الــرأس الطائــــر - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > خيمة الأدب والأُدباء

خيمة الأدب والأُدباء مجالس أدبيّة خاصّة بجواهر اللّغة العربيّة قديما وحديثا / مساحة للاستمتاع الأدبيّ.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الــرأس الطائــــر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-02-26, 18:27   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
kada70
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










Hourse الــرأس الطائــــر

حملق في الفراغ , ثم شدّ نفسا عميقا ساد لا ستار الصمت على عينيه , محاولا دفع شاشات الذاكرة للإقلاع و التحرك صوب النبض , فتح عينيه بهدوء مشوب بالتردد , يتلمس فيه صمت الجسد ... لاشيء يمنح الطمأنينة , حاول رفع يده وتخليل مفاصله , كرر المحاولة , بلا جدوى , الجسد صريع لا نفس فيه ولا حياة ولا رائحة للنبض , ا ليباب وحده يخنق الجسد و يحاصر الأجواء همس بها في سره , كأنه بدأ يستشعر شيئا مخيفا , لعله الشلل أو الموت , عادة يبدأ الموت اجتياحه من أسفل الجسد زارعا البرد والسواد على كل شيء , لكن الموت في مطلق الأحوال هو التوقف النهائي للنبض في الدماغ , لكنني أشعر بدماغي سليم وقوي ولولاه ما كنت الآن أفكر ولا حتى أتكلم... إذن ما هذا الذي يحدث لي يا إلهي ؟ ردد في صمت أنينه ,ثم انتفض .. لابد أن أجد حلا لهذه الحالة التي أصبحت عليها , ٍسأحاول أن أحرك رأسي لعلي أتحرر من هذه الحالة الغريبة ... رأسي يدور , ألتفت في كل اتجاه . أنني أجد سهولة في إدارة رأسي براحة تامة , لابد أنني أستطيع تحريكه أكثر أو حتى القفز به ولما لا , مادمت فقدت كل حركة في أطرافي ... سأحاول القفز , سأفعلها ...ها ...ها... هاأنذا أفعلها وأقفز كالجندب .... لقد نجحت ...هاأنذا أطير أيضا برأسي فقط , أجوب أرجاء الغرفة ...هاه ...إنني أنفصل عن جسدي , أفارقه , أضعه بين ناظري . ولكن ... يصمت , يتنفس بمنخريه محدثا صفيرا سيئا ,انه رأسي المفصول عن جسدي يصبح هو الآخر معاديا لي .. حاول أن يدفع نفسا إلى العمق , تأوها لهذه الحالة الغريبة التي صار عليها ... كيف يستطيع الآن مغادرة هذه الغرفة ... وكيف يكون رد فعل كل من يراه على هذه الحالة أيعقل أن يطير رأس مفصول , ويتكلم و كأنه يعتلي جسدا غير مرئي . أيعقل هذا ؟ خرج من الغرفة على تلك الحالة الغريبة , كان الصباح باكرا , متعود هو على أخذ الحافلة التى تتوقف بجوار بيته ليتجه إلى العمل ... هاهو يطير ... لا أحد في شارع , لابد أنه خرج باكرا , وحده في موقف الحافلة , نسمات البرد تهزه من الشعر , يتنفس ملء منخريه , فيحدث صوتا كالصفير الحاد , فينتبه لهذه الحالة ليلتفت حوله , لعل أحدهم يسترق السمع , فيسمع هذه العادة السيئة التي تثير التقزز .. عادة يخرج هذا الصفير من أسفل .... , لم يكملها , تذكر أنه وحده في موقف الحافلة ...... بينما هو غارق في هلوسته , وإذا بالحافلة تقف أمام أذنه , فيفتح له الباب , يدخل كما المركبة الفضائية , يحملق في السائق , يكزز في الغمض على عينيه لعله يعيش حلما , رأى رأسا قابعا مكان سائق الحافلة يعتلي المقود ... يفتح عينيه , يحاول فركهما بتقطيب حواجبه , ينطلق صوت القابض من عمق الحافلة كأنه الرصاص ... - تقدم يا هذا حتى لا ينغلق عليك الباب , أتريد أن تبقى كابسا على المدخل. كان القابض رأسا مفصول , يدوح في كل اتجاه , وكانت كل المقاعد تعتليها رؤوس نساء وشيوخ , و بعض الشباب أيضا , تبدو شعورهم لامعة من أثر الطلاء الزيتي المنسكب , الأعين ملتصقة مصوبة جهة الرواق الفارغ إلا منه ... هدأ من روعه مرددا في سره الحمد لله , إذا عمت خفت , يبدو أنني لا أعيش وحدي هذه الحالة الغريبة ... أتراهم يشعرون كما أشعر بوطء هذه الحالة لماذا هذا الصمت و الهدوء إذن ؟ عادة حافلات النقل الحضري تمتاز بتجميعها لصنوف من البشر المثرثرين , بعضهم لا هم له إلا ممارسة عقده أثناء الزحام , لكنهم اليوم عبارة عن رؤوس تبحلق وفقط , تتبادل مواقع التحديق والهمس , بعضهم يتحدث عن مشاريعه و أحلامه و عن خيباته في العثور عن مكان قار للعمل , و أخريات يتحدثن عن الزفاف الذي هن مدعوات فيه ... شدني حديث النساء , أيعقل أن يتم زفاف بين رأسين ... وكيف يحدث ذلك؟ كانت الأصوات تتضارب تقذف في خفوت مريب , وتواطؤ غامض . لماذا يتحدثون و كأن لاشيء حدث أو تغير, كأنهم عاديين بأجسادهم هل أنا أعيش حالة تخيل وحدي , أم أن شيئا أصاب نظري و صرت أرى الناس من حولي رؤوس مفصولة وفقط . لماذا لم ينتبه لحالتي أي واحد منهم ؟ لا أعرف حتى كيف نقدت ذاك القابض , عفوا ذاك الرأس الذي كان يصرخ في وجهي وكأني المعني بازدحام الرواق..... استفقت من تلك الحالة عند توقف الحافلة أمام مقر عملي , قفزت كالجندب ... انغلق الباب خلفي , رحت أدخل المقر , أجوب كل مكاتبه, لكنني ذهلت , لا غرابة تثار حولي كان كل رأس يمر بجانبي يحييني... صباح الخير سيدي . أرد : صباح الخير... دخلت مكتبي , اعتليت طاولته , وبقيت مقطبا حائرا , تأكلني الأسئلة ، كيف يمكني أن أجلس علي مقعد مكتبي و أنا بهذه الصورة رأس وفقط , وكيف أنجز عملي ؟ هل يكفي أن أصرخ ؟ أو حتى أنسج العبارات , أو أملي البيانات على الورق كي يقوم القلم وحده بخط كلماتي , أو أقوم بكل ذلك بفمي .. قلت في نفسي أنني لابد أن أستطلع كل المكاتب المجاورة لأتأكد من أن كل زملائي يعيشون نفس الحالة , وكيف يتصرفون حيالها , بدا الأمر غريبا , كان مكتب الأرشيف و المحاسبة أول مكتبين يقابلان مكتبي ... دخلت دون أن أفكر في كيفية الاستئذان أو حتى الطرق لأن الباب كان نصف مفتوح , دخلت وأنا أحمل ألف سؤال في حلقي المثقوب , عفوا التجويف الذي صار يطلق الأصوات السيئة , كانت الرؤوس متقابلة , و الأصوات تنطلق في كل اتجاه محدثة ضجيجا كأنها ألآلات رقن تتبادل إيقاع الكتابة , لم يأبه أحد منهم بدخولي , اكتفوا بتحديق فيّ لبرهة ثم استأنفوا الرقن بأفواههم , خمنت أن تلك الرؤوس قد تكون في لحظة مزايدة , كما تلك التي تحدث في البورصات العالمية , الكل مشرأب متوفز لشيء مبهم , اللغو ... ولاشيء غير اللغو ... قلت في نفسي أن تلك عادتهم حتى عندما كانوا بكامل أجسادهم , لكنهم اليوم لهم حجتهم في الثرثرة واللغو وتكاسل حتى ..... كيف يمكنهم أن يقوم بكل أعباء العمل إذن ؟ ... تسربت دون أن أشعرهم بشيء , رغم أنني لم أشكل لهم أي إزعاج بدخولي ذاك , لأنني شعرت أن دخولي وخروجي عندهم سيان , لم يعيروه أي اهتمام , هذا ما أبدته ملامحهم التي كانت تزداد تسارعا في تبديل أشكالها من تكشير الى ابتسام ... إلى تمثيل الحنق... اتجهت مباشرة إلى مكتب المديرة , كانت سيدة في الأربعين من العمر, ممشوقة القد , تسلمت إدارة المؤسسة بعد مقتل زوجها , يقولون أنه دفع روحه من أجل لاشيء جاءته مجموعة إرهابية , حاولت أن تأخذ منه مفاتيح سيارة العمل , فحاول المقاومة , ناوشهم فما كان من أحدهم إلا أن أرداه قتيل بطلقتين في الصدر, ثم حز رأسه وعلقه في مدخل المؤسسة , لا أعرف ما كان سيحدث لو كانت هذه الحالة الغريبة في ذلك الوقت , وكانت كل الناس عبارة عن رؤوس طيارة فقط , هل كان يحدث ما حدث , لأن حز الرؤوس بتلك الطريقة الموغلة في الوحشية لا يصبح في حالتي هذه يعني شيء , لا وجود لأجساد ولا وجود لأيدي كيما يكون العنف . لأن الصوت والكلمة هما كل شيء , ولا مبرر لعجز الحوار إذن , العنف ينشأ عندما تعجز الألسنة حاملة الفكر , المهم أن الكثير من العمال اعتبر أن منصب المدير جاء تكريما لتضحية زوجها على فقد روحه لأجل الحفاظ على الأملاك الشبه عمومية , أتعرف أن هذه التضحية لا معنى لها ...... لأعرف ...... المهم أن تلك المرأة صارت مديرة هذه المؤسسة التي أشتغل فيها , لهذا سوف أحاول أن أستطلع عن حالتها هي الأخرى , أأصابها ما أصاب الجميع من هذه الحالة الغريبة , وصارت هي أيضا رأسا طائرا , تتحدث فقط , كنت أعرف أنها كانت دائمة الصراخ في الرواق الذي فيه مكتبي , وكانت كثيرة التأخر أيضا رغم إلحاحها المر على الجميع بعدم الـتأخر , فقد كانت تقف مشدودة دافعة ظهر يدها إلى أعلى , وجه ساعتها جهة التحديق محاولة نفث غضبها على كل من يأتي متأخر ولو ببعض الدقائق , كنت أحاول أن أضع صورا أتخيل من خلالها ذاك الرأس الذي تحمله المديرة وهي تصرخ ملء فيها على الجميع .... بينما ذاكرتي تهتز و تتخلخل في اتجاه الأمكنة القصية كيما تلملم شيئا من تعب الزمن , وإذا بصوتها كالرصاص الثقيل يخترق أجواء طبلتي ... ماذا تفعل هنا ؟ أليس لك ما تفعله في هذا الوقت , كان رأسها وحده معلقا في الهواء , لم أميز فيه سوى حركية الاهتزاز الذي خلفه لسانها الذي بدا يتلوى كحبل ساحر فاشل , تدفعني بصوتها كي أرد ... لكنني بقيت مسمرا يجذبني جليد الذهول ...حتى المديرة لم تسلم من هذه الحالة الغريبة , كيف تراها تريدني أن أعمل , أو حتى أمارس أبسط حاجاتي الخاصة , لابد أن هناك مشكل ما في حقل بصري , أيعقل أن يصير كل الذين صادفتهم في هذا اليوم المشئوم مثلي وفي نفس صورتي ....رؤوس طيارة .. , لابد أنها في هذه الحالة تعمل شيئا أخر غير فعل الكلام , التفكير مثلا .. ولما لا ... الآن هم مجبرون على التفكير ... سنسمع عن حضارة فكرهم وعن تنظيرهم لكل مشاكل العالم , لن يبقى بعد اليوم شيء اسمه الإجرام أو الغزو , الرؤوس وحدها لا يمكن أن تفعل شيء من ذاك القبيل .... كانت الأيدي تنفذ أوامر العقل لكن اليوم لا أحد يحمل أيدي ولا جسد حتى ... ولكن تبقى مشكلة واحدة كيف يمكن أن يستمر نسل هذه الرؤوس فيما بعد , لابد أننا في غياب حل لهذه الأخيرة , سوف ننقرض ولن تكون هناك أجيال لرؤوس الطائرة . انتابني خوف مبهم ، مشوبا برغبة في الهرب من كل شيء , التفت ... قفزة عائدا بسرعة الريح إلى بيتي , لا أستطيع أن أستمر في مسايرة هذه الحالة الغريبة , لا يهمني ما يحدث حولي , يجب أن أفكر في حالتي ... دخلت غرفتي , رأيت جسدي ممددا في الركن كما تركته , قفزت ملتصقا مكززا على أسناني دافعا رأسي ليلتصق في مكانه , بقيت مدة لا أحاول فيها الحراك ... أغمضت عيناي ورحت في سفر بعيد على أمل أن أعود إلى سيرتي الأولى









 


رد مع اقتباس
قديم 2009-02-28, 10:50   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
مواطن فقط
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية مواطن فقط
 

 

 
الأوسمة
وسام الإبداع 
إحصائية العضو










افتراضي

أخي قادة لغتك راقية ..وتعابيرك مترابطة جميلة..لكن مواضيعك الطويلة ..تجعل القارىء يمل بسرعة..ولذلك لا يعلقون عليها....
أقترح أن تقسم القصة على قسمين ..وبذلك تبقى لمدةمتداولة..
..شخصيا سأقرأكل مواضيعك...
.0......لك خالص التحيات..










رد مع اقتباس
قديم 2009-03-01, 18:12   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
kada70
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










Hourse

جميل ياصديقي
يكفيني أن يقرأ لي إنسان مبدع مثلك
فأنا ادرك ان الكتابة لم تعد جماهريه والناس عزفت كل العزوف على القراءة
لهذا كان هذا النص القصصي الذي لن يتكرر مثله بعد اليوم على هذا المنتدى، لأنني أدرك أن الناس لا تقرأ
والكارثة أن العدوى انتقلت إلى الكثير ممن يدعي الكتابة وهو لا يحسن فن القراءة
شكرا صديقي بالمودة دائما










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:42

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc