أود الاعتراف قبل كل شيء انه لست ادري أمن الوقاحة أن أفصح عما يجول في خاطري من أفكار عن العالم الذي يجب أن يسود الغد، وأن أنادي بكل بساطة بإلغاء ما تعارف عليه الناس من أنظمة منذ القدم، أم أن هذه الجرأة في طرح التطلعات الكبيرة هو ما نحتاجه اليوم أمام ما نعيشه من تحديات وما نعجز عن حله من مشكلات في ظل ما ألفناه من مفاهيم وقواعد تافهة ومقدسة في آن واحد. ومن هنا وبغض النظر عما سأرمى به من الجنون، أو من المثالية من البعض، لابد من التدبر في الأفكار التي تطرح، وعدم قبولها أو ردها إلا بما يدعمه البرهان، ويثبته الدليل.
لم تكن يوما مشكلة الإنسان العربي بشكل خاص متمثلة في الخمول أو الكسل أو قلة الحيلة والإرادة، وإنما ما ينقص الإنسان العربي حسب اعتقادي هو عدم التركيز على الهدف لعدم الاتفاق على الوسائل، فالكل يطمح إلى الوحدة والريادة، بيد أن كل واحد ينفرد بنهج يناقض نهج غيره ويعاديه، وما يحزن في كل ذلك أنهم يكتفون من كل نهج بشعاره، ومن ثمة الدفاع باستماتة عن كل شعار، فصارت الأهداف التي تسال لأجلها الدماء من قبل النخب البائسة، والتي كانت تعقد عليها آمال الصعود بالأوطان والأمة إلى خير أمة أخرجت للناس، مجرد أبواق مزعجة، تردد كلمات حول التقدم سئمتها الشعوب حتى زهدت في التقدم وصار كل فرد ذو وعي بأن إتباع أمثال هؤلاء من السذاجة التي تجاوزها الزمن، فتقلصت تطلعات كل واحد منا بما لا يعدو العيش في رفاه وليذهب الوطن والأمة إلى الجحيم.
من الشعارات التي صدعنا بها أشباه المثقفين، والتي تصب كلها في غاية الوحدة والتقدم، شعار العروبة والإسلام والديمقراطية والتنمية...حيث أصبحت أقراص تنويم أكثر منها منشطات اجتهاد، ومن هنا فلا يجب أن نحزن أبدا عند سماعنا لكل الشعوب العربية والإسلامية تنادي بصوت واحد: إنا بما تدعوننا إليه كافرون، وما يزيد من هذا الكفر المبرر حدتا، أن يرى الإنسان العربي البسيط في غمرة ذله وهوانه، وفي نفسه غصة حنقه، ذلك المثقف في أبهى الحلل، وأفخم القصور، تحدثه برقة أجمل الحسان، وفي رصيده الأجنبي ما يعجز هو نفسه عن قراءته لكثرة الأرقام، يحدثه أن يمارس حقه في الانتخاب لترسيخ الديمقراطية، ويدعوه للانضمام للأحزاب السياسية لان المشاركة السياسية من صفات المواطن المتحضر، دون النظر إلى حقوق أولى يجسدها الحق في اللقمة قبل الحق في الانتخاب، أو الدعوة لأصحاب المصالح والنفوذ والسلطة لترك الإنسان أن يبقى إنسان حتى لا يكون شيء غيره، قبل الاهتمام بتحضيره، أو مقارنته بالمواطن الأجنبي.
ومما تقدم يبرز التباين الذي وصل حد العداء بين المثقفين والعوام، وهذا بعد أن تخلت النخب عن التعبير عن تطلعات الشعوب، والدفاع عن مصالحهم، ومن ثمة الجري وراء نماذج جاهزة صنعتها لهم عقول الغرب بقلوب مريضة ونفوس حاقدة، والسعي لتطبيقها في مجتمعاتهم رغم أنف الحكام والشعوب على حد سواء.
بعد كل هذا ألا يحق لجيل جديد من العقول العربية والمسلمة أن يعيدوا ترتيب الصفوف بما يعيد الثقة والوحدة بين النخب فيما بينها، مما سيؤهلها للعودة للعب دور القاطرة التي تقود الشعوب نحو القمة التي طالما حلم بها الجميع، فتتوحد الوسائل، ويزداد بريق الهدف، فتزداد اللهفة لبلوغه في أقرب الآجال، ومن خلال ذلك تحيا الهمم وتفجر الطاقات وتحدث المعجزات.
ومن هنا ورغم ادعائي أن نظام الأهرامات هو البديل الذي يناسب ويلائم كل الشعوب المتطلعة لدخول التاريخ من أوسع أبوابه، وبناء عالم أكثر نظاما من العالم الحالي، سأقر انه لا يزال إلى حد الآن مجرد مسودة تحتاج إلى مراجعة، كما أقر انه لا تزال بعض الأسئلة المتعلقة بهذا النموذج عالقة إلى الآن، لكن رغم كل شيء وبغض النظر عن مدى واقعية هذه الفكرة، لا يجب إنكار فضل المحاولة في البحث عن الحلول العالقة واقتراح البدائل.
والحقيقة انه لم أجد اسما لهذه المحاولة غير اسم نظام الأهرامات، هذا الاسم الذي قد يحمل للعرب والمسلمين أكثر من دلالة، فهو يعبر عن الشموخ والصمود الذي يميز الأهرامات التي لم تمحها القرون إلى اليوم، لتكون الأعجوبة الوحيدة الباقية من بين جميع عجائب الدنيا السبع، إضافتا إلى أن الأهرامات رمز من رموز شعب من شعوبنا العربية المسلمة، وهي مصر الصامدة صمود أبو الهول، والتي كانت الأهرامات خيرا عليها، فنسال الله أن يكون خير على المسلمين كافة، وان يخلصنا من التبعية للغرب في كل شيء.
من النقاط الهامة التي تجدر الإشارة إليها كذلك في هذا الموضوع، انه في حالة وجود أناس أرادوا تطبيق هذا النظام، فأنصح بأن لا تكون بالنداء والدعوة بتطبيقه بشكل مجمل، لان هذا التصرف سيجعل من الهدف شعار يضاف إلى مئات الشعارات التي ينادى بها في أوطاننا، وإنما لابد من العمل على خلق نواة هرم مهما كان تخصصه، وذلك بخلق تكتل يضم جميع أطياف النخب والمتخصصين في كل مجال، والعمل على التنسيق بين مختلف المؤسسات مهما كان حجمها في المجال، وإنشاء خزينة وبرنامج للهرم، أي باختصار خلق هرم كامل لا ينقصه إلا الاستقلال، كل ذلك دون تهويل إعلامي، ثم بعد ذلك المطالبة باستقلاله دون اللجوء للعنف، وان أراد الله أمرا فلا راد له.
وفي الختام اشكر إخواني وأخواتي الذين ساهموا في نشر المواضيع المتعلقة بفكرة الأهرامات الحاكمة جزيل الشكل، وأدعو لهم المولى عز وجل بالتوفيق والصلاح، وان يجعل كل جهد بذلوه في ميزان حسناتهم، والحق انه قد أذهلني التفاعل الكبير مع القدر القليل مما نشر عن نظام الأهرامات، وهذا ما قوى في نفسي الإيمان بوجود القوة البشرية العظيمة التي لا تزال تنتظر المشروع الحقيقي لبناء المجد فتتبناه وتعمل على تجسيده، كما زاد يقيني بدنو النصر الموعود من الله ورسوله لهذه الأمة المتوضئة، لهذا لا أجد غير القول لهؤلاء أن نظام الأهرامات ليس غايته بناء مجد شخصي وإنما يرمي لبناء مجد امة بل ومجد امم، ومنه فهو لا يخص فلان أوعلان من الناس وليست الغاية منه أن ينسب لأحد حتى لنفسي، بل ما ارجوه أن يساهم فيه الجميع، لا سيما الشباب المثقف، حتى يكون عصارة مجموعة عقول هذه الأمة، ويكون نفعها على هذه الأمة، وعلى جميع أمم الأرض، ومنه أدعو الشباب أن يدونوا وينشروا مواضيعهم في نقد أو شرح هذا النظام حتى تتنوع الرؤى وتصحح الأخطاء، ويزول الغموض، وان يطرحوا أسئلة، فقد يكون سؤالك لم يتفطن إليه أحد، وان تقدم اقتراحات وحتى بدائل، صحيحة كانت أم خاطئة، وستأجر بإذن الله في الحالتين، وليكن شعارنا، "معا لبناء مجد هذه الأمة".
ح.س
يمكن تحميل الموضوع بصيغة pdf على الرابط التالي:
https://www.4shared.com/office/lBbtiGnO/______.html?