هموم فتاة ملتزمة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > خيمة الجلفة > الجلفة للمواضيع العامّة

الجلفة للمواضيع العامّة لجميع المواضيع التي ليس لها قسم مخصص في المنتدى

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هموم فتاة ملتزمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-12-22, 15:27   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
zaza22
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية zaza22
 

 

 
إحصائية العضو










New1 هموم فتاة ملتزمة

هموم

فتاة ملتزمة


مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
ضمن سلسلة: " الدروس العلمية العامة"، التي كنت ومازلت ألقيها -بحمد الله تعالى- في الجامع الكبير ببريدة، في مساء كل أحد.. كان من الضروري أن يكون للمرأة المسلمة نصيب من هذه الدروس؛ بوصفها جزءًا من الجسد الإسلامي الذي يتعين على القادرين صيانته من كل الآفات الطارئة عليه من خارجه، أو المنبعثة من داخله، والتي تستهدف عافيته، وتسعى لإغراقه في بحر من الآفات لا يملك النجاة منه.
كانت معالجة مشاكل المرأة هي بعض ما انعقدت له الدروس.. كما عالجنا من قبل مشاكل الشباب وهمومهم في سلسلة من الدروس، نُشر أحدها -وهو الحلقة الثالثة- في رسالة صغيرة بعنوان: "جلسة على الرصيف". وحظي من شبيبة هذه الأمة وصالحيها بقبول لا يستحقه؛ حيث طبع ووزع منه -خلال عام واحد- ما يزيد على ربع مليون نسخة، فلله الحمد والثناء.
وقد جاءتني رسائل كثيرة تطلب المشاركة في الحديث على قضايا المرأة المسلمة، ورسائل أكثر تقدّم تصورات واجتهادات عما يجب الحديث عنه، أو تشرح بعض الواقع الذي يحتاج إلى دراسة، أو تستحث الخطى؛ لتدارك خلل تَكْبُر رقعته مع الأيام.
فمن ثمَّ كانت هذه الدروس العديدة التي تعالج موضوعات تتعلق بحياة المرأة المسلمة: أمًّا، وزوجًا، وداعية، وهي تزيد على أربعة دروس منها:
1- هموم المرأة، وهو درس ألقي في يوم الأحد ليلة الاثنين الموافق: 13 ربيع الثاني من عام 1412 هـ.
2- هموم أخرى للمرأة، وهو درس ألقي في يوم الأحد ليلة الاثنين الموافق: 20 ربيع الثاني من عام 1412 هـ.
وسوف يصدر هذان الموضوعان في كتاب واحد -إن شاء الله-؛ لأنهما في الواقع موضوع واحد، وسيضاف إليهما موضوع ثالث مشابه كنت ألقيته في شهر رمضان المبارك عام 1411 هـ، في مسجد الجاسر ببريدة.
3- هموم فتاة ملتزمة، وهو درس ألقي في يوم الأحد ليلة الاثنين الموافق 25 جمادى الأولى من عام 1412 هـ. وكلها ضمن "الدروس العلمية العامة".
وهذا الدرس الأخير هو الكتاب الذي بين يديكَ بعد تعديله وتصحيحه بما يناسب الكتاب المقروء، وهو يشكل الحلقة الثانية من سلسلة "من مكتبة المرأة"، والأولى كانت "نداء الفطرة".
وأنا مدين بالفضل لله تعالى فهو الموفق لكل خير، الفضل فضله، والبركة منه، ونحن به وإليه، ثم إنني مثن على مشاركات الإخوة الفضلاء، والأخوات الفضليات؛ ممن كاتبوني، وهاتفوني، وساعدوني على معرفة ما يدور -أو بعض ما يدور- في مجتمعات المرأة؛ ومن ثَمَّ تلمس سبل الحل، فلهم جميعًا مني وافر الشكر والدعاء.
وقد كنت وعدت في آخر هاتيك الدروس بمواصلة طرق الموضوعات المتعلقة بالمرأة في دروسي العلمية، وفي بعض الكتيبات والرسائل المختصرة.
ولقد أثبتت مثل هذه الرسائل جدواها الكبيرة: في صغر حجمها، وتيسير أسلوبها، والربط بين النصوص الشرعية وبين واقع المجتمع. فلا يُعالَج الواقع المنحرف علاجًا اجتهاديًّا بعيدًا عن هداية الشريعة؛ بل تكون النصوص القرآنية والحديثية هي النبراس الذي يهتدي على نوره المهتدون، ويسترشد به السارون؛ فيتم بذلك توجيه الناس إلى حقيقة دينهم بطريقة تلمس واقعهم، وتخاطب قلوبهم، وتضرب على الوتر الحساس في نفوسهم -كما يقولون-.
كما أن صغر حجم الرسالة يسهل انتشـارها، وقراءتها، والانتفاع بها، في وقت ثقل على الناس فيه أن يجلسوا ليقرؤوا وسط صخب الحياة المتواصل، وفي زحمة المشاغل والأعمال التي لا تكاد تترك للإنسان فرصة للجلوس والقراءة.
ولقد تفطن لذلك خصوم الإسلام؛ فصاروا يطبعون روايات الجيب، والقصص البوليسية الصغيرة، التي يقرؤها الإنسان في قعدة واحدة.
وصار النصارى يطبعون كتب التنصير في رسالة بحجم راحة اليد، ولا تزيد أوراقها على العشرين أو الثلاثين، ثم يطبعون منها ملايين النُّسخ، ويترجمونها إلى كل لغات الدنيا، ووضعوا برنامجًا ألا يبقى بيت مدر ولا وبر إلا دخلته تلك الرسالة، وربما نجحوا في تحقيق 50% -تقريبًا- مما يريدون، وقدموا للناس معلومات مغرية عن دينهم؛ تدعو قارئها إلى أن يبحث عن المزيد، ثم يربطونه ببعض المراجع والكتب، أو بعض الشخصيات، أو بعض المؤسسات والدور-التي تزوده بما يحتاجه للحصول على مزيد من المعلومات-.
لذا فرسائلنا هذه تخاطب فئة معينة من الناس، وهي لا تشغلهم عن دين ولا عن دنيا، ولعلها ترغبهم في خير، أو تردعهم عن سوء. صحيح أنها لا تغني عن قراءة كتب أهل العلم ومراجعتها، ولكنها لا تعوق عن ذلك؛ بل هي سبيل ومعبر إليه، وعلى سبيل المثال: ففي هذه الرسالة حشد طيب من الكتب والرسائل والمؤلفات التي ينصح بقراءتها، والانتفاع بها.
كما أن من الناس من ليس له إلى العلم بسبيل؛ بل هو مشغول بعمله، أو وظيفته، أو مؤسسته، أو تخصصه.. فهو بحاجة إلى لون من العلم يلائمه، ويناسب فهمه، ولا يأخذ من وقته الكثير.
قد يَعجب القارئ الكريم من هذا الاستطراد، وإنما هو بيان "لوجهة نظري" في مثل هذا اللون من النشاط العلمي الدعوي، الذي لا يقدِّم نفسه على أنه بديل عن كتب العلم الموسعة، ولا عن مؤلفات الفحول الكبار من السابقين واللاحقين؛ ولكنه يقدِّم نفسه على استحياء على أنه جهد متواضع، وما كان ليجد طريقه إلى النشر لولا إلحاح الكثيرين من المستمعين، الذين يرون أنهم أقدر منا على معرفة أهمية مثل هذا العمل، ومدى تأثيره، وقدر الحاجة إليه، وما من إنسان إلا ويسُرُّه أن يكون مفتاحًا لخير، أو مغلاقًا لشر.. جعلنا الله جميعًا كذلك.
وقبل الختام أشير إلى محاضرة ألقيت بعنوان: "طبيعة المرأة بين السلب والإيجاب"، وهي تسير في الاتجاه نفسه، وستكون -إن شاء الله- ضمن هذه السلسلة المباركة.
ولا يفوتني أن أكرر شكري وتقديري لكل اللواتي ساهمن في تعزيز هذه الأحاديث، وتزويدها بالمادة العلمية، سواء ما يتعلق بشرح الواقع، أو باقتراح الحلول، أو بالنقد والملاحظة، وإنني أعتز بهذا كما أعتز بذاك.
وأقول للجميع: لن نزال بخير مادامت القلوب متآلفة، والجهود متضافرة، والنقد الهادف البنَّاء يروح ويغدو بسيفنا.
ويجب أن يكون لدينا قناعة كبيرة في أن النقد الهادف، والحوار الناضج، البعيد عن الصخب والضجيج، والصراخ واللجاج هو البديل الشرعي عن تبادل التهم، والسباب، والظنون الكاذبة.
والذين يتركون ما أحلّ الله إلى ما حرم هم الذين يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؛ بل هم شر من ذلك؛ لأنهم اشتروا الضلالة بالهدى، فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين.
أسأل الله أن يبارك بهذه الجهود، وينفع بها المجتمع المسلم ذكرانًا وإناثًا.
كما أسأله أن يوفق العلماء والدعاة إلى بذل المزيد من الجهد الموجه إلى المرأة.. المرأة التي أصبحت هدفًا لسهام كثيرة.
والحمد لله أولاً وآخرًا، وصلوات الله وسلامه على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المؤلف
في السابع عشر من شهر رمضان لعام ألف وأربع مئة واثني عشر للهجرة - في مكة المكرمة حرسها الله تعالى
رقم صندوق البريد: القصيم - بريدة 2782
رقم الفاكس: 063234101
معنى الالتزام
حين نقول: "فتاة ملتزمة"؛ فإننا نعني بها: تلك الفتاة التي آمنت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد – صلى الله عليه وسلم - نبيًّا ورسولاً، ورضيت بمنهج الله تعالى وشريعته ودينه دَرْبًا وطريقًا؛ فلم ترضَ بقوانين الشرق أو الغرب ولا تقاليدهما؛ إنما ارتضت أن تكون أسوتها وقدوتها: النسوة المؤمنات الصالحات من أمهات المؤمنين، ونساء الصحابة والتابعين.
فهي ليست تلك الفتاة التي أخذت هذا الدين تقليدًا عن آبائها وأجدادها، وهي تشعر أنه عبء ثقيل تتمنى أن تلقيه عن كاهلها صباحًا أو مساءً، ولا تلك الفتاة التي أخذت من دينها ظاهره فقط، وغفلت عن باطنه وحقيقته؛ فإن الدين كلٌّ لا يتجزأ، مظهر ومخبر، سلوك وعقيدة، فلا ينبغي ولايجوز للإنسان أن يفرط في شيء من دينه، قال تعالى (ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة: 85].
هذه قصيدة للشاعر عبد الرحمن العشماوي في وصف بعض التناقض الموجود في بعض البيئات، وعند بعض النسوة، يقول الشاعر في هذه الظاهرة.
هذي العيونُ وذلك القــدُّ()
والشيحُ والريحـانُ والنـَّـدُّ()
من أين جئتِ؟ أَأَنْجَبَتْكِ روىءً
بيضٌ فأنتِ الزهـرُ والـوردُ
قالت وفي أجفانِها كَحَـــلٌ
يُغري وفـي كلماتهـا جـدُّ
عربيــةٌ حُريتـي جَعَلَـتْ
مـني فتـاةً مالـهـا نـدُّ

أغشى بقاعَ الأرضِ ما سَنَحَتْ
لي فرصَـةٌ بالنفـس أعتـدُّ
عربيةٌ.. فسألتُ: مسلمــةٌ؟
قالت: نعم! ولخالقي الحمـدُ
فسألتها والحزن يَعْصِـف بي
والنارُ في قلـبي لهــا وقْـدُ()
من أين هذا الزِّيِّ؟ ما عَرَفَـتْ
أرضُ الحجازِ ولا رأت نَجْـدُ
هـذا التبـذُّل يا محدّثــتي
سـهمٌ من الإلـحاد مرتَـدُّ
فتـنمَّرَتْ ثم انْثَنَـتْ صَـلَفًا
ولسانُها لسِبابهـا عَبْــدُ()
قالـت: أنا بالنـفسِ واثقـةٌ
حريَّتي دون الهــوى سـدُّ
فأجـبتُها والنـارُ تَلْفَحُـني:
أخشــى بأن يتناثَرَ العِقـدُ
ضِـدَّانِ يا أُختاه ما اجتمعـا:
دينُ الهدى، والكفرُ والصَـدُّ
والله مـا أزْرى بأمتِـنــا
إلا ازدواجٌ ما لـه حـدٌّ !

* * *
بين يدي الرسالة
معظم مادة هذه الرسالة مأخوذة، -بعد كتاب الله تعالى، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم - من رسائل الأخوات، واستفساراتهن، وكتاباتهن: بدءًا بالعنوان، ومرورًا بالموضوعات، حرصت أن يكون كل ذلك مما عملته أيديهن. فليس لي فيه إلا الترتيب والأسلوب والإخراج، أما ما عدا ذلك فمنهن وإليهن.
تقول إحدى الأخوات: "إن الملتزمة بحاجة ماسة إلى من يأخذ بيدها، ويطور لها التزامها، وبالذات مع شعورنا بأن هناك من الواعين من يعتقد أن تحجب الفتاة، وتركها لمشاهدة التلفاز هو النقطة الأخيرة التي تقف عندها.. ليتهم يعلمون أن معظم الملتزمات يملكن كل شيء إلا الفكر والفهم السليم!".
وإذا كنا نوافق أن كثيرًا من الناس يظنون أن الالتزام ينتهي عند حد الحجاب، وترك مشاهدة التلفاز، مع أن الصواب أن المسلم أو المسلمة لايزالان في جهاد وترقٍّ إلى الموت، تصديقًا لقول الله- عز وجل- (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99]، وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69].
فالالتزام ليس مرحلة يتجاوزها الإنسان إلى غيرها.. كلا، وليس قضية ينتهي عندها المرء.. لا؛ بل إن الالتزام هو محاولة مستمرة تظل مع الفتى ومع الفتاة إلى الممات، حتى في ساعة الموت يجاهد الإنسان نفسه، ويعبد ربه: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99]. ومادام أن الروح في الجسد، ومادام أن النَّفَسَ يتردد؛ فأمام الإنسان ألوان وألوان من المجاهدات والمصابرات والمدافعات؛ يحتاج الرجل إليها، وتحتاج المرأة إليها.
ولكننا لا نوافق تلك الأخت، على أن معظم الملتزمات يملكن كل شيء إلا الفكر والفهم السليم، فإن كثيرًا من الأخوات الملتزمات يملكن -بحمد الله- قدرًا جيدًا من الفهم السليم، ويملكن عقولاً ناضجة، ويملكن مواهب قوية، نسأل الله لنا ولهن جميعًا الثبات.

* * *
المرأة والالتزام
المرأة بطبيعتها أكثر تأثرًا بالخير والشر، وأشد تأثرًا بما يحيط بها من الرجل؛ ولذلك تزداد خطورة وأهمية تلك الأجهزة العامة المسماة بأجهزة الإعلام. ففي حين تغدو تلك الأجهزة صالحة نقية هادفة؛ فإنها تؤثر على سلوك المرأة، وتفكيرها، وأخلاقها، وتطبعها بالطابع الخيّر.. وحين يصبح الأمر على النقيض، وتتحول تلك الأجهزة إلى أدوات للتلبيس والتضليل، وقول الزور، وشهادة الزور، وتأخذ على عاتقها مهمة تغيير عقليات الناس وأخلاقهم نحو الأسوأ _ يكون للمرأة في ذلك أوفر النصيب، خاصة مع بقاء المرأة في المنـزل، ووجود الفراغ الذي تعيشه في أحيان كثيرة، وفي مجتمعات كثيرة.
إن المرأة -في رقعة فسيحة من العالم الإسلامي الممتد المترامي الأطراف- تعتكف عند هذا الجهاز، وتتناول منه ثقافتها وعلمها وأخلاقها، وتستهديه في مواقفها وتصرفاتها؛ بل وتأخذ منه حتى معلوماتها عن دينها، من خلال البرامج الدينية التي تقدَّم -أحيانًا- هنا أو هناك.
إن من الواجب الدعوي المبين: أن تُستخدم الوسائل العلنية والإعلامية في الدعوة إلى الله، وفي مخاطبة المجتمع -بما في ذلك النساء-؛ فالبرنامج الإذاعي المسموع، أو الإعلامـي المرئـي، أو الصحفي المقروء، والشريط، والكتاب، والكتيب، والمحاضرة المتخصصة.. وإيصال تلك الوسائل إلى كل مكان توجد فيه المرأة: في المدرسة، والجامعة، والسوق، وأماكن التجمعات العامة… من أهم ما يجب أن يسعى إليه المخلصون.
وكل وسيلة مباحة متاحة ينبغي أن يستخدمها الدعاة للوصول إلى عقول النساء، ومخاطبتهن بآيات الله والحكمة.

* * *
الدور السلبي! !
إنني أعتقد أن زمن الشكوى المجردة قد انتهى أو كاد، ودور الخيرّين والخيرّات لا يجوز أن يتوقف عند مجرد رفع الشكاوى لهذه الجهة أو تلك، فهذا- بمجرده- عمل سلبي لا يثمر كثيرًا.
إن هذا الدور الذي يقف عند مجرد الشكوى فقط قد انتهى أو كاد ينتهي؛ وذلك لأسباب، أهمها:
أولا: تراخي المجتمع:
لو كان هناك إصرار من المجتمع - عبر مؤسساته الإدارية والتخصصية- على منع رياح التغيير والفساد؛ لأحكم غلق النوافذ، مع إيماننا بأن غلق النوافذ ليست جدواه اليوم كما كانت بالأمس. والصغار -دائمًا- يتلمسون مواقف الكبار، وردود فعلهم، ومدى حزمهم أو تساهلهم؛ ولذلك يقال: إذا أردت أن تعرف مدى حزم مجتمع ما؛ فانظر في سلوك البقالين ونحوهم؛ فإنهم مرآة لغيرهم.
فإذا صارت بينك وبين البقال مشاجرة، فقلت له: افعل كذا وإلا رفعت أمرك إلى مدير الشرطة، أو المحافظ، أو الرئيس… فإن وجدته قد ارتبك واضطرب وخاف؛ فهذا دليل القوة والعدل، وأن سيف الحق صارم، أما إذا قال لك: ارفع لمن شئت، وافعل ما شئت، وأمامك هيئة الأمم المتحدة.. وأمامك وأمامك… فهذا دليل التراخي.
ثانيًا: دور الأفراد في التغيير:
وهذا لا يمكن إهماله بحال من الأحوال، فكلنا لاحظ - على سبيل المثال - ما قامت به الجموع - المؤلفة من أفراد- من هدم لبنيان الشيوعية، والإتيان على جنباتها من القواعد. إذ إن المجتمع- وكل مجتمع هو كذلك- منقسم إلى فريقين ولابد، وهذه حقيقة قرآنية: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ) [النمل:45] والانقسام إلى حق وباطل، وبر وفاجر، ومؤمن وكافر… أمر لا خيار فيه، ولا حلّ له. وحتى ذلك المجتمع الإسلامي الفريد، الذي كان يقف على رأس السلطة فيه؛ محمد بن عبد الله – ??? ???? ???? ???? - كان فيه المنافقون المتظاهرون بالإسلام، المنطوية صدورهم على الكفر البواح الصراح.
إن هذا لا يسمى تفريقًا للمجتمع، أو تمزيقًا لوحدته؛ بل هو تسمية للأمور بأسمائها الحقيقية، ووضع الشيء في نصابه. وإذا كان الأمر كذلك - وهو كذلك- فيجب أن يمارس الخيِّرون كافة الوسائل؛ لتحقيق قناعاتهم الشرعية.
والشكوى وسيلة لا يمكن التهوين من شأنها، ولكنها من أضعف الوسائل، خاصة إذا لم يكن معها غيرها، لكن يستطيع الأخيار أن يؤدوا دورهم، ويتحملوا مسؤوليتهم كغيرهم.
إنك واجد في طول بلاد الإسلام وعرضها _ تلك الفتاة المنحرفة، المشبعة بأفكار الغرب واتجاهاته، والتي استطاعت أن تصل إلى موقع التأثير والمسؤولية، وتمكنت من ناصية قطعة - ليست بالهينة - من فتيات المجتمع؛ فغيّرت، وبدّلت، وأثّرت. وكذلك تستطيع الطيبة الصالحة المهتدية أن تكون في الموقع نفسه، وأن تمارس الدور ذاته، وليس ثمة حواجز كبيرة تقف في وجهها، وأكبر هذه الحواجز -ربما-: الحاجز النفسي الوهمي الذي يصعب اقتحامه على الخيرّات من الفتيات؛ بل ربما صعب على أشدّاء الرجال أحيانًا!!
ومع افتراض وجود حواجز في هذا البلد أو ذاك؛ فالتغلب عليها ممكن، والحاجة أم الاختراع، والمؤمن الصادق لا يعدم حيلة توصله - بإذن الله تعالى- إلى ما يريد، خاصة إن صدق مع الله، وأخلص النيّة؛ فالنيّة هي المطية، وما صدق عبد ربَّه إلا بلغه -بإذنه - ما يريد.
ثالثًا: ارتباط الناس بالمؤسسات القائمة:
إنه لم يعد مقبولاً ذلك الاحتجاج الذي نسمعه في أكثر من موقع من الخريطة الإسلامية، والذي يتجاهل الواقع كثيرًا.
لم يعد من الممكن أن يقال للناس: أغلقوا الجامعات، أغلقوا المستشفيات، أغلقوا المؤسسات النسائية أو غير النسائية!…
هذا غير ممكن، وهو أيضًا غير مطلوب، فلابدّ للناس - كل الناس- من العلاج، ومن الدراسة، ومن التجارة ومن ..، ومن..
إنها مؤسسات ارتبطت بحياة الناس، وارتبطت بها حياتهم؛ فلم يبق إلا أن يرسم لها الإطار الشرعي الصحيح، والشرع جاء بضبط كل شيء (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً) [الإسراء:12].
ولم يبق إلا أن تنبري النسوة الفاضلات في كل بلاد الإسلام لتولي هذه الأعمال، وإدارتها، وإصلاحها، أو على أردأ الأحوال: المشاركة فيها، ومزاحمة الاتجاهات غير المهتدية، والتي بسطت نفوذها على كثير من المؤسسات، والهيئات، والجمعيات في بلاد إسلامية كثيرة، على تفاوت في ذلك بين بلد وآخر، والله المستعان.

* * *

أيها الأحبة
أيتها الأخوات
في وقت ما، كانت رموز الوطنية والتحرر والثقافة - زعموا- تتمثل في قيادات نسائية فرضتها أجهزة الإعلام، وطبّلت لها الصحافة، أمثال: "هدى شعراوي "، و"أمينة السعيد"، و "نوال السعداوي"...، وهذه القائمة المعروفة هي التي كانت توصف بالريادة في هذا المجال العفن.
أما في بلاد الجزيرة بالذات، فلا تزال المستغربات في العقل والشعور موضع ازدراء وسخرية من المجتمع - بحمد الله تعالى-، وللأسف فهن يكتبن في صحافتنا بكل تأكيد، ولكن على استحياء، وبشيء من الغموض!
فإذا أرادت إحداهنَّ نقد الدين؛ عبرت عنه بالطقوس، والتقاليد البالية، والسراب، ومخلفات القرون السابقة، ولكنها لا تستطيع أن تتكلَّم عن الدين هكذا صراحًا بواحًا.
وإذا أرادت نقد العلماء والدعاة؛ عبّرت عنهم بالمتطرفين والأصوليين، وأصحاب العنف وضيق الأفق.. أو أبعدت النجعة؛ فعبَّرت بالكهانة والكهنة!!
وهنا تبرز مسؤولية القادرات من أخواتنا وبناتنا، في وجوب وجود قيادات نسائية معروفة على كافة المستويات. فلابد أن يوجد قيادات: في المدرسة، وفي نظام التعليم، وعلى مستوى الدولة؛ بل وعلى مستوى الإقليم.
وهذا وإن كان واجبًا في كل بلاد الإسلام؛ إلا أنه في هذه البلاد أيسر وأسهل، فلا يزال الميدان مكشوفًا مفتوحًا لمن أراد.
وبعض الإِخوة يَعْتِبون عليَّ، ويقولون: لماذا تحرض النساء على الاستمرار في الدراسة -مثلاً-، أو على مواصلة العمل، وخاصة من المتدينات؟
فأقول: إننا في مجتمع لا نتفرد -نحن- بصياغته وصناعته؛ بل هو مجتمع فيه صناع كثيرون، وذوو عقول شتى، ومذاهب مختلفة، وآراء متباينة؛ بل ونظريات واتجاهات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار؛ فإذا توقفت الملتزمة عند حد معين فغيرها لا يتوقف. ومعنى ذلك أننا حين ننصح المتدينات بترك الدراسة -مثلاً-، أو ترك مجالات العمل والتأثير؛ فإننا سمحنا لكل الفئات، وكل الطبقات، وكل الاتجاهات - التي لا تسمع لنا أصلاً- سمحنا لها بأن تنمو وتتوغل وتتغلغل في المجتمع، ووضعنا سدًّا منيعًا أمام العنصر الذي يمكن أن يساهم بشكل جيد في ضبط المسيرة، أو يساهم في تحجيم الشر والفساد، ولا أعتقد أن ثمة خدمة يمكن أن نقدمها للعلمانيين، أو لأصحاب النوايا السيئة وصرعى الشهوات أعظم من هذه الخدمة!
إن من الخطأ الكبير أن تترك أماكن التجمعات النسائية، فتخلو الجامعات بكلياتها، ومعاهدها، وندواتها، وأعمالها من الملتزمة، التي ترفع راية الدين، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر.
إن أقل ما يمكن أن تقوم به تلك الملتزمة هو: أن تشعر المجتمع بما يجري داخل تلك المجتمعات النسائية، وما يكون وراء الكواليس، وخلف الستار.
إنَّ العلماء والدعاة -بل والعامة أحيانًا- أحوج ما يكونون إلى من ينقل لهم ما يجري في أوساط النساء، وهذا أقل ما يمكن أن تقوم به الفتاة الملتزمة أثناء وجودها في هذه المجتمعات.
من صفا ت
المرأة الداعية
إذا كنّا نتحدث عن الفتاة الملتزمة؛ فإنني لا أكاد أتصور فتاة أو رجلاً ملتزمًا يمكن أن يكون غير داع - في مثل هذه الظروف الواقعة الآن - لأن من الالتزام أن يدعو الإنسان.
ومعنى كون المرأة ملتزمة؛ أنها مطيعة لربها، والله – ?? ??? - يقولوالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) [التوبة:71]. فأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر؛ جزء من التزامها، وقيامها بالدعوة - أيضًا - جزء من التزامها؛ لأن الله تعالى يقولكُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) [آل عمران: 110]، ويقول أيضًا (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [البقرة: 143].
وقد أثبتت التجارب والأحداث الكثيرة، أن هذه الأمة -رجالاً ونساء - لديها قدرة على قبول الحق؛ بل لديها رغبة في إيجاد الحق والتزامه، فلا عبرة بقول إنسان إنه ملتزم لكنه غير داعية، لا يمكن هذا؛ لأن الملتزم -رجلاً كان أو امرأة- هو داعية إلى الله؛ إذ إنّ التزامه يعني أنه مطيع لله، والذي أمره بالصلاة هو الذي أمره بالدعوة، وهو الذي أمره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يمكن أن نفرق بين هذا وذاك بحال من الأحوال، وينبغي أن نعلم بأن كل صفة نتصورها من الرجل الداعي؛ يجب أن تكون أيضًا في المرأة الداعية.
وسوف نتناول بعض الصفات المهمة التي تطلب من الفتاة والمرأة الداعية، كما هي مطلوبة أيضًا من الرجل الداعي:
الصفة الأولى: العلم بما تدعو إليه:
يجب على المرأة الداعية أن تدعو إلى الله على بصيرة وعلى علم، فلا يمكن أن تدعو إلى شيء وهي لا تعلم هل هو من الشرع أم لا، هل هو من العبادات، أم من العادات، هل هو من الأمور الدينية، أم من التقاليد الاجتماعية الموروثة -مثلاً-؟!
والشرع واضح بحمد الله: إما آية محكمة، أوسنة ماضيـة، أو إجماع قائم، أو قول معروف مبني على اجتهاد صحيح واضح كالشمس. فلابد أن تعرف المرأة المسلمة الأمر الذي تدعو إليه بدليله، بحيث إذا قال لها أحد: ما الدليل؟ أو لماذا؟ استطاعت أن تجيبه عن ذلك.
الصفة الثانية: القدوة الحسنة:
قال الله تعالى على لسان نبيه شعيب – ???? ?????? - : (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [هود:88]، وفي صحيح البخاري عن أسامة بن زيد – ??? ???? ??? - أن النبي – ??? ???? ???? ???? - قال: "يؤتى بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار، فتنْدَلِق أقتاب() بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون: يا فلان، ما لك، ألم تكن تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه"().
إذاً من الخطورة بمكان، أن يتكلم الإنسان بلسانه، ويكذب ذلك بأفعاله.
يا واعظَ الناس قد أصبحتَ متَّهمًا
إذ عِبْتَ منهم أمورًا أنت تأتيهـا
أصبحتَ تنصحهم بالوعظ مجتهدًا
والموبقات- لَعَمري- أنت جانيها()
ويقول شاعر آخر:
يا أيها الرجلُ() المعلمُ غــيرَه
هلاَّ لنفسِك كـان ذا التعليـمُ
تصفُ الدواءَ لذي السقام وذي الضَّنا
كَيما يصـح بـه وأنت سقيــم
ونراك تصلح بالرشـاد عقولنـا
أبدًا وأنـت من الرشاد عـديم
ابدأ بنفسـك فانهها عن غيِّهـا
فإذا انتهت عنه فأنت حكـيم
فهناك يُقبل ما تقـول ويقتدى
بالقول منك وينفـع التعـليـم
لا تَنْهَ عن خلق وتـأتي مثلـه
عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيـم()
فالتربية والدعوة بالسلوك أحيانًا أفضل من ألف محاضرة، وألف خطبة.. سلوك امرأة بين زميلاتها: في حسن خلقها وآدابها، ومظهرها ومخبرها، وطيب حديثها، والتزامها بشريعة ربها، وصلاحها؛ أعتقد أنه أفضل من كثير من الكلمات والمحاضرات.
كثير من الفتيات يقلن: "ليست عندي رغبة في سماع الأشرطة الدينية"؛ لكن لو وجدت أمامها نموذجًا حيًّا، صورة حية من فتاة ملتزمة، متدينة فأعجبتها؛ أعتقد أنها هنا ليست في حاجة إلى أن تسمع شريطًا أو لا تسمع؛ لأن هذا سيكون بداية موفقة لإقناعها بسلوك الطريق المستقيم، فالحق واضح ميسَّر ليس في معرفته صعوبة ولا عناء.
إذًا لابدّ من القدوة الحسنة، لابد أن تكون الأخت الداعية قدوة حسنة: في عبادتها، في سلوكها، في مخبرها، في قلبها، في عقيدتها، في أخلاقها، في طيبتها، وفي مظهرها أيضًا: في شكلها، وثيابها، ومشيتها، وحركاتها، وفي أعمالها وأقوالها، وفي كل شيء، ولنضرب مثلاً على ذلك:
المرأة الداعيّة القدوة، التي قد تظهر بمظهر لا يليق بمثلها: أن تلبس عباءة لامعة، مطرزة، شفافة… أو تلبس كابًا مطرزًا بألوان شتى من التطريز؛ حتى ليصبح زينة في نفسه، أو تضعه على كتفها بطريقة لافتة للنظر.. أو تظهر زينتها للأجانب، أو تكون مولعة بمتابعة الموضات، والتسريحات أولاً بأول!؛ لاشك أن هذه المرأة بهذا العمل الذي ترتكبه، إنما تسن للأخريات سُنَّة يقلدنها فيها، إما عن حسن ظن منهن بأن هذا العمل الذي يعملنه لاشيء فيه، والدليل أن فلانة فعلته!!، وفريق آخر سوف يقلن: إن هذه المرأة لا تستحق أن يسمع لها؛ لأنها تناقض قولها بفعلها، فتخسر بذلك قطاعًا كبيرًا كان يمكن أن يساهم في نجاح دعوتها.
فيجب أن تتجنب الأخت الداعية بعض الأمور المشتبه فيها - فضلاً عن المحرم-؛ خوفًا على صورتها، وحماية لدعوتها، وحرصًا على عدم اختلاف الآراء تجاهها.
الصفة الثالثة: حسن الخلق والتواضع ولين الجانب:
ومن الصفات التي ينبغي أن تتصف بها الداعية: حسن الخلق، والتواضع، ولين الجانب؛ مما يحبب إليها الأخريات. ولعل غرس المحبة في نفوس المدعوات هو أول سبب لقبول الدعوة في حالات كثيرة، والأسلوب شديد التأثير في قبول الدعـوة أو ردهـا، ولا يجوز لنا أبدًا أن نتجنى على الحق الذي نحمله حين نقدمه للناس بالأسلوب الغليظ الجاف؛ بل يجب أن نعطف على الآخرين، ونحتـوي مشـاعرهم، ونتلـمس همومهم، ونشاطرهم أفراحهم وأتراحهم()، ولانستعلي عليهم أو نستكبر؛ فما تواضع أحد لله تعالى إلا رفعه.
وقد مدح الله رسوله – ??? ???? ???? ???? – بقوله: (وإنك لعلى خلقٍ عظيم) [القلم:4] وقال: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتــَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَـوَكِّلِينَ) [آل عمران: 159]. فإذا كان هذا شأن أصحاب محمد – ??? ???? ???? ???? -؛ فكيف بغيرهم من سائر الناس؟
الصفة الرابعة : الاهتمام بالمظهر الخارجي:
ومن الصفات التي ينبغي أن تتحلَّى بها الأخت الداعية أيضًا: أن يكون عندها قدرٌ من الاهتمام بمظهرها.
أقول هذا لأنه قد يظن البعض أنني أدعو المرأة المتدينة الداعية أن تكون متبذلة، بعيدة عن الاهتمام بمظهرها.. كلا، فالمظهر هو البوابة الرئيسة التي لابد من عبورها إلى قلوب الأخريات.
ومن الطَبَعي أن تتحلى المرأة، أو تبحث عن الثوب الجميل، والله تعالى قال: (أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) [الزخرف: 18]. فكون الفتاة تنشأَ منذ طفولتها في الحلية هذا أمر طبعي، لا تلام عليه.
من الطبعي أيضًا: أن تهتم المرأة بتسريح شعرها، والرسول – ??? ???? ???? ???? - أوصى بذلك الرجل، فقد كان رسول الله – ??? ???? ???? ???? - في المسجد، فدخل رجل ثائر الرأس واللحية، فأشار إليه رسول الله – ??? ???? ???? ???? - بيده: أن اخرج، كأنه يعني إصلاح شعر رأسه ولحيته، ففعل الرجل ثم رجع، فقال رسول الله – ??? ???? ???? ???? -: "أليس هذا خيرًا من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان"()، فالمرأة مع بنات جنسها، من باب أولى يجب أن تعتني بمظهرها.
ونحن بطبيعة الحال، لا نقبل أبدًا أن تتبرج المرأة بزينة، ولا أن تتطيب لخروجها من بيتها، لكن هذا لا يعني بحالٍ التبذل، أو أن تذهب إلى المجتمعات النسائية في أثواب مهنتها، خاصة عندما تكون داعية يشار إليها بالبنان. فمن خلال ما وصل إليَّ من عدد كبير من الإخوة والأخوات تبين لي أن كثيرًا من الفتيات -اليوم-، يعرضن عن الدعوة؛ لأنهن يتصورن أن الالتزام، وحضور الحلق في المسجد، أو سماع الشريط، يعني أن الفتاة سوف تتخلى عن كل مظهر من مظاهر اهتمامها بنفسها، وهي لا تريد ذلك، وتقول: كل شيء... إلا اهتمامي بمظهري!!
ومن قال: إنّ الإسلام يحول بينها وبين ذلك في حدود ما أباحه الله تعالى؟! ثوب نظيف، لا تظهر به أمام الرجال!
الصفة الخامسة: الاعتدال:
من الصفات التي يجب أن تتحلى بها الداعية: الاعتدال في كل شيء. ومن الاعتدال: الاعتدال في المشاعر، بين الإفراط والتفريط.
فنحن نجد أن بعض الأخوات تكون جافة في عواطفها ومشاعرها تجاه الأخريات: لا تتجاوب معهنَّ، ولا تبادلهن شعورًا بشعور، وودًّا بود، ومحبة بمحبة، ولا تبتسم في وجوههنَّ، وترى أن جديَّة الدين، وجدية الدعوة، تتطلب قدرًا من الصرامة، والوضوح، والقسمات الحادة، وهذا أمر- بلا شك- غير مقبول. يقول الرسول – ??? ???? ???? ???? -: "وتبسمك في وجه أخيك صدقة"()، ونقول للمرأة أيضًا: تبسمك في وجه أختك صدقة؛ فالحكم عام.
بالمقابل هناك من النساء ومن الأخوات، من تبالغ في إغراق الأخريات بمشاعر تصل أحيانًا إلى حد الإفراط، فتجد أن من الأخوات من لا تصبر عن فلانة ساعة من نهار، فإذا ذهبت إلى بيتها بدأت تتصل بها بالهاتف، وتكلمها الساعات الطوال، وربما خلت بها أوقاتًا طويلة، تبث إحداهنَّ إلى الأخرى مشاعرها، وهمومها، وشجونها؛ بل ربما تغار لو رأت أخرى تجالسها أو تحادثها؛ لأنها تريدها لنفسها فقط!!.
وهذا ما يسمى بالإعجاب في أوساط البنات، فضلاً عن قضية المحاكاة والتقليد، أي أنها تقلدها في كل شيء: في حركاتها وسكناتها، في طريقة كلامها، في لباسها، في حذائها، في حركة يدها…، في كل شيء من أمورها.
ولاشك أن ذوبان شخصية البنت في أخرى - ولو كانت داعية- ضياع لتلك الشخصية؛ لأن الله – عز وجل - خاطب كل إنسان بمفرده: (إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) [مريم :93-95]، قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) [الشمس : 7-10].
فينبغي أن تشعر المسلمة باستقلاليتها، ولا يجوز أن تذوب في شخصية أخرى. فلتكن لها استقلاليتها، ولها مسئوليتها بذاتها، ولتعلم أنها واقفة بين يدي الله تعالى يوم القيامة بذاتها وبمفردها؛ فليس يجوز بحال أن تجعل المسلمة هدايتها منوطة بفلانة: إن استقامت استقامت معها، وإن اعوجت اعوجّت على إثرها؛ بل لتوطن نفسها على الاستقلالية، واختيار طريقها بنفسها، إن استقام الناس استقامت، وإن اعوجّوا اجتنبت إساءتهم، وعملت على هدايتهم ودعوتهم.
إنّ الصفات التي يجب أن تتحلى بها الفتاة الداعيـة كثيرة، وما سبق لا يعدو إلا أن يكون شيئًا يسيرًا مما يجب أن يقال.
* * * من مشكلات
الدعوة النسائية
المشكلة الأولى: قلة عدد النساء الداعيات:
وهذه القلة يعاني منها الكثيرون؛ ولذلك نجد هناك جهلاً كبيرًا في أوساط الفتيات، حتى في عالم المدن، فضلاً عن القرى والأرياف، والمناطق النائية.
حلول هذه المشكلة:
والحل أمام هذه المشكلة يتمثل في عدة أمور أعرضها باختصار؛ رغبة في استكمال الموضوع:
— الحل الأول : أن تحرص الأخت المسلمة على مشاركة جميع النساء في الدعوة إلى الله -تعالى-،— حتى مع وجود شيء من التقصير. وينبغي أن نضع في أذهان النساء والرجال -أيضًا- أنه لا يشترط في الداعية أن تكون كاملة؛ فالكمال في البشر عزيز،— وما من إنسان إلا وفيه نقص،— لكن هذا النقص لا يمكن أن يحول بين ذلك الإنسان،— وبين قيامه بواجب الدعوة إلى الله تعالى،— فأنت تدعو إلى ما عملت؛ بل حتى مالم تعمل به،— تدعو إليه بطريقتك الخاصة.
فالإنسان المقصر مثلاً، -رجلاً كان أو امرأة- يمكن أن يبين للناس أن تلك الأخطاء التي وقع فيها ندم عليها، واستغفر الله منها، ثم يدعوهم لأن يكونوا أقوى منه عزيمة، وأصلب إرادة، وأصدق إيمانًا، وأخلص لله – ?? ??? -؛ حتى ينجحوا فيما فشل فيه هو. وبذلك يكون هذا الإنسان المقصر، قد دلَّ على الخير، وله بذلك أجر فاعله - كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة –رضي الله عنه -()، حتى ولو كان مقصرًا فيه.
ولو لم يعظ في الناسِ من هو مذنبُ
فمنَ يعظُ العاصين بعـد محمــدِ
ولذلك قال الأصوليون: حق على من يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضًا!
فوقوع الإنسان في المعصية، لا يسوغ له ترك النهي عنها أبدًا؛ بل ينهى عن المعصية ولو كان واقعًا فيها، ويأمر بالمعروف ولو كان تاركًا له، وإن كان الأكمل والأفضل والأدعى للاقتفاء سيرة الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-: (قَالَ يَا قَوْمِ أرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْـهِ أُنِيبُ) [هود : 88 ]0
إذًا حتى مع التقصير، يجب أن تجر الأخت الداعية الأخريات إلى المشاركة، فمثلاً بعض الطالبات في المدارس: يمكن أن تشارك الطالبة في إلقاء كلمة، في توجيه، في إعداد بحث مصغر، في أمور معينة، تحدّث فيها بنات جنسها، من خلال حلقة المسجد، أو من خلال الدرس، أو أي مناسبة أخرى.. مع مراعاة تعهد هذه الفتاة بالتوجيه والنصح؛ فكونها قامت، وتكلمت، أو ألقت محاضـرة، أو كلمة أو أعدَّت بحثًا؛ لا يعني ذلك أنها جاوزت القنطرة، وأصبحت داعية، لا يوجه إليها أي طلب؛ بل تأمر الناس ولا تؤمر هي!.. كلا؛ بل هي الأخرى أحوج ما تكون إلى من يقوِّم سيرتها، وينصحها بإتباع القول بالعمل، ويحذرها من الاغترار والعجب، ويدعوها إلى مواصلة الطريق، والتزود من العلم النافع، والعمل الصالح.
إن من المهم أن تُتعاهد هذه الفتاة، ويُحرص عليها، وتُنصح، وتوضع في موضعها الطبعي، فلا يبالغ في الثقة بها، وإطلاق الصفات عليها، بما قد يضر بها.
وقد اطلعت على كثير من الحالات، تكون الفتاة فيها في المرحلة الثانوية -مثلاً-، ثم يسند إليها أمر الدعوة كله في المدرسة؛ فتكون هي الداعية، وهي المتكلمة، والمعلمة، والواعظة، وتصبح الأنظار كلها متجهة إليها، وتشير الأصابع إليها… وهذا يفقدها –أحيانًا- نوعًا من القدرة على ضبط نفسها، وعلى اتزانها، ويكون له تأثير سلبي على نفسيتها، وعلى اهتماماتها التربوية الأخرى، فربما تنسى نفسها أحيانًا، وربما تبالغ في بعض الأمور، وربما تجتهد فلا تصيب؛ لأن الفترة والسن التي تعيش فيها لا تجعلها قادرة على الاجتهاد في كل المسائل؛ بل قد يشعر أهلها بشيء من التقصير والإهمال لبنتهم، التي تقضي معظم وقتها خارج المنـزل في هذه الفترة الحساسة من عمرها، وقد تصل بها الحال إلى أزمة نفسية بسبب هذا الأمر…
ولذلك فإنه يجب أن نفرق بين أمرين:
الأول: أن نحرم تلك الفتاة من حقها في الدعوة والمشاركة؛ بسبب صغر سنها وقلة خبرتها، فهذا لا يصلح.
الثاني: أن نضع في يدها الأمر كله من الألف إلى الياء، وهذا أيضًا لا يصلح.
بل ينبغي أن تكون في مجال التدريب والمساهمة والمشاركة مع أخريات، وأن نتعاهدها بالنصح والتوجيه، فنقول لها: أصبت هنا، وهنا كنت تحتاجين إلى مزيد من دراسة الأمر مما أدى إلى الخطأ الذي ينبغي تجنبه.. وفي ميدان الدعوة تنمو الخبرات، وتكثر التجارب.
— الحل الثاني: الاتجاه نحو الجهود العامة:
فبعض النساء تجعل في بيتها جلسة خاصة، أو درسًا خاصًّا، لخمس نسوة فقط من جيرانها، فلو أنها أقامت محاضرة، أو درسًا عامًّا، أو أمسية؛ لكان من الممكن أن يشمل مئات النساء، فيكون هذا الجهد المحدود الذي صرفته إلى خمس، كان من الممكن أن تصرفه إلى خمسين أو إلى خمس مئة امرأة.
بطبيعة الحال، نحن لا نقلل من أهميّة الدروس والجلسات الخاصة؛ فهذه الدروس والجلسات الخاصة لها أهميتها فهي:
أولاً: تخاطب فئة من المجتمع.
ثانيًا: ربما توجد امرأة تكون قادرة على أن تقيم جلسة خاصة لخمس نسوة فقط؛ لكن لا تستطيع أن تقيم محاضرة، أو درسًا عامًّا.
ثالثًا: أن الجلسة الخاصة التي تضم خمس نساء أو عشر، يمكن التحكم في وقتها وفي مكانها، وهذا كله يسهل إمكانية قيامها ونجاحها والانتفاع بها أيما انتفاع.
ولكن مع ذلك فقيام المرأة بنشاط عام: كمحاضرة، أو درس عام، أو ندوة.._ يكون أبلغ في التأثير، وأوسع في المنطقة التي تخاطبها. وبمعنى آخر فالمجلس الخاص قد يكون أقوى في الامتداد الرأسي، والمجالس العامة أقوى في الامتداد الأفقي، أي أنه يشمل التأثير على عدد أكبر، وفي كلٍ خير.
— الحل الثالث: التركيز على إعداد جيل من الداعيات ممن يحملن همّ الإسلام،— وتنمية معاني الدعوة لديهن.
قد تكون زوجتك -مثلاً- تصلح لهذا، فلا يجوز أن يكون زواجها نهاية المطاف، أختك، قريبتك، بنت أختك، ذات محرمك؛ ينبغي أن تحرص على إعدادها لتكون داعية إلى الله تعالى. وكذلك النساء الداعيات من المدرسات، ينبغي أن يعتنين بإعداد نوعيات من الفتيات، وتهيئتهن وتأهيلهن للقيام بهذه المهمة الصعبة؛ لأن واحدة من النساء يمكن أن تقوم عن عشر، وكما يقال:
والناس ألفٌ منهمُ كواحدٍ
وواحدٌ كالألفِ إن أمرٌ عَنَا
وهذا صحيح، فربما غلبت امرأة آلاف الرجال، ومن يستطيع أن يأتي في عيار أم المؤمنين عائشة ،أو خديجة، أو حفصة أو زينب أو أم سلمة - رضي الله عنهن-...، أو غيرهنَّ من المؤمنات الأُول؟ حتى كبار الرجال تتقاصر هممهم دونهن، ولازال في هذه الأمة خيرٌ رجالاً، ونساء.
— الحل الرابع: الاستفادة من النشاطات الرجالية:
فلماذا نتصور أن نشاط المرأة ينبغي أن يكون محصورًا؟ فالنشاطات الرجالية: كالدروس -مثلاً-، والمحاضرات، والندوات معظم الكلام الذي يقال فيها يصلح للرجال ويصلح للنساء أيضًا، والشرع جاء للرجل والمرأة، وخاطب الجنسين معًا، وما ثبت للرجل ثبت للمرأة إلا بدليل.
ولا يلزم أن تكون المرأة مجتمعًا مستقلاًّ متكاملاً، فقيهتها منها، وواعظتها منها، ومفتيتها منها.. هذا ليس بلازم، والرسل عليهم السلام كانوا رجالاً فقط، قـال الله تعـالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) [يوسـف: 109]، وقــال: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [الأنبياء: 7]. إذًا فالرسل كانوا رجالاً، ولا أرى أن أدخل في جدل عقيم حول: "هل بعث من النساء أحد؟" ابن حزم له رأي، وبعض الفقهاء لهم رأى، ولكن الجمهور- كما ذكر القرطبي وغيره- على أن الرسل كلهم كانوا من الرجال، ولم تبعث نبية قط.
هؤلاء الرجال كانوا يخاطبون الرجال، ويخاطبون النساء؛ بل ويدعون الإنس والجن معًا. إذًا لا مانع - حفظًا للجهود- أن تنضم النساء إلى مواكب المستمعين إلى الدروس والمحاضرات والمجهودات الرجالية، بطبيعة الحال على انفراد، ومع التزامهنَّ بأوامر الشرع: بعدم التطيب إذا أرادت الخروج، وعدم لبس الثوب الذي يكون زينة في نفسه، وعدم الجهر بالقول، والاختلاط بالرجال… إلى غير ذلك؛ لأنها تستفيد من ذلك في مجالاتها الخاصة المنعزلة.
وهنا يأتي دور أولياء الأمور: دور الأب، دور الزوج، دور الأخ، في تسهيل المهمة وإعانة المرأة على بلوغ مرادها.
المشكلة الثانية: صعوبة التوفيق بين العمل والدعوة والشؤون المنـزلية:
وهذه -بلا شك- معضلة حقيقية، فالمرأة أمامها العمل، وأمامها الدعوة، وأمامها الأمور المنـزلية: البيت، الزوج، الأولاد…، إلى غير ذلك، ولعلي لا أتجاوز الحقيقية إذا قلت: إنها أكبر مشكلة تواجه الداعيات، وعلى عتبتها تتحطم الكثير من الآمال والطموحات. فكم من فتاة تشتعل في قلبها جذوة الحماس إلى الدعوة إلى الله تعالى، وتعيش في مخيلتها الكثير من الأحلام والأمنيات، فإذا تزوجت وواجهت الحياة العملية؛ تبخَّرت تلك الآمال، وذابت تلك المشاعر، ولم تعد تملك منها إلا الحسرات والأنات، والآهات والزفرات، والذكريات! حتى أصبح كثير من الفتيات الآن لا يملكن إلا أن يقلن: كنت أفعل كذا، وكنت أفعل كذا، لكنهن لا يستطعن بحال أن يقلن: نحن نفعل الآن كذا وكذا.
— حلول هذه المشكلة :
إنني لا أزعم أنني أملك حلاً لهذه المعضلة، لكني أحاول المشاركة ببعض الحلول من خلال إضاءات أبينها فيما يلي:
— الإضاءة الأولى: تقوى الله – ?? ??? - :
إن أول إضاءة في هذا الطريق هي قول الله – ?? ??? -: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) [الطلاق: 2، 3]، ويقول الله تعالى: (ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) [الطلاق: 5]، ويقول الله تعالى: (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الأنفال: 29]. فالتقوى هي أول حل: أن يتقي العبد ربه، وتتقي الأمة ربها جل وعلا في نفسها، وفي وقتها، وفي زوجها، وفي عملها، وفي مسئوليتها.
والتقوى ليست معنى غامضًا كما يتصور البعض؛ بل يمكن أن نحدد التقوى في بعض النقاط والأمثلة التالية:
من التقوى: أن تختصر الفتاة ثلاث ساعات تجلسها أمام المرآة، وهي تعبث بالأصابع، وترسم وتمسح، وتزين شعرها؛ لتصبح هذه الساعات الثلاث نصف ساعة -مثلاً-، أو ثلث ساعة، دون تفريط في العناية بجمالها لزوجها، الذي هو جزء من شخصيتها، وجزء من فطرتها.
ومن التقوى: أن تختصر الفتاة مكالمة هاتفية ساعتين مع زميلتها في أحاديث لا جدوى من ورائها؛ لتكون هذه المكالمة ربع ساعة، أو عشر دقائق في السؤال عن الحال والعيال، وغير ذلك…، أو المناقشة في موضوعات تهمّ الطرفين دينًا أو دنيا.
ومن التقوى: أن تختصر الفتاة الوقت المخصص لصناعة الحلوى -مثلاً- من ساعة ونصف إلى صناعة جيدة وجاهـزة، لا يستغرق تحضيرها –أحيانًا- نصف ساعة.
ومن التقوى: أن تقتصد المؤمنة في نومها، فالنوم من صلاة الفجر إلى الساعة العاشرة، وبعد الظهر، وقسطًا كافيًا من الليل _ هذا من عادات الجاهلية، وامرؤ القيس لما كان يمدح معشوقته، كان يقول: نؤوم الضحى، فيمدحها بكثرة نومها، لكن في الإسلام مضى عهد النوم، أصبح المؤمن مطالبًا بأن يكون قسطه من النوم مجرد استعداد لاستئناف حياة من البذل والجهاد. فنومها إلى الساعة العاشرة ضحى، ثم بعد صلاة الظهر، وقسطًا كافيًا من الليل _ هذا الأمر لا يسوغ، والرجل مثلها في ذلك، ومعاذ – رضي الله عنه - كان يقول لأبي موسى -وهما باليمن- حين سأله عن قراءته للقرآن: "أنام أول الليل؛ فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم، فأقرأ ما كتب الله لي، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي"()، والحديث في البخاري .
وفي قصة أم زرع - وهي في صحيح البخاري ومسلم- حديث اثنتي عشرة امرأة، اجتمعن وتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئًا، فكل واحدة قالت: زوجي كذا… إلى آخر القصة الطويلة التي لا شأن لنا بها الآن، لكن الخامسة منهن قالت: "زوجي إن دخل فَهِد، وإن خرج أَسِد، ولا يَسْأل عما عَهدْ"()، ويقول ابن الأنباري: "إن قولها: "إن دخل فهد". بمعنى: صار كالفهد، وهو حيوان كثير النوم، فهي تقول:إنه إذا دخل التف بفراشه، وغفل عنها، ونام نومًا طويلاً، أما إذا خرج فهو كالأسد الهصور على الناس، "ولا يسأل عما عهد" بمعنى: أنه رجل فيه كرم وفيه إعراض، فهو لا يدقـق في كـل شيء، ولا يسأل عن كل شيء، وقد كان العرب يمدحون الإنسان بمثل هذا الشيء.
ومازال العرب -أيضًا- يمدحون الإنسان بقلة نومه واقتصاده في ذلك، يقول الهُذلي يمدح رجلاً:
فأتت به حُوشَ الفؤاد مُبَطَّنًا
سُهُدًا إذا ما نام ليلُ الهَوْجَلِ()
فكون الإنسان قليل النوم، فإن ذلك مما يمدح به الرجل والمرأة على حدٍّ سواء، والاقتصاد في هذا الأمر ممكن، فالعلماء في السابق كانوا يقولون: إن القدر المعتدل من النوم ما بين ست إلى ثمان ساعات يوميًّا، وهذا الكلام ذكره جماعة من السابقين، ونقلوا إجماع الأطباء عليه.
أما الآن فقد ظهر أطباء معاصرون يقولون: الأمر الغالب من ست إلى ثمان ساعات، لكن قد يكتفي الجسم بأقل من ذلك، ثلاث أو أربع ساعات أحيانًا، وقد يحتاج إلى أكثر من ثمان ساعات أحيانًا، وهذا وذاك قليل، لكنه موجود.
الإضاءة الثانية: تنظيم الوقت وترتيب الأولويات: قال تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90]، وقال النبي – ??? ???? ???? ???? - فيما رواه الشيخان- لعبدالله بن عمرو بن العاص -??? ???? ???ما-:‌"فإن لجسدك عليك حقًّا، وإن لعينك عليك حقًّا، وإن لِزَوْرك عليك حقًّا، وإن لزوجك عليك حقًّا"()، وفي قصة سلمان مع أبي الدرداء -رضي الله عنهما-، ??? سلمان له: "إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه"، فأتى أبو الدرداء النبي – ??? ???? ???? ???? - فذكر ذلك له، فقال النبي – ??? ???? ???? ???? -: "صدق سلمان"().
ويحتمل أن يكون الزَوْر –هنا- بمعنى الجوف، أي ينبغي أن تأكل بقدر ما تحتاج، وقيل إن المقصود بالزور: هم الزوَّار، فلهم حقٌ عليك أيضًا: حقُّ الأضياف ألا تهملهم، وتهجرهم، وتخسرهم، وتعرض عنهم، وقوله – رضي الله عنه - : "فأعط كل ذى حقٍ حقه" يدل على أن سوء التوزيع يكون سببًا في ضياع الثروة.
وإذا كانت أغلى ثروة تملكها هي الوقت؛ فإن سوء توزيع الوقت من أسباب الضياع الذي يعيشه كثير من المسلمين، ولو أن المرأة أفلحت في ضبط وقتها وتوزيعه بطريقة معتدلة؛ لكسبت شيئًا كثيرًا.
فبعض الزوجات الداعيات -مثلاً- تشتكي أن زوجها الملتزم لا يعطيها من وقته ما يكفيها، فأقول: ليس أولئك بخياركم، إن من يقصرون في حقوق بيوتهم، ولا يعطون زوجاتهم ما يكفيهن من الوقت، وقد يعود أحدهم إلى بيته متأخرًا، ولا يأوي إلى البيت إلا وهو متعب، أو قلق، أو متضايق، فهو لا يريد أن ينظر إلى زوجته، ولا أن يجلس معها؛ إنما يريد أن يأوي إلى الفراش، أو ينام؛ ليخلو من همومه فهؤلاء ليسوا من الخيار.
ولكن أليس من المناسب - إذا كان الأمر كذلك- أن تكون المرأة منشغلة بعض الوقت بشؤون بيتهـا، أو شؤون دعوتهـا، أو شؤون أولادها في ظل غياب زوجها؟ خاصة ونحن نعلم أن المرأة إذا كانت جالسة في البيت تنتظر الزوج، فإنها تعدّ الساعات والدقائق عدًّا، فإذا جاء زوجها كانت قد استطالت غيبته، واستبطأت مجيئه، أما إذا كانت المرأة -هي الأخرى- مشغولة في أمور مفيدة نافعة في دينها أو دنياها؛ فإن الوقت يمر عليها بغير ذلك، ولا تشعر بوطأة الانتظار كما تشعر الخليَّة الفارغة.
ومن العدل ترتيب الأولويات والمهمات، فالفرض -مثلاً- يقدم على النفل، وربنا تعالى يقول في الحديث القدسي الذي رواه البخاري"... وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه… "() إذًا الفرائض أولاً ثم النوافل في مرتبة تليها؛ لأنّ الله تعالى لا يقبل نافلة حتى تؤدَّى فريضة، كما قال أبو بكر – رضي الله عنه - في وصيته.
فالفرض يقدم على النفل، والضرورات تقدم على الحاجات، والحاجات تقدم على الأمور التكميلية التحسينية، وهذا إذا صار هناك تعارض.
فليس من العدل أن تهمل المرأة زوجها وبيتها وأولادها بحجة أنها مشغولة بالدعوة، كما أنه ليس من العدل أن يهمل الرجل بيته وزوجه وأولاده، بحجة أنه مشغول بالدعوة، وليس من العدل أن تغفل المرأة الداعية عن عملها الوظيفي الذي تتقاضى عليه مرتبًا من الأمة، أو تغفل عن عملها الدعوي الذي هي فيه على ثغرة من ثغور الإسلام، يُخشى أن يؤتى الإسلام من قبلها، فإذا ضاقت عليها الأوقات، فبإمكانها أن تسند بعض المهمات إلى أخريات يتحملن معها المسؤولية، وتقوم هي بدور التوجيه والإشراف، فيمكن أن يساعدها أحد في القيام على شؤون الأطفال، خاصة ممن يوثق بعلمها ودينها وخلقها.. ويمكن أن يساعدها أحد في ترتيب بيتها، ويمكن أن يساعدها أحد في مهمتها الدعوية أيضًا؛ فيكون ذلك تدريباً لهؤلاء على أمور كثيرة، يستفاد منها فيما بعد.
الإضاءة الثالثة: مجالات الدعوة تشمل كل مناحي الحياة: وهذه الإضاءة مستمدة من قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا أول المسلمين) [الأنعام:161-162]. ويقول النبي – ??? ???? ???? ???? - فيما رواه البخاري عن جابر، ومسلم عن حذيفة -رضي الله عنهما-:"كلُّ معروف صدقة()"، و"كل " من ألفاظ العموم. ويقول – ??? ???? ???? ???? - فيما رواه أحمد، والترمذي، والحاكم عن جابر – رضي الله عنه - : "وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك"()، ويقول – ??? ???? ???? ???? - فيما رواه الطيالسي، وأحمد، والنسائي عن عمرو بن أمية الضمري -: "كل ما صنعت إلى أهلك فهو صدقة عليهم "()، والكلام للرجل والمرأة -أيضًا- على حد سواء؛ بل في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة – رضي الله عنه -: يقول النبي – ??? ???? ???? ???? -: "كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، قال: تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته: فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، قال: والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقـة"(). إذًا الصدقات كثيرة جدًّا، فعمل المرأة ودعوتها يمكن أن يكون لزوجها، سواء كان زوجها ملتزمًا، أو عاديًّا، أو منحرفًا.
إنّ قيام فتاة بتأمين الجبهة الداخلية لداعية، بمعنى أنها تقف وراءه، وتحفظه في نفسها، وفي ماله، وولده، وتسدّ هذه الثغرة الخطيرة التي يمكن أن تشغله عن دعوته، أو على الأقل تجعله ينطلق في دعوته وهو يشعر أنه مشدود إلى الوراء، وأن همّ البيت يقيده ويخايله أبدًا، إن ذلك جزء من مهمتها، ومن دعوتها.
وإن قيامها بتحويل زوجها من إنسان عادي همه الدنيا، إلى إنسان داعية يشتعل في قلبه هم الإسلام، هذه دعوة، أو حتى قيامها بدعوة زوجها، من زوج منحرف ضال، مقصر في الصلاة، أو مرتكب للحرام، إلى إنسان صالح مستقيم؛ هذا جزء من الدعوة، ويمكن أن يكون لها في ذلك أثر كبير.
كما أنّ تربية أولادها على الخير، وتنشئتهم على الفضيلة هو جزء من دعوتها ومسؤوليتها، ونحن نعرف جميعًا ما هي الأجواء التي تربى فيها عبد الله بن عمر، أو عبد الله بن الزبير، أو عبد الله بن عمرو بن العاص، أو غيرهم من شباب الصحابة، وأي نساء قمن بتربيتهم.
كما أن تدريس المرأة في مدرستها لا يجوز أبدًا أن يكون عملاً وظيفيًّا آليًّا تقوم به، فنحن لا يهمنا أن تتخرج البنت وقد حفظت نصوص البلاغة فحسب، أو حفظت المعادلات الرياضية فحسب، أو أتقنت التفاعلات الكيماوية، أو معادلات الجبر. وهذا كله جزء من المقرر، ونحن نقول: لا تثريب على المعلمة في تدريسه والحرص عليه، ولكن كل هذه المواد، ومواد اللغة، ومواد الشريعة، وكل ما يقدم للبنت- وللرجل كذلك- فإنه يهدف إلى غاية واحدة فقط، وهي بناء الرجل الصالح والمرأة الصالحة، بناء الإنسان المتدين المستقيم الصالح، هذا هو الهدف، فلا يجوز أن ننشغل بالوسيلة عن الهدف والغاية.
لماذا لا تخصص المعلمة من الحصة خمسًا إلى عشر دقائق للتوجيه، ولا أعني بذلك النصيحة المباشرة فقط، فقد تثقل أحيانًا على النفوس، ولا أعني أن تكون هذه النصيحة سدًّا للفراغ، حين لا تكون المعلمة قد أعدت الدرس إعدادًا جيدًا، فتقدّم النصيحة لملء الفراغ… لا، لكنها كلمة صادقة من قلب يحترق للآخرين، تتسلل بها إلى قلوب الطالبات، تحرك إيمانهن، تساهم في توعيتهن، تحل مشكلاتهن، كما قال النبي – ??? ???? ???? ???? -:" الكلمة الطيبة صدقة"()؛ فنريد أن توزع المدرسة من الصدقات على الطالبات.
الآن ما من بنت إلا وتدرس في المدرسة، فلو وجدنا في كل مدرسة معلمة ناصحة واعية مخلصة؛ معنى ذلك أننا استطعنا أن نوصل صوت الخير إلى كل فتاة، وهذا مكسب عظيم جدًّا إذا حققناه.
كما أنه من الممكن أن تحرص المعلمة على إقامة الجسور والعلاقات الأخوية الودية مع زميلاتها المدرسات، ومع طالبتها، وطالما سمعنا ثناء الجميع على معلمة؛ لحسن خلقها، وطيب معشرها، وطالما استطاعت معلمة واحدة، أو مشرفة، أو إدارية، أن تقلب المدرسة كلها رأسًا على عقب؛ بل إنني أعرف حالات استطاعت مدرسة واحدة، في مطلع حياتها الوظيفية، أن تقلب قرية بأكملها وتحول الفتيات فيها إلى فتيات صالحات متدينات.
الإضاءة الرابعة : عمل الداعية في بيتها:
وفي مجال عمل الداعية في بيتها، أقترح بعض الاقتراحات السريعة، منها:
أولاً: أن توفر المرأة مكتبة صغيرة للقراءة تضم مجموعة من الكتب الصغيرة المناسبة، يكون فيها: كتب توجيهية، قصص، كتب وعظية، بيان أحكام الصلاة، الأشياء التي يحتاج إليها في البيت، تعليم أمور العقيدة…
ثانيًا: ومن المقترحات توفير مكتبة صوتية، تحتوي على عدد طيب من الأشرطة الإسلامية المفيدة: أشرطة في القرآن الكريم، أشرطة في السنة النبوية، أشرطة في الدروس والمحاضرات، أشرطة توجيهية، بيان بعض الأحكام التي يحتاج إليها أهل المنـزل، حتى بعض الأشرطة المفيدة الترفيهية في حدود المباح، وما أشبه ذلك مما يُحتاج إليه في المنـزل، ويستغني به الصغار والكبار والأميون عن قضاء الوقت في القيل والقال، والغيبة والنميمة، أو مشاهدة التلفاز، أو غير ذلك…
ثالثًا: من المقترحات عقد حلقة أسبوعية لأهل البيت، درس أسبوعي لأهل البيت، تجتمع فيه النساء الكبار والصغار، ويتلقون فيه أشياء يسيرة: آية محكمة، سنة من سنن المصطفى – ??? ???? ???? ???? -، تدريب على عبادة من العبادات، تعليم عقيدة من العقائد، تربية، قصة، أنشودة، قصيدة…، وما إلى ذلك.
رابعًا: من المقترحات، تحسين العلاقة مع كافة أفراد المنـزل؛ تمهيدًا لدعوتهم إلى الله، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، فإن المرأة إذا كانت في البيت- سواء كانت زوجة أو بنتًا- واستطاعت أن تكون محبوبة عند الأم، وعند الأب، وعند إخوانها، وعند أخواتها_ فإنها تستطيع أن تؤثر فيهم كثيًرا، لكن إذا كانت الأمور على النقيض؛ فهي كمن يضرب في حديد بارد.
خامسًا: مراعاة كبار السن وصعوبة التأثير عليهم، فكثيرًا ما تشتكي الفتيات من المرأة الكبيرة السن، قد تكون أمها، أو أم زوجها، أو خالتها، أو قريبتها، وأن هؤلاء النسوة لا يقبلن التوجيه، وإذا قيل لإحداهن شيء؛ قالت: أنتم تحرمون كل شيء! أنتم دينكم جديد! أنتم كذا، أنتم كذا…
إن على الأخت الداعية أن تراعي حال مثل هؤلاء النساء كبيرات السن، وذلك بأمور منها:
أن تتلطف المرأة الداعية مع هؤلاء النسوة بالدعوة؛ فإذا رأت منكرًا في مجلسهن -كالغيبة مثلاً-، فيمكن أن تصرفهن عنه بأيسر السبل، كأن تطرح موضوعًا آخر تشغلهنَّ بالحديث فيه عن موضوع الغيبة، والقيل والقال، والتلذذ بأعراض الأخريات.
ومن الوسائل المجربة المفيدة: أن تبحث الفتاة عن كتاب يكون فيه كلمة لأحد العلماء المعروفين -كسماحة الشيخ ابن باز أو غيره-، فيها تحذير من الغيبة أو النميمة، أو ذلك المنْكَر الموجود لديهن، -أيًّا كان-، أو فيها بيان الحكم الشرعي الذي أخطأت فيه تلك المرأة، ثم تأتي الفتاة وتقرأ على هؤلاء النسوة هذه الفتوى أو الكلمة، حينئذ لا تملك المرأة الكبيرة أن تقول: هذا دين جديد، أو أنتم كل شيء غيرتموه؛ لأنها لم تسمع بهذا الكلام من قبل؛ بل على النقيض تقول: سبحان الله، سبحان الله، العلم بحر! وتقبل الكلام؛ لأنها تعلم أن الرجل له ثقله، وله قدره، وله وزنه.
سادسًا: من الحلول: مراعاة الحاجة إلى أسلوب ملائم في الدعوة، يتميز بالمدح والمؤانسة، وتطييب قلوب وخواطر الآخرين، بتقديم النصيحة لهم في قالب من الود والمحبة، ويمكن أن يأتي هنا دور الهدية؛ فإنها تسلُّ السخيمة() من القلوب.
* * *
عقبات في
طريق الدعوة
هناك عقبات كثيرة تعترض المرأة الداعية، كما يعترض الرجل الداعية عقبات أخرى كثيرة، فمن العقبات التي تعترض المرأة الداعية:
أولاً: عقبات نفسية:
الشعور بالتقصير: إن كثيرًا من الأخوات الداعيات تشعر بأنها ليست على مستوى المسؤولية التي ألقيت عليها، وهذه في الحقيقة مكرمة وليست عقبة.
إن المشكلة تكون إذا شعرت الفتاة بكمالها أو أهليتها التامة، ومعنى ذلك أنها لن تسعى إلى تكميل نفسها، أو تلافي عيبها، ولن تقبل النصيحة من الآخرين؛ لأنها ترى في نفسها الكفاية، أما شعورها بالنقص أو التقصير، فهو مدعاة إلى أن تستفيد مما عند الآخرين، وأن تقبل النصيحة. وينبغي أن تعلم الأخت الداعية أنه ما من إنسان صادق، إلا ويشعر بهذا الشعور0
وكثيرًا، ما يقول لي بعض الإخوة الشباب: لو تعرف حقيقة ما نحن عليه لعذرتنا، وغيرت رأيك، ونحن لا نقول هذا على سبيل التواضع، أو هضم النفس، ولا نعتقد أن النقص الذي عندنا، هو كالنقص الذي عندك، أو عند الآخرين؛ بل نحن مقصرون إلى درجة لا تحتمل.. إلى مثل هذا الكلام الذي يكثر تكراره، والتعلل به عن القيام بالواجبات، وأداء الفرائض اللازمة: كالدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والإمامة، والخطابة، والتعليم…
والغريب أن هذا الكلام يقوله كل إنسان عن نفسه، ولو نطق أفضل الناس في هذا العصر، لقال هذا الكلام بعينه، ولكنه ربما يدور في قلبه، وفي نفسه- والله أعلم-، ويؤثر ألا يقوله؛ لئلا يفجع الآخرين، أو يثبط عزائمهم، أو يفتر هممهم، وهذه طبيعة الإنسان، أنه كلما ازداد صلاحه، زاد شعوره بالتقصير، وكلما عرف علمًا جديدًا، ازداد معرفة بأنه جاهل، كما قال الشاعر:
وكلما ازددت علمـًا
ازددتُ علمًا بجهلـي
فكلما زاد فضل الإنسان، زاد شعوره بالنقص، وكلما زاد جهله وبعده، زاد شعوره بالكمال.
وباختصار فإنه ما دامت الروح في الجسد، فلن يكمل الإنسان، وكلما شعرنا بالتقصير وهضم النفس، كان أقرب إلى الله تعالى، وأبعد عن الكبر والغرور0
وقد يبتلي الله العبد أو الأمَة بنوع تقصير خفي لا يعلمه الناس، يحميه الله تعالى به من داء العجب، ويجعله به دائم الذل لله، ودائم الانكسار والانطراح بين يديه – عز وجل -، فلا يمنعنَّكِ الشعور بالتقصير من الدعوة إلى الله؛ فإنها من أعظم العبادات التي يكمل الإنسان بها نفسه، وهي من أفضل القربات، ونفعها يتعدى إلى الأخريات، وهي أفضل من نوافل الصوم، وأفضل من نوافل الصلاة: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت: 33]، على أن الفتاة المخلصة الجادة تستطيع أن تؤدي فريضة الدعوة، مع قيامها بتلك النوافل التعبدية، التي تربط على القلب، وتهذب النفس.
التخوف والإحجام والتهيب من الدعوة والكلام أمام الأخريات: وهذا لا يمكن أن يزول إلا بالتجربة والممارسة، ففي البداية: من الممكن أن تتكلم الفتاة وسط مجموعة قليلة، أن تلقي حديثًا مفيدًا -ولو كان مكتوبًا في ورقة-، ثم مع مجموعة أكثر، ثم تشارك في المسجد، والدروس التي تقام في المدرسة، ثم تبدأ بعد ذلك في إعداد بعض العناصر، ثم بعد ذلك يمكنها أن تلقي كلمة بطريقة الارتجال، ولابد من التدرج، وإلا ستظل المرأة، وسيظل الرجل يقول: لا أستطيع!
لو ظل إنسان يتلقى طرائق السباحة نظريّاً لمدة عشرسنوات؛ لما استطاع أن يسبح، لكنه لو نزل خمس دقائق في الماء وحاول أن يعوم، وخشي من الغرق، لكنه قاوم، وكان هناك من يرشده ويؤيده ويساعده_ فإنه يتعلم في خمس دقائق أو أقل من ذلك.
ثانيًا : عقبات اجتماعية:
— فساد البيئة:
فإذا كانت البيئة التي تعمل فيها المرأة الداعية فاسدة، سواء كانت هذه البيئة: مدرسة، أو مؤسسة، أو مستشفى، أو معهدًا - فإن ذلك يؤثر على المرأة تأثيرًا شديدًا، ويضغط عليها ضغطًا كبيرًا، وأضرب لذلك مثلاً: رسالة جاءتني من إحدى الأخوات، تتكلم عن صرح علماني في بلد ما، وتقول: "إن العاملات فيه من الفلبينيات غير المسلمات غالبًا، أقسم بالله إن بعض الطالبات يجدن متعة في الحديث معهن بكل صراحة، حتى إنها تعمل لهـا ما يسمى بالحلاوة، وقص الشعر، وكتابة الأشعار الغزلية، أما المسجد فهو لا يزيد عن مترين في مترين، مَمَر يقطعه ستارة بسيطة، تقول الأخت: جلست مرة أنصح بعض طالبات التمريض، فكادوا يكونون عليَّ لبدًا، فليس عندهن استعداد للسماع أصلاً.."
هذا مثال محدود، المستشفيات -مثلاً-، وما فيها من مضايقات بعض الأطباء والمراجعين والممرضين، الجامعات وما فيها من اختلاط، وحفلات مختلطة، ورجال يدرسون البنات مباشرة بدون حجاب، وليس عن طريق الدائرة التليفزيونية المغلقة، وقد تكون الدائرة التليفزيونية المغلقة موجودة وتترك؛ ليتكلم الرجل مع النساء مباشرة، ويأخذ توقيعاتهن بالموافقة على أن يدخل عليهن كفاحًا، ووجهًا لوجه!! يقع هذا في بلاد إسلامية عديدة. دكتور يشرف على رسالة طالبة، وقد يلتقي بها على انفراد في غرفته الخاصة إلى آخر تلك المهازل التي ليس لها آخر!!
وقد أثيرت قبل أيام قضية في "الكويت" تكلمت عنها الصحف بشكل مزعج للغاية، بعض الدكاترة في كلية الطب هناك يمنعون الطالبات المنتقبات من دخول الفصول، يا سبحان الله!! لماذا تمنعونهن من دخول الفصول؟! قالوا: إذا كانت الفتاة منتقبة، معنى ذلك أن المريض قد يخاف، ولا يساعد ذلك على العلاج!! حجج مضحكة.. إلى هذا الحد بلغت عنايتهم بالمرضى!!
آخر يقول : أنا أقرأ التعبيرات والتأثرات على وجوه الطلبة، ومن خلال رؤيتي لوجه الطالب، أعرف أن هذا الطالب فهم أو لم يفهم! فكيف أقرأ هذا في وجه الطالبة وهي منتقبة؟! حيلٌ أوهى من بيت العنكبوت، وأتفه من عقولهم التي زينت لهم أن هناك من يصدقهم! هذا الكلام السخيف الذي لا ينطلي على أحد يكتب في الصحف ويقال!! وإذا كان ذلك قد حدث في جامعة الكويت، فمن يدري: على من يكون الدور غدًا؟
وفي المثل: إنما أُكِلت يوم أُكل الثور الأبيض، فواجب على أصحاب الغيرة أن يتحركوا الآن في هذه القضية، وفي غيرها، ويكون لهم مساهمة، وأقل ما نستطيع أن نفعله هو مخاطبة المسؤولين وولاة الأمر، ومكاتبتهم.
أمر آخر: تلك الصحف الكويتية التي تنشر هذه المهاترات، وما هو أحط منها، قد سلطت سهامها، وأشرعت سيوفها على رقاب الصالحين، فما تركت لفظًا من ألفاظ السباب والشتائم في قاموس اللغة؛ بل وما ليس في قاموس اللغة، إلا وألصقته بهؤلاء الأخيار، وتكلمت فيهم وسبتهم، وشتمتهم وعيرتهم، وقالت الكلام البذيء المفجع المفظع، الذي لا يجوز أن يقال عن عامة الناس فضلاً عن خيارهم، ولو قال أحد الخطباء عشر معشار ذلك القول الفاحش عن بعض المارقين المعلنين؛ لرُمِي بقالة() السوء، وقيل له: أنت تكفر الناس.. أنت بذيء اللسان.. الإسلام دين الحب والرحمة والتسامح!! نعم. للأخيار أخطاء، ونحن لا نقول إنهم ملائكة، لكن إلى هذا الحد يصل العداء لأهل الدين!!
فما هو دورنا إذًا؟
إن أقل ما نستطيع أن نفعله أن نمنع دخول هذه الجرائد إلى بلادنا؛ لأنها تشترى وتباع وتتداول في كل مكان، ولو أنها قوطعت أو طولبت بأن تكف عن أعراض الأخيار، وأن تتكلم بعقل واعتدال ومنطق، لكان من الممكن أن تغير من أسلوبها تجاه هذه القضايا وغيرها، نحن لا نقول: لا تنتقد الأخيار، لا، ولكن تكلم بالحجة والبرهان، بالموضوعية والتعقل، بالمنطق، بالدليل، أما كونك تأتي بألفاظ السباب والتجريح دون دليل أوحجة؛ إنما هو مجرد بذاءة، وقلة أدب، فقلة الأدب لا يجوز أن نشتريها بأموالنا، ولا أن نساهم في نشرها وترويجها.
إن أقل دور يمكن أن نقوم به هو: منع دخول هذه الجرائد والمجلات إلى بلادنا، وبيعها في بقالاتنا، وإذا لم نفلح في منعها من الدخول، فإن أقل ما نستطيع أن نفعله أن نكلم كل أفراد المجتمع بوجوب مقاطعة هذه الصحف والمجلات، ومحاربتها، وشن حملة لا تتوقف عليها؛ حتى تتوقف هي عن النيل من ديننا، ومن كرامتنا، ومن مقدساتنا، ومن أخلاقنا، ومن الرجال الصالحين().
حلول مقترحة:
هناك بعض الحلول يمكن أن تساهم في إزالة تلك العقبات، أو تخفيفها في بعض الأحيان، من أبرزها:
1- مواصلة العلماء، وطلاب العلم، والدعاة الغيورين بكل ما يحدث داخل تلك المجتمعات، إنها ليست أسرارًا ولاخفايا، كيف وهي تنشر في بعض الصحف العالمية، فإذا تحدثت طالبة- مثلاً- أو راسلت أحد الدعاة، حُقق معها، بحجة أنها نشرت أسرار الجامعة، أو نشرت أسرار المستشفى، كيف يحدث هذا؟!
إننا يجب أن نطمئن جميعًا إلى الجو الذي تتعلم فيه أخواتنا، وتتعلم فيه بناتنا، ومن حقنا جميعًا أن نعرف كيف تعالج نساؤنا، وفي أي جو يعشن، ومن واجب المطلع على أحوال مجتمع ما، أن يساهم في التعريف وفي التصحيح.
2- ومن الحلول: النـزول للميدان مهما كانت التضحيات، فالهروب من هذه المجالات عبارة عن هدية ثمينة نقدمها بالمجان للعلمانيين والمفسدين في الأرض، وأرى-اجتهادًا- ضرورة خوض هذه الميادين، وتحمل الفتاة ما تلقاه في ذات الله – ?? ??? - إلا إذا خشيت على نفسها الفتنة، ورأت أنها تسير إليها فعلاً؛ لضعف إيمانها، أو قوة الدوافع الغريزية لديها، أو ما شابه ذلك، فحينئذ السلامة لا يعدلها شيء. ويجب أن تظل الدعوة هاجسًا قويًا للأخت مع كل الأطراف، فلا تعين الشيطان على أخواتها الأخريات، فحتى تلك التي يبدو فيها شيء من الجفوة في حقها، أو الصدود عنها، أو سوء الأدب معها، يجب أن تتحمل منها، وتتلطف معها، وتضع في الاعتبار أنها من الممكن أن تهتدي، والله تعالى على كل شيء قدير: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [القصص:56] .
3- من الحلول: أنه يجب على الدعاة والتجار والمخلصين أن يسعوا جاهدين إلى إقامة مؤسسات إسلامية أصيلة نظيفة، مستقلة.
لم يعد مستحيلاً إنشاء مستشفى نسائي خاص، ولم يعد مستحيلاً إقامة أسواق نسائية خاصة؛ بل هي موجودة بالفعل، ويجب أن تطوّر وتوسع، ولم يعد مستحيلاً إقامة مدارس نسائية خاصة، وليس من المستحيل إقامة جامعات خاصة بالنساء، في هذا البلد، وفي كل بلد.
وأعتقد أن الظروف الاقتصادية، والظروف العلمية، والظروف الإسلامية مواتية الآن لمثل هذه الأعمال، فقد طال تململ الناس من تلك الأوضاع الفاسدة في عدد من المؤسسات الصحية، والتعليمية، والإدارية، دون أن يطرأ عليها أي تغيير، ولم يجعلنا الله بمنه وكرمه بدار هوان ولا مضيعة، وهاهي أمم الكفر الآن قد سبقت في هذا المضمار.
وقد رأيت بعيني جامعات تضم ألوف الطالبات في قلب أمريكا، ليس فيها طالب واحد على الإطلاق، مع أن دينهم ليس هو الذي أملى عليهم ذلك، ولكنهم رأوا في ذلك مصلحة ما.
ولقد قرأت عددًا من الأخبار، أن هناك فنادق في ألمانيا وغيرها مخصصة للنساء، كما أننا نجد في بعض البلاد العربية والإسلامية بدايات لذلك، فمثلاً سمعت أنه في سوريا مستشفيات مخصصة للنساء.
وهنا لابد أن نشير إلى بعض البوادر:
إنّ هناك بعض الجمعيات الخيرية، وبعض الجهود الفردية كانت وراء إقامة مستشفيات ومستوصفات مخصصة للنساء، تحمي المرأة المسلمة من المشاكل والصعوبات التي تواجهها المرأة، حينما تذهب للتطبيب في المستشفيات العامة.
وهناك أيضًا جهود غير عادية لمحاولة إثارة قضيّة التمريض في أوساط البنات، ودعوتهن إليه بكل وسيلة، وتمنيات كبيرة من قبل المسؤولين في الاكتفاء بالممرضات الوطنيات -كما يقولون-.
وأؤكد أن هذا لن يكون أبدًا إلا إذا أوجدنا البيئة الصالحة، التي تستطيع الفتاة أن تجد فيها الحفاظ على دينها وأخلاقها، وهي تقوم بتمريض النساء من بنات جنسها، بعيدًا عن ارتكاب الحرام، وبعيدًا عن الاختلاط بالرجال.
فإذا كنتم تريدون فعلاً من بناتنا وبنات المسلمين، أن يدخلن معاهد التمريض، والمعاهد الصحية، فيجب أولاً أن توجد البيئة الصالحة التي تطمئن الفتاة، ويطمئن أهلها إلى أنها سوف تكون بهذا المكان المأمون المضمون، البعيد عما حرَّم الله.
أما أن يزج الرجل ببنته في مثل هذه البيئات، التي لا يأمن الإنسان فيها عليها، والتي يرى فيها من المنكرات الشيء العظيم، فلا أعتقد أن هذا ممكن أبدًا في أي حال من الأحوال، وحتى غير المتدين قد لا يتقبل هذا؛ لأن الفتاة إذا وصلت إلى هذا الحد من الامتهان؛ فإن المجتمع ينظر إليها نظرة خاصة، وأقل الشباب من يقبل الاقتران بها، وسط تعليقات الأصدقاء والأقارب وسخريتهم.
ثالثًا:- عدم التجاوب من الأخريات:
من العقبات التي تواجهها المجتمعات الدعوية النسائية، عدم التجاوب من الأخريات من النساء، ورفض بعضهن للدعوة. فبدءًا أقول: هذه الأمة أمة مجربة، فلست أنت أول من دعا؛ وإنما دعا قبلك كثيرون وكثيرات، وكان التجاوب كثيرًا وكبيرًا، والكفار الآن يدخلون في دين الله أفواجًا، فمن باب أولى أن يستجيب المسلمون لله وللرسول إذا دعوا إلى ما يحييهم.
فأما أسباب عدم التجاوب فتنقسم إلى:
أ- أسباب ترجع إلى المدعوة نفسها :
وذلك كأن تكون شديدة الانحراف، أو طال مكثها في الشر، وأصبح خروجها منه ليس بالأمر السهل، وأصبحت جذورها ضاربة في تربة الفساد، أو صعوبة طبعها، وعدم ليونتها، ووجود شيء من العناد، وقد يكون ذلك راجعًا لوجود قرينات سوء يدعينها إلى الشر. وهذا كله يمكن أن يعالج بالصبر وطول النَّفَس، والأناة، وتكثيف الجهود، وربط هذه الفتاة ببيئة إسلامية جديدة تكون بديلاًَ عن البيئة الفاسدة التي تعيش فيها، وقد يكون عدم قبولها للدعوة؛ بسبب كبر سنها كما مرَّ، فيعالج ذلك بالوسائل المناسبة.
ب- أسباب ترجع إلى الداعية نفسها:
ومن هذه الأسباب التي تتعلق بالداعية نفسها: عدم استخدامها الأسلوب المناسب الذي يتسلل إلى قلب المدعوّة ويؤثر فيها، وقد يعود ذلك إلى غلظتها وقسوتها، أو شدة تركيزها على أخطاء الآخرين، أو شعور الأخريات بأن الداعية تمارس نوعًا من الأستاذية أو التسلط، مما يحرضهن على مخالفتها ومعاندتها؛ لأنهن يرين عملها هذا مسّاً للكرامة، أو جرحًا للكبرياء، والشيطان حاضر، فيؤجج في الفتاة مشاعر الكبرياء والعزة، فترفض الدعوة ولا تقبلها.
أما علاج هذه العقبة، فيمكن حصره في الأمور التالية:
أولاً:أن تحرص الفتاة الداعية على استخدام أسلوب الالتماس، والعرض، والتلميح، دون المواجهة والضرب في الوجه، كلما أمكن ذلك، وألا تُشعر الأخريات باستعلائها عليهن، أو أنها فوقهن، ولا تشعرهن بالأستاذية، أو التسلط عليهن.
ثانيًا:ومن العلاج: العناية بشخصية المرأة: عقيدة، وثقافة، وسلوكًا، ومظهرًا، ومخبرًا، دون إهمال الأمور المعنوية المهمة والأساسية، بسبب الاشتغال بالقضايا المظهرية فحسب.
ومع الأسف، إن تسعين بالمئة من الأسئلة التي تصلني، لا تكاد تتجاوز شعر الرأس إلى أكمام اليدين، أو حذاء القدمين!! أين عقيدة المرأة؟! أين أخلاقها؟! أين معرفتها بعباداتها؟! أين معرفتها بالصلاة، بالصيام، بالحج؟! أين معرفتها بحقوق الآخرين؟! أين.. أين..؟
كل هذه الأمور لا تكاد تجد عنها سؤالاً! إنما تجد الأسئلة محصورة في موضوعات محددة جدًّا، وقد قلت ذلك من خلال استقراء لعدد كبير من الأسئلة التي وصلتني.. نحن لا نهوّن من أمر شيء من الدين، فالدين كله مهم، ولما قيل للإمام مالك في مسألة: "هذا أمر صغير"، قال: "ليس في الدين شيء صغير"، والله تعالى يقول: (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا) [المزمل: 5].
فالدين كله كذلك، لكن أيضًا رحم الله امرءًا وضع الشيء في موضعه، وهذا من الحكمة، فمثلاً: لماذا تهوّن من أمور القلب، وقد قال فيه المصطفى – ??? ???? ???? ???? -:"ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله" ()؟ فلماذا لا نعتني بالقلب وصلاحِه؛ إصلاحًا للظاهر أيضًا؟
ثالثًا:عدم تتبع الزلات والعثرات، فما من إنسان إلا وعليه مآخذ وله زلات، وليس من الأسلوب التربوي التركيز على ملاحظة الزلات، فقد كان رسول الله – ??? ???? ???? ???? - يثني أحيانًا، ويمدح الإنسان بخصال الخير الموجودة فيه، وكتب المناقب في البخاري، ومسلم، وكل كتب السيرة مليئة بمثل ذلك، فيثنى على الإنسان بخصال الخير الموجودة فيه؛ حتى ينمو هذا الخير ويكبر، وحتى يقتدي به الآخرون في ذلك، وليس من شرط ذلك مدح الإنسان بشخصه فقط، ولكن مدح الفئة، أو الأمة، أو الطائفة بالخير الموجود فيهم، يدعوهم ذلك إلى مزيد من الخير، وإلى التغلب على خصال النقص الموجودة لديهم. ولا يمنع هذا أن يُلاحظ على الفتاة أحيانًا شيء من النقص، فتُنصح به في رسالة، أو حديث أخوي مباشر، أو مكالمة هاتفية… أو غير ذلك، لكن لا يكون هذا هو الأصل؛ بل يكون أمرًا طارئًا، حدث لوجود غلط معين.
رابعًا: عدم محاصرة المرأة المخطئة أو المقصرة، أو المسارَعة في اتهامها، فنحن لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس، ولا أن نشق عن قلوبهم، ومالنا إلا الظاهر، ولسنا مغفلين بكل تأكيد، لكننا لا نطلق لخيالنا العنان في تصور فساد مستور، أمره إلى الله تعالى، إن شاء عذَّب، وإن شاء غفر، والله تعالى يقول:"رحمتي سبقت غضبي "()، فأحيانًا يتصور الإنسان فسادًا، أو يغلب على ظنه أنه واقع، لكن ليس هناك داعٍ للبحث عن حقيقته مادام أمره مستورًا، ليس عندك أدلة عليه، ولم يظهر لك، فدع أمر الناس للناس، فالأمور المستورة دعها إلى الله، فما ظهر منها شيء أخذناه به أما المستور فأمره إلى الله تعالى، وقد يتبين لك فيما بعد أن ما كنت تظنه، لم يكن صحيحًا، وأن الأمر كان بخلاف ذلك.
وبين اليقظة وسوء الظن خيط رفيع، فبعض الناس عنده تغفيل، والتغفيل مذموم، قد يرى الفساد فيتجاهله ويتغافل عنه؛ فينبغي أن يكون الإنسان يقظًا واعيًا مدركًا، وفي نفس الوقت ألا يسيء الظن بالآخرين.
موضوعات وكتب
كثيرًا ما يَسأل الإخوة والأخوات عن موضوعات وكتب يستفاد منها في الدعوة والتعليم، وسوف أشير إلى بعض الموضوعات وبعض الكتب التي أرى أنها نافعة - إن شاء الله تعالى-.
من الموضوعات المناسبة في مجال المرأة عمومًا، والمرأة الداعية خاصة، وهذه الموضوعات ينبغي أن تطرح في مجالس النساء، ودروسهن:
* موضوع الطهارة.
* موضوع التوبة.
* محبة الله تعالى.
* محبة الرسول – ??? ???? ???? ???? -.
* ثقافة الفتاة.
* اللباس والزي الشرعي،* وشروطه.
* نصائح للفتاة قبل الزواج.
* الأُخُوّة في الله،* ومعناها،* وفضلها.
* وبيان متى تكون الأُخُوّة دينية.
* ومتى تكون الأُخُوّة عواطف مذمومة.
* آثار المعصية على الفرد،* وآثار المعصية على المجتمع.
* التواضع وفضله.
* الأمانة.
* إصلاح القلوب.
* أنواع القلوب.
* أسباب صلاح القلب وفساده.
* أثر الإيمان باليوم الآخر على الفتاة.
* عذاب القبر ونعيمه،* ووسائل النجاة من عذاب القبر.
* أثر الإيمان بالقدر في حياة الإنسان،* وفي حياة المرأة.
* دور الفتاة في إصلاح المجتمع.
* دور الفتاة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
* آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،* وصفات الآمر والناهي.
* صفات الداعية.
* الولاء للمؤمنين،* والبراء من الكافرين.
* واقع المرأة الغربية وأسبابه.
* أسباب السعادة الزوجية.
* طريق تربية الأبناء،* ودور الأم في ذلك.
* سير ونماذج من حياة الصحابيات.
* موضوع أثر المسلسلات والأفلام على الفتاة.
* وسائل أعداء الإسلام لإفساد المرأة.
** حقوق الآخرين:
* حقوق الوالدين.
* حقوق الزوج.
* حقوق الإخوة.
* حقوق الأبناء.
* حقوق الأصدقاء.
* حقوق الجيران.
* أثر الجليس على الإنسان.
* قراءة القرآن،* وفضله،* وآدابه.
** موضوعات للمناسبات، مثل:
* الحج.
* الصيام.
* الإجازات الصيفية.
* الأحداث المتجددة القريبة والبعيدة.
* الأذكار والأدعية الشرعية.
أما فيما يتعلق بالكتب المفيدة المختارة، التي يمكن أن تعرض في بعض المناسبات، ويمكن أن توضع في مكتبة البيت، ويمكن أن تقرأها الفتاة، فأذكر منها:
* تفسير ابن كثير.
* العقيدة الواسطية.
* كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
* زاد المعاد.
* فتاوى النساء لابن تيمية.
* التحفة العراقية لابن تيمية في أعمال القلوب.
* إغاثة اللهفان لابن القيم.
* رياض الصالحين للنووي.
* تهذيب سيرة ابن هشام.
* قبسات من الرسول.
* الشمائل المحمديّة للترمذي.
* ومختصره للشيخ الألباني.
* الفوائد لابن القيم.
* صيد الخاطر لابن الجوزي.
* تلبيس إبليس لابن الجوزي،* على ثغرات فيه .
* حقوق النساء في الإسلام لرشيد رضا.
* معركة التقاليد لمحمد قطب.
* عودة الحجاب لمحمد أحمد المقدم.
* المرأة المسلمة المعاصرة للدكتور/ أحمد محمد بابطين.
* الموضة في التصور الإسلامي للزهراء فاطمة بنت عبد الله.
* كيف تخشعين في الصلاة؟ لرقية المحارب.
* عمل المرأة في الميزان للدكتور البار.
* النساء الداعيات لتوفيق الواعي.
* رسائل إلى حواء لمحمد رشيد العويد.
* كلمات إلى حواء لطائفة من الكتاب.
* دليل الطالبة المؤمنة لمحمد الخلف.
* سري وللنساء فقط للقطان.
* أفراح الروح لسيد قطب.
* مواقف نسائية مشرقة لنجيب العامر.
* إليك أختي المسلمة لعبد العزيز المقبل.
* رسالة إلى مؤمنة لمحمد رشيد العويد.
* فتاوى المرأة لمحمد المسند.
* كلمات عابرة لمحمد ميرزا عالم.
* ألو احذري التليفون.
* إليك،* إليك.
* وغيرها كثير.

الخاتمة
وفي نهاية هذا المطاف، أرجو أن أكون وفقت - ولو بعض التوفيق- في تقديـم بعض الحلول للأخوات المؤمنات، وإذا كان ثمت نقص أو إعواز؛ فإنني ألوم الأخوات الواعيات الداعيات قبل أن ألوم نفسي، فما هذه الكلمات والدروس إلا رجع الصدى لكلماتهن، ورسائلهن، واقتراحاتهن.
فهل تشحّين على نفسك -أيتها الغيورة- بالأجر من الله، والدعاء من عباده؛ إذ تتخلفين عن المشاركة، وتؤجلين، وتسـوفين؟
هذا وإنني لأدعو لكل أخت مسلمة- أو أخ مسلم- شارك في تجويد هذه الدروس، أو تجديدها، أو تطويرها، وإنني أعلن لجمهور القارئات والقراء أنني أقتات من مراسلاتهم، ومهاتفاتهم ومعاكساتهم، سواء كانت طرحًا لموضوعات، أو اقتراحًا، أو نقاشًا، أو نقدًا، أو نصيحة.. أو أي شيء.
فهلمّ ولا تبخلوا على أخيكم، ولا على أنفسكم، ولنا معكن- ومعكم- لقاء في حلقة ثالثة ضمن سلسلة: "من مكتبة المرأة"، وإلى هناك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليلة السبت 10 صفر 1413 هـ
بريدة

فهرس
الموضوع الصفحة


5 * المقدمة…………………………..
12 * معنى الالتزام………………………
16 * بين يدي الرسالة……………………
18 * المرأة والالتزام……………………..
20 * الدور السلبي………………………
25 * أيها الأحبة، أيتها الأخوات……………
28 * من صفات المرأة الداعية……………….
28 الصفة الأولى: العلم بما تدعو إليه…………..
29 الصفة الثانية: القدوة الحسنة……………..
33 الصفة الثالثة: حسن الخلق والتواضع ولين الجانب.
34 الصفة الرابعة: الاهتمام بالمظهر الخارجي…….
36 الصفة الخامسة: الاعتدال………………
39 * من مشكلات الدعوة النسائية………….
39 المشكلة الأولى: قلة عدد النساء الداعيات…….
47 المشكلة الثانية: صعوبة التوفيق بين العمل والدعوة والشؤون المنـزلية……………………
63 * عقبات في طريق الدعوة………………
63 أولاً: عقبات نفسية…………………...
66 ثانيًا: عقبات اجتماعية…………………
70 * حلول مقترحة……………………..
75 ثالثًا: عدم التجاوب من الأخريات…………
80 * موضوعات وكتب………………….
87 * الخاتمة……………………………
89 * الفهـرس ………………………

الهوامش









 


رد مع اقتباس
قديم 2012-12-22, 17:22   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الصحة النفسية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الصحة النفسية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أشكرك أخية على ما نقلتي فقط تنبيه هناك أيقونات ضاحكة أو مكشرة أمام الآيات القرآنية حاولي نزعها ، هناك الكثير من المواضيع التي رأيت فيها هذا الشيء من قبل ...........جزاك الله كل خير .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملتزمة, فتاة, هموم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:17

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc