لعل الجميع يتساءل عن هذه المهنة، ماهي ؟
مهنة الحمالة ،او حمّال ،هي مهنة ليست ككل المهن مهنة تضاهي في قوتها رياضة كمال الاجسام ، لكن في آثارها هي توهن الجسد وتشوّه إستقامته ، نجدها مغيبة في قانون الوظيفة أو الشغل وكذا الضمان الإجتماعي ، محاسنها تمتد على المدى القريب اما مساوؤها فتمتد على المدى البعيد .
الحمّال هو ذلك الشخص الذي ينوب عن الآلة في تفريغ المواد والسلعة معتمدا على قوته البدنية ، أغلبهم تجدهم في سن الشباب ، النشاط الغالب لديهم هو إما تفريغ أكياس الاسمنت ذات 50كلغ او تفريغ الآجر من الشاحنات ذات المقطورات الطويلة ، بالإضافة الى تقويم قضبان الحديد ، وتفريغ مختلف مواد البناء ،حفر الابار التقليدية ، حفر اساسات البنايات ....
هذه المهنة هي في حد ذاتها وباء ، اذ أن مضارها اسوء من كل الاعمال الاخرى ، فمثلا الاسمنت وكذا الجبس والجير تسبب امراض قاتلة على المدى البعيد، كالربو ، الحساسية ، ظهور بقع حمراء شديدة الحكة ، صعوبة التنفس ، اعوجاج في الظهر نتيجة الحمل المتزايد واليومي لأكياس الاسمنت ذات 50كلغ ، حتى وأن استطاع الجسد تحمل ذلك الوزن لكن الاثار المترتبة عنه تظهر في المستقبل .
هذه المهنة نجدها في الفئة التي لا تتقن أي حرفة او أي عمل فيكون هذا العمل آخر ملجأ لهم ، فتراهم يصطفون مع أصحاب الشاحنات ، ومنتشرون خصوصا في مصانع مواد البناء كمصانع الاسمنت والاجر ، والادهى من ذلك ان تراهم يعملون داخل مصنع كعمال احرار ، بدون ضمان اجتماعي من صاحب المصنع ، كذلك نجد أغلبهم الشباب ، فبدل ان نستغل هذه الفئة من الشباب ضمن مجالها ، نقضي عليها بمثل هذا العمل ، نعمل اذهبوا إليهم واسألوهم والله جامعيون ويعملون حمالين ، الله غالب لا ملجأ ولا منجا الا الى هذه المهنة بقولهم .
هنا يطرح التساؤل : على اي اساس يِجر العامل ؟ على اساس الجهد المبذول ؟ ام ماذا؟
بالاضافة الى ماسبق ذكره عن هؤلاء العمال ، نجد معاناة اخرى وهي احتقار الناس لهذه المهنة وبالخصوص هؤلاء ، حيث كان لي حديث مع احدهم فأخبرني أنه في يوم ما تقدم لخطبة فتاة من والدها ، فكان الرد بالرفض لانه يزاول هذه المهنة التي احتقرها المجتمع .
اذا كانت فرص الشغل ضئيلة ، ولا ملجأ الا مزاولة هذه المهنة ، هل هكذا نكرم من يعمل ، الذي يشتغل كان يقال له في الماضي "سيد الرجال خدامهم " مهما كان عمله ، المهم ان يعمل عملا حلالا ، أليس العمل عبادة لماذا نحتقر هذه الفئة من المجتمع .
برأيكم اخوتي وأخواتي :
هل الذي يظل طول النهار للشمس تلفح وجهه ، حاملا الفأس ، معيلا 5او 8 افراد يؤجر ب15000 شهريا يتساوى مع الذي يعمل بالقلم والورقة والمكيف بأجرة 50000دينار للشهر ؟
هل العدل ان نكافئ الانسان الخدام بالثناء والمساعدة نمقته ونزدريه لانه يشتغل هذه المهنة ؟
أين الدولة لتوفر مستقبل رعيتها بالعمل والضمان الأجتماعي ؟
اين ضمير المسؤوليين وملاك المصانع لاستغلال هذه الفئة ؟
الكلمة لكم