لماذا نكره الحقيقة؟

[zazi kla]

قال كرم ملحم كرم: "علمتني الحقيقة أن أكرهها فما استطعت." .يكره كثير من الناس الحقيقة لأسباب مختلفة . فمنهم من يكرهها لذاتها لأنها تتناقض مع ما يؤمن به وما يفعله في سره وعلانيته ، ومنهم من يكرهها لأنها تفضح عيوبه وتكشف عن زيف سلوكاته ومعاملاته التي اعتاد عليها أمام الناس والمجتمع ، ومنهم من يكرهها لأنها تكشف عن ضرر نفسي قد يلحق به جراء معرفة حقيقة مرضه مثلا أو فشل صفقة تجارية أو غير ذلك ، ومنهم من يكرهها لغير هذه الأسباب كلها.
نكره الحقيقة إذا لأنها مرآةٌ عاكسةٌ لكل ما هو واضح وجليٌّ في حياتنا وأخلاقنا وسلوكاتنا ومعاملاتنا وغير ذلك . نكرهها أشد الكُره لأنها تفرض علينا أن نطَّلع على سوءاتِنا وعيوبنا وتدفعنا راغبين أو مكرهين إلى إصلاحها والإبتعاد عن كل ما يدنس إنسانيتنا إن نحن أردنا الإندماج في مجتمع متوافق ومتضامن تسوده المحبة والتآخي والوداد.
لقد كشف الله تعالى في القرآن الكريم عن العديد من الحقائق الكونية وغير الكونية مما يتصل بالطبيعة والإنسان ، فعل الله ذلك ليهدي الإنسان إلى سواء السبيل ، وينير له الطريق في ظلمات الغي والجهل ، لكن بني آدم آثروا الظلام على النور ، والشر على الخير ، والباطل على الحق، ذلك لأن الشر فينا خصلة متأصلة أما الخير فخصلة متصنعة كما قال جبران خليل جبران في بيته المشهور:
الخير في الناس مصنوع إذا جبروا *** والشر في الناس لا يفنى وإن قُبروا
نحن معشر البشرأشرار بطبعنا إلا من رحم ربي، نكره حقيقة وجودنا وحقيقة مصيرنا .نمشي في طريق الضلال ظنا منا أننا نتحايل على الحقيقة المطلقة ، أي على الله ، فالله تعالى هو الحقيقة المطلقة ، وهو الحقيقة الأزلية حتى قبل أن تكون ومن بعد أن كانت .وإذا تمعنا قليلا في آياته تعالى سندرك أن لا شيء غيرالحقيقة يصلح لأن يكون منطقا نتعامل به في حياتنا.
بعد هذا كله. لماذا نكره الحقيقة؟