مسلسل عمر بعد الفتوى..ماذا عن الأثر
الاثنين 11 رمضان 1433 الموافق 30 يوليو 2012
مهنا الحبيل
ليس جديدًا أن تأخذ مواسم الدّارما الرّمضانيّة حالة جدل كبيرة في السّاحة الثقافيّة والشّرعيّة، إثر تضمّن هذه الموادّ ما يُعتقد لدى الشّرعيّين أو بعضهم أو تيّار منهم موادّ مخالفة لتعاليم الشّرع أو لرؤيتهم الدّينيّة، لكنّ جدل هذا العام اختلف كلّيًّا -على الأقلّ- من زاوية أنّ فكرة العمل الفنّي الذي تعاقد على إنتاجه تلفزيون قطر وشبكة الـ (إم بي سي) كان يُعلن مضمونًا فكريًّا من قضايا الوعي الإسلاميّ الكبرى، وهو تجسيد سيرة عمر الشّهيرة والموثّقة، في العدالة الاجتماعيّة والسّياسة، بعمل فنيّ دراميّ ضخم، وليس هناك خلاف بين كلّ هذه الأطراف على مشروعيّة نشر سيرة عمر، إنّما القضية كانت في تجسيد الصّحابة بشخصيّات مباشرة، ثم طريقة التّجسيد في الحضور النّسائيّ وغيره، والتي يرى فريق المعارضة الشّرعيّ أنّه أصلٌ لا تسوّغه المنفعة الكبرى من هذا العمل.
وبالتّالي أخذَ الزّخم خطابًا دينيًّا شرسًا تجاوز في بعضه على المجيزين بعبارات حادّة وعنيفة اتّهمتهم في دينهم وأعراضهم، وبدا ذلك واضحًا في الإعلام الجديد، وفي حلقة روتانا خليجيّة التي نفى فيها الشّيخ خالد المصلح مشاركته للعلماء المجيزين للعمل الفنّي، وحجم الإرهاق النفسيّ الذي بدا واضحًا عليه، كُلّ ذلك أعطى المسلسل زخمًا كبيرًا مع حملة المنع القانونيّ التي زادها اشتعالاً إعلان مسؤول خليجيّ رفيع معروف بخصومته العنيفة مع التّيار الإسلاميّ تشجيعه لهذه الحملة على حسابه في التويتر، في حين أعلن أميرٌ آخر من أثرى شباب أُسر الحكم في الخليج مناهضته الشّديدة للمسلسل وتعهّده بإيقافه.
كلّ ذلك هيّأ ميلادًا مختلفًا للمسلسل جعل حالة التّرقّب الإعلاميّ له كبيرة جدًا، وهو ما أثّر على زاوية الخطاب الوجدانيّ والعقليّ الضّمنيّ لمتابعة المسلسل، وهي زاوية لم يهتمّ لها الكثير؛ إذ بدا واضحًا أنّ ذلك الصّخب والحوار والأحاديث المتعدّدة التي احتكرها طاش الغائب هذا العام وباب الحارة التي تصنع بطولاتها على الشّاشة الإعلاميّة الحيّة الثّورة السّوريّة في تجسيد لا تمثيل دراميّ امتنع هذا العام، وحّل محلّهما مسلسل عمر وأحداثه ومتابعة الجمهور العامّ له، هذا الجمهور وإن شاركت شريحة منه بقراءة السّيرة العُمريّة وعظمتها الإنسانيّة.
إلاّ أنّ الاستطلاعات في مواضيع اهتمام جمهور الشّاشة العربيّ تؤكّد أنّ حجم الاعتناء بهذه التّرجمة وبعدها الإنسانيّ والإصلاحيّ السّياسيّ، وإعلان كرامة الفرد والدّفاع عن حقوقه ونكران ذات الخليفة عمر لنفسه -وهو الممثّل لرئاسة أكبر إمبراطوريّة في العالم- كان ضعيفًا من ناحية قيمة معرفة الشّباب والتلّقي الوجدانيّ والعقليّ، ومع أنّ الحلقات في بدْئها إلاّ أنّه كان كافيًا أن تُسجّل حضورًا كبيرًا متطلّعًا لتلك الأحداث الكبيرة التي خطّها التّاريخ في سيرة عمر القائد والإنسان، من هنا تطلّ علينا نافذة أخرى وهي تزامن هذا البعث الفكريّ لإنسانيّة وعدالة عُمر مع أجواء الرّبيع العربيّ الباحث عن حقوق الفرد ودولة العدالة، وعمر هو من كان يصرخ بها في الزّمن القديم قبل إقرار الدّساتير الحديثة: متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أُمهاتهم أحرارًا... وهو ذاته القائل للفتى القبطيّ اضربْ بسوطك نجل أمير مصر عمرو بن العاص واقتصّ لذاتك، وأدرْ السّوط على صلعة أبيه؛ فما ظلمك إلاّ بنفوذ أبيه.
هذا المسار الجديد الذي يقتحم علاقة الفن العربيّ بقضايا الوعي الإسلاميّ، لا أظنّ أنه سيتوقّف وقد يُحقّق جوانب إيجابيّة ضخمة، وإن كانت لا تسوّغ بعض التّجاوزات الشّرعيّة في منظور الغالبيّة في بعض القضايا، لكنّه بابٌ انفتح وشاركت لجان العلماء بضبطه بأعلى درجة ممكنة، وخاصّة في مادته الفكرية هي برنامج إيجابيّ مهمّ، ليُحقّق العمل الدّراميّ مساره الفكريّ، بغض النّظر عن الخلافات التي لن توقفه بحسب ما تقرّه التّجربة أو التّاريخ الدّراميّ، وليس هناك من شكّ بأنّ هوليود التي غزت العالم العربيّ بعد أن أطبقت على العالم الغربيّ صنعت ثقافة كراهيّة وازدراء للإسلام وللعرب، مدفوعًا بأموال وقدرات الحركة الصهيونيّة، في حين بُحّ هتاف الرّاحل الكبير المخرج السينمائيّ مصطفى العقاد بمنافسة هذه الآلة ما دام العرب يتفنّنون في تضييع أموالهم أو استثماراتهم دون عائدٍ مجزٍ، وحسبك من عقود الرّياضة وشراء الأندية دليلاً وشاهدًا.
والعقاد هو الذي قدّم للتّاريخ العربيّ المعاصر دليلاً لتأثير الفنّ السّابع من خلال فلمه العظيم عمر المختار الذي اُحتُضن من كلّ العرب وسوّقته التّيارات الدينيّة المختلفة بإعادة منتجته، وقد أكّد أسد الصّحراء كيف يصنع الفلم في وجدان الوطن العربيّ لبطولة عمر المختار الحقيقيّة تاريخ حاضر وصورة ناصعة تَبهتُ كلّ افتراء، فما بالك بعمر الأكبر؟ هل تستطيع أن تنقل الدراما أو الفنّ السّابع في عمل آخر مستقبليّ حقيقة عظمة الأسطورة؟ الحقيقة التي صنعها الإسلام كدلالة رشاد وعدالة مذهلة للتّاريخ الإنسانيّ، لا أظنّ أنّ عملاً فنّيًّا يستطيع حصر ذلك الشّاهد العالميّ العظيم في عملٍ فنيّ، ولكن ربّما يرمز بنجاح كبير حين يقترب من شخصيّته فيقول للعالم: هكذا أنقذت رسالة محمد النّبيّ العربيّ الأمين الأرض وهاهم تلامذته.. فاسمع يا تاريخ عدالة وحرية الزّمن العتيق.
الوعي السلفي التقدمي في الخليج
المستهلك في السعودية غير
"أطفال الحرية" تهزم القوة الإرهابيّة
عيد غزّة...لا يزال الشهداء يغنون
الرطيّان. . مقال محجوب
سلام الله على المسيح.. لا يرضى الإقصاءَ ولا التحريض
غازي القصيبي حديثٌ لذاكرة التاريخ
تطلّعات الشعب السعودي في يومه الوطني
بين إقالة (ماكرستال) ووعد الملا عمر
الحقوق العدلية فريضة شرعية
المخرج من فتنة استرخاص الدم
في ظلال أحداث القصيم والرياض!
لماذا نرشِّد الهمّة العالية..؟(4/4)
المعنى المفقود!
(ديموقراطيّة أمريكا) و (ليبراليّة طالبان)
الثورة في مصر قالت:
الطرح الغوغائي والإسهام في تشويه الدعوة
سنة أولى عنف ... رؤية في سوسيولوجية العنف /3
الجمل .. وصفين [16]
المسار المستقبلي للعمل الإسلاميّ