بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا زال الكثير من الخطباء - للأسف الشديد -على المنابر عند حديثهم عن موضوع الزكاة وبالضبط عن عقوبة وإثم تارك الزكاة يوردون استدلالا واستشهادا قصة باطلة عن الصحابي الجليل ثعلبة بن حاطب ويكفرونه ويفسقونه ويصفونه بأقبح الأوصاف والنعوت استنادا لتلك القصة الباطلة. ومع أن الأمر يتعلق بصحابي جليل من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم شهد غزوة بدر وشهد له الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم بالنجاة من النار إلا أن الكثير من الخطباء ومن ورائهم الكثير من الناس لا يتورعون عن اطلاق ألسنتهم بالسوء سبا وطعنا وقدحا وقذفا في هذا الصحابي الجليل ولا أحد يكلف نفسه عناء التحقق من صحة القصة وكأن الأمر يتعلق بزنديق من زنادقة الفرس أو الروم وليس بصحابي من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم نهينا أصلا عن الخوض في أعراضهم.
ولقد تكلم العلماء ونبهوا على بطلان هذه القصة لذلك وجب علينا أيضا من باب التبليغ نشر أقوال العلماء لعل الناس يكفون عن الطعن في هذا الصحابي البدري.
.................................................. .
ثعلبة بن حاطب (رضي الله عنه)
قال الله تعالي " وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ {75} فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ{76} فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ {77} " التوبة
ذكرت كثير من كتب التفسير والأسانيد وغيرها أن المقصود بهذة الآية الصحابي الجليل ثعلبة بن حاطب رضي الله عنه و ملخص القصة التي ذكرتها تلك التفاسير " طلب ثعلبة من الرسول الدعاء له بكثرة المال فقال عليه السلام ( ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه ) ثم عاود ثانيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما ترضى أن تكون مثل نبي الله لو شئت أن تسير معي الجبال ذهبا لسارت ) فقال : والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني مالا لأعطين كل ذي حق حقه . فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم؛ فاتخذ غنما فنمت كما تنمي الدود، فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها ونزل واديا من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة، وترك ما سواهما . ثم نمت وكثرت حتى ترك الصلوات إلا الجمعة، وهي تنمي حتى ترك الجمعة أيضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا ويح ثعلبة ) ثلاثا . ثم نزل " خذ من أموالهم صدقة " [التوبة : 103] . فبعث صلى الله عليه وسلم رجلين على الصدقة، وقال لهما : ( مرا بثعلبة وبفلان - رجل من بني سليم - فخذا صدقاتهما ) فأتيا ثعلبة وأقرأه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : ما هذه إلا أخت الجزية انطلقا حتى تفرغا ثم تعودا . وتكرر ذلك فرفض الرسول أخذ الزكاة منه ومن بعده ابو بكر وعمر . . .
و السؤال : كيف نخرج صحابيا جليلا من الدين ونتهمة بالكفر بأسانيد ضعيفة باطلة
أولا : و أول قادح في هذه القصة ان ثعلبة ممن شهد بدر ( اي بدري) وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " وقال ايضا " لا يلج النار من شهد بدرا " و عن جابر أن عبدا لحاطب جاء رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يشكو حاطبا فقال يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية .
فائدة : صحابة النبي هم خير الناس ينبغي تجليلهم وتوقيرهم و لا ينبغي ان نتكلم عنهم دون علم الا بخير .
ثانيا : أخذ الزكاة من عدمها ليس بحرية أحد : لأنها حق الله في المال ولابد من ان تجبي و لا يحق للرسول صلي الله عليه وسلم الا يأخذ الزكاة من أحد . و كيف بأبي بكر الذي حارب الناس علي منع الزكاة ؟؟
فائدة : الكتب فيها خبث كثير وتحتاج الي ( منخل ) لبيان هذا الخبث وهذا المنخل ( او المصفاة) هم أهل العلم . فيما عدا البخاري ومسلم لابد من سؤال اهل العلم عن كل حديث وكل واقعة .
الشيخ أبو إسحاق الحويني
https://www.alheweny.ws/new/play.php?catsmktba=678
.................................................. .
السؤال
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ،هل قصة ثعلبة بن حاطب التي ذكرتها الآية من سورة التوبة (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله...) والحديث الذي ذكر فيها إسناده صحيح أم لا أجيبونا جزاكم الله خيرا؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه .....أما بعد:
فقول الله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ) (التوبة:75) .
ذكر كثير من أهل التفسير في سبب نزولها قصة أخرجها الطبراني في الكبير وابن جرير في تفسيره وغيرهما عن أبي أمامه رضي الله عنه أن ثعلبه بن حاطب الانصاري أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً، قال : ويحك يا ثعلبة! قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه، ثم رجع إليه فقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً : قال ويحك يا ثعلبة! تريد أن تكون مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لو سألت أن يسيل لي الجبال ذهباً وفضة لسالت، ثم رجع إليه فقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً، والله لئن آتاني الله مالاً لأوتين كل ذي حق حقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ارزق ثعلبة مالاً، فاتخذ غنماً فنمت كما ينمو الدود حتى ضاقت عنها أزقة المدينة فتنحى بها وكان يشهد الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يخرج إليها، ثم نمت حتى تعذرت عليه مراعي المدينة فتنحى بها، فكان يشهد الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يخرج إليها، ثم نمت فتنحى بها فترك الجمعة والجماعات فيتلقى الركبان ويقول ماذا عندكم من الخير وما كان من أمر الناس، فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها...) قال: فاستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقات رجلا من الأنصار ورجلا من بني سليم وكتب لهما سنة الصدقة وأسنانها وأمرهما أن يصدقا الناس وأن يمرا بثعلبة فيأخذا منه صدقة ماله، ففعلا حتى ذهبا إلى ثعلبة فأقرءاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدقا الناس فإذا فرغتما فمرا بي ففعلا، فقال : والله ما هذه إلا أخية الجزية! فانطلقا حتى لحقا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم
وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ.. إلى قوله يكذبون ) [ التوبة : 75] ، قال : فركب رجل من الأنصار قريب لثعلبة راحلة حتى أتى ثعلبة، فقال: ويحك يا ثعلبة هلكت! أنزل الله عز وجل فيك من القرآن كذا، فأقبل ثعلبة ووضع التراب على رأسه وهو يبكي ويقول : يا رسول الله يا رسول الله، فلم يقبل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقته حتى قبض الله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتى أبا بكر رضي الله عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا بكر قد عرفت موقفي من قومي ومكاني من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل مني، فأبى أن يقبله، ثم أتى عمر رضي الله تعالى عنه فأبى أن يقبل منه، ثم أتى عثمان رضي الله تعالى عنه فأبى أن يقبل منه، ثم مات ثعلبة في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه " .
هذه القصة لا تصح أبداً وقد ضعفها الأئمة رغم اشتهارها عند المفسرين، قال القرطبي في تفسيره : " قلت وثعلبة بدري أنصاري وممن شهد الله له ورسوله بالإيمان حسب ما يأتي بيانه في أول الممتحنة، فما روي عنه غير صحيح. قال أبو عمر: ولعل قول من قال في ثعلبة أنه مانع الزكاة الذي نزلت فيه الآية غير صحيح " انتهى .
وقال ابن حزم في المحلى :" وقد روينا أثراً لا يصح، وفيه أنها نزلت في ثعلبة بن حاطب وهذا باطل لأن ثعلبة بدري معروف " انتهى .
وقال المناوي في فيض القدير :" قال البيهقي: في إسناد هذا الحديث نظر وهو مشهور بين أهل التفسير "، وقال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الأحياء : " أخرجه الطبراني بسند ضعيف " وقال محد بن طاهر في تذكرة الموضوعات : " ضعيف "، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة :" ضعيف جداً " .
وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف :وهذا إسناد ضعيف جداً، وضعف القصة أيضاً الذهبي في ميزان الاعتدال، والسيوطي في أسباب النزول وغيرهم.
والراجح في تفسير الآية ما ذكره ابن حجر : أن ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله ) الآية : قال هؤلاء صنف من المنافقين فلما آتاهم ذلك بخلوا فاعقبهم بذلك نفاقاً إلى يوم يلقونه ليس لهم منه توبة ولا مغفرة ولا عفو، كما أصاب إبليس حين منعه التوبة " انتهى .
والله أعلم .
مركز الفتوى
إسلام ويب
https://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/S...ang=A&Id=15817