![]() |
|
خيمة الأدب والأُدباء مجالس أدبيّة خاصّة بجواهر اللّغة العربيّة قديما وحديثا / مساحة للاستمتاع الأدبيّ. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() مدام دي لاتور في عام 1726 قدم هذه الجزيرة فتى من ((نورمان دي)) اسمه ((مسيو دي لاتور)) ليطلب رزقه في هذه الجزيرة المقفرة بعدما أعياه طلبه في فرنسا و عجز عن أن يجد له فيها معينا حتى من أهله و ذوي رحمه ، و كانت تصحبه زوجته و هي فتاة نبيلة ، جميلة الصورة ، كريمة الخلق ، طيبة العنصر ، أحبها و أحبته و أراد أن يخطبها إلى قومها فأبوها عليه لأنه كان فقيرا مقلا ، و لأنهم كانوا من المدلين بأنفسهم و بوفرهم و ثرائهم و مكانتهم في الهيئة الاجتماعية ، فلم يكن مما يهون عليهم أن يصهروا إلى رجل ليس من أكفائهم و لا من نظرائهم ، فتزوجها سرا بدون مهر و هاجر بها إلى هذه الجزيرة عله يجد سبيلا إلى العيش فيها ، فتركها هنا و سافر إلى جزيرة ((مدغشقر)) في الفصل الذي يوبأ فيه مناخها و يمتلئ فيه جوها بالحميات و الرياح السامة القاتلة ، فلم يلبث أن اشتكى شكاة ذهبت بحياته ، و كان يحمل معه بعض الأثاث و شيئا من المال فتناهبته الأيدي هناك كما هو الشأن دائما في تراث الغرباء من الأوروبيين الذين يموتون بعيدا عن أوطانهم في تلك الجزر النائية ، فأصبحت امرأته أرملة مسكينة لا سند لها و لا عضد ، و لا من يعينها على أمرها ، إلا جارية زنجية كانت قد ابتاعتها عند حضورها ببعض دريهمات ، و لم تكن تعتمد على ما يعتمد عليه أكثر المهاجرين المقيمين في هذه الجزيرة من عون الحاكم و مساعدته ، أو الصلة ببعض أصحاب الجاه و النفوذ ، لأنها كانت في نفسها اجل من ذلك و لأنها لم يكن يعنيها بعد أن فقدت ذلك الزوج الكريم الذي كان موضع آمالها ووجهة حياتها أن تكون لها صلة مع أحد من الناس كائنا من كان. أكسبها يأسها هذا قوة و جلدا و صحت عزيمتها على أن تعتمد في حياتها على نفسها ، و أن تتخذ لها قطعة من الأرض تستصلحها بيدها هي و جاريتها علها تجد فيها قوتها و مرتزقها. و الأرض في هذه الجزيرة على جدبها و إقفارها لا يعدم أن يجد فيها الإنسان بضع قطع خصبة صالحة للنماء و الاستثمار ، و لكنها كانت تريد العزلة و الانفراد و الفرار بنفسها عن أبصار الناس و أسماعهم ، فتركت المواضع الخصبة الميثاء و أوغلت في المجاهل البعيدة تفتش عن قطعة ارض معتزلة في سفح جبل أو بطن غور أو وراء منقطع لا يطرقها طارق و لا يمر بها سابل حتى وصلت إلى هذا المكان الذي نحن فيه ، فأعجبها منظره الهادئ المنفرد ، و سكنت نفسها إليه سكون الطائر الغريب إلى العش المهجور ، و كذلك شان البائسين و المنكوبين يشعرون دائما بحاجاتهم إلى الفرار بأنفسهم من ضوضاء العالم و جلبته إلى المعتزلات النائية القصية ، و المواطن الخشنة الوعرة كأنما يخيل إليهم أن صخورها و هضابها قلاع حصينة يعتصمون بها من كوارث الدهر و أرزائه أو كأنما يتوهمون أن هدوءها و سكونها يسري إلى قلوبهم و أفئدتهم فيروح عنها بعض ما بها و يملئوها راحة و سكونا. إلا أن العناية الإلهية _ التي تتولى حراسة الإنسان و تمده بلطفها و عنايتها من حيث لا يقدر و لا يحتسب و ترى له دائما خيرا مما يرى لنفسه _ أبت أن تسلمها إلى وحشتها و كابتها ، فأتاحت لها صديقة كريمة تؤنس وحشتها ، و تعينها على أمرها.
|
||||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
لاتور, مجال |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc