السلام عليكم
هدا ما قاله حفيظ لكن
لمادا لا يطبق هدا الكلام علي نفسه
يعيشون ويموتون في وطنهم رغم كل شيء
هواري بومدين مات رئيسا، ومحمد بوضياف اغتيل رئيسا، وأحمد بن بلة توفي رئيسا سابقا، وشخصيات وطنية مدنية وعسكرية عديدة عاشت وماتت بيننا ودفنت على أرض وطنها معززة مكرمة. وبيننا ما زال يعيش الرئيسان السابقان علي كافي وليامين زروال، وهو ما لم يحدث حتى في أكثر البلدان تحضرا وديمقراطية، وهو أيضا ما لا يحجب عنا تلك السلوكيات والعادات المشينة التي تطبع الكثير من تصرفات الساسة المنافقين والجاحدين والحاقدين والناكرين لأفضال الرجال وإنجازاتهم، والذين سعوا عبثا لطمس الحقائق التاريخية وتشويه سمعة وصورة من سبقوهم، ظنا منهم أن الشعب ساذج وغافل عما يفعلون، وأنه لا يعرف تقدير الرجال حق قدرهم، لكنه فاجأهم عندما بكى رئيسَه وترحم عليه، فخرج مشيعا ومتأسفا على فقدان الرجل الطيب كما وصف..
عشرون عاما بعد مغادرته الرئاسة، عاشها في وطنه بحلوها ومرها، وسط تقدير واحترام الكثيرين، وظلم وجفاء البعض سامحهم الله، انتقل الشاذلي بن جديد إلى جوار ربه وأقيمت له جنازة رئاسية تليق بمقامه وسط أهله وذويه وشعبه الذي وصفه بكل الصفات الجميلة، وبكاه بحرقة لأنه كان في نظره مخلصا ووفيا وملتزما، ولم يكن خائنا أو حاقدا أو أنانيا، وكأن التاريخ أنصفه على حساب كل من أساء إليه وتنكر لتضحياته مجاهدا وقائدا عسكريا ورئيسا في ظروف صعبة جدا، كان فيها برميل النفط يباع بتسعة دولارات، والديون بلغت عشرات المليارات، والعالم يتخبط في أزمة اقتصادية خانقة تلتها أزمة سياسية عصفت بشرق أوربا والكثير من الأنظمة في العالم، ثم أزمة وطنية كادت تعصف بكل الجزائر لولا حكمة الرجل الذي اختار التضحية بمنصبه من أجل وطنه..
صحيح أن مقتل المجاهد الرئيس محمد بوضياف يبقى وصمة عار في تاريخ الجزائر الحديث لأنه اغتيال جبان لأحد مفجري الثورة الذي لم يقدر الاستعمار على اغتياله، واغتيال لآمال وطموحات شعب كان بحاجة إلى رجل مثله في تلك الفترة. وصحيح أن الاختلالات والتناقضات والصراعات التي عرفتها الجزائر والخلافات بين الرجال كانت عديدة وكثيرة ودفعنا ثمنها غاليا.. لكن صورة الجزائر وهي تشيع الشاذلي والرؤساء السابقين بالكيفية التي شاهدها العالم وبكل "مظاهر" الإخلاص والوفاء والالتزام وما يمليه الواجب والشهامة، كانت فعلا تنم عن ثقافة وتقاليد عريقة نأمل أن تكون مخلصة وصادقة، يتوارثها الأجيال وتمتد لتشمل الأحياء من رجالات الوطن ونسائه الذين أدوا الواجب، قبل أن يدركهم الموت حسرة وألما من التجاهل المقصود والنسيان المبرمج، والافتراء والكذب في حقهم، وفي حق التاريخ والحاضر والمستقبل..
الأمر يصبح تقليدا نتوارثه عندما نتخلص من أنانيتنا ونتحلى بالشجاعة في كتابة التاريخ.. كل التاريخ، وعندما نكف عن الممارسات الصبيانية التي مارسناها ضد الذاكرة الجماعية لهذا الوطن، وضد بن بلة وبومدين والشاذلي وبوضياف وزروال لما غادروا الحكم، حتى أن صورهم كانت ممنوعة على شاشة التلفزيون في وقت ما، وذكر أسمائهم كان يخيف ويثير حفيظة كل من كانوا في الحكم دون استثناء، رغم أنهم أخفقوا ووفقوا وأخطؤوا وأصابوا مثل غيرهم، ورغم أن الشعب يكن لهم كل التقدير والاحترام..
تشييع بومدين وبوضياف وبن بلة والشاذلي إلى مثواهم الأخير بالشكل الذي شهدناه، وذكر محاسنهم بعد رحيلهم في وسائل الإعلام العامة والخاصة، لا يلغي من ذاكرتنا الجماعية ذلك الإجحاف الذي تعرضوا له، وتلك الصور والوقائع السلبية التي عاشها ويعيشها كل من سبقونا في خدمة الوطن، من إقصاء وتهميش وجفاء ونكران ونسيان، ولا تمحو كذلك صور الظلم بكل أشكاله الذي يتعرض له الشعب ويموت بسببه كل يوم مئات المرات، ويغتال في نفوس أبنائه الحلم بوطن أجمل وأفضل بكثير مما هو عليه اليوم.. ولكن أملنا في جزائر وفية متصالحة ومتسامحة، تقدّر الرجال وتسع الجميع.. يبقى أكبر من كل كبير، ومن كل الصعاب والمحن.
https://www.echoroukonline.com/ara/articles/144408.html