ذكِّر بالدعوة السلفية ولا تيأس للشيخ هشام بن فهمي العارف - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ذكِّر بالدعوة السلفية ولا تيأس للشيخ هشام بن فهمي العارف

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-01-30, 20:12   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سائلة عفو ربها
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية سائلة عفو ربها
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز 
إحصائية العضو










افتراضي ذكِّر بالدعوة السلفية ولا تيأس للشيخ هشام بن فهمي العارف

ذكِّر بالدعوة السلفية ولا تيأس
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد...؛
ويستمر التكرار في التذكير؛ فلمّا ختمت سورة التكوير (7/نزول) بقوله ـ تعالى ـ:
(1) (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)
فالمعنى: قفوا؛ أين تذهبون؟!! أي طريق أنتم تسلكون؟!! أتدرون من تكذِّبون؟ وعلى من تتقوَّلون؟ أفيقوا !! (إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) فالقرآن هو الموعظة، وهو التذكرة لمن شاء الاستقامة، فمن أراد النجاة فعليه بهذا القرآن.
قال الزجاج:
(2) "الاستقامة واضحة لكم، فمن شاء أخذ في طريق القصد والحق".
فأين تذهبون؟ اطلبوا الهداية والتوفيق من الله، أكثروا من الدعاء أن يتفضل الله ـ جل جلاله ـ عليكم بالهدى، ادعوه أن يهديكم إلى الصراط المستقيم، وأن يعافيكم من مرض الضلال والجهل، ادعوه أن يشفيكم من مرض الكبر والعناد، استفرغوا وسعكم، اسعوا في طلب الحق بجد واجتهاد، إياكم أن تختاروا الباطل، أو تصرّوا عليه، واستعينوا بالله، وتوكلوا عليه، والجأوا إليه، واستنزلوا التوفيق والعون منه، واعلموا أنكم لن تنالوا الهداية والاستقامة إلا إذا شاء الله لكم لأنه:
(3) (وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)
قال الزجاج:
(4) "ثم أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه، وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله وتوفيقه، وأن الإنسان لا يعمل خيراً إلا بتوفيق الله، ولا شرَّاً إلا بخذلان الله له، لأن الخير والشر بقضائه وقدره، يضل من يشاء ويهدي من يشاء".


وقال ابن جرير الطبري:
(5) "فجعل ذلك ـ تعالى ذكره ـ ذكراً لمن شاء من العالمين أن يستقيم، ولم يجعله ذكراً لجميعهم".
فمن ضلَّ بعد هذا البيان الواضح، وبعد هذه الحجة الناصعة فإن الله ـ تعالى ـ منزَّه عن ضلالهم، ومنزَّه عن شنيع اعتدائهم وافترائهم، ومنزَّه عن مقالات الجبرية والمعتزلة وأشباههم، فناسب أن يفتتح ـ سبحانه وتعالى ـ سورة الأعلى (8/نزول) التالية لسورة التكوير في النزول بالتسبيح فقال:
(6) (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى) أي: نزِّه الله عن قبيح مقالهم.
وردّاً على المفترين، والمتقوِّلين من الجبرية والمعتزلة وأشباههم الذين ينفون أن يكون للعبد فعل، أو كسب، أو اختيار البتة، بل هو مجبور متهور؛ لا اختيار له ولا فعل، واستكمالاً لما ذكر في سورة الأعلى قال ـ تعالى ـ في سورة الليل التالية في النزول:
(7) (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10).
فالتيسير إلى اليسرى من الله، والتيسير إلى العسرى من الله، فعليكم بطاعة الله ورسوله، تذكروا قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (اعملوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلق له).
نقل ابن هبيرة في "الإفصاح" عن الإمام أحمد بن حنبل قوله في هذا الحديث:
(8) "هذا أشد الحديث أو أشد الأحاديث بعثاً على العمل".
وقال ابن هبيرة:
(9) "والغرض أن هذا الحديث ليس يقتضي تقتير العمل بل يقتضي الحذر من الإعجاب، كما أنه لا يقتضي التتابع في المعاصي بل يقتضي أن لا يقنط فاعلها من رحمة الله إن كثرت ذنوبه".
فالحديث كما قال الحافظ القصّاب ـ رحمه الله ـ:
(10) "حجة على المعتزلة والقدرية في تيسير اليسرى والعسرى".


وقال الكرخي ـ رحمه الله ـ:
(11) "أي: عليكم بشأن العبودية وما خلقتم لأجله وأمرتم به، وكِلوا أمور الربوبية الغيبية إلى صاحبها فلا عليكم بشأنها".[نقله صدِّيق حسن خان في "فتح البيان"]
وقال ابن هبيرة ـ رحمه الله ـ:
(12) "فلا يغتر أحد بعمل، ولا يقنط من ذنب".["الإفصاح عن معاني الصحاح"(1/257)]
وسُبقت سورة الأعلى بسورة الطارق في الترتيب الموضوعي للمصحف وفيها قوله ـ تعالى ـ:
(13) (فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ(5)
إلى أن قال:
(14) (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)
إثبات للبعث، فالذي قدر على خلق الإنسان من هذا الماء الدافق المهين، قادر على أن يعيده يوم القيامة، ودليله: (فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ).
قال شيخنا العثيمين ـ رحمه الله ـ:
(15) "وهذا من باب الاستدلال بالمحسوس على المنظور المترقب، وهو قياس عقلي، فإن الإنسان بعقله يقول: إذا كان الله قادراً على أن يخلق الإنسان من هذا الماء المهين ويحييه؛ قادر على أن يعيده مرة أخرى".
وفي السورة قوله ـ تعالى ـ:
(16) (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12).
والرجع: المطر لأنه يبدأ من الأرض ويعود إلى الأرض.
قال شيخنا العثيمين ـ رحمه الله ـ:
(17) "الرجع هو المطر، يسمى رجعاً لأنه يرجع ويتكرر، ومعلوم أن المطر به حياة الأرض، والصدع هو الانشقاق يعني التشقق بخروج النبات منه، فأقسم بالمطر الذي هو سبب خروج النبات، وبالتشقق الذي يخرج منه النبات، وكله إشارة إلى حياة الأرض بعد موتها، والقرآن به حياة القلوب بعد موتها".

وهو المشار إليه في سورة الأعلى بقوله:
(18) (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5)
على أن كلَّ بداية لها نهاية. فكل نبات إلى حصاد، وكل من الكلمتين فيها حياة وموت، وكذلك الدنيا، سريعة الفناء، وشيكة الزوال، وقد تقدم بيان نهاياتها في سورة التكوير لما ذكر حوادث قبل البعث، فقال:
(19) (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6)
ليعلم اللبيب قدرة الله وعظمته في الإحياء والإماتة، فيعظِّمه ويسبِّحه؛ إنه الرب الأعلى، الذي خلق فسوى، والذي قدَّر فهدى.
فالله ـ عز وجل ـ قَدَّر أن تكون بشرية على الأرض، فسوَّى معاشها، وتكاليفها، وابتلاءاتها، وهداها في تناول معارفها إلى ما يصلح لها وما يضرها، فأنشأ لها بداية مقدَّرة، ثم ألجأها بعد تاريخ عمرها إلى النهاية المقدَّرة، فبشرية النهايات غير بشرية البدايات، إذ أن البشرية في النهايات فيها من الوعظ والإرشادات ما يكفيها أنها إذا عصت استحقت الويلات الكبيرات .
(فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى) فذكر يا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الناس بعظمة الله وقدرته، وذكّرهم بما أنزل في القرآن من الخير والرشاد، فالقرآن يبعث الحياة في القلوب بعد موتها، كما يعود المطر إلى الأرض فتحيا به بعد موتها. قال بعض العلماء:
(20) "ذكِّر على كل حال، إن كان هؤلاء القوم تنفع فيهم الذكرى".
ولمّا كان الناس في نهاية المطاف ينقسمون إلى قسمين: سعداء، وأشقياء، وأن الأشقى هو الذي يصلى النار الكبرى، فتكرر التذكير ـ رحمةً منه سبحانه وتعالى ـ فجعل في سورة الغاشية بعد سورة الأعلى في الترتيب الموضوعي للمصحف، بصيرة للاستدلال الحسّي والعقلي والكوني على أنهم محقوقون بوجوب النظر في دلائل الوحدانية التي هي أصل الاهتداء إلى تصديق ما أخبرهم به القرآن من البعث والجزاء، فقال:
(21) (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الأرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)
وهذا الاستفهام للتوبيخ، فلا تيأس من الاستمرار في التذكير، قال الشيخ محمد الخضر حسين:
(22) "ولا يقطع الداعي بعدم نفع الذكرى، وضياعها كصيحة في فلاة! إلا إذا وجّه بخطابها إلى قوم معينين مرة بعد أخرى، حتى عجم عيدانهم، وكان على ثقة مما انطوت عليه نفوسهم من التقليد في الباطل، وإنكار الحقيقة في أي صورة ظهرت".["الدعوة إلى الإصلاح"(ص:35)]
ولمّا كان الأمر بالتذكير في سورة الأعلى مشروط بنفع الذكرى، جاء الخطاب للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سورة الغاشية بالدوام عليه فقال ـ تعالى ـ:
(23) (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22)
قال الشيخ محمد الخضر حسين:
(24) "وإذا دعا ـ يعني الداعية إلى الله على منهج النبوة والسلف ـ طائفة إلى إصلاح شأن من شؤونهم، فعتوا عن أمره، واستكبروا عن إجابته، حتى أيس من إقبالهم على نصيحته، واستيقن عدم الفائدة من تذكيرهم، خلصت ذمَّته، ولا جناح عليه أن يقف عند هذه الغاية".["الدعوة إلى الإصلاح"(ص:34)]
إعداد: هشام بن فهمي العارف
4/1/1430 الموافق 31/12/2008








 


قديم 2009-01-30, 20:26   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أبو مسلم
مشرف سابق
 
إحصائية العضو










افتراضي

(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22)
قال الشيخ محمد الخضر حسين:
(24) "وإذا دعا ـ يعني الداعية إلى الله على منهج النبوة والسلف ـ طائفة إلى إصلاح شأن من شؤونهم، فعتوا عن أمره، واستكبروا عن إجابته، حتى أيس من إقبالهم على نصيحته، واستيقن عدم الفائدة من تذكيرهم، خلصت ذمَّته، ولا جناح عليه أن يقف عند هذه الغاية

نسأل الله الصبر والثبات على الحق ونعوذ به من شر الفتن اللهم ثبتنا بارك الله فيك أختنا ونفعنا الله بما قدمت










قديم 2009-01-30, 20:35   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
سائلة عفو ربها
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية سائلة عفو ربها
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم ااااااااااااااااااااااااااااامين

بارك الله فيكم ونفع بكم










قديم 2009-01-31, 11:39   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أم عدنان
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية أم عدنان
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أختي ، وجزاك الله خيرا










قديم 2009-01-31, 12:41   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عبد الرحيم
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء ) رواه مسلم.

زاد جماعة من أئمة الحديث في رواية أخرى : ( قيل يا رسول الله من الغرباء؟ قال الذين يصلحون إذا فسد الناس )
وفي لفظ آخر : ( الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي ) وفي لفظ آخر : (هم النزاع من القبائل ) [ النزاع من القبائل : من كل قبيلة واحد أو اثنين، يعني: تجد القبيلة كلها على البدعة، وعلى الفساد، وينزع منها واحد أو اثنان]
وفي لفظ آخر : (هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير )

فالمقصود أن الغرباء هم أهل الاستقامة، وأن الجنة والسعادة للغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس إذا تغيرت الأحوال والتبست الأمور وقل أهل الخير ثبتوا هم على الحق واستقاموا على دين الله ووحدوا الله وأخلصوا له العبادة واستقاموا على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر أمور الدين، هؤلاء هم الغرباء، وهم الذين قال الله فيهم وفي أشباههم: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت: 30-32] . ما تدعون: أي ما تطلبون. فالإسلام بدأ قليلا غريبا في مكة لم يؤمن به إلا القليل، وأكثر الخلق عادوه وعاندوا النبي صلى الله عليه وسلم وآذوه، وآذوا أصحابه الذين أسلموا، ثم انتقل إلى المدينة مهاجرا وانتقل معه من قدر من أصحابه، وكان غريبا أيضا حتى كثر أهله في المدينة وفي بقية الأمصار، ثم دخل الناس في دين الله أفواجا بعد أن فتح الله على نبيه مكة عليه الصلاة والسلام، فأوله كان غريبا بين الناس وأكثر الخلق على الكفر بالله والشرك بالله وعبادة الأصنام والأنبياء والصالحين والأشجار والأحجار ونحو ذلك.

ثم هدى الله من هدى على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى يد أصحابه فدخلوا في دين الله وأخلصوا العبادة لله وتركوا عباده الأصنام والأوثان والأنبياء والصالحين وأخلصوا لله العبادة فصاروا لا يعبدون إلا الله وحده؟ لا يصلون إلا له؟ ولا يسجدون إلا له؛ ولا يتوجهون بالدعاء والاستعانة وطلب الشفاء إلا له سبحانه وتعالى، لا يسألون أصحاب القبور، ولا يطلبون منهم المدد، ولا يستغيثون بهم، ولا يستغيثون بالأصنام والأشجار والأحجار ولا بالكواكب والجن والملائكة، بل لا يعبدون إلا الله وحده سبحانه وتعالى، هؤلاء هم الغرباء.

وهكذا في آخر الزمان هم الذين يستقيمون على دين الله عندما يتأخر الناس عن دين الله، وعندما يكفر الناس، وعندما تكثر معاصيهم وشرورهم يستقيم هؤلاء الغرباء على طاعة الله ودينه، فلهم الجنة والسعادة ولهم العاقبة الحميدة في الدنيا وفي الآخرة.


فتاوى نور على الدرب لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله.


السؤال:


ما معنى هذا الحديث (بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود غريبا كما بدأ) ؟.

الجواب:

الحمد لله

هذا الحديث رواه مسلم (145) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ) .

قال السندي في حاشية ابن ماجه :

(غَرِيبًا) أَيْ لِقِلَّةِ أَهْله وَأَصْل الْغَرِيب الْبَعِيد مِنْ الْوَطَن ( وَسَيَعُودُ غَرِيبًا ) بِقِلَّةِ مَنْ يَقُوم بِهِ وَيُعِين عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَهْله كَثِيرًا (فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ) الْقَائِمِينَ بِأَمْرِهِ ، و"طُوبَى" تُفَسَّر بِالْجَنَّةِ وَبِشَجَرَةٍ عَظِيمَة فِيهَا . وَفِيهِ تَنْبِيه عَلَى أَنَّ نُصْرَة الإِسْلام وَالْقِيَام بِأَمْرِهِ يَصِير مُحْتَاجًا إِلَى التَّغَرُّب عَنْ الأَوْطَان وَالصَّبْر عَلَى مَشَاقّ الْغُرْبَة كَمَا كَانَ فِي أَوَّل الأَمْر اهـ .

ونقل النووي في شرح صحيح مسلم عن القاضي عياض أنه قال في معنى الحديث :

"أَنَّ الإِسْلام بَدَأَ فِي آحَاد مِنْ النَّاس وَقِلَّة ، ثُمَّ اِنْتَشَرَ وَظَهَرَ ، ثُمَّ سَيَلْحَقُهُ النَّقْص وَالإِخْلال ، حَتَّى لا يَبْقَى إِلا فِي آحَاد وَقِلَّة أَيْضًا كَمَا بَدَأَ " اهـ .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/170) :

"معنى الحديث أن الإسلام بدأ غريباً حينما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إليه الناس إليه فلم يستجب له إلا الواحد بعد الواحد ، فكان حينذاك غريباً بغربة أهله ، لقلتهم وضعفهم مع كثرة خصومهم وقوتهم وطغيانهم وتسلطهم على المسلمين ، حتى هاجر من هاجر إلى الحبشة فراراً بدينه من الفتن وبنفسه من الأذى والاضطهاد والظلم والاستبداد ، وحتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى إلى المدينة بعد ما ناله من شدة الأذى ما ناله رجاء أن يهيئ الله له من يؤازره في دعوته ، ويقوم معه بنصر الإسلام وقد حقق الله رجاءه فأعز جنده ونصر عبده وقامت دولة الإسلام وانتشر بحول الله في أرجاء الأرض وجعل سبحانه كلمة الكفر هي السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ، واستمر الأمر على ذلك زمناً طويلاً ، ثم بدأ التفرق والوهن ودب بين المسلمين الضعف والفشل شيئاً فشيئاً حتى عاد الإسلام غريباً كما بدأ ، لكن ليس ذلك لقلتهم فإنهم يومئذ كثير، وإنما ذلك لعدم تمسكهم بدينهم واعتصامهم بكتاب ربهم وتنكبهم هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من شاء الله فشغلهم بأنفسهم وبالإقبال على الدنيا فتنافسوا فيها كما تنافس من كان قبلهم وتناحروا فيما بينهم على إمارتها وتراثها ، فوجد أعداء الإسلام المداخل عليهم وتمكنوا من ديارهم ورقابهم فاستعمروها وأذلوا أهلها وساموهم سوء العذاب ، هذه هي غربة الإسلام التي عاد إليها كما بدأ بها.

وقد رأى جماعة – منهم الشيخ محمد رشيد رضا – أن في الحديث بشارة بنصرة الإسلام بعد غربته الثانية آخذين ذلك من التشبيه في قوله صلى الله عليه وسلم "وسيعود غريباً كما بدأ " فكما كان بعد الغربة الأولى عز للمسلمين وانتشار للإسلام فكذا سيكون له بعد الغربة الثانية نصر وانتشار.

وهذا الرأي أظهر ، ويؤيده ما ثبت في أحاديث المهدي ونزول عيسى عليه السلام آخر الزمان من انتشار الإسلام وعزة المسلمين وقوتهم ودحض الكفر والكفرة.

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" اهـ .



الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)


نسأل الله أن يثبتنا على الحق المبين إلى أن يأتينا اليقين ونحن على ذلك ..آمين.
بارك الله في الأخت صاحبة الموضوع وجعله الله في ميزان حسناتها.









قديم 2009-02-01, 14:07   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
سائلة عفو ربها
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية سائلة عفو ربها
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريحانة العنبر مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أختي ، وجزاك الله خيرا









قديم 2009-02-01, 14:08   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
سائلة عفو ربها
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية سائلة عفو ربها
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحيم مشاهدة المشاركة
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء ) رواه مسلم.




زاد جماعة من أئمة الحديث في رواية أخرى : ( قيل يا رسول الله من الغرباء؟ قال الذين يصلحون إذا فسد الناس )
وفي لفظ آخر : ( الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي ) وفي لفظ آخر : (هم النزاع من القبائل ) [ النزاع من القبائل : من كل قبيلة واحد أو اثنين، يعني: تجد القبيلة كلها على البدعة، وعلى الفساد، وينزع منها واحد أو اثنان]
وفي لفظ آخر : (هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير )


فالمقصود أن الغرباء هم أهل الاستقامة، وأن الجنة والسعادة للغرباء الذين يصلحون عند فساد الناس إذا تغيرت الأحوال والتبست الأمور وقل أهل الخير ثبتوا هم على الحق واستقاموا على دين الله ووحدوا الله وأخلصوا له العبادة واستقاموا على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر أمور الدين، هؤلاء هم الغرباء، وهم الذين قال الله فيهم وفي أشباههم: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت: 30-32] . ما تدعون: أي ما تطلبون. فالإسلام بدأ قليلا غريبا في مكة لم يؤمن به إلا القليل، وأكثر الخلق عادوه وعاندوا النبي صلى الله عليه وسلم وآذوه، وآذوا أصحابه الذين أسلموا، ثم انتقل إلى المدينة مهاجرا وانتقل معه من قدر من أصحابه، وكان غريبا أيضا حتى كثر أهله في المدينة وفي بقية الأمصار، ثم دخل الناس في دين الله أفواجا بعد أن فتح الله على نبيه مكة عليه الصلاة والسلام، فأوله كان غريبا بين الناس وأكثر الخلق على الكفر بالله والشرك بالله وعبادة الأصنام والأنبياء والصالحين والأشجار والأحجار ونحو ذلك.

ثم هدى الله من هدى على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى يد أصحابه فدخلوا في دين الله وأخلصوا العبادة لله وتركوا عباده الأصنام والأوثان والأنبياء والصالحين وأخلصوا لله العبادة فصاروا لا يعبدون إلا الله وحده؟ لا يصلون إلا له؟ ولا يسجدون إلا له؛ ولا يتوجهون بالدعاء والاستعانة وطلب الشفاء إلا له سبحانه وتعالى، لا يسألون أصحاب القبور، ولا يطلبون منهم المدد، ولا يستغيثون بهم، ولا يستغيثون بالأصنام والأشجار والأحجار ولا بالكواكب والجن والملائكة، بل لا يعبدون إلا الله وحده سبحانه وتعالى، هؤلاء هم الغرباء.

وهكذا في آخر الزمان هم الذين يستقيمون على دين الله عندما يتأخر الناس عن دين الله، وعندما يكفر الناس، وعندما تكثر معاصيهم وشرورهم يستقيم هؤلاء الغرباء على طاعة الله ودينه، فلهم الجنة والسعادة ولهم العاقبة الحميدة في الدنيا وفي الآخرة.



فتاوى نور على الدرب لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله.

السؤال:


ما معنى هذا الحديث (بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود غريبا كما بدأ) ؟.

الجواب:

الحمد لله

هذا الحديث رواه مسلم (145) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ) .

قال السندي في حاشية ابن ماجه :

(غَرِيبًا) أَيْ لِقِلَّةِ أَهْله وَأَصْل الْغَرِيب الْبَعِيد مِنْ الْوَطَن ( وَسَيَعُودُ غَرِيبًا ) بِقِلَّةِ مَنْ يَقُوم بِهِ وَيُعِين عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَهْله كَثِيرًا (فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ) الْقَائِمِينَ بِأَمْرِهِ ، و"طُوبَى" تُفَسَّر بِالْجَنَّةِ وَبِشَجَرَةٍ عَظِيمَة فِيهَا . وَفِيهِ تَنْبِيه عَلَى أَنَّ نُصْرَة الإِسْلام وَالْقِيَام بِأَمْرِهِ يَصِير مُحْتَاجًا إِلَى التَّغَرُّب عَنْ الأَوْطَان وَالصَّبْر عَلَى مَشَاقّ الْغُرْبَة كَمَا كَانَ فِي أَوَّل الأَمْر اهـ .

ونقل النووي في شرح صحيح مسلم عن القاضي عياض أنه قال في معنى الحديث :

"أَنَّ الإِسْلام بَدَأَ فِي آحَاد مِنْ النَّاس وَقِلَّة ، ثُمَّ اِنْتَشَرَ وَظَهَرَ ، ثُمَّ سَيَلْحَقُهُ النَّقْص وَالإِخْلال ، حَتَّى لا يَبْقَى إِلا فِي آحَاد وَقِلَّة أَيْضًا كَمَا بَدَأَ " اهـ .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/170) :

"معنى الحديث أن الإسلام بدأ غريباً حينما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إليه الناس إليه فلم يستجب له إلا الواحد بعد الواحد ، فكان حينذاك غريباً بغربة أهله ، لقلتهم وضعفهم مع كثرة خصومهم وقوتهم وطغيانهم وتسلطهم على المسلمين ، حتى هاجر من هاجر إلى الحبشة فراراً بدينه من الفتن وبنفسه من الأذى والاضطهاد والظلم والاستبداد ، وحتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى إلى المدينة بعد ما ناله من شدة الأذى ما ناله رجاء أن يهيئ الله له من يؤازره في دعوته ، ويقوم معه بنصر الإسلام وقد حقق الله رجاءه فأعز جنده ونصر عبده وقامت دولة الإسلام وانتشر بحول الله في أرجاء الأرض وجعل سبحانه كلمة الكفر هي السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ، واستمر الأمر على ذلك زمناً طويلاً ، ثم بدأ التفرق والوهن ودب بين المسلمين الضعف والفشل شيئاً فشيئاً حتى عاد الإسلام غريباً كما بدأ ، لكن ليس ذلك لقلتهم فإنهم يومئذ كثير، وإنما ذلك لعدم تمسكهم بدينهم واعتصامهم بكتاب ربهم وتنكبهم هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من شاء الله فشغلهم بأنفسهم وبالإقبال على الدنيا فتنافسوا فيها كما تنافس من كان قبلهم وتناحروا فيما بينهم على إمارتها وتراثها ، فوجد أعداء الإسلام المداخل عليهم وتمكنوا من ديارهم ورقابهم فاستعمروها وأذلوا أهلها وساموهم سوء العذاب ، هذه هي غربة الإسلام التي عاد إليها كما بدأ بها.

وقد رأى جماعة – منهم الشيخ محمد رشيد رضا – أن في الحديث بشارة بنصرة الإسلام بعد غربته الثانية آخذين ذلك من التشبيه في قوله صلى الله عليه وسلم "وسيعود غريباً كما بدأ " فكما كان بعد الغربة الأولى عز للمسلمين وانتشار للإسلام فكذا سيكون له بعد الغربة الثانية نصر وانتشار.

وهذا الرأي أظهر ، ويؤيده ما ثبت في أحاديث المهدي ونزول عيسى عليه السلام آخر الزمان من انتشار الإسلام وعزة المسلمين وقوتهم ودحض الكفر والكفرة.

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" اهـ .



الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)

نسأل الله أن يثبتنا على الحق المبين إلى أن يأتينا اليقين ونحن على ذلك ..آمين.
بارك الله في الأخت صاحبة الموضوع وجعله الله في ميزان حسناتها.









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:34

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc