لا.. إنهم ليسوا مصلحين!!
10-05-2011 مصطفى هميسي
دعنا لا نغالي في السلبية ونطرح الأمر من زاوية بعيدة عن الذاتية ونترك الحرية للقراء في الوصول للاستنتاج الذي يرونه الأقرب للواقع. لنتوقف عند أربعة محاور أراها من ضرورات أي إصلاح.
1/ ممارسة السلطة:
وهنا نتساءل ببساطة: ما الذي يمكن أن يقترح من قبل أجهزة الأحزاب المعتمدة من قبل السلطة في حوار يقوده أو ينسقه الرئيس بن صالح من أجل تغيير شكل ممارسة السلطة. هل يمكن أن تصير الأمور أكثـر شفافية وهل سيصبح الحكم ممارسا بشكل واضح ومن خلال مؤسسات ووفق أحكام ينص عليها دستور، هل يمكن أن يتخلى الرئيس عن صلاحياته الإمبراطورية لصالح المؤسسات. (والواقع أن الرئيس زاد بتعديله الأخير للدستور السلطة التنفيذية سطوة وقوة وتوسعت سلطاتها على حساب كل المؤسسات الأخرى) وهل سنعرف بعد هذه (الإصلاحات!!) حكامنا معرفة أفضل وهل ستوضع ضمانات تمكننا من محاسبتهم؟ وهل سنعرف من انتخبنا فعلا للمجالس أو للرئاسة وهل سنثق أكثر في ممثلي الدولة من ''المير'' إلى الوزير ومن الشرطي إلى الجنرال ومن النائب إلى الرئيس؟
2/ المؤسسات:
هل سيغدو حال مؤسسات الدولة، ودعنا نقتصر على السلطات الثلاثة، أكثـر فعالية ووضوحا وشفافية واستقلالية عن بعضها البعض، هل ستستعيد السلطة التشريعية سلطتها كاملة، على الأقل مثلما يحددها الدستور وهل ستؤدي السلطة القضائية وظيفتها باستقلال كامل وبضمانات أكيدة؟ وهل ستغدو السلطة التنفيذية أقل سطوة وتسلطا على باقي المؤسسات؟
هل سيتم التخلي مثلا عن مجلس الأمة وإحداث التوازن بين السلطتين أو حتى تجريد هذا المجلس من سطوته على الغرفة السفلى وتجريد السلطة التنفيذية من نفوذها عليه؟
3/ احترام القانون:
هل يمكن أن ننتظر أن تغدو دولتنا دولة قانون، هل سيشعر المواطن أنه محمي تماما من ظلم رجل الأمن أو أي موظف بلدي وأن الدولة وأدواتها تسهر على حقوقه وعلى عدم تعرضه هو وأملاكه وكرامته لأي أذى؟ وهل أسباب الكرامة الإنسانية، ومنها كرامة العيش، ستكون أحسن من ذي قبل؟!! ما هي الضمانات التي يمكن فعلا أن يفكر فيها هؤلاء لضمان احترام القانون من قبل موظفي الدولة وخدام القانون؟!!
هل يمكن للسلطة وأدواتها مثلا أن تعمل على توفير شروط قانونية تنظيمية وسياسية لوقف التلاعب بالمال العام وانتشار الفساد ونهب الثروة الوطنية في وضح النهار؟ هل يمكن أن تقوم سلطات مضادة فعلية وهل يمكن أن يقوم مجتمع مدني حقيقي؟!
4/ القوى الديمقراطية:
وفي هذا المحور أتساءل هل هناك فعلا قوى اجتماعية، سياسية ومدنية مستقلة تماما عن حسابات السلطة ونفوذ أصحاب النفوذ فيها وحولها؟
قد يبدو التساؤل غريبا والبلاد فيها عشرات الأحزاب وفيها آلاف الجمعيات المدنية من نقابات ومنظمات وطنية وتنظيمات مهنية ومحلية في جميع المجالات، بل وهناك حتى جمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان، لكن الكثـرة ليست ضمانة لتمثيليتها ولفعاليتها.
هل ستغدو حرية العمل السياسي وحرية التعبير أوسع، وهل ستكون الساحة السياسية تعبيرا عن المجتمع بعد أن ظلت تعبيرا عن السلطة وحساباتها. فكم هم رجال السياسة الذين يحتلون المجال السياسي اليوم الراغبون والقادرون فعلا على دفع الأمور في اتجاه إصلاح حقيقي؟ وهل رجال السلطة قادرون على تطليق كل اعتبارات السلطة ومناصبهم من أجل التغيير؟
ليضع كل منا الإجابة التي يراها مناسبة ويستخلص النتيجة!
أما في ما يخصني فإنني أرى أنه لا يمكن أن يحدث إصلاح مع أجهزة الأحزاب الحالية ومع التركيبة السلطوية الحالية: بوتفليقة وبن صالح وزياري وبلخادم وأويحيى وسلطاني، لسبب يبدو لي وجيها وهو أنهم موظفون سياسيون وهم يعكسون حالة سلطوية ولا يمثلون حالة سياسية اجتماعية. لا لا يمكن لهذه الوجوه القيام بأية إصلاحات، ليس لأنها لا تريد بل لأنها لا تستطيع حتى إن أرادت!! فقد تعودت على السلطة التي تحميها من كل شيء وخاصة من المجتمع وتعودت على من ينوب عنها في التفكير وفي اتخاذ القرار.
هؤلاء لا يمكنهم القيام بأية إصلاحات تذكر، لأن كل ''تنازل!!'' يظهر لهم كأنه ''ثورة''، وهم غير قادرين على قراءة الطلب الاجتماعي إلا من خلال مستلزمات حماية مصالح القوى المهيمنة على السلطة والثـروة. وببساطة أعتقد أنهم لا يملكون ثقافة أخرى غير ثقافة السلطة والتسلط، والسياسة عندهم هي البقاء أطول مدة في مناصبهم. بقي القول: عليهم إثبات عكس هذا الاستنتاج إن رأوه خاطئا أو متجنيا.