الثورة في سوريا هي ثورة “من تم اقصاؤهم” ضد “محتكري موارد البلد”.
الثورة في سوريا هي ثورة من لا قيمة لأصواتهم في الإنتخابات ضد نظام أسهل أمر يقوم به هو تزوير الإنتخابات.
الثورة في سوريا هي ثورة ضد الفساد والظلم والمحسوبية والتهميش.
الثورة في سوريا هي ثورة ضد سياسة التجويع التي ينتهجها النظام بهدف إركاع وذل المواطن السوري.
الثورة في سوريا هي ثورة ضد حكام هذا البلد والمتسلطين عليه بدون وجه حق, وضد المتعاونين مع النظام الظالم ضد الشعب, و ثورة ضد المرتشين و المنتفعين من هذه السلطة بدون وجه حق.
الثورة في سوريا ليست ثورة طائفة ضد طائفة اخرى.
لماذا تم صبغ الثورة, في كثير من الأحيان, كثورة سنية من الناحية الدينية؟
نظراً للتصحر السياسي الذي تسبب به النظام السوري, خلال 42 عام, عبر مطاردة واعتقال المعارضين, والتهجم وافشال النوادي والاجتماعات السياسية, وملاحقة الأحزاب السياسية الوليدة وتفكيك الموجود منها في فترة ما قبل استلام عائلة الأسد السلطة. لم يجد الشعب السوري مخرجاً للتنفيس عن غضبه وابداء رأيه جماعياً إلا الاستفادة من التجمع المعتاد لأداء صلاة الجمعة اسبوعياً, أو تنظيم مظاهرات لا تنطلق من المساجد ويتم الدعوة إليها وتحديد مكانها عبر وسائل التواصل الإجتماعي.
إن الدعوات عبر وسائل التواصل الإجتماعي كانت ناجحة بشكل كبير في المدن ولم تنجح في القرى والأرياف, نظراً لفارق الثقافة ولعدم توافر الإنترنت واجهزة الكمبيوتر بالأرياف كما هي بالمدينة, (فمثلا بلدة الجيزة بدرعا لم تنظم مظاهراتها عبر الفيسبوك, بل نادوا إلى نجدة مدينة درعا انطلاقا من المساجد) لذا كان النجاح الأكبر لتلك المظاهرات التي تخرج من المساجد أيام الجمعة (في الشهور الأولى للثورة).
سبب آخر هو نجاح الثورة اليمنية, والتي سبقت الثورة السورية بأسابيع, بتنظيم مظاهرات تستفيد من التجمعات في صلاة الجمعة فتخرج من المساجد وتتجه إلى الساحات. إن نقل هذه المظاهرات على قنوات التلفزة دفعت الشعب السوري إلى تقليد نجاحها.
نظراً للبنية المؤسساتية في الدولة السورية التي قام ببنائها النظام الأسدي المجرم طوال 42 عام, فجعل المناصب العليا في الدولة لأشخاص من الطائفة العلوية, أو من الطوائف الاخرى لكن من مضموني الولاء. فنرى حالياً أن كبار ضباط الجيش السوري هم من الطائفة العلوية, وموظفي الدولة في المناصب الحساسة هم من الطائفة العلوية ايضاً, وبالنسبة لموظفي الدولة بشكل عام في مختلف المؤسسات الخدمية والأمنية نجد أن السواد الأعظم هم من الطائفة العلوية وبشكل لا يتناسب اطلاقاً مع نسبتهم بالنسبة للطوائف الاخرى. وهذا يتجلى بشكل واضح في دمشق, فالعلويين ليسوا من السكان الأصليين للمدينة ولكن تم جلبهم إليها وتوظيفهم واعطائهم المساكن أو غض النظر عن المساكن المخالفة التي قاموا ببنائها. فيمكنك الانتباه بوضوح حالما تطئ قدماك أرض مطار دمشق الدولي أن 80% من موظفي المطار هم من العلويين, ثم تدخل مؤسسة الهاتف فتجد ذات النسبة أو أقل بقليل, ثم تدخل إحدى المشافي العامة فتجد أن معظم موظفيها المثبتين هم من العلويين, ثم تسير في الطرقات فتجد الأكشاك والبسطات المخالفة والباعة المتجولين أن معظم هؤلاء من العلويين, فإما تم غض النظر عن نشاطهم المخالف أو أنهم زرعوا بشكل متعمد للتجسس والتلصص على أهل وسكان المدينة الأصليين. من هذه الأسباب التي ذكرناها في هذه الفقرة تم صبغ أن الثورة سنية ضد الحكم العلوي. ثورتنا ليست ضد الطائفة العلوية, وليس لنا أي ثأر معهم, لكن التجاوزات التي قام بها النظام في استخدامهم و توظيفهم في المناصب الحكومية والتجاوزات التي قاموا بها بأنفسهم من سوء استغلال تلك المناصب لابتزاز الناس, جعلت المراقب يقول أن ثورتنا هي ضد الحكم العلوي.
وكالات الأنباء العالمية ساهمت في صبغ الثورة كثورة سنية, فنجد أن أخبار رويترز مثلا تذكر في كل خبر متعلق بسوريا بأسفل الخبر فقرة تقول أن “البلد غالبية سكانها من المسلمين السنّة وتحكمها أقلية علوية”
دخول بعض القنوات الفضائية الخليجية التي كانت تناظر الشيعة على خط الثورة السورية, ودعواتها المستمرة إلى الجهاد وانقاذ السنة في سوريا وغير ذلك.
امتناع الأقليات الاخرى عن المشاركة في الثورة, أو المشاركة بها بشكل خفيف خشية انتقام النظام منهم. وأذكر هنا مقولة أخ مسيحي قالها لي عندما انتقدته بعدم المشاركة بالثورة فقال لي: “إذا كنتم أنتم السنة الأكثرية وتواجهون هذا القتل والإجرام من النظام, فما بالك نحن الأقلية إن شاركنا بالثورة؟!”.
سبب آخر بالنسبة للأقليات بعدم مشاركتهم بالثورة هم الخوف من وصول حكم اسلامي متطرف يعتبر هؤلاء من الكفرة والملحدين الذين يجب قتلهم أو اخراجهم من بلاد المسلمين. لكن نقول لهؤلاء أن الاسلام في سوريا هو اسلام معتدل ولن يقبل أحد بهذه الأفكار حتى من السنة أنفسهم. فمعظم الناس تريد حكم سني على الطريقة التركية أو الماليزية, ولا يقبل أحد بحكم سني على طريقة أبو مصعب الزرقاوي.
النظام السوري من بداية الأزمة اتهم الإخوان المسلمين بتأجيج الأحتجاجات, ودفع أموال إلى المتظاهرين للخروج في مظاهرات ورفع اللافتات المضادة للنظام. وبقي النظام يكرر هذا الإتهام حتى وقتنا الحالي, فقد وصف بشار الأسد الإخوان المسلمين في خطابه الرابع بإخوان الشياطين. وتكرار هذا في الإعلام كثيرا ولّد في العقول أن هناك حركة احتجاج مسلمة أو سنية.
بعض المشايخ ورجال الدين المحرّضين والمشجّعين على التظاهر هم من أهل السنة والجماعة, وأكثر شخص لمع نجمه في الإحتجاجات هو الشيخ عدنان العرعور, فقد سطع نجمه بعد النجاح الذي حققته فكرته بالتكبير من البيوت لتجاوز الإعتقال, وقد لاقت هذه الفكرة النجاح الكبير, وهوجم ومازال يهاجم في الإعلام الرسمي السوري صباح مساء, حتى إن وصف الثوار في المواقع المؤيدة للنظام هو “العراعير”. ومعروف أن الشيخ العرعور كان من المشايخ القلائل الذين يناظرون الشيعة على الهواء مباشرة في القنوات التلفزيونية. وبغض النظر عن مواقفه السابقة أو الحالية أو آرائه فهو يعتبر شيخ سني بامتياز.
كثرة المشايخ السنية التي دخلت على خط الثورة وقلة أو ندرة رجال الدين من الطوائف الاخرى ساهم أيضا بهذا التصور.
معظم الشهداء هم من الطائفة السنية, وذلك نظراً للتركيبة السكانية ونسبة المشاركة, و عند سقوط أحد الشهداء يتم تشييعه بالتأكيد من المسجد, والدعاء يستلمه بالطبع شيخ المسجد ويدعو ما شاء الله له أن يدعو ضد النظام والظالمين. هذا ولّد قيادات جديدة للثورة وشخصيات ووجوه جديدة هم شيوخ المساجد وأئمتها, وأعطى انطباع اضافي ان هؤلاء المتظاهرين يقودهم هؤلاء المشايخ السنّة. * ثائر*
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية