((الأدعيةُ، والتعوذات بمنزلة السلاح، والسلاحُ بضاربه، لا بحدِّه فقط، فمتى كان السلاحُ سلاحاً تامّاً، لا آفة به، والساعدُ ساعداً قويّاً، والمانعُ مفقوداً، حصلت به النكاية في العدوِّ، ومتى تخلَّف واحدٌ من هذه الثلاثة، تخلَّف التأثير، فإن كان الدعاءُ في نفسه غيرَ صالح، أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه، أو كان ثَمَّ مانعٌ من الإجابة، لم يحصل التأثير)) (1)، وإليك شروط الدعاء، وموانع الإجابة في المبحثين الآتيين:
شروط الدعاء
الشرط: لغة: العلامة، واصطلاحاً: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود، ولا عدم لذاته (2).
من أعظم وأهم شروط قبول الدعاء ما يأتي:
الشرط الأول: الإخلاص: وهو تصفية الدعاء، والعمل من كل ما يشوبه، وصرف ذلك كلّه للَّه وحده، لا شرك فيه، ولا رياء، ولا سمعة، ولا طلباً للعرض الزائل، ولا تصنعاً، وإنما يرجو العبد ثواب اللَّه، ويخشى عقابه، ويطمع في رضاه (1).
وقد أمر اللَّه تعالى بالإخلاص في كتابه الكريم، فقال تعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} (2)، وقال - عز وجل -: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (3).
وقال تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (4).
وقال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (5).
وعن عبد اللَّه بن عباس - رضي الله عنه - قال: كنت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((يا غُلامُ إني أُعلِّمك كلمات: احفظ اللَّه يحفظْكَ، احفظِ اللَّه تجدْهُ تُجاهك، إذا سألت فاسأل اللَّه، وإذا استعنت فاستعن باللَّه، واعلم أنَّ الأُمة لَوِ اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوكَ إلا بشيء قد كتبه اللَّه لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه اللَّه عليك، رُفعتِ الأقلامُ، وجفَّت الصُّحفُ)) (1).
وسؤال اللَّه تعالى: هو دعاؤه، والرغبة إليه؛ كما قال تعالى: {وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (2).
_________
(1) الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي للإمام ابن القيم رحمه اللَّه تعالى، ص36، دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى، 1407هـ.
(2) الفوائد الجلية في المباحث الفرضية لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد اللَّه بن باز، ص12، وعدة الباحث في أحكام التوارث للشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد، ص4.
(1) انظر: مقومات الداعية الناجح للمؤلف، ص283.
(2) سورة الأعراف، الآية: 29.
(3) سورة غافر، الآية: 14.
(4) سورة الزمر، الآية: 3.
(5) سورة البينة، الآية: 5.
(1) أخرجه الترمذي، 4/ 667، برقم 2516، وقال: حديث حسن صحيح، وأحمد، 1/ 293، برقم 2669، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 2/ 309.
(2) سورة النساء، الآية: 32.