ربنا ما ناطح الحكام؟!! ولماذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يناطح هذه المناطحات؟!! أهؤلاء أهدى من الله؟!!وأهدى من رسول الله عليه الصلاة والسلام؟!! يبدأون الدعوة إلى الإسلام, من آخر مراحل الإسلام , ولا يبدأون من الأصول والمنابع الأولى في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ....).
وفي هذا الكلام عدة مؤاخذات:
1-هل يجوز للشيخ أن يقول
ليه ربنا ما ناطح الحكام؟) هل يوصف الله عزوجل بالمناطحة؟!!سبحانك هذا بهتان عظيم .
2-هل يجوز للشيخ أن يقول
أهؤلاء أهدى من الله؟) هكذا بصيغة أفعل التفضيل ,فأثبت أن الله عزوجل مهتدٍ,إلا أنه سبحانه أهدى من غيره!!!
فهل يجوز لنا أن نقول:الله عزوجل أهدى من فلان؟!!فإلى الله المشتكى..
..."
الــــجَــــواب:
انتقد المأربي الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- في موضعين من هذا الكلام .
الأول: قول الشيخ حفظه الله وكسر شوكة عدوه: "!! ليه ربنا ما ناطح الحكام؟!! ولماذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يناطح هذه المناطحات؟!!".
الثاني: قوله الشيخ -حفظَهُ اللهُ-: "أهؤلاء أهدى من الله؟!!وأهدى من رسول الله عليه الصلاة والسلام؟!!".
والجواب عن الأمر الأول من وجوه:
الوجه الأول: أن مصطفى المأربي كذب على الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- إذ نسب إليه وصفَ الله بالمناطحة!!
قال المأربي: "هل يوصف الله عز وجل بالمناطحة؟!!" موهما أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- يقول بذلك .
الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- إنما قال: "ليه ربنا ما ناطح الحكام؟!!"
فلم يفرق المأربي الجاهل بين الاستفهام الاستنكاري المتضمن إنكار الوصف المنسوب إلى الله، وبين الاستفهام الاستعلامي والاستخباري .
علماً بأن المأربي وضع بعد سؤال الشيخ علامة استفهام وعلامتي تعجب دلالة على أن السؤال سؤال استنكار لا استفسار!
فإن قيل: إنه وضع علامة التعجب لاستنكار لفظة المناطحة!
فيقال: لو كان الأمر كذلك لكان موضع علامة التعجب بعد كلمة "ناطح" وليس بعد نهاية السؤال .
الوجه الثاني: معنى كلمة ناطَح: مأخوذ من الفعل نطح .
قال ابن منظور: "النطح للكباش ونحوها؛ نطحه ينطِحُه وينطَحُه نطحاً...ويقتاس من ذلك تناطحت الأمواج والسيول والرجال في الحرب .
قال ابن سيده: والنطيح والناطح ما يستقبلك ويأتيك من أمامك من الطير والظباء ..
وقال الجوهري: نواطح الدهر شدائده . ويقال: أصابه ناطحٌ أي: أمر شديد ذو مشقة قال الراعي: وقد مسَّه منا ومنهن ناطحُ .
وفي الحديث: ((فارس نطحة أو نطحتان، ثم لا فارس بعدها أبداً)) ([1]) قال أبو بكر: معناه: فارس تقاتل المسلمين مرة أو مرتين . وقيل: معناه: فارس تنطح مرة أو مرتين فيبطل ملكها ويزول أمرها" لسان العرب(14/184) .
فيتبين مما سبق أن كلمة ناطح لا تعني بالضرورة الضرب بالقرون كما يظهر من فهم المأربي وصنيعه!!
لا سيما أنه مزارع فلعله يعالج الثيران أو البهائم!!
فلا يلزم من الوصف بالنطح أن يكون له قرنان!!
بل ركناه: الضرب والمواجهة .
فيكون معنى ناطح الحكام: أي قاتلهم مواجهة .
والله -عَزَّ وَجَلَّ- وجل يحارب أعداءه.
قَالَ تَعَالَى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ }البقرة27
وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ
وأعداؤه يحاربونه:
قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }المائدة33.
فالمقصود أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- وجل لَمْ يحارب الحكام ، وَكَذَلِكَ رسوله -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- ، وإنما يحارب مَنْ يعادي أولياءه، أَوْ لا ينتهي عَنْ الربا، ولَيْسَ ذَلِكَ خاصاً بالحكام.
الوجه الثالث: أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- لم يصف الله بالمناطحة، بل نفاها عن الله عز وجل، واستنكر فعل الحزبيين الذين يواجهون الحكام ويعلنون عليهم الحرب والمخالفة دون الدعوة إلى التوحيد وإخلاص الدين لله الذي هو السبيل للحكم بما أنزل الله.
وقد سبق ذكر شيء من هذا في الفقرة السابقة كقوله تعالى: {وما كنا لاعبين}، وقوله: {لا يضل ربي ولا ينسى}.
وقوله تعالى: {قل أأنتم أعلم أم الله} ونحوها من الأدلة، وقد نقلت كلام بعض العلماء بنحو ذلك.
الوجه الرابع: لو كان الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- أخبر عن الله بلفظ "ناطح" فإن سياق كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- يبين مراده بلفظة المناطحة ألا وهو المواجهة .
فالشيخ يقول بعد ذكره للأحبار والرهبان وأن الله عز وجل حذر منهم وبين مدى فسادهم وهم ليسوا ملوكاً ولا حكاماً ثم ذكر قوله تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} ثم قال: فين الكلام على كسرى وقيصر؟ أين هو؟
ثم قال -حفظَهُ اللهُ-: "الآن الذي لا يناطح الحكام عميل!!" ومعناه ظاهر؛ أي الذي لا يواجه الحكام ويعلن عليهم الحرب والمخالفة يعده الحزبيون عميلاً . دون الدعوة إلى التوحيد وإخلاص الدين لله الذي هو السبيل للحكم بما أنزل الله؛ كما بينه الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- في سياق كلامه بعد الكلام الذي نقله المأربي .
ثم قال -حفظَهُ اللهُ- مستنكراً ومنكراً على هؤلاء الحزبيين: "ليه ربنا ما ناطح الحكام؟!!" يعني: لماذا ما واجه الله الحكام بمثل ما عليه الحزبيون من الدعوة إلى السياسة والحكم دون الدعوة إلى التوحيد وإخلاص الدين لله الذي هو السبيل للحكم بما أنزل الله؟!!
ثم قال -حفظَهُ اللهُ-: "ولماذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يناطح هذه المناطحات؟!!" أي: لماذا ما كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يواجه الحكام بمثل ما يواجه به الحزبيون حكامهم من الدعوة إلى السياسة والحكم دون الدعوة إلى التوحيد وإخلاص الدين لله الذي هو السبيل للحكم بما أنزل الله؟!!
فهذا هو ظاهر كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- .
ولا نقول إن قول الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- موهم أو مشتبه ونحتاج إلى كلام آخر له في موضع آخر لنعرف مقصده من كلامه!!
بل هو ظاهر كلامه وسياقه وسباقه ولحاقه وهذا عليه أهل العلم قاطبة وعلى رأسهم شيخنا الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- .
الوجه الخامس: من باب التَّنَزُّل: أن استخدام كلمة ناطح مع نفيها في هذا الموضع إنما هو من باب الإخبار -مع ظهور المراد به في سياق الكلام- وهو أوسع من باب الصفات، وباب الصفات أوسع من باب الأسماء.
قال ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين(3/415): "وكذلك باب الإخبار عنه بالاسم أوسع من تسميته به فإنه يخبر عنه بأنه شيء وموجود ومذكور ومعلوم ومراد ولا يسمى بذلك"
وقال في بدائع الفوائد(1/170): "السابع أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في درء تعارض العقل والنقل(1/297-298): "وقد يُفَرَّقُ بين اللفظ الذي يدعى به الرب، فإنه لا يدعى إلا بالأسماء الحسنى، وبين ما يخبر به عنه لإثبات حق أو نفي باطل .
وإذا كنا في باب العبارة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا أن نفرق بين مخاطبته وبين الإخبار عنه؛ فإذا خاطبناه كان علينا أن نتأدب بآداب الله تعالى حيث قال: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً} فلا نقول: يا محمد، يا أحمد، كما يدعو بعضنا بعضا، بل نقول: يا رسول الله، يا نبي الله.
والله سبحانه وتعالى خاطب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأسمائهم، فقال: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة}...ولما خاطبه صلى الله عليه وسلم قال: {يا أيها النبي}، {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر}...فنحن أحق أن نتأدب في دعائه وخطابه .
وأما إذا كنا في مقام الإخبار عنه قلنا: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وقلنا: محمد رسول الله وخاتم النبيين، فنخبر عنه باسمه كما أخبر الله سبحانه لما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين}...
فالفرق بين مقام المخاطبة ومقام الإخبار فرق ثابت بالشرع والعقل، وبه يظهر الفرق بين ما يُدعى الله به من الأسماء الحسنى، وبين ما يُخبَرُ به عنه عز وجل مما هو حق ثابت؛ لإثبات ما يستحقه سبحانه من صفات الكمال، ونفى ما تنَزَّه عنه عز وجل من العيوب والنقائص، فإنه الملك القدوس السلام سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا".
فالشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- استنكر على الحزبيين المبطلين طريقتهم في الدعوة إلى الله، ونفى عن الله وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم- مناطحة الحكام وهو مواجه الحكام وإعلان الحرب عليهم دون الدعوة إلى التوحيد وإخلاص الدين لله الذي هو السبيل للحكم بما أنزل الله .
والله أعلم .
الأمر الثاني: قوله الشيخ -حفظَهُ اللهُ-:
"أهؤلاء أهدى من الله؟!!وأهدى من رسول الله عليه الصلاة والسلام؟!!".
ثم قول المأربي تعقيبا عليه: "فأثبت أن الله عز وجل مهتدٍ,إلا أنه سبحانه أهدى من غيره!!!".
والجواب عليه من وجوه:
الوجه الأول: أن المأربي افترى على الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- فنسب إليه ما لم يقله، فزعم أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- أثبت لله أنه "مهتدٍ" وهذا من جهل المأربي باللغة والشرع كما سيأتي .
الوجه الثاني: وهو أن كلمة "أهدى" اسم تفضيل من الفعل "هدى"، والله عز وجل من صفاته الهداية فهو عز وجل: {يهدي من يشاء ويضل من يشاء}.
وقال تعالى: {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء}.
وقال تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم}.
والأدلة التي تثبت صفة الهداية لله عز وجل كثيرة جداً .
وهداية الله نوعان:
النوع الأول: هداية توفيق وإلهام وهذه من خصائص الرب جل وعلا .
قال تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} .
النوع الثاني: هداية دلالة وإرشاد وهذه مشتركة بين العبد وبين ربِّه .
فلله كمال الدلالة والإرشاد .
وللعبد من هداية الدلالة والإرشاد بما يقْدِرُه الله عليه، ويعلمه إياه ؛ وذلك لفقر الإنسان، وحاجته إلى ربِّه عز وجل .
والمفاضلة في هداية الدلالة والإرشاد جائزة صحيحة .
فيصح أن يقال: الله أهدى منكم أي: أتم دلالة وأكمل إرشاداً.
يبينه:
الوجه الثالث: أن المفاضلة في الهداية واردة في كتاب الله تعالى .
وقال تعالى: {قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون}.
ففي الآية المفاضلة في الدلالة والإرشاد بين القرآن وهو كلام الله وصفته، وبين
ما وجدوا عليه الآباء ..
وجازت المفاضلة مع أنهم مشركون لأن ما وجدوا عليه آباءهم فيه شيء من الحق، وبقية من دين إبراهيم عليه السلام .
فيصح أن يقال: إن كلام الله أهدى مما وجدوا عليه آباءهم .
وهذا لا يلزم منه ما فهمه المأربي الجاهل أن يوصف القرآن بأنه مهتد!!
الوجه الرابع: أن المأربي من قبل العجمة أتي، وكم أفسدت العجمة من الأديان والعقول!!
فالمأربي ظنَّ أن كلمة "أهدى" مأخوذة من الفعل "اهتدى" وهذا جهل بمبادئ "المشتقات" و"تصاريف الأفعال"!!
فإن الفعل الرباعي التام المثبت المتصرف الذي يقبل التفاوت ومؤنثه ليس على فعلاء يؤتى منه باسم التفضيل بفعل مساعد كأشد وأعظم ونحو ذلك .
فلو قال القائل: فمن أشد اهتداءً من الله لصح انتقاد هذا المأربي الجاهل .
ولكن أنى له وهو متخبط في اللغة والشرع تخبط أهل الزيغ والضلال.
والله المستعان .
بَتْرُ مصطفى المأربيّ كلامَ الشيخ ربيع المدخلي فيما يتعلق بأفعال الله -عزَّ وجلَّ-
قال المأربي: "خامسا:ذكر الشيخ ربيع في شريط "الجلسة الثانية من المخيم الربيعي" (ب) كلامًا عن الصفات الفعلية المتعلقة بمشيئة الله تعالى، فقال: (إن الله يُحْدث من أمره ما يشاء،ويفعل ما يشاء , وفعّال لما يريد، ما نقول: إن فعله قديم، شف, نقول: فعله حادث، هذه الأفعال حادثة، لكن لا تُسَمَّى مخلوقة، لأن الحادث هذا, إن كان فعل مخلوق؛ فهو مخلوق، وإن كان فعل الله؛ فهو فعل الله, وإن كان حادثًا؛ فلا يسمى مخلوقًا، عرفتم) قال قائل: قديم النوع، قال الشيخ: (قديمة النوع حادثة الأفعال، هذا في كلام الله؛ في الأفعال ما جاء ,إنما هه, فعّال لما يريد, فيما مضى، وفيما سيأتي, إلى مالا نهاية).اه
وعبارة الشيخ هذه ظاهرة في تخصيص القول في هذه الصفات: بأنها قديمة النوع, حادثة الآحاد؛ بصفة الكلام فقط، وهذا هو موضع الاستدراك، فإن السلف قالوا في هذا النوع من الصفات:قديم النوع حادث الآحاد ,ولم يخصصوا ذلك بصفة الكلام، فالله عز وجل خالق لا مخلوق ,والله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء متى شاء ,فكون الله خالقاً؛هذا قديم ,وأما المخلوق فمحدث,والله عز وجل يخلق ما يشاء، متى شاء، وكذلك الرحمة، فإنها صفة قديمة، ولكن الله عز وجل يرحم من خلقه من شاء ومتى شاء، وهكذا الرزق، فالله عز وجل رازق، وباعث ووارث، ومحي، ومميت، وكل هذا قديم النوع، حادث الآحاد.".
ثم قال المأربي: "وهذا بخلاف قوله السابق,فقد جزم بقوله: (هذا في كلام الله ,في الأفعال ما جاء)!! وعلى هذا فيلزمه التراجع".
الجواب من وجوه:
الوجه الأول: أن المأربي نقل كلام الشيخ محرفاً مزوراً ليس كما هو في الشريط، وأعني بذلك العبارة التي انتقدها المأربي على الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- .
فالذي قاله الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- بعد كلام السائل: "قديم النوع حادثة الآحاد، هذا في الكلام؛ في الأفعال الله يفعل ما يشاء , إنما هه, فعّال لما يريد, فيما مضى، وفيما سيأتي, إلى ما لا نهاية".
والذي نقله المأربي وزور فيه: "قديمة النوع حادثة الأفعال، هذا في كلام الله؛ في الأفعال ما جاء ,إنما هه, فعّال لما يريد, فيما مضى، وفيما سيأتي, إلى مالا نهاية".
فانظر إلى هذه الفروق بين النقلين:
1- قال الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-: "قديم النوع حادث الآحاد"
ونقل المأربي: "قديمة النوع حادثة الأفعال"!!
2- قال الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-: "هذا في الكلام"
ونقل المأربي: "هذا في كلام الله".
3- قال الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-: "في الأفعال الله يفعل ما يشاء".
ونقل المأربي: "في الأفعال ما جاء"!!!.
فانظر إلى هذا التحريف الخطير من المأربي لتحقيق مآربه الدنيئة!!
فالجملة: "الله يفعل ما يشاء" جعلها المأربي: "في الأفعال ما جاء" .
فحسبه الله ما أكذبه، وعن الهدى ما أبعده، ولسبل أهل الزيغ ما أقربه، وللحق ما أعْنَدَه، وعلى الباطل ما أجلده!!
الوجه الثاني: أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- قرر في كلامه المذكور القاعدة السلفية فيما يتعلق بأفعال الله وهي: أن الله يفعل ما يشاء، متى شاء، والله فعال لما يريد فيما مضى وفيما سيأتي إلى مالا نهاية، وأن أفعال الله وإن كانت حادثة الآحاد فهي ليست مخلوقة لأنها صفة الله، والقول في الصفات كالقول في الذات .
وهذا القدر أجمع عليه السلف، وليس فيه مشابهة لقول أهل البدع بل هو مبطل لكل قول مخالف لما عليه السلف في هذه المسألة .
فهذا كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- ظاهر جداً في مذهب السلف والرد على منهج الخلف.
الوجه الثالث: أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- قد تضمن كلامه أن الله فعال في الأزل وهو معنى قول العلماء: "قديمة النوع" .
فقد قال الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-: "فعّال لما يريد, فيما مضى، وفيما سيأتي, إلى مالا نهاية".
فهذه الجملة المختصرة من شيخنا أسد السنة –حفظه الله وكسر شوكة عدوه- هي بمعنى قولهم: "قديمة النوع حادثة الآحاد".
فالمأربي بجهله بعبارات العلماء يقف عند ظواهر بعض الألفاظ دون فقه أو فهم مع ما يقوم به من بتر وحذف –حسيبه الله!-.
فالسلف-أهل القرون الثلاثة- لم نجد في عباراتهم: "قديمة النوع حادثة الآحاد" لفظاً، وإنما هو مستنبط من كلامهم: الله فعال لما يريد، يفعل ما يشاء فيما مضى وما سيأتي ونحو ذلك .
قال حرب الكرماني في مسائله التي نقلها عن الإمام أحمد وإسحاق وغيرهما: " وهو سبحانه بائن من خلقه، لا يخلو من علمه مكان، ولله عرش، وللعرش حمله يحملونه، وله حدٌّ، والله أعلم بحده، والله على عرشه عز ذكره وتعالى جده، ولا إله غيره، والله تعالى سميع لا يشك، بصير لا يرتاب، عليم لا يجهل، جواد لا يبخل، حليم لا يعجل، حفيظ لا ينسى، يقظان لا يسهو، رقيب لا يغفل، يتكلم، ويتحرك، ويسمع، ويبصر، وينظر، ويقبض ويبسط، ويفرح، ويحب، ويكره، ويبغض، ويرضى، ويسخط، ويغضب، ويرحم، ويعفو، ويغفر، ويعطي ويمنع، وينْزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء، وكما شاء، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير -إلى أن قال:- ولم يزل الله متكلماً عالماً، فتبارك الله أحسن الخالقين" درء التعارض(2/23) .
وقال الفضيل بن عياض: إذا قال لك الجهمي: أنا كافر برب يزول عن مكانه. فقل: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء.
وقال الإمام إسحاق بن راهويه: "لا يجوز الخوض في أمر الله تعالى كما يجوز الخوض في فعل المخلوقين؛ لقوله تعالى: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون}، ولا يجوز لأحد أن يتوهم على الله تعالى بصفاته وأفعاله -يعني كما نتوهم فيهم، وإنما يجوز النظر والتفكر في أمر المخلوقين، وذلك أنه يمكن أن يكون الله موصوفاً بالنُّزول كل ليلة إذا مضى ثلثها إلى السماء الدنيا كما يشاء، ولا يسأل كيف نزوله، لأن الخالق يصنع ما يشاء كما يشاء".
وقال الإمام أحمد –في كلام طويل-: "والتسليم لله بأمره يغير صفه ولا حد إلا ما وصف به نفسه سميع بصير لم يزل متكلما عالما غفورا عالم الغيب والشهادة علام الغيوب فهذه صفات وصف الله نفسه لا تدفع ولا ترد".
وقال عثمان الدارمي -رحمه الله-: "فالله الحي القيوم القابض الباسط يتحرك إذا شاء، وينْزل إذا شاء، ويفعل ما يشاء، بخلاف الأصنام الميتة التي لا تزول حتى تزال.
إلى أن قال: بل هو العالي على كل شيء، المحيط بكل شيء في جميع أحواله؛ من نزوله وارتفاعه، وهو الفعال لما يريد، لا يأفل في شيء، بل الأشياء كلها تخشع له وتتواضع، والشمس والقمر والكواكب خلائق مخلوقة، إذا أفلت أفلت في مخلوق في عين حمئة كما قال الله تعالى، والله أعلى وأجل لا يحيط به شيء ولا يحتوي عليه شيء".
تنبيه: النقول من درء التعارض لشيخ الإسلام -رحمه الله- المجلد الثاني.
إلى غير ذلك من العبارات التي نطق بها السلف .
فمن يثبت أن الله فعال لما يريد، يفعل ما يشاء فيما مضى وفيما يأتي فهو قائل بقدم النوع وحدوث الآحاد . والله أعلم.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "وأما أكثر أهل الحديث ومن وافقهم فإنهم لا يجعلون النوع حادثاً، بل قديماً، ويفرقون بين حدوث النوع وحدوث الفرد من أفراده، كما يفرق جمهور العقلاء بين دوام النوع ودوام الواحد من أعيانه، فإن نعيم أهل الجنة يدوم نوعه ولا يدوم كل واحد واحدٍ من الأعيان الفانية، ومن الأعيان الحادثة مالا يفنى بعد حدوثه؛ كأرواح الآدميين، فإنها مبدعة، كانت بعد أن لم تكن، ومع هذا فهي باقية دائمة". درء التعارض(2/148) .
الوجه الرابع: أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- أراد تقرير أمر مهم وهو أن آحاد الأفعال ليست قديمة بل هي حادثة وهي غير مخلوقة .
فقد قال -حفظَهُ اللهُ-: "إن الله يُحْدث من أمره ما يشاء،ويفعل ما يشاء , وفعّال لما يريد، ما نقول: إن فعله قديم، شف, نقول: فعله حادث، هذه الأفعال حادثة، لكن لا تُسَمَّى مخلوقة، لأن الحادث هذا, إن كان فعل مخلوق؛ فهو مخلوق، وإن كان فعل الله؛ فهو فعل الله, وإن كان حادثًا؛ فلا يسمى مخلوقًا، عرفتم".
فقوله: "هذه الأفعال حادثة" إشارة إلى آحاد الأفعال ولم يتطرق إلى ذكر جنسها بتاتاً .
وهذا ظاهر كلام الشيخ وهو صحيح مطابق لما عليه السلف الصالح.
الوجه الخامس: أن ما تبادر إلى ذهن المأربي من تخصيص صفة الكلام بأنها قديمة النوع حادثة الآحاد، وأن أفعال الله لا يقال فيها هذا؛ فهو من سوء فهمه .
وذلك لأنه ظن أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- يتحدث عن جنس الأفعال وهذا ليس هو ظاهر كلام الشيخ -حفظَهُ اللهُ- .
وإنما ظاهره أنه أراد آحاد الأفعال وأفرادها كالنُّزول في الثلث الأخير من الليل والاستواء على العرش، والمجيء يوم القيامة ونحوها من الأفعال المقيدة بزمن، بخلاف صفة الكلام فإنها قديمة وأفرادها حادثة، وهي من الصفات الذاتية الملازمة لله عز وجل التي لا يصلح نفيها في زمن من الأزمان .
فالله عز وجل يتكلم ويسكت ولكن لما يسكت الله عز وجل لا يقال: إنه ليس متكلماً .
أما صفات الأفعال المتعلقة بأزمان فبخلاف ذلك .
مثل: صفة الغضب، فغضب الله قديم النوع حادث الآحاد ومع ذلك لا يجوز أن تقول –والله راضٍ- إنه غضبان .
ولا يجوز إذا كان غضبان أن تقول: إنه راضٍ .
أو قبل أن يستوي على العرش لا يقال إنه كان مستوياً على العرش قبل أن يخلقه.
أما صفة الكلام فهي ملازمة له أبداً .
فإذا سكت الله عز وجل لم يجز أن يقال إنه ليس بمتكلم، ويجوز أن تقول إنه لم يتكلم بصيغة الفعل وليس الوصف.
قال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين في القواعد المثلى(ص/34): "القاعدة الخامسة: الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين: ذاتية وفعلية:
فالذاتية: هي التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها كالعلم والقدرة والسمع والبصر والعزة والحكمة والعلو والعظمة ومنها الصفات الخبرية كالوجه واليدين والعينين.
والفعلية: هي التي تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها كالاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا .
وقد تكون الصفة ذاتية فعلية باعتبارين كالكلام فإنه باعتبار أصله صفة ذاتية لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متكلماً . وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية لأن الكلام يتعلق بمشيئته يتكلم متى شاء بما شاء ..." .
فصفة الكلام ذاتية فعلية بخلاف الأفعال الاختيارية كالنُّزول والاستواء والمجيء والإتيان فصفات فعلية غير ملازمة للذات دائماً .
بل هي بنوعها قديمة حادثة بآحادها .
وقال الشيخ محمد أمان الجامي -رحمه الله- في الصفات الإلهية(ص/206): "فالقول الجامع لهذه الأقوال –في فهمنا- أن صفات الأفعال أو الصفات الاختيارية تختلف عن الصفات الذاتية الثبوتية التي تتعلق بها مشيئة الله تعالى، لا بأعيانها، ولا بأنواعها، كالقدرة، والإرادة، والعلم، والسمع والبصر، والحكمة، والعزة، والوجه، واليد، وغيرها
بل هي صفات تتعلق بها مشيئة الله، وتتجدد حسب المشيئة، كالمجيء، والاستواء، والغضب، والفرح، والضحك .
أما صفة الكلام فهي من صفات الذات باعتبار أصل الصفة، ومن صفات الأفعال باعتبار أنواع الكلام وأفراده، والله أعلم.
هذا ما يدل عليه كلام أهل العلم من أتباع السلف عند التحقيق وبالله التوفيق" انتهى كلام الشيخ محمد أمان -رحمه الله- .
فالمأربي بجهله لم يفرق بين صفة الكلام والصفات الفعلية الاختيارية كالنُّزول والإحياء والإماتة والاستواء، وظن أن التفريق يدل على أن الصفات الفعلية ليست قديمة النوع!
الوجه السادس: أن المأربي بنى نقده واتهام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- بالقول بأن صفات الأفعال ليست قديمة النوع –بناه- على نقل محرف مزور مما يهدم بنيان المأربي من أساسه.
الوجه السابع: إن قيل: لم فرَّق الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- بين صفة الكلام وبين صفات الأفعال الأخرى؟
فيقال: الشيخ أراد الإلماح إلى الفرق الذي ذكرته من قبل عن الشيخ ابن عثيمين والشيخ محمد أمان وهو: أن صفة الكلام صفة ذاتية فعلية بخلاف الاستواء والنُّزول والمجيء فإنها فعلية اختيارية .
الخلاصة
1- أن المأربي محرف ومزور لكلام الشيخ لتحقيق مآربه الدنيئة .
2- أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- لم يقل: "في الأفعال ما جاء" بل هذا من اختراع المأربي وكذبه .
3- أن الشيخ ربيعاً -حفظَهُ اللهُ- يصف الله بأنه فعال لما يريد في الماضي واللاحق إلى مالا نهاية وهذا حقيقة قول السلف في الصفات الفعلية: "قديمة النوع حادثة الآحاد".
4- أن الشيخ ربيعاً -حفظَهُ اللهُ- يفرق بين صفة الكلام والصفات الفعلية الأخرى كالنزول والمجيء ونحوها من الصفات التي لا تلازم الذات دائماً وهذا هو ما عليه السلف .
5- أن الشيخ ربيعاً -حفظَهُ اللهُ- يتكلم عن آحاد الأفعال لا عن جنسها فبين أنها حادثة وليست قديمة الآحاد .
بيان معنى رؤية الله بالقلب ودحض أباطيل مصطفى المأربي.
قال المأربي: " الشيخ ربيع يدعي أنه يرى الله بقلبه ـ أي في اليقظة ـ بل وكل من يؤمن بأن الله في السماء كذلك!! وهذا قول المبتدعة الضُّلاّل!!
فقد جاء في شريط "الجلسة الرابعة في المخيم الربيعي" وجه (أ): قال السائل للشيخ ربيع: هل صحيح أن الصحابة اختلفوا في العقيدة؟ قال الشيخ: (لا,لا) قال السائل: لكن يقولون اختلفوا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المعراج؟ قال الشيخ
اختلفوا في رؤية الله في الجنة؟)قال السائل ,لا, قال الشيخ: (اختلفوا في جزئية) قال السائل: هذا ما يكون في العقيدة يا شيخ؟ قال الشيخ: (لا, نحن ما نقول اختلفوا, ما يحق لنا أن نقول:اختلفوا في العقيدة ,ابن عباس يقول: رآه بقلبه, وعائشة تقول: ما رآه, فهم متفقون ما رآه بعينه أما الرؤية بالقلب:أنا أرى الله بقلبي, أنت ما ترى ربك بقلبك؟!) فسكت السائل، فقال الشيخ: قليل (تؤمن بالله، وتعرف أن الله في السماء؟) قال: نعم، قال: (فهذه الرؤية القلبية).اه
قال المأربي: "ثم تأمل كيف لجّ الشيخ في الخطأ؛ فادعى أنه يرى ربه بقلبه، وذلك في اليقظة بلا شك، لأن السياق وكلامه الذي بعد هذا؛ يدل على هذا، والإسراء والمعراج كانا في اليقظة، وليس في نوم النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن ذلك في المنام، انظر" شرح الطحاوية" (1/ 273).
وعلى هذا فقد ادعى الشيخ قولاً لم يقل به إلا أهل البدع،ومع ذلك، فإنهم لم يقولوا: إن كل من عرف أن الله فوق السماء؛ يرى ربه بقلبه، إنما يراه أقوام خواص، بلغوا رتبة سَنَّيِةً -عندهم-!!
وقال المأربي: "وإذا رجعت إلى سياق كلام الشيخ ربيع؛ ظهر لك أنه يرى الله بقلبه، تلك الرؤية التي عزاها ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وهذا سياق كلامه مرة أخرى، قال:
" ...... ما يحق لنا أن نقول: اختلفوا في العقيدة، ابن عباس يقول: رآه بقلبه، وعائشة تقول: ما رآه، فهم متفقون ما رآه بعينه، أما الرؤية بالقلب: أنا أرى الله بقلبي، أنت ما ترى الله بقلبك؟! .... تؤمن بالله وتعرف أن الله في السماء؟.... فهذه الرؤية القلبية" إ هـ .
فها هو يذكر الاتفاق على عدم الرؤية البصرية، ويدعي مباشرة أنه يرى الله بقلبه، أي أن الرؤية القلبية التي ادعاها ابن عباس؛ موجودة عنده وعند أخريين!! لأن الصحابة لم يختلفوا في المثال العلمي المشهود، إنما اختلفوا في الرؤية البصرية، أو القلبية، أو نفي ذلك كله، لحديث: " نور أني أراه؟ "
وإذا ظهر لك هذا الحال من كلام الشيخ ربيع، فتأمل قول شيخ الإسلام:" فهذا كله وما أشبهه، لم يريدوا به أن القلب ترفع جميع الحجب بينه وبين الله تعالى .... الخ.
فهذا شيخ الإسلام يثبت للنبي صلى الله عليه وسلم رؤيةً قلبية ـ على قول ابن عباس ـ وأما غيره فلم يجوّز ذلك له أحد من العلماء، إنما هي مشاهدة تتعلق بالمثال العلمي، ولعل ذلك لزيادة الإيمان في بعض الأوقات، كما جاء في الحديث، في تعريف الإحسان:" اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وأكد ذلك شيخ الإسلام بقوله: "ولكن هذا التجلي، يحصل بوسائط .. "
فلو أن الشيخ ربيعاً أثبت لنفسه هذا التجلي -فمع ما فيه من التزكية لنفسه، وناهيك بهذه الرتبة التي ادعاها لنفسه- لربما نازعه في ذلك غير واحد، كما هو ملاحظ من حاله في ظلم كثير من العباد!! فكيف وهو يدعي رؤيةً قلبيةً، بل جاد بهذه الرتبة السنية على كل من آمن بالعلو!!!".
الجواب من وجوه:
الوجه الأول: أن المأربي حرَّف في نقله، وبتر كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- وزاد فيه من عنده فحسبه الله ما أكذبه!
وهذه الفروق بين الحوار الذي بين السائل وبين الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- وبين نقل المأربي:
1- في الحوار: "قال السائل: انزين يا شيخ ورأى النبي -صلى الله عليه وسلم - ربَّه، ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم لربه؟".
ونقل المأربي: "قال السائل: لكن يقولون اختلفوا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المعراج؟"
وحرَّف كلام السائل فهو قال: "يا شيخ ورأى النبي-صلى الله عليه وسلم - ربَّه،ورؤيا النبي -صلى الله عليه وسلم -لربه".
والمأربي نقل: ": لكن يقولون اختلفوا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المعراج".
وزاد المأربي في كلام السائل"في المعراج"!!!
2- قال الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-: "إيه، اختلفوا في جزئية"
وحذف المأربي كلمة:"إيه" ولها دلالة هنا .كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
3- تصرفات في كلام الشيخ غير مؤثرة ولكن تدل على اختلال أمانة النقل عند المأربي وهي كالآتي:
أ- قال السائل: "هذا ما يكون من العقيدة ياشيخ؟"
ونقل المأربي: "قال السائل: هذا ما يكون في العقيدة ياشيخ؟"
فغير كلمة "من" إلى كلمة "في"!!
ب- وقال الشيخ: "لا, ما نقول اختلفوا, ما يحق لنا أن نقول:اختلفوا في العقيدة".
ونقل المأربي: "لا, نحن ما نقول اختلفوا, ما يحق لنا أن نقول: اختلفوا في العقيدة".
فزاد المأربي كلمة: "نحن"!!
4- وهو التحريف الخبيث الذي فعله المأربي .
في الحوار: "أما الرؤية بالقلب:أنا أرى الله بقلبي, أنت ما ترى الله بقلبك؟!
قال السائل: نعم يا شيخ، أي كأنك تراه، "بعدها كلمة غير واضحة ولعلها: لا أكثر" تؤمن بالله، واعرف أنه فوق السماء واعرفوه، هذا الرؤية القلبية فما فيش خلاف بينهم".
ونقل المأربي: "أما الرؤية بالقلب:أنا أرى الله بقلبي, أنت ما ترى ربك بقلبك؟!) فسكت السائل، فقال الشيخ: قليل (تؤمن بالله، وتعرف أن الله في السماء؟) قال: نعم، قال: (فهذه الرؤية القلبية).اه ".
فقارن بين كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- وبين نقل هذا المجرم الأثيم .
ففيه عدة فروق مع الحذف والتزوير وأهمها أن الشيخ يقول: "أي كأنك تراه" والمأربي يجعلها: "قليل"!!
فسبحان الله!
لماذا يخفي المأربي هذه الجملة؟
لأنها توضح مراد الشيخ والذي يريد المأربي أن يوهم خلافه وليطعن على الشيخ بالكذب والتزوير.
والسائل قال: "نعم يا شيخ" والمأربي جعلها: "فسكت السائل"!!
ثم أتى بكلام السائل: نعم بعد كلام الشيخ: تؤمن بالله وتعرف أنه في السماء فنقل قول السائل: "نعم" وهو لا وجود له في الشريط، بل من كيس المأربي!!
تنبيهان:
1- كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- في الوجه الثاني من الجلسة الرابعة من المخيم الربيعي وليس الوجه الأول كما ذكره المأربي .
2- قول الشيخ "أي كأنك تراه" لم تتضح لي كلمة "أي" وتشتبه مع "يعني" فلست متأكداً أن الشيخ قال: "أي" أو "يعني" والمعنى واحد ولكن ذكرته من باب الدقة والأمانة .
([1])وهو حديث ضعيف رواه ابن أبي شيبة في المصنف، والحارث في مسنده، وابن قتيبة في غريب الحديث، والواحدي في الوسيط، والثعلبي في تفسيره عن عبد الله بن محيريز به مرسلاً. انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة(8/465رقم3999) .