إن المشكلات التي تعصف بالعالم العربي والإسلامي اليوم كثيرة وخطيرة، وهي معروفة ولا داعي إلى إطالة الحديث فيها، ولا عاصم اليوم هذه المشكلات إلا شيء واحد، هو أن يتآلف المسلمون وتمتد فيما بينهم جسور المحبة والود، ومن ثم يلتقوا على كلمة سواء، هذا هو العاصم الوحيد لهم من مغبة هذه المشكلات، ولا يمكن لجسور الألفة والحب أن تمتد فيما بين قلوبهم إلا بشرط واحد لابدَّ منه، هو أن تفيض قلوبهم قبل ذلك بمحبة الله سبحانه وتعالى، ومن ثم بمحبة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فمحبة الله ومحبة رسوله إذا أينعت في القلب كانت في كيان الإنسان كجذع الشجرة، لابدَّ أن تتفرع من هذا الجذع أغصان لا نهاية لها، تتمثل في حب المسلم لأخيه المسلم، تتمثل في شبكة الوداد التي تتنامى بين أفراد المسلمين جميعهم.
أما محبة الله عز وجل فكلكم يقرأ الدليل عليها من كتاب الله سبحانه وتعالى، وحسبكم من ذلك قوله عز وجل: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} [البقرة: 2/165] ولا داعي إلى أقف بكم على المعنى الصريح الواضح لهذه الآية، فهذه من الآيات المحكمة التي لا مجال للتأويل فيها، ولا للشرود بها عن المعنى المبين الذي يتلألأ من خلال مضمونها.
وأما محبة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهي متفرعة عن محبة الله عز وجل، ولا يمكن لمن أحب الله ألا يحب رسوله، وحسبكم من ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما رواه الترمذي والحاكم على شرط الشيخين، من حديث عبد الله بن عباس: ((أحبو الله بما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب ا لله إياي)).
إذن لا تستقيم حياة العالم الإسلامي إلا إذا نهضت حياته على جذع من محبة الله عز وجل ومن محبة رسوله المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم.