حذرت تقارير أعدتها دوائر شرق اوسطية محايدة، وحصلت عليها (المنـــار) من انزلاق الاوضاع في سوريا الى حرب اهلية وتناحر داخلي كارثي، وقالت الدوائر ان المساعي التي تقوم بها دول غربية، على رأسها الولايات المتحدة وايضا دول شرق اوسطية عربية واقليمية للدفع نحو اسقاط النظام المركزي واسقاط المؤسسة العسكرية السورية سيؤدي في حال تحقق الى فراغ امني وفوضى عارمة في المدن السورية، وسنشهد حربا اهلية تقضي على مقومات الدولة السورية الحديثة وسفكا للدماء بمقاييس غير مسبوقة في الشرق الاوسط.
وتقول الدوائر ان ما يحرك الولايات المتحدة واسرائيل ودول غربية في تعاملها مع ملف الازمة السورية ينبع بالاساس من الرغبة في عدم ابقاء اسرائيل وحيدة في خانة "الاختلاف" في الشرق الاوسط، وملء هذه "الخانة" بمزيد من دول الاقليات، بشكل يفتح الباب مستقبلا امام اقامة تحالفات امنية بين تلك الاقليات، ستكون اسرائيل الرابح الاكبر منها.
اما حول دوافع الدول الخليجية ودول عربية في مشاركة الولايات المتحدة واسرائيل ودول غربية اخرى في مساعي اسقاط الدولة السورية، تقول الدوائر ان القيادات في تلك الدول "محدودة الرؤية" وانه يجب تقسيم تلك الدول الى معسكرين، المعسكر الاول، يضم دول الخليج وبالتحديد السعودية وقطر، وهذه الدول هي دول قبائل ، حيث تحكم كل دولة قبيلة معينة او تحالف بين القبائل ، وهؤلاء يرغبون بالحفاظ على حكمهم وعلى استعداد للتحالف مع الغرب واسرائيل امنيا وسياسيا مقابل الابقاء على عروشهم مستقرة.
اما المعسكر الثاني، فيضم دولا تدرك حقيقة ما يسعى اليه المعسكر الغربي، وتتمنى من خلال تعاونها مع مساعي ومخططات تلك الدول ابعاد "كأس العلقم" عنها، لكن الحقيقة انه ليس هناك اي ضمانات لتحالفاتها مع المعسكر الغربي، كما ان صياغة الشرق الاوسط الجديد لا تتوقف عند حدود سوريا فقط، وانما ستمتد لباقي المناطق التي لم تشهد الاهتزازت الايجابية حسب المفهوم الامريكي ـ الاسرائيلي.
وتتحدث الدوائر عن الهزات التي تشهدها المنطقة وترى ان بداية تلك الاهتزازات وتغيير معالم الوطن العربي، بدأت في الانقسام الذي شهدته الاراضي الفلسطينية ونجاح تقسيم المعسكر الفلسطيني ليس سياسيا فقط وانما جغرافيا، وهو ما يجري اليوم تكريسه وتدعيمه من قبل العديد من القوى العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة بالاضافة الى اسرائيل للاهمية الاستراتيجية للابقاء على هذه الحالة الفلسطينية الشاذة.
وفي العراق هناك مخططات للتقسيم، ومن يزور "كردستان العراق" يدرك جيدا عن اي تقسيم نتحدث، وحقيقة ان هذا الاقليم قد قطع شوطا كبيرا في تحوله الى دولة مستقلة منفصلة عن حاضنة الحكم المركزي في بغداد، حتى اصبح هذا الاقليم يقيم التحالفات السياسية والامنية، تحالفات بدأت عشية الحرب على العراق وسقوط نظام صدام حسين، وظهرت بوضوح مع التدخل التركي والاسرائيلي في الاقليم، وحقيقة دور "البشمركة" ومعسكراته ، التي تحولت الى محطات لاجهزة الاستخبارات الاقليمية والعالمية العاملة ضد سوريا وضد العراق.
والسودان هي الاخرى لم تكن بعيدة عن الرغبة الامريكية الاسرائيلية في اعادة صياغة الشرق الاوسط، واقامة دولة "جنوب السودان" وهي عملية نقل سيادة على جزء من الارض السودانية العربية الى اقلية مسيحية. واسقاط النظام الليبي كان يهدف بالاساس ـ اضافة الى المكاسب النفطية للدول الغربية ـ الى اعادة "ابراز" الاختلاف القبائلي، وهو امر تم تحقيقه ونرى نتائجه اليوم على الارض من خلال الاقتتال بين القبائل. المحطة الاخيرة لهذا الاقتتال سيكون تقسيم ليبيا الى 3 اجزاء جغرافية بشكل يتم صياغته في هذه الايام.
وبالعودة الى الازمة السورية، ترى الدوائر ان ما يجري في سوريا سيقرر مصير تماسك الاراضي العراقية واللبنانية بالاضافة الى الشكل النهائي لحل القضية الفلسطينية ومدى تأثير هذا الحل على الدول المحيطة باسرائيل. فالهدف اليوم هو القضاء على الهوية العربية كاطار جامع لتلك الاقليات ، والدفع نحو انشاء كيانات للاقليات تجعل من السهل التأثير عليها والتحكم بها.