تابــــــــــــــــــــــع للشعر عند العرب - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الثانوي > قسم التعليم الثانوي العام > أرشيف منتديات التعليم الثانوي

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تابــــــــــــــــــــــع للشعر عند العرب

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-01-02, 09:44   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المجتهد92
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية المجتهد92
 

 

 
إحصائية العضو










B11 تابــــــــــــــــــــــع للشعر عند العرب

النّوع من التأليف فجمع شعر ما يزيد علىثمانين قبيلة، وكذلك فعل الأصمعي وابن الأعرابي وغيرهم من العلماء والرواة.
وديوان الهذليين صَنَعَه أبو سعيد، الحسن بن الحسين، السُّكّري (212-275هـ، 827-888م). وهو عالم في اللُّغة والنحو ورواية الشعر، اشتغل برواية دواوين الشعراءوأشعار القبائل.
ويعدُّ هذا الديوان من الدواوين الفريدة التي وصلت إلينا، ولو وصلت إلينا بقيةالدواوين لكانت ثروة علمية قيّمة، تكشف عن خصائص اجتماعية ولغوية مهمة. وترجع أهميةهذا الديوان إلى أن قبيلة هذيل كانت من قبائل الحجاز المعروفة بفصاحتها وسلامةلغتها من شوائب العجمة؛ لأنها تعيش في وسط الجزيرة العربية، بعيدة عن مناطقالاختلاط بغير العرب، لذلك كان شعر هذه القبيلة موضع اهتمام العلماء والرواةكالشَّيباني والأصمعي، بل اهتم به جلّة الأئمة كالإمام الشافعي.
ويمثل شعر هذه القبيلة ثروة ضخمة في الاستشهاد به في اللّغة والنحو والقرآنوالحديث. وقد كان العلماء في جمعهم اللغة والحفاظ على سلامتها، لا يأخذون عن عامةقبائل العرب، بل كان أخذهم عن قريش وقيس وأسد وتميم وهذيل وبعض كنانة وطيِّئ. وتأتيقبيلة هذيل في الطليعة لصلتها بقريش في النسب والمصاهرة والجوار.
يضم هذا الديوان قرابة تسعة وعشرين شاعرًا من شعراء هذه القبيلة، وهم سبعةوعشرون شاعرًا في بعض أصول الديوان المخطوطة. وهذا العدد من الشعراء يتفاوت فيالعصور والشَّاعريّة وغزارة الإنتاج، غير أنّ أشهرهم وأشعرهم ألبتَّة أبو ذؤيب،خويلد بن خالد الهذلي، وهو أكثرهم إنتاجًا. وتبدأ هذه المجموعة بأشهر قصائد أبيذؤيب وهي العينية التي نظمها في رثاء أولاده.
وكان هذا الديوان محلّ عناية العلماء منذ القدم. وقد عكف السُّكّريُّ على شرحهبعد أن أكمل جمع قصائده، غير أن هذا الشرح ضاع فيما ضاع ولم تصل إلينا منه إلاّقطوف يسيرة. كذلك كان هذا الديوان موضع عناية المتأخرين والمحدثين، فقد نشر عدةمرات، أفضلها حتى الآن طبعة دار العروبة.
الحماسات. اشتهرت في التراث العربي حماسات كثيرة. وهي اختيارات من الشعر العربي قام بها لفيف من العلماء. اشتهر منهاالحماستان:الكبرى والصغرى، لأبي تمام (ت231هـ، 845م)وحماسةالبحتري (ت284هـ، 897م) وحماسة ابن الشجري (ت 542، 1147م) والحماسةالبصرية للبصري (659هـ، 1260م)، وفي العصرالحديثمختارات البارودي (ت 1322هـ، 1904م).
الحماسة الكبرى. كان أبو تمام، حبيب بن أوس الطائي، رائد التأليف في موضوعالحماسات. فهو أول من نسبت إليه الحماسة. ويبدو أنه صاحب هذه التسمية، وإن كان فيذلك خلاف. وتأتي أهمية حماسة أبي تمام في اختلاف ذوق مصنِّفها عن مصنفي الاختياراتالأخرى، لأن الرجل شاعر لطيف الحسِّ حسن الثقافة حافظ لقديم الشعر، وخليق بمثله أنيكون قادرًا على التمييز، بصيرًا بجيد الأشعار.
اتسمت الحماسة بأنها اختيار عمد فيه أبو تمام إلى جيد الأبيات فانتقاها، مخالفًابذلك طريقة السابقين كالمفضل والأصمعي اللذين كانا يختاران القصيدة برُمّتها. وقدأباح أبو تمام لنفسه حرية إصلاح مايراه قلقًا من الألفاظ كما ذكر بعض شراحهاكالمرزوقي؛ وهذا منهج لايرضاه النقّاد، ولعلّه سار في ذلك على ماذكره الأصمعي من أنالرواة قديما كانوا يصلحون أشعار الشعراء.
وامتازت حماسة أبي تمام، بالإضافة إلى جمع أشعار القدماء، بتبويبها حيث وقعت فيعشرة أبواب هي: بابالحماسة، والمراثي، والأدب، والنسيب، والهجاء، والأضياف،والمديح والصفات، والسِّير، والملح، وبابمذمة النساء.
والنقّاد القدماء مجمعون على إطراء الحماسة، قال المرزوقي: "وقد وقع الإجماع منالنّقاد على أنه لم يتفق في اختيار المقطعات أنقى مما جمعه أبو تمّام. وروىالتبريزي قول بعضهم": إن أبا تمام في اختياره الحماسة أشعر منه في شعره.
وقد كثر شراح حماسة أبي تمام حتى جاوزوا العشرين شارحًا أشهرهم المرزوقيوالتبريزي والصولي وابن جني والآمدي والعسكري والشنتمري والمعرّي والعكْبري. ولعلّأشهر هذه الشروح شرح المرزوقي وشرح التبريزي وقد طبعا عدة طبعات.
الحماسة الصغرى. وهي أيضًا لأبي تمام، وقد عرفتبالوحشياتأو هكذا سماهاصاحبها. وقد جاءت تسميتها من صفة أشعارها التي أشبهت الوحوش في كونها شوارد لاتُعرفوأغلبها للمقلين أو المغمورين من الشّعراء.
وهي على غرار الحماسة الكبرى، لم تختلف عنها في تبويبها إلاّ في إحلاله بابالمشيب مكان باب السِّير. وهذه الحماسة دون الكبرى في شهرتها واهتمام العلماء بها. وهي مطبوعة محققة منذ 1963م.
حماسة البحتري. يبدو أن شهرة حماسة أبي تمام أغرت البحتري، أبا عبادة، الوليد بنعبيد، بأن ينسج على منوال أستاذه، حيث كان البحتري هو المقلّد الأول لأبي تمام فيهذا التأليف. وقد جاءت بعده جماعة أعجبتهم الفكرة فحذوا حذو الطّائيين مثلالخالديَّين وابن الشجري وابن فارس وغيرهم.
وكان البحتري قد اختار أشعار حماسته للفتح بن خاقان، وزير المتوكّل. ولم يختلفاختياره عن اختيار أبي تمام، وسائر من صنفوا في هذا الموضوع، إلا بزيادته بعضالشعراء المحدثين مثل بشار بن بُرد وصالح بن عبدالقدوس.
أمّا في التبويب فقد كان الفرق واضحًا حيث جعل البحتري حماسته في أبواب تفصيليةبلغت 147بابًا، تفرّعت عن الموضوعات العامة والأغراض الكبرى. وقد تكاثرت مقطوعاتالحماسة حتى بلغت 1,454 مقطوعة قد تطول وقد تقصر حتى تكون بيتًا أو بيتين. وكثر،تبعًا لذلك، عدد شعرائها حتى بلغوا 600شاعر.
ولم يعمد أحد من الأقدمين إلى شرح حماسة البحتري. وقد طبعت أكثر من مرة.
حماسة ابن الشجري. ابن الشجري هو هبة الله بن علي، من علماء القرن السادسالهجري، اشتهر بأماليه وبكتاب الحماسة الذي نحا فيه منحى أبي تمام والبحتري ولميختلف منهجه عن منهجهما كثيرًا.
والأشعار المختارة في حماسة ابن الشجري مقطعات لاتبلغ حدود القصائد وهي في غزارةمادتها لاتبلغ غزارة مادة الحماستين السابقتين. وقد بلغ عدد شعرائها 365 شاعرًا عداالمجهولين الذين لم يسمهم، وبلغت مقطعاتها 944 مقطّعة. وهي تشارك سابقاتها فيالتبويب والأغراض واختيار الشعر القديم، وتهتم أكثر منها بشعر المولّدين مثل بشّاروأبي نواس وأبي العتاهية وأبي تمام والبحتري وأضرابهم. ولم يكتف بذلك بل أفرد للغزلفي شعر المحدثين بابًا.
وقد طبعت حماسة ابن الشجري أكثر من مرة، وطبعتها الأخيرة جيدة مفهرسة.
ولابن الشجري أيضًامختاراتتختلف عن حماسته من ثلاث جهات؛ الأولى أنهقصرها على أشعار الجاهليين، والثانية أن القصائد التي أوردها جاءت تامة غير مجتزأة،بلغت خمسين قصيدة لأربعة عشر شاعرًا. أما الجهة الثالثة فإن هذه المجموعة لم تقتصرعلى إيراد الشعر وحده بل كانت تتقدم الأشعار مقدمات نثرية تنطوي على أخبار قائليها،وتلقي ضوءًا على مناسباتها.
وقد طبعت هذه المختارات أكثر من مرة.
الحماسة البصرية. من مصنفات القرن السابع الهجري، جمعها أبو الحسن، صدر الدين بنالحسن البصري، وأطلق عليها لقبه لتعرف به وتتميز عن غيرها.
وليس في الحماسة البصرية جديد من حيث المادة والتبويب. وقد بلغت أبوابها 12بابًا احتوت على 6 آلاف بيت لنحو 500 شاعر تقدمتها خطبة شاملة أبانت فضيلةالاختيار. نشرت في الهند 1964م.
هذه أشهر الحماسات، وهناك حماسات واختيارات أخرى لم تكتب لها الشهرة كالتيتحدثنا عنها، منهاحماسة الخالديينوغيرها. أما فيالعصرالحديث فقد قاممحمود سامي البارودي بجمع قصائد قصرها على ثلاثين شاعرًا من المولدين دون سواهم،مثل بشار وأبي نواس ومن جاء بعدهم، عرفت بمختارات البارودي. ولم تطبع إلا بعدوفاته.
أجناس الشعر

قد تسمى أنواع الشعر أيضًا. وهي تلك القوالب التي استقر الشعر منذ نشأته علىطابعها، أو هي الشكل الأدبي الذي ارتضاه الشعراء للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم. انقسمت هذه الأجناس أو الأنواع إلى أشكال أربعة:الشعر الغنائي، الشعر القصصي أوالملحمي، الشعر التمثيلي، الشعر التعليمي.
الشعر الغنائي. وقد يسمَّى بالشعر الوجداني. وهو يعني ذلك التعبير عن العواطف الخالصة في مجالاتها المختلفة من فرح وحُزن وحب وبغض، وما إلى ذلك من المشاعر الإنسانية. ويعد هذا اللون أقدم أشكال الشعر في الأدب العربي، فقد كان الشعراء القدامى يعبرون تعبيراً خالصًا عن هذه المشاعر الإنسانية وقد يكون هذا التعبير مصورًا لذات الشاعر ومشاعره، كما ارتبط منذ نشأته بالموسيقى والغناء، ومن هنا سمي بالشعر الغنائي.
هذا اللون من الشعر استأثر بطاقة الشعر العربي، وفجر ينابيعها الفنية حين تحوّلإلى موضوعات وأغراض، كالغزل والوصف والحماسة والمديح والرثاء والهجاء والفخر والزهدوالحكمة. وقد ترك هذا التوجه للشعر الغنائي ميراثًا هائلاً يتدفق حيوية وجمالاً وهوماعرفبديوان العرب.
وقد استمرت موضوعات الشعر الغنائي في التعبير عن الذات الإنسانية وعن تقلباتهاوعن أفراحها وأحزانها حتى وقتنا الحاضر. ولكن التطور الحضاري والفكري بدل فيها بعضالتبديل؛ فلم يعد المدح يدور حول الشجاعة والعدل مثلاً أو يتغنَّى بالعفة والفضائلالخلقية، ولكنه توجه للتغني والتعبير عن وجدان الأمة وبطولاتها ومآثرها القومية كماينشد التقدم والرخاء ويدعو للحاق بركب الأمم، وهكذا ظلت موضوعات الشعر الغنائيباقية متجددة ولكن في تعبير أقرب إلى حياتنا المعاصرة.
تحول الشعر الغنائي من عاطفته المشبوبة وغزله الصريح ووصفه لمحاسن المرأة إلىفكرة ورؤية ورمزٍ وأُنموذج. وبذلك اتسع مداه ليشمل ما يمور به الكون من تأملواستبصار، وشوق وحنين، وألم وأمل، وفرح وحزن، وإن ظل الشعر الغنائي أو الوجداني هوسيد التعبير عن عواطف الشعراء غير منازع.
حصان طروادة


الشعرالقصصي أو الملحمي. يسمى الشعر القصصي أو الملحمي؛ لأنه يدور غالبًا حول معارك حربية، وهو ذلك الشعر الذي لا يعبر عن ذات صاحبه، ولكنه يدور حول أحداث أو بطولات وأبطال في فترة محددة من تاريخ الأمة. كما يمزج الحقائق التاريخية بروح الأسطورة والخيال وتتوارى ذات الشاعر في هذا المقام حين يتناول مادته تناولاً موضوعيًا وليس وجدانيًا. وهو يصور حياة الجماعة بانفعالاتها وعواطفها بعيدًا عن عواطفه وانفعالاته، ولا تظهر شخصيته إلا في أضيق الحدود. كما تعنيه عواطف الأبطال وانفعالاتهم أكثر من عواطفه وانفعالاته الخاصة.
تطول قصائد هذا اللون من الشعر حتى تصل آلاف الأبيات، ولكنها على طولها لا بدلها من وحدة هي حدثها الرئيسي وشخصيتها الرئيسية التي تمضي بالأحداث إلى نهايتها. ثم تتفرع أحداث ثانوية وشخصيات مساعدة.
أقدم ماعرفه تاريخ الأدب العالمي من هذا الجنس الشعري ملحمتاالإلياذةوالأوديسةلشاعر اليونانهومر، وموضوع الإلياذة تلك الحرب القاسية بيناليونان ومملكة طروادة، وأما الأوديسة فتصور عودة اليونانيين إلى بلادهم عقبالمعركة.
والملحمتان تحكيان ألوانًا من المشاعر المتباينة، من الغدر والوفاء، والحبوالبغض، كما تصور أحداثًا دامية عنيفة، وتحكي أسطورة فتح طروادة بهيكل الجوادالخشبي، كما تحدثنا عن شخصيات الأمراء والقواد مثل أخيل و أجاممنون و أجاكس وهيكتور وغيرهم. وبلغت الإلياذة ستة عشر ألف بيت من الشعر على وزن واحد.
وقد عرف الرومان الملاحم على يد شاعرهم فيرجيل حين كتبالإنيادةمستلهماًملحمتي هوميروس. وموضوعها مغامرات البطل إينياس.
وكذلك عرفت الأمم الأوروبية عددًا من مطولات الشعر القصصي جعلته سجلاً لأحداثهاومواقف أبطالها؛فأنشودة رولانعند الفرنسيين تصوير لعودة الملكشارلمانمنهزمًا في إحدى غزواته، ولكنه بالرغم من هزيمته كان مثالاً للبطولةوالنبل. كما عرف الفرس ملحمةالشاهنامهالتي تحكي أحداث مملكة الفرس. وكذلككتب الهنود ملحمةالمهابهاراتافي مائة ألف بيت حول صراع أبناء أسرة واحدةعلى الملك مما أدّى إلى فنائهم جميعًا.
لم يعرف الأدب العربي هذا اللون من القصص أو الملاحم في شعره القديم ولكن فيالعصرالحديث حاولالشعراء العرب استيحاء التاريخ قديمه وحديثه لتصوير البطولات العربية الإسلامية. فكتب الشاعر المصري أحمد محرم (ت 1945م) الإلياذة الإسلاميةفي أربعة أجزاءيحكي في الجزء الأول حياة الرسول ³ بمكة ثم هجرته إلى المدينة، كما يتناول غزواتهوأحداثها وبطولاتها ويستمر الحديث عن الغزوات والبطولات في الجزءين الثاني والثالث. أما الجزء الرابع فيخصصه للحديث عن الوفود التي قدمت على الرسول والسرايا التياتجهت إلى مختلف أنحاء الجزيرة العربية.
وقد كتب خليل مطران قصيدة قصصية عنوانهافتاة الجبل الأسودتصور ثورة شعبالجبل الأسود ضد الأتراك. ومحورها بطولة فتاة تنكرت في زيِّ فتى واقتحمت موقعًاللأتراك، وقتلت بعض رجالهم، وعندما أُسرت اكتشف الأتراك حقيقتها فأعجبوا ببطولتهاوأَطلقوا سراحها.
وإذا كان الأدب العربي الفصيح لم يعرف هذا اللون من الشعر إلا بقدر يسير، فالأدبالشعبي اتخذ من فن الملحمة لونًا وجد الرواج والقبول؛ فما يزال المنشدون يرددونملحمةعنترة أبي الفوارسوتغريبة بني هلالوهي ملاحم تؤدي فيهاالأسطورة والخيال دورًا مهمًا في تصوير الوقائع والبطولات.
هذا اللون قد قل شأنه فيالعصرالحديث إذ لم يعد الإنسان تطربه خوارق الأساطير الممعنةبالخيال بقدر اهتمامه بأحداث الحاضر المعبِّر عن واقعه وهمومه وآماله وآلامه.
صلاح عبد الصبور


الشعرالتمثيلي. هو ذلك اللون من الشعر الذي تحكي أحداثه موقفًا تاريخيًا أو خياليًا مستلهمًا من الحياة الإنسانية. ومن أهم خصائصه أن مجموعة من الأفراد تصور هذا الحدث بالحوار بينها وأداء الحركات. وبذلك تتوارى ذات الشاعر تمامًا؛ فهو لا يصدر عن عواطفه وأحاسيسه الخاصة، ولكن عن عواطف تلك الشخصيّات التاريخية أو الخيالية التي يصورها.
عرف الشعر التمثيلي نوعين هما:المأساةالتي تصور كارثة وقعت لشخص من ذويالمكانة العالية وتكون نهايتها محزنة إما بموت البطل وإما باختفائه. والملهاةالتي تتناول أشخاصًا ليسوا من ذوي المكانة العالية وتحكي وتصور حوادث من حياةالناس اليومية مركزة على العيوب أو النقائص التي تثير الضحك.
اقترن الشعر التمثيلي منذ نشأته بالغناء والموسيقى، ثم بدأ الأداء التمثيلي يبعدشيئًا فشيئًا عن دنيا الغناء حتى انتهى الأمر إلى لونين هما المسرحية التمثيليةوالمسرحية الغنائية. وأهم تغيير حدث في هذه المرحلة هو أن المسرحية التمثيلية اتجهتللنثر الخالص وتركت الشعر؛ لأن قيود الشعر جعلت إدارة الحوار بين الشخصيات يبدومتكلّفًا كما أنها تضعف الحركة اللازمة في المسرحية.
من أشهر من كتبوا هذا اللون من الشعر قديمًاسوفوكليسوأريسطوفانيسفي الأدب اليوناني، وسنيكا وبلوتسفي الأدب الرومانيوراسين ومولييرفي الأدب الفرنسي، وشكسبير وبرناردشو في الأدبالإنجليزي.
ظل الشعر التمثيلي مجهولاً في أدبنا الحديث حتى أخذأحمد شوقيبيده فكتبست مسرحيات شعرية، ثلاث منها تحكي عن العواطف الوطنية الملتهبة وهي مصرعكليوباترا و قمبيز و علي بك الكبيرواثنتان تصوران طبيعة الحب والعاطفة فيالتراث العربي هما:مجنون ليلى وعنترةوالسادسة ملهاة مصرية بعنوانالسِّت هدى. ثم جاء عزيز أباظة وأكمل ما بدأه شوقي من الشعر التمثيلي فكتبشجرة الدر؛قيس ولُبنى؛العباسة والناصر؛غروبالأندلس؛قافلة النور.
ثم أخذ الشعراء المعاصرون من المسرح الشعري شكلاً رمزيًا حين اتجهوا له؛فاستفادوا من طاقة الشعر وشفافيته في تصوير المشاعر والأفكار برقة وحساسية. فكتبصلاح عبد الصبور وعمر أبو ريشة، وعبد الرحمن الشرقاوي وغيرهم، مسرحيات شعرية. انظر: عبد الصبور، صلاح. حتى أصبح المسرح الشعريشكلاً فنيًا قائمًا بذاته.
الشعر التعليمي. لون من الشعر يمزج بين العلم والفن والعقل والخيال، ويحاول أن يقدم الخبرات والتأملات في قصائد ذات حسٍ غنائي، فقد نظم شعراء اليونان في مجالات العلوم والفلك وكذلك شعراء الرومان وبعض الشعراء الفرنسيين.
ولما تحددت حدود العلم عن الفن بدأ الشعر التعليمي يُتخذ وسيلة في أيدي بعضالناظمين ليعين الناشئة خاصة في موضوعات العلوم. وقد عرف العرب منذ القرن الثانيالهجري هذا اللون من الشعر على يدي أبان بن عبد الحميد اللاّحقي، حين نظمأحكامالصوم والزكاة، ومحمد بن إبراهيم الفزاري حين نظم قصيدة فيالفلكوإنكان أبَّان اللاحقي هو سيد الشعر التعليمي في الأدب العربي؛ إذ نظمه في مختلفالأغراض مثلسيرتي أردشير وأنوشروانكما نظمكليلة ودمنة.
ونجد في مجال العلوم بشر بن المعتمر. وكذلك في التاريخ ماكتبه الأندلسيان يحيىبن الحكم الغزال فيفتح الأندلسوابن عبد ربه فيغزوات عبد الرحمنالناصر.
وتدخل في دنيا الشعر التعليمي قصائد المواعظ والحكم كقصيدة أبي العتاهيةذاتالأمثال، هذا فضلاً عن دور هذا الشعر في اللغة مثل:مقصورة ابن دريد،وألفيَّـة ابن مالك.
ألوان الشعر

عرف الشعر العربي، على مدى عصوره المختلفة، ألوانًا من الخطاب الشعري. وقدتبلورت تلك الألوان في أشكال من التعبير صنفها النقاد تارة وقفًا على موضوعهاودلالته فقالوا: شعر الصعاليك، وأخرى حسب رؤيتها السياسية فقالوا: شعر النقائض،ومرة حسب عاطفتها فسمّوها الشعر الصوفي أو المدح النبوي. وقد يختص اللون الشعري بمايخالف موروث القصيدة التقليدية، ومن هنا نجد الموشحات في الأندلس والأزجال فيالمشرق والمغرب، كما نجد الشعر الشعبي الذي يعد لونًا من ألوان الشعر في لغتهالعامية. وقد يتداخل مصطلح الألوان مع الأغراض ولكن الألوان أوسع مجالاً منالأغراض؛ إذ يضم اللون الواحد عددًا من الأغراض فنجد مثلاً في شعر الصعاليك أوالموشحات أو الشعر الشعبي وصفًا ومدحًا وغزلاً ورثاءً وهجاءً وما إلى ذلك منالأغراض.
شعر الصعاليك. مصطلحٌ يصف ظاهرة فكرية نفسية اجتماعية أدبية لطائفة من شعراء العصر الجاهليعكس سلوكهم وشعرهم نمطًا فكريًا واجتماعيًامغايرًا لما كان سائدًا في ذلكالعصر. فالصعلكة لغة مأخوذة من قولهم: "تصعلكت الإبل" إذاخرجت أوبارها وانجردت. ومن هذا الأصل اللغوي، أصبح الصعلوك هو الفقير الذي تجرد منالمال، وانسلخ من جلده الآدمي ودخل في جلد الوحوش الضارية. وإذا كان الأصل اللغويلهذه الكلمة يقع في دائرة الفقر، فإن الصعلكة في الاستعمال الأدبي لا تعنيالضعفبالضرورة، فهناك طائفة من الصعاليك الذين تمردوا على سلطة القبيلةوثاروا على الظلم والقمع والقهر والاستلاب الذي تمارسه القبيلة على طائفة منأفرادها. ونظرًا لسرعتهم الفائقة في العدو وشراستهم في الهجوم والغارة، أُطلقعليهمذؤبان العرب أو الذؤبانتشبيهًا لهم بالذئاب.
ومما لاشك فيه أن هناك عوامل جغرافية وسياسية واجتماعية واقتصادية أدت إلى بروزظاهرة الصعلكة في الصحراء العربية إبَّانالعصر الجاهلي. فالعامل البيئي الذي أدى إلى بروز هذه الظاهرةيتمثل في قسوة الصحراء وشُحِّها بالغذاء إلى درجة الجوع الذي يهدد الإنسان بالموت. وإذا جاع الإنسان إلى هذه الدرجة، فليس من المستغرب أن يتصعلك ويثور ويقتل.
والعامل السياسي يتمثل في وحدة القبيلة القائمة على العصبية ورابطة الدم. فللفردعلى القبيلة أن تحميه وتهرع لنجدته حين يتعرض لاعتداء. ولها عليه في المقابل أنيصون شرفها ويلتزم بقوانينها وقيمها وأن لا يجر عليها جرائم منكرة. وفشل الفرد فيالوفاء بهذه الالتزامات قد يؤدي إلى خلعه والتبرؤ منه، ومن هنا نجد طائفة منالصعاليك تُسمىالخلعاء والشذاذ.
ومن الناحية الاجتماعية، نجد أن التركيبة القبلية تتشكل من ثلاث طبقات هي طبقةالأحرار الصرحاء من أبناء العمومة، وطبقة المستجيرين الذين دخلوا في القبيلة منقبائل أخرى، ثم طبقة العبيد من أبناء الإماء الحبشيات. والحقيقة أن مجموعة كبيرة منالصعاليك هم من أبناء هذه الطبقة المستلبة التي ثار الأقوياء من أفرادها لكرامتهمالشخصية مثل الشنفرى وتأبط شرًا وعمرو بن برَّاقة والسليك بن السلكة وعامر بنالأخنس وغيرهم. وكان يُطلق عليهم أغربة العرب أوالغِرْبانتشبيهًا لهمبالغراب لسواد بشرتهم.
أما العامل الاقتصادي، فيعزى إلى أنَّ حياة القبيلة فيالعصر الجاهليكانت تقومعلى النظام الإقطاعي الذي يستأثر فيه السادة بالثروة، في حين كان يعيش معظم أفرادالطبقات الأخرى مستخدَمين أو شبه مستخدمين. فظهر من بين الأحرار أنفسهم نفر رفضواأن يستغل الإنسان أخاه الإنسان، وخرجوا على قبائلهم باختيارهم لينتصروا للضعفاءوالمقهورين من الأقوياء المستغلين. ومن أشهر هؤلاء عُروة بن الورد الملقببأبيالصعاليك أو عروة الصعاليك.
ويمثل الصعاليك من الناحية الفنية خروجًا جذريًا عن نمطية البنية الثلاثيةللقصيدة العربية. فشعرهم معظمه مقطوعات قصيرة وليس قصائد كاملة. كما أنهم، فيقصائدهم القليلة، قد استغنوا في الغالب عن الغزل الحسي وعن وصف الناقة. ويحل الحوارمع الزوجة حول حياة المغامرة محل النسيب التقليدي في بعض قصائدهم. وتمثل نظرتهمالمتسامية إلى المرأة موقفًا يتخطى حسيةالعصر الجاهليالذي يقف عند جمال الجسد ولا يتعداه إلى رؤيةجمال المرأة في حنانها ونفسيتها وخُلقها.
وعلى الرغم من أن مقاصد شعر الصعاليك كلها في تصوير حياتهم وما يعتورها منالإغارة والثورة على الأغنياء وإباحة السرقة والنهب ومناصرة الفقراء، إلاّ أنه اهتمبقضايا فئة معينة من ذلك العصر، يرصد واقعها ويعبِّر عن همومها ويتبنى مشكلاتهاوينقل ثورتها النفسية العارمة بسب ما انتابها من ظلم اجتماعي.
النقائض. مصطلح أدبي لنمط شعري، نشأ في العصرالأموي بين ثلاثة منفحوله هم:جرير والفرزدق والأخطل. انظر: جرير؛الفرزدق؛الأخطل. وهذا المعنى مأخوذ في الأصل من نقَضالبناء إذا هَدَمَه، قال تعالى: ﴿ولا تكونوا كالتي نقضتغزلها من بعد قوة أنكاثا﴾ النحل: 92. وضدُّ النقض الإبرام، يكون للحبلوالعهد. وناقَضَه في الشيء مناقضةً ونِقَاضًا خالفه. والمناقضة في القول أن يتكلمبما يتناقض معناه، وفي الشعر أن ينقض الشاعر ما قال الأول، حيث يأتي بغير ما قالخصمه. والنقيضة هي الاسم المفرد يُجمع على نقائض، وقد اشتهرت في هذا المعنى نقائضالفرزدق وجرير والأخطل، وقد عُرف المعنى المادي الذي يتمثل في نقض البناء أو نقضالحبل أولاً، ثم جاء المعنوي الذي يبدو في نقض العهود والمواثيق، وفي نقض القول،وهو المراد هنا، إذ أصبح الشعر ميدانًا للنقض حتى سُمِّي هذا النوع منهبالنقائض.
معناها الاصطلاحي. هو أن يتجه شاعر إلى آخر بقصيدة هاجيًا، فيعمد الآخر إلى الردعليه بشعر مثله هاجيًا ملتزمًاالبحر والقافية والرَّوِيَّالذي اختارهالشاعر الأول. ومعنى هذا أنه لابد منوحدة الموضوع؛ فخرًا أو هجاءً أوغيرهما. ولابد منوحدة البحر، فهو الشكل الذي يجمع بين النقيضتين ويجذب إليهالشاعر الثاني بعد أن يختاره الأول. وكذلك لابد منوحدة الرَّوي؛ لأنهالنهاية الموسيقية المتكررة للقصيدة الأولى، وكأن الشاعر الثاني يجاري الشاعر الأولفي ميدانه وبأسلحته نفسها.
معانيها المقصودة. الأصل فيها المقابلة والاختلاف؛ لأن الشاعر الثاني يجعل همّهأن يفسد على الشاعر الأول معانيه فيردها عليه إن كانت هجاء، ويزيد عليها مما يعرفهأو يخترعه، وإن كانت فخرًا كذَّبه فيها أو فسَّرها لصالحه هو، أو وضع إزاءها مفاخرلنفسه وقومه وهكذا. والمعنى هو مناط النقائض ومحورها الذي عليه تدور، ويتخذ عناصرهمنالأحساب، والأنسابوالأيام والمآثر والمثالب. وليست النقائض شعرًافحسب، بل قد تكون رَجَزًا أو تكون نثرًا كذلك. ولابد أن تتوفَّر فيها وحدة الموضوعوتقابُل المعاني، وأن تتضمنالفخر والهجاءثمالوعيدأيضًا،وقد تجمع النقائض بين الشعر والنثر في الوقت نفسه.
نشأتها. نشأت النقائض مع نشأة الشعر، وتطورت معه وإن لم تُسمَّ به مصطلحًا. فقدكانت تسمى حينًابالمنافرةوأخرىبالملاحاةوما إلى ذلك من أشكالالنفار. وكانت في البداية لا تلتزم إلا بنقض المعنى والمقابلة فيه، ثم صارت تلتزمبعض الفنون العامة دون بعضها الآخر، مما جعلها لا تبلغ درجة النقيضة التامة، وإن لمتبعد عنها كثيرًا، ولاسيَّما في جانب القافية. ولاشك أن النقائض نشأت ـ مثل أي فنمن الفنون ـ ضعيفة مختلطة، وبمرور الزمن والتراكم المعرفي والتتبُّع للموروثالشعري، تقدَّم الفن الجدلي وأخذ يستكمل صورته الأخيرة قبيل البعثة، حتى قوي واكتملواتضحت أركانه وعناصره الفنية. فوصل على يد الفحول من شعراء بني أمية إلى فن مكتملالملامح تام البناء الفني، اتخذ الصورة النهائية للنقيضة ذات العناصر المحددة التيعرفناها بشكلها التام فيما عُرف بنقائض فحولالعصرالأموي وهم جريروالفرزدق والأخطل.
مقوِّماتها. اعتمدت النقائض في صورتها الكاملة على عناصر أساسية في لغة الشعراء،منها النَّسَب الذي أصبح في بعض الظروف وعند بعض الناس من المغامز التي يُهاجِم بهاالشعراء خصومهم حين يتركون أصولهم إلى غيرها، أو يدَّعون نسبًا ليس لهم. وقد كانتالمناقضة تتخذ من النسب مادة للتحقير أو التشكيك أو نفي الشاعر عن قومه أو عدّه فيرتبة وضيعة، وكذلك كان الفخر بالأنساب وبمكانة الشاعر من قومه وقرابته من أهل الذكروالبأس والمعروف أساسًا، تدور حوله النقائض سلبًا أو إيجابًا. فاعتمد الشعراءالمناقضون على مادة النسب وجعلوها إحدى ركائز هجائهم على أعدائهم وفخرهم بأنفسهم. ومن أسباب ذلك أن المجتمع العربي على عصر بني أمية رجع مرة أخرى إلى العصبيةالقبلية التي كان عصر النبوة قد أحل محلها العصبية الدينية.
ومنها أيضًا أيام العرب التي اعتمدت النقائض عليها في الجاهلية والإسلام، فكانالشعراء يتَّخذون منها موضوعًا للهجاء ويتحاورون فيه، كما صور جزء من النقائضالحياة الاجتماعية أحسن تصوير، ووصف ماجرت عليه أوضاع الناس، ومنها العادات المرعيةوالأعراف والتقاليد التي يحافظ عليها العربي أشد المحافظة. فكانت السيادة والنجدةوالكرم، وكان الحلم والوفاء والحزم من الفضائل التي يتجاذبها المتناقضون، فيدعيالشاعر لنفسه ولقومه الفضل في ذلك. وقد أصبحت النقائض سجلاً أُحصيت فيه أيام العربومآثرها وعاداتها وتقاليدها في الجاهلية وفي الإسلام.
المدائح النبوية. يُعَدُّ المديح في الشعر العربي من الأغراض الرئيسية التي تشغل مكانًا بارزًا في إنتاج الشعراء منذ العصر الجاهليإلى يومناهذا. وتدور معاني المدح في الشعر حول تمجيد الحي، مثلما تدور معاني الرثاء حولتمجيد الميت. ولكن هذا العُرف الأدبي يختلف نوعًا ما في مجال المديح النبوي.
وإذا تتبعنا تاريخ المديح النبوي ـ وإن لم يعرف بهذا المصطلح في هذه الفترة ـنجده بدأ في حياة النبي ³ حينما مدحه الشعراء، ومجّدوا دعوته وأخلاقه، ويأتي فيمقدمة هؤلاء الشعراء شاعره حسان بن ثابت، وبعض الشعراء الآخرين الذين ذكرهم التاريخبقصيدة واحدة مثل الأعشى وكعب بن زهير. وعندما انتقل الرسول ³ إلى الرفيق الأعلىرثاه الشعراء وبكوه، ولكنهم لم يخرجوا عن الخط العام للمدح والرثاء في الشعرالعربي؛ لأنه ³ مدح في حياته ورثي بعد وفاته مباشرة.
وقد عدت المدائح النبوية غرضًا شعريًا قائمًا بذاته، لأن هناك من الشعراء منوقفوا أنفسهم عليها ولما يتجاوزوها إلى أغراض الشعر الأخرى. وكان من أشهر أولئكالنفر من الشعراء في المشرق أبو زكريا الصرصري (ت 656هـ)، الذي يقول في الرسول ³:

ياخاتم الرسْـل الكرام وفاتح الـ

خيرات يامتواضــعًا شَمَّاخـا
ياخير من شدَّ الرَّحال لقصده

حادي المطيِّ وفي هواه أناخا


وكذلك بلغ الشاعر اليمني عبد الرحيم البرعي (ت803 هـ) شأنًا عاليًا في مديحالرسول الكريم ³ وديوانه معروف ومشهور. يقول:

بمحمَّدٍ خَـطَرُ المحامـد يعظمُ
وعقــود تيجــان العقـود تنظَّـمُ
وله الشفاعة والمقام الأعظم
يوم القلوب لدى الحناجر كُظَّمُ
فبحقّه صَلـَّوا عليه وسلـِّموا


وأما في الأندلس فقد كان أبو زيد الفازازي (ت627هـ) مُقَدَّمًا في هذا المجال،وله مجموعة شعرية في المدائح النبوية سمَّاهاالوسائل المتقبَّلةوهي مخمساتعلى الحروف الهجائية. يقول في المخمس النوني عن الرسول ³:

بدا قمرًا مسراه شرق ومغربُ
وخُصَّت بمثواه المدينة يثرب
وكان له في سُـدّة النـور مضـرب
نجيٌّ لـربِّ العـالمين مقــرب
حبيب فيدنو كل حين ويُسْتَدْنى


وكذلك كان ابن جابر الأندلسي (ت 780 هـ) ممن وقفوا أنفسهم على مدح الرسول ³ ولهديوان سماهالعقدين في مدح سيد الكونين.
وقد تحولت المدائح النبوية إلى مصطلح أدبي ونمط شعري ازدهر وانتشر فيالعصرالمملوكي، وتحديدًافي القرن السابع الهجري، حيث لجأ الشعراء إلى استرجاع السيرة النبوية والتغنيبالشمائل التي تميز بها الرسول ³. وقد عُرفت القصائد التي نظمت في هذا المجالبقصائد المديح النبوي.
وكان من أهم الأسباب السياسية والاجتماعية والنفسية لظهورها في هذا القرن أنهشهد من الحوادث والمتغيرات مالم يشهده قرن قبله؛ فقد اجتاح التتار الشرق الإسلاميفدمروا البلاد وأهلكوا العباد وقضوا على الخلافة العباسية في بغداد. وأقام المماليكدولتهم في مصر بعد أن قضوا على الدولة الأيوبية. ثم حررت بلاد الشام من سيطرةالصليبيين بعد أن أمضوا فيها حوالي مائتي سنة. وقد خاضت الدولة الإسلامية في ذلكالقرن حروباً عنيفة ضد الصليبيين والتتار وعانت شعوبها ويلات تلك الحروب، كما عانتتسلط الحكام المماليك وظلمهم.
وتفشى الفساد بين الطبقات الحاكمة من أمراء ووزراء وموظفين، وعانى الناس كثرةالضرائب ومصادرة الأموال، فانتشر الفقر، وعمَّ الخوف ولم يجد الناس ملجأ يلجأونإليه سوى الرجوع إلى الله والزهد في الدنيا هربًا من واقعهم المر. وكانت تمر سنواتمن القحط والجفاف، فتعم المجاعة وتنتشر الأمراض فيزداد بلاء المسلمين، وانتشرتالخرافة والشعوذة والتمس الناس كل وسيلة للحصول على رزقهم اليومي.
في هذا الجو المشبع بالآلام وفي تلك الظروف القاسية ازدهرت المدائح النبوية التيتكشف عن رغبة دفينة لدى شعرائها بالعودة إلى المنبع الصافي للعقيدة الإسلامية،حينما كان العدل يظلل جميع المسلمين، فاستعادوا بقصائدهم سيرة الرسول ³ بكل ماتمثله من عدل ونقاء من ميلاده حتى وفاته. وكان البوصيري إمام هذا الفن بلامنازع.
العفو للأن الموضوع طويل جدا فالبقية في المرات القادمة بإذن المولى عزة و جل








 


 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:39

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc