روى البخاري ومسلم عن أبي مسعود قال جاء رجل من الأنصار يكنى أبا شعيب ، فقال لغلام له قصاب : اجعل لي طعاما يكفي خمسة ، فإني أريد أن أدعو النبي صلى الله عليه وسلم خامس خمسة ، فإني قد عرفت في وجهه الجوع ، فدعاهم ، فجاء معهم رجل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن هذا قد تبعنا ، فإن شئت أن تأذن له فأذن له ، وإن شئت أن يَرجع رَجَع . فقال : لا ، بل قد أَذِنْتُ له .
قال العيني : فإن قلت كيف استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على الرجل الذي معه ، وقال في حديث أبي طلحة في الصحيح لمن معه : قوموا . قلت : أُجِيب بأجوبة : الأول : أنه علم من أبي طلحة رضاه بذلك فلم يستأذن ، ولم يعلم رضا أبي شعيب فاستأذنه . وذَكَر بقية الأجوبة .
فائدة :
قال العيني : ومثل هذا الرجل الذي يتبع بلا دعوة يُسمى طفيليا ، منسوبا إلى رجل من أهل الكوفة يقال له طفيل من بني عبد الله بن غطفان كان يأتي الولائم من غير أن يُدعى إليها ، وكان يُقال له : طفيل الأعراس ! وهذه الشهرة إنما اشتهر بها من كان بهذه الصفة بعد الطفيل المذكور ، وأما شهرته عند العرب قديما فكانوا يسمونه الوارش بالشين المعجمة ، هذا إذا دخل لطعام لم يُدع إليه ، فإن دخل لشراب لم يدع إليه يسمونه الواغل بالغين المعجمة . اهـ .
والذي يَظهر لي أن الطعام إذا صُنِع لعامة الناس فلا حَرَج في الأكل منه ، خاصة عندما ما تكون الدعوة فيه عامة .
وهذا ما يُعرَف عند العلماء بدعوة الجفلى .
قال ابن قدامة في المغني : والجفلى في الدعوة أن يَعمّ الناس بدعوته ، والنقرى هو أن يخص قوما ما دون قوم . اهـ .
وقال أيضا : ولا تقبل شهادة الطفيلي وهو الذي يأتي طعام الناس من غير دعوة ، وبهذا قال الشافعي ، ولا نعلم فيه مخالفا ... ولأنه يأكل محرما ، ويفعل ما فيه سَفَـه ودناءة وذهاب مروءة ، فإن لم يتكرر هذا منه لم تُردّ شهادته ، لأنه من الصغائر . اهـ .
والله تعالى أعلم .