لقد أعطتنا المدنية كل أسباب النعيم وهيأت لنا التكنولوجيا الحديثة مالم يخطر لنا على بال,ثم إنها مع هذا العطاء تسلبك أشياء تعز بها وتتمتى عدم زوالها,ولكنها سنة الحياة:نعيم وحرمان,يسر وعسر.
وتحضرني قصة الحطاب الذي كان يسكن بجوار"قصر الغني"يبيع ما يحتطب,قانعا هو وعائلته بما رزقه الله,يغني أول الليل وسرعان ما يداعب الكرى جفنيه فيكون في سبات عميق,ويحسده جاره الغني الذي يشكو من الأرق والسهر,ولا يجد سببا ظاهرا لسعادة الحطاب,فيهديه تفكيره إلى أن يعطيه مبلغا كبيرا من المال,وينتظر ما يصنع,فإذا الغناء يصير أنَّات,وإذا الجفون يهجرها النوم,وإذا الحال يتبدل والأفكار تتكاثر:أين أضع المال؟وأين أنفقه؟ومذا أصنع لو هاجمني لص؟إلى ذلك من الهواجس,سلبته السعادة التي كان يعيش فيها,والصحة التي كان يتمتع بها,ويعود إلى سيرته الأولى لتعود إليه سعادته.
تلك حال الإنسان في هذا الزمان,ولكنه لا يمكنه أن يرد ما أعطي,فهو في نهم زائد,واستكثار من الرخاء والمال,لعله بذلك يجد الوسيلة إلى السعادة والهناء,وهيهات أن يبلغ ما يتمنى,وهذا ما نسميه بالتوتر العصبي.
وللتوتر العصبي و الاضطرابات النفسية الأثر الشديد على حياة الفرد.إذا كان لا يمكنه أن يتكيف والبيئة التي يعمل بها,والمجتمع الذي يعيش فيه,ولقد أخدت حالات الانتحار تزداد يوما بعد يوم,والكثير ممن يحاولون الانتحار لا يتعرضون لذلك,إلاللفت النظر إليهم,والإهتمام بهم,وكذلك كان للتوتر العصبي الأثر السيئ على حياة الأسرة من جميع وجوهها المادية والإجتماعية والأخلاقية,وكم من أسرة انفك عقدها وتقطعت أوصالها,لتوتر أعصاب عائلها,وفشله في حياته وتعرض أسرته للضياع.
للموضوع مرجع.
أخوكم/عبد الباسط بن علية