سعد بن أبي وقاص
سعد المجاهد ...فاتح بلاد فارس...قال عنه نبينا ( هذا خالي ..فليرني امرؤ خاله) ، وقال عنه علي بن أبي طالب ( ماسمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يفدي أحدا بأبويه الاّ سعدا ، فاني سمعته يوم أحد يقول ـ ارم سعد ..فداك أبي وأمي) ، وعن نفسه كان يقول سعد بن أبي وقاص ( والله ، اني لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله ) ، ولشجاعة سعد في الحروب أخذ من اعجاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فدعا له يوما قائلا (اللهم سدّد رميته ..وأجب دعوته ) ، ومنذاك الحين صار سعدا اذا رمى في الحرب أصاب عدوه ، واذا دعا الله ، أجاب دعائه .
ومما نذكره حول هذا الصحابي المجاهد هو صفاء قلبه من الضغينة والتي أوجبت له الجنة ، فقد كان رسول الله يوما جالسا رفقة أصحابه واذ به فجأة يرفع بصره الى الأفق كأنما يسمع همسا ثم نظر في وجوه أصحابه وقال لهم ( يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة) ...فأخذ أصحابه يتلفتون صوب كل اتجاه يبحثون عن هذ السعيد المبشر واذ بهم يلحظون قدوم سعد عليهم ، فبادره عبدالله بن عمرو بن العاص سائلا اياه في الحاح عن سر العبادة التي قربت سعد الى الله فأجاب سعد بصدق وتواضع غير متكلف ولا مختال وقال ( لا شيء أكثر مما نعمل جميعا ونعبد...غير أني لا أحمل لأحد من المسلمين ضغنا ولا سوء) ...
وهنا تستوقفنا يا اخوتي هذه العبارة ...فنحن ندعي أن بالاسلام نبغض من يخالفنا ...وسعد يخبرنا أنه بالاسلام نعفوا ونصفح وان خالفنا واختلف علينا المسلمون ...
نعود الى المجاهد الفذ الذي اختاره عمر بن الخطاب لقيادة جيش القادسية الذي سيقاتل جيش الفرس العرمرم ...وفي هذه القيادة لقبّـه عبد الرحمان بن عوف بالأسد في براثنه ...وطبعا من خفف عن ثقل كاهله الضغينة والكراهية فسوف تجد الشجاعة الى نفسه طريقا...
عسكر سعد بجيش من المجاهدين المؤمنين قوامه ثلاثين ألف مقاتل لا يحملون الا رماحا ..في مقابل جيش بالغ التنظيم والتدريب ومدجج بأحدث أنواع الأسلحة آنذاك ، يقوده أدهى المخططين العسكريين وقائد عنيد عظيم يعرفه التاريخ باسم رستم ...والتقى الجمعان بعدما دوى تكبير المسلمين في الكون ...وتهاوى الفرس كالذباب المترنح أمام قوة عزيمة المسلمين على الاستشهاد أو الانتصار...وفتح الله عليهم بالنصر ...فهزموا جيش رستم وقتلوا قائده وأنهوا الوثنية بفضل الله من بلاد فارس ...
ودخل سعد الى مدينته رفقة جيشه منتصرين حاملين الى الخليفة عمر ايوان امبراطورهم كسرى وايوانه ...
وبذلك أنهى المجاهدين الصادقين من أذهان الناس ... أسطورة الجيش الذي لا يقهر.