ثم قامت الصبايا يرقصن و يتمايلن بقامات تلاحق مقاطع اللحن مثلما تتابع الاغصان اللينة مجاري هبوب النسيم و تنثني طيات اثوابهن الناعمة كانها سحب بيضاء يداعبها شعاع القمر فشخصت اليهن الابصار و سجدت لهن الرؤوس و عانقتهن ارواح الفتيان و تفطرت لجمالهن مرائر الشيوخ.
فهنا فتى يبوح بسرائر حبه لفتاة اولاها الجمال تيها و دلالا وهناك شاب يستعد لمحادثة حسناء مستحضرا الى حافظته اعذب الالفاظ و ارق المعاني و هناك كهل يجرع الكاس وراء الكاس و بطلب بلجاجة الى المنشدين اعادة اغنية ذكرته بايام صبابته و في هذه القرنة امراة تغامز باطراف اجفانها رجلا ينظر بمودة الى سواها وفي تلك الزاوية سيدة قد بيض الشيب مفرقها تنظر مبتسمة نحو الصبايا لتنتقي منهن عروسة لوحيدها و بجانب تلك النافذة زوجة قد اتخذت سكر حليلها فرصة فاقتربت من خليلها
هذا المقطع قمت بنقله من كتاب جبران خليل جبران الارواح المتمردة