الفرع الثالث : شفوية المرافعة
الأصل أن القاضي الجنائي يجري تحقيقا في الجلسة بغرض تكوين عقيدته في الدعوى ,وما قيمة التحقيق الأولي إلا تكملة إقتناع القاضي ,ومبدأ شفوية المرافعة يعني طرح كل دليل في الدعوى للمناقشة ,والهدف من ذلك هو التعرف على الحقيقة ولكن ترد عليه إستثناءات أهمها :
-إمكانية تلاوة أقوال الشاهد بالجلسة دون أن يثبت أن الطاعنين إعترضوا على ذلك وها لايعتبر إخلالاّ بحق الدفاع
-المحاك الإستئنافية تحكم على مقتضى الأوراق فلا تجري من التحقيقات إلاّ اللازم منها ولاتلزم إلاّ بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم امام محكمة أوّل درجة .(2)
(1) م 236 ق.إ.ج ] يقوم الكاتب تحت إشراف الرئيس باثبات سير المرافعات ولا سيما أقوال الشهود وأجوبة المتهم .ويوقع الكاتب على كذكرات الجلسة ويؤثر عليها من الرئيس في ظرف ثلاثة أيام التالية لكل جلسة على الأكثر.[
*/د.جلال ثروت .المرجع السابق ص 158.
*/د.مولاي ملياني بغدادي .المرجع السابق ص 374.
*/د.عوض محمد عوض .المرجع السابق ص 627.
(2)أ.طاهري حسين .المرجع السابق ص 91.
*/د.محمد أحمد عابدين .إجراءات الدعوى مدنيا وجنائيا .المرجع السابق ص 652.
*/د.عوض محمد عوض .نفس المرجع السابق ص 602.
المطلب الثاني : حضور المتهم والمرافعات
الفرع الأوّل : حضور المتهم
يكلف المتهم بالحضور إلى المحاكمة تكليفا صحيحا (1). وإلاّ إتسمت بالبطلان ,وينبغي على المتهم الحضور شخصيا بإستثناء تقديمه عذرا مقبولا .ويكون الحكم الصادر بشأنه حكماً حضورياً في الحالات التالية :
-عندما يجديب لنداء اسمه ثم يغادر قاعة الجلسة بمحض إرادته.
-الذي يقرر التخلف عن الحضور رغم أنّه حاضروذلك برفضه الإجابة .
-الشخص الذي يحضر الجلسة الأولى ثم يتخلف عن باقي الجلسات .
وعلى المتهم أن يحضر بنفسه في جميع حالات المحاكمة أمام المحاكم الجزائية على إختلاف أنواعها ويجب أن يحضر كذلك المتهم الجلسة دون قيود في يده أو أغلال لأن ذلك يؤثر عليه وعلى معنوياته ويقلل من شعوره بالعدالة ,وينتابه شعور بأنّه مازال داخل الزنزانة وهذا مانصت عليه المادة 293 ق.إ.ج .
إن الوسيلة التي عن طريقها يكلف المتهم بالحضور أمام المحكمة هي ورقة التكليف بالحضور التي تبعث إليه قبل مدة زمنية من الجلسة ,و يجب أن تتضمن ورقة التكليف التهمة المنسوبة إليه ومواد القانون التي تنص على العقوبة ,وتعلن إلى الشخص نفسه أو في محل إقامته أو تسلم إلى أحد المقيمين معه,وبالنسبة للمحبوسين يتم إعلانهم عن طريق مأمور السجن بتسليمه ورقة الإعلان .
(1) لابد أن يحتوي التكليف على البيانات التالية :
أ- اسم المدعي وصفته (وكيل جمهورية أو ممثل النيابة ) والمحكمة التي يعمل بدائرتها.
ب- اسم المتهم والمسؤول عن الحقوق المدنية عند اللزوم وصفته ومحل اقامته ومن خاطب القائم بالتبليغات وسلمه نسخة التكليف بالحضور .
ت- اسم القائم بالتبليغ ورقمه وتوقيعه وهو ما يسمح بالتأكد من اختصاصه باجراء التكليف بالحضور .
ث- المحكمة التي رفع أمامها النزاع ومكان وتاريخ الجلسة .
ج- الواقعة التي قامت عليها الدعوى مع الإشارة إلى النص القانوني الذي يعاقب عليها وتكليف المتهم بالحضور لسماع الحكم عليه بشأنها , وذلك حتى يتمكن من اعداد دفاعه .
ح- تاريخ تسليم التكليف بالحضور باعتباره ورقة رسمية .
وهذه البيانات نصت عليها المادة 13 ق.إ.ج والمادة 44 ق.إ.ج.
1/ الإستعانة بمدافع :
لم يشترط القانون وجود محام مع المتهم في كل المحاكم .بل إنّه جوازي في المخالفات والجنح ووجوبي في الجنايات ,ولكن اذا حضر مع المتهم مدافع فمن واجب المحكمة أن تتيح له فرصة الدفاع بكل حرية وفي إطار القانون , وأن تمكنه من أداء دوره الذي أعطاه إياه الدستور (1).
وهذا ماضمنته الإتفاقيات الدولية ,والخاصة بالحقوق السياسية والمدنية في المادة 14 منها تحت عنوان الضمانات الخاصة بالتقاضي والتي ذكرت من بينها عبارة :"الحصول على الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعه والإتصال بمن يختاره من المحامين ".(2).
والجدير بالملاحظة أنّه لايجوز أن يتخذ من عدم حضور المحامي أو عدم إستعداده للدفاع ذريعة لطلب تأجيل نظر الدعوى مالم يكن ذلك راجع لعذر قهري .أما وإن رفضت المحكمة مع وجود هذا العذر كان حكمها باطلا لإخلاله بحق الدفاع .ومن المهم جداً أن نتطرق لطبيعة العلاقة التي تربط المتهم بالمحامي والتي اختلف حولها الفقه . حيث أن الشريعة اللاتينية و الأنجلو سكسونية تريان أنها علاقة وكالة ,أي المحامي وكيل عن صاحب الدعوى .ولكن هناك رأي مخالف له وهو –لجان ايتوان- الذي يرى أنهاى علاقة خدمة عامة ,تنتفي عنها صفة الوكالة في حالة المحامي المنتدب من المحكمة ,لكن الرأي الراجع أن وكالة المحامي هو عقد يخضع لأحكام القانون المدني وهي لها خصائص ومميزات .(3).
هناك سؤال مهم يطرح نفسه :هل حق الدفاع هو حق بالمفهوم الفني لكلمة حق أم حرية أو امتياز ؟ فالإجابة عنه أنّ حق المتهم في الدفاع في مواد الجنايات هو حقر بالمفهوم الفني كفلّه الدستور وأوجبه على عاتق الدولة في حالة عدم استعانته بمحام .أما في مواد الجنح فيظهر لنا على أنه ينبغي أن يسمى بالحرية أو الإمتياز لأنّه جوازي والشخص له حرية كاملة في الإستعانة بمدافع أو عدم الإستعانة به .دون أن تلتزم الدولة بتحقيقه .(4).
(1) د.جلال ثروت.المرجع السابق ص 200.
(2) د.جابر إبراهيم الراوي .المرجع السابق ص 221.
(3) أ.طاهري حسين .المرجع السلبق ص 92.
(4) الندوة الوطنية للقضاء الجنائي .الديوان الوطني للأشغال التربوية ص 63.
2/ واجبات الدفاع وحقوقه :
من واجبات المحامي الدفاع لدى القضاء عن موكله , فيقوم بإبداء آراء والإستشارات إلى المتقاضين ,وحظ يقوم بكل إجراء ,ويجب أن يتدخل في كل تدبير قضائي ,وله رفع كل طعن لصالح موكله ,ومن الواجبات أيضا ممارسة الدفاع في إطار القانون .
أما حقوقه فهي متمثلة في الطلبات التي يبديها وهي كثيرة تتجلى كلها أثناء المحاكمة لدى محكمة الجنايات وهي متمثلة فيمايلي :
*طلب التأجيل :
قد تختلط بمفهومه عدة طلبات منها كأن يطلب دفاع المتهم تأخير القضية الخاصة به حتى ينتهي من قضية اخرى ,فأخرتها المحكمة و لكن المتهم اعتقد أنّ قضيته أجلت إلى يوم آخر فانصرف ,ولما جاء موعد قضيته ونودي عليه ولم يمثل أمام المحكمة فنعتبره غائبا ويمثله دفاعه وتستمر اجراءات محاكمته بشكل عادي ويعد ذلك إخلال بحق الدفاع من طرف المحكمة ,فإنصراف المتهم من المحكمة قبل أن يثبت من مصير قضيته رعونة منه ,فيتحمل هو تبعتها .
كما قد يطلب المتهم التأجيل اذا قدم للمحكمة بجلسة المرافعة مستند ولم يبقى للمتهم الإطلاع عليه واعترض على تقديمه في ذلك وطلب التأجيل لغرض الرد عليه وتاويله لمصلحته ولكن المحكمة لم تجب إلى طلبه وقبلت المستند وإعتمدت عليه في تكوين اقتناعها ,كذلك من أمثلة طلب التأجيل عندما يطلب المتهم مهلة ليحصل على مدافع عنه في حين أنها طلبت هي منه ان يدافع عن نفسه عند تخلي محاميه عن الدفاع عنه وهو متهم بجنحة فيها حق الدفاع جوازي ,واذا رفضت هنا التأجيل فلا تكون قد اخلت بحق الدفاع ,كما قد ترفض التأجيل غير الجدي إذ كان الهدف منه عرقلة مسير الدعوى فهذا ليس اخلالا بحق الدفاع أيضا ومما سبق نستخلص أنّه للمحكمة سلطة تقدير طلبات التأجيل ,فتجيب للطب الضروري وترفض ما لا ترى فيه اهمية وضرورة.
في حالة قبول المحكمة لطلب التأجيل فليس لها الرجوع عن أمرها من دون اخطار المتهم وتنبيهه بذلك ,ويكون للمتهم الطعن في حكمها بالنقض اذا لم يكن له طريق ىخر وللمحامي في حالة السبب القهري للغياب ان تمهله فرصة كافية لتحضير دفاعه وإلاّ فإنها تكون أخلت بحق الدفاع ,أما إذا تخلف المحامي عن الحضور ولم يقدم عذره واستمر السير في الدعوى وبالمقابل أصر المتهم على تمكينه عن حقه في الدفاع بواسطة محام آخر غير الذي استعان به وكان غائبا فعند ئذ يجب على المحكمة تأجيل الدعوى .
ويتنافى حق طلب التأجيل اذا تم إعلان المتهم بميعاد الجلسة بغعلان صحيح ,كما نص عليه القانون وهو لم يمثل وتم رفض التأجيل وتمت المحاكمة غيابيا فلا يعد هذا إخلالا من المحكمة بحق الدفاع .
*/ طلب التحقيق :
إنّ المحكمة لما تريد أن تكون اقتناعها ,فذلك الإقتناع يتأتى لها من كل الادلة المطروحة أمامها سواء اتجهت كلها لإدانة المتهم أو تبرئته ,ومهما كان نوعها سواء شهادة شهود أو كتابات .
وفي صدد كل هذا يلجأ المتهم إلى تقديم طلب التحقيق في الأدلة, و لكن اذا كان هذا التحقيق لا يؤثر في إدانته لأنها ثابتة قي دلائل اخرى فلا جناح على المحكمة إن أهملت طلبه ,فإن قامت المحكمة بتحقيق دليل في الدعوى وكان هذا الدليل غير منتج في نفي التهمّة عن المتهم وباقي الأدلة المعتمد عليها ,أدت إلى نتيجة الإدانة فهذا لايؤثر في
سلامة الحكم ,لكنه من زاوية اخرى يقع على عاتق المحكمة اتمام تحقيق ربداته بغرض الوصول إلى الحقيقة فإن لم تتمه وعدلت عنه دون ذكرها لسبب العدول فإنّ حكمها يكون معيباً.(1).
إذا تم التنازع عن طلب التحقيق ,ثم أراد الرجوع وأعاد طلبه مرة ثانية ,فهذا الأمر جائزٌ مادامت المرافعة دائرة أما وإن تم إقفال باب المرافعة وقدم المتهم مذكرة بطلب التحقيق في فترة حجز القضية للحكم فالمحكمة غير ملزمة بإجابة طلبه .لأنه باقفال باب المرافعة تنتهي فرصة تقديم الطلبات .لكن هذه الطلبات يجوز تقديمها في الإستئناف .
*/ طلب ندب خبير :
الخبير هو شخص غير موظف في القضاء وهو صاحب معلومات فنية وخاصة ,لا تتوافر لدى رجل القضاء والخبرة عكس الشهادة فهي رأي للخبير يؤسسه على وقائع أو ظروف معينة إستنادًا إلى مهارته الفنية أو العلمية ,فيجوز استبدال خبير بآخر لابداء الرأي ,وقد يقوم الدفاع بتقديم طلب ندب خبير كما جاء ذلك في المادة 143 إ.ج (2).
فمثلا في حالة شخص متهم تقرر اختلاله العقلي وتحكم المحكمة بإدانته كونها عند التحقيق رأت سلامة عقله فلا اساس لهذا الحكم وكان عليها اللجوء إلى الخبير الطبي .(3).
(1) عبد الحميد الشواربي .الإخلال بحق الدفاع في ضوء الفقه والقضاء .المرجع السابق ص 251.
(2) م 143 ق.إ.ج [ لكل جهة قضائية تتولى التحقيق أو تجلس للحكم عندما تعرض لهل مسألة ذات طابع فني أو تأمر بندب خبير اما بناء على طلب النيابة العامة أو الخصوم أو من تلقاء نفسها ]
(3) عبد الحميد الشواربي .المرجع نفسه ص 261
د.رؤوف عسبيد .ضوابط تسبيب الأحكام الجنائية وأوامر التصرف في التحقيق .دار الجيل للطباعة .مصر الطبعة 3 سنة 1986 ص 230 .
*/طلب سماع الشهود :
إنّ الشهادة هي الدليل الغالب في المواد الجزائية لذلك قال "بنتام" : إن الشهود هم عيون المحكمة وآذانها والشهادة هي رواية شخص لما شاهده أو سمعه أو أدركه بحاسة من حواسه .(1).
وفي أي قضية كانت نجد فيها شهود إثبات ,وشهود نفي وهم الذين يعتمد عليهم المتهم في دفاعه ويطلب سماعهم فطلب سماع الشهود يخضع دائما للسلطة التقديرية للمحكمة ,فمثلا إذا لم يقم المتهم باعلان شهود النفي قبل الجلسة طبقا للقانون ولم يحضروا ,قطلب الدفاع تأجيل القضية لسماعهم ,فهذا ليس ملزما للمحكمة فلها حق الاجابة أو الرفض كما ترى ,فإذا كان ردها بالرفض فلا يجوز الطعن في حكمها ولا يعتبر اخلالا ً بحق الدفاع .أما في حالة ما إذا أعلن المتهم شهود النفي وحضروا جلسة المحاكمة ولكن المحكمة لم تسمعهم فهذا لا يبطل الحكم مادام الدفاع لم يقدم طلباً لها بسماعهم فذلك يعد تنازلا منه لأنّ محضر الجلسة لا يتضمن إشارة إلى طلب سماع شهود النفي وبالتالي لاتكون المحكمة أخلت بحق الدفاع هذه المرة أيضا .من جهة أخرى نرى انه اذا صدر حكماً غيابيا من محكمة أول درجة قاضيا ببراءة المتهم وقامت النيابة باستئناف الحكم ,وحضر المتهم أمام محكمة الإستئناف لأوّل مرة ,فطلب محاميه التأجيل لإعلان شهود النفي ولكن المحكمة لم تستجب وحكمت على المتهم بالحبس وإلغاء حكم البراءة ,وبإشارة منها إلى طلب الدفاع فتكون هنا قد أخلت بحق الدفاع ومثاله حالة الحكم بكذب الشاهدين دون سماعهما يكون إخلالا ً بحق الدفاع فمن المقرر أن حق الدفاع في سماع الشاهد متعلقا ً دائما بيديه اثناء المحاكمة ,فيباح للدفاغ مناقشة إظهار الوجه الحق فلا تصح مصادرته في ذلك .
*/طلب ضم الأوراق :
يتقدم به المتهم إلى المحكمة إذا رأي في الأوراق ما يفيد دفاعه ,فمن حقه مناقشتها وتبيان أوجه إستفادته منها فان حرمته المحكمة من ذلك وأدانته إستنادا ً إلى تلك الأوراق فهذا إخلال منها بحقه في الدفاع ,أمّا أمام المحكمة الإستئنافية التي ليس من صلاحيتها اجراء التحقيق فإذا تم رفض طلب تقديم وضع الأوراق أمام محكمة الدرجة الأولى فليس للدفاع أن يكلف محكمة الإستئناف ضم تلك الأوراق ,ففي الأوراق الموجودة بين يديها كفاية في أن تستعين به في بناء حكمها .أما اذا تمسك الدفاع عن المتهم أمام المحكمة الإستئنافية بضم الأوراق على أساس أنّه يوجد بها ما يفيد في كشف الحقيقة ,والمحكمة أمرت بضمها ومن جهة اخرى نجد إصرار المتهم في مذكراته على تنفيذ قرار الضم ,وبمقابل هذا حكمت المحكمة بالتأييد دون وجود اشارة منها على هذا الطلب فيكون حكمها باطلا لأنّ هذا الطلب هو من الطلبات الهامة لتعلقه بتحقيق الدعوى لظهور وجه آخر للحق فيها .(2)
(1) أحمد شوقي الشلقاني .المرجع السابق ص 247.
(2) عبد الحميد الشواربي .الغخلال بحق الدفاع في ضوء الفقه والقضاء .المرجع السابق ص 289.
*/طلب المعاينة :
قد يطلب المتهم من المحكمة الإنتقال إلى محل الواقعة للمعاينة وتكتفي هي بالمقابل بندب مهندس للقيام بهذه العملية .فطلب المعاينة عندما لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة بل كان يقصد به اثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فهذا لاتلتزم به المحكمة ويعتبر دفاعا موضوعيا خاصة اذا اكتملت الرؤية للمحكمة وكونت إقتناعها من ادلة قاطعة شهادة الشاهد الذي رأي صدور الفعل الإجرامي من المتهم بالإعتداء على المجني عليه ,وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ المعاينة هي من اجراءات التحقيق ,قد تقوم النيابة بها في غياب المتهم وكل الذي له التمسك به هو ما وجد بها من نقض يثيره أمام المحكمة حتى تقدرها .
*/ طلب تقديم المذكرات :
كل خصم قي الدعوى يقدم مذكرة بدفاعه ,ومن حق الخصم الآخر الإطلاع عليها ومناقشة ماورد فيها .فمثلا قد ترخص المحكمة للمدعي المدني بتقديم مذكرة في فترة حجز القضية للنطق بالحكم ولم تبلغ المتهم ثم أصدرت حكمها بعد ذلك فهذا الحكم يعد باطلا .والذي لايعيب الحكم هو عدم رده على مذكرة الدفاع مادام لم يبد فيها ما يستلزم من المحكمة ردا ً خاصا ً.ويتم طلب تقديم المذكرة من دفاع المتهم الذي تحدد له المحكمة أجلا ً ,فإن حان الأجل ولم يتقدم الدفاع بمذكرات وطلب التأجيل فالمحكمة لا تلتزم بإجابة هذا الطلب لأن الأجل الذي حددته إنتهى .
ومن المقرر ان الدفاع المكتوب في مذكرة هو إتمام للدفاع الشفوي الذي يتم أثناء المرافعة ,ومن ثم يكون من حق المتهم تضمينها ما يشاء من أوجه الدفاع , خاصة إذا لم ينفها دفاع شفوي فله إرفاقها ما يراه مناسبا له من طلبات التحقيق المتعاقة بالدعوى .والمنصوص عليه قانونيا في المواد 290 ف 2 و 352 ق.إ.ج (1). أنّه من حق المتهم ومحاميه تقديم مذكرة كتابية إلى المحكة إثر إنتها ء المرافعات مباشرة وتتضمن توضيح عناصر الدفاع المقدمة شفاهيا والأسس الموضوعية التي تهدف إلى تجنيب المتهم من العقاب أو تخفيفه عنه (2).
(1) م 290 ف 2 ق.إ.ج :[ ويجوز للمتهمين والمدعي المدني ومحاميهم إيداع مذكرات تلتزم محكمة الجنايات بدون إشتراك المحلفين بالبث فيها بعد سماع أقوال النيابة العامة . غير أنه يجوز ضم الدفع للموضوع ].
*م 352 ق.إ.ج : [ يجوز للمتهم ولأطراف الدعوى الآخرين ومحاميهم إيداع مذكرات ختامية , ويؤثر على هذه المذكرات من الرئيس والكاتب ,وينوه الأخير عن هذا الإيداع بمذكرات الجلسة , والمحكمة ملومة بالإجابة عن المذكرات المودعة على هذا الوجه ايداعا قانونيا يتعين عليها ضم المسائل الفرعية والدفوع المبداة امامها للموضوع والفصل فيها بحكم واحد يبث فيه أولا في الدفع ثم بعد ذلك في الموضوع ] .
(2) أ.عبد العزيز سعد : أصول اللإجراءات امام محكمة الجنايات ط1 2002. الديوان الوطني للأشغال التربوية ص 78 .
الفرع الثاني : المــرافــعـا ت
هي الوقت الذي يمكن فيه لأطراف الدعوى أن يتكلموا حيث يوضح كل طرف من خلالها وجهة نظره ومبرراته ,وطلباته ,وللطرف الىخر الحق في الرد عليها ,والمرافعات يقوم يقوم بها النيابة ,دفاع المتهم .وقد تستمر المرافعة عدة جلسات لعدة اسباب كوجود شهود لم يتم سماعهم ,أو ظهور واقعة جديدة وردت بالمذكرات ورات المحكمة الإستناد إليها فيتعين عليها إعادة طرح القضية للمرافعة ليتم تحقيق مبدأ شفوية المرافعة .
1/ النيابة وطلباتها :
تقوم النيابة بعدة أعمال اثناء المرافعة ,فهي توجه أسئلتها مباشرة إلى النتهمين والشهود (1) كما يبدي دفوعها وإعتراضاتها على ما أبد أن باقي الخصوم ,وبالخصوص قد يحدث تصادم بين النيابة والدفاع أثناء التعقيب ,فلها التعقيب على ما ورد في مرافعة الدفاع من نقاط تخص الوقائع أو القانون .
وبعد انتهاء المناقشة حول ما ورد في مرافعة كل خصم تتقدم النيابة بعد المدعي المدني بطلباتها ونجد دائما أنّ طلبها الوحيد هو معاقبة المتهم على جريمته ,التي أثبتت كل الادلة قيامها ضده وطلبها ياتي نتيجة أنّها تمثل المجتمع ولابد ان تأخذ بحقه من كل مجرم .
2/ دفاع المتهموالإخلال به :
بعد مرافعة الطرف المدني ,والنيابة يأتي دور دفاع المتهم ,الذي من حقه طلب عرض وسائل الإثبات وأدلة الإقناع عليه وعلى هيئة المحكمة للتعرف عليها ومعرفة ظروف إستعمالها .كما منحه القانون حق توجيه الأسئلة إلى المتهمين الشركاء لتحديد دور كل واحد منهم ومسؤوليته ,وإلى الشهود من أجل نفي أو إثبات بعض الوقائع لتوضيح بعض الملابسات للوصول لتبرئة المتهم ,وتوجيه الأسئلة يكون دائما عن طريق رئيس الجلسة الذي له صلاحية تقييم السؤال .كما قد يقدم طلب الإشهاد لإثبات مخالفة ما للرئيس وكاتب الضبط ليتم الرجوع إليه عند الحاجة (2).
يظهر الإخلال بدفاع المتهم من ناحيتين هما :
*الطلب الجازم.
*الطلب غير الجازم .
(1) م 288 ق.إ.ج [ يجوز للمتهم أو محاميه توجبه أسئلة بواسطة الرئيس إلى المتهمين معه والشهود كما يجوز للمدعي المدني أو لمحاميه أن يوجه بالأوضاع نفسها أسئلة إلى المتهمين والشهود وللنيابة العامة أن توجه أسئلة مباشرة للمتهمين والشهود].
(2) أ.عبد العزيز سعد .أ صول الإجراءات أمام محكمة الجنايات .المرجع السابق ص 79.
* الطلب الجازم :
إذا أردنا إلزام المحكمة بالرد على أوجه الدفاع الجوهرية المثارة اثناء المرافعة فيجب ان يكون الدفاع خاصاً بظاهرة متعلقة بموضوع الدعوى المنظورة امامها ,معنى ذلك أن يكون الفصل فيها لازما للفصل في الموضوع ذاته ,ومنتجا فيه ,فالمحكمة لا ترد إلا على طلب المتهم الجازم , أما طلباته الإحتياطية فتخضع لسلطة المحكمة التقديرية في إجابنها من عدمه .
إذن الطلب الجازم هو الذي يقرر سمع المحكمة فلا بد أن يكون صريحا ,فإن خالف ذلك فالمحكمة لا تلتزم بإجابته أو الرد عليه ولا يُعد إخلالا ً بحق الدفاع .
* الطلب غير الجازم :
وهو عكس ماورد في الطلب الجازم وهناك امثلة كثيرة تحدد لنا معناه ومدلوله فتساؤل محامي المتهم عن معاينة النيابة ,كان الحادث لا يعد طلب جازم إذ ما هو سوى تعقيب على تحقيق النيابة وما فيه من نقض دون التمسك بطلب إستكماله , كما أنه إذا صيغ الطلب بصيغة رجاء لا يعد جازما ً .نذكر كذلك انه ان كان موضوع الطلب القصد منه اثارة الشبهة في أدلة الإثبات ,وغير لازم للفصل في موضوع الدعوى المنظورة وغير منتج فإنه طلب غير جازم أو حتى ان كان على سبيل الإمكان وليس فيه تصميم من الدفاع خاصة عدم اصراره عتليه في طلباته الختامية لا يعد طلبا جازما ً ايضا .
3/ قفل باب المرافعة :
بعد انتهاء مدافع المتهم من مرافعته وتقديمه لطلباته وللمحكمة أن تجيبه أو ترفضها مع بيان أسباب الرفض ,فهذا كله لابد من تنفيذه عند إقفال باب المرافعة ,وإقفال باب المرافعة يعني الإنتهاء من عملية عرض الدعوى على المحكمة ,أي أنّه يتم ذلك بعد سماع الشهود بنوعيهم ,إثبات ونفي وسماع أقوال النيابة والمدعى المدني ودفوعها الختامية بجلسة المحاكمة تنتهي المرافعة في الدعوى وتحلوا المحكمة للمداولة .(1) وباقباله يمنع على الخصوم تقديم مذكوات أو أقوال أخرى إلا في حالة ما إذا أرت المحكمة ضرورة لذلك فتأمر بفتح باب المرافعة من تلقاء نفسها أم بناء على طلب منهم .فإذا قدم المتهم طلبا بتقديم دفوع جديدة بعد قفل باب المرافعة فإنه يعتبر كأن لم يكن وتصدر المحكمة حكمها بعد المداولة دون إستجابة منها لطلبه ولا يكون حكمها باطلا ً, فهذا دليل على أن قفل باب المرافعة ينهي كل شيء وأن المرافعة هي الفرصة الوحيدة لدفاع المتهم في إثبات برائته فعليه إغتنامها وتقديم كل أدلة البراءة .
(1) عبد الحميد الشواربي .الإخلال بحق الدفاع في ضوء الفقه والقضاء .المرجع السابق
*مولاي بغدا دي .المرجع السابق ص 381.
*د.عوض إبراهيم غوض .المرجع السابق ص 646.
*د.رؤوف عبيد .المرجع السابق ص 167.
المطلب الثالث : المحاكم وطرق الطعن في أحكامها
تتنوع المحاكم بتنوع الجرائم فنجد محكمة الجنايات محكمة الجنح والمخالفات. محكمة الأحداث ونتناول كل محكمة على حدى كمايلي :
الفرع الاول : محكمة الجنايات
تقوم بعدة اجراءات لها أهمية بالغة بالنسبة للمتهم , فقبل انعقاد الجلسة يقوم رئيسا باستجواب المتهم (1) قبل افتتاح المرافعة بثمانية أيام على الأقل بهدف التحقق من هوية المتهم والتأكد من تلقيه قرار الإحالة حسب م 271/1 ق.إ.ج .ويطلب منه اختيار محام ٍ للدفاع عنه فإن لم يختر يقوم الريس من تلقاء نفسه بإختيار محام ٍ له , وهذا الإستجواب لا يحضره محام المتهم ,ثم يحرر محضر بإجراءات الإستجواب موَقع من الرئيس والكاتب والمتهم والمترجم إن وجد م 271/2 ق.إ.ج لتتمكن المحكمة من مراقبة مطابقته للقانون ,فإن تم اغفاله أدى إلى بطلان الإجراءات التالية .
وفي اليوم المحدد للجلسة يتم إحضار المتهم ,إذا لم يحضر رغم اعلانه ,أحضر جبرا ً منه بالقوة العمومية ,وإن لم يمتثل ثم اتخاذ اجراءات المرافعة دون اعطاء أهمية لتخلفه ,وتعتبر هنا جميع الأحكام الصادرة في غيابه حضورية كما يحضر الجلسة المحلفين بعد أداء اليمين المبينة بالمادة 284 /2 فقرة أخيرة ,وإلا بطل الحكم وهذا ما قضى به المجلس الأعلى الجزائري بتاريخ 23/01/1986 , واثناء الجلسة تتم اجراءات الحقيق قيتلقى الرئيس أقوال المتهم ومنه تتمكن المحكمة , المتهم والجمهور من معرفة عناصر الإتهام , ثم تتم عملية سماع الشهود وعندها لابد من مراعاة حسن معاملة الشاهد لأنه يقوم بواجبه في سبيل مساعدة القاضي لتحقيق العدالة فلا بد من إدخال الطمأنينة إلى قلبه وهو يدلي بٌأقواله ,ويقع على عاتق المحكمة حماية الشاهد وإن إقتضى الأمر تعويضه من مصاريف الإنتقال لأداء الشهادة .(2).
بعده يتم سماع الخبراء ولابد من حضور الخبير للجلسة لقراءة تقرير لأن به مصطلحات علمية ودقيقة لا يفهمها سواه ,ولكي تؤدي الخبرة دورها في مساعدة القضاء ثم تأتي مرحلة المرافعات بالترتيب الطرف المدني ثم النيابة ثم دفاع المتهم ولابد أن لا يخرج أي طرف عن الموضوع والمحاكمة بعروض لاتمد للقضية بصلة ,فلا بد أن لا يخرج عن المضمون وللرئيس اسلوبه في كيفية ارجاع هذا الطرف لطريق الجادة والحديث عن القضية .
(1) يقول الدكتور عاطف النقيب لهذا الإستجواب 3 فوائد :
-إعادة المتهم النظر في الإفادة التي اداها لدى قاضي التحقيق ,فله أن يعدل عنها .
-يقدر الرئيس بعد اطلاعه على الملف تمهيدا للإستجواب ما اذا كان التحقيق الإبتدائي كاملا ام انه يقتضي إجراء تحقيق إضافي .
-يؤمن هذا الإجراء للمتهم محاميا حيث واجب على الرئيس أن يسأله قبل اختياره محاميا فان لم يكن قد فعل عين له محاميا .
*م 274 من قانون المحاكمات الجزائية اللبناني لسنة 1948 تنص على [ يستوجب رئيس محكمة الجنايات المتهم حال وصوله إلى محل التوقيف لدى هذه المحكمة وله ان ينيب عنه أحد مستشاري محكمته لاجراء هذه المعاملة ] .
(2) د.أحمد عبد اللطيف الفقي ,الجمهور ,وحقوق ضحايا الجريمة .دار الفجر للنشر و التوزيع .القاهرة .الطبعة الأول سنة 2003 ص 72.
*م 122 ق غجراءات جزائية المصري تنص على [ يقدر قاضي التحقيق بناءا ً على طلب الشهود المصاريف والتعويضات التي يستحقونها بسبب حضور هم لأداء الشهادة ].
1/ التخلف عن الحضور :
بعد إتنهاء المدة المحددة قانونا لمثول المتهم أمام محكمة الجنايات يمكن لها أن تباشر محاكمته .(1). أمّا إذا قدم عذرا بواسطة محاميه أنه يستحيل عليه الحضور استحالة مطلقة للمحاكمة ,تأمر عندئذ بإقاف المحاكمة .
وان حدث التخلف دون عذر تجري المحاكمة دون حضور المحلفين ومحامي المتهم الذي لا يمكنه تقديم لا طلبات ولا ابداد دفوعات مكتوبة , وعند افتتاح الجلسة يأمر الرئيس الكاتب بقراءة قرار الإحالة على المحكمة والمحاضر المحررة لإثبات الإعلان والمتخلف .وبعد ابداء النيابة لطلباتهت تفصل المحكمة في صحة إجراءات التخلف عن الحضور فإما تعاين صحتها وأما تأمر ببطلاناه لإخلالها بأحد الشروط المنصوص عليها في المادة 317 ق.إ.ج وبذلك نخلص ان الإجراءات التحضيرية للتخلف عن الحضور هي من النظام العام .
إن أثبت التهمة وتقررت الإدانة فالقانون يمنع المحكمة من إسعاف المحكوم علبه بظروف التخفيف ,وفي حالة وجود مجموعة من المتهمين وأحدهم متخلف فإن اجراءات التخلف الخاصة به لا توقف اجراءات التحقيق بالنسبة للمتهمين المشاركين ولا محاكمتهم ,ومنه فإن المتهم الحاضر لا يحاكم كما يحاكم الغائب فالأول يحاكم بحضور المحلفين والثاني دونهم , فإن حكمت على المتخلف باللراءة فآثار الحكم تكون بمثابة الحكم الحضوري ,أمّا اذا أصدر الحكم عليه بالإدانة .(2). فنفس الحكم يفصل في الحقوق المدنية ,أما اذا قضي بالبراءة يمكن للمحكوم عليه مدنيا الرجوع أمام المحكمة المدنية لإلغاء الحكم القاضي بالتعويض بواسطة دعوى التماس اعادة النظر .
2/أحكام محكمة الجنايات وطرق الطعن فيها :
-إذا أصدر الحكم بحضور المتهم فلا إشكال فيه فله ممارسة حقه في الطعن فيه أما م المحاكم الأعلى درجة بطرق الطعن العادية .
أما إذا كان الحكم غيابيا فيجب ان نميز بين حالات عدة لأنّ الأحكام الغيابية في مواد الجنايات ذات طبيعة خاصة ,إذ تسقط وتصبح كأن لم تكن بمجرد حضور المتهم وتسليمه نفسه أو بالقبض عليه كما نصت على ذلك المادة 326 ق.إ.ج .وهذه الحالات كمايلي :
1-الحكم الغيابي الصادر بالبراءة يعتبر حضوريا ولا يجوز الطعن فيه إلاّ للنيابة العامة بطريق النقض .
2-الحكم الغيابي بالإدانة هو مؤقت فهو يسقط بحضور المتهم فيعاد نظر الدعوى أمام المحكمة .(1).
(1) نقض محكمة النقض الفرنسية 19/01/1877 " هذه الإجراءات هي الواجبة الإتباع اذا فر المتهم اثناء المحاكمة أو حت بعد المرافعات أو أثناء المداولة ."
*يعاقب المتخلف عن الحضور بوضع كل حقوقه المالية تحت الحراسة وتكون ادارتها كالشان بالنسبة للغائبين ولذلك تستطيع السلطة المختصة ممارسة كل التصرفات اللازمة لإدارتها والتعرف فيها بعد استئذان القضاء.
(2)آثار الحكم بالدانة عليه انه عقوبة الاعدام أو السالبة للحرية لا تنفذ ,فالحكم بها تهديدي ,تستخرج النيابة نسخة من حكم الإدانة وتنشره بغحدى الجرائد الولا ية التي بها آخر موطن للمحكوم عليه وتعلق على باب مقر المجلس الشعبي البلدي الذي ارتكب الجناية بدائرته وعلى باب المحمة ويوجه مستخرج من الحكم إلى مدبر مصلحة الأملاك بموطن المحكوم عليه .
(1) د.محدم أحمد عابدين .اجراءات الدعوى مدنيا وجنائيا .المرجع السابق ص 211 .
-اذن الطعن بالنقض يكون من حق المتهم أيضا اذا صدر في حقه حكم قضى بإدانته ويجوز له ذلك حتى في الدعوة المدنية ,والنقض طريق غير عادي للطعن في الحكم النهائي الصادر عن المحاكم العدية يقتضي عرضه على المحكمة العليا لمراجعته من ناحية صحة تطبيق القانون .
وعلى المحكمة اجراء المداولة وايضاح كل ما يحدث ويطرح بها من أسئلة احتياطية وإلا ّ كان خرق ذلك مساسا ً بحقوق الدفاع ,قرار المجلس الأعلى الجزائري لسنة 1982.
الفرع الثاني : محكمة الجنح والمـخا لـفـا ت.
1/ اجراءات محكمة الجنح والمخالفات :
بما أن الجنح والمخالفات أقل أهمية من الجنايات ,ترفع الدعوى العمومية إلى محكمة الجنح والمخالفات بناءا ً على الأمر الصادر من قضاء التحقيق أو بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور ,ومتى ابلغ المتهم بالتكليف بالحضور شخصيا وجب عليه الحضور ,ما لم يقجم بواسطة محاميه عذرا تقبله المحكمة ,فإذا قضت المحكمة كان الحكم غيابيا حيث تستقل بتقدير العذر , ومتى أرجأت الدعوى وجب إعلان المتهم بالجلسة التي أجلت إليها .واذا لم تقبل المحكمة العذر وتمت محاكمته فتعتبر حضورية .(2). سواء صدر الحكم في الجلسة المحددة بالتكليف بالحضور أو في جلسة تالية .
والدفاع قد يكون وجوبيا اذا كان المتهم مصابا بعاهة طبيعية تعوق دفاعه أو كان يستحق عقوبة الإبعاد م 351 ق.إ.ج .
-أمّا الإجراءات التمهيدية لنظر الدعوى فهي تبدا بالمناداة على الخصوم , الشهود, الخبراء ,ويتم التأكد من حضورهم أو غيابهم ,ويسأل الرئيس المته عن هويته حسب ما نصت عليه المادة 343 ق.إ.ج , وهي اجراءات تنظيمية لا بطلان في إهمالهل أو في مخالفتها .(3), وللمحكمة ان تأمر بإتخاذ أي اجراء من اجراءات التحقيق كالمعاينة اذا قدرت ضرورة ذلك ,بعد ذلك تأتي مرافعات اطراف الدعوى وللمتهم دائما الكلمة الأخيرة بشرط ان يتمسك بذلك ولا تلزم المحكمة بدعوته إلى الكلام , واذا اتضحت الدعوى تنهي المحكمة المرافعة .
-أمام محكمة المخالفات نجد الإجراءات مبسطة , لأن المخالفة لا تعبر عن خطورة الجاني بل هي تعبر عن اهماله للأنظمة الإجتماعية , فذلك يؤديؤ إلى سرعة الفصل فيها حتى تتفرغ المحاكم لجرائم اكثر أهمية وكذلك مساعدة المتهم بتجنيبه مشقة المثول امام المحكمة , كما ييسر على المتهم البرىء الذي لا يجوز التضحية بضمانات حريته احتوى قانون الإجراءات الجزائية على نظام الغرامة الجزافية وغرامة الصلح .
(2) م 345 ق.إ.ج
(3) نقض مصري بتاريخ 17/10/1979 لسنة 30 رقم 172 .
2/ احكام محكمة الجنح والمخالفات :
كلاهما يصدر الحكم علنا في الجلسة التي دارت فيها المرافعة أو في تاريخ لاحق للمداولة , وهذه المداولة سرية فلا يحضرها الخصوم ولا النيابة العامة وتخضع لمبدا الاغلبية بصدد الحكم وتتنوع الاحكام فقد تأخذ أشكال مختلفة منها عدم الإختصاص وبإحالة القضية للنيابة العامة للتصرف فيه حسب ما تراه وذلك ايا كان الغختصاص مكانيا , نوعيا , وقد تقضي بإجراء تحقيق تكميلي يقوم به احد اعضاء المحكمة أو قاضي محكمة المخالفات , وقد تقضي بإيقاف نظر الدعوى لحين الفصل في مسالة اولية .....إلخ من الاحكام التي تصدرها .
-هذه الاحكام يتم الطعن فيها بطرق الطعن العادية والتي منها الإستئناف .(1) الذي هو طريق عادي للطعن في حكم صدر من محكمة الدرجة الاولى يطرح الدعوى من جديد أمام محكمة أعلى منها توصلا إلى إلغاء هذا الحكم او تعديله , ويرفع الإستئناف خلال مهلة 10 أيام من تاريخ صدور الحكم الحضوري ومن يوم تبليغ الحكم اذا الحكم حضوري اعتباري , ويترتب على الإستئناف اثران هما : وقف تنفيذ الحكم الاول وطرح ةالنزاع على محكمة الدرجة الثانية والحكم من جديد .
-المعارضة : لا تكون إلا في الأحكام الغيابية الصادرة عن محكمة الجنح , وترفع المعارضة إلى نفس المحكمة التي اصدرت الحكم لانها لا تكون قد استنفذت بعد سلطتها في الدعوى ومهلة المعارضة هي عشرة أيام (10) من تاريخ تبليغ الحكم لشخص المتهم وتمتد إلى شهرين اذا كان الغائب مقيما بالخارج .
أما آثار المعارضة فتتمثل في أن الحكم الصادر غيلبيا يصبح كأن لم يكن ويجري التحقيق والحكم في القضية من جديد أما نفس المحكمة , فالحكم الغيابي يوقف تنفيذه فأن لم تحصل المعارضة وجب تنفيذه . لكن اذا فوت المعارض ميعاد المعارضة فيسقط حقه فيها و ان تخلف عن الحضور فيها تعتبر كأن لم تكن .
(1) الإستئناف في مواد الجنح مهما كانت العقوبة المحكوم بها باستثناء الأحكام التحضيرية , في مواد المخالفات اذا كانت العقوبة الحبس او الغرامة تتجاوز 100 د ج .
الفرع الثالث : محكمة الاحداث وطرق الطعن في أحكامها
1/ اجراءات محاكمة الأحداث :
أوجب القانون ان تكون مرافعة جلسة الأحداث سرية ويجب الفصل في كل قضية على حدى في غير حضور باقي المتهمين , فلا يسمح بحضور المرافعة إلا ّ الشهود والأقارب المقربين للحدث , وذلك لأن العلانية تؤذي مشاعر الحدث أو أحاسيسه وتعد عرقلة في طريق تقويمه (1).
وتختلف اجراءات محكمة الاحداث بإختلاف المحكمة التي تتولى المحاكمة , فمثلا بالنسبة للجنح و الجنايات فأن قسم الأحداث يفصل فيما دون التزام بشكليات مماثلة كالتي تجري امام محكمة الجنايات , حيث يتم سماع اقوال الحدث و الشهود . ويتم سماع والديه أو الوصي عليه .(2) وهو اجراء جوهري نصت عليه محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 16/06/1976 . ثم مرافعة النيابة والمحامي عن المتهم , وإذا أعفى الحدث من حضور الجلسة فيمكن أن يمثله المدافع عنه مع اعتبار الحكم حضوريا .(3). ومع ذلك يصدر الحكم في جلسة علنية بحضور الحدث .(4).
(1) في لبنان نجد قانون الأحداث المنحرفين الصادر سنة 1983 في المادة 44 منه يفرض على محكمة الأحداث قبل بدء المحاكمة ان تتحصل بواسطة جمعية حماية الأحداث او من تنتدبه المحكمة لهذا الغرض على تحقيق اجتماعي يشتمل على المعلومات اللا زمة عن أحوال ذوي الحدث المادية و الإجتماعية وعن أخلاقه ودرجة ذكائه وعن الوسط الذي نشأ فيه و المدرسة التي تربى فيها وعن حالته الصحية وسابقا ته الإجرامية وعن التدابير المناسبة لإصلاحه وان تامر بحسب مقتضى الحال بفحص القاصر جسديا ً وعقليا ً من طبيب أخصائي , وهذه التحقيقات تجري في لبنان من قبل مكتب جمعية الأحداث الموقوفين ويهيء ملفهم الشخصي لتقديمه للمحكة .
(2) م 467 /1 ق.إ.ج [ يفصل قسم الاحداث بعد سماع أقوال الحدث والشهود والوالدين والوصي أو متولي الحضانة ومرافعة النيابة العامة والمحامي ويجوز لها سماع الفاعلين الأصليين في الجريمة أو الشركاء البالغين على سبيل مجرد الإستدلال .]
(3) م 467/2 ق.إ.ج [ ويجوز لها إذا دعت مصلحة الحدث , إعفاءه من حضور الجلسة وفي هذه الحالة يمثله محام او مدافع او نائبه القانوني ويعتبر القرار حضوريا .]
(4) م 468 ق.إ.ج ف 3 [ ويجوز للرئيس أن يامر في كل وقت باستحاب الحدث طيلة المرافعات كلها أو جزء منها أثناء سيرها ويصدر الحكم في جلسة علنية بحضور الحدث .]
2/ أحكام محكمة الأحداث :
متنوعة حسب المحكمة التي تصدر الحكم .فيمكن لمحمة المخالفات ان تقضي بعقوبة الغرامة القانونية حسب المادة 446 ق.إ.ج ولكن لا يجوز ان يحكم على الحدث بالحبس ويمكن أن ترسل الملف إلى قاضي الأحداث الذي له سلطة وضع الحدث تحت نظام الإخراج المراقب .هذا إذا كانت الجريمة ثابتة في حقه , وأما ان كان الحال عكس ذلك فانه يقضي باطلاق سراح المتهم .ومما تجدر الإشارة غليه أن قرار قسم الأحداث مشمول بالنفاذ المعجل حتى لو كان قابلا للطعن فيه .
أما عن الدعوى المدنية .(1) الناشئة عن الجريمة المنظورة أمام القضاء فانه يختص بالفصل فيها , واذا أقيمت الدعوى المدنية فان الأحداث لا يحضروا المرافعات وإنما يحضر نيابة عنهم نوابهم القانونيين , ويجوز أن يؤجل الفصل في الدعوى المدنية إلى حين صدور حكم بإدانة الأحداث حسب ما نصت عليه المادة 476 ق.إ.ج فقرتها الثالثة بقولها [ ويجوز ان يرجى الفصل في الدعوى المدنية إلى أن يصدر حكم نهائي بإدانة الأحداث ] .
إذن أحكام محكمة الأحداث يتم الطعن فبها بالمعارضة و الإستئناف وتنطبق عليهما القواعد الخاصة بهاذين الطريقين العديين للطعن وقد سبق الاشارة إليهما .
(1) د.عوض محمد عوض . المرجع السابق ص 651.
الفصل الثاني : حق الدفاع أثناء فترة التحقيق
التحقيق لغة : يفيد معنى التثبيت والتيقن من الأمور .
أما اصطلاحا : اتخاذ الإجراءات المشروعة التي توصل إلى كشف الحقيقة وظهورها .
أما فقها : فعرفه الدكتور محمد سلامة : مجموعة الإجراءات التي تباشر سلطات التحقيق بالشكل المحدد قانونا بغية تمحيص الأدلة والكشف عن الحقيقة قبل مرحلة المحاكمة ول>لك خصصنا فصل لدراسة "حق الدفاع أثناء فترة التحقيق " لما لها من أهمية في تجسيد هذا الحق وذلك في مبحثين :
المبحث الاول : الضمانات العامة لحق الدفاع أثناء إجراءات التحقيق .
المبحث الثاني : الضمانات الخاصة ل؟إجراءات التحقيق و أوامره .
قال تعالى :" يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم "
وقوله –صلى الله عليه وسلم- : " ادرؤؤا الحدود عن المسلمين فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فان الإمام ان يخطي في العفو خير من ان يخطى في العقوبة ."رواه البخاري
يقول أحد المفكرين العرب:
" واله ماذل ذوحق ولو أطبق العالم عليه , ولا عز ذو باطل ولو طلع من جبينه القمر."
حق المتهم في الدفاع
الفصل الثاني : حق الدفاع أثناء فترة التحقيق
المبحث الأول : الضمانات العامة لحق الدفاع أثناء إجراءات التحقيق وأوامره:
المطلب الأول : التحقيق في حد ذاته ضمانة:
إن وجود مرحلة التحقيق يعتبر ضمانة لما وقع في إجراءات الضبطية القضائية , أي أثناء التحيات الأولوية . فرجال الضبطية القضائية عند ما يحظروبجريمة ما فإنهم يقومون فورا بالغجراءات الأولية . وكلما قرب الزمن بين الإجراءات والجريمة كانت الأدلة واضحة أكثر وأسلم ولم يشبها أي تغيير أو تحريف , ولكن من جهة أخرى فهي خطيرة إذا سيء استعمالها كونها متعلقة بحقوق الأفراد . فالقصد منها هو المحافظة على التحريات وتوفير الضمانات اللازمة للمتهم كون المشرع عندما أعطي التحقيق لجهة لا تعلن البراءة ولا الإدانة للمتهم وإنما جمع الأدلة وتمحيصها .والبحث فيما إذا كان هناك مبرر للمتابعة الجنائية أم لا . وتتجلى الضمانة أيضا في كون للمتهم في هذه الفترة يعرض حججه ودفوعه أمام جهة محايدة تماما . وقاضي التحقيق يقف أمام رجال الضبطية القضائية موقف المحتاج لما توصلوا إليه وتحرروا عنه . وقضاة التحقيق لهم إنابة أعمالهم في حالات محددة حين لزوم القيام ببعض الإجراءات خارج دائرة اختصاص قاضي التحقيق كان يكون الشاهد مريضا في دائرة اختصاص من غير دائرة اختصاص قاضي التحقيق هذا أو حالة استلزام تفتيش يقع في دائرة خارجة عن اختصاصه.(1)
وقاضي التحقيق ملزم بالتحقيق في القضايا المعروضة عليه واختصاصه هنا حق واجب في نفس الوقت , فيتجسد حقه في أن النيابة العامة تمنع من إحالة القضية إلى المحكمة أو إصدار أمر الحفظ فيها قبل إكماله ,أما الواجب فلا يملك قاضي التحقيق الإمتناع عن التحقيق ولا التذرع بعدم الإجراء أو الفائدة فيه ولو ظهر له ذلك من البداية بل عليه القيام بالتحقيقات و الإجراءات المطلوبة منه ومن بعد ذلك يصدر أمره بما هو مناسب للقضية . فمن هذا يكون المتهم قد حصن بما خول له من حقوق ابتداءا من التحريات التي تعرض على قاضي التحقيق ويستأنف منها عمله.(2)
الفرع1: سرية التحقيق:
ويقصد بها السرية الإجرائية التي تعني القيام قدر الإمكان ممن هو قائم بالتحقيق أو كلف إجراء من إجراءاته أو ساهم فيه بالمحافظة على السرية بما هو مستطاع ضمن ماإستلزمه القانون واشترطه دون أن يحصل نتيجة هذه السرية بإضرار بحقوق الدفاع . فهي تحفظ المتهم و الشهود من شيوع الأخبار الماسة بكرامتهم وكذا تحقيق فائدة إجتماعية حيث إذا لم تتوفر السرية المطلوبة فإنها تساهم ويمكن المتهم من تغيير الحقيقة وكتمانها . وإن كان مبدأ العلانية الذي نصب عليه القوانين يجب أن يتم دون التأثير من المتهم على الشهود مثلا وإن كان مبدأ العلانية الذي نصب عليه القوانين يجب أن يتم دون التأثير من المتهم على الشهود مثلا وإن كان هناك إجازة سماع الشهود في غيبة المتهم(90 إ ج) وهذا بصفة استثنائية , وهي تتجلى خاصة في الجرائم الأخلاقية حيث نجد المتهمون أساسا يطالبون بسرية التحقيقات فيها فهنا صاحب الحق في السرية تنازل عنها فلا يعقل الاحتجاج بالعلانية كضمان المتهم .
فالسرية واجبة على جميع الأشخاص الذين لهم علاقة بالتحقيق من قضاة تحقيق , وقضاة غرفة الإهتمام , وكذا قضاة الحكم , وقضاة النيابة , وقاضي تحقيق الأحداث , وكذا جميع الموظفون العموميون القضائيون ,وكذا الخبراء والمترجمون , والأشخاص المساعدون . وقاضي التحقيق يتعذر عليه في بعض الأحيان كما أن إجراءات التحقيق التي تشكل بطبيعتها طبيعة علنية . مثل الإنتقال بعين المكان عقب ارتكاب الجريمة , أو إخراج جثة , أو استجواب المتهم في قاعة عامة في المستشفى فقاضي التحقيق لا يستطيع منع تفشيها بين الناس , أو نشرها عن طريق الصحافة .
ولقد أكد ق إج الطابع السري للتحقيق في المادة 11 إ ج , ويبقى الإلتزام بسرية التحقيق ساريا بعد إغلاق التحقيق إذا انتهت الدعوى بأمر بأن لا وجه للمتابعة , ويزول هذا الاهتمام في حالة ما إذا أحيلت الدعوى إلى المحكمة حيث تصير الإجراءات علنية .
ولا يعد إعلام محامي المتهم بالوقائع مساسا بسرية التحقيق كونه في التحقيق الابتدائي تعتبر العلنية مقصورة على الخصوم في الدعوى أي أنها ........... في حين نجد مبدأ العلنية ظاهرا جليا في مرحلة المحاكمة فلأي فرد من الجمهور حضور المحاكمة , وللمتهم الحق دائما في استصحاب محاميه كلما دعي للتحقيق حتى في الأحوال التي يقرر فيها عضو النيابة إجراء التحقيق في غيبة الخصوم .(4)
01: د. محمد محدة : ضمانات المشتبه فيه أثناء التحريات الأولية الجزء 2: دار الهدى عين مليلة . الجزائر . الطبعة 01: 91-92.ص239 –وكذلك المستشارين محمد أحمد عابدين –عبد العزيز محمود سالم . الموسوعة الذهنية في القيود والأوصاف . دار الفكر الجامعي مصر . الإسكندرية ص 15 .
02: د .لحسن بوسقيعة التحقيق القضائي دار الحكمة للنشر والتوزيع الجزائر سنة الطبع 1999 ص 100 .
03: ملف رقم :51943 قرار بتاريخ 29/03/1988 . المجلة القضائية العدد 01 سنة 1989 ص221.
04: د. حسن صادق الرصفاوي في التحقيق الجنائي منشأة المعارف بالإسكندرية الطبعة 2 سنة 1990
ص101 .
الفصل الثاني الدفاع أثناء التحقيق :
المبحث الثاني : الضمانات الخاصة لإجراءات التحقيق وأوامره:
المطلب 1 : الإستجواب والشهادة وما فيهما من ضمانات :
الفرع 1: الإستجواب : يتم إستجواب المتهم على مرحلتين :
- عند حضور المتهم لأول مرة أمام قاضي التحقيق حيث يتم التعرف على هوية المتهم (1) . وإحاطته علما بالوقائع المنسوبة إليه دون مناقشتها و إبلاغه بحقوقه .
- أثناء سير التحقيق حيث يقوم قاضي التحقيق باستجواب المتهم في الموضوع فيوجه له الأسئلة ويتلقى أجوبته حول وقائع أو مستندات الإجراءات التي تساق عليه دليلا ومواجهته بها ليقول كلمته فيها. والأصل أن يتم إستجواب المتهم في الموضوع مرة واحدة على الأقل غير أنه من الجائز أن يتم إستجوابه أكثر من مرة حيث يجوز لقاضي التحقيق اجراء استجواب إجمالي(2) كما يجوز له أيضا استجواب المتهم عند المواجهة .
ويعد استجواب المتهم إجراءا جوهريا لا بد منه بحيث لا يمكن لقاضي التحقيق إغلاق التحقيق دون استجواب المتهم ولو مرة واحدة , مالم يصدر أمر بانتقاء وجه الدعوى أو كان المتهم في حالة فرار. (1) د . حسن صادق المرصفاوي . المرجع السابق.ص 146 المستشار مصطفى مجدي ...... المرجع السابق ص 204
• ومن هنا نخلص إلى تعريف الإستجواب بأنه : " مناقشة المتهم تفصيلا في التهمة المنسوبة إليه من طرف جهة التحقيق ومطالبتها بابداء رأيه في الادلة القائمة ضده اما تفنيد او تسلمها وذلك قصد محاولة كشف الحقيقة واستظهلرها بالطرق القانونية "
• مقومات الاستجواب : تتمثل في ان يكون الشخص متهما فان استجوبه المحقق قبل توجيه الاتهام فانم هذا لا يعد استجوابا وانما يعتبر سماع اقوال كون الاسايس القانوني لاتهام لا يتوافر بعد ولم يصل الى المرحلة التي تحفظ فيه حقوقه وتصان حريته وان تتم المناقثشة التفصيلية في التهمة المنسوبة اليه كونها تفع المتهم الى الادلاء باحابات واقوال متصلة بموضوع الجريمة نفيا واثباتا اضافة الى مواجهة المتهم بالادلة كي تكون المناقشة التفصيلية والا لا يكون الاستجواب قانوني بالمعنى الدقيق وان يكون القائم بالاستجواب محقق3 يضفي عليه الصبغة القانونية م 139 أ ج .
المطلب 3 : استئناف أوامر قاضي التحقيق :
ان استئناف اوامر قاضي التحقيق تعد ضمانة هامة لحق الدفاع للمتهم في حين نجد بعض الدول تخلت عن هذا الحق بالنية للمتهم , رغم ما إشترطه المشرع من إستقلالية و تمكن في قاضي التحقيق فيلتزم في أعماله والدقة حتى تكون أعماله محل طعن منالمتهم وغيره . من جهة تحقيقية أخرى أعلى منها وهي غرفة غرفة الإتهام , وهدف المشرع هنا هو منح لغرفة الإتهام تدارك ما تخلف من ضمانات أمام قاضي التحقيق . والمشرع أعطى للنيابة العامة صلاحية كبيرة في الإستئناف وهذه الصلاحية ليست في كل الحالات ذات فائدة مجدية للتحقيق فالبعض منها أدى إلىالمساس بحقوق الدفاع .
فلا طلاق الإستئناف مخاطر كونها تشكل وسيلة ضغط على قاضي التحقيق .ففي في بعض الأحيان يبتعد عن بعض الإجراءات إرضاء للنيابة العامة وحتى لاتكون أعماه عرض ة للإستئناف , وقد يعرقل الإستئناف سير مجرى التحقيق في السرعة والوصول ألى الحقيقة , وللنيابة العامة في بعض الأحيان المشاركة في إصدار الأوامر والقرارات فمن غير المنطقي أن ترفع للنيابة نفسها للنظر فيه (1).
الفرع الأول : ضمانات المتهم أمام غرفة الإتهام:
وتتمثل فيما يلي :
1 - المحاضر التي يجربها قضاة التحقيق والتي يصدر في شأنها أمر بالإحالة إلى محكمة الجانيات يجب عرضها غرفة الإتهام بواسطة النئب العام لدى المجلس القضائي الذي يقوم
بتهيئة القضية خلال 05 أيام من تاريخ إستلامه أوراقها ق 1 م 179 إ ج وتحيل غرفة الإتهام المتهم إلى محكمة الجنايات وتمكن المتهم من إبداء دفاعه أمامها طبقا للمادة 184 ق إ ج .
2- تجيز غرفة الإتهام إجراء التحقيق التكميلي أما بواسطة أحد أعضائها , وأما بواسطة أحد قاضي التحقيق الذي تندبه لهذا الغرض طبقا للمادة 190 إ ج ولذلك منحها المشرع في المادة 187 / 1 إ ج سلطة القيام بإجراء تحقيق تكميلي سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب النائب العام فيما يتعلق بجميع المتهمين المحلين إليها وجميع التهم والة\وقائع التي لا يكون أمر قاضي التحقيق قد تناولها أو أستبعدت بأمر منه وهنا لا يجوز لها أن تمنح أحدا أعضائها أو قضاتها المكلفين بإجراء تحقيق تكميلي إصدار الأمر بالحبس الإحتياطي ضد للمتهم .
3 – عندما تقوم غرفة الإتهام بإجراء تحقيق تكميلي قد تصدر أمر بالقبض على المتهم الهارب للبحث عنه و إقتياده للمؤسسة العقابية تمهيدا لإستجوابه عن هويته وعن الأفعال المنسوبة إليه وإذا حصل أن إنقضت المدة دون أن تتم إجراءات الإستجواب .
1 – د عبد الحميد عمارة المرجع السابق ص 463 .******************
فإن لها تمديد المدة إلى أجل لاحق وبالتالي تطبيق المادة 121 ق 1 ا ج . وإذا كان المتهم محبوسا مؤقتا بأمر من قاضي التحقيق و إستئنافه المتهم أمامها فإنه يتعين عل غرفة الإتهام ان تفصل في موضوع حبسه خلال 30 يوما وإلا أفرج عنه تلقائيا طبقا للمادة 172 – 173 ا ج وإذا رأت غرفة الأتهام أن الواقعة ليست جناية ولكنها جنحة أو مخالفة فإنها تقضي بإحالة القضية إلى محكمة الجنح والمخالفات وفي مثل هذه الحالة يظل المقبوض عليه محبوسا إذا كان المتهم إذا كان موضوع الدعوى معقبا عليه بالحبس أما إذا كان مجرد مخالفة فإن المتهم يخلى سبيله فورا حسب المادة 198 ا ج وفي حالة ما إذا طعن بالإستئناف أمام غرفة الإتهام في أوامر قاضي التحقيق المتعلقة بالحبس الإحتياطي فإنه يجب على النائب العام إخبار الأطراف ومحاميه بتاريخ الجلسة المقررة للنظر في الطعن بموجب كتاب مضمون الوصول كما يجب بتبليغ محتمي المتهم والطرف المدني بقرار الغرفة بالأوجه للمتابعة وتبليغهم قرار الإحالة طبقا للمادة 182 – 200 أ ج وتنظر في صحة الإجراءات الجزائية . (1)
إستئناف المتهم ومحاميه :
يكون إستئناف المتهم ومحاميه بعريضة تودع لدى كتابة ضبط التحقيق ( م172 2 ) وإذا كان المتهم محسوبا يحوز أن يسلم عريضة الإستئناف إلى كتابة ضبط المؤسسة إعادة التربية ويتولى مدير المؤسسة تسليمها لكتابة ضبط قاضي التحقيق في ظرف 3 أيام من تاريخ تبليغ الامر إل المتهم ومحاميه في ظرف 24 ساعة برسالة وإلا تعرض لجزاءات تأدبية ( م 173 /3أج ), ويرفع الإستئناف في ظرف 3 أيلم من تاريخ تبليغ الامر الى المتهم طبقا للمادة 168 ا ج ( م 172 / 2 ( وبالرجوع الى المادة 162 نجدها تنص على ان اوامر قاضي التحقيق تبلغ للمتهم ومحاميه في ظرف 24 ساعة برسالة موصى عليها وإذا حصل تأخر في التبليغ يترتب على هذا التأخير تاجيل سريان مهلة الإستئناف حسب مدة التاخير .
الفرع الثالث : اثار الإستئناف (2) .
- لا يوقف الإستئناف مجرى التحقيق اذ تنص المادة 174 ا ج بهذا الخصوص على انه في حالة الإستئنافأوامر قاضي التحقيق
يواصل هذا الاخير اجراء التحقيق مالم تصدر غرفة الاتهام قرار يخالف ذلك.
الإستئناف أثر موفق على تنفيذ الامر المستانف 170 / 3 ا ج وهذا بخصوص النيابة العامة في امر قاضي التحقيق بالافراج المؤقت على المتهم عل أنه " من رفع الإستئناف من النيابة العامة بقي للمتهم المحبوس مؤقتا في حبسه حتى يفصل في الإستئناف ويبقى كذلك جميع الاحوال الى حين أنقضاء ميعاد الإستئناف وكيل الجمهورية الا اذا وافق وكيل الجمهورية على الافراج عل المتهم في الحال ومنه " ويستفاد من هذا النص ان إستئناف وكيل الجمهورية يوقف تنفيذ الامر المستأنف فيه خلال الميعاد المقرر الإستئناف وهو 3 ايام من تاريخ صدور الامر واذا أستانف وكيل الجمهورية في الميعاد المذكور يوقف تنفيذ الامر خلال نظر الإستئناف وحتى يصدر قرار غرفة الاتهام فيه. واذا انقضى الميعاد المحدد للإستئنافدون ان يرفع وكيل الجمهورية الإستئناف الى خلاله جاز تنفيذ امر القاضي التحقيق , غير ان يجوز تنفيذ الامر بالافراج المؤقت فورا اذا وافق وكيل الجمهورية على ذلك. واستثناء من مبدا وقف تنفيذ امر قاضي التحقيق المستانف فيه خلال ميعاد الإستئناف او عندم الطعن فيه الإستئنافخلال الميعاد فقد نصص المشرع على ان الإستئناف المدع المدني في الامر القاضي بانشاء وجه الدعوى لا يوقفلا تنفيذ هذا الامر حيث يستفيد المتهم المحبوس مؤقتا من الافراج المؤقت بمجرد انقضاء مهلة الإستئناف وكيل الجمهورية مالم يوافق على الفراج عنه في الحال بصرف النظر عن )الإستئناف المدعى المدني ( م 173 1)
الإستئناف اثر ناقل كونه ينقل الدعوى الى غرفة الاتهام
الفصل الثالث : حق الدفاع أثناء المحاكمة:
ان الدعوى العمومية تمر بدورين هامين هما :التحقيق وقدسلف التحدث عنه،فبعده ياتي دور المحاكمة الذي يعد اخطر أدوار الدعوى فهي تعدالمرحلة الحاسمة التي يتحددفيها مصير المتهم حيث أن العدالة النزيهة لن تتحقق الا باجرآت المحاكمة فاذا كانت وطيدة الاركان فقدتكفل لاطراف الخصومة الضمانات الكافية لابداء الدفاع فوجود مرحلة المحاكمة تعني تجسيد المبادىء الواردة في الدستور والمواثيق الدولية على أرض الوا قع ففيها حماية لحقوق وحريات الأفراد التي يسعى دائما للدفاع عنها ومواجهة السلطة لأجلها. فلمحاكمة وما تحتوي عليه منء اجراءات وقواعد عامة لها وما يرد عليها من قيود هي ضمانة للمتهم يتمكن من خلالها ارساءأدلة براءته وتفنيد ادلة اتهامه الامر الذي كان يصعب عليه القيام به اثناء مرحلة التحقيق ، فالمحاكمة تكمل التحقيق في تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه لذلك ارتاينا ان نخصص لها فصلا كاملا بعنوان "حق الدفاع اثناء المحاكمة" وقد تنا ولنا ه في مبحثين هما:
*المبحث i : القواعد العامة للمحاكمة الجزئية .
*المبحث ii: اجرءات المحاكمة الجزائية .
قال صلى الله عليه وسلم " انما أنا بشر و إنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض, فاقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه شيئأ فلا يأخذ ه فإنما أقطع له قطعة من النار ." روته أم سلمى –رضي الله عنها.وقال أيضا صلى الله عليه وسلم :" القضاء ثلاثة :قاضيان في النار و قاضي في الجنة ,قاضي عرف الحق فقضي به فهو في الجنة ,وقاضي قضى بجهل فهو في النار.وقاضي عرف الحق فجار فهو في النار ."-صدق رسول الله-
المبحث الأول: القواعد العامة للمحاكمة الجزائية:
إن المحكمة الجزائية أثناء نظرها للدعوى العمومية تقع عليها قيود هامة نص عليها القانون كما منح لها بالمقابل سلطات هامة ويتضح ذلك كمايلي :
المطلب الأول : قيود المحكمة :
الفرع الأول : تقيد المحكمة بالوقائع :
كقاعدة عامة أنّ القانون أوجب على المحكمة التقيد بالوقائع التي أحيل من أجلها المتهم ,فعليها أن تلتزم بالفصل فيها و لا تتجاوزها إلى غيرها فتتحدد هذه الوقائع بما هو مدون في أمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور فلا يجوز للمحكمة إضافة تهمة إخرى غير متابع بها المتهم و إقامة الدعوى عنهامن تلقاء نفسها لأنّ معنى ذلك أن تضيع على المتهم حقا من أهم حقوقه وهو حق الدفاع ..(1).
الفرع الثاني : تقيد المحكمة بالأشخاص : من واجبات المحكمة التقيد بالأشخاص المقدمين إليها والمقامة عليهم الدعوى وذلك تطبيقا لمبدا الفصل بين سلطتي الإتهام و المحاكمة ,فالمحكمة لا يسمح لها أثناء نظر الدعوى الجزائية إدخال شخص آخر في القضية كمتهم.ولكن يرد هنا إستثناء أنّ المحكمة إذا رأت من خلال الوقائع التي تمت مناقشتها أمامها أن هناك أشخاص قد ساهموا في الجريمة ولم يشملهم الإتهام فيجوز لها تنبيه ولفت نظر النيابة العامة إلى ذلك لإنها تملك الفصل في الجرائم المحالة عليها و لا تملك توجيه الإتهام الذي هو من سلطة النيابة العامة .(2).
(1)مولاي ملياني بغدادي .المرجع السابق ص 363.أحمد شوقي الشلقاني مبادىء الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري ج 2 ديوان المطبوعات الجامعية 1998 ص 376.
(2)مولاي ملياني بغدادي .نفس المرجع السابق ص 364.*أحمد شوقي الشلقاني .المرجع نفسه ص 377 .
المطلب الثاني: سلطات المحكمة :للمحكمة ثلاث سلطات نذكرها كمايلي :
الفرع الأول :سلطة المحكمة في إعادة تكييف الجريمة :
عند ما يرد أمر الإحالة أو التكليف بالحضور فإنه يرد به.تكييف معين للجريمة .لكن القانون لم يلزم المحكمة بحرفية ذلك التكييف ,بل لها أن تغير الوصف القانوني للفعل المجرم و ذلك على اساس أن المحكمة هي الجهة الوحيدة التي تمتلك سلطة تطبيق القانون بحكم .فإذا وجدت أن الواقعة المطروحة أمامها و التي اثبتها التحقيق وأوردها أمر الإحالة أو التكليف بالحضور قد وضعت بوصف قانوني خاطىء فلاشك أنه يكون من حقها أن تصحح هذا الوصف وأن ترتب عليه بالضرورة أثره في القانون فمثلا :إذا تبين للمحكمة أن الواقعة ليست إحداث عاهة مستديمة ,بل هي شروع في قتل فهي لها الحق في أن تعطي الواقعة اسمها القانوني الصحيح .وتعديل الوصف لا يكون تعديل للتهمة .وعلى المحكمة أن تنبه المتهم إلى التغيير الذي أجرته ومنحه أجلا للإستعداد للدفاع فإذا عدلت الوصف وترافع الدفاع على أساس الوصف الجديد فلا يجوز لها أن تحكم طبقا للوصف الأول إلا اذا عادت اليه في مواجهة الدفاع ومكنته من المرافعة على أساس الوصفين. 359 ق.ا ج (1).
الفرع الثاني : سلطة المحكمة في تدارك الخطأ المادي :
اذا قامت المحكمة باصلاح الخطأ المادي وتدارك السهو في الاتهام لا تكون قد أضافت واقعة جديدة. فهي لم تقم سوى بتصحيح نفس الواقعة المطروحة عليها وبالتالي فهي لم تخرج من ولايتها ولم تخل بحق المتهم في الدفاع ومثال ذلك حق المحكمة في اصلاح الخطأ المادي الذي وقع في تاريخ الواقعة أو الخطأ الذي ورد في أمر الاحالة من أن العاهة المستديمة باليد اليمنى في حين أنها باليد اليسرى فهذا مجرد خطأ في الكتابة فتقوم المحكمة بتصحيحه والسير في المحاكمة على أساسه ويشترط القانون في الأخطاء المادية والسهو الذي تصححه المحكمة أن يكون من شأنه تجهيل الاتهام الوارد في الأمر الاحالة ويترتب على الخطأ تعديل واضح في الجريمة المنسوبة الى المتهم
(1).قررت محكمة النقض المصرية
محكمة الموضوع مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها القانونية وأن تطبق عليها حكم القانون تطبيقا صحيحا.)
القانون يوجب على المحكمة أن تكفل للمتهم حق الدفاع ويلزمها بأن تنبهه ومحاميه الى هذا التصحيح أو التدارك وأن تعطيه وقتا كافيا لتحضير دفاعه واذا لم تفعل تكون قد أخلت بحقه في الدفاع مما يوجب عنه بطلان الاجراءات التي قامت بها وبطلان الحكم . (1)
الفرع الثالث : سلطة المحكمة في تعديل التهمة :
اذا تبين للمحكمة أن هناك ظروف مشددة ثابتة من التحقيق أو المرافعة في الدعوى ولكنها لم ترد بأمر الاحالة أو التكليف بالحضور فهنا لها الحق في تعديل التهمة باضافة هذه الظروف ومثال ذلك اذا تبين لها أن هناك ظرفا مشددا كظرف سبق الاصرار والترصد في القتل أو ظرف الليل في السرقة واردة بالتحقيق لكن النيابة العامة أغفلته في امر الاحالة أو في التكليف بالحضور فللمحكمة أن تقرر تعديل التهمة واضافة الظرف المشدد ومعاقبة المتهم على أساس هذا التعديل لكن يجوز للنيابة تعديل التهمة باضافة وقائع جديدة لم ترد تماما بأمر احالة أي وقائع لم ترفع عنها الدعوى ولو أدي ذلك الى تغيير أساس التهمة أوزيادة عدد التهم المنسوبة الى الجاني ويجب اعلان المتهم بالتهمة الجديدة اذا كان غائبا وهذا التعديل يتم امام المحكمة الابتدائية ولا يجوز لها ذلك أمام المجلس لأنه يترتب عليه حرمان المتهم من التقاضي على درجتين.(2).
(1).د.جلال ثروت : الاجراءات الجنائية , الخصومة الجنائية .دار المطبوعات الجامعة الاسكندرية2002ص167.
(2).د.جلال ثروت: المرجع نفسه163. د. مولاي ملياني بغدادي . المرجع السابق ص366.
المطلب الثالث :تشكيل المحكمة وصلاحية القضاة للحكم:
الفرع الأول : تشكيل المحكمة:
المحاكم الجزائية نوعان: محاكم عاديةوأخرى استثنائية.المحاكم العادية هي صاحبة الاختصاص الأصيل في نظر كافة الدعاوى العمومية وهي أربعة
محكمة الجنح والمخالفات، المجلس القضائي، محكمة الجنايات والمحكمة العليا. ويختلف تشكيل هذه المحاكم تبعا لنوع الجريمة فيما اذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة ؟ ويقوم القضاء الجزائي على مبدأ تعدد درجات التقاضي ويعد مبدأ هام وضمانة من ضمانات القضاء تكفل سلامة الأحكام حيث محاكم الدرجة الأولى تستأنف أمام محاكم الاستئناف باستثناء أحكام محكمة الجنايات فهي لا تقبل الاستئناف.
1- محكمة الجنح والمخالفات : تفصل هذه المحكمة في جرائم الجنح والمخالفات التي تقع في نطاق اختصاصها الأقليمي وذلك حسب م 328-329ق ا ج والإختصاص الإقليمي يتحدد بالدائرة ففي كل دائرة من دوائر الولاية توجد محكمة .وتتشكل من ثلاث قضاة في مواد الجنح وقاضي فرد في مواد المخالفات ويتولى سكرتارية الجلسة كاتب ويقوم بوظيفة النيابة العامة وكيل الجمهورية وأحد مساعديه م 340 (1).
2- محكمة الجنايات : هي المختصة بالفصل في الأفعال الموصوفة قانونا بانها جنايات ,وتعقد جلستها بمقرالمجلس القضائي ,ويشمل إختصاصها الإقليمي كل دائرة إختصاص المجلس القضائي أي الولاية م252 ق إ ج .
وهي لا تنعقد يصفة دائمة بل لها دورات إنعقاد كل ثلاثة أشهر و تتكون من قضاة و محلفين ويقوم النائب العام أو مساعدوه بمهام النيابة العامة كما يكون بها كاتب م 256-257 إ ج .(2).
(1)أ.طاهري حسين. الوجيز في شرح قانون الإجراءات الجزائية دار المحمدية العامة سنة 1996 ص 75.د.أحمد شوقي الشلقاني .المرجع السابق . ص 332 .
(2)أ.طاهري حسين.المرجع نفسه. ص74 .* أحمد شوقي الشلقاني .نفس المرجع السابق ص 333 .
3- قضاة الأحداث :
ان الجرائم التي يرتكبها الحدث يتم الفصل فيها امام القضاء وذلك حماية لحرياتهم و تمكينا لهم من مجابهة ما يسند إليهم و حسن الدفاع عن انفسهم .فالمتهم الذي لم يبلغ 18 من عمره في قضايا المخالفات يحال إلى محكمة المخالفات التي تتشكل من قاضي فرد وتنعقد في غير علانية م 446 إ ج فنجد قسم الأحداث يتشكل من قاضي الأحداث .كذلك قاضيين محلفين ويختص قسم الأحداث بنظر الجنح التي يرتكبها الأحداث وغرفة الأحداث التي توجد بمقر المجلس القضائي تختص بنظر الجنايات التي يرتكبها الأحداث بدائرة اختصاصه ويتشكل من مستشار من اعضاء المجلس القضائي رئيسا بحضور النيابة العامة و معاونة كاتب الضبط م 473 إج. ولا تضم هذه الغرفة اية محلفين و تختص بنظر استئنافات أوامر قاضي الأحداث و أحكام قسم الأحداث (1).
الفرع الثاني : صلاحية القضاة للحكم :
1-صلاحية القضاة :إن الإسلام يامر بالعدل المطلق و المساواة بين الناس في الخصومات وإعطاء الحقوق إلى اصحابها و إلزام القاضي بأن يتحرى الصدق ويحكم بالعدل لذلك لا بد أن يتمتع القضاء بالإستقلال الذي يقوم على دعائم ثلاث هي : -حياد القاضي أي أن يكون محايدا عند سماعه لأقوال أطراف الخصومة-عدم التحيز و المحاباة لفريق دون آخر لذلك منع الإسلام القاضي أن يحكم لنفسه أو لوكيله أو لشريكه في شركة ولكنه أجاز له أن يحكم على أصوله وفروعه . لقوله –صلى الله عليه وسلم- :" وأيم الحق لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها"
-حرية الرأي و الإجتها د أي له حرية إبداء رأيه و تفسيره للأمور و لنصوص القانون و لذلك يتطلب فيه أن يكون ذا تأهيل علي و خلقي وأن يكون قائما و متفهما لعمله حتى يتمكن من ان يحكم بالعدل بعلمه وفهمه .
حتى تتم صلاحية القضاة للحكم وضع الإسلام شروطا لابد أن يتمتع بها القاضي و هي تتلخص فيمايلي :
(1)أ.طاهري حسين .المرجع نفسه. ص76 .
-الإسلام –البلوغ –العقل – الحرية –الذكورة –العدالة-البصر-السمع –النطق –العلم –الكتابة –سلامة الأعضاء .وقد أوجب الإسلام هذا ليقام العدل بين الناس دون تمييز بينهم لأن العدل اساس الحكم و قسطاسه المستقيم.(1).
تأكيدا على دور القضاء في إقامة عدالة جنائية مثالية اصدر المؤتمر الدولي السابع للوقاية من الجريمة ,الذي نظمته الأمم المتحدة سنة 1985 في ميلانو سلسلة قواعد أساسية تدعو إلى ترسيخ إستقلال القضاء و توفير الضمانات اللازمة للقضاة ,لكي يتمكنوا من القيام بمهامهم بكل تجرد و ترفع و استقلال غير متأثرين بأية سلطة سوى سلطة القانون و الضمير .(2).
صلاحية القضاة للحكم تتجلى لنا في الصفات التي يجب أن يتمتع بها القاضي أثناء نظر الدعوى حيث يجب عليه النظر إلى المتهم أثناء المحاكمة نظرة مجردة مستمدة من الوقائع المطروحة في الملف حتى اذا ما جاءت مرحلة تقدير العقوبة فيلجأ الى الوسائل التي بها يمكن تقرير العقاب المناسب دون أن يظلم المتهم ويحقق بذلك العدل المنتظر منه.(3)
.عدم الصلاحية :اثناء نظر الدعوى العمومية من طرف المحكمة نجدها تقضي فيها حسب إقتناعها الشخصي بعيدا عن كل المؤثرات حولها وخاصة طلبات الخصوم .فإن لم يقبلوا بهذا القضاء فليس لهم سوى الطعن فيه و بالمقابل وفر القانون للمحكمة حماية وذلك بمعاقبة كل من يعتدي على أعضائها اثناء و بسبب تأدية مهامهم ونص على هذا في قانون العقوبات م 144-148 .(4).ومن جهة أخرى قرر القانون ضمانات للخصوم تهدف إلى كفالة نزاهة حكم القضاء وتتمثل في رد القضاة و الإحالة من محكمة لأخرى وهذا في حالة عدم صلاحية القضاة للحكم في الدعوى العمومية المنظورة أمامهم.(5).
(1)د.جابر إبراهيم الراوي حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في القانون الدولي و الشريعة الإسلامية .دار وائل عمان 1999 ص 359
(2)د.مصطفى العوجي دروس في العلم الجنائي ج 1 الجريمة والمجرم مؤسسة نوفل بيروت ط2 سنة 1987ص 682.
(3)الندوة الوطنية للقضاء الجنائي الديوان الوطني للأشغال التربوية 1994 ص 62 .أنظر كتاب عمر بن الخطاب إلى أبو موسى الأشعري في كتاب سياسة القضاء و تدبير الحكم .د.جابر إبراهيم الراوي المرجع نفسه ص 263.
*41)م 144 قانون العقوبات :الديوان الوطني للأشغال التربوية ط:3سنة 2001 تنص على :] يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة مالية من 1000 دج إلى 500000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من أهان قاضيا أو موظفا أو ضابطا عموميا او قائدا أو أحد رجال القوة العمومية بالقول أو بالإشارة أة التهديد أو بإرسال أو تسليم أي شيء إليهم أو بالكتابة أو الرسم غير العلنين اثناء تأدية وظائفهم أو بمناسبة تأديتها وذلك بقصد مماس بشرفهم أو باعتبارهم أو بالاحترام الواجب سلطتهم .وتكون العقوبة بالحبس من سنة إلى سنتين إذا كانت الإهانة الموجهة إلى قاض أو عضو محلف أو أكثر قد وقعت في جلسة محكمة او مجلس قضائي .
*وبحوز للقضاء في جميع الحالات أن يأمر بنشر الحكم ويعلق بالشروط التي حددت فيه على نفقة المحكوم عليه دون أن تتجاوز هذه المصاريف الحد الأقصى للغرامة المبينة أعلاه .[ .*/ م 148 قانون العقوبات تنص على] يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات كل من يتعدى بالعنف أو القوة على أحد القضاة أو أحد الموظفين أو القواد أو رجال القوة العمومية أو الضباط العموميين في مباشرة أعمال وظائفهم او بمناسبة مباشرتها . .[ (.4)أحمد شوقي الشلقاني .المرجع السابق ص 348.*/د.عوض محمد عوض المرجع السابق ص 511 .*/ مولاي بغلياني بغدادي المرجع السابق ص 348.
*/ رد القضاة :
من الصفات المهمة الواجب توفرها في القضاة هما صفتي الحياد وعدم التحيز.فلا سلطة عليهم إلا سلطة ضميرهم والقانون .لذلك كان الخلفاء في صدر الإسلام يباشرون القضاء بأنفسهم ولا يجعلونه إلى من سواهم ,فلابد أن يحقق القاضي المساواة بين الخصوم امامه.فعليه أن يوقع العقوبات في الجرائم والظروف المتماثلة بشكل عادل ومتناسب خاصة إذا كانت ظروفهم القانونية متشابهة وهذا تطبيق لمبدا :"لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ."(1)
فمتى قام بالقاضي ما يشكك في حياده ,أجاز قانون الإجراءات الجزائية للمتهم ولأي خصم في الدعوى طلب رد أي قاضي من قضاة الحكم (2)وهذا يعني أنّه لا يجوز رد كاتب الجلسة ولا أعضاء النيابة العامة لأنها طرف في الدعوى ولا تفصل فيها .فهي خصم اصلي فيها و الخصوم لا يجوز ردهم ,وهذا حسب المادة 555 ق إ ج .
*/ كيفية طلب الرد :
يعين فيه اسم القاضي المطلوب رده واوجه الرد المدعى بها ومبرراته ويجب أن يوقع من طالب الرد أو من وكيله بوكالة خاصة لذلك, ثم يوجه إلى رئيس المجلس القضائي إذا تعلق الرد بقاضي في محكمة ابتدائية واقعة في دائرة ذلك المجلس أو إلى الرئيس الأول بالمحكمة العليا إذا تعلق الأمر بأحد اعضاء المجلس القضائي وجزاء إغفال شروط تحرير الطلب هو بطلانه .(3).
(1).د.جابر إبراهيم الراوي المرجع نفسه ص 203 قال بن خلدون :"واما القضاء فهو من الوظائف الداخلة تحت الخلافة لأنّه منصب على الفصل بين الناس في الخصومات حسما للتداعي وقطعا للتنازع بالأحكام الشرعية المتلقاة من الكتاب و السنة فكان لذلك من وظائف الخلافة ومدرجا في عمومها وأول من دفعه إلى غيره وفوّضه فيه عمر بن الخطاب فولى أبا الدرداء بالمدينة وولى شريحا بالبصرة وولى أبا موسى الأشعري بالكوفة ".
*/المادة 1 من قانون العقوبات .الديوان الوطني للأشغال التربوية الطبعة 3سنة 2001.
(2)المادة 557 ،559 ق أج المادة 555 تنص على لا يجوز رد رجال القضاء أعضاء النيابة العامة المادة 557 يجوز طلب الرد من جانب المتهم أو كل خصم في الدعوى
(3)د شوقي الشلقاني .المرجع السابق ص 348.
*/ أسباب الرد: نص عليها المشرع في المادة 554 قانون إج ج وهي كالآتي :
1- وجود قرابة أو نسب بين القاضي أو زوجه وبين أحد الخصوم في الدعوى أو زوجه أو أقاربه حتى درجة إبن العم الشقيق وإبن الخال الشقيق ضمنا.و القرابة والمصاهرة هي أسباب تمنع المحلف من عضوية محكمة الجنايات .
إذا كان الزوج على علاقة مصاهرة بأحد الخصوم حتى الدرجة الثانية ضمنا وهو في حالة طلاق أو وفاة فيجوز مباشرة الرد.
2-عندما تكون للقاضي مصلحة في النزاع أو لزوجه أو للأشخاص الذين يكون وصيا أو قيما عليهم أو مساعدا قضائيا لهم او حتى كانت للشركات أو الجمعيات التي يساهم في إدارتها و الإشراف عليها مصلحة فيه.
3-اذا كان القاضي أو زوجه قريبا أو صهر للوصي أو القيم أو المساعد القضائي على أحد الخصوم أو لمن يتولى تنظيم وادارة أعمال مشتركة تكون طرفا في الدعوى .
4-اذا كان القاضي أو زوجه دائنا أو مدينا لأحد الخصوم أو وارثا منتظرا أو مستخدما او اعتاد على معاشرة المتهم أو المسؤول عن الحقوق المدنية أو المدعي المدني أو كان احد منهم وارثه المنتظر.
5-اذا قام القاضي بالنظر في ذات القضية كقاض أو محكما أو كان محاميا فيها أو تم تنصيبه كشاهد أدلى بأقواله حول وقائع في الدعوى .وهذا السبب ينطبق كذلك على المحلف في محكمة الجنايات.
6-اذا وجدت دعوى بين القاضي وزوجه أو أقاربهما أو اصهارهما على عمود النسب المباشر بين أحد الخصوم أو زوجه أو أقاربه أو أصهاره على العمود نفسه.
7-اذا كان للقاضي أو لزوجه دعوى أمام المحكمة التي يكون فيها احد الخصوم قاضي .8-اذا اتضح مظهر يستشف منه تجبر القاضي في الحكم.
9-اذا كان للقاضي أو لزوجه أو أقاربهما أو أصهارهما على عمود النسب المباشر نزاع مماثل للنزاع المختصم فيه أمامه بين الخصوم(1).
10-وهذه الحالات م>تشابهة مع حالات الرد المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية بالنسبة للقاضي المدني وإن لم تكن متشابهة في مجملها فهي متشابهة في جزء منها.(2).
(1) د . عوض محمد عوض . المرجع السابق .ص 513 .* د. مولاي ملياني بغدادي . المرجع السابق .ص349 .
(2) د . الغوتي بن ملحة . القانون القضائي الجزائري . ديوان المطبوعات الجامعية سنة 1995 ص 75 . المواد 201/04 ق إ ج
*/ نظر طلب الرد :
بعد تقديم طلب الرد إلى الرئيس يقوم هذا الأخير بتقديم طلب للقاضي المطلوب رده ليقدم توضيحاته حول طلب الرد. ثم يأخذ رأي النائب العام ,أو النائب لدى المحكمة العليا اذا كان طلب الرد متعلقا بأحد أعضاء المجلس القضائي ,ويتم بعدها الفصل في الطلب ,وبالمقابل لا يقبل قرار الفصل في الرد الطعن بأي طريق من طرق الطعن وينتج اثره بقوة القانون (1).
معنى ذلك انّه اذا تم قبول طلب الرد وحسب تنحية القاضي عن نظر الدعوى وهذا ما نصت عليه المادة 562 ق إج بقولها :] لا يكون القرار الذي يفصل في الرد قابلا لأي طريق من طرق الطعن وينتج أثره بقوة القانون.والقرار الصادر بقبول رد القاضي مؤداه تنحيه عن نظر الدعوى . [
كذلك يجوز طلب رد قضاة التحقيق وذلك بالتقدم بعريضة ويوقف عندها مواصلة الإستجواب أو المرافعة ويجوز للرئيس المعروض عليه الطلب رد بعد أن يستطلع رأي النائب العام أن يأمر بإيقاف القاضي المطلوب رده عن مواصلة التحقيقات او المرافعات أووة النطق بالحكم .
من ناحية أخرى فالواجب على كل قاضي كان على علم بتوافر أحد اسباب الرد لديه اخطار رئيس المجلس القضائي الذي له أن يتخذ قراره فيما إذا كان يجب عليه التنحي عن نظر الدعوى ام لا,وهذا حسب ما نصت عليه المادة 556 من ق ا ج : ]يتعين على كل قاضي يعلم بقيام سبب من أسباب الرد السابق بيانها في المادة 554 لديه أن يصرح بذلك لرئيس المجلس القضائي بدائرة اختصاص حيث يزاول مهنته و لرئيس المجلس القضائي أن يقرر ما اذا كان ينبغي عليه التنحي عن نظر الدعوى [ . مما تجدر الإشارة إليه أن القاضي لا يجوز له أن يرد نفسه بنفسه أي من تلقاء نفسه دون اذن من رئيس المجلس القضائي .
(1)أحمد شوقي الشلقاني . المرجع السابق . ص 350 .م 561 ق إ ج
*/ سقوط حق طلب الرد :
إن الحق في طلب الرد يسقط اذا لم يقدم قبل المرافعة في الموضوع ,وبالنسبة لقاضي التحقيق اذا لم يقدم قبل استجواب أو سماع أقواله في الموضوع مالم يكن اسباب الرد قد تحققت فيما بعد 558 ق إ ج .
قد نص المشرّع في قانون الإجراءات الجزائية في المادة 565 منه على انه اذا تم رفض طلب الرد قضي على طالبه بغرامة تتراوح من 2000 إلى 50000 دج دون اخلال بالعقوبات المستحقة اذا ثبت أن القصد من تقديم الطلب هو إهانة القاضي (1).
*/ الإحالة من محكمة إلى أخرى :اذا تراىء انحياز من القاضي يمكن إحالة الدعوى العمومية إلى جهة قضائية أخرى وتكون من نفس درجة الجهة القضائية المنظور امامها الدعوى .وقد تطرق قانون الإجراءات في المادة 548 منه للأسباب التي تجيز الإحالة ويمكن ذكرها كالآتي :
قيام شبهة مشروعة :معنى ذلك أن يكون الرأي العام في المنطقة يشعر بالتعاطف مع المتهم أو يشعر بالكراهية تجاهه مما يدفع بالقضاء إلى تبرئته أو إدانته ,متأثرا بمشاعر الرأي العام وبذلك يحتمل ان يبرىء مجرما ويفلت من العقاب ,أو يدين بريئا.
داعي الامن :قد تقوم مظاهرات أو اعتداءات على المصالح الحيوية بغرض الإفراج على المتهم أو تهديد وتخويف القضاة ,مما يؤدي إلى إضطراب الأمن العام في المنطقة فيتم لمواجهة الوضع تحويل نظر الدعوى إلى محكمة أخرى وهذا ما أرسته محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 17/04/1975 ب 99 .
(1)د.مولاي ملياني بغدادي .المرجع السابق ص 349.
.حسن سير القضاء :لقد أجاز القانون لوكيل الجمهورية وقاضي التحقيق والمحاكم والمجالس التي يكون المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية محبوس بدائرة اختصاصها النظر في جميع الجرائم المنسوبة إليه رغم انّه طبقا لقواعد الإختصاص لايدخل ذلك في اختصاصهم .والغرض المتوخي من ذلك هو تحاشي هرب المحكوم عليه وتوفير الوقت والجهد اللازمين ليتم نقله إلى المحكمة المختصة .
-إذا توافر السبب الأول فإنّه يجوز لكل من النيابة ,المتهم ,المدعي المدني حق تقديم طلب الإحالة أما في السببين الثاني والثالث فالجواز يكون للنائب العام لدى المحكمة العليا وحده رفع الأمر إلى ذات المحكمة .(1)
-يتم تبليغ العريضة إلى جميع الخصوم المعنيين بالأمر وذلك بإيداع مذكراتهم في ظرف عشرة أيام لدى قلم الكتاب وهذا حسب ما نصت عليه المادة 550 ق إ ج وبعد انتهاء مهلة الإيداع يتم الفصل في الطلب أمام غرفة المشورة من الرئيس الأول ورؤساء الغرف بالمحكمة العليا ,فإذا قبل طلب الإحالة عينت المحكمة العليا المحكمة التي تنظر الدعوى .وهنا لايقبل طلب الإحالة اذا لم تكن الجهة القضائية انعقد اختصاصها فعلا بالملف وهذا ما جاء لدى محكمة النقض الفرنسية في نقض 19/05/1967 ب 155 و 24/04/1975 ب 109 .
والملاحظ أنّ أمر المحكمة العليا بالتخلي نهائيا عن الدعوى لا يقبل الطعن فيه.
(1) م 549 ق.إ.ج. أ.طاهر حسين .المرجع السابق ص 152 .
المبحث الثاني : إجراءات المحاكمة الجزائية:
المطلب الأول : القواعد العامة للتحقيق النهائي :
تحكم التحقيق النهائي الذي يتم أثناء المحاكمة الجزائية مجموعة من القواعد وكلها تكفل حق المتهم في الدفاع ,فإذا تغيبت إحدى هاته القواعد نكون بصدد إخلال بحق الدفاع ممّا يوجب بطلان المحاكمة مع جميع إجراءات اللاحقة.
الفرع الأول : علانية الجلسة وحضور الأطراف :
من مظاهر المساواة أمام القضاء أن يحضر جميع الأطراف إلى الجلسة التي تكون علانية وهذا ما نصت عليه المادتين 285-342 ق.إ.ج ,وتعد علانية الجلسة احدى الضمانات الهامة في التقاضي فهي تتيح للخصوم فرصة ليحسنوا الدفاع عن أنفسهم ,والتمكن من ممارسة الرقابة على المحكمة والطعن في الإجراءات المخالفة للقانون إن بدت لهم ,وتتحقق العلانية بالسماح للجمهور بحضور الجلسة دون تمييز بين الأشخاص وهذا ما ورد في قرار محكمة النقض المصرية بتاريخ 27/02/1962.(1)
وهي قاعدة جوهرية نص عليها الدستور المصري في المادة 169 منه وقانون الإجراءات الجزائية المصري.
فلا يكفي أن تراعى العلنية في الجلسة الاولى أو عند النطق بالحكم بل يجب أن تتم مراعاتها قي كل الجلسات ,وهذا إذا تمت المحاكمة خلال عدة جلسات .(2)
*/ القيود التي ترد على العلانية :
إذا كانت القاعدة العامة هي علانية الجلسة فالإستثناء الوارد عليها هو إمكانية عقد حلسة سرية وذلك إذا كان في علانيتها مساس بالنظام العام أو الآداب العامة .ويتم النطق بهذا الحكم في جلسة علنية حسب ما نصت عليه المادة 285 ق.إ.ج ,فالسرية تخضع للسلطة التقديرية للمحكمة .(3)
(1)د.عوض محمد عوض .المرجع السابق ص 596.
*د.الغويثي بن ملحة .المرجع السابق ص 274.
*د.مولاي مغلياني بغدادي .المرجع السابق ص 369.
*د.محمد أحمد عابدين اجراءات الدعوى مدنيا وجنائيا .منشأة المعالرف الإسكندرية 2002 ص 633 .
*المادة 169 ق.إ.ج المصري تنص على ] يجب أن تكون الجلسة علنية.[
(2)د.جلال ثروت .المرجع السابق ص 154.
(3)م 285 ق.إ.ج تنص على :"المرافعات علنية مالم يكن في علانيتها خطر على النظام العام او الآداب وفي هذه الحالة تصدر المحكمة حكمها القاضي بعقد الجلسة سرية في جلسة علنية غير ان للرئيس أن يحظر على القصر دخول الجلسة واذا تقررت سرية الجلسة تعين صدور الحكم في الموضوع في جلسة علنية ,ولاتجوز مقاطعة المرافعات ويجب مواصلتها إلى أن تنتهي القضية بحكم المحكمة."
*د.مولاي بغدادي .المرجع السابق ص 372.
واذا قررت المحكمة سرية الجلسة باكملها فيقتصر ذلك على سماع الدعوى دون ما يسبق ذلك من اجراءات تمهيدية لاتمس موضوع الدعوى كتلاوة أمر الإحالة.
والسرية تقتصر على الجمهور والصحافة حتى لا يضار المجني عليه من نشر القضية علىالملأ وفضح أمره امام الرأي العام ولا يمكن أن تتعدى إلى الخصوم فإن حدث ذلك اعتبر مساسا بحقوق الدفاع .فعلى المحكمة تقديم تبريراتها لعقد جلسة سرية .(1).
من جهة اخرى نجد القانون اوجب أن تكون جلسات أقسام الاحداث سرية,مع سرية صدور احكامها أيضا وهذا ماتم النص عليه في المواد 461-463 ق.إ.ج (2).
اما حضور الأطراف فله اهمية بالغة حيث انهم يتمكنوا من مراقبة سير التحقيق وأقوال الشهود فيوجهون إليهم ما يرونه مناسبا من الأسئلة ,ويتمكنوا من تحضير دفاعهم هذا بالنسبة للمتهم والمدعي المدني ,أمّا النيابة العامة فتخلفها عن الحضور يبطل تشكيل المحكمة (3) .
وجوب حضور الخصوم يكون عند كل إجراء تتخذه المحكمة لانّه من الواجب ان يعلموا بكل إجراء أتخذه القاضي حتى يتسنى لهم مناقشة الدليل المستمد منه ,أمّا إذا قام المتهم بتشويشات وفوضى أثناء نظر الدعوى فيمكن للمحكمة ابعاده مع استمرار الإجراءات إلى غاية إمكانية السير فيها بحضوره وعلى المحكمة في مقابل ذلك احاطته علما بكل ما تم في غيبته من إجراءات ,ومما سبق فإن ضرورة حضور الخصوم يؤدي إلى المواجهة بينهم وهو مبدأمقرر فلي المحاكمات الجزائية وذلك لإتصاله بحق الدفاع إتصالا وثيقا ,والمقصود به أن يواجه كل خصم خصمه بما لديه من ادلة وأسانيد ولابد في مقابل ذلك أن يتمكن كل طرف منهم الرد على الآخر وذلك بتنفيذ أدلته والتقليل من مصداقيتها اوتقديمه لأدلة مضادة ,وبالتالي يتمكن كل خصم من الدفاع عن نفسه بنفسه أو بواسطة مساعدة قانونية يختارها. (4)
(1)د.جابر إبراهيم الراوي .المرجع نفسه ص 81.*/احمد شوقي التلقاني .المرجع السابق ص 384.*المادة 14 الاتفاقية الدولية للحقوق السياسية والمدنية.
(2)محكمة النقض المصرية أقرت أنه لن يختلف الامر حين يحضر القانون نظر بعض الدعاوى علنا ومن قبيل ذلك ما يقضي به قانون الطفل في م 126/1 .فالسرية في هذا النص واجبة بقوة القانون فلا يقتضي تقريرها صدور أمر من المحكمة نفسها لا تملك تقرير العلنية في أي حال .فإن هي فعلت كانت اجراءات المحاكمة باطلة بطلانا يتعلق بالنظام العام .
(3) د.مولاي ملياني بغدادي .المرجع السابق ص 373.*/دجلال ثروت المرجع السابق ص 157.*/أ.أحمد شوقي الشلقاني .المرجع السابق ص 385 .
(4)د.عوض محمد عوض .المرجع السايق ص 609.
*/أ.أحمد شوقي الشلقاني .نفس المرجع السابق ص 386.*/د.جابر إبراهيم الراوي .المرجع السابق ص 222.
*/ يبطل الحكم المؤسس على أقوال شاهد صدرت في غيبة المتهم نقض لمحكمة النقض المصرية بتاريخ 03/06/1953.أشار إليه أحمد شوقي الشلقاني .المرجع نفسه ص 386.
فإذا لم يحضر المتهم مثلا اجراء المعاينة فيبطل الحكم المؤسس على تلك المعاينة وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية في نقض لها تم بتاريخ 03/05/1903. كذلك اذا تم سماع اقوال شاهد في غيبة المتهم فالحكم يكون باطلا (1).
الفرع الثاني : تدوين اجراءات التحقيق :
وهي قاعدة أوجبها القانون حيث يقوم كاتب الجلسة بتدوين كل ما يدور بها من مرافعات,والغرض منه هو التمكن من الرجوع إليه عند المنازعة او في حال وقوع إشكال في نسخة الحكم.
كما أن كل ما يدون بالمحضر من إجراءات يعتبر حجة على وقوع الإجراء صحيحا,ومن ثمة لاتجوز المنازعة أو التشكيك في تلك الإجراءات إلا بطريق الطعن بالتزوير .فحتى لو وقع خطأ مادي أثناء عملية التدوين ولم يكن مؤثرا على سلامة الحكم فلا يمكن الطعن بالتزوير في ذلك المحضر ,مادام الحكم سليما .(1)
الفرع الثالث : شفوية المرافعة:
الأصل أن القاضي الجنائي يجري تحقيقا في الجلسة بغرض تكوين عقيدته في الدعوى ,وما قيمة التحقيق الأولي إلا تكملة إقتناع القاضي ,ومبدأ شفوية المرافعة يعني طرح كل دليل في الدعوى للمناقشة ,والهدف من ذلك هو التعرف على الحقيقة ولكن ترد عليه إستثناءات أهمها :
-إمكانية تلاوة أقوال الشاهد بالجلسة دون أن يثبت أن الطاعنين إعترضوا على ذلك وهذا لايعتبر إخلالاّ بحق الدفاع
-المحاكم الإستئنافية تحكم على مقتضى الأوراق فلا تجري من التحقيقات إلاّ اللازم منها ولاتلزم إلاّ بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم امام محكمة أوّل درجة .(2)
(1) م 236 ق.إ.ج ] يقوم الكاتب تحت إشراف الرئيس باثبات سير المرافعات ولا سيما أقوال الشهود وأجوبة المتهم .ويوقع الكاتب على مذكرات الجلسة ويؤشر عليها من الرئيس في ظرف ثلاثة أيام التالية لكل جلسة على الأكثر.[
*/د.جلال ثروت .المرجع السابق ص 158.
*/د.مولاي ملياني بغدادي .المرجع السابق ص 374.
*/د.عوض محمد عوض .المرجع السابق ص 627.
(2)أ.طاهري حسين .المرجع السابق ص 91.
*/د.محمد أحمد عابدين .إجراءات الدعوى مدنيا وجنائيا .المرجع السابق ص 652.
*/د.عوض محمد عوض .نفس المرجع السابق ص 602.
المطلب الثاني :حضور المتهم والمرافعات :
الفرع الأوّل :حضور المتهم :
يكلف المتهم بالحضور إلى المحاكمة تكليفا صحيحا (1). وإلاّ إتسمت بالبطلان ,وينبغي على المتهم الحضور شخصيا بإستثناء تقديمه عذرا مقبولا .ويكون الحكم الصادر بشأنه حكماً حضورياً في الحالات التالية :
-عندما يجيب لنداء اسمه ثم يغادر قاعة الجلسة بمحض إرادته.
-الذي يقرر التخلف عن الحضور رغم أنّه حاضروذلك برفضه الإجابة .
-الشخص الذي يحضر الجلسة الأولى ثم يتخلف عن باقي الجلسات .
وعلى المتهم أن يحضر بنفسه في جميع حالات المحاكمة أمام المحاكم الجزائية على إختلاف أنواعها ويجب أن يحضر كذلك المتهم الجلسة دون قيود في يده أو أغلال لأن ذلك يؤثر عليه وعلى معنوياته ويقلل من شعوره بالعدالة ,وينتابه شعور بأنّه مازال داخل الزنزانة وهذا مانصت عليه المادة 293 ق.إ.ج .
إن الوسيلة التي عن طريقها يكلف المتهم بالحضور أمام المحكمة هي ورقة التكليف بالحضور التي تبعث إليه قبل مدة زمنية من الجلسة ,و يجب أن تتضمن ورقة التكليف التهمة المنسوبة إليه ومواد القانون التي تنص على العقوبة ,وتعلن إلى الشخص نفسه أو في محل إقامته أو تسلم إلى أحد المقيمين معه,وبالنسبة للمحبوسين يتم إعلانهم عن طريق مأمور السجن بتسليمه ورقة الإعلان .
(2) لابد أن يحتوي التكليف على البيانات التالية :
أ- اسم المدعي وصفته (وكيل جمهورية أو ممثل النيابة ) والمحكمة التي يعمل بدائرتها.
ب- اسم المتهم والمسؤول عن الحقوق المدنية عند اللزوم وصفته ومحل اقامته ومن خاطب القائم بالتبليغات وسلمه نسخة التكليف بالحضور .
ت- اسم القائم بالتبليغ ورقمه وتوقيعه وهو ما يسمح بالتأكد من اختصاصه باجراء التكليف بالحضور .
ث- المحكمة التي رفع أمامها النزاع ومكان وتاريخ الجلسة .
ج- الواقعة التي قامت عليها الدعوى مع الإشارة إلى النص القانوني الذي يعاقب عليها وتكليف المتهم بالحضور لسماع الحكم عليه بشأنها , وذلك حتى يتمكن من اعداد دفاعه .
ح- تاريخ تسليم التكليف بالحضور باعتباره ورقة رسمية .
وهذه البيانات نصت عليها المادة 13 ق.إ.ج والمادة 440ق.إ.ج.
1/ الإستعانة بمدافع :
لم يشترط القانون وجود محام مع المتهم أمام كل المحاكم .بل إنّه جوازي في المخالفات والجنح ووجوبي في الجنايات ,ولكن اذا حضر مع المتهم مدافع فمن واجب المحكمة أن تتيح له فرصة الدفاع بكل حرية وفي إطار القانون , وأن تمكنه من أداء دوره الذي أعطاه إياه الدستور (1).
وهذا ماضمنته الإتفاقيات الدولية ,والخاصة بالحقوق السياسية والمدنية في المادة 14 منها تحت عنوان الضمانات الخاصة بالتقاضي والتي ذكرت من بينها عبارة :"الحصول على الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعه والإتصال بمن يختاره من المحامين " (2).
والجدير بالملاحظة أنّه لايجوز أن يتخذ من عدم حضور المحامي أو عدم إستعداده للدفاع ذريعة لطلب تأجيل نظر الدعوى مالم يكن ذلك راجع لعذر قهري .أما وإن رفضت المحكمة مع وجود هذا العذر كان حكمها باطلا لإخلاله بحق الدفاع .ومن المهم جداً أن نتطرق لطبيعة العلاقة التي تربط المتهم بالمحامي والتي اختلف حولها الفقه . حيث أن الشريعة اللاتينية و الأنجلو سكسونية تريان أنها علاقة وكالة ,أي المحامي وكيل عن صاحب الدعوى .ولكن هناك رأي مخالف له وهو –لجان ابتوان- الذي يرى أنها علاقة خدمة عامة ,تنتفي عنها صفة الوكالة في حالة المحامي المنتدب من المحكمة ,لكن الرأي الراجح أن وكالة المحامي هو عقد يخضع لأحكام القانون المدني وهي لها خصائص ومميزات .(3).
هناك سؤال مهم يطرح نفسه :هل حق الدفاع هو حق بالمفهوم الفني لكلمة حق أم حرية أو امتياز ؟ فالإجابة عنه أنّ حق المتهم في الدفاع في مواد الجنايات هو حق بالمفهوم الفني كفلّه الدستور وأوجبه على عاتق الدولة في حالة عدم استعانته بمحام .أما في مواد الجنح فيظهر لنا على أنه ينبغي أن يسمى بالحرية أو الإمتياز لأنّه جوازي والشخص له حرية كاملة في الإستعانة بمدافع أو عدم الإستعانة به .دون أن تلتزم الدولة بتحقيقه .(4).
(5) د.جلال ثروت.المرجع السابق ص 200.
(6) د.جابر إبراهيم الراوي .المرجع السابق ص 221.
(7) أ.طاهري حسين .المرجع السلبق ص 92.
(8) الندوة الوطنية للقضاء الجنائي .الديوان الوطني للأشغال التربوية ص 63.
2/ واجبات الدفاع وحقوقه :
من واجبات المحامي الدفاع لدى القضاء عن موكله , فيقوم بإبداء آراء والإستشارات إلى المتقاضين ,وكذا يقوم بكل إجراء ,ويجب أن يتدخل في كل تدبير قضائي ,وله رفع كل طعن لصالح موكله ,ومن الواجبات أيضا ممارسة الدفاع في إطار القانون .
أما حقوقه فهي متمثلة في الطلبات التي يبديها وهي كثيرة تتجلى كلها أثناء المحاكمة لدى محكمة الجنايات وهي متمثلة فيمايلي :
*طلب التأجيل :
قد تختلط بمفهومه عدة طلبات منها كأن يطلب دفاع المتهم تأخير القضية الخاصة به حتى ينتهي من قضية اخرى ,فأخرتها المحكمة و لكن المتهم اعتقد أنّ قضيته أجلت إلى يوم آخر فانصرف ,ولما جاء موعد قضيته ونودي عليه ولم يمثل أمام المحكمة فنعتبره غائبا ويمثله دفاعه وتستمر اجراءات محاكمته بشكل عادي ويعد ذلك إخلال بحق الدفاع من طرف المحكمة ,فإنصراف المتهم من المحكمة قبل أن يتثبت من مصير قضيته رعونة منه ,فيتحمل هو تبعتها .
كما قد يطلب المتهم التأجيل اذا قدم للمحكمة بجلسة المرافعة مستند ولم يسبق للمتهم الإطلاع عليه واعترض على تقديمه في ذلك الظرف وطلب التأجيل لغرض الرد عليه وتاويله لمصلحته ولكن المحكمة لم تجب إلى طلبه وقبلت المستند وإعتمدت عليه في تكوين اقتناعها ,كذلك من أمثلة طلب التأجيل عندما يطلب المتهم مهلة ليحصل على مدافع عنه في حين أنها طلبت هي منه ان يدافع عن نفسه عند تخلي محاميه عن الدفاع عنه وهو متهم بجنحة فيها حق الدفاع جوازي ,واذا رفضت هنا التأجيل فلا تكون قد اخلت بحق الدفاع ,كما قد ترفض التأجيل غير الجدي إذ كان الهدف منه عرقلة مسير الدعوى فهذا ليس اخلالا بحق الدفاع أيضا ومما سبق نستخلص أنّه للمحكمة سلطة تقدير طلبات التأجيل ,فتجيب للطب الضروري وترفض ما لا ترى فيه اهمية وضرورة.
في حالة قبول المحكمة لطلب التأجيل فليس لها الرجوع عن أمرها من دون اخطار المتهم وتنبيهه بذلك ,ويكون للمتهم الطعن في حكمها بالنقض اذا لم يكن له طريق آخر وللمحامي في حالة السبب القهري للغياب ان تمهله فرصة كافية لتحضير دفاعه وإلاّ فإنها تكون أخلت بحق الدفاع ,أما إذا تخلف المحامي عن الحضور ولم يقدم عذره واستمر السير في الدعوى وبالمقابل أصر المتهم على تمكينه من حقه في الدفاع بواسطة محام آخر غير الذي استعان به وكان غائبا فعندئذ يجب على المحكمة تأجيل الدعوى .
ويتنافى حق طلب التأجيل اذا تم إعلان المتهم بميعاد الجلسة بإعلان صحيح ,كما نص عليه القانون وهو لم يمثل وتم رفض التأجيل وتمت المحاكمة غيابيا فلا يعد هذا إخلالا من المحكمة بحق الدفاع .
*/ طلب التحقيق :
إنّ المحكمة لما تريد أن تكون اقتناعها ,فذلك الإقتناع يتأتى لها من كل الادلة المطروحة أمامها سواء اتجهت كلها لإدانة المتهم أو تبرئته ,ومهما كان نوعها سواء شهادة شهود أو كتابات .
وفي صدد كل هذا يلجأ المتهم إلى تقديم طلب التحقيق في الأدلة, و لكن اذا كان هذا التحقيق لا يؤثر في إدانته لأنها ثابتة قي دلائل اخرى فلا جناح على المحكمة إن أهملت طلبه ,فإن قامت المحكمة بتحقيق دليل في الدعوى وكان هذا الدليل غير منتج في نفي التهمّة عن المتهم وباقي الأدلة المعتمد عليها ,أدت إلى نتيجة الإدانة فهذا لايؤثر في سلامة الحكم ,لكنه من زاوية اخرى يقع على عاتق المحكمة اتمام تحقيق بداته بغرض الوصول إلى الحقيقة فإن لم تتمه وعدلت عنه دون ذكرها لسبب العدول فإنّ حكمها يكون معيباً.(1).
إذا تم التنازل عن طلب التحقيق ,ثم أراد الرجوع وأعاد طلبه مرة ثانية ,فهذا الأمر جائزٌ مادامت المرافعة دائرة أما وإن تم إقفال باب المرافعة وقدم المتهم مذكرة بطلب التحقيق في فترة حجز القضية للحكم فالمحكمة غير ملزمة بإجابة طلبه .لأنه باقفال باب المرافعة تنتهي فرصة تقديم الطلبات .لكن هذه الطلبات يجوز تقديمها في الإستئناف .
(4) عبد الحميد الشواربي .الإخلال بحق الدفاع في ضوء الفقه والقضاء .المرجع السابق ص 251.
*/ طلب ندب خبير :
الخبير هو شخص غير موظف في القضاء وهو صاحب معلومات فنية وخاصة ,لا تتوافر لدى رجل القضاء والخبرة عكس الشهادة فهي رأي للخبير يؤسسه على وقائع أو ظروف معينة إستنادًا إلى مهارته الفنية أو العلمية ,فيجوز استبدال خبير بآخر لابداء الرأي ,وقد يقوم الدفاع بتقديم طلب ندب خبير كما جاء ذلك في المادة 143 إ.ج (1).
فمثلا في حالة شخص متهم تقرر اختلاله العقلي وتحكم المحكمة بإدانته كونها عند التحقيق رأت سلامة عقله فلا اساس لهذا الحكم وكان عليها اللجوء إلى الخبير الطبي .(3).
(5) م 143 ق.إ.ج [ لكل جهة قضائية تتولى التحقيق أو تجلس للحكم عندما تعرض لهامسالةذات طابع فني أو تأمر بندب خبير اما بناء على طلب النيابة العامة أو الخصوم أو من تلقاء نفسها ]
(6) عبد الحميد الشواربي .المرجع نفسه ص 261
د.رؤوف عسبيد .ضوابط تسبيب الأحكام الجنائية وأوامر التصرف في التحقيق .دار الجيل للطباعة .مصر الطبعة 3 سنة 1986 ص 230 .
*/طلب سماع الشهود :
إنّ الشهادة هي الدليل الغالب في المواد الجزائية لذلك قال "بنتام" : إن الشهود هم عيون المحكمة وآذانها والشهادة هي رواية شخص لما شاهده أو سمعه أو أدركه بحاسة من حواسه.(1).
في أي قضية كانت نجد فيها شهود إثبات ,وشهود نفي وهم الذين يعتمد عليهم المتهم في دفاعه ويطلب سماعهم فطلب سماع الشهود يخضع دائما للسلطة التقديرية للمحكمة ,فمثلا إذا لم يقم المتهم باعلان شهود النفي قبل الجلسة طبقا للقانون ولم يحضروا ,فطلب الدفاع تأجيل القضية لسماعهم ,فهذا ليس ملزما للمحكمة فلها حق الاجابة أو الرفض كما ترى ,فإذا كان ردها بالرفض فلا يجوز الطعن في حكمها ولا يعتبر اخلالا ً بحق الدفاع .أما في حالة ما إذا أعلن المتهم شهود النفي وحضروا جلسة المحاكمة ولكن المحكمة لم تسمعهم فهذا لا يبطل الحكم مادام الدفاع لم يقدم طلباً لها بسماعهم فذلك يعد تنازلا منه لأنّ محضر الجلسة لا يتضمن إشارة إلى طلب سماع شهود النفي وبالتالي لاتكون المحكمة أخلت بحق الدفاع هذه المرة أيضا .من جهة أخرى نرى انه اذا صدر حكماً غيابيا من محكمة أول درجة قاضيا ببراءة المتهم وقامت النيابة باستئناف الحكم ,وحضر المتهم أمام محكمة الإستئناف لأوّل مرة ,فطلب محاميه التأجيل لإعلان شهود النفي ولكن المحكمة لم تستجب وحكمت على المتهم بالحبس وإلغاء حكم البراءة ,دون إشارة منها إلى طلب الدفاع فتكون هنا قد أخلت بحق الدفاع ومثاله حالة الحكم بكذب الشاهدين دون سماعهما يكون إخلالا ً بحق الدفاع فمن المقرر أن حق الدفاع في سماع الشاهد متعلقا ً دائما بيديه اثناء المحاكمة ,فيباح للدفاع مناقشة إظهار الوجه الحق فلا تصح مصادرته في ذلك .
*/طلب ضم الأوراق :
يتقدم به المتهم إلى المحكمة إذا رأي في الأوراق ما يفيد دفاعه ,فمن حقه مناقشتها وتبيان أوجه إستفادته منها فان حرمته المحكمة من ذلك وأدانته إستنادا ً إلى تلك الأوراق فهذا إخلال منها بحقه في الدفاع ,أمّا أمام المحكمة الإستئنافية التي ليس من صلاحيتها اجراء (1) أحمد شوقي الشلقاني .المرجع السابق ص 247.
التحقيق فإذا تم رفض طلب تقديم أو ضم الأوراق أمام محكمة الدرجة الأولى فليس للدفاع أن يكلف محكمة الإستئناف ضم تلك الأوراق ,ففي الأوراق الموجودة بين يديها كفاية في أن تستعين به في بناء حكمها .أما اذا تمسك الدفاع عن المتهم أمام المحكمة الإستئنافية بضم الأوراق على أساس أنّه يوجد بها ما يفيد في كشف الحقيقة ,والمحكمة أمرت بضمها ومن جهة اخرى نجد إصرار المتهم في مذكراته على تنفيذ قرار الضم ,وبمقابل هذا حكمت المحكمة بالتأييد دون وجود اشارة منها إلى هذا الطلب فيكون حكمها باطلا لأنّ هذا الطلب هو من الطلبات الهامة لتعلقه بتحقيق الدعوى لظهور وجه آخر للحق فيها .(2)
*/طلب المعاينة :
قد يطلب المتهم من المحكمة الإنتقال إلى محل الواقعة للمعاينة وتكتفي هي بالمقابل بندب مهندس للقيام بهذه العملية .فطلب المعاينة عندما لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة بل كان يقصد به اثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فهنا لاتلتزم به المحكمة ويعتبر دفاعا موضوعيا خاصة اذا اكتملت الرؤية للمحكمة وكونت إقتناعها من ادلة قاطعة شهادة الشاهد الذي رأي صدور الفعل الإجرامي من المتهم بالإعتداء على المجني عليه ,وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ المعاينة هي من اجراءات التحقيق ,قد تقوم النيابة بها في غياب المتهم وكل الذي له التمسك به هو ما وجد بها من نقص يثيره أمام المحكمة حتى تقدرها .
*/ طلب تقديم المذكرات :
كل خصم قي الدعوى يقدم مذكرة بدفاعه ,ومن حق الخصم الآخر الإطلاع عليها ومناقشة ماورد فيها .فمثلا قد ترخص المحكمة للمدعي المدني بتقديم مذكرة في فترة حجز القضية للنطق بالحكم ولم تبلغ المتهم ثم أصدرت حكمها بعد ذلك فهذا الحكم يعد باطلا .والذي لايعيب الحكم هو عدم رده على مذكرة الدفاع مادام لم يبد فيها ما يستلزم من المحكمة ردا ً خاصا ً.ويتم طلب تقديم المذكرة من دفاع المتهم الذي تحدد له المحكمة أجلا ً ,فإن حان الأجل ولم يتقدم الدفاع بمذكرته وطلب التأجيل فالمحكمة لا تلتزم بإجابة هذا الطلب لأن الأجل الذي حددته إنتهى .
(2)عبد الحميد الشواربي .الإخلال بحق الدفاع في ضوء الفقه والقضاء .المرجع السابق ص 289.
ومن المقرر ان الدفاع المكتوب في مذكرة هو إتمام للدفاع الشفوي الذي يتم أثناء المرافعة ,ومن ثم يكون من حق المتهم تضمينها ما يشاء من أوجه الدفاع , خاصة إذا لم ينفها دفاع شفوي فله إرفاقها ما يراه مناسبا له من طلبات التحقيق المتعاقة بالدعوى .والمنصوص عليه قانونا في المواد 290 ف 2 و 352 ق.إ.ج (1). أنّه من حق المتهم ومحاميه تقديم مذكرة كتابية إلى المحكة إثر إنتها ء المرافعات مباشرة وتتضمن توضيح عناصر الدفاع المقدمة شفاهيا والأسس الموضوعية التي تهدف إلى تجنيب المتهم من العقاب أو تخفيفه عنه (2).
(3) م 290 ف 2 ق.إ.ج :[ ويجوز للمتهمين والمدعي المدني ومحاميهم إيداع مذكرات تلتزم محكمة الجنايات بدون إشتراك المحلفين بالبت فيها بعد سماع أقوال النيابة العامة . غير أنه يجوز ضم الدفع للموضوع ].
*م 352 ق.إ.ج : [ يجوز للمتهم ولأطراف الدعوى الآخرين ومحاميهم إيداع مذكرات ختامية , ويؤشر على هذه المذكرات من الرئيس والكاتب ,وينوه الأخير عن هذا الإيداع بمذكرات الجلسة , والمحكمة ملزمة بالإجابة عن المذكرات المودعة على هذا الوجه ايداعا قانونيا يتعين عليها ضم المسائل الفرعية والدفوع المبداة امامها للموضوع والفصل فيها بحكم واحد يبث فيه أولا في الدفع ثم بعد ذلك في الموضوع ] .
(4) أ.عبد العزيز سعد : أصول اللإجراءات امام محكمة الجنايات ط1 2002. الديوان الوطني للأشغال التربوية ص 78 .
الفرع الثاني : المــرافــعـا ت:
هي الوقت الذي يمكن فيه لأطراف الدعوى أن يتكلموا حيث يوضح كل طرف من خلالها وجهة نظره ومبرراته ,وطلباته ,وللطرف الآخر الحق في الرد عليها ,والمرافعات يقوم يقوم بها النيابة ,دفاع المتهم .وقد تستمر المرافعة عدة جلسات لعدة اسباب كوجود شهود لم يتم سماعهم ,أو ظهور واقعة جديدة وردت بالمذكرات ورات المحكمة الإستناد إليها فيتعين عليها إعادة طرح القضية للمرافعة ليتم تحقيق مبدأ شفوية المرافعة .
1/ النيابة وطلباتها :
تقوم النيابة بعدة أعمال اثناء المرافعة ,فهي توجه أسئلتها مباشرة إلى المتهمين والشهود (1) كما تبدي دفوعها وإعتراضاتها على ما أبداه باقي الخصوم ,وبالخصوص قد يحدث تصادم بين النيابة والدفاع أثناء التعقيب ,فلها التعقيب .على ما ورد في مرافعة الدفاع من نقاط تخص الوقائع أو القانون .
وبعد انتهاء المناقشة حول ما ورد في مرافعة كل خصم تتقدم النيابة بعد المدعي المدني بطلباتها ونجد دائما أنّ طلبها الوحيد هو معاقبة المتهم على جريمته ,التي أثبتت كل الادلة قيامها ضده وطلبها ياتي نتيجة أنّها تمثل المجتمع ولابد ان تأخذ بحقه من كل مجرم .
2/ دفاع المتهم والإخلال به :
(3) بعد مرافعة الطرف المدني ,والنيابة يأتي دور دفاع المتهم ,الذي من حقه طلب عرض وسائل الإثبات وأدلة الإقناع عليه وعلى هيئة المحكمة للتعرف عليها ومعرفة ظروف إستعمالها .كما منحه القانون حق توجيه الأسئلة إلى المتهمين الشركاء لتحديد دور كل واحد منهم ومسؤوليته ,وإلى الشهود من أجل نفي أو إثبات بعض الوقائع لتوضيح بعض الملابسات للوصول لتبرئة المتهم ,وتوجيه الأسئلة يكون دائما عن طريق رئيس الجلسة الذي له صلاحية تقييم السؤال .كما قد يقدم طلب الإشهاد لإثبات مخالفة ما للرئيس وكاتب الضبط ليتم الرجوع إليه عند الحاجة (2).
(1) م 288 ق.إ.ج [ يجوز للمتهم أو محاميه توجبه أسئلة بواسطة الرئيس إلى المتهمين معه والشهود كما يجوز للمدعي المدني أو لمحاميه أن يوجه بالأوضاع نفسها أسئلة إلى المتهمين والشهود وللنيابة العامة أن توجه أسئلة مباشرة للمتهمين والشهود].
(2)أ.عبد العزيز سعد .أ صول الإجراءات أمام محكمة الجنايات .المرجع السابق ص 79.
يظهر الإخلال بدفاع المتهم من ناحيتين هما :*الطلب الجازم و الطلب غير الجازم .
* الطلب الجازم :
إذا أردنا إلزام المحكمة بالرد على أوجه الدفاع الجوهرية المثارة اثناء المرافعة فيجب ان يكون الدفاع خاصاً بظاهرة متعلقة بموضوع الدعوى المنظورة امامها ,معنى ذلك أن يكون الفصل فيها لازما للفصل في الموضوع ذاته ,ومنتجا فيه ,فالمحكمة لا ترد إلا على طلب المتهم الجازم , أما طلباته الإحتياطية فتخضع لسلطة المحكمة التقديرية في إجابتها من عدمه .
إذن الطلب الجازم هو الذي يقرر سمع المحكمة فلا بد أن يكون صريحا ,فإن خالف ذلك فالمحكمة لا تلتزم بإجابته أو الرد عليه ولا يُعد إخلالا ً بحق الدفاع .
* الطلب غير الجازم :
وهو عكس ماورد في الطلب الجازم وهناك امثلة كثيرة تحدد لنا معناه ومدلوله فتساؤل محامي المتهم عن معاينة النيابة لمكان الحادث لا يعد طلب جازم إذ ما هو سوى تعقيب على تحقيق النيابة وما فيه من نقص دون التمسك بطلب إستكماله , كما أنه إذا صيغ الطلب بصيغة رجاء لا يعد جازما ً .نذكر كذلك انه ان كان موضوع الطلب القصد منه اثارة الشبهة في أدلة الإثبات ,وغير لازم للفصل في موضوع الدعوى المنظورة وغير منتج فيها فإنه طلب غير جازم أو حتى ان كان على سبيل الإمكان وليس فيه تصميم من الدفاع خاصة عدم اصراره عليه في طلباته الختامية لا يعد طلبا جازما ً ايضا .
3/ قفل باب المرافعة :
بعد انتهاء مدافع المتهم من مرافعته وتقديمه لطلباته وللمحكمة أن تجيبه أو ترفضها مع بيان أسباب الرفض ,فهذا كله لابد من تنفيذه عند إقفال باب المرافعة ,وإقفال باب المرافعة يعني الإنتهاء من عملية عرض الدعوى على المحكمة ,أي أنّه يتم ذلك بعد سماع الشهود بنوعيهم ,إثبات ونفي وسماع أقوال النيابة والمدعى المدني ودفوعهما الختامية بجلسة المحاكمة تنتهي المرافعة في الدعوى وتخلو المحكمة للمداولة .(1)
(2) عبد الحميد الشواربي .الإخلال بحق الدفاع في ضوء الفقه والقضاء .المرجع السابق .ص308.
*مولاي بغدا دي .المرجع السابق ص 381.
*د.عوض محمد عوض .المرجع السابق ص 646. *د.رؤوف عبيد .المرجع السابق ص 167
وباقفالها يمنع على الخصوم تقديم مذكرات أو أقوال أخرى إلا في حالة ما إذا رأت المحكمة ضرورة لذلك فتأمر بفتح باب المرافعة من تلقاء نفسها إما بناء على طلب منهم .فإذا قدم المتهم طلبا بتقديم دفوع جديدة بعد قفل باب المرافعة فإنه يعتبر كأن لم يكن وتصدر المحكمة حكمها بعد المداولة دون إستجابة منها لطلبه ولا يكون حكمها باطلا ً, فهذا دليل على أن قفل باب المرافعة ينهي كل شيء وأن المرافعة هي الفرصة الوحيدة لدفاع المتهم في إثبات برائته فعليه إغتنامها وتقديم كل أدلة البراءة .
المطلب الثالث : المحاكم وطرق الطعن في أحكامها :
تتنوع المحاكم بتنوع الجرائم فنجد محكمة الجنايات محكمة الجنح والمخالفات. محكمة الأحداث ونتناول كل محكمة على حدى كمايلي :
الفرع الاول : محكمة الجنايات :
تقوم بعدة اجراءات لها أهمية بالغة بالنسبة للمتهم , فقبل انعقاد الجلسة يقوم رئيسها باستجواب المتهم (1) قبل افتتاح المرافعة بثمانية أيام على الأقل بهدف التحقق من هوية المتهم والتأكد من تلقيه قرار الإحالة حسب م 271/1 ق.إ.ج .ويطلب منه اختيار محام ٍ للدفاع عنه فإن لم يختر يقوم الريس من تلقاء نفسه بإختيار محام ٍ له , وهذا الإستجواب لا يحضره محامي المتهم ,ثم يحرر محضر بإجراءات الإستجواب موَقع من الرئيس والكاتب والمتهم والمترجم إن وجد م 271/2 ق.إ.ج لتتمكن المحكمة من مراقبة مطابقته للقانون ,فإن تم اغفاله أدى إلى بطلان الإجراءات التالية .
وفي اليوم المحدد للجلسة يتم إحضار المتهم ,إذا لم يحضر رغم اعلانه ,أحضر جبرا ً منه بالقوة العمومية ,وإن لم يمتثل تم اتخاذ اجراءات المرافعة دون اعطاء أهمية لتخلفه ,وتعتبر هنا جميع الأحكام الصادرة في غيابه حضورية كما يحضر الجلسة المحلفين بعد أداء اليمين المبينة بالمادة 284 /2 فقرة أخيرة ,وإلا بطل الحكم وهذا ما قضى به المجلس الأعلى الجزائري بتاريخ 23/01/1968 , واثناء الجلسة تتم اجراءات التحقيق فيتلقى الرئيس أقوال المتهم ومنه تمكن المحكمة المتهم والجمهور من معرفة عناصر الإتهام , ثم تتم عملية سماع الشهود وعندها لابد من مراعاة حسن معاملة الشاهد لأنه يقوم بواجبه في سبيل مساعدة القاضي لتحقيق العدالة فلا بد من إدخال الطمأنينة إلى قلبه وهو يدلي بٌأقواله ,ويقع على عاتق المحكمة حماية الشاهد وإن إقتضى الأمر تعويضه عن مصاريف الإنتقال لأداء الشهادة(2). .
(3) يقول الدكتور عاطف النقيب لهذا الإستجواب 3 فوائد :
-إعادة المتهم النظر في الإفادة التي اداها لدى قاضي التحقيق ,فله أن يعدل عنها .
-يقدر الرئيس بعد اطلاعه على الملف تمهيدا للإستجواب ما اذا كان التحقيق الإبتدائي كاملا ام انه يقتضي إجراء تحقيق إضافي .
-يؤمن هذا الإجراء للمتهم محاميا حيث واجب على الرئيس أن يسأله هل اختار محاميا فان لم يكن قد فعل عين له محاميا .
*م 274 من قانون المحاكمات الجزائية اللبناني لسنة 1948 تنص على [ يستوجب رئيس محكمة الجنايات المتهم حال وصوله إلى محل التوقيف لدى هذه المحكمة وله ان ينيب عنه أحد مستشاري محكمته لاجراء هذه المعاملة ] .
(4) د.أحمد عبد اللطيف الفقي ,الجمهور ,وحقوق ضحايا الجريمة .دار الفجر للنشر و التوزيع .القاهرة .الطبعة الأول سنة 2003 ص 72.
*م 122 ق إجراءات جزائية المصري تنص على [ يقدر قاضي التحقيق بناءا ً على طلب الشهود المصاريف والتعويضات التي يستحقونها بسبب حضور هم لأداء الشهادة ].
بعده يتم سماع الخبراء ولابد من حضور الخبير للجلسة لقراءة تقرير لأن به مصطلحات علمية ودقيقة لا يفهمها سواه ,ولكي تؤدي الخبرة دورها في مساعدة القضاء. ثم تأتي مرحلة المرافعات بالترتيب الطرف المدني ثم النيابة ثم دفاع المتهم ولابد أن لا يخرج أي طرف عن الموضوع والمحاكمة بعروض لاتمد للقضية بصلة ,فلا بد أن لا يخرج عن المضمون وللرئيس اسلوبه في كيفية ارجاع هذا الطرف لطريق الجادة والحديث عن القضية .
1/ التخلف عن الحضور :
بعد إتنهاء المدة المحددة قانونا لمثول المتهم أمام محكمة الجنايات يمكن لها أن تباشر محاكمته .(1). أمّا إذا قدم عذرا بواسطة محاميه أنه يستحيل عليه الحضور استحالة مطلقة للمحاكمة ,تأمر عندئذ بإيقاف المحاكمة .
ان حدث التخلف دون عذر تجري المحاكمة دون حضور المحلفين ومحامي المتهم الذي لا يمكنه تقديم لا طلبات ولا ابداء دفوعات مكتوبة , وعند افتتاح الجلسة يأمر الرئيس الكاتب بقراءة قرار الإحالة على المحكمة والمحاضر المحررة لإثبات الإعلان والمتخلف .وبعد ابداء النيابة لطلباتها تفصل المحكمة في صحة إجراءات التخلف عن الحضور فإما تعاين صحتها وأما تأمر ببطلانها لإخلالها بأحد الشروط المنصوص عليها في المادة 317 ق.إ.ج وبذلك نخلص ان الإجراءات التحضيرية للتخلف عن الحضور هي من النظام العام .
إن أثبتت التهمة وتقررت الإدانة فالقانون يمنع المحكمة من إسعاف المحكوم علبه بظروف التخفيف ,وفي حالة وجود مجموعة من المتهمين وأحدهم متخلف فإن اجراءات التخلف الخاصة به لا توقف اجراءات التحقيق بالنسبة للمتهمين المشاركين ولا محاكمتهم ,ومنه فإن المتهم الحاضر لا يحاكم كما يحاكم الغائب فالأول يحاكم بحضور المحلفين والثاني دونهم , فإن حكمت على المتخلف بالبراءة فآثار الحكم تكون بمثابة الحكم الحضوري ,أمّا اذا أصدر الحكم عليه بالإدانة .(2).
(2) نقض محكمة النقض الفرنسية 19/01/1877 " هذه الإجراءات هي الواجبة الإتباع اذا فر المتهم اثناء المحاكمة أو حتى بعد المرافعات أو أثناء المداولة ."
*يعاقب المتخلف عن الحضور بوضع كل حقوقه المالية تحت الحراسة وتكون ادارتها كالشان بالنسبة للغائبين ولذلك تستطيع السلطة المختصة ممارسة كل التصرفات اللازمة لإدارتها والتصرف فيها بعد استئذان القضاء.
(2)آثار الحكم بالإدانة عليه انه عقوبة الاعدام أو السالبة للحرية لا تنفذ ,فالحكم بها تهديدي ,تستخرج النيابة نسخة من حكم الإدانة وتنشره بإحدى جرائد الولاية التي بها آخر موطن للمحكوم عليه وتعلق على باب مقر المجلس الشعبي البلدي الذي ارتكب الجناية بدائرته وعلى باب المحكمة ويوجه مستخرج من الحكم إلى مدير مصلحة الأملاك بموطن المحكوم عليه .
فنفس الحكم يفصل في الحقوق المدنية ,أما اذا قضي بالبراءة يمكن للمحكوم عليه مدنيا الرجوع أمام المحكمة المدنية لإلغاء الحكم القاضي بالتعويض بواسطة دعوى التماس اعادة النظر .
2/أحكام محكمة الجنايات وطرق الطعن فيها :
-إذا أصدر الحكم بحضور المتهم فلا إشكال فيه فله ممارسة حقه في الطعن فيه أما م المحاكم الأعلى درجة بطرق الطعن العادية .
أما إذا كان الحكم غيابيا فيجب ان نميز بين حالات عدة لأنّ الأحكام الغيابية في مواد الجنايات ذات طبيعة خاصة ,إذ تسقط وتصبح كأن لم تكن بمجرد حضور المتهم وتسليمه نفسه أو بالقبض عليه كما نصت على ذلك المادة 326 ق.إ.ج .وهذه الحالات كمايلي :
1-الحكم الغيابي الصادر بالبراءة يعتبر حضوريا ولا يجوز الطعن فيه إلاّ للنيابة العامة بطريق النقض .
2-الحكم الغيابي بالإدانة هو مؤقت فهو يسقط بحضور المتهم فيعاد نظر الدعوى أمام المحكمة .(1).
-اذن الطعن بالنقض يكون من حق المتهم أيضا اذا صدر في حقه حكم قضى بإدانته ويجوز له ذلك حتى في الدعوى المدنية ,والنقض طريق غير عادي للطعن في الحكم النهائي الصادر عن المحاكم العادية يقتضي عرضه على المحكمة العليا لمراجعته من ناحية صحة تطبيق القانون .
وعلى المحكمة اجراء المداولة وايضاح كل ما يحدث ويطرح بها من أسئلة احتياطية وإلا ّ كان خرق ذلك مساسا ً بحقوق الدفاع ,قرار المجلس الأعلى الجزائري لسنة 1982.
(1)د.محمد أحمد عابدين .اجراءات الدعوى مدنيا وجنائيا .المرجع السابق ص 211 .
الفرع الثاني : محكمة الجنح والمـخا لـفـا ت.
1/ اجراءات محكمة الجنح والمخالفات :
بما أن الجنح والمخالفات أقل أهمية من الجنايات ,ترفع الدعوى العمومية إلى محكمة الجنح والمخالفات بناءا ً على الأمر الصادر من قضاء التحقيق أو بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور ,ومتى ابلغ المتهم بالتكليف بالحضور شخصيا وجب عليه الحضور ,ما لم يقدم بواسطة محاميه عذرا تقبله المحكمة ,فإذا قضت المحكمة كان الحكم غيابيا حيث تستقل بتقدير العذر , ومتى أرجأت الدعوى وجب إعلان المتهم بالجلسة التي أجلت إليها .واذا لم تقبل المحكمة العذر وتمت محاكمته فتعتبر حضورية .(2). سواء صدر الحكم في الجلسة المحددة بالتكليف بالحضور أو في جلسة تالية .
والدفاع قد يكون وجوبيا اذا كان المتهم مصابا بعاهة طبيعية تعوق دفاعه أو كان يستحق عقوبة الإبعاد م 351 ق.إ.ج .
-أمّا الإجراءات التمهيدية لنظر الدعوى فهي تبدا بالمناداة على الخصوم , الشهود, الخبراء ,ويتم التأكد من حضورهم أو غيابهم ,ويسأل الرئيس المتهم عن هويته حسب ما نصت عليه المادة 343 ق.إ.ج , وهي اجراءات تنظيمية لا بطلان في إهمالها أو في مخالفتها .(3), وللمحكمة ان تأمر بإتخاذ أي اجراء من اجراءات التحقيق كالمعاينة اذا قدرت ضرورة ذلك ,بعد ذلك تأتي مرافعات اطراف الدعوى وللمتهم دائما الكلمة الأخيرة بشرط ان يتمسك بذلك ولا تلزم المحكمة بدعوته إلى الكلام , واذا اتضحت الدعوى تنهي المحكمة المرافعة .
-أمام محكمة المخالفات نجد الإجراءات مبسطة , لأن المخالفة لا تعبر عن خطورة الجاني بل هي تعبر عن اهماله للأنظمة الإجتماعية , فذلك يؤدي إلى سرعة الفصل فيها حتى تتفرغ المحاكم لجرائم اكثر أهمية وكذلك مساعدة المتهم بتجنيبه مشقة المثول امام المحكمة , كما ييسر على المتهم البرىء الذي لا يجوز التضحية بضمانات حريته احتوى قانون الإجراءات الجزائية على نظام الغرامة الجزافية وغرامة الصلح .
(4) م 345 ق.إ.ج
(5) نقض مصري بتاريخ 17/10/1979 لسنة 30 رقم 172 .
2/ احكام محكمة الجنح والمخالفات :
كلاهما يصدر الحكم علنا في الجلسة التي دارت فيها المرافعة أو في تاريخ لاحق للمداولة , وهذه المداولة سرية فلا يحضرها الخصوم ولا النيابة العامة وتخضع لمبدا الاغلبية بصدد الحكم وتتنوع الاحكام فقد تأخذ أشكال مختلفة منها عدم الإختصاص وبإحالة القضية للنيابة العامة للتصرف فيه حسب ما تراه وذلك ايا كان الإختصاص مكانيا , نوعيا ,شخصيا وقد تقضي بإجراء تحقيق تكميلي يقوم به احد اعضاء المحكمة أو قاضي محكمة المخالفات , وقد تقضي بإيقاف نظر الدعوى لحين الفصل في مسالة اولية .....إلخ من الاحكام التي تصدرها .
-هذه الاحكام يتم الطعن فيها بطرق الطعن العادية والتي منها الإستئناف .(1) الذي هو طريق عادي للطعن في حكم صدر من محكمة الدرجة الاولى يطرح الدعوى من جديد أمام محكمة أعلى منها توصلا إلى إلغاء هذا الحكم او تعديله , ويرفع الإستئناف خلال مهلة 10 أيام من تاريخ صدور الحكم الحضوري ومن يوم تبليغ الحكم اذا الحكم حضوري اعتباري , ويترتب على الإستئناف اثران هما : وقف تنفيذ الحكم الاول وطرح النزاع على محكمة الدرجة الثانية والحكم من جديد .
-المعارضة : لا تكون إلا في الأحكام الغيابية الصادرة عن محكمة الجنح , وترفع المعارضة إلى نفس المحكمة التي اصدرت الحكم لانها لا تكون قد استنفذت بعد سلطتها في الدعوى ومهلة المعارضة هي عشرة أيام (10) من تاريخ تبليغ الحكم لشخص المتهم وتمتد إلى شهرين اذا كان الغائب مقيما بالخارج .
أما آثار المعارضة فتتمثل في أن الحكم الصادر غيابيا يصبح كأن لم يكن ويجري التحقيق والحكم في القضية من جديد أمام نفس المحكمة , فالحكم الغيابي يوقف تنفيذه فأن لم تحصل المعارضة وجب تنفيذه . لكن اذا فوت المعارض ميعاد المعارضة فيسقط حقه فيها و ان تخلف عن الحضور فيها تعتبر كأن لم تكن .
(1) الإستئناف في مواد الجنح مهما كانت العقوبة المحكوم بها باستثناء الأحكام التحضيرية , في مواد المخالفات اذا كانت العقوبة الحبس او الغرامة تتجاوز 100 د ج .
الفرع الثالث : محكمة الاحداث وطرق الطعن في أحكامها :
1/ اجراءات محاكمة الأحداث :
أوجب القانون ان تكون مرافعة جلسة الأحداث سرية ويجب الفصل في كل قضية على حدى في غير حضور باقي المتهمين , فلا يسمح بحضور المرافعة إلا ّ الشهود والأقارب المقربين للحدث , وذلك لأن العلانية تؤذي مشاعر الحدث أو أحاسيسه وتعد عرقلة في طريق تقويمه (1).
تختلف اجراءات محاكمة الاحداث بإختلاف المحكمة التي تتولى المحاكمة , فمثلا بالنسبة للجنح و الجنايات فأن قسم الأحداث يفصل فيها دون التزام بشكليات مماثلة كالتي تجري امام محكمة الجنايات , حيث يتم سماع اقوال الحدث و الشهود . ويتم سماع والديه أو الوصي عليه(2). وهو اجراء جوهري نصت عليه محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 16/06/1976 . ثم مرافعة النيابة والمحامي عن المتهم , وإذا أعفى الحدث من حضور الجلسة فيمكن أن يمثله المدافع عنه مع اعتبار الحكم حضوريا (3). ومع ذلك يصدر الحكم في جلسة علنية بحضور الحدث (4).
(5) في لبنان نجد قانون الأحداث المنحرفين الصادر سنة 1983 في المادة 44 منه يفرض على محكمة الأحداث قبل بدء المحاكمة ان تتحصل بواسطة جمعية حماية الأحداث او من تنتدبه المحكمة لهذا الغرض على تحقيق اجتماعي يشتمل على المعلومات اللا زمة عن أحوال ذوي الحدث المادية و الإجتماعية وعن أخلاقه ودرجة ذكائه وعن الوسط الذي نشأ فيه و المدرسة التي تربى فيها وعن حالته الصحية وسابقا ته الإجرامية وعن التدابير المناسبة لإصلاحه وان تامر بحسب مقتضى الحال بفحص القاصر جسديا ً وعقليا ً من طبيب أخصائي , وهذه التحقيقات تجري في لبنان من قبل مكتب جمعية الأحداث و بواسطة مساعدات إجتماعيات أخصائيات وتشرف عليه دار الملاحظة التي تجري فيها فحوص الأحداث الموقوفين ويهيء ملفهم الشخصي لتقديمه للمحكة .
(6) م 467 /1 ق.إ.ج [ يفصل قسم الاحداث بعد سماع أقوال الحدث والشهود والوالدين والوصي أو متولي الحضانة ومرافعة النيابة العامة والمحامي ويجوز لها سماع الفاعلين الأصليين في الجريمة أو الشركاء البالغين على سبيل مجرد الإستدلال .]
(7) م 467/2 ق.إ.ج [ ويجوز لها إذا دعت مصلحة الحدث , إعفاءه من حضور الجلسة وفي هذه الحالة يمثله محام او مدافع او نائبه القانوني ويعتبر القرار حضوريا .]
م 468 ق.إ.ج ف 3 [ ويجوز للرئيس أن يامر في كل وقت بانسحاب الحدث طيلة المرافعات كلها أو جزء منها أثناء سيرها ويصدر الحكم في جلسة علنية بحضور الحدث .]
2/ أحكام محكمة الأحداث :
متنوعة حسب المحكمة التي تصدر الحكم .فيمكن لمحكمة المخالفات ان تقضي بعقوبة الغرامة القانونية حسب المادة 446 ق.إ.ج ولكن لا يجوز ان يحكم على الحدث بالحبس ويمكن أن ترسل الملف إلى قاضي الأحداث الذي له سلطة وضع الحدث تحت نظام الإفراج المراقب .هذا إذا كانت الجريمة ثابتة في حقه , وأما ان كان الحال عكس ذلك فانه يقضي باطلاق سراح المتهم .ومما تجدر الإشارة إليه أن قرار قسم الأحداث مشمول بالنفاذ المعجل حتى لو كان قابلا للطعن فيه .
أما عن الدعوى المدنية (1). الناشئة عن الجريمة المنظورة أمام القضاء فانه يختص بالفصل فيها , واذا أقيمت الدعوى المدنية فان الأحداث لا يحضروا المرافعات وإنما يحضر نيابة عنهم نوابهم القانونيين , ويجوز أن يؤجل الفصل في الدعوى المدنية إلى حين صدور حكم بإدانة الأحداث حسب ما نصت عليه المادة 476 ق.إ.ج فقرتها الثالثة بقولها [ ويجوز ان يرجى الفصل في الدعوى المدنية إلى أن يصدر حكم نهائي بإدانة الأحداث ] .
إذن أحكام محكمة الأحداث يتم الطعن فبها بالمعارضة و الإستئناف وتنطبق عليهما القواعد الخاصة بهاذين الطريقين العاديين للطعن وقد سبق الاشارة إليهما .
(2) د.عوض محمد عوض . المرجع السابق ص 651.