الأساس الثالث: تأمين المأمومين علىالدعاء:
عنحبيب بن مسلمة الفهري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يجتمعملأ فيدعو بعضهم ويؤمن سائرهم ( أي يقول آمين ) إلا أجابهم الله " [ رواه الطبراني ورجاله رجالالصحيح غير ابن لهيعة، وهو حسن الحديث. مجمع الزوائد 10/173
ويؤخذ من هذاالحديث:
أ.أن الدعاءالجماعي دعاء مقبول، وأن التأمين عليه سبب في الإستجابة، وهو ما دل عليه أيضاالحديث الشريف الصحيح: " ما رفع قوم أكفهم إلى الله عز وجل يسألونه شيئا إلا كانحقا على الله أن يضع في أيديهم الذي سألوا " [ رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، مجمعالزوائد 10/172، باب ماجاء في الاشارة في الدعاء ورفع اليدين ]
ب.أنه يدعو إلى ما دعت إليهالآية الكريمة الآتية من الترغيب في الدعاء الجماعي، ومن التبشير باستجابته: ( وقال موسى ربنا إنك آيتي فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا، ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنااطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبتدعوتكما ) [ يونس: 88 ]،فهذه الاية بدأت بالدلالة على ان الداعي فرد واحد ( وقالموسى )، وختمت بأن الداعي شخصان ( أجيبت دعوتكما )، لأنه كما قال عكرمة رضي اللهعنه كان موسى عليه السلام يدعو، ويؤمن هارون، فذلك قوله ( أجيبتدعوتكما ) [ الدرالمنثور في التفسير بالمأثور 3/341 ]،وكان هارون عليهالسلام حريصا على الدعاء الجماعي، قال أبو هيرية وابن عباس رضي الله عنهما: ( كانموسى إذا دعا أمن هاورن على دعائه، يقول آمين ) [ المرجع السابق ]،وهذا يدل على:
أ. أن الصحابة كانوا مطالبينشرعا بالتأمين على دعاء الرسول صلى الله عليه سلم حين كان يدعو لهم بعد الصلاة،لأن الله تعالى يقول عن موسى وهارون وغيرهما من الأنبياء والمرسلين كنوح وإبراهيموسليمان ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) [ الانعام:90]، والصحابة رضي الله عنهم مدركون لدلالة هذهالآية، وأنهم مطالبون بالإقتداء بالأنبياء السابقين فيما لا يخالف الشريعةالإسلامية:
أخرج ابن أبي شيبة والبخاري عن العوام قال: سألت مجاهداعن سجدة (ص)، فقال: سألت ابن عباس من أين سجدت - أي ما دليلك على السجود فيها -،فقال: أو ما تقرؤون: " ومن ذريته داود وسليمان وايوب ويوسف وموسى هارون " إلىقوله: ( أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده )، فكان داود ممن أُمِرَ نبيكم صلىالله عليه وسلم أن يقتدي به، فسجد بها داود عليه السلام فسجدها رسول الله صلى اللهعليه سلم. [ الدر المنثور5/336 ].
ب. أن الحرص على دعاء المقبولين منهج إسلامي عمل بهالمرسلون أولا، ثم عمل به الصحابة والتابعون من بعد:
أخرج ابن أبي شيبةوالبخاري في الأدب وابن أبي حاتم عن أنس رضي الله عنه أن ثابتا قال له: إن أخوانكيحبون أن تدعو لهم، فقال: اللهم آتنا في الدنيا حسنة في الآخرة حسنة وقنا عذابالنار. [ الدر المنثور 1/242 ] وجاء في الحلية للحافظ أبي نعيم أن عمر بن عبد العزيز جلسإلى قاص العامة بعد الصلاة، وكان يرفع يديه إذا دعا [ الحلية 5/277 ]، أي يرفع يديه إذا دعا بهمدعاء جماعيا.
وآخر دعوانا أنالحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه في كل وقتوحين.
المصدر / مجلةالأسوة الحسنة - العدد 19 السنة السادسة.