مقدمـة
لا يقتصر التاجر في استغلاله لمحله التجاري بنفسه باعتباره تاجراً يمارس نشاطاً تجارياً ما, وإنما يمكن له أن يستغل المحل التجاري باعتباره ملكية تجارية بطرق أخرى من شأنها أن تحقق له دخلاً, كما يمكن أن يتصرف في هذا المال عن طريق البيع ،أو أن يحصل على ائتمان بواسطة رهنه رهناً حيازياً دون أن تنتقل حيازته للدائن المرتهن، كما يمكن أن يؤجر محله التجاري إيجاراً حراً وهو ما يسمى بالتسيير الحر. ولعل البيع هو أخطرها لأنه يؤدي إلى نقل ملكية المحل من البائع إلى المشتري ، عكس الرهن والإيجار ، فهما لا ينقلان ملكية المحل ، كما أن مدتهما محددة باتفاق الطرفين . وعليه في بحثنا هذا سنتطرق إلى النظام القانوني لرهن وإيجار المحل التجاري ، ومنه طرحنا الإشكالية التالية كيف يرد الرهن والإيجار على المحل التجاري ؟ وما هي الآثار المترتبة على ذلك ؟
وقد اعتمدنا للإجابة على هذه الإشكالية خطة من مبحثين المبحث الأول رهن المحل التجاري وتطرقنا فيه إلي مفهوم رهن المحل التجاري وشروط إنعقاده والآثار التي يرتبها عقد الرهن والمبحث الثاني إيجار الحلل التجاري وتطرقنا فيه كذلك إلى مفهوم إيجار الححل التجاري وشروط عقد إيجار الحهل التجاري والآثار المترتبة على ذلك .
المبحث الأول : رهن المحل التجاري
المطلب الأول : مفهوم رهن المحل التجاري
"قد يضطر التاجر صاحب المحل التجاري إلي تقديم محله التجاري كضمان للحصول على قرض من الغير ، عادة ما يكون الغير مؤسسة مالية كالبنوك ، عن طريق رهنه رهنا حيازيا بهدف دعم حركة نشاطه التجاري ". ولما كان المحل التجاري مجموعة من الأموال المنقولة فإنه يجب تحديد العناصر التي ينصب عليها موضوع عقد الرهن "ويقصد به محل عقد رهن المحل التجاري ،فهو يختلف من محل لأخر وحسب الحالة التي كان عليها المحل التجاري عند الرهن والعناصر التي تضمنها العقد مع العلم أن المشرع الجزائري في المادة :119 من القانون التجاري استبعد عنصر البضائع من عملية الرهن وفرق بين حالتين .حالة تعيين العناصر التي تناولها الرهن ،وحالة عدم تعيين العناصر التي تناولها الرهن".
أولا: حالة تعيين العناصر بعقد الرهن:
" يخضع أمر تحديد العناصر المعنوية محل عقد التأمين على المتجر من حيث المبدأ لإرادة الأطراف ،فهم أحرار بالاتفاق على أن يكون محل التأمين عنصرا واحد أو أكثر من العناصر المكونة للمتجر، مع ذلك يوجد لهذه القعدة استثناءان الأول يتعلق" بالعناصر المعنوية " المألوفة فقط والمتمثلة في العنوان والاسم التجاري والحق في الإجارة والزبائن والشهرة التجارية " ،إذ لا يجوز للأطراف استبعاد هذه العناصر ذلك أن التأمين بدون هذه العناصر لا يسمى تأمينا على متجر ،وإنما يمكن أن يكون رهناً حيازياً إذا انصب على منقولات مادية أو رهنا غير حيازي إذا كان موضوعه منقولات معنوية.
"وأما الاستثناء الثاني فيتعلق بالبضائع إذ لا يجوز لطرفي عقد التأمين الاتفاق على شمولية العقد للبضائع الموجودة في المتجر نظرا لكونها متجددة وغير ثابتة" ،" وحماية للدائنين العاديين الذين يتعاملون مع التاجر الراهن حتى يمكنهم التنفيذ على العناصر المادية دون مزاحمة من الدائن المرتهن"
المطلب الثاني : شروط إنعقاد عقد رهن المحل التجاري
"لإنشاء عقد رهن المحل التجاري يشترط توفر شروط موضوعية وأخرى شكلية "
أولا: الشروط الموضوعية:
"يستلزم عقد رهن المحل التجاري كأي عقد آخر من توافر أركان العقد طبقا للقواعد العامة وهي الرضا ـ المحل ـ السبب وأن يكون الراهن مالكا للمحل التجاري المرهون" ." أما مستأجر المتجر أو مستثمره فلا يحق له ذلك .وإذا كان المتجر مملوكاً على الشيوع فلا يجوز إنشاء تأمين عليه إلا ممن يملكون ثلاثة أرباع المتجر على الأقل ،لأن التأمين يعتبر من قبيل التصرف لا أعمال الإدارة العادية" .
ثانيا: الشروط الشكلية
" تتمثل الشروط الشكلية في الرسمية أي تحرير العقد في محرر رسمي أمام الموثق وأيضا لابد من إجراء التسجيل في السجل التجاري وهذا ما أشارت إليه المادة 120 من ق ت ج وذلك خلال 30 يوما من تاريخ العقد. ويحدد القيد مرتبة امتياز الدائنين المرتهنين فيما بينهم على حسب ترتيب تاريخ قيودهم وتكون للدائنين المقيدين في يوم واحد مرتبة واحدة متساوية وهذا ما أقرته المادة 122 من ق ت ج" .
الرسمية
"حسب نص المادة : 120 من الجزائري فإن الرسمية شرط لانعقاد عقد الرهن و صحته والوسيلة الوحيدة لإثباته .غير أن المشرع الجزائري أورد استثناء لهذه القاعدة في المادة 177/1من القانون 90ـ 10 المؤرخ في 14/04/1990 المتعلق بالنقد والقرض فأجاز أن تتم عملية رهن المحل التجاري لصالح البنوك أو المؤسسات المالية بموجب عقد عرفي مسجل حسب الأصول .
القيد
"اشترط المشرع الجزائري في المادتين 120 و121 من القانون التجاري قيد الرهن بالسجل الخاص الموجود على مستوى المركز الوطني للسجل التجاري دائرة مقر المحل التجاري ..... ويجب أن يتم القيد خلال ثلاثين يوما من تاريخ إبرام عقد الرهن وإلا وقع تحت طائلة البطلان .....
وإذا تضمن عقد الرهن عناصر معنوية ذات طبيعة خاصة تتعلق بالملكية (حقوق الملكية الصناعية والتجارية ). فإنه إضافة إلي الرسمية والقيد بالمركز الوطني للسجل التجاري يجب أن يخضع العنصر المعنوي المذكور بعقد الرهن إلى القيد الخاص بالمعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية.حتى ينتج آثاره اتجاه الغير ."
المطلب الثالث : آثار عقد رهن المحل التجاري
الفرع الأول :آثار عقد الرهن بالنسبة لطرفي العقد
"عند إبرام عقد الرهن الحيازي في شكله الرسمي وإخضاعه للإجراءات المطلوبة يرتب التزامات على عاتق المدين الراهن كما يمنحه حقوقا يتمتع بها ".
أولا: التزامات المدين الراهن
الالتزام الأول: المحافظة على العناصر محل الرهن
يجب " على الراهن أن يقوم بالأعمال اللازمة لحفظ العناصر المرهونة بحالة جيدة وخاصة عنصري العملاء والسمعة التجارية " بحيث "تفرض عليه عقوبات جنائية في حالة إقدامه على إتلافها أو اختلاسها أو إفسادها بأي طريقة تؤدي إلى نقص أو تعطيل حقوق الدائن المرتهن المادة 167 ق.ت ج "
" ولكن ماذا لو أراد مالك المتجر موضوع التامين التصرف بأحد العناصر التي يشملها التامين بشكل منفرد،هل ينفذ مثل هذا التصرف في الحقيقة للجواب على هذا السؤال يجب التمييز بين حالتين ، فلو اعتبرنا تنازل المدين عن ذلك العنصر من قبيل الإدارة الحسنة كان التصرف صحيحا ، ومثال ذلك أن يقوم مالك المتجر ببيع بعض العُدد أو الأثاث لغايات التجديد بعد أن أصبحت قديمة جداً، مع العلم أن القيام بتجديد عناصر يشملها التامين يضع العناصر الجديدة في الموقع نفسه الذي كانت فيه العناصر القديمة ويُبقي عليها مشمولة بالتأمين ، بالمقابل إذا اعتبرنا تنازل المدين على العنصر موضوع النزاع ليس من قبيل الإدارة الحسنة ،كان من حق الدائن الاعتراض على هذا التصرف والمطالبة بإسقاط أجل دينه والتنفيذ على المتجر موضوع التأمين نظراً لإقدام المدين على إضعاف ضمانات دينه " .
الالتزام الثاني : أخطار الدائن برغبته في نقل المحل المرهون
"يلزم المدين الراهن إذا رغب في نقل المحل التجاري بتبليغ كافة المقيدين برغبته وكذا بالمكان الجديد الذي يريد أن يقيم فيه المحل التجاري وذلك خلال (15) خمسة عشر يوما من قبل ، وإذا خالف اعتبرت الديون المقيدة حالة الأداء ، وهذا ما أكدته المادة 123/1 قانون تجاري."
ثانيا: حقوق المدين الراهن
"من أهم الحقوق التي يتمتع بها المدين الراهن هو حق مواصلة استغلال نشاط محله التجاري بل تفعيله أكثر بحكم أن الحيازة لا تنتقل إلى الدائن المرتهن" . "فعقد رهن المحل التجاري " يبقي صاحبه مالكاً له ويستمر بالتمتع بالحقوق الثلاثة المتفرعة عن حق الملكية وهي: حق الاستعمال وحق التصرف وحق الانتفاع ويستفاد من ذلك بأن صاحب المتجر موضوع التامين يملك التصرف به كما يشاء، فهو يستطيع بيعه أو تأجيره أو إعطاءه إلى شخص أخر على سبيل الهبة أو تقديمه كحصة في شركة ، كما يمكنه أيضاً رهنه مرة ثانية وثالثة فليس من شأن تلك التصرفات الإضرار بمصالح الدائن صاحب إشارة التأمين لأنه من جهة إدا باع المدين متجره إلى الغير فالدائن يتمتع قانوناً بحق التتبع ، ومن جهة أخرى إذا أنشاء المدين تأميناً جديداً على المتجر فهذا يعطي الحق للدائن باستعمال حق الأولوية على اعتبار أن تأمينه هو الأسبق بالتسجيل " .
وذلك كله تماشيا "مع الهدف الذي من اجله قدم المحل التجاري كضمان عن طريق الرهن ، فالتاجر لا يمكن له سداد الدين موضوع القرض ومنه قيد الرهن عن محله التجاري إلا بممارسة نشاطه التجاري وتفعيله أكثر من أي وقت مضى."
" يرتب عقد الرهن الحيازي للمحل التجاري حقوقا لصالح الدائن المرتهن كما يلقي على عاتقه التزامات .
أولا :حقوق الدائن المرتهن
يتمتع الدائن المرتهن المقيد حسب الأصول المقررة قانونا بحقوق معينة على المحل التجاري فله حق الأولوية في استيفاء دينه ،وله حق في تتبع المحل التجاري أينما وجد، ولا يجوز للغير التمسك بحيازته على المتجر " لان المحل التجاري مال منقول لا تنطبق عليه قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية.
حق الأولوية:
"يترتب للدائن المرتهن حسب تاريخ قيده للرهن فإذا ما تعدد الدائنون المرتهنين تكون الأولوية للأسبقية في القيد .
وبناء على ذلك يكون للدائن المرتهن إستيفاء حقه من ثمن المحل التجاري المرهون ويتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التالين له في مرتبة القيد "
"ويكون البيع بأمر من المحكمة التي يقع بدائرة اختصاصها المحل التجاري وذلك بناء على طلب الدائن المرتهن الذي يكون قد انذر المدين الراهن خلال ثلاثين يوما قبل رفع الدعوى بدفع المبالغ المستحقة وهذا ما أكدته المادة 125 قانون تجاري" .
حق التتبع :
"وهو حق الدائن المرتهن في التنفيذ على المحل التجاري في أي يد يكون ولو انتقل إلى شخص أخر غير الراهن .
ولا يجوز للحائز التمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز لكون المحل التجاري منقولا معنويا لا تسري في شأنه هذه القاعدة.
غير انه في حالة قيام المدين ببيع العناصر المادية لمشتري حسن النية فتسري هذه القاعدة لأن الأمر يتعلق بمنقول مادي لا تسري عليه قواعد القيد والشهر. "
ثانيا :التزامات الدائن المرتهن
"يلتزم الدائن المرتهن إخطار مؤجر العقار الذي به المحل التجاري بقيد الرهن كتابة ،حتى يمكن المؤجر في حالة رغبته فسخ عقد الإيجار مع المدين إعلان الدائن المرتهن وباقي الدائنين. وهذا ما أكدته المادة 124 قانون تجاري" .
الفرع الثاني : آثار عقد الرهن بالنسبة للغير .
" ويقصد بالغير هنا الأطراف الأخرى دون أطراف عقد الرهن وهم الدائنين العاديين ومؤجر العقار الذي به المحل التجاري.
أولا: الآثار بالنسبة للدائنين العاديين
كثيرا ما يضر رهن المحل التجاري بالدائنين العاديين لان للدائن المرتهن الحق في استيفاء حقه بالكامل من ناتج بيع المحل التجاري بالأفضلية حتى ولو كانت حقوقهم ناشئة قبل الدائن المرتهن .
وطبقا للقواعد العامة لا يجوز إسقاط آجال الديون إلا إدا نص القانون على عكس ذلك أو اتفاق الأطراف غير أن المشرع في القانون التجاري" أجاز " إسقاط ديون الدائنين لتصبح واجبة الاستحقاق قبل حلول اجلها نتيجة لرهن المحل التجاري .
وحدد المشرع شروطا يجب توافرها هي :
الشرط الأول: أن تكون هذه الديون العادية سابقة على قيد الرهن.
الشرط الثاني: أن تكون هذه الديون مرتبطة باستغلال المحل التجاري لاستيفاء ديونهم .
الشرط الثالث: يجب أن يصيب الدائنين العاديين ضرراً من جراء قيد الرهن .
فإذا ما توافرت هذه الشروط كان للدائنين العاديين طلب إسقاط أجل الدين و استيفاء ديونهم ".
ثانيا : الآثار بالنسبة لمؤجر العقار
قد يكون المحل التجاري موضوع قيد الرهن مقاماً على عقار مُستأجر من الغير ،فكيف يمكن لمؤجر العقار ممارسة حقه في إخلاء التاجر المستأجر دون التعرض لحقوق أصحاب الرهن ؟ مراعاة لذلك أوجب القانون على مالك العقار المقام عليه المحل التجاري موضوع قيد الرهن إذا ما أراد إخلاء مستأجره إبلاغ طلبه هذا إلي "الدائنين في المحل التجاري المختار والمعين في قيد كل واحد منهم حتى يمكنهم من استعمال حقهم في الحفاظ على عنصر الإيجار بدفع الإيجار وهذا ما نصت عليه المادة :124 من القانون التجاري .
ولا يمكن للمحكمة أن تفصل بفسخ عقد الإيجار إلا بعد انقضاء شهر من تاريخ التبليغ كما يجب على المؤجر في حالة فسخ العقد عن طريق التراضي إبلاغ الدائنين المرتهنين المقيدين .ولا يصير الفسخ نافذا إلا بعد مرور شهر من تاريخ التبليغ .حتى يتمكن كل دائن مقيد من استعمال حقه في طلب بيع المحل التجاري عن طريق المزاد العلني ".
المبحث الثاني: إيجار المحل التجاري
المطلب الأول: مفهوم إيجار المحل التجاري
لكي نعرف التسيير الحر يجب التميز بين شكلين مختلفين من العقود المبرمة بين صاحب المحل التجاري والمستثمر الجديد وهما تسيـير المستأجر والتسيير الحر المسمى كذلك تأجير التسيير أو عقد إدارة التسيير.
حيث أنه في الحالة الأولى "يتم العقد بأن يعهد مالك المحل التجاري باستثماره لشخص يعمل باسم المالك ولحسابه، وهو ما يسمى بالمدير فقد يكون وكيلا عن المالك أو عاملا لديه وتتحدد هذه الصفة وفق مدى تبعيته للمالك أو إستقلاله." وهذا التصرف لا ينزع صفة التاجر عن مالك المحل التجاري فهو يبقى تاجرا ويظل تاجرا فهو مسؤول تجاه الغير عن أعمال المستخدم و هذا الأخير لا يكتسب صفة التاجر و هذا راجع للعلاقة التبعية الموجودة بينه وبين صاحب المحل .
وفي الحالة الثانية "يتنازل مالك المحل التجاري عن استغلال المحل لشخص أخر يقوم بإدارته لحسابه الخاص مقابل أن يتقاضى المالك أُجره عن ذلك " وفي هذه الصورة يعد فيه الشخص القائم بإدارة المحل تاجرا وتقع على عهدته مسؤولية هذا الاستغلال وحده دون أن يلتزم مالك المحل بنتائجه .
المطلب الثاني: شروط عقد إيجار المحل التجاري
بالإضافة إلى الشروط الموضوعية العامة المتمثلة في الرضا والمحل والسبب هناك شروط موضوعية خاصة وشروط شكلية يتميز بها عقد التسيير الحر:
أولا: الشروط الموضوعية الخاصة
1- الشروط الخاصة بالمؤجر:
" طبقا للمادة 205 من القانون التجاري يجب على الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الذين يمنحون إيجار التسيير أن يكونوا قد مارسوا التجارة أو امتهنوا الحرفة لمدة 05 سنوات أو مارسوا لنفس المدة أعمال المسير أو مدير تجاري أو تقني و استغلوا لمدة سنتين على الأقل المتجر الخاص بالتسيير."
ويمكن الإعفاء من هذه " المدة أو تخفيضها من طرف رئيس المحكمة بموجب أمر بعد الاستماع إلى النيابة العامة بناء على طلب المعني الذي هو مطالب بإثبات المبرر الذي يمنعه من إستغلال محله التجاري شخصيا أو بواسطة مندوبين عنه .وهذا ما أكدته المادة 206 من القانون التجاري" .
2- الشروط الخاصة بالعين المؤجرة
"يشترط أن يكون موضوع الإيجار محلا تجاريا طبقا لأحكام المادة 78 من القانون التجاري وأن تتوفر فيه العناصر المعنوية والمادية وأن يكون المؤجر قد اكتسب حق الإيجار"
ثانيا :الشروط الشكلية
" نصت المادتين 203 و204 من القانون التجاري على الشروط الواجب توافرها في عقد تأجير تسيير المحل التجاري وهي :
الرسمية
حسب نص المادة 203/3 قانون تجاري و المادة 324 مكرر قانون مدني فأن عقد تأجير تسيـير المحل التجاري يجب تحريره في شكل رسمي " ويترتب عن تخلفه بطلان العقد
نشر العقد
"يجب أن ينشر العقد خلال 15 يوم من تاريخ إبرامه على شكل مستخرج في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية ....إضافة إلى ذلك ينشر في جريدة مختصة بالإعلانات القانونية.
3ـ شرط التسجيل في السجل التجاري
...كما يتعين على المؤجر إما تسجيل نفسه في السجل التجاري أو تعديل تقييده الخاص مع البيان صراحة بتأجير التسيير ".
المطلب الثالث : آثار عقد إيجار المحل التجاري
الفرع الأول: آثار عقد ايجار المحل التجاري بالنسبة للأطراف المتعاقدة
أولا: أثر العقد بالنسبة للمؤجر:
تترتب على مؤجر المحل التجاري عدة التزامات إزاء المستأجر المسير أهمها:
الالتزام بتسليم المحل
"لما كان عقد إيجار المحل التجاري للاستغلال هو عقد إيجار في حقيقته فيجب على المؤجر الالتزام بتمكين المستأجر من الانتفاع به لقاء أجرة معلومة ولمدة معينة .
الالتزام بضمان أي عيوب الخفية
يلتزم المؤجر بضمان جميع ما يوجد بالمحل من العيوب الخفية التي قد تمنع من الإنتفاع أو تنقص منه إنقاصاً مؤثراً "
الالتزام بضمان الاستحقاق
يضمن المؤجر لمستأجر المحل التجاري للاستغلال عدم تعرض الغير له باستحقاق المحل ممن يدعي ملكيته للمحل أو انه مستأجر له .ولذلك يتعين أن يتوافر لمستأجر المحل التجاري للاستغلال الحيازة الهادئة دون تعرض من المؤجر ذاته أو من الغير ."
الالتزام بعدم المنافسة
"قرر المشرع حماية مستأجر المحل التجاري للاستغلال إذ قرر التزام المؤجر " " بعدم ممارسة نشاط تجاري مماثل للنشاط الذي يمارسه المستأجر المسير"
ثانيا:التزامات المستأجر
تترتب على المستأجر المسير عدة التزامات إزاء المؤجر مالك المحل التجاري أهمها:
الالتزام بدفع بدل الإيجار
"الوفاء بالأجرة هو من الالتزامات الجوهرية لعقد الإيجار ويجب على المستأجر للمحل التجاري أن يقوم بها في الميعاد المتفق عليه" .
الالتزام بالقيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية
"بمجرد أن يقوم صاحب المتجر بتأجير متجره وتسليمه إلى المستثمر تزول عنه صفة التاجر ،ذلك انه لم يعدْ يحقق جميع الشروط المطلوبة لاعتبار شخص ما تاجراً لاسيما ممارسة الأعمال التجارية على سبيل الاحتراف باسمه الشخصي ولحسابه وبالمقابل يصبح مستأجر المتجر متمتعا بصفة التاجر لتلبية جميع شروط اكتساب صفة التاجر، ويلتزم بالتالي بجميع الالتزامات والواجبات الملقاة على عاتق التاجر،بما في ذلك مسك الدفتر التجارية " ، والقيد في السجل التجاري .
الالتزام باستمرار استغلال المحل التجاري
"يلتزم بالحفاظ على نوع النشاط التجاري الممارس وعدم تغيـيره والعمل على تفعيله للحفاظ على عنصر الاتصال بالعملاء والشهرة التجارية للمحل موضوع التأجير " .
الالتزام بعدم تأجير المحل التجاري من الباطن
نظرا لأن "عقد إيجار المحل التجاري يقوم على اعتبارات شخصية في شخص المستأجر وهو المدير الحر والثقة المتبادلة بينه وبين المؤجر للمحافظة على المحل التجاري ومقوماته وعناصره فيترتب على ذلك عدم جواز التأجير للغير بالنسبة لمستأجر المحل التجاري للاستغلال دون موافقة المؤجر ولذلك ينص في اغلب الأحيان في عقود إيجار المحلات التجارية للاستغلال غلى حظر التأجير من الباطن .
فإذا خالف المستأجر هذا الحظر كان للمؤجر حق الفسخ لعقد الإيجار مع المستأجر ومطالبته بالتعويض عن الأضرار التي تلحقه من هذا الإيجار" .
الفرع الثاني: آثار عقد إيجار المحل التجاري بالنسبة للغير
أولا: أثار العقد إزاء دائني المؤجر:
"على الرغم من انه لا يترتب على تأجير المتجر فقدان صاحب المتجر لملكيته للمتجر ،إلا انه يترتب على واقعة التأجير إضعاف ضمانات دائني المؤجر ، وبخاصة إذا ما أساء المستأجر إدارة المحل أو كانت خبرته التجارية ضعيفة " .لذلك خص القانون دائني المحل التجاري ببعض الضمانات.
لقد أعطى القانون "الحق لدائني المؤجر في رفع دعوى قضائية أمام محكمة دائرة المحل التجاري للمطالبة بجعل ديونهم واجبة الأداء فورا إذا رأوا أن في خطر من جراء عملية تأجير تسيير المحل التجاري ويشترط رفع هذه الدعوى خلال ثلاث أشهر من تاريخ نشر عقد تأجير التسيير في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية، وإلا سقط حقهم وهذا ما أكدته أحكام المادة 208 قانون تجاري.
وتفصل المحكمة وتقدر مسالة الخطر مقارنة بحالة نشاط المحل التجاري موضوع تأجير التسيير ثم تقرر على ضوء ذلك إما بالرفض في حالة عدم تحقق الخطر وإما بالقبول في حالة التأكد من الخطر فالمسالة متروكة لسلطة المحكمة ."
ثانيا: الآثار بالنسبة لدائني المستأجر:
إذا قام مستأجر المحل التجاري للاستغلال بمباشرة النشاط وإستثماره باسمه ولحسابه الخاص فإنه يكون مسؤولا عن ممارسة النشاط وتعامله مع الغير وهناك يفرق بين أمرين
الأمر الأول: هو مباشرة المستأجر لنشاط المحل التجاري للاستغلال منذ بدء التعاقد " " ولمدة 6 أشهر من تاريخ نشر عقد تأجير التسيير بالنشرة الرسمية للإعلانات القانونية يكون فيها المؤجر مالك المحل التجاري مسؤولا بالتضامن مع المستأجر المسير عن الديون التي ترتبت عن استغلال المحل التجاري نتيجة التسيير وذلك حماية للدائنين الذين مازالوا يظنون أنهم يتعاملون مع مالك المحل التجاري وليس مع مستأجر مسير وذلك يعود لعدم نشر عقد التأجير التسيير في الآجال المحددة قانونا ،وهذا ما أكدته المادة :209: ". من القانون التجاري بقولها " يكون مؤجر المحل التجاري مسؤولا بالتضامن مع المستأجر المسير عن الديون التي يعقدها هذا الأخير بمناسبة استغلال المتجر وذلك لغاية نشر عقد تأجير التسيير وطيلة مدة 6 أشهر من تاريخ النشر".
الأمر الثاني: بعد نشر عقد تأجير التسيير أو انتهاء مدة 06 أشهر المنصوص عليها في المادة 209 ق .ت "يكون المستأجر للمحل التجاري هو المسؤول الوحيد عن الديون الناشئة عن ممارسة نشاطه واستثمار إستغلال المحل التجاري طوال مدة العقد وحتى تاريخ الانتهاء " ، الذي يجعل ديونهم واجبة الأداء فوراً طبقا للمادة 211 من القانون التجاري .
الخــاتمـة
من خلال هذا العرض الموجز نرى أن من أهم التصرفات القانونية الواردة على المحل التجاري والتي لا تنقل ملكيته هي الرهن الحيازي و تأجير التسيير حيث أن لرهن المحل التجاري أهمية بالغة وذلك باعتباره ضمانا وائتمانا في نفس الوقت ، ولكي ينشأ عقد الرهن صحيحا لابد من توافر شروط شكلية وموضوعية. وعند قيام عقد الرهن صحيحا فانه يرتب التزامات وينشي حقوق .
كما تعرضنا إلي موضوع تأجير التسيير حيث يقوم المستأجر بإدارة المحل التجاري لأجل استثماره لحسابه الخاص وتبعا لهذا يتحمل أعباء التسيـير، و يسمى بالإدارة الحرة لأن المستأجر له الحرية التامة في التسيير فلا يخضع لرقابة مالك المحل التجاري ولا لإشرافه و يترتب عليه حصول صاحب المحل على مقابل. ولكي ينشأ عقد تأجير التسيير صحيحا لابد من توافر شروط موضوعية وشكلية.كما رأينا أن عقد تأجير التسيير يرتب التزامات في ذمة المستأجر كما يرتب التزامات في ذمة المؤجر.
قائمة المراجع
1 ـ القانون التجاري سنة 2007
2 ـ عبد الرزاق جاجان وآخرون ـ المدخل إلى القانون التجاري ـ مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية 2008 ـ منشورات جامعة حلب .
3 ـ عبد القادر البقيرات ـ محاضرات في مادة القانون التجاري الجزائري ـ دار هومة ـ 2007 .
4 ـ محمد أنور حمادة ـ التصرفات القانونية الواردة على المحل التجاري البيع ـ الرهن ـ التأجير دار الفكر الجامعي ـ 2001 .
5 ـ مقدم مبروك ـ المحل التجاري ـ دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع الجزائر ـ الطبعة الثانية 2008 .