-
بيان كلام السلف في الذب عن معاوية رضي الله عنه
و لعل أول من يطعن به المنافقون هو خال المؤمنين معاوية . و الطاعنون به كثر. و السؤال هنا لم كل الفرق الضالة تصب جام غضبها على خال المؤمنين معاوية ؟
الجواب لأن الطعن في معاوية مفضٍ للطعن في باقي الصحابة. فلا بد من الطعن به لشق الطريق للطعن بالصحابة، و بالتالي للطعن بالدين كله، لأن الصحابة هم القدوة الحسنة لنا و هم الذين نقلو لنا الدين بتعاليمه. فنجد مجرمي هذا الزمان من الشيعة و العلمانيين و المستشرقين و القوميين و الأباضية و الأحباش، كلهم مجمعون على كره هذا الصحابي الجليل. بعضهم يهدف إلى الطعن بباقي الصحابة و بعضهم ليبرر مسلك الحكام المرتدين اليوم. و بعضهم ليطعن بالإسلام و يقول أنه أتى بالطغاة منذ سِنينه الأولى. و هلم جراً.
بعض ما جاء من الاحاديث والاثار في فضل معاوية رضي الله عنه والذب عنه
ة و التابعين كالمعافى و أبي أسامة. السنة للخلال (2\435).].
قيل للحسن : «يا أبا سعيد، إن هاهنا قوماً يشتمون أو يلعنون معاوية و ابن الزبير». فقال: «على أولئك الذين يلعنون، لعنة الله»[رواه ابن عساكر في تاريخه (59/206).].
و جاء رجل إلى الإمام أبي زُرعة الرازي فقال: «يا أبا زرعة، أنا أبغض معاوية». قال: لم؟ قال: «لأنه قاتل علي بن أبي طالب». فقال أبو زرعة: «إن رَبَّ معاوية ربٌّ رحيم. و خَصْمُ معاوية خصمٌ كـريم. فما دخولك أنت بينهما رضي الله عنهم أجمعين؟!»[رواه ابن عساكر في تاريخه (59/141)، و ذكره إبن حجر في فتح الباري (13\ص86).].
و لذلك أمر الإمام أحمد بهَجرِ من ينتقص معاوية حتى لو كان من ذوي الرّحِم. فقد سأل رجل الإمام أحمد: «يا أبا عبد الله، لي خال ذكر أنه ينتقص معاوية، و ربما اختلفا معه». فقال أحمد مبادرا «لا تأكل معه»[ السنة للخلال (2\448). إسناده صحيح.].
ثانيا خالف الشيخ رشيد رضا عقيدة اهل السنة والجماعة في عدالة
الصحابة والكف عما شجر بينهم
وما صح فيما جرى بينهم من خلاف فهم فيه مجتهدون، إما مصيبون ولهم أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإما مخطئون ولهم أجر الاجتهاد وخطؤهم مغفور، وليسوا معصومين، بل هم بشر يصيبون ويخطئون، ولكن ما أكثر صوابهم بالنسبة لصواب غيرهم، وما أقل خطأهم إذا نسب إلى خطأ غيرهم ولهم من الله المغفرة والرضوان.
وقال ابن أبي زيد القيرواني المالكي في مقدمة رسالته المشهورة وهو يبين عقيدة أهل السنة: «وأن خير القرون الذين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليّ رضي الله عنهم أجمعين، وأن لا يُذكر أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب».
_وما ينقل عن الصحابة من أخبار فيها مثالب لهم على نوعين:
قال ابن تيمية رحمه الله:
"ما ينقل عن الصحابة من المثالب فهو نوعان:
أحدهما:
ما هو كذب، إما كذب كله، وإما محرف قد دخله من الزيادة والنقصان ما يخرجه إلى الذم والطعن. وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب يرويها الكذابون المعروفون بالكذب، مثل أبي مخنف لوط بن يحيى ، ومثل هشام بن محمد بن السائب الكلبي وأمثالهما من الكذابين. ولهذا استشهد هذا الرافضي بما صنفه هشام الكلبي في ذلك، وهو من أكذب الناس وهو شيعي يروي عن أبيه وعن أبي مخنف وكلاهما متروك كذاب وقال الإمام أحمد في هذا الكلبي: ما ظننت أن أحدا يحدث عنه إنما هو صاحب سمر وشبه. وقال الدارقطني: هو متروك. وقال ابن عدي: هشام الكلبي الغالب عليه الأسمار ولا أعرف له في المسند شيئا وأبوه أيضا كذاب. وقال زائدة والليث وسليمان التيمي: هو كذاب. وقال يحيى: ليس بشيء ،كذاب، ساقط. وقال ابن حبان: وضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه.
الثاني:
ما هو صدق وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوباً وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب وما قدر من هذه الأمور ذنبا محققاً فإن ذلك لا يقدح فيما علم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من أهل الجنة لأن الذنب المحقق يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة منها:
التوبة الماحية...ومنها الحسنات الماحية للذنوب فإن الحسنات يذهبن السيئات وقد قال تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم)،ومنها المصائب المكفرة، ومنها دعاء المؤمنين بعضم لبعض وشفاعة نبيهم فما من سبب يسقط به الذم والعقاب عن أحد من الأمة إلا والصحابة أحق بذلك فهم أحق بكل مدح ونفي كل ذم ممن بعدهم من الأمة"([منهاج السنة النبوية(5/81-82-83).]).
وقال ابن دقيق العيد: { وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه، فمنه ما هو باطل وكذب، فلا يلتفت إليه، وما كان صحيحا أولناه تأويلا حسنا، لأن الثناء عليهم من الله سابق، وما ذكر من الكلام اللاحق محتمل للتأويل، والمشكوك والموهوم لا يبطل الملحق المعلوم }. (أصحاب رسول الله ومذاهب الناس فيهم لعبد العزيز العجلان ص360).
قال العلامة ابن خلدون: «فإيّاك أن تعود نفسك أو لسانك التعرض لأحد منهم، و لا يشوِّش قلبك بالريب في شيء مِمّا وقع منهم. و التمِس لهم مذاهب الحق و طرقه ما استطعت، فهم أولى الناس بذلك. و ما اختلفو إلا عن بيّنة، و ما قاتلو أو قتلو إلا في سبيل جهادٍ أو إظهار حق. و اعلم أن اختلاف الصحابة رحمةٌ لمن بعدهم من الأمة ليقتدي كل واحد بمن يختاره منهم و يجعله إمامه و هاديه و دليله. فافهم ذلك و تبيّن حكمة الله في خلقه و أكوانه»
تاريخ ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٢١٨
يقول الإمام القرطبي رحمه الله :
" الصحابة كلهم عدول ، أولياء الله تعالى وأصفياؤه ، وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله .
هذا مذهب أهل السنة ، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة .
وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم ، فيلزم البحث عن عدالتهم.
ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال: إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك، ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء، فلا بد من البحث. وهذا مردود " انتهى.
"الجامع لأحكام القرآن" (16/299)
وقال الحافظ ابن الصلاح الشافعي :
( إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحساناً للظن بهم، ونظراً إلى ما تمهد لهم من المآثر، فكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك؛ لكونهم نقلة الشريعة، والله أعلم ) ، المصدر : مقدمة ابن الصلاح ص 146 ، 147
وقال الحافظ العراقي :
( إن جميع الأمة مجمعة على تعديل من لم يلابس الفتن منهم وأما من لابس الفتن منهم وذلك حين مقتل عثمان رضي الله عنه فأجمع من يعتد به أيضا فى الإجماع على تعديلهم إحساناً للظن بهم، وحملا لهم فى ذلك على الاجتهاد ) ، المصدر : شرح ألفية العراقى المسماة بـ ( التبصرة والتذكرة ) للعراقي ( 3 / 13 ، 14 )
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَر: [اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أنَّ الْجَمِيعَ عُدُولٌ، وَلَمْ يُخَالِف فِي ذَلِك إلا شُذُوذٌ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ](["الإصابة في تمييز الصحابة" (1/6).]).
لمّا سأل رجلٌ الإمام أحمد بن حنبل: "ما تقول رحمك الله فيمن قال:لا أقول إن معاوية كاتب الوحي، ولا أقول أنه خال المؤمنين، فإنه أخذها بالسَّيف غصْباً؟". قال الإمام أحمد: "هذا قول سوءٍ رديء، يجانبون هؤلاء القوم، و لا يجالسون، و نبيِّن أمرهم للناس". السنة للخلال (2|434). إسناده صحيح.
سئل المعافى معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال:"كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز". (المصدر نفسه 1/435). وعن الجراح الموصلي قال:سمعت رجلاً يسأل المعافى بن عمران فقال:يا أبا مسعود؛ أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان؟! فرأيته غضب غضباً شديداً وقال:لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد، معاوية رضي الله عنه كاتبه وصاحبه وصهره وأمينه على وحيه عز وجل. (أخرجه الآجري في الشريعة 5/2466، واللالكائي في شرح السنة 2785) وسنده صحيح.
وروى مالك عن الزهرى قال سألت سعيد بن المسيب عن أصحاب رسول الله ص فقال لي "اسمع يا زهري من مات محبا لأبى بكر وعمر وعثمان وعلى وشهد للعشرة بالجنة وترحم على معاوية كان حقا على الله أن لا يناقشه الحساب". وقال سعيد بن يعقوب الطالقانى سمعت عبد الله بن المبارك يقول:"تراب في أنف معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز. وقال محمد بن يحيى بن سعيد سئل ابن المبارك عن معاوية فقال ما أقول فى رجل قال رسول الله ص سمع الله لمن حمده فقال خلفه ربنا ولك الحمد فقيل له أيهما أفضل هو أو عمر بن عبد العزيز فقال لتراب في منخري معاوية مع رسول الله ص خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز".(البداية والنهاية 8/139). وقال ابن مبارك عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة قال ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب إنسانا قط إلا إنسان شتم معاوية فانه ضربه أسواطا".(البداية والنهاية 8/139)
يقول ابن قدامة المقدسي:"ومعاوية خال المؤمنين، وكاتب وحي الله، وأحد خلفاء المسلمين رضي الله تعالى عنهم".(لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد ص33).
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"واتفق العلماء على أن معاوية أفضل ملوك هذه الأمة، فإن الأربعة قبله كانوا خلفاء نبوة، وهو أول الملوك، كان ملكه ملكاً ورحمة..وَكَانَ فِي مُلْكِهِ مِنْ الرَّحْمَةِ وَالْحُلْمِ وَنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ خَيْرًا مِنْ مُلْكِ غَيْرِهِ ".(مجموع الفتاوى 4/478)، وقال:"فلم يكن من ملوك المسلمين خير من معاوية، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيراً منهم في زمان معاوية".(منهاج السنة 6/232).
و سُئِلَ الإمام أحمد عن رجُلٍ انتقص معاوية و عمرو بن العاص، أيقال له رافضي؟ فقال: «إنه لم يجترىء عليهما إلا و له خبيئة سوء. ما انتقص أحدٌ أحداً من أصحاب رسول الله إلا له داخلة سوء. قال رسول الله خير الناس قرني»[ السنة للخلال (2\447)، و كذلك رواه ابن عساكر في تاريخه (59/210).].
قال إبراهيم بن ميسرة: «ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب إنساناً قط، إلا إنساناًَ شتم معاوية فضربه أسواطا»[ رواه اللالكائي في أصول أهل السنة (7/1266).].
و قال أبو بكر المروذي للإمام أحمد بن حنبل: «أيما أفضل، معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟». فقال: «معاوية أفضل! لسنا نقيس بأصحاب رسول الله r أحداً. قال النبي r: خير الناس قرني الذي بعثت فيهم»[ السنة للخلال (2\434). إسناده صحيح. و قد روي مثل هذا عن كثير من الأئمة و التابعين كالمعافى و أبي أسامة. السنة للخلال (2\435).].
قيل للحسن : «يا أبا سعيد، إن هاهنا قوماً يشتمون أو يلعنون معاوية و ابن الزبير». فقال: «على أولئك الذين يلعنون، لعنة الله»[رواه ابن عساكر في تاريخه (59/206).].
و جاء رجل إلى الإمام أبي زُرعة الرازي فقال: «يا أبا زرعة، أنا أبغض معاوية». قال: لم؟ قال: «لأنه قاتل علي بن أبي طالب». فقال أبو زرعة: «إن رَبَّ معاوية ربٌّ رحيم. و خَصْمُ معاوية خصمٌ كـريم. فما دخولك أنت بينهما رضي الله عنهم أجمعين؟!»[رواه ابن عساكر في تاريخه (59/141)، و ذكره إبن حجر في فتح الباري (13\ص86).].
و لذلك أمر الإمام أحمد بهَجرِ من ينتقص معاوية حتى لو كان من ذوي الرّحِم. فقد سأل رجل الإمام أحمد: «يا أبا عبد الله، لي خال ذكر أنه ينتقص معاوية، و ربما اختلفا معه». فقال أحمد مبادرا «لا تأكل معه»[ السنة للخلال (2\448). إسناده صحيح.].
انظر عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وبيان عدالتهم وخطر الطعن فيهم رضي الله عنهم
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...82#post1820082